ﰡ
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس في قوله ﴿ لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ﴾ قال : لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : ذكر لنا أن ناساً كانوا يقولون : لو أنزل في كذا وكذا الوضع كذا وكذا، فكره الله ذلك وقدم فيه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ﴾ قال : نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أن ناساً ذبحوا قبل رسول الله ﷺ يوم النحر، فأمرهم أن يعيدوا ذبحاً فأنزل الله ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ﴾.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الأضاحي عن الحسن رضي الله عنه قال : ذبح رجل قبل الصلاة فنزلت.
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله في قوله ﴿ لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ﴾ قال : لا تصوموا قبل أن يصوم نبيكم.
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان أناس يتقدمون بين يدي رمضان بصيام يعني يوماً أو يومين فأنزل الله تعالى ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ﴾.
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن ناساً كانوا يتقدمون الشهر فيصومون قبل النبي ﷺ، فأنزل الله ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ﴾.
وأخرج سعيد بن منصور عن الضحاك أنه قرأ ﴿ لا تقدموا ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن مجاهد في قوله ﴿ لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ﴾ قال : لا تفتاتوا على رسول الله ﷺ بشيء حتى يقضي الله على لسانه. قال الحفاظ : هذا التفسير على قراءة « تقدموا » بفتح التاء والدال.
وأخرجه الترمذي من طريق ابن أبي مليكة قال : حدثني عبد الله بن الزبير به.
وأخرج ابن جرير والطبراني من طريق ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير أن الأقرع بن حابس قدم على النبي ﷺ، فقال أبو بكر : يا رسول الله استعمله على قومه، فقال عمر : لا تستعمله يا رسول الله. فتكلما عند النبي ﷺ حتى ارتفعت أصواتهما، فقال أبو بكر لعمر : ما أردت الا خلافي، قال : ما أردت خلافك، فنزلت هذه الآية ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ﴾ فكان عمر بعد ذلك إذا تكلم عند النبي ﷺ لم يسمع كلامه حتى يستفهمه.
وأخرج البزار وابن عدي والحاكم وابن مردويه عن أبي بكر الصديق قال : لما نزلت هذه الآية ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ﴾ قلت يا رسول الله : والله لا أكلمك إلا كأخي السرار.
وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة قال : لما نزلت ﴿ إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله ﴾ قال أبو بكر : والذي أنزل عليك الكتاب يا رسول الله لا أكلمك إلا كأخي السرار حتى ألقى الله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : كانوا يجهرون له بالكلام ويرفعون أصواتهم، فأنزل الله ﴿ لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإِيمان عن مجاهد في قوله ﴿ ولا تجهروا له بالقول ﴾ الآية قال : لا تنادوه نداء ولكن قولوا قولاً ليناً يا رسول الله.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو يعلى والبغوي في معجم الصحابة وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أنس قال :« لما نزلت ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ﴾ إلى قوله ﴿ وأنتم لا تشعرون ﴾ وكان ثابت بن قيس بن شماس رفيع الصوت فقال : أنا الذي كنت أرفع صوتي على رسول الله ﷺ حبط عملي أنا من أهل النار، وجلس في بيته حزيناً ففقده رسول الله ﷺ فانطلق بعض القوم إليه فقالوا له : فقدك رسول الله ﷺ ما لك؟ قال : أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي ﷺ وأجهر له بالقول، حبط عملي، أنا من أهل النار، فأتوا النبي ﷺ فأخبروه بذلك فقال : لا بل هو من أهل الجنة، فلما كان يوم اليمامة قتل ».
وأخرج ابن حبان والطبراني وأبو نعيم في المعرفة عن إسمعيل بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري « أن ثابت بن قيس قال : يا رسول الله : لقد خشيت أن أكون قد هلكت. قال : لمَ؟ قال : يمنع الله المرء أن يحمد بما لم يفعل وأجدني أحب الحمد، وينهى عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال، وينهى أن نرفع أصواتنا فوق صوتك وأنا جهير الصوت، فقال رسول الله ﷺ : يا ثابت أما ترضى أن تعيش حميداً وتقتل شهيداً وتدخل الجنة؟ » قال الحافظ ابن حجر في الأطراف : هكذا أخرجه ابن حبان بهذا السياق وليس فيه ما يدل على أن إسمعيل سمعه من ثابت، فهو منقطع، ورواه مالك رضي الله عنه في الموطأ عن ابن شهاب عن إسمعيل عن ثابت أنه قال فذكره ولم يذكره من رواة الموطأ أحد إلا سعيد بن عفير وحده وقال : قال مالك : قتل ثابت بن قيس يوم اليمامة. قال ابن حجر رضي الله عنه : فلم يدركه إسمعيل، فهو منقطع قطعاً، إنتهى.
وأخرج ابن جرير عن شمر بن عطية رضي الله عنه قال :« جاء ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي ﷺ وهو محزون، فقال : يا ثابت ما الذي أرى بك؟ قال : آية قرأتها الليلة فأخشى أن يكون قد حبط عملي ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ﴾ وكان في أذنه صمم، فقال : أخشى أن أكون قد رفعت صوتي وجهرت لك بالقول، وأن أكون قد حبط عملي وأنا لا أشعر. فقال رسول الله ﷺ : إمشِ على الأرض نشيطاً فإنك من أهل الجنة ».
وأخرج البغوي وابن المنذر والطبراني والحاكم وابن مردويه والخطيب في المتفق والمفترق عن عطاء الخراساني قال : قدمت المدينة فلقيت رجلاً من الأنصار. قلت : حدثني حديث ثابت بن قيس بن شماس. قال : قم معي فانطلقت معه حتى دخلت على امرأة، فقال الرجل : هذه ابنة ثابت بن قيس بن شماس فاسألها عما بدا لك. فقلت : حدثيني. قالت : سمعت أبي يقول : لما أنزل الله على رسول الله ﷺ ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ﴾ الآية دخل بيته وأغلق عليه بابه وطفق يبكي، ففقده رسول الله ﷺ، فقال : ما شأن ثابت؟ فقالوا : يا رسول الله ما ندري ما شأنه غير أنه قد أغلق عليه باب بيته فهو يبكي فيه. فأرسل رسول الله ﷺ فسأله : ما شأنك؟ قال : يا رسول الله : أنزل الله عليك هذه الآية، وأنا شديد الصوت فأخاف أن أكون قد حبط عملي. فقال : لست منهم، بل تعيش بخير وتموت بخير. قالت : ثم أنزل الله على نبيه ﴿ إن الله لا يحب كل مختالٍ فخور ﴾، فأغلق عليه بابه وطفق يبكي فيه فافتقده رسول الله ﷺ وقال : ثابت ما شأنه؟ قالوا : يا رسول الله، والله ما ندري ما شأنه غير أنه قد أغلق عليه بابه وطفق يبكي فأرسل إليه رسول الله ﷺ فقال : ما شأنك؟ قال : يا رسول الله : أنزل الله عليك ﴿ إن الله لا يحب كل مختالٍ فخورٍ ﴾ والله إني لأحب الجمال وأحب أن أسود قومي، قال : لست منهم بل تعيش حميداً وتقتل شهيداً ويدخلك الله الجنة بسلام. قالت : فلما كان يوم اليمامة خرج مع خالد بن الوليد إلى مسيلمة الكذاب فلما لقي أصحاب رسول الله ﷺ قد انكشفوا فقال ثابت لسالم مولى أبي حذيفة ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله ﷺ، ثم حفر كل منهما لنفسه حفرة، وحمل عليهم القوم، فثبتا حتى قتلا وكانت على ثابت يومئذ درع له نفيسة فمر به رجل من المسلمين فأخذها فبينا رجل من المسلمين نائم إذ أتاه ثابت بن قيس في منامه فقال له : إني أوصيك بوصية إياك أن تقول هذا حلم فتضيعه إني لما قتلت أمس مر بي رجل من المسلمين فأخذ درعي ومنزله في أقصى العسكر وعند خبائه فرس يستن في طوله وقد كفا على الدرع برمة وجعل فوق البرمة رحلاً فائتِ خالد بن الوليد فمره أن يبعث إلى درعي فيأخذها، وإذا قدمت على خليفة رسول الله فأخبره أن عليَّ من الدين كذا وكذا ولي من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيقي عتيق، وفلان فإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله ﴿ لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ﴾ الآية، قال : نزلت في قيس بن شماس.
وأخرج الترمذي وابن حبان وابن مردويه « عن صفوان بن عسال رضي الله عنه أن رجلاً من أهل البادية أتى رسول الله ﷺ فجعل يناديه بصوت له جهوري : يا محمد يا محمد، فقلنا : ويحك أخفض من صوتك فإنك قد نهيت عن هذا، قال : لا والله حتى أسمعه، فقال النبي ﷺ : هاؤم، قال : أرأيت رجلاً يحب قوماً ولم يلحق بهم، قال : المرء مع من أحب ».
