تفسير سورة الكافرون

تفسير السمعاني
تفسير سورة سورة الكافرون من كتاب تفسير السمعاني المعروف بـتفسير السمعاني .
لمؤلفه أبو المظفر السمعاني . المتوفي سنة 489 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة ( قل يا أيها الكافرون )١، وهي مكية.
١ - في ((ك)) : الكافرون..

قَوْله تَعَالَى: ﴿قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ﴾ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: لما قَرَأَ رَسُول الله سُورَة والنجم، وَألقى الشَّيْطَان على لِسَانه عِنْد ذكر أصنامهم: وَإِن شفاعتهن لترتجى، فَقَالَ الْكفَّار: يَا مُحَمَّد، نصطلح تعبد آلِهَتنَا سنة، ونعبد إلهك سنة، ونعظم إلهك، وتعظم آلِهَتنَا، وَذكروا من هَذَا النَّوْع شَيْئا كثيرا، فَحزن النَّبِي لمقالتهم، وَرجع إِلَى بَيته حَزينًا، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه السُّورَة، وَهِي ﴿قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ لَا أعبد مَا تَعْبدُونَ﴾ أَي: الْيَوْم.
﴿وَلَا أَنْتُم عَابِدُونَ مَا أعبد﴾ الْيَوْم.
﴿وَلَا أَنا عَابِد مَا عَبدْتُمْ﴾ فِي الْمُسْتَقْبل.
﴿وَلَا أَنْتُم عَابِدُونَ مَا أعبد﴾ فِي الْمُسْتَقْبل.
﴿لكم دينكُمْ ولي دين﴾ لكم جَزَاء عَمَلكُمْ، ولي جَزَاء عَمَلي.
قَالُوا: وَهَذَا فِي قوم بأعيانهم، مِنْهُم الْوَلِيد بن الْمُغيرَة، وَأُميَّة بن خلف، وَالْعَاص بن وَائِل، وَالْأسود بن الْمطلب، وَقد كَانَ الله أخبر أَنهم يموتون على الْكفْر.
وَقيل: إِن هَذِه السُّورَة نزلت قبل آيَة السَّيْف، ثمَّ نسخت بأية السَّيْف.
وَقد ورد فِي الْخَبَر: أَن قِرَاءَة هَذِه السُّورَة بَرَاءَة من الشّرك.
روى أَبُو خَيْثَمَة، عَن ابْن إِسْحَاق، عَن فَرْوَة بن نَوْفَل، عَن أَبِيه أَنه أَتَى النَّبِي وَقَالَ: جِئْت يَا رَسُول الله لتعلمني شَيْئا أقوله عِنْد مَنَامِي، فَقَالَ: " إِذا أخذت مضجعك فاقرأ: ﴿قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ﴾ ثمَّ نم على خاتمتها، فَإِنَّهَا بَرَاءَة من الشّرك ".
وَعَن
294
﴿ولي دين (٦) ﴾ بَعضهم قَالَ: " كنت أَمْشِي مَعَ النَّبِي فِي لَيْلَة ظلماء، فَسمع رجلا يقْرَأ: ﴿قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ﴾ فَقَالَ: أما هَذَا فقد برِئ من الشّرك، وَسمع رجلا يقْرَأ: ﴿قل هُوَ الله أحد﴾ فَقَالَ: أما هَذَا فقد غفر لَهُ ".
وَفِي السُّورَة سُؤال مَعْرُوف، وَهُوَ السُّؤَال عَن معنى التكرير؟ وَقد أجبنا، وَيُقَال: إِنَّهُم كرروا عَلَيْهِ الْكَلَام مرّة بعد مرّة، فكرر الله تَعَالَى عَلَيْهِم الْإِجَابَة.
وَفِي السُّورَة سُؤال آخر، وَهُوَ فِي قَوْله: ﴿قل﴾ كَيفَ قُرِئت هَذِه الْكَلِمَة، وَهِي أمره بِالْقِرَاءَةِ؟ وَكَذَلِكَ فِي قَوْله: ﴿قل هُوَ الله أحد﴾.
وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن قَوْله: ﴿قَول يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ﴾ جَمِيعه قُرْآن، وَنحن أمرنَا بِتِلَاوَة الْقُرْآن على مَا أنزل، فَنحْن نتلو كَذَلِك.
وَفِي السُّورَة سُؤال ثَالِث وَهُوَ أَنه قَالَ: ﴿وَلَا أَنْتُم عَابِدُونَ مَا أعبد﴾ وَلم يقل: من أعبد؟
وَالْجَوَاب عَنهُ أَنه قَالَ ذَلِك على مُوَافقَة قَوْله: ﴿وَلَا أَنا عَابِد مَا عَبدْتُمْ﴾ وَقد قيل: إِن " مَا " بِمَعْنى " من " هَاهُنَا، وَالله أعلم
295

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

﴿إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح (١) وَرَأَيْت النَّاس يدْخلُونَ فِي دين الله أَفْوَاجًا (٢) فسبح بِحَمْد رَبك وَاسْتَغْفرهُ إِنَّه كَانَ تَوَّابًا (٣) ﴾
تَفْسِير سُورَة النَّصْر
وَهِي مَدَنِيَّة
296
Icon