ﰡ
هذا هو عمر - قبل الإسلام - فانظر إلى عمر بعد الإسلام، وكيف خطت الدموع في وجنتيه خطين؛ لمزيد رقته، وشدة بكائه، وكيف أنه حمل إلى أم الصبية - التي كانت تعلل أبناءها الجياع بالماء والحصى في القدر ليناموا - الدقيق والسمن وجعل ينفخ في النار؛ ولحيته على الأرض في التراب حتى طاب الطعام، وأقبل على الصبية يطعمهم، وهو يبكي ويقول: ويل عمر ليت أم عمر لم تلد عمر هذا ولم ينقل عمر من درك الوحشية، إلى سماء الإنسانية: سوى دين الإسلام - الذي سرى في روحه، وأشرب به قلبه - دين النور، والرأفة، والرحمة، دين السماحة والحضارة
-[٧٣٦]- ما عملت من خير أو شر
﴿إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ﴾ وقولهم: ﴿أَم بِهِ جِنَّةٌ﴾ وهذا وإن كان فيه غلو من جانب الزمخشري في تفضيل الملك على الرسول؛ فقد تغالى أقوام بقولهم: إن عوام البشر: أفضل من عوام الملائكة. والذي أراه - ويراه كل منصف - أننا لو استثنينا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: كانت الملائكة أفضل من البشر؛ لما ميزهم الله تعالى به من الطاعة المطلقة ﴿لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ وما اختصهم به من القرب ﴿يُسَبِّحُونَ الْلَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ﴾ (انظر آية ٢٩ من سورة الحجر)
-[٧٣٧]- عليهم الكفر فرضاً، وألزمهم به إلزاماً، وقسرهم عليه قسراً
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