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما أنزل الله ﴿ أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى ﴾ قال رسول الله ﷺ : منهم ثابت بن قيس بن شماس «.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في شعب الإِيمان عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ امتحن ﴾ قال : أخلص.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : أخلص الله قلوبهم فيما أحب.
وأخرج أحمد في الزهد عن مجاهد قال : كتب إلى عمر رضي الله عنه : يا أمير المؤمنين رجل لا يشتهي المعصية ولا يعمل بها أفضل أم رجل يشتهي المعصية ولا يعمل بها؟ فكتب عمر رضي الله عنه : إن الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها ﴿ أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم ﴾.
وأخرج الحكيم الترمذي عن مكحول قال : قال رسول الله ﷺ :» نفس ابن آدم شابة ولو التقت ترقوتاه من الكبر إلا من امتحن الله قلبه للتقوى وقليل ما هم «.
وأخرج ابن المبارك في الزهد عن أبي الدرداء قال : لا تزال نفس أحدكم شابة من حب الشيء ولو التقت ترقوتاه من الكبر إلا الذين امتحن الله قلوبهم وقليل ما هم.
وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم « عن البراء بن عازب في قوله ﴿ إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ﴾ قال : جاء رجل فقال : يا محمد إن حمدي زين وإن ذمي شين، فقال النبي ﷺ :» ذاك الله « ».
وأخرج ابن راهويه ومسدد وأبو يعلى والطبراني وابن جرير وابن أبي حاتم بسند حسن عن زيد بن أرقم قال :« اجتمع ناس من العرب فقالوا : انطلقوا إلى هذا الرجل فإن يك نبياً فنحن أسعد الناس به، وإن يك ملكاً نعش بجناحه، فأتيت النبي ﷺ فأخبرته بما قالوا فجاؤوا إلى حجرته، فجعلوا ينادونه : يا محمد فأنزل الله ﴿ إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ﴾ فأخذ رسول الله ﷺ بأذني، وجعل يقول : لقد صدق الله قولك يا زيد، لقد صدق الله قولك ».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه « أن رجلاً جاء إلى النبي ﷺ فقال : يا محمد إن مدحي زين وإن شتمي شين، فقال ﷺ :» ذاك هو الله « فنزلت ﴿ إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ﴾ ».
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : أخبرت عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أن تميماً ورجلاً من بني أسد بن خزيمة إستبّا فقال الأسدي :﴿ إن الذين ينادونك من وراء الحجرات ﴾ أعراب بني تميم فقال سعيد رضي الله عنه : لو كان التميمي فقيهاً إن أولها في بني تميم وآخرها في بني أسد.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن حبيب بن أبي عمرة قال : كان بيني وبين رجل من بني أسد كلام، فقال الأسدي ﴿ إن الذين ينادونك من وراء الحجرات ﴾ بني تميم ﴿ أكثرهم لا يعقلون ﴾ فذكرت ذلك لسعيد بن جبير قال : أفلا تقول لبني أسد قال الله ﴿ يمنون عليك أن أسلموا ﴾ فإن العرب لم تسلم حتى قوتلت، ونحن أسلمنا بغير قتال فأنزل الله هذا فيهم.
وأخرج عبد بن حميد من طريق قتادة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : قال رجل من بني أسد لرجل من بني تميم وتلا هذه الآية ﴿ إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم ﴾ بني تميم ﴿ لا يعقلون ﴾ فلما قام التميمي وذهب قال سعيد بن جبير : أما إن التميمي لو يعلم ما أنزل في بني أسد لتكلم، قلنا : ما أنزل فيهم؟ قال : جاؤوا إلى النبي ﷺ فقالوا : إنا قد أسلمنا طائعين، وإن لنا حقاً فأنزل الله ﴿ يمنون عليك أن أسلموا ﴾ الآية.
وأخرج ابن منده وابن مردويه من طريق يعلى بن الأشدق عن سعد بن عبد الله « أن النبي ﷺ سئل عن قوله :﴿ إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ﴾ قال :» هم الجفاة من بني تميم لولا أنهم من أشد الناس قتالاً للأعور الدجال لدعوت الله عليهم أن يهلكهم « ».
وأخرج ابن إسحق وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :« قدم وفد بني تميم وهم سبعون رجلاً أو ثمانون رجلاً منهم الزبرقان بن بدر وعطارد بن معبد وقيس بن عاصم وقيس بن الحارث وعمرو بن أهتم المدينة على رسول الله ﷺ، فانطلق معهم عيينة بن حصن بن بدر الفزاري وكان يكون في كل سدة حتى أتوا منزل رسول الله ﷺ فنادوه من وراء الحجرات بصوت جافٍ يا محمد أخرج إلينا يا محمد أخرج إلينا يا محمد أخرج إلينا، فخرج إليهم رسول الله ﷺ، فقالوا : يا محمد إن مدحنا زين وإن شتمنا شين، نحن أكرم العرب، فقال رسول الله ﷺ :» كذبتم بل مدحة الله الزين وشتمه الشين وأكرم منكم يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم « فقالوا : إنا أتيناك لنفاخرك، فذكره بطوله وقال في آخره : فقام التميميون، فقالوا : والله إن هذا الرجل لمصنوع له، لقد قام خطيبه فكان أخطب من خطيبنا، وقال شاعره فكان أشعر من شاعرنا قال : ففيهم أنزل الله ﴿ إن الذين ينادونك من وراء الحجرات ﴾ من بني تميم ﴿ أكثرهم لا يعقلون ﴾ قال : هذا كان في القراءة الأولى ﴿ ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم ﴾ ».
وأخرج ابن سعد والبخاري في الأدب وابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإِيمان عن الحسن رضي الله عنه قال : كنت أدخل بيوت أزواج النبي ﷺ في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه فأتناول سقفها بيدي.
وأخرج البخاري في الأدب وابن أبي الدنيا والبيهقي عن داود بن قيس قال : رأيت الحجرات من جريد النخل مغشى من خارج بمسوح الشعر، وأظن عرض البيت من باب الحجرة إلى باب البيت نحواً من ستة أو سبعة أذرع واحزر البيت الداخل عشرة أذرع، وأظن سمكه بين الثمان والسبع.
وأخرج الطبراني وابن منده وابن مردويه عن علقمة بن ناجية قال : بعث إلينا رسول الله ﷺ الوليد بن عقبة بن أبي معيط يصدق أموالنا فسار حتى إذا كان قريباً منا وذلك بعد وقعة المريسيع رجع فركبت في أثره فأتى النبي ﷺ، فقال : يا رسول الله أتيت قوماً في جاهليتهم أخذوا اللباس ومنعوا الصدقة فلم يغير ذلك رسول الله ﷺ حتى أنزلت الآية ﴿ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإ ﴾ فأتى المصطلقون إلى النبي ﷺ أثر الوليد بطائفة من صدقاتهم.
وأخرج ابن راهويه وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : بعث النبي ﷺ الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق يصدق أموالهم فسمع بذلك القوم فتلقوه يعظمون أمر رسول الله ﷺ، فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله، فرجع إلى رسول الله ﷺ، فقال : إن بني المصطلق منعوا صدقاتهم، فبلغ القوم رجوعه، فأتوا رسول الله ﷺ، فقالوا : نعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله بعثت إلينا رجلاً مصدقاً فسررنا لذلك وقرت أعيننا ثم إنه رجع من بعض الطريق فخشينا أن يكون ذلك غضباً من الله ورسوله ونزلت ﴿ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإ ﴾ الآية.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في سننه وابن عساكر عن ابن عباس قال : كان رسول الله ﷺ بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليأخذ منهم الصدقات وأنه لما أتاهم الخبر فرحوا وخرجوا ليتلقوا رسول رسول الله ﷺ، وأنه لما حدث الوليد أنهم خرجوا يتلقونه رجع فقال : يا رسول الله إن بني المصطلق قد منعوني الصدقة. فغضب رسول الله ﷺ من ذلك غضباً شديداً، فبينما هو يحدث نفسه أن يغزوهم إذ أتاه الوفد فقالوا : يا رسول الله إنا حدثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق، وأنا خشينا أن يكون إنما رده كتاب جاءه منك لغضب غضبته علينا فأنزل الله ﴿ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإ ﴾ الآية.
