تفسير سورة الإنسان

فتح الرحمن في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة الإنسان من كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن .
لمؤلفه تعيلب . المتوفي سنة 2004 هـ
( ٧٦ ) سورة الإنسان مدنية
وآياتها إحدى وثلاثون
كلماتها : ٢٤٠ ؛ حروفها : ١٠٥٣

بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ( ١ ) ﴾
﴿ هل ﴾ للاستفهام أو للتحقيق.
﴿ حين ﴾ مدة، ووقت من الدهر مبهم يصلح لجميع الأزمان كلها، طالت، أو قصرت.
﴿ الدهر ﴾ الأمد الممدود، والزمان الطويل.
قد أتى على الإنسان قدر من الزمان كان فيه معدوما غير موجود ؛ ومضت مدة من الدهر وآدم فيها لم يكن شيئا يذكر في الخليقة ؛ وإن أريد ب ﴿ هل ﴾ الاستفهام فهو الاستفهام التقريري ؛ أو تكون بمعنى [ قد ] التي يراد بها التحقيق ؛ مما نقل الألوسي : أصله على ما قيل :[ أهل ] على أن الاستفهام للتقرير، أي الحمل على الإقرار بما دخلت عليه، والمقرر به : من ينكر البعث ؛ وقد علم أنهم يقولون : نعم قد مضى على الإنسان حين لم يكن كذلك، فيقال : فالذين أوجده بعد أن لم يكن كيف يمتنع عليه إحياؤه بعد موته ؟ وعن ابن عباس وقتادة : هي هنا بمعنى قد، وفسرها بها جماعة من النحاة. اه ؛ و﴿ الإنسان ﴾ ربما يكون المراد به آدم عليه السلام إذ هو أبو البشر وأصل الجنس الإنساني، أي : بقي آدم جسدا مصورا ترابا وطينا، لا يذكر ولا يعرف، ثم نفخ فيه الروح فصار مذكورا ؛ قال يحيى بن سلام : لم يكن شيئا مذكورا في الخلق وإن كان عند الله شيئا مذكورا ؛ ومما أورد القرطبي : أي قد أتى على الإنسان حين لم يكن له قدرة عند الخليقة، ثم لما عرف الله الملائكة أنه جعل آدم خليفة، وحمله الأمانة التي عجزت عنها السماوات والأرض والجبال، ظهر فضله على الكل فصار مذكورا اه. قال قتادة : إنما خلق الإنسان حديثا، ما نعلم من خليقة الله جل ثناؤه خليقة كانت بعد الإنسان.
﴿ إن خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ( ٢ ) ﴾
﴿ نطفة ﴾ ماء قليل ؛ والعرب تسمى كل ماء قليل في وعاء : نطفة.
﴿ أمشاج ﴾ أخلاط.
﴿ نبتليه ﴾ نختبره، ونعامله معاملة المختبر.
استيقنوا يا بني الإنسان بأن نسلكم من ماء قليل مختلط من ماء الرجل وماء المرأة١ ؛ وقيل : يختلط بالعلقة والمضغة دم الحيض فيكون منه بناء وغذاء ؛ ثم بعد أن يتم حمله ويولد، ويشب ويبلغ، نكلفه لنختبر طاعته، ونمتحن صدقه في العبودية على حاليه في العسر واليسر، ولهذا خلقنا سبحانه :﴿ ... ونبلوكم بالشر والخير فتنة ﴾ يختبر شكرنا في السراء، وصبرنا في الضراء ؛ وأعطيناه ما يسمع به الحق، ويبصره به الهدى ؛ فكأن المعنى : خلقناه فجعلنا سميعا بصيرا لنبتليه بالدين ليكون مأمورا بالطاعة، منهيا عن المعصية، حاملا الأمانة.
١ - علم الوراثة يقرر أن الجنين يحمل خصائص كثيرة من أبيه وأخرى من أمه، وهذان بدورهما ورثا كثيرا من خصائص أبويهما، وهكذا؛ ولقد سبق الإسلام فبين للناس من قرون طويلة أن العرق دساس، وأن الصفات الخلقية والخلقية تورث؛ عن ابن عباس: يختلط ماء الرجل وهو أبيض غليظ بماء المرأة وهو أصفر رقيق فيخلق منهما الولد، فما كان من عصب وعظم وقوة فهو من الرجل، وكان من لحم ودم وشعر فهو من ماء المرأة..
﴿ إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ( ٣ ) ﴾
الهدى هديان : هدى بمعنى إحلال اليقين في القلب، وتثبيت الجوارح على الخير والحق ؛ وهدى بمعنى البيان والدلالة والإشارة ؛ والمراد هنا الثاني، فقد بين الله تعالى للإنسان الرشد من الغي، والاستقامة من العوج، فمنهم من آمن ومنهم من كفر.
﴿ إنا اعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا وسعيرا ( ٤ ) ﴾
﴿ أعتدنا ﴾ أعددنا، وهيأنا.
﴿ أغلالا ﴾ جمع غل وهو القيد
﴿ سعيرا ﴾ نارا مسعرة تحرقهم.
وعيد من الله تعالى الواحد القهار للكفار والفجار، بما هيأ لعذابهم المنتقم الجبار، فلهم في الآخرة سلاسل بها يجرون ويسحبون، وأغلال بها يكبلون ويقيدون، ونار ذات لهب ووقود يسعر، هم به يحرقون، وهكذا تكرر إنذارهم بما ينتظرهم ؛ يقول المولى الحق سبحانه :﴿ خذوه فغلوه. ثم الجحيم صلوه. ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه ﴾١ فمن خاف مقام الله العظيم ووعيده فليتق سخطه، وليتبع هداه، من قبل أن تصير جهنم مثواه.
١ - سورة الحاقة. الآيات ٣٠- ٣٢..
﴿ إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ( ٥ ) ﴾
﴿ الأبرار١ الموحدون، الخيرون، المطيعون، المؤدون الحقوق.
﴿ كأس ﴾ إناء فيه شراب، وزجاج به ما يشرب.
﴿ مزاجها ﴾ خلطها، وطعمها، وما يخلط بها.
﴿ كافورا ﴾ أخلاطا تجمع من الطيب، ونباتا له نور أبيض طيب الريح، وعين ماء في الجنة طيب الريح.
وعد من ربنا الحق لا يخلفه أن يسقي المتقين الصالحين المصلحين، المؤدين حق مولاهم وحق المخلوقين- يسقيهم بفضله كأسا حوت أطيب الشراب وأعطره، وألذه وأشهاه، مذاقا ورائحة ؛ عن قتادة : تمزج لهم بالكافور وتختم بالمسك [ وقال مقاتل : ليس بكافور الدنيا ؛ ولكن الله سمى ما عنده بما عندكم حتى تهتدي لها القلوب، وقوله :﴿ كان مزاجها ﴾ ﴿ كان ﴾ زائدة، أي من كأس مزاجها كافور ]٢.
١ - في الصحاح: جمع البر: الأبرار؛ وفي الحديث: (إنما سماهم الله جل ثناؤه الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء..)..
٢ - ما بين العارضتين [ ] مما أورد القرطبي..
﴿ عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا ( ٦ ) ﴾
﴿ عينا ﴾ نصبت على البدل من ﴿ كافورا ﴾ التي ختمت بها الآية السابقة ؛ ويكون المعنى بها- على ما قال الفراء- اسم عين ماء في الجنة ؛ أو نصبت على نزع الخافض، والتقدير : من عين- كما جاء عن الزجاج - ﴿ يشرب بها ﴾ أي يشرب منها أولياء الله وأحبابه الذين عبدوه حق عبادته في الدنيا، يشققونها حيث شاءوا، وتتبعهم حيث أرادوا، وتميل إلى حيث مالوا.
﴿ يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ( ٧ ) ﴾
﴿ يوفون بالنذر ﴾ يتمون العهود ؛ والنذر هو إيجاب المكلف على نفسه عن الطاعات ما لو لم يوجبه لم يلزمه.
﴿ ويخافون ﴾ ويحذرون.
﴿ شره مستطيرا ﴾ هوله فاشيا، وبلاؤه وفزعه منتشرا ممتدا.
ينال الأبرار ما أعد لهم من النعيم جزاء وفائهم بالعقود، وإتمام العهود، وخوفهم من اليوم الموعود، الذي تذهب فيه كل مرضعة عما أرضعت ﴿ .. وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ﴾١، ﴿ يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب ﴾٢، ﴿ وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضى الأمر.. ﴾٣ ؛ وهكذا فمع أداء الطاعات واجتناب المنهيات يبقى المؤمن يحذر الآخرة ؛ وبهذا أثنى القرآن المجيد على أهل الفضل والمزيد، ومما جاء في بيان حالهم :﴿ والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون. أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ﴾٤ بل وهو السبيل إلى النصر على العدو، والطفر بالتمكين والعز ؛ قال الله تبارك وتعالى :﴿ .. لنهلكن الظالمين. ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد ﴾٥ ؛ و﴿ كان ﴾ في هذه الآية قد تكون مسلوبة معنى المضى، كما في قوله تعالى :﴿ .. وكان ربك قديرا ﴾٦ وقوله تبارك اسمه- :﴿ .. إن الله كان توابا رحيما ﴾٧ ؛ يقول القشيري : النذر يندرج فيه ما التزمه بإيمانه من امتثال أمر الله تعالى : قال قتادة : استطار والله شر ذلك اليوم حتى ملأ السماوات فانشقت، وتناثرت الكواكب، وفزعت الملائكة ؛ وفي الأرض نسفت الجبال، وغارت المياه٨.
١ - سورة الحج. من الآية ٢.
٢ - سورة لمائدة. الآية ١٠٩..
٣ - سورة مريم. من الآية ٣٩..
٤ - سورة المؤمنون. الآيتان ٦٠، ٦١..
٥ - سورة إبراهيم. من الآية ١٣، والآية ١٤..
٦ - سورة الفرقان. من الآية ٥٤..
