ﰡ
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
قال البخاري: حدثنا الحسن بن محمد، حدثنا حجّاج عن ابن جريج قال: أخبرني ابن أبي مليكة أنّ عبد الله بن الزبير أخبرهم: أنه قدِم ركبٌ من بني تميم على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال أبو بكر: أمِّرِ القعقاع بن مَعبد، وقال عُمر بل أمّر الأقرع بن حابس. فقال أبو بكر: ما أردت إلى -أو إلا- خلافي، فقال عمر: ما أردتُ خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فنزل في ذلك: (يا أيها الذين آمنوا لا تقدّموا بين يدي الله ورسوله) حتى انقضت الآية.
(صحيح البخاري ٨/٤٥٧ - ك التفسير - سورة الحجرات، ب (الآية) ح٤٨٤٧).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله: (لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) يقول: لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قوله (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) قال. لا تفتاتوا على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بشيء حتى يقضيه الله على لسانه.
قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي... ) قال البخاري: حدثنا يَسَرَة بن صفوان بن جميل اللخمي، حدثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال: كاد الخَيِّران أن يَهلِكا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، رفعا أصواتهما عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين قدم عليه ركب بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل أخر -قال نافع: لا أحفظ اسمه- فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خِلافي، قال ما أردتُ خلافك، فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا
(الصحيح ٨/٤٥٤ - ك التفسير - سورة الحجرات، ب (الآية) ح٤٨٤٥).
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا الحسن بن موسى.
حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، أنه قال: لمَّا نزلت هذه الآية: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) إلى آخر الآية. جلس ثابت بن قيس في بيته وقال: أنا من أهل النار. واحتبس عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فسأل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سعد بن معاذ فقال: "يا أبا عمرو! ما شأن ثابت؟
أشتكى؟ ". قال سعد: إنه لَجَاري. وما علمتُ له بشكوى. قال فأتاه سعد فذكر له قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فقال ثابت: أُنزلت هذه الآية ولقد علمتم أني من أرفعكم صوتاً على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأنا من أهل النار، فذكر ذلك سعد للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "بل هو من أهل الجنة".
(صحيح مسلم ١/١١٠ - ك الإيمان، ب مخافة المؤمن أن يحبط عمله ح١١٩).
قوله تعالى (وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ) كانوا يجهرون له بالكلام، ويرفعون أصواتهم، فوعظهم الله، ونهاهم عن ذلك.
وانظر سورة النور آية (٦٣).
قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ)
قال الحاكم: حدثنا علي بن عبد الله الحكمي ببغداد ثنا العباس بن محمد بن حاتم الدوري، ثنا سعيد بن عامر، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: لما نزلت: (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله) قال
هذا صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. (المستدرك ٢/٤٦٢). وأخرجه أيضاً البيهقي في (المدخل رقم٦٥٣) عن الحاكم، وقد أقر الذهبي الحاكم على تصحيحه على شرط مسلم، ومحمد بن عمرو هو ابن علقمة لم يحتج به مسلم وإنما روى له في المتابعات كما في (تهذيب الكمال ٢٦/٢١٨) وهو حسن الحدث كما قال الذهبي في (الميزان ٣/٦٧٣).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (امتحن الله قلوبهم) قال: أخلص.
قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) في هذه الآية إرشاد إلى الأسلوب اللائق بمقام النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما تقدم في الآية السابقة.
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (٦) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله (إن جاءكم فسق بنبأ) قال: الوليد بن عقبة بن أبي معيط، بعثه نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى بني المصطلق، ليصدقهم، فتلقوه بالهدية فرجع إلى محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: إن بني المصطلق جمعت لتقاتلك".
وأخرجه الطبري بسنده الحسن عن قتادة بنحوه.
قال أحمد: حدثنا محمد بن سابق، ثنا عيسى بن دينار، ثنا أبي، أنه سمع الحارث بن أبي ضرار الخزاعي، قال: قدمت على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فدعاني إلى الإسلام فدخلت فيه وأقررت به، فدعاني إلى الزكاة فأقررت بها وقلت: يا رسول الله أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة، فمن استجاب
فلما غشيهم قال لهم: إلى من بعثتم؟ قالوا: إليك. قال: ولم؟ قالوا: إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله. قال: لا والذي بعث محمداً بالحق ما رأيته بتة ولا أتاني فلما دخل الحارث على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "منعت الزكاة وأردت قتل رسولي". قال: لا والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا أتاني وما أقبلت إلا حين احتبس علي رسول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خشيت أن تكون كانت سخطة من الله عز وجل ورسوله، قال: فنزلت الحجرات (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) إلى هذا المكان: (فضلاً من الله ونعمة والله عليم حكيم).