وأخرج آدم وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد قال : أرسل رسول الله ﷺ الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليصدقهم فتلقوه بالهدنة، فرجع إلى رسول الله ﷺ فقال : إن بني المصطلق جمعوا لك ليقاتلوك، فأنزل الله ﴿ إن جاءكم فاسقٌ بنبإ فتبينوا ﴾.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أن رجلاً أتى النبي ﷺ فقال : يا نبي الله إن بني فلان - حياً من أحياء العرب - وكان في نفسه عليهم شيء، وكانوا حديثي عهد بالإِسلام قد تركوا الصلاة وارتدوا وكفروا بالله. قال : فلم يعجل رسول الله ﷺ، ودعا خالد بن الوليد، فبعثه إليهم ثم قال : ارمقهم عند الصلاة فإن كان القوم قد تركوا الصلاة فشأنك بهم وإلا فلا تعجل عليهم. قال : فدنا منهم عند غروب الشمس، فكمن حيث يسمع الصلاة، فرمقهم فإذا هو بالمؤذن قد قام حين غربت الشمس فأذن ثم أقام الصلاة فصلوا المغرب، فقال خالد بن الوليد : ما أراهم إلا يصلون فلعلهم تركوا غير هذه الصلاة ثم كمن حتى إذا الليل وغاب الشفق أذن مؤذنهم فصلوا. قال : فلعلهم تركوا صلاة أخرى، فكمن حتى إذا كان في جوف الليل فتقدم حتى أظل الخيل بدورهم فإذا القوم تعلموا شيئاً من القرآن فهم يتهجدون به من الليل ويقرأونه، ثم أتاهم عند الصبح فإذا المؤذن حين طلع الفجر قد أذن ثم أقام فقاموا فصلوا، فلما انصرفوا وأضاء لهم النهار إذا هم بنواصي الخيل في ديارهم فقالوا : ما هذا؟ قالوا : هنا خالد بن الوليد، وكان رجلاً مشنعاً، فقالوا يا خالد : ما شأنك؟ قال : أنتم والله شأني أتي رسول الله ﷺ فقيل له إنكم كفرتم بالله وتركتم الصلاة، فجعلوا يبكون، فقالوا : نعوذ بالله أن نكفر بالله أبداً. قال : فصرف الخيل وردها عنهم حتى أتى رسول الله ﷺ، وأنزل الله ﴿ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوماً ﴾ قال الحسن : فوالله لئن كانت نزلت في هؤلاء القوم خاصة إنها المرسلة إلى يوم القيامة ما نسخها شيء.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أن رسول الله ﷺ بعث الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق يصدقهم فلم يبلغهم، ورجع فقال لرسول الله ﷺ : إنهم عصوا، فأراد رسول الله ﷺ أن يجهز إليهم إذ جاء رجل من بني المصطلق، فقال لرسول الله ﷺ : سمعنا أنك أرسلت إلينا ففرحنا به واستبشرنا به وإنه لم يبلغنا رسولك، وكذب.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ ﴾ قال : هو ابن أبي معيط الوليد بن عقبة بعثه نبي الله ﷺ إلى بني المصطلق مصدقاً، فلما أبصروه أقبلوا نحوه فهابهم، فرجع إلى رسول الله ﷺ فأخبره أنهم قد ارتدوا عن الإِسلام فبعث رسول الله ﷺ خالد بن الوليد وأمره بأن تثبت ولا تعجل، فانطلق حتى أتاهم ليلاً فبعث عيونه، فلما جاءهم أخبروه أنهم متمسكون بالإِسلام وسمع أذانهم وصلاتهم فلما أصبحوا أتاهم خالد فرأى ما يعجبه فرجع إلى نبي الله ﷺ، وأخبره الخبر، فأنزل الله في ذلك القرآن، فكان نبي الله ﷺ يقول :« التأني من الله والعجلة من الشيطان ».
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله ﴿ إن جاءكم فاسق بنبإ ﴾ الآية قال : إذا جاءك فحدثك أن فلاناً إن فلانة يعملون كذا وكذا من مساوىء الأعمال فلا تصدقه.
أما قوله تعالى :﴿ واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ﴾.
أخرج عبد بن حميد والترمذي وصححه وابن مردويه عن أبي نضرة قال : قرأ أبو سعيد الخدري ﴿ واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ﴾ قال : هذا نبيكم يوحى إليه وخيار أمتكم لو أطاعهم في كثير من الأمر لعنتوا فكيف بكم اليوم؟
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال : لما قبض رسول الله ﷺ أنكرنا أنفسنا وكيف لا ننكر أنفسنا والله يقول ﴿ واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ﴾ قال : هؤلاء أصحاب نبي الله ﷺ لو أطاعهم نبي الله في كثير من الأمر لعنتوا فأنتم والله أسخف قلباً وأطيش عقولاً. فاتّهم رجل رأيه، وانتصح كتاب الله فإن كتاب الله ثقة لمن أخذ به وانتهى إليه وإن ما سوى كتاب الله تغرير.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ﴾ يقول : لأعنت بعضكم بعضاً.
أما قوله تعالى :﴿ ولكن الله حبب إليكم الإِيمان ﴾.
أخرج أحمد والبخاري في الأدب والنسائي والحاكم وصححه عن رفاعة بن رافع الزرقي قال :
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن أبي مالك قال : تلاحى رجلان من المسلمين، فغضب قوم هذا لهذا وهذا لهذا فاقتتلوا بالأيدي والنعال فأنزل الله :﴿ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : إن الأوس والخزرج كان بينهما قتال بالسيف والنعال، فأنزل الله ﴿ وإن طائفتان ﴾ الآية.
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : كانت تكون الخصومة بين الحيين فيدعوهم إلى الحكم فيأبون أن يجيؤا، فأنزل الله ﴿ وإن طائفتان ﴾ الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في رجلين من الأنصار كانت بينهما مماراة في حق بينهما، فقال أحدهما للآخر : لآخذن عنوة - لكثرة عشيرته - وإن الآخر دعاه ليحاكمه إلى النبي ﷺ فأبى، فلم يزل الأمر حتى تدافعوا، وحتى تناول بعضهم بعضاً بالأيدي والنعال، ولم يكن قتال بالسيوف.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : كان رجل من الأنصار يقال له عمران تحته امرأة يقال لها أم زيد، وأنها أرادت أن تزور أهلها فحبسها زوجها وجعلها في علية له لا يدخل عليها أحد من أهلها، وإن المرأة بعثت إلى أهلها فجاء قومها فأنزلوها لينطلقوا بها، وكان الرجل قد خرج فاستعان أهل الرجل، فجاء بنو عمه ليحولوا بين المرأة وبين أهلها، فتدافعوا واجتلدوا بالنعال، فنزلت فيهم هذه الآية ﴿ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ﴾ فبعث إليهم رسول الله ﷺ فأصلح بينهم، وفاؤوا إلى أمر الله.
وأخرج الحاكم والبيهقي وصححه عن ابن عمر قال : ما وجدت في نفسي من شيء ما وجدت من هذه الآية، إني لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن حبان السلمي قال : سألت ابن عمر عن قوله ﴿ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ﴾ وذلك حين دخل الحجاج الحرم فقال لي : عرفت الباغية من المبغي عليها فوالذي نفسي بيده لو عرفت المبغية ما سبقتني أنت ولا غيرك إلى نصرها، أفرأيت إن كانت كلتاهما باغيتين فدع القوم يقتتلون على دنياهم، وارجع إلى أهلك، فإذا استمرت الجماعة فادخل فيها.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ﴾ قال : الأوس والخزرج اقتتلوا بينهم بالعصي.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ﴿ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ﴾ قال : الطائفة من الواحد إلى الألف، وقال : إنما كانا رجلين اقتتلا.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس ﴿ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ﴾ قال : كان قتالهم بالنعال والعصي فأمرهم أن يصلحوا بينهما.
أما قوله تعالى :﴿ إن الله يحب المقسطين ﴾.
أخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر وعن النبي ﷺ قال :« المقسطون عند الله يوم القيامة على منابر من نور على يمين العرش الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا ».
وأخرج ابن أبي شيبة من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله ﷺ قال :« إن المقسطين في الدنيا على منابر من لؤلؤ يوم القيامة بين يدي الرحمن بما أقسطوا في الدنيا ».
قوله تعالى :﴿ إنما المؤمنون أخوة ﴾ الآية.
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن سيرين رضي الله عنه أنه كان يقرأ ﴿ إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ﴾ بالياء.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ ﴿ فأصلحوا بين أخويكم ﴾ بالياء.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت مثل ما رغبت عنه في هذه الآية ﴿ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ﴾ الآية.
