تفسير سورة العنكبوت

مجاز القرآن
تفسير سورة سورة العنكبوت من كتاب مجاز القرآن المعروف بـمجاز القرآن .
لمؤلفه أبو عبيدة معمر بن المثنى . المتوفي سنة 209 هـ

«سورة العنكبوت» (٢٩)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

«الم أَحَسِبَ النَّاسُ» (١، ٢) ساكن لأنه جرى مجرى فواتح سائر السّور اللواتى مجازهن مجاز حروف التهجّى ومجاز موضعه فى المعنى مجاز ابتداء فواتح سائر السور..
«وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ» (٢) مجازه: وهم لا يبتلون، من بلوته أي خبرته..
«فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا» (٣) مجازه: فليميزنّ الله لأن الله قد علم ذلك من قبل «١»..
«مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ» (٥) مجازه: من كان يخاف بعث الله، قال أبو ذؤيب:
إذا لسعته الدّبر لم يرج لسعها وحالفها فى بيت نوب عوامل
(٣٠٩) أي لم يخف..
«وَإِنْ جاهَداكَ» (٨) مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقوله: وقلنا له وإن جاهداك.
(١). - ٧- ٨ «فليعلمن.. قبل» : رواه ابن حجر عن أبى عبيدة فى فتح الباري ٨/ ٣٩٣.
«فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ» (١٠) مجازه: جعل أذى الناس..
«وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ» (١١) مجازه: وليميزن الله هؤلاء من هؤلاء..
«اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ» (١٢) مجازه: اتبعوا ديننا..
«وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ» (١٣) مجازها: وليحملن أوزارهم «١» وخطاياهم وأوزارا وخطايا مع أوزارهم وخطاياهم..
«عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ» (١٣) أي يكذبون ويخترعون..
«الطُّوفانُ» (١٤) مجازه: كل ما طام فاش من سيل كان أو من غيره وهو كذلك من الموت إذا كان جارفا فاشيا كثيرا، قال:
أفناهم طوفان موت جارف
«٢» [٦٨٧].
«أَوْثاناً» (١٧) الوثن من حجارة أو من جصّ..
«وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً» (١٧) مجازه: تختلقون وتفترون..
«وَاشْكُرُوا لَهُ» (١٧) واشكروه واحد.
(١). - ٥ «أوزارهم» : كما هو عند البخاري وقال ابن حجر هو قول أبى عبيدة (فتح الباري ٨/ ٣٩٣).
(٢). - ٦٨٧: فى الطبري ٢٠/ ٨٠ والقرطبي ١٣/ ٣٣٤. [.....]
«أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ» (١٩) مجازه: كيف استأنف الخلق الأول..
«ثُمَّ يُعِيدُهُ» (١٩) بعد، يقال: رجع عوده على بدئه أي آخره على أوله، وفيه لغتان يقال: أبدأ وأعاد وكان ذلك مبدئا ومعيدا وبدأ وعاد وكان ذلك بادئا وعائدا..
«كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ» (٢٠) مجاز «يُنْشِئُ» يبدئ..
«وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ» (٢١) أي ترجعون..
«وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي» (٢٦) كل من خرج من داره أو قطع شيئا فقد هاجر ومنه: مهاجر والمسلمين..
«إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ» (٣٢) أي من الباقين الذين طالت أعمارهم فبقيت ثم أهلكت، قال العجّاج:
فما ونى محمد مذ أن غفر له الإله ما مضى وما غبر
(٢٤٩) وإذا كانت امرأة مع رجال كانت صفاتهم صفات الرجال كقولك: عجوزا من الغابرين، وقوله: «كانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ» (٢٦/ ١٢).
«سِيءَ بِهِمْ» (٣٣) مجازه: فعل بهم من سؤت بنا..
«تَرَكْنا مِنْها آيَةً» (٣٥) مجازه: أبقينا منها علامة..
«وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ» (٣٦) مجازه: وأخشو اليوم الآخر، قال أبو ذؤيب:
إذا لسعته الدّبر لم يرج لسعها وحالفها فى بيت نوب عوامل
(٣٠٩) أي لم يخف.
«وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ» (٣٦) مجازه من: عثبت تعثى عثوّا هو أشد مبالغة من عثيت تعيث.
«جاثِمِينَ» (٣٨) بعضهم على بعض، وجاثمين لركبهم وعلى ركبهم..
«وَما كانُوا سابِقِينَ» (٣٩) مجازه: فائقين معجزين.
«أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً» (٤٠) أي ريحا عاصفا فيها حصى ويكون فى كلام العرب: الحاصب من الجليد ونحوه أيضا، قال الفرزدق:
مستقبلين شمال الشام تضربنا بحاصب كنديف القطن منثور
(٤٤٧).
«وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ» (٤٣) مجازها: هذه الأشباه والنظائر نحتجّ بها، يقال اضرب لى مثلا: قال الأعشى:
«هل تذكر العهد فى تنمّص إذ تضرب لى قاعدا بها مثلا
«١» [٦٨٩].
«وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ» (٤٨) مجازه: ما كنت تقرأ من قبل القرآن حتى أنزل إليك ولا قبل ذلك من كتاب، مجازه: ما كنت تقرأ كتابا، و «من» من حروف الزوائد، وفى آية أخرى: «فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ» (٦٩/ ٤٧) مجازه: ما منكم أحد عنه حاجزين «وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ» أي ولا تكتب كتابا،
(١). - ٦٨٩: ديوانه ص ١٥٧ والطبري ٢/ ٩١ ومعجم ما استعجم ١/ ٣٢٣ ومعجم البلدان ١/ ٨٨٠ «تنمص» : قال البكري بفتح أوله وثانيه... موضع هكذا رواه أبو حاتم وأنشد للأعشى البيت وروى أبو عبيدة صدر البيت... إلخ.
ومجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك: ولو كنت تقرأ الكتاب وتخطّه لارتاب المبطلون..
«لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً» (٥٨) مجازه: لننزلنهم، وهو من قولهم:
«اللهم بوّئنا مبوّأ صدق»..
«وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا» (٦٠) مجازه: وكم من دابة، ومجاز الدابة: أن كل شىء يحتاج إلى الأكل والشرب فهو دابة من إنس أو غيرهم..
«الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ» (٦٤) مجازه: الدار الآخرة هى الحيوان، واللام تزاد للتوكيد، قال الشاعر:
أمّ الحليس لعجوز شهربه ترضى من اللحم يعظم الرّقبه
(٢٥٥) ومجاز الحيوان والحياة واحد، ومنه قولهم: نهر الحيوان أي نهر الحياة، ويقال:
حييت حيا على تقدير: عييت عيّا فهو مصدر، والحيوان والحياة اسمان منه «١» فيما تقول العرب، قال العجّاج:
وقد ترى إذ الحياة حىّ
«٢» [٦٩١] أي الحياة.
(١). - ١٠- ١١ «الحيوان.. أسمان منه» : قال البخاري فى تفسير كلمة «الحيوان» : وقال غيره الحيوان والحي واحد وقال ابن حجر: وهو قول أبى عبيدة قال الحيوان.. اسمان (فتح الباري ٨/ ٣٩٢ ٣٩٣) وقال القرطبي (١٣/ ٣٦:
وزعم أبو عبيدة أن الحيوان واحد كما قال الراجز وغيره يقول إن الحي جمع على مفعول مثل عصى.
(٢). - ٦٩١: ديوانه ص ٦٧ واللسان (دعقل) والقرطبي ١٣/ ٣١٢ وشواهد المغني ص ١٨.
«أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ» (٦٨) مجازه مجاز الإيجاب لأن هذه الألف يكون للاستفهام وللايجاب فهى هاهنا للإيجاب، وقال جرير:
ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح
(٤٣) فهذا لم يشك، ولكن أوجب لهم أنهم كذلك، ولولا ذلك ما أثابوه والرجل يعاتب عبده وهو يقول له: أفعلت كذا، وهو لا يشك.
Icon