تفسير سورة الكافرون

فتح الرحمن في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة الكافرون من كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن .
لمؤلفه تعيلب . المتوفي سنة 2004 هـ
( ١٠٩ ) سورة الكافرون مكية
وآياتها ست
كلماتها : ٢٦ ؛ حروفها : ٩٤

بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ قل يا أيها الكافرون ( ١ ) لا أعبد ما تعبدون ( ٢ ) ولا أنتم عابدون ما أعبد ( ٣ ) ولا أنا عابد ما عبدتم ( ٤ ) ولا أنتم عابدون ما أعبد ( ٥ ) لكم دينكم ولي دين ( ٦ ) ﴾.
أورد أبو جعفر الطبري بسنده عن سعيد بن ميناء مولى البختري قال : لقى الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب، وأمية بن خلف، رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، ونشركك في أمرنا كله، فإن كان الذي بيديك خيرا مما بأيدينا كنا قد شركناك فيه، وأخذنا بحظنا منه، وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما في يديك كنت قد شركتنا في أمرنا، وأخذت منه بحظك، فأنزل الله :﴿ قل يا أيها الكافرون( ١ ) ﴾ حتى انقضت السورة، وعن الماوردي : نزلت جوابا، وعني بالكافرين قوما معينين، لا جميع الكافرين ؛ لأن منهم من آمن فعبد الله، ومنهم من مات أو قتل على كفره، وهم المخاطبون بهذا القول، وهم المذكورون.
﴿ لا أعبد ما تعبدون( ٢ ) ﴾ لا أعبد الذي تعبدون من الأصنام والأوثان، وما زعمتموه من شركاء لبارئ الأرض والسماء سبحانه لا شريك له ؛ ﴿ ولا أنتم عابدون ما أعبد ﴾ وأنتم لا تعبدون الله تعالى الذي أعبد ؛ ف ﴿ ما ﴾ هنا بمعنى : من ؛ ﴿ ولا أنا عابد ما عبدتم ﴾ تأكيد لنبذ الشرك والبراءة منه ؛ و﴿ ما ﴾ في هذه الآية مصدرية، أي : ولا أنا عابد عبادتكم المبنية على الإشراك.
﴿ ولا أنتم عابدون ما أعبد( ٣ ) ﴾ قد يكون التكرار للتوكيد، فهي مؤكدة للآية رقم ( ٣ ) ؛ أو تكون ﴿ ما ﴾ هاهنا- كذلك- مصدرية، فيكون المعنى : ولا أنتم عابدون عبادتي المبنية على اليقين والتوحيد والإخلاص.
﴿ لكم دينكم ﴾ [ هو- عن الأكثرين- تقرير لقوله تعالى :﴿ لا أعبد ما تعبدون ﴾، وقوله تعالى :﴿ ولا أنا عابد ما عبدتم ﴾ ؛ كما أن قوله تعالى :﴿ ولي دين ﴾ – عندهم- تقرير لقوله تعالى :﴿ ولا أنتم عابدون ما أعبد ﴾ ؛ والمعنى : أن دينكم هو الإشراك، مقصورا على الحصول لكم لا يتجاوزه إلى الحصول كما تطمعون فيه، فلا تعلقوا به أمانيكم الفارغة فإن ذلك من المحالات ؛ وأن ديني الذي هو التوحيد مقصور على الحصول لي لا يتجاوزه إلى الحصول لكم أيضا ؛ لأن الله تعالى قد ختم على قلوبكم لسوء استعدادكم ]١.
وقال البخاري : يقال :﴿ لكم دينكم ﴾ الكفر ؛ ﴿ ولي دين ﴾ الإسلام. وقال غيره :﴿ لا أعبد ما تعبدون ﴾ الآن، ولا أجيبكم فيما بقي من عمري ؛ ﴿ ولا أانتم عابدون ما أعبد ﴾ ؛ وهم الذين قال :﴿ .. وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا.. ﴾٢.
مما أورد القرطبي : قوله تعالى :﴿ لكم دينكم ولي دين ﴾ فيه معنى التهديد ؛ وهو كقوله تعالى :﴿ .. لنا أعمالكم ولكم أعمالكم.. ﴾٣ أي : إن رضيتم بدينكم، فقد رضينا بديننا.. اه. ثبت في صحيح مسلم عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بهذه السورة وب( قل هو الله أحد ) في ركعتي الطواف ؛ وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بها في ركعتي الفجر.
١ -ما بين العلامتين [ ] مما أورد صاحب روح المعاني..
٢ -سورة المائدة. من الآية ٦٤..
٣ - سورة القصص. من الآية ٥٥.
Icon