وأخرج أحمد عن فهيد بن مطرف الغفاري رضي الله عنه « أن رسول الله ﷺ سأله سائل إن عدا علي عادٍ فأمره أن ينهاه ثلاث مرات، قال : فإن لم ينته فأمره بقتاله، قال : فكيف بنا؟ قال : إن قتلك فأنت في الجنة، وإن قتلته فهو في النار ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ﴿ وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ﴾ إلى قوله ﴿ فقاتلوا التي تبغي ﴾ قال : بالسيف، قيل : فما قتلاهم؟ قال : شهداء مرزوقين، قيل : فما حال الأخرى أهل البغي؟ قال : من قتل منهم إلى النار.
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :« سيكون بعدي أمراء يقتتلون على الملك يقتل بعضهم بعضاً ».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ لا يسخر قوم من قوم ﴾ قال : لا يستهزىء قوم بقوم إن يكن رجلاً غنياً أو فقيراً [ ٧ ] أو يعقل رجل عليه فلا يستهزىء به.
أما قوله تعالى :﴿ ولا تلمزوا أنفسكم ﴾.
أخرج عبد بن حميد والبخاري في الأدب وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ولا تلمزوا أنفسكم ﴾ قال : لا يطعن بعضكم على بعض.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ﴿ ولا تلمزوا أنفسكم ﴾ قال : لا يطعن بعضكم على بعض.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ ولا تلمزوا أنفسكم ﴾ قال : لا تطعنوا.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ ﴿ ولا تلمزوا أنفسكم ﴾ بنصب التاء وكسر الميم.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ﴿ ولا تلمزوا أنفسكم ﴾ قال : اللمز الغيبة.
أما قوله تعالى :﴿ ولا تنابزوا بالألقاب ﴾.
أخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري في الأدب وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر والبغوي في معجمه وابن حبان والشيرازي في الألقاب والطبراني وابن السني في عمل اليوم والليلة والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي جبيرة بن الضحاك رضي الله عنه قال : فينا نزلت في بني سلمة ﴿ ولا تنابزوا بالألقاب ﴾ قدم رسول الله ﷺ المدينة وليس فينا رجل إلا وله إسمان أو ثلاثة فكان إذا دعا أحدهم باسم من تلك الأسماء قالوا يا رسول الله إنه يكره هذا الإِسم، فأنزل الله ﴿ ولا تنابزوا بالألقاب ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ولا تنابزوا بالألقاب ﴾ قال : كان هذا الحي من الأنصار قل رجل منهم إلا وله إسمان أو ثلاثة فربما دعا النبي ﷺ الرجل منهم ببعض تلك الأسماء، فيقال يا رسول الله إنه يكره هذا الاسم، فأنزل الله ﴿ ولا تنابزوا بالألقاب ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عطاء ﴿ ولا تنابزوا بالألقاب ﴾ قال : إن يسميه بغير اسم الإِسلام يا خنزير يا كلب يا حمار.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ﴿ ولا تنابزوا بالألقاب ﴾ قال : التنابز بالألقاب أن يكون الرجل عمل السيئات ثم تاب منها وراجع الحق فنهى الله أن يعير بما سلف من عمله.
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن في الآية قال : كان اليهودي يسلم فيقال له يا يهودي، فنهوا عن ذلك.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ﴿ ولا تنابزوا بالألقاب ﴾ قال : لا تقل لأخيك المسلم يا فاسق يا منافق.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة ﴿ ولا تنابزوا بالألقاب ﴾ قال : هو قول الرجل للرجل يا فاسق يا منافق.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي العالية في الآية، قال : هو قول الرجل لصاحبه يا فاسق يا منافق.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ﴿ ولا تنابزوا بالألقاب ﴾ قال : يدعى الرجل بالكفر وهو مسلم.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن ﴿ بئس الإِسم الفسوق بعد الإِيمان ﴾ قال : أن يقول الرجل لأخيه يا فاسق.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي ﴿ بئس الإِسم الفسوق بعد الإِيمان ﴾ قال : الرجل يكون على دين من هذه الأديان فيسلم فيدعوه بدينه الأول يا يهودي يا نصراني.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر : سمعت رسول الله ﷺ يقول :« من قال لأخيه كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه ».
وأخرج مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :« إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك ».
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت. قال رسول الله ﷺ :« من أساء بأخيه الظن فقد أساء بربه إن الله يقول ﴿ اجتنبوا كثيراً من الظن ﴾ ».
وأخرج ابن مردويه عن طلحة بن عبد الله : سمعت النبي ﷺ يقول :« إن الظن يخطىء ويصيب ».
وأخرج ابن ماجة عن ابن عمر قال :« رأيت النبي ﷺ يطوف بالكعبة ويقول :» ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك، ماله ودمه وأن يظن به إلا خيراً «.
وأخرج أحمد في الزهد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً.
وأخرج البيهقي في الشعب عن سعيد بن المسيب قال : كتب إليَّ بعض إخواني من أصحاب رسول الله ﷺ أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من امرىء مسلم شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً، ومن عرض نفسه للتهم فلا يلومن إلا نفسه ومن كتم سره كانت الخيرة في يده وما كافأت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه، وعليك بإخوان الصدق فكن في اكتسابهم فإنهم زينة في الرخاء وعدة عند عظيم البلاء، ولا تهاون بالحق فيهينك الله، ولا تسألن عما لم يكن حتى يكون، ولا تضع حديثك إلا عند من يشتهيه، وعليك بالصدق وإن قتلك الصدق، واعتزل عدوك، واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا من يخشى الله وشاور في أمرك الذين يخشون ربهم بالغيب.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عمر بن الخطاب قال : من تعرض للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن، ومن كتم سره كان الخيار إليه ومن أفشاه كان الخيار عليه، وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً، وكن في اكتساب الاخوان فإنهم جنة عند الرخاء وعدة عند البلاء، وآخِ الإِخوان على قدر التقوى، وشاور في أمرك الذين يخافون الله.
وأخرج البخاري في الأدب عن أبي العالية قال : كنا نؤمر أن نختم على الخادم ونكيل ونعدها كراهية أن يتعودوا خلق سوء، ويظن أحدنا ظن سوء.
وأخرج الطبراني عن حارثة بن النعمان قال : قال رسول الله ﷺ :« » ثلاث لازمات لأمتي : الطيرة والحسد وسوء الظن « فقال رجل ما يذهبهن يا رسول الله ممن هن فيه؟ قال :» إذا حسدت فاستغفر الله، وإذا ظننت فلا تحقق، وإذا تطيرت فامضِ « ».
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن عائشة قالت : قال رسول الله ﷺ :« من أساء بأخيه الظن فقد أساء بربه تعالى، إن الله تعالى يقول :﴿ اجتنبوا كثيراً من الظن ﴾ ».
أما قوله تعالى :﴿ ولا تجسسوا ﴾.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس في قوله :﴿ ولا تجسسوا ﴾ قال : نهى الله المؤمن أن يتبع عورات أخيه المؤمن.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ﴿ ولا تجسسوا ﴾ قال : خذوا ما ظهر لكم ودعوا ما ستر الله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : هل تدرون ما التجسس؟ هو أن تتبع عيب أخيك فتطلع على سره.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والخرائطي في مكارم الأخلاق عن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف، عن المسور بن مخرمة، عن عبد الرحمن بن عوف، أنه حرس مع عمر بن الخطاب ليلة المدينة، فبينما هم يمشون شبّ لهم سراج في بيت فانطلقوا يؤمونه فلما دنوا منه إذا باب مجافٍ على قوم لهم فيه أصوات مرتفعة ولغط، فقال عمر وأخذ بيد عبد الرحمن بن عوف : أتدري بيت من هذا؟ قال : هذا بيت ربيعة بن أمية بن خلف وهم الآن شرب، فما ترى؟ قال : أرى أن قد أتينا ما نهى الله عنه، قال الله :﴿ ولا تجسسوا ﴾ فقد تجسسنا، فانصرف عنهم وتركهم.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الشعبي أن عمر بن الخطاب فقد رجلاً من أصحابه فقال لابن عوف : انطلق بنا إلى منزل فلان فننظر، فأتيا منزله فوجدا بابه مفتوحاً وهو جالس وامرأته تصب له في إناء فتناوله إياه، فقال عمر لابن عوف : هذا الذي شغله عنا، فقال ابن عوف لعمر وما يدريك ما في الإِناء؟ فقال عمر : إنا نخاف أن يكون هذا التجسس، قال : بل هو التجسس، قال : وما التوبة من هذا؟ قال : لا تعلمه بما أطلعت عليه من أمره، ولا يكونن في نفسك إلا خير، ثم انصرفا.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن زيد بن وهب قال : أتي ابن مسعود رضي الله عنه فقيل : هذا فلان تقطر لحيته خمراً، فقال عبدالله : إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به.