(المسند ٤/٢٧٩)، وأخرجه ابن أبي حاتم عن المنذر بن شاذان عن محمد بن سابق به (تفسير ابن كثير ٤/٢٠٩)، والطبراني في الكبير (٣/٢٧٤ ح٣٣٩٥) من طريق محمد بن سابق. قال ابن كثير: وقد روي من طرق، ومن أحسنها ما رواه الإمام أحمد... فساق هذا الحديث (التفسير ٤/٣٢١).
وعزاه الهيثمي لأحمد والطبراني، وقال: ورجال أحمد ثقات (مجمع الزوائد ٧/١٠٩)، وقال السيوطي في الدر:... بسند جيد.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب. (السنن ٥/٣٨٨-٣٨٩ - ك التفسير، ب سورة الحجرات ح٣٢٦٩)، وصححه الألباني في (صحيح سنن الترمذي).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (واعلموا أن فيكم رسول الله)... حتى بلغ (لعنتم) هؤلاء أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لو أطاعهم نبي الله في كثير من الأمر لعنتم.
قال ابن كثير: وقوله (واعلموا أن فيكم رسول الله) أي: اعلموا أن بين أظهركم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعظموه ووقروه، وتأدبوا معه، وانقادوا لأمره، فإنه أعلم بمصالحكم، وأشفق عليكم منكم، ورأيه فيكم أتم من رأيكم لأنفسكم، كما قال تعالى (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم). ثم بين أن رأيهم سخيف بالنسبة إلى مراعاة مصالحهم فقال (لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم) أي: لو أطاعكم في جميع ما تختارونه لأدى ذلك إلى عنتكم وحرجكم، كما قال تعالى (ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون).
وانظر سورة البقرة آية (١٨٦) لبيان معنى لفظ: الراشدون.
قوله تعالى (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)
قال مسلم: حدثنا محمد بن عبد الأعلى القيسي. حدثنا المعتمر عن أبيه، عن أنس بن مالك. قال: قيل للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لو أتيتَ عبد الله بن أُبيّ؟ قال: فانطلق إليه. وركب حماراً. وانطلق المسلمون. وهي أرضٌ سَبَخةٌ. فلمّا أتاه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
(صحيح مسلم ٣/١٤٢٤ - ك الجهاد والسير، ب في دعاء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصبره على أذى المنافقين ح١٧٩٩)، (وصحيح البخاري ح٢٦٩١ - ك الصلح، ب ما جاء في الإصلاح). أرض سبخة: هي الأرض التي تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت إلا بعض الشجر. (النهاية لابن الأثير ٢/٣٣٣).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله) فإن الله سبحانه أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمؤمنين إذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين أن يدعوهم إلى حكم الله، وينصف بعضهم من بعض، فإن أجابوا حكم فيهم بكتاب الله، حتى ينصف المظلوم من الظالم، فمن أبي منهم أن يجيب فهو باغ، فحق على إمام المؤمنين أن يجاهدهم ويقاتلهم، حتى يفيئوا إلى أمر الله، ويقروا بحكم الله.
قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ... )
انظر سورة الفتح آية (٢٩) وفيها حديث البخاري عن أبي موسى مرفوعاً: "إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وشبّك أصابعه".
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ…)
قال ابن كثير: ينهى تعالى عن السخرية بالناس، وهو احتقارهم والاستهزاء بهم كما ثبت في الصحيح عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "الكبر بطر الحق وغمص الناس -ويروي: "وغمط الناس" والمراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم، وهذا حرام، فإنه قد يكون المحتقَر أعظم قدرا عند الله وأحب إليه من الساخر منه
والهماز اللماز من الرجال مذموم ملعون، كما قال (ويل لكل همزة لمزة) فالهمز بالفعل واللمز بالقول، كما قال (هماز مشاء بنميم) أي يحتقر الناس ويهمزهم طعنا عليهم، ويمشي بينهم بالنميمة وهي: اللمز بالمقال.
