ﰡ
فقال : إنما بني لهم الدار للسكنى والتمتع، وجعلها وجعل ما فيها للاعتبار والتفكر والاستدلال عليه : لحسن التأمل والتذكر. فلما انقضت مدة السكنى وأجلاهم من الدار خربها، لانتقال الساكن منها. فأراد أن يعلمهم بأن الكونين كان معمورا بهم. وفي إحالة الأحوال، وإظهار تلك الأهوال، وبيان المقدرة بعد بيان العزة، وتكذيب لأهل الإلحاد، وزنادقة المنجمين، وعباد الكواكب والشمس والقمر والأوثان، فيعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين. فإذا رأوا آلهتهم قد انهدمت، وأن معبوداتهم قد انثرت وانفطرت، ومحالها قد تشققت ظهرت فضائحهم وتبين كذبهم، وظهر أن العالم مربوب محدث، مدبر، له رب يصرفه كيف يشاء، تكذيبا لملاحدة الفلاسفة القائلين بالقدم.
فكم لله تعالى من حكمة في هدم هذه الدار، ودلالة على عظيم عزته وقدرته، وسلطانه، وانفراده بالربوبية، وانقياد المخلوقات بأسرها لقهره، وإذعانها لمشيئته. فتبارك الله رب العالمين.