وأخرج أبو داود وابن المنذر وابن مردويه « عن أبي برزة الأسلمي قال : خطبنا رسول الله ﷺ، فقال :» يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإِيمان في قلبه لا تتبعوا عورات المسلمين، فإنه من اتبع عورات المسلمين فضحه الله في قعر بيته « ».
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن ثور الكندي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يعس بالمدينة من الليل، فسمع صوت رجل في بيت يتغنى، فتسوّر عليه، فوجد عنده امرأة وعنده خمر، فقال : يا عدو الله أظننت أن الله يسترك وأنت على معصيته، فقال : وأنت يا أمير المؤمنين لا تعجل على أن أكون عصيت الله واحدة فقد عصيت الله في ثلاث. قال الله :﴿ ولا تجسسوا ﴾ وقد تجسست، وقال ﴿ وأتوا البيوت من أبوابها ﴾ [ البقرة : ١٨٩ ] وقد تسوّرت عليَّ ودخلت عليَّ بغير إذن، وقال الله ﴿ لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ﴾ [ النور : ٢٧ ] قال عمر رضي الله عنه : فهل عندك من خير إن عفوت عنك؟ قال : نعم، فعفا عنه وخرج وتركه.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي « عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله ﷺ حتى أسمع العواتق في الخدر ينادي بأعلى صوته » يا معشر من آمن بلسانه ولم يخلص الإِيمان إلى قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه في جوف بيته « ».
وأخرج ابن مردويه « عن بريدة رضي الله عنه قال : صلينا الظهر خلف رسول الله ﷺ، فلما انفتل أقبل علينا غضبان متنفراً ينادي بصوت يسمع العواتق في جوف الخدور » يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإِيمان قلبه لا تذموا المسلمين، ولا تطلبوا عوراتهم، فإنه من يطلب عورة أخيه المسلم هتك الله ستره وأبدى عورته ولو كان في جوف بيته « ».
وأخرج البيهقي عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبيّ ﷺ قال :« من أشاد على مسلم عورته يشينه بها بغير حق شانه الله بها في الخلق يوم القيامة ».
وأخرج الحاكم والترمذي عن جبير بن نفير قال : صلى رسول الله ﷺ يوماً بالناس صلاة الصبح فلما فرغ أقبل بوجهه على الناس رافعاً صوته حتى كاد يسمع من في الخدور وهو يقول :« يا معشر الذين أسلموا بألسنتهم، ولم يدخل الإِيمان في قلوبهم لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عثراتهم، فإنه من يتبع عثرة أخيه المسلم يتبع الله عثرته، ومن يتبع الله عثرته يفضحه وهو في قعر بيته، فقال قائل يا رسول الله : وهل على المسلمين من ستر؟ فقال ﷺ :» ستور الله على المؤمن أكثر من أن تحصى، إن المؤمن ليعمل الذنوب فتهتك عنه ستوره ستراً ستراً حتى لا يبقى عليه منها شيء، فيقول الله للملائكة استروا على عبدي من الناس فإن الناس يعيرون ولا يغيرون، فتحف به الملائكة بأجنحتها يسترونه من الناس، فإن تاب قبل الله منه ورد عليه ستوره ومع كل ستر تسعة أستار، فإن تتابع في الذنوب قالت الملائكة : ربنا إنه قد غلبنا واعذرنا فيقول الله استروا عبدي من الناس، فإن الناس يعيرون ولا يغيرون فتحف به الملائكة بأجنحتها يسترونه من الناس فإن تاب قبل الله منه ورد عليه ستوره ومع كل ستر تسعة أستار، فإن تتابع في الذنوب قالت الملائكة يا ربنا : إنه قد غلبنا وأعذرنا، فيقول الله استروا عبدي من الناس فإن الناس يعيّرون ولا يغيّرون، فتحف به الملائكة بأجنحتها يسترونه من الناس، فإن تاب قبل الله منه، وإن عاد قالت الملائكة : ربنا إنه قد غلبنا وأعذرنا، فيقول الله للملائكة : تخلو عنه فلو عمل ذنباً في بيت مظلم في ليلة مظلمة في حجر أبدى الله عنه وعن عورته «.
وأخرج الحكيم الترمذي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : المؤمن في سبعين حجاباً من نور، فإذا عمل خطيئة ثم تناساها حتى يعمل أخرى هتك عنه حجاب من تلك الحجب، فلا يزال كلما عمل خطيئة ثم تناساها حتى يعمل أخرى هتك عنه حجاب من تلك الحجب، فإذا عمل كبيرة من الكبائر هتك عنه تلك الحجب كلها إلا حجاب الحياء، وهو أعظمها حجاباً، فإن تاب تاب الله عليه ورد تلك الحجب كلّها، فإن عمل خطيئة بعد الكبائر ثم تناساها حتى يعمل الأخرى قبل أن يتوب هتك حجاب الحياء فلم تلقه إلا مقيتاً ممقتاً، فإذا كان مقيتاً ممقتاً نزعت منه الأمانة، فإذا نزعت منه الأمانة لم تلقه إلا خائناً مخوناً، فإذا كان خائناً مخوناً نزعت منه الرحمة، فإذا نزعت منه الرحمة لم تلقه إلا فظاً غليظاً، فإذا كان فظاً غليظاً نزعت منه ربقة الإِسلام، فإذا نزعت منه ربقة الإِسلام لم تلقه إلا لعيناً ملعناً شيطاناً رجيماً.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس في قوله :﴿ ولا يغتب بعضكم بعضاً ﴾ الآية قال : حرم الله أن يغتاب المؤمن بشيء كما حرم الميتة.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله :﴿ ولا يغتب بعضكم بعضاً ﴾ الآية قال : زعموا أنها نزلت في سلمان الفارسي أكل ثم رقد فنفخ فذكر رجلان أكله ورقاده فنزلت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي أن سلمان الفارسي كان مع رجلين في سفر يخدمهما وينال من طعامهما، وأن سلمان نام يوماً فطلبه صاحباه فلم يجداه فضربا الخباء وقالا : ما يريد سلمان شيئاً غير هذا أن يجيء إلى طعام معدود وخباء مضروب، فلما جاء سلمان أرسلاه إلى رسول الله ﷺ يطلب لهما إداماً، فانطلق، فأتاه فقال : يا رسول الله بعثني أصحابي لتؤدمهم إن كان عندك، قال : ما يصنع أصحابك بالأدم قد ائتدموا؟ فرجع سلمان فخبرهما فانطلقا فأتيا رسول الله ﷺ فقالا : والذي بعثك بالحق ما أصبنا طعاماً منذ نزلنا. قال : إنكما قد ائتدمتما سلمان بقولكما فنزلت ﴿ أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله ﴿ ولا يغتب بعضكم بعضاً ﴾ الآية قال : نزلت هذه الآية في رجل كان يخدم النبي ﷺ، أرسل بعض الصحابة إليه يطلب منه إداماً فمنع، فقالوا له : إنه لبخيل وخيم، فنزلت في ذلك.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله ﴿ ولا يغتب بعضكم بعضاً ﴾ قال : أن يقول للرجل من خلفه هو كذا يسيء الثناء عليه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ ولا يغتب بعضكم بعضاً ﴾ قال : ذكر لنا أن الغيبة أن تذكر أخاك بما يشينه وتعيبه بما فيه، فإن أنت كذبت عليه فذاك البهتان يقول كما أنت كاره لو وجدت جيفة مدودة أن تأكل منها فكذلك فأكره لحمها وهو حي.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة قال :
وأخرج عبد بن حميد والخرائطي في مساوىء الأخلاق عن المطلب بن حنطب قال : قال رسول الله ﷺ :« إن الغيبة أن تذكر المرء بما فيه فقال إنما كنا نرى أن نذكره بما ليس فيه ذاك البهتان ».
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة « أن امرأة دخلت على النبي ﷺ، ثم خرجت، فقالت عائشة يا رسول الله : ما أجملها وأحسنها لولا أن بها قصراً، فقال لها النبي ﷺ : اغتبتيها يا عائشة، فقالت يا رسول الله : إنما قلت شيئاً هو بها. فقال يا عائشة إذا قلت شيئاً بها فهي غيبة، وإذا قلت ما ليس بها فقد بهتها ».
وأخرج عبد بن حميد عن عون بن عبدالله قال : إذا قلت للرجل بما فيه فقد اغتبته، وإذا قلت ما ليس فيه فقد بهته.
وأخرج عبد بن حميد عن معاوية بن قرة قال : لو مر بك أقطع فقلت هذا الأقطع كانت غيبة.