٧ - سورة النساء. من الآية ١٦..
٨ - النقول الثلاثة أوردها القرطبي جـ ١٩ ص ١٢٨..
﴿ مسكينا ﴾ محتاجا أخضعته الحاجة، أو ذليلا ضعيفا.
﴿ يتيما ﴾ صغيرا لا أب له.
﴿ أسيرا ﴾ مملوكا أو سجينا وحبيسا.
﴿ ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ( ٨ ) إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ( ٩ ) إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ( ١٠ ) فوقاهم الله شرا ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا ( ١١ ) ﴾
والأبرار مع حرصهم على الوفاء بإتمام العبادات يستكثرون من القربات والصدقات، والمعروف والأعمال الصالحات، وتنفيس الكرب عن المؤمنين، رجاء أن ينفس الله عنهم كربات يوم الدين ؛ فهم أسخياء كرماء، يبذلون ما يحبون، ولا يشحون به على ما يحتاجون، من فقير أو يتيم أو أسير، ويقولون حين يجودون بلسان الحال أو بلسان المقال- ما نبتغي بإنفاقنا رياء أو سمعة، ولا نطلب عليه مقابلا من ثناء أو محمدة، بل نرجو به رحمة الله ونتقي سخطه وعذابه ؛ فإنا نحذر يوم الجمع يوم التغابن، إنه ليوم الفزع الأكبر، مقداره خمسون ألف سنة، ﴿ وجوه يومئذ عليها غبرة. ترهقها قترة ﴾١، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وفي الحديث :( ينظر أحدكم أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار فمن. استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق ثمرة فليفعل ) ؛ بشرى لهؤلاء المنفقين المحسنين بأن البر الرحيم سيقيهم عذاب الجحيم، ويبيض وجوههم، ويؤمن فزعهم، ويصلح بالهم ﴿ ويدخلهم الجنة عرفها لهم ﴾ ؛ واختلف المفسرون فيمن نزلت هذه الآيات وأطالوا في ذلك٢.
﴿ عبوسا ﴾ ذا عبوس، تعبس فيه الوجوه من عظم كربه.
﴿ قمطريرا ﴾ متطاول البلاء شديد الهول.
﴿ ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ( ٨ ) إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ( ٩ ) إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ( ١٠ ) فوقاهم الله شرا ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا ( ١١ ) ﴾
والأبرار مع حرصهم على الوفاء بإتمام العبادات يستكثرون من القربات والصدقات، والمعروف والأعمال الصالحات، وتنفيس الكرب عن المؤمنين، رجاء أن ينفس الله عنهم كربات يوم الدين ؛ فهم أسخياء كرماء، يبذلون ما يحبون، ولا يشحون به على ما يحتاجون، من فقير أو يتيم أو أسير، ويقولون حين يجودون بلسان الحال أو بلسان المقال- ما نبتغي بإنفاقنا رياء أو سمعة، ولا نطلب عليه مقابلا من ثناء أو محمدة، بل نرجو به رحمة الله ونتقي سخطه وعذابه ؛ فإنا نحذر يوم الجمع يوم التغابن، إنه ليوم الفزع الأكبر، مقداره خمسون ألف سنة، ﴿ وجوه يومئذ عليها غبرة. ترهقها قترة ﴾١، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وفي الحديث :( ينظر أحدكم أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار فمن. استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق ثمرة فليفعل ) ؛ بشرى لهؤلاء المنفقين المحسنين بأن البر الرحيم سيقيهم عذاب الجحيم، ويبيض وجوههم، ويؤمن فزعهم، ويصلح بالهم ﴿ ويدخلهم الجنة عرفها لهم ﴾ ؛ واختلف المفسرون فيمن نزلت هذه الآيات وأطالوا في ذلك٢.
﴿ فوقاهم ﴾ صانهم، ودفع عنهم.
﴿ ولقاهم ﴾ أعطاهم حين لقوه.
﴿ نضرة ﴾ بهاء وحسن.
﴿ وسرورا ﴾ بهجة وفرحا.
﴿ ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ( ٨ ) إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ( ٩ ) إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ( ١٠ ) فوقاهم الله شرا ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا ( ١١ ) ﴾
والأبرار مع حرصهم على الوفاء بإتمام العبادات يستكثرون من القربات والصدقات، والمعروف والأعمال الصالحات، وتنفيس الكرب عن المؤمنين، رجاء أن ينفس الله عنهم كربات يوم الدين ؛ فهم أسخياء كرماء، يبذلون ما يحبون، ولا يشحون به على ما يحتاجون، من فقير أو يتيم أو أسير، ويقولون حين يجودون بلسان الحال أو بلسان المقال- ما نبتغي بإنفاقنا رياء أو سمعة، ولا نطلب عليه مقابلا من ثناء أو محمدة، بل نرجو به رحمة الله ونتقي سخطه وعذابه ؛ فإنا نحذر يوم الجمع يوم التغابن، إنه ليوم الفزع الأكبر، مقداره خمسون ألف سنة، ﴿ وجوه يومئذ عليها غبرة. ترهقها قترة ﴾١، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وفي الحديث :( ينظر أحدكم أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار فمن. استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق ثمرة فليفعل ) ؛ بشرى لهؤلاء المنفقين المحسنين بأن البر الرحيم سيقيهم عذاب الجحيم، ويبيض وجوههم، ويؤمن فزعهم، ويصلح بالهم ﴿ ويدخلهم الجنة عرفها لهم ﴾ ؛ واختلف المفسرون فيمن نزلت هذه الآيات وأطالوا في ذلك٢.
﴿ وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ( ١٢ ) متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ( ١٣ ) ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ( ١٤ ) ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير ( ١٥ ) قوارير من فضة قدروها تقديرا ( ١٦ ) ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ( ١٧ ) عينا فيها تسمى سلسبيلا ( ١٨ ) ﴾
يجزي الله تعالى الأبرار فوق وقايتهم هول الحساب والعذاب، ونضرة الوجوه وبهجة الخواطر يلقونها، لهم من ربنا الغفور والودود لقاء صبرهم على الطاعة وفي السراء والضراء وحين البأس، لهم دخول الجنة، ولبس الحرير، والاتكاء على السرر المزدانة، والظل الظليل، والحياة الناعمة، التي لا حر فيها ولا قر، ليس فيها وهج الشمس، ولا برد الجليد ؛ وقطوف الثمار دانية قريبة منهم، ينالونها قعودا أو قياما أو رقودا، ويطوف عليهم خدم يحملون آنية الشراب، وإنها لعجيبة، وعجيب ما فيها، فهي من فضة ليست كالتي نراها وإنما هي أبيض من الفضة وأصفى من الزجاج، تشف عما بداخلها، ﴿ .. صنع الله الذي أتقن كل شيء... ﴾١ والشراب فيها على قدر حاجة الشارب دون زيادة أو نقصان، وأشربتهم مزاجها وخلطها كل ما لذ طعمه وطاب ريحه من أنهار الجنة وعيونها.
نقل القرطبي عن الترمذي الحكيم ما حاصله : فالتسنيم للمقربين خاصة شربا لهم، والكافور للأبرار شرب لهم ؛ يخرج للأبرار من التسنيم شرابهم، وأما الزنجبيل والسلسبيل فللأبرار منها مزاج، هكذا ذكره في التنزيل وسكت عن ذكر ذلك لمن هي له شرب، فما كان للأبرار مزاج، فهو للمقربين صرف، وما كان للأبرار صرف فهو لسائر أهل الجنة مزاج ؛ والأبرار هم الصادقون ؛ والمقربون هم الصديقون. اه.
أقول : ويشهد لبعض ما ساق الترمذي قول الحق جل علاه :﴿ ومزاجه من تسنيم ﴾٢ وقد جاءت متصلة بقوله سبحانه :﴿ كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين ﴾٣ وقوله تبارك وتعالى :﴿ تعرف في وجوههم نضرة النعيم. يسقون من رحيق مختوم. ختامة مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. ومزاجه من تسنيم ﴾٤ ثم جاء عقب تلك الآية قوله الله تبارك اسمه :﴿ عينا يشرب بها المقربون ﴾٥.
١ -- سورة النمل. من الآية ٨٨..
٢ - سورة المطففين. الآية ٢٧..
٣ - سورة المطففين. الآية ١٨..
٤ - سورة المطففين. الآيات: ٢٤-٢٧..
٥ - سورة المطففين. الآية ٢٨..
﴿ متكئين ﴾ متحاملين على مرافقهم، ومضجعين غير نائمين.
﴿ الأرائك ﴾ الأسرة المزينة، تضرب عليها حجلة [ كالقبة ]، تزين للعروس.
﴿ زمهريرا ﴾ بردا شديدا.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢:﴿ وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ( ١٢ ) متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ( ١٣ ) ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ( ١٤ ) ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير ( ١٥ ) قوارير من فضة قدروها تقديرا ( ١٦ ) ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ( ١٧ ) عينا فيها تسمى سلسبيلا ( ١٨ ) ﴾
يجزي الله تعالى الأبرار فوق وقايتهم هول الحساب والعذاب، ونضرة الوجوه وبهجة الخواطر يلقونها، لهم من ربنا الغفور والودود لقاء صبرهم على الطاعة وفي السراء والضراء وحين البأس، لهم دخول الجنة، ولبس الحرير، والاتكاء على السرر المزدانة، والظل الظليل، والحياة الناعمة، التي لا حر فيها ولا قر، ليس فيها وهج الشمس، ولا برد الجليد ؛ وقطوف الثمار دانية قريبة منهم، ينالونها قعودا أو قياما أو رقودا، ويطوف عليهم خدم يحملون آنية الشراب، وإنها لعجيبة، وعجيب ما فيها، فهي من فضة ليست كالتي نراها وإنما هي أبيض من الفضة وأصفى من الزجاج، تشف عما بداخلها، ﴿.. صنع الله الذي أتقن كل شيء... ﴾١ والشراب فيها على قدر حاجة الشارب دون زيادة أو نقصان، وأشربتهم مزاجها وخلطها كل ما لذ طعمه وطاب ريحه من أنهار الجنة وعيونها.
