ﰡ
عليك ايها المحمدي القاصد للورود الى الحوض الكوثر والشرب منها ان تتوجه في عموم أوقاتك وحالاتك الى الله على وجه التبتل والإخلاص وتميت بهيمة بدنك بالموت الإرادي وتهذبها في طريق الحق تقربا اليه سبحانه لتنال خير الدارين وفلاح النشأتين
[سورة الكافرون]
فاتحة سورة الكافرون
لا يخفى على ارباب الخبرة والوقوف بأمارات مقصد التوحيد الذاتي وعلامات مسلك الفناء في الله والبقاء ببقائه ان الطريق الى الله متفاوتة والمعارج نحوه متنوعة متخالفة إذ لكل وجهة هو موليها وأكمل الطرق وأشملها وأسلمها وأوضحها هو الذي قد سلكه واستقام عليه بتوفيق الله الحضرة الختمية الخاتمية ﷺ إذ طريقه ﷺ مستوعب لعموم الطرق والسبل لكونه مبنيا على التوحيد الذاتي المشتمل على توحيد الصفات والأفعال مطلقا ولا يهتدى اليه احد من الخلق الا بجذب من جانب الحق وتوفيق من لدنه ومن لم يؤيد من قبل الحق ولم تدركه العناية الإلهية ما اهتدى اليه سبحانه سبيلا لذلك امر سبحانه في هذه السورة حبيبه ﷺ حين دعاه الكفرة ليعبد ﷺ سنة الى ما عبدوا من آلهتهم الباطلة حتى يعبدوا بعد تلك السنة لله الواحد الأحد الفرد الصمد المستحق للعبودية والتذلل سنة اخرى مجازاة لها ومقابلة إياها بان لا يلتفت ﷺ الى قولهم الباطل ورأيهم الزائغ الزائل فقال بعد ما تيمن وتبرك بِسْمِ اللَّهِ المطلع لما في ضمائر عموم عباده من الهداية والضلال الرَّحْمنِ عليهم بإرسال الرسل يدعوهم الى سبيل السلامة والرشد الرَّحِيمِ لهم يوصلهم الى خير المنقلب والمآب
[الآيات]
قُلْ يا أكمل الرسل مناديا لمن دعاك الى عبادة الآلهة الباطلة يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ الساترون شمس الحق الظاهرة في الأنفس والآفاق بغيوم هوياتكم الباطلة
لا أَعْبُدُ اى لا انقاد ولا أتوجه انا سيما بعد ما وفقني الله الى توحيده الذاتي وهداني نحو شمس ذاته وشرفني بمطالعة وجهه الكريم وخصصنى من بين عموم مظاهره ومصنوعاته بهذه الكرامة العلية ما تَعْبُدُونَ أنتم ايها الجاهلون من الآلهة الباطلة والاظلال الهالكة العاطلة قد اتخذتموها آلهة من تلقاء انفسكم أنتم وآباؤكم مع انه ما انزل الله بها من سلطان حجة وبرهان بل ما تتبعون أنتم وآباؤكم في اتخاذكم هذا الا الظن وما تهوى الأنفس من غير ورود الهداية والإرشاد من قبل الحق
وَلا أَنْتُمْ ايضا عابِدُونَ ما أَعْبُدُ من الحق الوحيد الفريد الحقيق بالاطاعة والعبادة بالاستحقاق إذ لا اله في الوجود معه ولا شيء يماثله حتى يشارك معه في أخص أوصافه التي هي الألوهية والربوبية ووجوب الوجود إذ ليس في وسعكم واستعداداتكم الايمان به والإيقان بوحدته وباستقلاله في ملكه وملكوته ومع ذلك ما وفقكم الحق عليه وما أقدركم به
وَبالجملة لا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ إذ هي لا يليق بالعبودية والمعبودية حتى اعبد له
وَلا أَنْتُمْ ايضا عابِدُونَ ما أَعْبُدُ إذ لا يتيسر لكم الايمان به والاطلاع على وجوده والاتصاف بمعرفته وشهوده فكيف تعبدون أنتم لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد بلا جذب من جانبه وتوفيق من لدنه وانا ايضا لا اعبد لمعبوداتكم الباطلة التي هي بمراحل عن رتبة الألوهية والمعبودية وبالجملة