ﰡ
أوحى لها: ألهمها. يصدُر الناس: يخرجون من قبورهم. أشتاتا: متفرقين كل واحد مشغول بنفسه. الذَرَّة: شيء صغير جدا لا يُرى بالعين المجردة، ولا بأحدثِ الآلات.
إذا اهتزّت الأرضُ واضطربت اضطراباً عظيما حتى لم يبقَ فوقَها أثرٌ بارز، كما أخرجَتْ ما في جَوفها من أثقالٍ من الموتى والكنوز والدفائن، وخرج الناسُ مشدوهين حَيارى لا يَدْرون أين يتوجهون.. ﴿وَتَرَى الناس سكارى وَمَا هُم بسكارى﴾ لا يَسأل أحدٌ إلا عن نفسِه. عند ذلك يتساءل الإنسان بخوفٍ وهلَع: ماذا حصَل للأرض، ما لها؟
﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أوحى لَهَا﴾
في ذلك اليوم العصيب تحكي الأرض ما جَرَى لها بأمرِ الله، فهو الذي أرادها أن تهتزّ وتضطرِب وتدمِّ ﴿كل شيء، وهي منقادةٌ لأمره.
{يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ الناس أَشْتَاتاً لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ﴾
في ذلك اليوم الرهيب يخرج الناسُ من قبورهم سِراعاً متفرّقين لتُعْرَضَ عليهم أعمالُهم في صُحُفٍ دقيقة، وليحاسَبوا حساباً شديدا.
﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾.
وتنشَر الصحف التي لا تغادرُ صغيرةً ولا كبيرة.. ﴿وَنَضَعُ الموازين القسط لِيَوْمِ القيامة فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وكفى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: ٤٧].
وهنا يُجزى أو يجازى من يعمل مثقالَ ذرة واحدة، خيراً أو شراً. والذرة شيء صغيرٌ جدا لا يُرى بالعين المجردة ولا بأحدث الآلات. نسأل الله السلامة.