نقل القرطبي عن الترمذي الحكيم ما حاصله : فالتسنيم للمقربين خاصة شربا لهم، والكافور للأبرار شرب لهم ؛ يخرج للأبرار من التسنيم شرابهم، وأما الزنجبيل والسلسبيل فللأبرار منها مزاج، هكذا ذكره في التنزيل وسكت عن ذكر ذلك لمن هي له شرب، فما كان للأبرار مزاج، فهو للمقربين صرف، وما كان للأبرار صرف فهو لسائر أهل الجنة مزاج ؛ والأبرار هم الصادقون ؛ والمقربون هم الصديقون. اه.
أقول : ويشهد لبعض ما ساق الترمذي قول الحق جل علاه :﴿ ومزاجه من تسنيم ﴾٢ وقد جاءت متصلة بقوله سبحانه :﴿ كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين ﴾٣ وقوله تبارك وتعالى :﴿ تعرف في وجوههم نضرة النعيم. يسقون من رحيق مختوم. ختامة مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. ومزاجه من تسنيم ﴾٤ ثم جاء عقب تلك الآية قوله الله تبارك اسمه :﴿ عينا يشرب بها المقربون ﴾٥.
١ -- سورة النمل. من الآية ٨٨..
٢ - سورة المطففين. الآية ٢٧..
٣ - سورة المطففين. الآية ١٨..
٤ - سورة المطففين. الآيات: ٢٤-٢٧..
٥ - سورة المطففين. الآية ٢٨..

﴿ دانية ﴾ قريبة.
﴿ ذللت ﴾ سخرت ويسرت، وطوعت.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢:﴿ وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ( ١٢ ) متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ( ١٣ ) ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ( ١٤ ) ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير ( ١٥ ) قوارير من فضة قدروها تقديرا ( ١٦ ) ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ( ١٧ ) عينا فيها تسمى سلسبيلا ( ١٨ ) ﴾
يجزي الله تعالى الأبرار فوق وقايتهم هول الحساب والعذاب، ونضرة الوجوه وبهجة الخواطر يلقونها، لهم من ربنا الغفور والودود لقاء صبرهم على الطاعة وفي السراء والضراء وحين البأس، لهم دخول الجنة، ولبس الحرير، والاتكاء على السرر المزدانة، والظل الظليل، والحياة الناعمة، التي لا حر فيها ولا قر، ليس فيها وهج الشمس، ولا برد الجليد ؛ وقطوف الثمار دانية قريبة منهم، ينالونها قعودا أو قياما أو رقودا، ويطوف عليهم خدم يحملون آنية الشراب، وإنها لعجيبة، وعجيب ما فيها، فهي من فضة ليست كالتي نراها وإنما هي أبيض من الفضة وأصفى من الزجاج، تشف عما بداخلها، ﴿.. صنع الله الذي أتقن كل شيء... ﴾١ والشراب فيها على قدر حاجة الشارب دون زيادة أو نقصان، وأشربتهم مزاجها وخلطها كل ما لذ طعمه وطاب ريحه من أنهار الجنة وعيونها.
نقل القرطبي عن الترمذي الحكيم ما حاصله : فالتسنيم للمقربين خاصة شربا لهم، والكافور للأبرار شرب لهم ؛ يخرج للأبرار من التسنيم شرابهم، وأما الزنجبيل والسلسبيل فللأبرار منها مزاج، هكذا ذكره في التنزيل وسكت عن ذكر ذلك لمن هي له شرب، فما كان للأبرار مزاج، فهو للمقربين صرف، وما كان للأبرار صرف فهو لسائر أهل الجنة مزاج ؛ والأبرار هم الصادقون ؛ والمقربون هم الصديقون. اه.
أقول : ويشهد لبعض ما ساق الترمذي قول الحق جل علاه :﴿ ومزاجه من تسنيم ﴾٢ وقد جاءت متصلة بقوله سبحانه :﴿ كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين ﴾٣ وقوله تبارك وتعالى :﴿ تعرف في وجوههم نضرة النعيم. يسقون من رحيق مختوم. ختامة مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. ومزاجه من تسنيم ﴾٤ ثم جاء عقب تلك الآية قوله الله تبارك اسمه :﴿ عينا يشرب بها المقربون ﴾٥.
١ -- سورة النمل. من الآية ٨٨..
٢ - سورة المطففين. الآية ٢٧..
٣ - سورة المطففين. الآية ١٨..
٤ - سورة المطففين. الآيات: ٢٤-٢٧..
٥ - سورة المطففين. الآية ٢٨..

﴿ قوارير ﴾ صافية شفافة كالزجاج.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢:﴿ وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ( ١٢ ) متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ( ١٣ ) ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ( ١٤ ) ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير ( ١٥ ) قوارير من فضة قدروها تقديرا ( ١٦ ) ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ( ١٧ ) عينا فيها تسمى سلسبيلا ( ١٨ ) ﴾
يجزي الله تعالى الأبرار فوق وقايتهم هول الحساب والعذاب، ونضرة الوجوه وبهجة الخواطر يلقونها، لهم من ربنا الغفور والودود لقاء صبرهم على الطاعة وفي السراء والضراء وحين البأس، لهم دخول الجنة، ولبس الحرير، والاتكاء على السرر المزدانة، والظل الظليل، والحياة الناعمة، التي لا حر فيها ولا قر، ليس فيها وهج الشمس، ولا برد الجليد ؛ وقطوف الثمار دانية قريبة منهم، ينالونها قعودا أو قياما أو رقودا، ويطوف عليهم خدم يحملون آنية الشراب، وإنها لعجيبة، وعجيب ما فيها، فهي من فضة ليست كالتي نراها وإنما هي أبيض من الفضة وأصفى من الزجاج، تشف عما بداخلها، ﴿.. صنع الله الذي أتقن كل شيء... ﴾١ والشراب فيها على قدر حاجة الشارب دون زيادة أو نقصان، وأشربتهم مزاجها وخلطها كل ما لذ طعمه وطاب ريحه من أنهار الجنة وعيونها.
نقل القرطبي عن الترمذي الحكيم ما حاصله : فالتسنيم للمقربين خاصة شربا لهم، والكافور للأبرار شرب لهم ؛ يخرج للأبرار من التسنيم شرابهم، وأما الزنجبيل والسلسبيل فللأبرار منها مزاج، هكذا ذكره في التنزيل وسكت عن ذكر ذلك لمن هي له شرب، فما كان للأبرار مزاج، فهو للمقربين صرف، وما كان للأبرار صرف فهو لسائر أهل الجنة مزاج ؛ والأبرار هم الصادقون ؛ والمقربون هم الصديقون. اه.
أقول : ويشهد لبعض ما ساق الترمذي قول الحق جل علاه :﴿ ومزاجه من تسنيم ﴾٢ وقد جاءت متصلة بقوله سبحانه :﴿ كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين ﴾٣ وقوله تبارك وتعالى :﴿ تعرف في وجوههم نضرة النعيم. يسقون من رحيق مختوم. ختامة مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. ومزاجه من تسنيم ﴾٤ ثم جاء عقب تلك الآية قوله الله تبارك اسمه :﴿ عينا يشرب بها المقربون ﴾٥.
١ -- سورة النمل. من الآية ٨٨..
٢ - سورة المطففين. الآية ٢٧..
٣ - سورة المطففين. الآية ١٨..
٤ - سورة المطففين. الآيات: ٢٤-٢٧..
٥ - سورة المطففين. الآية ٢٨..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢:﴿ وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ( ١٢ ) متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ( ١٣ ) ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ( ١٤ ) ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير ( ١٥ ) قوارير من فضة قدروها تقديرا ( ١٦ ) ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ( ١٧ ) عينا فيها تسمى سلسبيلا ( ١٨ ) ﴾
يجزي الله تعالى الأبرار فوق وقايتهم هول الحساب والعذاب، ونضرة الوجوه وبهجة الخواطر يلقونها، لهم من ربنا الغفور والودود لقاء صبرهم على الطاعة وفي السراء والضراء وحين البأس، لهم دخول الجنة، ولبس الحرير، والاتكاء على السرر المزدانة، والظل الظليل، والحياة الناعمة، التي لا حر فيها ولا قر، ليس فيها وهج الشمس، ولا برد الجليد ؛ وقطوف الثمار دانية قريبة منهم، ينالونها قعودا أو قياما أو رقودا، ويطوف عليهم خدم يحملون آنية الشراب، وإنها لعجيبة، وعجيب ما فيها، فهي من فضة ليست كالتي نراها وإنما هي أبيض من الفضة وأصفى من الزجاج، تشف عما بداخلها، ﴿.. صنع الله الذي أتقن كل شيء... ﴾١ والشراب فيها على قدر حاجة الشارب دون زيادة أو نقصان، وأشربتهم مزاجها وخلطها كل ما لذ طعمه وطاب ريحه من أنهار الجنة وعيونها.
نقل القرطبي عن الترمذي الحكيم ما حاصله : فالتسنيم للمقربين خاصة شربا لهم، والكافور للأبرار شرب لهم ؛ يخرج للأبرار من التسنيم شرابهم، وأما الزنجبيل والسلسبيل فللأبرار منها مزاج، هكذا ذكره في التنزيل وسكت عن ذكر ذلك لمن هي له شرب، فما كان للأبرار مزاج، فهو للمقربين صرف، وما كان للأبرار صرف فهو لسائر أهل الجنة مزاج ؛ والأبرار هم الصادقون ؛ والمقربون هم الصديقون. اه.
أقول : ويشهد لبعض ما ساق الترمذي قول الحق جل علاه :﴿ ومزاجه من تسنيم ﴾٢ وقد جاءت متصلة بقوله سبحانه :﴿ كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين ﴾٣ وقوله تبارك وتعالى :﴿ تعرف في وجوههم نضرة النعيم. يسقون من رحيق مختوم. ختامة مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. ومزاجه من تسنيم ﴾٤ ثم جاء عقب تلك الآية قوله الله تبارك اسمه :﴿ عينا يشرب بها المقربون ﴾٥.