قوله تعالى (وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ…)
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا وهيب، عن داود، عن عامر قال: حدثني أبو جبيرة بن الضحاك قال: نزلت هذه الآية في بني سلمة (ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) قال: قدم علينا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وليس منا رجل إلا وله اسمان أو ثلاثة، فجعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "يا فلان" فيقولون: مه يا رسول الله، إنه يغضب من هذا الاسم، فأنزلت هذه الآية (ولا تنابزوا بالألقاب).
(السنن ٤/٢٩٠، ٢٩١ ح٤٩٦٢ - ك الأدب، ب في الألقاب)، وأخرجه الترمذي (السنن ٥/٣٨٨ ح٣٢٦٨)، وابن ماجة (السنن ٢/١٢٣١ ح٣٧٤١)، وأحمد (المسند ٤/٢٦٠)، والطبري (التفسير - سورة الحجرات ٢٦/١٣٢)، والحاكم (المستدرك ٢/٤٦٣) من طرق عن داود بن أبي هند به.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال الألباني: صحيح (صحيح أبي داود ح٤١٥١، وصحيح الترمذي ح٢٦٠٦).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (لا يسخر قوم من قوم) قال: لا يهزأ قوم بقوم أن يسأل رجل فقير غنياً أو فقيراً، وان تفضل عليه رجل بشيء فلا يستهزئ به.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، في قوله (ولا تلمزوا أنفسكم) قال: لا تطعنوا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله (ولا تلمزوا أنفسكم) يقول: ولا يطعن بعضكم على بعض.
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) قال البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث. ولا تحسسوا ولا تجسسوا، ولا تناجشوا ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا".
(صحيح البخاري ١٠/٤٩٩ - ك الأدب، ب (الآية) ح٦٠٦٦)، (وصحيح مسلم ٤/١٩٨٥ - ك البر والصلة والآداب، ب تحريم الظن... ).
قال أبو داود: حدثنا عيسى بن محمد الرملي، وابن عوف -وهذا لفظه- قالا: ثنا الفريابي، عن سفيان، عن ثور، عن راشد بن سعد، عن معاوية قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم -أو كدت تفسدهم". فقال أبو الدرداء: كلمة سمعها معاوية من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نفعه الله بها.
(السنن ٤/٢٧٢ ح٤٨٨٨ - ك الأدب، ب في النهي عن التجسس)، وأخرجه أبو يعلى في مسنده (١٣/٣٨٢ ح٧٣٧٩)، والطبراني في الكبير (١٩/٣٧٩ ح٨٩٠)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان ٧/٥٠٥-٥٠٦ ح٥٧٣٠) من طرق عن محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان به، قال الحافظ العراقي: رواه أبو داود بإسناد صحيح من حديث معاوية (تخريج أحاديث الإحياء - استخراج الحداد ٣/١١٧٣ ح١٧٣٤).
وصححه الشيخ الألباني (صحيح الجامع رقم ٢٢٩٥-١٠٣٦)، وأخرجه البخاري في (الأدب المفرد ١/٣٤٧ ح٢٤٨ - باب الانبساط إلى الناس) من طريق يحيى بن جابر، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن
معاوية - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كلاما نفعني الله به، سمعت يقول: إنك إذا اتبعت الريبة في الناس أفسدتهم. فإني لا أتبع الريبة فيهم فأفسدهم. وهذه متابعة لراشد بن سعد في روايته عن معاوية. وقد صحح الشيخ الألباني رواية البخاري هذه (صحيح الأدب المفرد ص١١٠ ح١٨٦-٢٤٨).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله: (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن) يقول: نهى الله المؤمن أن يظن بالمومن شرا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله: (ولا تجسسوا) يقول: نهى الله المؤمن أن يتتبع عورات المؤمن.
قال مسلم: حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حُجر. قالوا: حدثنا إسماعيل، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "أتدرون ما الغيبة؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "ذكرك أخاك بما يكره" قيل: أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقول؟ قال: "إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهتّه".
(الصحيح ٤/٢٠٠١ ح٢٥٨٩- ك البر والصلة، ب تحريم الغيبة).
