تفسير سورة الصف

تفسير التستري
تفسير سورة سورة الصف من كتاب تفسير التستري المعروف بـتفسير التستري .
لمؤلفه سهل التستري . المتوفي سنة 283 هـ

قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوالم تقولون ما لا تفعلون ﴾ [ ٢ ] قال : إن الله هدد عباده على دعواهم من غير تحقيق، والدعوى أن يلزمه اليوم حق من حقوق الله براءة وتوبة من كل ذنب ارتكبه، فيقول غدا أعمل، وما من أحد ادعى إلا وقد ضيع حق الله من وجهين، ظاهر وباطن، ولا يكون المدعي خائفا، ومن لم يكن خائفا لم يكن آمنا، ومن لم يكن آمنا لم يكن يطلع على الجزاء.
وقال : طلاب الآخرة كثيرة، والذي يتولى الله كفايته عبدان، عبد ساذج غير أنه صادق في طلبه، متوكل على الله، فيصدقه فيكفيه مولاه، ويتولى جميع أموره ؛ وعبد عالم بالله وبأيامه وأمره ونهيه، كفاه الله كل شيء من هذه الدنيا، فإذا صار إلى الآخرة ما سوى هذين لا يعبأ الله بهم، لأنهم يدعون ما ليس لهم.
وقال ابن عيينة في هذه الآية : لم تقولون ما ليس الأمر فيه لكم، لا تدرون تفعلون ذلك أم لا تفعلون.
قوله تعالى :﴿ يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ﴾ [ ٨ ] يعني جحدوا ما ظهر لهم من حجة النبي صلى الله عليه وسلم بألسنتهم، وأعرضوا عنه بنفوسهم، فقيض الله لقبوله أنفسا أوجدها على حكم السعادة، وقلوبا زينها بأنوار معرفته، وأسرار نورها بالتصديق، فبذلوا له المهج والأموال كالصديق والفاروق وأجلة الصحابة رضي الله عنهم.
قوله تعالى :﴿ كونوا أنصار الله ﴾ [ ١٤ ] قال : يعني بالقبول منه، والاستماع إليه بطاعته فيما يأمركم به وينهاكم عنه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
Icon