١ -- سورة النمل. من الآية ٨٨..
٢ - سورة المطففين. الآية ٢٧..
٣ - سورة المطففين. الآية ١٨..
٤ - سورة المطففين. الآيات: ٢٤-٢٧..
٥ - سورة المطففين. الآية ٢٨..

﴿ كأسا ﴾ إناء فيه الشراب.
﴿ زنجبيلا ﴾ الشراب الطيب الرائحة ؛ أو اسم عين في الجنة.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢:﴿ وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ( ١٢ ) متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ( ١٣ ) ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ( ١٤ ) ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير ( ١٥ ) قوارير من فضة قدروها تقديرا ( ١٦ ) ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ( ١٧ ) عينا فيها تسمى سلسبيلا ( ١٨ ) ﴾
يجزي الله تعالى الأبرار فوق وقايتهم هول الحساب والعذاب، ونضرة الوجوه وبهجة الخواطر يلقونها، لهم من ربنا الغفور والودود لقاء صبرهم على الطاعة وفي السراء والضراء وحين البأس، لهم دخول الجنة، ولبس الحرير، والاتكاء على السرر المزدانة، والظل الظليل، والحياة الناعمة، التي لا حر فيها ولا قر، ليس فيها وهج الشمس، ولا برد الجليد ؛ وقطوف الثمار دانية قريبة منهم، ينالونها قعودا أو قياما أو رقودا، ويطوف عليهم خدم يحملون آنية الشراب، وإنها لعجيبة، وعجيب ما فيها، فهي من فضة ليست كالتي نراها وإنما هي أبيض من الفضة وأصفى من الزجاج، تشف عما بداخلها، ﴿.. صنع الله الذي أتقن كل شيء... ﴾١ والشراب فيها على قدر حاجة الشارب دون زيادة أو نقصان، وأشربتهم مزاجها وخلطها كل ما لذ طعمه وطاب ريحه من أنهار الجنة وعيونها.
نقل القرطبي عن الترمذي الحكيم ما حاصله : فالتسنيم للمقربين خاصة شربا لهم، والكافور للأبرار شرب لهم ؛ يخرج للأبرار من التسنيم شرابهم، وأما الزنجبيل والسلسبيل فللأبرار منها مزاج، هكذا ذكره في التنزيل وسكت عن ذكر ذلك لمن هي له شرب، فما كان للأبرار مزاج، فهو للمقربين صرف، وما كان للأبرار صرف فهو لسائر أهل الجنة مزاج ؛ والأبرار هم الصادقون ؛ والمقربون هم الصديقون. اه.
أقول : ويشهد لبعض ما ساق الترمذي قول الحق جل علاه :﴿ ومزاجه من تسنيم ﴾٢ وقد جاءت متصلة بقوله سبحانه :﴿ كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين ﴾٣ وقوله تبارك وتعالى :﴿ تعرف في وجوههم نضرة النعيم. يسقون من رحيق مختوم. ختامة مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. ومزاجه من تسنيم ﴾٤ ثم جاء عقب تلك الآية قوله الله تبارك اسمه :﴿ عينا يشرب بها المقربون ﴾٥.
١ -- سورة النمل. من الآية ٨٨..
٢ - سورة المطففين. الآية ٢٧..
٣ - سورة المطففين. الآية ١٨..
٤ - سورة المطففين. الآيات: ٢٤-٢٧..
٥ - سورة المطففين. الآية ٢٨..

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٢:﴿ وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ( ١٢ ) متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ( ١٣ ) ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ( ١٤ ) ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير ( ١٥ ) قوارير من فضة قدروها تقديرا ( ١٦ ) ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا ( ١٧ ) عينا فيها تسمى سلسبيلا ( ١٨ ) ﴾
يجزي الله تعالى الأبرار فوق وقايتهم هول الحساب والعذاب، ونضرة الوجوه وبهجة الخواطر يلقونها، لهم من ربنا الغفور والودود لقاء صبرهم على الطاعة وفي السراء والضراء وحين البأس، لهم دخول الجنة، ولبس الحرير، والاتكاء على السرر المزدانة، والظل الظليل، والحياة الناعمة، التي لا حر فيها ولا قر، ليس فيها وهج الشمس، ولا برد الجليد ؛ وقطوف الثمار دانية قريبة منهم، ينالونها قعودا أو قياما أو رقودا، ويطوف عليهم خدم يحملون آنية الشراب، وإنها لعجيبة، وعجيب ما فيها، فهي من فضة ليست كالتي نراها وإنما هي أبيض من الفضة وأصفى من الزجاج، تشف عما بداخلها، ﴿.. صنع الله الذي أتقن كل شيء... ﴾١ والشراب فيها على قدر حاجة الشارب دون زيادة أو نقصان، وأشربتهم مزاجها وخلطها كل ما لذ طعمه وطاب ريحه من أنهار الجنة وعيونها.
نقل القرطبي عن الترمذي الحكيم ما حاصله : فالتسنيم للمقربين خاصة شربا لهم، والكافور للأبرار شرب لهم ؛ يخرج للأبرار من التسنيم شرابهم، وأما الزنجبيل والسلسبيل فللأبرار منها مزاج، هكذا ذكره في التنزيل وسكت عن ذكر ذلك لمن هي له شرب، فما كان للأبرار مزاج، فهو للمقربين صرف، وما كان للأبرار صرف فهو لسائر أهل الجنة مزاج ؛ والأبرار هم الصادقون ؛ والمقربون هم الصديقون. اه.
أقول : ويشهد لبعض ما ساق الترمذي قول الحق جل علاه :﴿ ومزاجه من تسنيم ﴾٢ وقد جاءت متصلة بقوله سبحانه :﴿ كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين ﴾٣ وقوله تبارك وتعالى :﴿ تعرف في وجوههم نضرة النعيم. يسقون من رحيق مختوم. ختامة مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. ومزاجه من تسنيم ﴾٤ ثم جاء عقب تلك الآية قوله الله تبارك اسمه :﴿ عينا يشرب بها المقربون ﴾٥.
١ -- سورة النمل. من الآية ٨٨..
٢ - سورة المطففين. الآية ٢٧..
٣ - سورة المطففين. الآية ١٨..
٤ - سورة المطففين. الآيات: ٢٤-٢٧..
٥ - سورة المطففين. الآية ٢٨..

﴿ حسبتهم ﴾ ظننتهم.
﴿ *ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ( ١٩ ) وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا ( ٢٠ ) عليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا ( ٢١ ) إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ( ٢٢ ) ﴾
والذين يطوفون على أهل النعيم والتكريم خدم من الغلمان فإنهم أخف في الخدمة- ﴿ مخلدون ﴾ باقون على ما هم عليه من الشباب والغضاضة والحسن لا يهرمون ولا يتغيرون ويكونون على سن واحدة على مر الأزمنة١- وتظنهم حين تنظر إليهم لؤلؤا متفرقا في جوانب المكان، وهذا أبهى مما لو كان منظوما ؛ وإنما جاء في وصف الحور العين ﴿ كأمثال اللؤلؤ المكنون ﴾٢ لأنهم مقصورات في خدورهن وخيامهن وقصورهن لا يطفن للخدمة، وأما الولدان فإنهم سراع في الخدمة يتفرقون حول المخدوم وينبثون ويتناثرون هنا وهناك ؛ وحين تبصر النعيم الذي هناك في الجنة تجده نعيما يفوق كل نعيم، وملكا لا يضاهيه ملك من الذي يعرف الناس ؛ ولباس أهل الجنة حرير رقيق يلي الجسد، وغليظ يعلوه للزينة، كلاهما أخضر اللون ؛ ويحلى أهل الجنة بأساور الذهب والجواهر وأساور الفضة، ذكرت الفضة في هذه الآية، وجاء ذكر الذهب في آية كريمة أخرى :﴿ إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ﴾٣.
وفي آية كريمة ثانية يقول الله جل علاه :﴿ جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ﴾٤ وآية مباركة ثالثة :﴿ أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا ﴾٥.
﴿ وسقاهم ربهم شرابا طهورا ﴾ ويسقي الله تعالى أهل النعيم والكرامة شرابا لا رجس فيه كشراب الدنيا بل تطهر به الأجساد والأرواح فلا قذر بعد ذلك، بل العرق الذي كرشح المسك، ولا غل ولا ضغن، بل الأخوة والألفة- وعد الله لا يخلف الله وعده- ﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ﴾٦ ثم يقال لهم تكريما، وتنعيما لأرواحهم- ﴿ إن هذا لكم جزاء ﴾ هذا ثواب ما عملتم وأجركم على ما قدمتم ؛ تجاوز الغفور والشكور عن السيآت، وتقبل الطاعات والأعمال الصالحات، وضاعف الحسنات ؛ وعد الصدق الذي كنتم توعدون.
يقول بعض اللغويين :﴿ عاليهم ﴾ خبر مقدم، و﴿ ثياب ﴾ مبتدأ مؤخر، و﴿ خضر ﴾ صفة لثياب، كالذي وصفت به في قوله سبحانه ﴿ ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق ﴾.
ومما قال الألوسي : ولا ينافي ما هنا قوله تعالى :﴿ أساور من ذهب ﴾ لإمكان الجمع بتعدد الأساور لكل، والمعاقبة بلبس الذهب تارة والفضة أخرى، والتبعيض بأن يكون أساور بعض ذهبا وبعض فضة لاختلاف الأعمال.. استشكل بأنها لا تليق بالرجل وإنما تليق بالنساء والولدان، وأجيب بأن ذلك مما يختلف باختلاف العادات والطبائع ؛ ونشأة الآخرة غير هذه النشأة، ومن المشاهد في الدنيا أن بعض ملوكها يتحلون بأعضادهم وعلى تيجانهم وعلى صدورهم ببعض أنواع الحلي.. فلا يبعد أن يكون من طباع أهل الجنة في الجنة الميل إلى الحلي : لا سيما وهم جرد مرد.. اهـ
﴿ ثم ﴾ هناك، في الجنة.