قال البخاري: حدثنا صدقة بن الفضل، أخبرنا ابن عيينة سمعت ابن المنكدر سمعت عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها أخبرته قالت: "استأذن رجل على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: ائذنوا له، بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة. فلما دخل ألان له الكلام. قلتُ يا رسول الله قلتَ الذي قلتَ ثم ألنتَ له الكلام.
قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أي عائشة، إن شرّ الناس من تركه الناس -أو ودعه- اتقاء فحشه".
(الصحيح ١٠/٤٨٦ ح٦٠٥٤ - ك الأدب، ب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب)، وأخرجه مسلم (الصحيح ٤/٢٠٠٢- ٢٠٠٣ - ك الأدب، ب مداراة من يتقي فحشه ح٢٥٩١).
قال أبو داود: حدثنا ابن المصفى: ثنا بقية وأبو المغيرة، قالا: ثنا صفوان، قال: حدثني راشد بن سعد وعبد الرحمن بن جبير، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لمّا عُرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم".
(السنن ٤/٢٦٩-٢٧٠- ك الأدب، ب في الغيبة ح٤٨٧٨)، وأخرجه أحمد في مسنده (٣/٢٢٤)، وأخرجه الضياء المقدسي في (المختارة ٦/٢٦٥-٢٦٦ ح٢٢٨٥، ٢٢٨٦) من طريق شعيب بن شعيب النسائي، عن أبي المغيرة به. قال محققه: إسناده صحيح. وذكره الألباني في (السلسلة الصحيحة ح٥٣٣).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه) يقول: كما أنت كاره لو وجدت جيفة مدودة أن تأكل منها، فكذلك فاكره غيبته وهو حي.
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)
قال الترمذي: حدثنا علي بن حُجْر. أخبرنا عبد الله بن جعفر: حدثنا عبد الله ابن دينار، عن ابن عمر أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ الناسَ يوم فتح مكة، فقال: يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عُبِّيَّةَ الجاهلية وتعاظمها بآبائها، فالناس رجلان. برٌّ تقي كريم على الله، وفاجرٌ شقي هيِّن على الله، والناس بنو آدم، وخلق الله آدم من تراب، قال الله: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير).
(السنن ٥/٣٨٩-٣٩٠ - ك التفسير ح٣٢٧٠)، وصححه الألباني في (صحيح سنن الترمذي).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (شعوبا) قال: النسب البعيد. (وقبائل) دود ذلك.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وجعلناكم شعوبا وقبائل) قال: الشعوب النسب البعيد، والقبائل هي كقوله: فلان من بني فلان، وفلان من بني فلان.
قال البخاري: حدثنا أبو اليمان قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرنا عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعطى رهطاً -وسعد جالس- فترك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجلاً هو أعجبهم إليّ. فقلت: يا رسول الله مالك عن فلان؟ فوالله إني لأراه مؤمناً. فقال: "أو مسلماً" فسكت قليلاً.
ثم غلبني ما أعلم منه، فعدت لمقالتي فقلت: ما لك عن فلان؟ فوالله إني لأراه مؤمناً فقال: "أو مسلماً". ثم غلبني ما أعلم منه، فعدت لمقالتي، وعاد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم قال: "يا سعد، إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه، خشية أن يكبه الله في النار". ورواه يونس وصالح ومعمر وابن أخي الزهري عن الزهري.
(الصحيح ١/٩٩ ح٢٧ - ك الإيمان، ب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة وكان على الاستسلام)، (وأخرجه مسلم الصحيح - الأيمان، ب تالف القلوب من يخاف على إيمانه ١/١٣٢ ح١٥٠).
انظر حديث البخاري الوارد تحت الآية رقم (٦٠) من سورة التوبة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا) ولعمري ما عمت هذه الآية الأعراب، إن من الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر، ولكن إنما أنزلت في حي من أحياء الأعراب امتنوا بإسلامهم على نبي الله - ﷺ -، فقالوا: أسلمنا، ولم نقاتلك، كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان، فقال الله: لا تقولوا آمنا، ولكن قولوا أسلمنا حتى بلغ في قلوبكم.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (لا يلتكم من أعمالكم) لا ينقصكم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (لا يلتكم من أعمالكم شيئا) يقول: لن يظلمكم من أعمالكم شيئا.