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن سيرين أنه ذكر عنده رجل فقال : ذاك الأسود، قال : أستغفر الله أراني قد اغتبته.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ﴿ أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً ﴾ قالوا : نكره ذلك. قال : فاتقوا الله.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة والخرائطي في مساوىء الأخلاق وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان « عن عائشة قالت : لا يغتب بعضكم بعضاً فإني كنت عند رسول الله ﷺ فمرت امرأة طويلة الذيل، فقلت يا رسول الله : إنها الطويلة الذيل، فقال النبي ﷺ : الفظي فلفظت بضعة لحم ».
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رفع الحديث إلى النبي ﷺ « أنه لحق قوماً فقال لهم : تخللوا، فقال القوم والله يا نبي الله ما طعمنا اليوم طعاماً، فقال النبي ﷺ والله : إني لأرى لحم فلان بين ثناياكم، وكانوا قد اغتابوه ».
وأخرج الضياء المقدسي في المختارة عن أنس قال :« كانت العرب يخدم بعضها بعضاً في الأسفار وكان مع أبي بكر وعمر رجل يخدمها فناما فاستيقظا ولم يهيء لهما طعاماً فقالا إن هذا لنؤوم فأيقظاه، فقالا : إئتِ رسول الله ﷺ، فقل له : إن أبا بكر وعمر يقرئانك السلام ويستأذناك، فقال : إنهما إئتدما فجاءاه، فقالا يا رسول الله : بأي شيء إئتدمنا؟ قال : بلحم أخيكما، والذي نفسي بيده إني لأرى لحمه بين ثناياكما، فقالا : إستغفر لنا يا رسول الله. قال : مراه فليستغفر لكما ».
وأخرج أبو يعلى وابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :« من أكل لحم أخيه في الدنيا قرب له لحمه في الآخرة فيقال له كله ميتاً كما أكلته حياً فإنه ليأكله ويكلح ويصيح ».
وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا وابن مردويه « عن عبيد مولى رسول الله ﷺ أن امرأتين صامتا على عهد رسول الله ﷺ، فجلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يأكلان لحوم الناس، فجاء منهما رسول النبي ﷺ، فقال يا رسول الله : إن ههنا امرأتين صامتا وقد كادتا أن تموتا فقال رسول الله ﷺ : ائتوني بهما فجاءتا فدعا بعس أو قدح، فقال لإحداهما قيئي فقاءت من قيح ودم وصديد حتى قاءت نصف القدح، وقال للأخرى قيئي، فقاءت من قيح ودم وصديد حتى ملأت القدح، فقال رسول الله ﷺ :» إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما وأفطرتا على ما حرم الله عليهما جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يأكلان لحوم الناس « ».
وأخرج ابن مردويه عن أم سلمة أنها سألت عن الغيبة فأخبرت أنها أصبحت يوم الجمعة وغدا رسول الله ﷺ إلى الصلاة، وأتتها جارة لها من نساء الأنصار فاغتابتا وضحكتا برجال ونساء فلم يبرحا على حديثهما من الغيبة حتى أقبل النبي ﷺ منصرفاً من الصلاة، فلما سمعتا صوته سكتتا، فلما قام بباب البيت ألقى طرف ردائه على أنفه، ثم قال : أفّ أخرجا فاستقيئا ثم طهرا بالماء، فخرجت أم سلمة فقاءت لحماً كثيراً قد أحيل، فلما رأت كثرة اللحم تذكرت أحدث لحم أكلته فوجدته في أول جمعتين مضتا، فسألها عما قاءت فأخبرته، فقال : ذاك لحم ظللت تأكلينه فلا تعودي أنت ولا صاحبتك فيما ظللتما فيه من الغيبة، وأخبرتها صاحبتها أنها قاءت مثل الذي قاءت من اللحم.
وأخرج عبد الرزاق والبخاري في الأدب وأبو يعلى وابن المنذر والبيهقي في شعب الإِيمان بسند صحيح « عن أبي هريرة أن ماعزاً لما رجم سمع النبي ﷺ رجلين يقول أحدهما لصاحبه : ألم تر إلى هذا الذي ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب، فسار النبي ﷺ ثم مر بجيفة حمار فقال : أين فلان وفلان إنزلا فكلا من جيفة هذا الحمار فقالا : وهل يؤكل هذا؟ قال : فإنا أكلتكما من أخيكما آنفاً أشد أكلاً منه، والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والبخاري في الأدب والخرائطي عن عمرو بن العاص أنه مر على بغل ميت وهو في نفر من أصحابه فقال : والله لأن يأكل أحدكم من هذا حتى يملأ بطنه خير له من أن يأكل من لحم رجل مسلم.
وأخرج البخاري في الأدب وابن أبي الدنيا عن جابر بن عبد الله قال :« كنا مع رسول الله ﷺ فأتى على قبرين يعذب صاحباهما فقال : إنهما لا يعذبان في كبير، وبكى، أما أحدهما فكان يغتاب الناس، وأما الآخر فكان لا يتأذى من البول فدعا بجريدة رطبة فكسرها، ثم أمر بكل كسرة فغرست على قبر فقال : أما إنه سيهون من عذابهما ما كانا رطبتين ».
وأخرج البخاري في الأدب عن ابن مسعود قال : من اغتيب عنده مؤمن فنصره جزاه الله بها خيراً في الدنيا والآخرة، ومن اغتيب عنده فلم ينصره جزاه الله بها في الدنيا والآخرة شراً، وما التقم أحد لقمة شراً من اغتياب مؤمن، إن قال فيه ما يعلم فقد إغتابه، ومن قال فيه ما لا يعلم فقد بهته.
وأخرج أحمد عن جابر بن عبد الله قال :« كنا مع رسول الله ﷺ فارتفعت ريح جيفة منتنة، فقال رسول الله ﷺ :» أتدرون ما هذه الريح هذه ريح الذين يغتابون الناس « ».
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أنس قال : قال رسول الله ﷺ :« إذا وقع في الرجل وأنت في ملأ فكن للرجل ناصراً وللقوم زاجراً وقم عنهم، ثم تلا هذه الآية ﴿ أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه ﴾ ».
وأخرج أحمد وأبو داود والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله ﷺ :« لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت : من هؤلاء يا جبريل؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ».
وأخرج أحمد وأبو داود والبيهقي وأبو يعلى والطبراني والحاكم عن المستورد أن رسول الله ﷺ قال :« من أكل برجل مسلم أكله فإن الله يطعمه مثلها من جهنم، ومن كسي برجل مسلم ثوباً فإن الله يكسوه مثله من جهنم، ومن قام برجل مقام سمعة أو رياء فإن الله يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة ».
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أنس « أن النبي ﷺ أمر أن يصوموا يوماً ولا يفطرن أحد حتى آذن له، فصام الناس، فلما أمسوا جعل الرجل يجيء إلى رسول الله ﷺ، فيقول : ظللت منذ اليوم صائماً فأذن لي فلأفطرن فيأذن له، حتى جاء رجل فقال يا رسول الله إن فتاتين من أهلك ظلتا منذ اليوم صائمتين فأذن لهما فليفطرا فأعرض عنه، ثم أعاد عليه، فقال رسول الله ﷺ : ما صامتا، وكيف صام من ظل يأكل لحوم الناس، اذهب فمرهما إن كانتا صائمتين أن يستقيئا ففعلتا فقاءت كل واحدة منهما علقمة فأتى النبي ﷺ فأخبره، فقال رسول الله ﷺ : لو صامتا وبقي فيهما لأكلتهما النار ».
وأخرج البيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت : لا يتوضأ أحدكم من الكلمة الخبيثة يقولها لأخيه ويتوضأ من الطعام الحلال.
وأخرج البيهقي عن ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما قالا : الحدث حدثان حدث من فيك وحدث من نومك، وحدث الفم أشد الكذب والغيبة.
وأخرج البيهقي عن إبراهيم قال : الوضوء من الحدث وأذى المسلم.
وأخرج الخرائطي في مساوىء الأخلاق والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما « أن رجلين صليا صلاة الظهر أو العصر وكانا صائمين فلما قضى النبي ﷺ الصلاة قال : أعيدا وضوءكما وصلاتكما وأمضيا في صومكما، واقضيا يوماً آخر مكانه، قالا : لم يا رسول الله؟ قال : قد اغتبتما فلاناً ».
وأخرج الخرائطي وابن مردويه والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت :« أقبلت امرأة قصيرة والنبي ﷺ جالس، قالت : فأشرت بإبهامي إلى النبي ﷺ، فقال النبي ﷺ : لقد اغتبتها ».