﴿ *ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ( ١٩ ) وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا ( ٢٠ ) عليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا ( ٢١ ) إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ( ٢٢ ) ﴾
والذين يطوفون على أهل النعيم والتكريم خدم من الغلمان فإنهم أخف في الخدمة- ﴿ مخلدون ﴾ باقون على ما هم عليه من الشباب والغضاضة والحسن لا يهرمون ولا يتغيرون ويكونون على سن واحدة على مر الأزمنة١- وتظنهم حين تنظر إليهم لؤلؤا متفرقا في جوانب المكان، وهذا أبهى مما لو كان منظوما ؛ وإنما جاء في وصف الحور العين ﴿ كأمثال اللؤلؤ المكنون ﴾٢ لأنهم مقصورات في خدورهن وخيامهن وقصورهن لا يطفن للخدمة، وأما الولدان فإنهم سراع في الخدمة يتفرقون حول المخدوم وينبثون ويتناثرون هنا وهناك ؛ وحين تبصر النعيم الذي هناك في الجنة تجده نعيما يفوق كل نعيم، وملكا لا يضاهيه ملك من الذي يعرف الناس ؛ ولباس أهل الجنة حرير رقيق يلي الجسد، وغليظ يعلوه للزينة، كلاهما أخضر اللون ؛ ويحلى أهل الجنة بأساور الذهب والجواهر وأساور الفضة، ذكرت الفضة في هذه الآية، وجاء ذكر الذهب في آية كريمة أخرى :﴿ إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ﴾٣.
وفي آية كريمة ثانية يقول الله جل علاه :﴿ جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ﴾٤ وآية مباركة ثالثة :﴿ أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا ﴾٥.
﴿ وسقاهم ربهم شرابا طهورا ﴾ ويسقي الله تعالى أهل النعيم والكرامة شرابا لا رجس فيه كشراب الدنيا بل تطهر به الأجساد والأرواح فلا قذر بعد ذلك، بل العرق الذي كرشح المسك، ولا غل ولا ضغن، بل الأخوة والألفة- وعد الله لا يخلف الله وعده- ﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ﴾٦ ثم يقال لهم تكريما، وتنعيما لأرواحهم- ﴿ إن هذا لكم جزاء ﴾ هذا ثواب ما عملتم وأجركم على ما قدمتم ؛ تجاوز الغفور والشكور عن السيآت، وتقبل الطاعات والأعمال الصالحات، وضاعف الحسنات ؛ وعد الصدق الذي كنتم توعدون.
يقول بعض اللغويين :﴿ عاليهم ﴾ خبر مقدم، و﴿ ثياب ﴾ مبتدأ مؤخر، و﴿ خضر ﴾ صفة لثياب، كالذي وصفت به في قوله سبحانه ﴿ ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق ﴾.
ومما قال الألوسي : ولا ينافي ما هنا قوله تعالى :﴿ أساور من ذهب ﴾ لإمكان الجمع بتعدد الأساور لكل، والمعاقبة بلبس الذهب تارة والفضة أخرى، والتبعيض بأن يكون أساور بعض ذهبا وبعض فضة لاختلاف الأعمال.. استشكل بأنها لا تليق بالرجل وإنما تليق بالنساء والولدان، وأجيب بأن ذلك مما يختلف باختلاف العادات والطبائع ؛ ونشأة الآخرة غير هذه النشأة، ومن المشاهد في الدنيا أن بعض ملوكها يتحلون بأعضادهم وعلى تيجانهم وعلى صدورهم ببعض أنواع الحلي.. فلا يبعد أن يكون من طباع أهل الجنة في الجنة الميل إلى الحلي : لا سيما وهم جرد مرد.. اهـ
﴿ سندس ﴾ الرقيق من الحرير.
﴿ واستبرق ﴾ والغليظ من الحرير.
﴿ *ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ( ١٩ ) وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا ( ٢٠ ) عليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا ( ٢١ ) إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ( ٢٢ ) ﴾
والذين يطوفون على أهل النعيم والتكريم خدم من الغلمان فإنهم أخف في الخدمة- ﴿ مخلدون ﴾ باقون على ما هم عليه من الشباب والغضاضة والحسن لا يهرمون ولا يتغيرون ويكونون على سن واحدة على مر الأزمنة١- وتظنهم حين تنظر إليهم لؤلؤا متفرقا في جوانب المكان، وهذا أبهى مما لو كان منظوما ؛ وإنما جاء في وصف الحور العين ﴿ كأمثال اللؤلؤ المكنون ﴾٢ لأنهم مقصورات في خدورهن وخيامهن وقصورهن لا يطفن للخدمة، وأما الولدان فإنهم سراع في الخدمة يتفرقون حول المخدوم وينبثون ويتناثرون هنا وهناك ؛ وحين تبصر النعيم الذي هناك في الجنة تجده نعيما يفوق كل نعيم، وملكا لا يضاهيه ملك من الذي يعرف الناس ؛ ولباس أهل الجنة حرير رقيق يلي الجسد، وغليظ يعلوه للزينة، كلاهما أخضر اللون ؛ ويحلى أهل الجنة بأساور الذهب والجواهر وأساور الفضة، ذكرت الفضة في هذه الآية، وجاء ذكر الذهب في آية كريمة أخرى :﴿ إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ﴾٣.
وفي آية كريمة ثانية يقول الله جل علاه :﴿ جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ﴾٤ وآية مباركة ثالثة :﴿ أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا ﴾٥.
﴿ وسقاهم ربهم شرابا طهورا ﴾ ويسقي الله تعالى أهل النعيم والكرامة شرابا لا رجس فيه كشراب الدنيا بل تطهر به الأجساد والأرواح فلا قذر بعد ذلك، بل العرق الذي كرشح المسك، ولا غل ولا ضغن، بل الأخوة والألفة- وعد الله لا يخلف الله وعده- ﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ﴾٦ ثم يقال لهم تكريما، وتنعيما لأرواحهم- ﴿ إن هذا لكم جزاء ﴾ هذا ثواب ما عملتم وأجركم على ما قدمتم ؛ تجاوز الغفور والشكور عن السيآت، وتقبل الطاعات والأعمال الصالحات، وضاعف الحسنات ؛ وعد الصدق الذي كنتم توعدون.
يقول بعض اللغويين :﴿ عاليهم ﴾ خبر مقدم، و﴿ ثياب ﴾ مبتدأ مؤخر، و﴿ خضر ﴾ صفة لثياب، كالذي وصفت به في قوله سبحانه ﴿ ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق ﴾.
ومما قال الألوسي : ولا ينافي ما هنا قوله تعالى :﴿ أساور من ذهب ﴾ لإمكان الجمع بتعدد الأساور لكل، والمعاقبة بلبس الذهب تارة والفضة أخرى، والتبعيض بأن يكون أساور بعض ذهبا وبعض فضة لاختلاف الأعمال.. استشكل بأنها لا تليق بالرجل وإنما تليق بالنساء والولدان، وأجيب بأن ذلك مما يختلف باختلاف العادات والطبائع ؛ ونشأة الآخرة غير هذه النشأة، ومن المشاهد في الدنيا أن بعض ملوكها يتحلون بأعضادهم وعلى تيجانهم وعلى صدورهم ببعض أنواع الحلي.. فلا يبعد أن يكون من طباع أهل الجنة في الجنة الميل إلى الحلي : لا سيما وهم جرد مرد.. اهـ
﴿ *ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا ( ١٩ ) وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا ( ٢٠ ) عليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا ( ٢١ ) إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ( ٢٢ ) ﴾
والذين يطوفون على أهل النعيم والتكريم خدم من الغلمان فإنهم أخف في الخدمة- ﴿ مخلدون ﴾ باقون على ما هم عليه من الشباب والغضاضة والحسن لا يهرمون ولا يتغيرون ويكونون على سن واحدة على مر الأزمنة١- وتظنهم حين تنظر إليهم لؤلؤا متفرقا في جوانب المكان، وهذا أبهى مما لو كان منظوما ؛ وإنما جاء في وصف الحور العين ﴿ كأمثال اللؤلؤ المكنون ﴾٢ لأنهم مقصورات في خدورهن وخيامهن وقصورهن لا يطفن للخدمة، وأما الولدان فإنهم سراع في الخدمة يتفرقون حول المخدوم وينبثون ويتناثرون هنا وهناك ؛ وحين تبصر النعيم الذي هناك في الجنة تجده نعيما يفوق كل نعيم، وملكا لا يضاهيه ملك من الذي يعرف الناس ؛ ولباس أهل الجنة حرير رقيق يلي الجسد، وغليظ يعلوه للزينة، كلاهما أخضر اللون ؛ ويحلى أهل الجنة بأساور الذهب والجواهر وأساور الفضة، ذكرت الفضة في هذه الآية، وجاء ذكر الذهب في آية كريمة أخرى :﴿ إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ﴾٣.
وفي آية كريمة ثانية يقول الله جل علاه :﴿ جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ﴾٤ وآية مباركة ثالثة :﴿ أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا ﴾٥.
﴿ وسقاهم ربهم شرابا طهورا ﴾ ويسقي الله تعالى أهل النعيم والكرامة شرابا لا رجس فيه كشراب الدنيا بل تطهر به الأجساد والأرواح فلا قذر بعد ذلك، بل العرق الذي كرشح المسك، ولا غل ولا ضغن، بل الأخوة والألفة- وعد الله لا يخلف الله وعده- ﴿ ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين ﴾٦ ثم يقال لهم تكريما، وتنعيما لأرواحهم- ﴿ إن هذا لكم جزاء ﴾ هذا ثواب ما عملتم وأجركم على ما قدمتم ؛ تجاوز الغفور والشكور عن السيآت، وتقبل الطاعات والأعمال الصالحات، وضاعف الحسنات ؛ وعد الصدق الذي كنتم توعدون.
يقول بعض اللغويين :﴿ عاليهم ﴾ خبر مقدم، و﴿ ثياب ﴾ مبتدأ مؤخر، و﴿ خضر ﴾ صفة لثياب، كالذي وصفت به في قوله سبحانه ﴿ ويلبسون ثيابا خضرا من سندس واستبرق ﴾.
ومما قال الألوسي : ولا ينافي ما هنا قوله تعالى :﴿ أساور من ذهب ﴾ لإمكان الجمع بتعدد الأساور لكل، والمعاقبة بلبس الذهب تارة والفضة أخرى، والتبعيض بأن يكون أساور بعض ذهبا وبعض فضة لاختلاف الأعمال.. استشكل بأنها لا تليق بالرجل وإنما تليق بالنساء والولدان، وأجيب بأن ذلك مما يختلف باختلاف العادات والطبائع ؛ ونشأة الآخرة غير هذه النشأة، ومن المشاهد في الدنيا أن بعض ملوكها يتحلون بأعضادهم وعلى تيجانهم وعلى صدورهم ببعض أنواع الحلي.. فلا يبعد أن يكون من طباع أهل الجنة في الجنة الميل إلى الحلي : لا سيما وهم جرد مرد.. اهـ
﴿ نزلنا عليك القرآن ﴾ أمرنا ملك الوحي فنزل عليك بالقرآن آيات آيات وليس جملة واحدة.
﴿ إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ( ٢٣ ) فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا ( ٢٤ ) واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ( ٢٥ ) ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ( ٢٦ ) ﴾
بعد أن تضمنت الآية الرابعة وعيد الكافرين والآيات الثمان عشرة التالية لها وعد الله تعالى عباده الأخيار الأبرار. جاءت هذه الآيات تثبت فؤاد النبي المختار، وتعهد إلى أمة القرآن أن تستديم تقديس الفرقان، وتصبر على الوفاء بعهد الله، وتحذر طاعة الكفار والفساق العصاة، وتحافظ على إقامة الصلاة، وتحيي ليلها بالتهجد والاستغفار بالأسحار، وتلاوة الكتاب المجيد وتسبيح العزيز الغفار ؛ ﴿ إنا نحن نزلنا عليك القرآن ﴾ حق اليقين أنا نحن لا سوانا أردنا أن يتنزل عليك الفرقان متفرقا آيات بعد آيات تيسيرا عليك وعلى أمتك في حفظه وتدبره والعمل به، وتقوية لحجتك :﴿ ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ﴾١، وذكرى بأن العاقبة للمتقين، وعظة تتعاقب على مر السنين، ولقد جاءت هذه الشهادة من الله الحق بكلمات حكيمة ﴿ إنا ﴾ بالتوكيد ؛ ﴿ ونحن ﴾ لتوكيد اسم إن ؛ و﴿ تنزيلا ﴾ الذي هو مصدر مؤكد لفعله ؛ فاصبروا على الوفاء بعهد الله وأماناته، وما شرع لكم، وعلى ما تلاقونه في سبيل نصرة دينكم، ولا تستجيبوا لشيء مما يدعوكم إليه أهل الكفر وأهل الفسوق، فإنهم لا يألونكم خبالا ﴿ ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء... ﴾٢. [ قال الفراء : لا تطع واحدا منهما سواء كان آثما أو كفورا، ولو كان العطف بالواو كان نصا في النهي عن طاعتهما معا ولا يلزم منه النهي عن طاعة كل منهما على الانفراد ]٣ ؛ وأقيموا الصلاة التي في أول النهار- صلاة الصبح- والصلاتين اللتين أوجبهما الله تعالى وقت الأصيل- وهما الظهر والعصر- ﴿ ومن الليل فاسجد له ﴾ وصل صلاتي الليل – المغرب والعشاء- وقم الليل إلا قليلا، قارئا للقرآن، مسبحا الملك الديان ﴿ وسبحه ليلا طويلا ﴾ ولقد وفى النبي صلى الله عليه وسلم بعهد ربه، وشهد الله بفضله، وطائفة من صحبه الأكرمين، فقال سبحانه وهو أصدق القائلين :﴿ إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك ﴾٤ ووعد المتقين المحسنين منازل عالية في جنات النعيم، بما ناجوا ربهم والخليون هجع، وبما قاموا والناس نيام، وبما أنابوا إلى ربهم آناء الليل :﴿ إن المتقين في جنات وعيون، آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين. كانوا قليلا من الليل ما يهجعون. وبالأسحار هم يستغفرون ﴾٥ ؛ مما أورد ابن كثير : كما أكرمتك بما أنزلت عليك فاصبر على قضائه وقدره واعلم أنه سيدبرك بحسن تدبيره. ﴿ ولا تطع منهم آثما أو كفورا ﴾ أي لا تطع الكافرين والمنافقين إن أرادوا صدك عما أنزل إليك، بل بلغ ما أنزل إليك من ربك وتوكل على الله، فإن الله يعصمك من الناس، وقال الطيبي : الأقرب من حيث النظم أنه تعالى لما نهى حبيبه صلى الله عليه وسلم عن إطاعة الآثم والكفور، وحثه على الصبر على أذاهم وإفراطهم في العداوة، وأراد سبحانه أن يرشده إلى متاركتهم عقب ذلك بالأمر باستغراق أوقاته بالعبادة ليلا ونهارا بالصلوات كلها من غير اختصاص، وبالتسبيح بما يطيق، على منوال قوله تعالى :﴿ ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون، فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين ﴾٦.
١ - سورة الفرقان. الآية ٣٣..
٢ - سورة النساء. من الآسية ٨٩..
٣ نقل ذلك عنه الحسن النيسابوري جـ ٢٩ ص ١٢٤..
٤ - سورة المزمل. من الآية ٢٠.
٥ -- سورة الذاريات. الآيات: ١٥-١٨..
٦ - سورة الحجر. الآيتان: ٩٧، ٩٨..
﴿ آثما ﴾ كثير الآثام والفجور، أو منافقا.
﴿ كفورا ﴾ عاتي الكفر، مظهرا له.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٣:﴿ نزلنا عليك القرآن ﴾ أمرنا ملك الوحي فنزل عليك بالقرآن آيات آيات وليس جملة واحدة.
﴿ إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ( ٢٣ ) فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا ( ٢٤ ) واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ( ٢٥ ) ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ( ٢٦ ) ﴾
بعد أن تضمنت الآية الرابعة وعيد الكافرين والآيات الثمان عشرة التالية لها وعد الله تعالى عباده الأخيار الأبرار. جاءت هذه الآيات تثبت فؤاد النبي المختار، وتعهد إلى أمة القرآن أن تستديم تقديس الفرقان، وتصبر على الوفاء بعهد الله، وتحذر طاعة الكفار والفساق العصاة، وتحافظ على إقامة الصلاة، وتحيي ليلها بالتهجد والاستغفار بالأسحار، وتلاوة الكتاب المجيد وتسبيح العزيز الغفار ؛ ﴿ إنا نحن نزلنا عليك القرآن ﴾ حق اليقين أنا نحن لا سوانا أردنا أن يتنزل عليك الفرقان متفرقا آيات بعد آيات تيسيرا عليك وعلى أمتك في حفظه وتدبره والعمل به، وتقوية لحجتك :﴿ ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ﴾١، وذكرى بأن العاقبة للمتقين، وعظة تتعاقب على مر السنين، ولقد جاءت هذه الشهادة من الله الحق بكلمات حكيمة ﴿ إنا ﴾ بالتوكيد ؛ ﴿ ونحن ﴾ لتوكيد اسم إن ؛ و﴿ تنزيلا ﴾ الذي هو مصدر مؤكد لفعله ؛ فاصبروا على الوفاء بعهد الله وأماناته، وما شرع لكم، وعلى ما تلاقونه في سبيل نصرة دينكم، ولا تستجيبوا لشيء مما يدعوكم إليه أهل الكفر وأهل الفسوق، فإنهم لا يألونكم خبالا ﴿ ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء... ﴾٢. [ قال الفراء : لا تطع واحدا منهما سواء كان آثما أو كفورا، ولو كان العطف بالواو كان نصا في النهي عن طاعتهما معا ولا يلزم منه النهي عن طاعة كل منهما على الانفراد ]٣ ؛ وأقيموا الصلاة التي في أول النهار- صلاة الصبح- والصلاتين اللتين أوجبهما الله تعالى وقت الأصيل- وهما الظهر والعصر- ﴿ ومن الليل فاسجد له ﴾ وصل صلاتي الليل – المغرب والعشاء- وقم الليل إلا قليلا، قارئا للقرآن، مسبحا الملك الديان ﴿ وسبحه ليلا طويلا ﴾ ولقد وفى النبي صلى الله عليه وسلم بعهد ربه، وشهد الله بفضله، وطائفة من صحبه الأكرمين، فقال سبحانه وهو أصدق القائلين :﴿ إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك ﴾٤ ووعد المتقين المحسنين منازل عالية في جنات النعيم، بما ناجوا ربهم والخليون هجع، وبما قاموا والناس نيام، وبما أنابوا إلى ربهم آناء الليل :﴿ إن المتقين في جنات وعيون، آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين. كانوا قليلا من الليل ما يهجعون. وبالأسحار هم يستغفرون ﴾٥ ؛ مما أورد ابن كثير : كما أكرمتك بما أنزلت عليك فاصبر على قضائه وقدره واعلم أنه سيدبرك بحسن تدبيره. ﴿ ولا تطع منهم آثما أو كفورا ﴾ أي لا تطع الكافرين والمنافقين إن أرادوا صدك عما أنزل إليك، بل بلغ ما أنزل إليك من ربك وتوكل على الله، فإن الله يعصمك من الناس، وقال الطيبي : الأقرب من حيث النظم أنه تعالى لما نهى حبيبه صلى الله عليه وسلم عن إطاعة الآثم والكفور، وحثه على الصبر على أذاهم وإفراطهم في العداوة، وأراد سبحانه أن يرشده إلى متاركتهم عقب ذلك بالأمر باستغراق أوقاته بالعبادة ليلا ونهارا بالصلوات كلها من غير اختصاص، وبالتسبيح بما يطيق، على منوال قوله تعالى :﴿ ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون، فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين ﴾٦.