وأخرج البيهقي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال :« ذكر رجل عند النبي ﷺ، فقالوا : ما أعجز! فقال رسول الله ﷺ : إغتبتم الرجل، قالوا يا رسول الله : قلنا ما فيه، قال : لو قلتم ما ليس فيه فقد بهتموه ».
وأخرج ابن جرير عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال :« كنا عند رسول الله ﷺ فذكر القوم رجلاً فقالوا : ما يأكل إلا ما أطعم، ولا يرحل إلا ما رحل له، وما أضعفه! فقال رسول الله ﷺ : إغتبتم أخاكم. قالوا يا رسول الله : وغيبة بما يحدث فيه؟ فقال : بحسبكم أن تحدثوا عن أخيكم بما فيه ».
وأخرج أبو داود والدارقطني في الأفراد والخرائطي والطبراني والحاكم وأبو نعيم والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنه : سمعت رسول الله ﷺ يقول :« من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره، ومن مات وعليه دين فليس بالدينار والدرهم، ولكنها الحسنات، ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج ».
وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« اذكروا الله فإن العبد إذا قال سبحان الله وبحمده كتب الله له بها عشراً، ومن عشر إلى مائة، ومن مائة إلى ألف، ومن زاد زاده الله، ومن استغفر غفر الله له، ومن حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره، ومن أعان على خصومة بغير علم فقد باء بسخط من الله، ومن قذف مؤمناً أو مؤمنة حبسه الله في ردغة الخبال حتى يأتي بالمخرج، ومن مات وعليه دين اقتص من حسناته ليس ثم دينار ولا درهم ».
وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« ما من رجل يرمي رجلاً بكلمة تشينه إلا حبسه الله يوم القيامة في طينة الخبال حتى يأتي منها بالمخرج ».
وأخرج البيهقي عن الأوزاعي قال : بلغني أنه يقال للعبد يوم القيامة : قم فخذ حقك من فلان، فيقول : ما لي قبله حق، فيقال : بلى ذكرك يوم كذا وكذا بكذا وكذا.
وأخرج البيهقي عن أنس رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :« الغيبة أشد من الزنا، فإن صاحب الزنا يتوب وصاحب الغيبة ليس له توبة ».
وأخرج البيهقي من طريق غياث بن كلوب الكوفي عن مطرف عن سمرة بن جندب عن أبيه قال : قال رسول الله ﷺ :« إن الله يبغض البيت اللحم » فسألت مطرفاً ما يعني باللحم؟ قال : الذي يغتاب فيه الناس. وبإسناده عن أبيه قال : مر رسول الله ﷺ على رجل بين يدي حجام، وذلك في رمضان، وهما يغتابان رجلاً، فقال : أفطر الحاجم والمحجوم. قال البيهقي : غياث هذا مجهول.
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إن أربى الربا إستطالة المرء في عرض أخيه ».
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن المبارك قال : إذا اغتاب رجل رجلاً فلا يخبره به ولكن يستغفر الله.
وأخرج البيهقي بسند ضعيف عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته ».
وأخرج البيهقي في الشعب عن شعبة قال : الشكاية والتحذير ليسا من الغيبة.
وأخرج البيهقي عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال : ثلاثة ليست لهم غيبة الإِمام الجائر، والفاسق المعلن بفسقه، والمبتدع الذي يدعو الناس إلى بدعته.
وأخرج البيهقي عن الحسن رضي الله عنه قال : ليس لأهل البدع غيبة.
وأخرج البيهقي عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال : إنما الغيبة لمن لم يعلن بالمعاصي.
وأخرج البيهقي وضعفه عن أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال :« من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له ».
وأخرج البيهقي وضعفه من طريق بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله ﷺ :« أترعون عن ذكر الفاجر؟ أذكروه بما فيه كي يعرفه الناس ويحذره الناس ».
وأخرج البيهقي عن الحسن البصري قال : ثلاثة ليس لهم حرمة في الغيبة : فاسق معلن الفسق، والأمير الجائر، وصاحب البدعة المعلن البدعة.
وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عمر قال : قال رسول الله ﷺ :« يجاء بالعبد يوم القيامة فتوضع حسناته في كفة وسيئاته في كفة فترجح السيئات، فتجيء بطاقة فتوضع في كفة الحسنات فترجح بها، فيقول يا رب ما هذه البطاقة؟ فما من عمل عملته في ليلي ونهاري إلا وقد استقبلت به، فقيل : هذا ما قيل فيك وأنت منه بريء فينجو بذلك ».
وأخرج الحكيم الترمذي عن علي بن أبي طالب قال : البهتان على البريء أثقل من السموات.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج وابن مردويه والبيهقي في سننه عن الزهري قال : أمر رسول الله ﷺ بني بياضة أن يزوّجوا أبا هند امرأة منهم، فقالوا : يا رسول الله أتزوّج بناتنا موالينا؟ فأنزل الله ﴿ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ﴾ الآية قال الزهري : نزلت في أبي هند خاصة. قال : وكان أبو هند حجام النبي ﷺ.
وأخرج ابن مردويه من طريق الزهري عن عروة عن عائشة قالت : قال رسول الله ﷺ :« أنكحوا أبا هند وانكحوا إليه » قالت : ونزلت ﴿ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ﴾ الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : ما خلق الله الولد إلا من نطفة الرجل والمرأة جميعاً، وذلك أن الله يقول :﴿ إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب أن هذه الآية في الحجرات ﴿ إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ﴾ هي مكية وهي للعرب خاصة الموالي أي قبيلة لهم وأي شعاب، وقوله ﴿ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾ قال : أتقاكم للشرك.
وأخرج البخاري وابن جرير عن ابن عباس ﴿ وجعلناكم شعوباً وقبائل ﴾ قال : الشعوب القبائل العظام، والقبائل البطون.
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الشعوب الجماع، والقبائل الأفخاذ التي يتعارفون بها.
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عباس ﴿ وجعلناكم شعوباً وقبائل ﴾ قال : القبائل الأفخاذ، والشعوب الجمهور مثل مضر.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ وجعلناكم شعوباً وقبائل ﴾ قال : الشعب هو النسب البعيد، والقبائل كما سمعته يقول فلان من بني فلان.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ﴿ وجعلناكم شعوباً ﴾ قال : النسب البعيد، ﴿ وقبائل ﴾ قال : دون ذلك جعلنا هذا لتعرفوا فلان ابن فلان من كذا وكذا.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال : القبائل رؤوس القبائل، والشعوب الفصائل والأفخاذ.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عمر « أن النبي ﷺ طاف يوم الفتح على راحلته يستلم الأركان بمحجنه، فلما خرج لم يجد مناخاً فنزل على أيدي الرجال فخطبهم، فحمد الله وأثنى عليه وقال : الحمد لله الذي أذهب عنكم عيبة الجاهلية وتكبرها بآبائها، الناس رجلان برٌّ تقيّ كريمٌ على الله وفاجرٌ شقيّ هّينٌ على الله، والناس بنو آدم، وخلق الله آدم من تراب. قال الله ﴿ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ﴾ إلى قوله ﴿ خبير ﴾ ثم قال : أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ».
وأخرج البيهقي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله ﷺ :« إن الله أذهب نخوة الجاهلية وتكبرها بآبائها، كلكم لآدم وحواء كطف الصاع بالصاع، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم، فمن أتاكم ترضون دينه وأمانته فزوجوه ».
وأخرج أحمد وابن جرير وابن مردويه والبيهقي عن عقبة بن عامر أن رسول الله ﷺ قال :« إن أنسابكم هذه ليست بمسيئة على أحد، كلكم بنو آدم طف الصاع لم تملأوه، ليس لأحد على أحد فضل إلا بدين وتقوى إن الله لا يسألكم عن أحسابكم ولا عن أنسابكم يوم القيامة، أكرمكم عند الله أتقاكم ».
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال :« إن الله يقول يوم القيامة أمرتكم فضيعتم ما عهدت إليكم ورفعتم أنسابكم فاليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم، أين المتقون؟ أين المتقون؟ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ».
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ قال :« يقول الله يوم القيامة : أيها الناس إني جعلت نسباً وجعلتم نسباً فجعلت أكرمكم عند الله أتقاكم فأبيتم إلا أن تقولوا فلان أكرم من فلان وفلان أكرم من فلان، وإني اليوم أرفع نسبي وأضع نسبكم، ألا أن أوليائي المتقون ».
وأخرج الخطيب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال النبي ﷺ :« إذا كان يوم القيامة أوقف العباد بين يدي الله تعالى غرلاً بهماً فيقول الله : عبادي أمرتكم فضيعتم أمري، ورفعتم أنسابكم فتفاخرتم بها اليوم أضع أنسابكم، أنا الملك الديّان أين المتقون؟ أين المتقون؟ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ».