١ - سورة الفرقان. الآية ٣٣..
٢ - سورة النساء. من الآسية ٨٩..
٣ نقل ذلك عنه الحسن النيسابوري جـ ٢٩ ص ١٢٤..
٤ - سورة المزمل. من الآية ٢٠.
٥ -- سورة الذاريات. الآيات: ١٥-١٨..
٦ - سورة الحجر. الآيتان: ٩٧، ٩٨..

﴿ واذكر اسم ربك ﴾ من أفضل الذكر لله الصلاة.
﴿ بكرة ﴾ أول النهار.
﴿ أصيلا ﴾ من زوال الشمس عن وسط السماء- ظهرا- إلى آخر النهار.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٣:﴿ نزلنا عليك القرآن ﴾ أمرنا ملك الوحي فنزل عليك بالقرآن آيات آيات وليس جملة واحدة.
﴿ إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ( ٢٣ ) فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا ( ٢٤ ) واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ( ٢٥ ) ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ( ٢٦ ) ﴾
بعد أن تضمنت الآية الرابعة وعيد الكافرين والآيات الثمان عشرة التالية لها وعد الله تعالى عباده الأخيار الأبرار. جاءت هذه الآيات تثبت فؤاد النبي المختار، وتعهد إلى أمة القرآن أن تستديم تقديس الفرقان، وتصبر على الوفاء بعهد الله، وتحذر طاعة الكفار والفساق العصاة، وتحافظ على إقامة الصلاة، وتحيي ليلها بالتهجد والاستغفار بالأسحار، وتلاوة الكتاب المجيد وتسبيح العزيز الغفار ؛ ﴿ إنا نحن نزلنا عليك القرآن ﴾ حق اليقين أنا نحن لا سوانا أردنا أن يتنزل عليك الفرقان متفرقا آيات بعد آيات تيسيرا عليك وعلى أمتك في حفظه وتدبره والعمل به، وتقوية لحجتك :﴿ ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ﴾١، وذكرى بأن العاقبة للمتقين، وعظة تتعاقب على مر السنين، ولقد جاءت هذه الشهادة من الله الحق بكلمات حكيمة ﴿ إنا ﴾ بالتوكيد ؛ ﴿ ونحن ﴾ لتوكيد اسم إن ؛ و﴿ تنزيلا ﴾ الذي هو مصدر مؤكد لفعله ؛ فاصبروا على الوفاء بعهد الله وأماناته، وما شرع لكم، وعلى ما تلاقونه في سبيل نصرة دينكم، ولا تستجيبوا لشيء مما يدعوكم إليه أهل الكفر وأهل الفسوق، فإنهم لا يألونكم خبالا ﴿ ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء... ﴾٢. [ قال الفراء : لا تطع واحدا منهما سواء كان آثما أو كفورا، ولو كان العطف بالواو كان نصا في النهي عن طاعتهما معا ولا يلزم منه النهي عن طاعة كل منهما على الانفراد ]٣ ؛ وأقيموا الصلاة التي في أول النهار- صلاة الصبح- والصلاتين اللتين أوجبهما الله تعالى وقت الأصيل- وهما الظهر والعصر- ﴿ ومن الليل فاسجد له ﴾ وصل صلاتي الليل – المغرب والعشاء- وقم الليل إلا قليلا، قارئا للقرآن، مسبحا الملك الديان ﴿ وسبحه ليلا طويلا ﴾ ولقد وفى النبي صلى الله عليه وسلم بعهد ربه، وشهد الله بفضله، وطائفة من صحبه الأكرمين، فقال سبحانه وهو أصدق القائلين :﴿ إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك ﴾٤ ووعد المتقين المحسنين منازل عالية في جنات النعيم، بما ناجوا ربهم والخليون هجع، وبما قاموا والناس نيام، وبما أنابوا إلى ربهم آناء الليل :﴿ إن المتقين في جنات وعيون، آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين. كانوا قليلا من الليل ما يهجعون. وبالأسحار هم يستغفرون ﴾٥ ؛ مما أورد ابن كثير : كما أكرمتك بما أنزلت عليك فاصبر على قضائه وقدره واعلم أنه سيدبرك بحسن تدبيره. ﴿ ولا تطع منهم آثما أو كفورا ﴾ أي لا تطع الكافرين والمنافقين إن أرادوا صدك عما أنزل إليك، بل بلغ ما أنزل إليك من ربك وتوكل على الله، فإن الله يعصمك من الناس، وقال الطيبي : الأقرب من حيث النظم أنه تعالى لما نهى حبيبه صلى الله عليه وسلم عن إطاعة الآثم والكفور، وحثه على الصبر على أذاهم وإفراطهم في العداوة، وأراد سبحانه أن يرشده إلى متاركتهم عقب ذلك بالأمر باستغراق أوقاته بالعبادة ليلا ونهارا بالصلوات كلها من غير اختصاص، وبالتسبيح بما يطيق، على منوال قوله تعالى :﴿ ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون، فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين ﴾٦.
١ - سورة الفرقان. الآية ٣٣..
٢ - سورة النساء. من الآسية ٨٩..
٣ نقل ذلك عنه الحسن النيسابوري جـ ٢٩ ص ١٢٤..
٤ - سورة المزمل. من الآية ٢٠.
٥ -- سورة الذاريات. الآيات: ١٥-١٨..
٦ - سورة الحجر. الآيتان: ٩٧، ٩٨..

﴿ فاسجد ﴾ فصل.
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٣:﴿ نزلنا عليك القرآن ﴾ أمرنا ملك الوحي فنزل عليك بالقرآن آيات آيات وليس جملة واحدة.
﴿ إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ( ٢٣ ) فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا ( ٢٤ ) واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا ( ٢٥ ) ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ( ٢٦ ) ﴾
بعد أن تضمنت الآية الرابعة وعيد الكافرين والآيات الثمان عشرة التالية لها وعد الله تعالى عباده الأخيار الأبرار. جاءت هذه الآيات تثبت فؤاد النبي المختار، وتعهد إلى أمة القرآن أن تستديم تقديس الفرقان، وتصبر على الوفاء بعهد الله، وتحذر طاعة الكفار والفساق العصاة، وتحافظ على إقامة الصلاة، وتحيي ليلها بالتهجد والاستغفار بالأسحار، وتلاوة الكتاب المجيد وتسبيح العزيز الغفار ؛ ﴿ إنا نحن نزلنا عليك القرآن ﴾ حق اليقين أنا نحن لا سوانا أردنا أن يتنزل عليك الفرقان متفرقا آيات بعد آيات تيسيرا عليك وعلى أمتك في حفظه وتدبره والعمل به، وتقوية لحجتك :﴿ ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ﴾١، وذكرى بأن العاقبة للمتقين، وعظة تتعاقب على مر السنين، ولقد جاءت هذه الشهادة من الله الحق بكلمات حكيمة ﴿ إنا ﴾ بالتوكيد ؛ ﴿ ونحن ﴾ لتوكيد اسم إن ؛ و﴿ تنزيلا ﴾ الذي هو مصدر مؤكد لفعله ؛ فاصبروا على الوفاء بعهد الله وأماناته، وما شرع لكم، وعلى ما تلاقونه في سبيل نصرة دينكم، ولا تستجيبوا لشيء مما يدعوكم إليه أهل الكفر وأهل الفسوق، فإنهم لا يألونكم خبالا ﴿ ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء... ﴾٢. [ قال الفراء : لا تطع واحدا منهما سواء كان آثما أو كفورا، ولو كان العطف بالواو كان نصا في النهي عن طاعتهما معا ولا يلزم منه النهي عن طاعة كل منهما على الانفراد ]٣ ؛ وأقيموا الصلاة التي في أول النهار- صلاة الصبح- والصلاتين اللتين أوجبهما الله تعالى وقت الأصيل- وهما الظهر والعصر- ﴿ ومن الليل فاسجد له ﴾ وصل صلاتي الليل – المغرب والعشاء- وقم الليل إلا قليلا، قارئا للقرآن، مسبحا الملك الديان ﴿ وسبحه ليلا طويلا ﴾ ولقد وفى النبي صلى الله عليه وسلم بعهد ربه، وشهد الله بفضله، وطائفة من صحبه الأكرمين، فقال سبحانه وهو أصدق القائلين :﴿ إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك ﴾٤ ووعد المتقين المحسنين منازل عالية في جنات النعيم، بما ناجوا ربهم والخليون هجع، وبما قاموا والناس نيام، وبما أنابوا إلى ربهم آناء الليل :﴿ إن المتقين في جنات وعيون، آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين. كانوا قليلا من الليل ما يهجعون. وبالأسحار هم يستغفرون ﴾٥ ؛ مما أورد ابن كثير : كما أكرمتك بما أنزلت عليك فاصبر على قضائه وقدره واعلم أنه سيدبرك بحسن تدبيره. ﴿ ولا تطع منهم آثما أو كفورا ﴾ أي لا تطع الكافرين والمنافقين إن أرادوا صدك عما أنزل إليك، بل بلغ ما أنزل إليك من ربك وتوكل على الله، فإن الله يعصمك من الناس، وقال الطيبي : الأقرب من حيث النظم أنه تعالى لما نهى حبيبه صلى الله عليه وسلم عن إطاعة الآثم والكفور، وحثه على الصبر على أذاهم وإفراطهم في العداوة، وأراد سبحانه أن يرشده إلى متاركتهم عقب ذلك بالأمر باستغراق أوقاته بالعبادة ليلا ونهارا بالصلوات كلها من غير اختصاص، وبالتسبيح بما يطيق، على منوال قوله تعالى :﴿ ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون، فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين ﴾٦.
١ - سورة الفرقان. الآية ٣٣..
٢ - سورة النساء. من الآسية ٨٩..
٣ نقل ذلك عنه الحسن النيسابوري جـ ٢٩ ص ١٢٤..
٤ - سورة المزمل. من الآية ٢٠.
٥ -- سورة الذاريات. الآيات: ١٥-١٨..
٦ - سورة الحجر. الآيتان: ٩٧، ٩٨..

﴿ العاجلة ﴾ الحياة الدنيا. لسرعة تقضيها.
﴿ ويذرون وراءهم ﴾ يتركون وراء ظهورهم.
﴿ يوما ثقيلا ﴾ يوما شديد الهول، ثقيلة أحماله.
﴿ إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ( ٢٧ ) نحن خلقناكم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا ( ٢٨ ) إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا ( ٢٩ ) وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما ( ٣٠ ) يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ( ٣١ ) ﴾.
حتى يثبت الكتاب المجيد ضلال الآثمين والكافرين وفساد رأيهم، ووجوب الحذر من متابعتهم، أكدت الآية الكريمة أنهم يحبون العاجل الزائل، ويفتنهم العرض الحائل، والحطام الباطل، ويلهيهم اللهو واللعب والتفاخر والتكاثر ؛ كما وصفوا في آية كريمة أخرى :﴿ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا... ﴾١ ؛ والمولى الحكيم البر الرحيم يذكر بأن البسط في متاعها، وإسباغ أعراضها ليس يعني الخلود لعشاقها، بل ربما يكون إيذانا بزوالها ؛ يقول ربنا- تبارك اسمه :﴿ حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس... ﴾٢. ﴿ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ﴾٣، وعكوفهم على الملذات والشهوات شغلهم عن العمل لما تنال به المغفرة وتدرك به روضات الجنات.
﴿ وشددنا أسرهم ﴾ قوينا تركيبهم، وأحكمنا تكوينهم، وأبدعنا تصويرهم.
﴿ إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ( ٢٧ ) نحن خلقناكم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا ( ٢٨ ) إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا ( ٢٩ ) وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما ( ٣٠ ) يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ( ٣١ ) ﴾.
حتى يثبت الكتاب المجيد ضلال الآثمين والكافرين وفساد رأيهم، ووجوب الحذر من متابعتهم، أكدت الآية الكريمة أنهم يحبون العاجل الزائل، ويفتنهم العرض الحائل، والحطام الباطل، ويلهيهم اللهو واللعب والتفاخر والتكاثر ؛ كما وصفوا في آية كريمة أخرى :﴿ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا... ﴾١ ؛ والمولى الحكيم البر الرحيم يذكر بأن البسط في متاعها، وإسباغ أعراضها ليس يعني الخلود لعشاقها، بل ربما يكون إيذانا بزوالها ؛ يقول ربنا- تبارك اسمه :﴿ حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس... ﴾٢. ﴿ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ﴾٣، وعكوفهم على الملذات والشهوات شغلهم عن العمل لما تنال به المغفرة وتدرك به روضات الجنات.
﴿ نحن ﴾ لا سوانا ﴿ خلقنا وشددنا أسرهم ﴾ أو جدناهم وقوينا تركيبهم وأحكمنا تكوينهم، وأبدعنا تصويرهم، فلو شكروا البارئ المصور لكان خيرا لهم، ولقد ضلوا إذ أشركوا بالله أصنامهم، فإنها ما خلقتهم ولا قدمت نفعا لهم، وحين نشاء أن نذهبهم ونأتي بخلق آخرين فما هم لنا بمعجزين ؛ وفي القرآن الكريم كثير من هذا الوعيد كما جاء في قول الحميد المجيد :﴿ ... فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه... ﴾١، وقال سبحانه :﴿ إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا ﴾٢، وقال جل ثناؤه :﴿ وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ﴾٣.
١ - سورة المائدة. من الآية ٥٤..
٢ - سورة النساء. الآية ١٣٣..
٣ - سورة محمد عليه السلام من الآية ٢٨..
﴿ اتخذ إلى ربه سبيلا ﴾ سلك طريقا في اليقين والعمل والخلق يصل به إلى مرضاة الله وثوابه.
﴿ إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ( ٢٧ ) نحن خلقناكم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا ( ٢٨ ) إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا ( ٢٩ ) وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما ( ٣٠ ) يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ( ٣١ ) ﴾.
حتى يثبت الكتاب المجيد ضلال الآثمين والكافرين وفساد رأيهم، ووجوب الحذر من متابعتهم، أكدت الآية الكريمة أنهم يحبون العاجل الزائل، ويفتنهم العرض الحائل، والحطام الباطل، ويلهيهم اللهو واللعب والتفاخر والتكاثر ؛ كما وصفوا في آية كريمة أخرى :﴿ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا... ﴾١ ؛ والمولى الحكيم البر الرحيم يذكر بأن البسط في متاعها، وإسباغ أعراضها ليس يعني الخلود لعشاقها، بل ربما يكون إيذانا بزوالها ؛ يقول ربنا- تبارك اسمه :﴿ حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس... ﴾٢. ﴿ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ﴾٣، وعكوفهم على الملذات والشهوات شغلهم عن العمل لما تنال به المغفرة وتدرك به روضات الجنات.
﴿ إن هذه تذكرة ﴾ إن هذه الآيات المحكمات البينات تذكر بالحق وتدل على ما ينبغي من الرشد ﴿ فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا( ٢٩ ) ﴾ فمن أراد أن يتخذ إلى مرضاة ربه طريقا فليتخذ ؛ كما قال وقوله الحق :﴿ ... فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.. ﴾١.
١ - سورة الكهف. من الآية ٢٩..
﴿ إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ( ٢٧ ) نحن خلقناكم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا ( ٢٨ ) إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا ( ٢٩ ) وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما ( ٣٠ ) يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ( ٣١ ) ﴾.
حتى يثبت الكتاب المجيد ضلال الآثمين والكافرين وفساد رأيهم، ووجوب الحذر من متابعتهم، أكدت الآية الكريمة أنهم يحبون العاجل الزائل، ويفتنهم العرض الحائل، والحطام الباطل، ويلهيهم اللهو واللعب والتفاخر والتكاثر ؛ كما وصفوا في آية كريمة أخرى :﴿ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا... ﴾١ ؛ والمولى الحكيم البر الرحيم يذكر بأن البسط في متاعها، وإسباغ أعراضها ليس يعني الخلود لعشاقها، بل ربما يكون إيذانا بزوالها ؛ يقول ربنا- تبارك اسمه :﴿ حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس... ﴾٢. ﴿ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ﴾٣، وعكوفهم على الملذات والشهوات شغلهم عن العمل لما تنال به المغفرة وتدرك به روضات الجنات.
﴿ وما تشاءون إلا أن يشاء الله ﴾ وما تتحقق مشيئتكم إلا إن طابقت مراد الله، فلا يقع في ملكه سبحانه إلا ما يريد، لكنه سبحانه رضي لعباده دين الإسلام وشكر الملك العلام ﴿ ... ولا يرضى لعباده الكفر.. ﴾١ ﴿ إن الله كان عليما حكيما( ٣٠ ) ﴾ استيقنوا أن ربنا المعبود بحق يعلم المفسد من المصلح، وهو بكل شيء عليم ؛ ودبر كل شأن بحكمة موافقة للعدل والخير، ولا يفوتها صواب ؛.
١ - سورة الزمر. من الآية ٧..
﴿ أعد ﴾ هيأ، وجهز، وادخر.
﴿ إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا ( ٢٧ ) نحن خلقناكم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا ( ٢٨ ) إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا ( ٢٩ ) وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما ( ٣٠ ) يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ( ٣١ ) ﴾.
حتى يثبت الكتاب المجيد ضلال الآثمين والكافرين وفساد رأيهم، ووجوب الحذر من متابعتهم، أكدت الآية الكريمة أنهم يحبون العاجل الزائل، ويفتنهم العرض الحائل، والحطام الباطل، ويلهيهم اللهو واللعب والتفاخر والتكاثر ؛ كما وصفوا في آية كريمة أخرى :﴿ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا... ﴾١ ؛ والمولى الحكيم البر الرحيم يذكر بأن البسط في متاعها، وإسباغ أعراضها ليس يعني الخلود لعشاقها، بل ربما يكون إيذانا بزوالها ؛ يقول ربنا- تبارك اسمه :﴿ حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس... ﴾٢. ﴿ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ﴾٣، وعكوفهم على الملذات والشهوات شغلهم عن العمل لما تنال به المغفرة وتدرك به روضات الجنات.
﴿ يدخل من يشاء في رحمته ﴾ ممن هدى إلى الإيمان واستقام على منهاج القرآن، وذلك وعد الملك الديان :﴿ ... ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون ﴾١ ؛ وأعد الرقيب الحسيب لكل متجاوز حده عذابا شديدا، مهينا موجعا ؛ فاللهم قنا بفضلك عذاب النار، وأدخلنا الجنة مع الأبرار.
[ مما أخرج الترمذي وحسنه وابن ماجه.. والحاكم وصححه، وغيرهم عن أبي ذر قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :﴿ هل أتى على الإنسان ﴾ حتى ختمها، ثم قال :( إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله تعالى والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء على الفرش ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز وجل )٢.
مما أورد ابن كثير : في صحيح مسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة الم تنزيل السجدة و﴿ هل أتى على الإنسان ﴾.
١ - سورة الأعراف. من الآية ١٥٦.
٢ - أورده الألوسي، مستشهدا به على أن هذه السورة وإن تضمنت من رحمة الله تعالى ما تضمنت إلا أنها أشارت من عظيم جلال الله تعالى إلى ما أشارت..
Icon