وأخرج ابن مردويه عن سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« الناس كلهم بنو آدم، وآدم خلق من التراب، ولا فضل لعربي على عجمي ولا عجمي على عربي ولا أحمر على أبيض ولا أبيض على أحمر إلا بالتقوى ».
وأخرج أحمد عن رجل من بني سليط قال : أتيت النبي ﷺ فسمعته يقول :« المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله، التقوى ههنا، وقال بيده إلى صدره، وما توادَّ رجلان في الله فيفرق بينهما إلا حدث يحدث أحدهما والمحدث شر والمحدث شر والمحدث شر ».
وأخرج البخاري والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :« سئل رسول الله ﷺ : أي الناس أكرم؟ قال :» أكرمهم عند الله أتقاهم، قالوا : ليس عن هذا نسألك، قال : فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله، قالوا : ليس عن هذا نسألك. قال : فعن معادن العرب تسألوني؟ قالوا : نعم. قال : خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإِسلام إذا فقهوا « ».
وأخرج أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال له :« أنظر فإنك لست بخير من أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى ».
وأخرج البخاري في الأدب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا أرى أحداً يعمل بهذه الآية ﴿ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ﴾ حتى بلغ ﴿ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾ فيقول الرجل للرجل أنا أكرم منك فليس أحد أكرم من أحد إلا بتقوى الله.
وأخرج البخاري في الأدب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما تعدون الكرم وقد بين الله الكرم وأكرمكم عند الله أتقاكم، وما تعدون الحسب أفضلكم حسباً أحسنكم خلقاً.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن درة بنت أبي لهب قالت : قام رجل إلى النبي ﷺ وهو على المنبر، فقال : يا رسول الله أي الناس خير؟ فقال :« خير الناس أقرؤهم وأتقاهم لله تعالى وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم ».
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والطبراني والدارقطني والحاكم وصححه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :« الحسب المال والكرم التقوى ».
وأخرج أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما أعجب رسول الله ﷺ شيء من الدنيا ولا أعجبه أحد قط إلا ذو تقوى.
وأخرج الحكيم الترمذي عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« من اتقى الله أهاب الله منه كل شيء، ومن لم يتق الله أهابه الله من كل شيء ».
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إذا أراد الله بعبده خيراً جعل غناه في نفسه وتقاه في قلبه، وإذا أراد الله بعبده شراً جعل فقره بين عينيه ».
وأخرج ابن الضريس في فضائل القرآن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :« جاء رجل إلى النبي ﷺ، فقال : أوصني، فقال :» عليك بتقوى الله فإنها جماع كل خير، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية المسلمين، وعليك بذكر الله وتلاوة كتاب الله فإنه نور لك في الأرض وذكر لك في السماء، وأخزن لسانك إلا من خير فإنك بذلك تغلب الشيطان « ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي نضرة رضي الله عنه أن رجلاً رأى أنه دخل الجنة فرأى مملوكه فوقه مثل الكوكب، فقال والله يا رب إن هذا لمملوكي في الدنيا فما أنزله هذه المنزلة؟ قال : هذا كان أحسن عملاً منك.
وأخرج الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر.
وأخرج البزار عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« كلكم بنو آدم، وآدم خلق من تراب، ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان ».
وأخرج أحمد عن أبي ريحانة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال :« من انتسب إلى تسعة آباء كفار يريد بهم عزاً وكبراً فهو عاشرهم في النار ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« أربع من الجاهلية لا تتركهن أمتي : الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« إثنتان في الناس هما بهما كفر : النياحة والطعن في الأنساب ».
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ قالت الأعراب آمنا ﴾ قال : نزلت في بني أسد.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه ﴿ قالت الأعراب آمنا ﴾ الآية، قال : لم تعم هذه الآية الأعراب، ولكنها الطوائف من الأعراب.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ﴾ قال : لعمري ما عمت هذه الآية الأعراب، إن من الأعراب لمن يؤمن بالله واليوم الآخر، ولكن إنما أنزلت في حيّ من أحياء العرب منوا بالإِسلام على النبيّ ﷺ، وقالوا أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان، فقال الله ﴿ لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإِيمان في قلوبكم ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن داود بن أبي هند أنه سئل عن الإِيمان فتلا هذه الآية ﴿ قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ﴾ قال : الإِسلام الإِقرار، والإِيمان التصديق.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الزهري في الآية قال : ترى أن الإِسلام الكلمة والإِيمان العمل.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن مردويه « عن سعد بن أبي وقاص أن نفراً أتوا رسول الله ﷺ فأعطاهم إلا رجلاً منهم، فقلت : يا رسول الله : أعطيتهم وتركت فلاناً، والله إني لأراه مؤمناً، فقال رسول الله ﷺ : أو مسلم قال ذلك ثلاثاً ».
وأخرج ابن قانع وابن مردويه من طريق الزهري « عن عامر بن سعد عن أبيه أن رسول الله ﷺ قسم قسماً فأعطى أناساً ومنع آخرين، فقلت يا رسول الله : أعطيت فلاناً وفلاناً ومنعت فلاناً وهو مؤمن، فقال : لا تقل مؤمن ولكن قل مسلم » وقال الزهري ﴿ قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ﴾.
وأخرج ابن ماجة وابن مردويه والطبراني والبيهقي في شعب الإِيمان عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« الايمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان ».
وأخرج أحمد وابن مردويه عن أنس عن النبي ﷺ قال :« الإِسلام علانية والإِيمان في القلب، ثم يشير بيده إلى صدره ثلاث مرات، ويقول : التقوى ههنا التقوى ههنا ».
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس ﴿ قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ﴾ الآية قال : وذلك أنهم أرادوا أن يتسموا باسم الهجرة ولا يتسموا بأسمائهم التي سماهم الله، وكان هذا أول الهجرة قبل أن تترك المواريث لهم.
أخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ﴿ لا يلتكم ﴾ بغير ألف ولا همزة مكسورة اللام.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله ﷺ :« إن شهر رمضان فرض عليكم صيامه والصلاة بالليل بعد الفريضة نافلة لكم والله لا يلتكم من أعمالكم شيئاً ».
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله ﴿ لا يلتكم ﴾ قال : لا يظلمكم.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ﴿ لا يلتكم ﴾ لا ينقصكم.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ﴿ لا يلتكم ﴾ قال : لا ينقصكم بلغة بني عبس. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم أما سمعت قول الحطيئة العبسي؟
أبلغ سراة بني سعد مغلغلة | جهد الرسالة لا ألتاً ولا كذباً |
وأخرج النسائي والبزار وابن مردويه عن ابن عباس قال : جاءت بنو أسد إلى رسول الله ﷺ، فقالوا يا رسول الله : أسلمنا وقاتلك العرب ولم نقاتلك، فنزلت هذه الآية ﴿ يمنون عليك أن أسلموا ﴾.
وأخرج ابن الضريس وابن جرير عن أبي قلابة عن النبي ﷺ قال :« أعطيت السبع مكان التوراة، وأعطيت المثاني مكان الإِنجيل، وأعطيت كذا وكذا مكان الزبور، وفضلت بالمفصل ».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن الحسن قال : لما فتحت مكة جاء ناسٌ، فقالوا يا رسول الله : إنا قد أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان، فأنزل الله ﴿ يمنون عليك أن أسلموا ﴾.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال : قدم عشرة رهط من بني أسد على رسول الله ﷺ في أول سنة تسع وفيهم حضرمي بن عامر وضرار بن الأزور ووابصة بن معبد وقتادة بن القائف وسلمة بن حبيش ونقادة بن عبد الله بن خلف وطلحة بن خويلد، ورسول الله ﷺ في المسجد مع أصحابه فسلموا وقال متكلمهم : يا رسول الله إنا شهدنا أن الله وحده لا شريك له، وأنك عبده ورسوله، وجئناك يا رسول الله ولم تبعث إلينا بعثاً، ونحن لمن وراءنا سلم، فأنزل الله ﴿ يمنون عليك أن أسلموا ﴾ الآية.
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله ﷺ :« أعطاني ربي السبع الطوال مكان التوراة والمئين مكان الإِنجيل وفضلت بالمفصل ».
وأخرج ابن الضريس وابن جرير عن أبي قلابة عن النبي ﷺ قال :« أعطيت السبع مكان التوراة، وأعطيت المثاني مكان الإِنجيل، وأعطيت كذا وكذا مكان الزبور، وفضلت بالمفصل ».
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : الطوال مكان التوراة، والمئين كالإِنجيل، والمثاني كالزبور، وسائر القرآن بعد فضل على الكتب.