تفسير سورة التكوير

البسيط للواحدي
تفسير سورة سورة التكوير من كتاب التفسير البسيط المعروف بـالبسيط للواحدي .
لمؤلفه الواحدي . المتوفي سنة 468 هـ

تفسير سورة التكوير (١)

بسم الله الرحمن الرحيم

١ - ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ قال أبو عبيدة: كورت مثل تكوير العمامة، تلَفُّ فَتُمْحَى (٢)، وقال (٣) الزجاج: جمع ضوؤها، ولُفَّت (٤) كما تلف العمامة، يقال: كورت العمامة على رأسي أكورها كورًا، وكوَّرْتُها تكويرًا إذا لففتها (٥).
هذا معنى التكوير في اللغة، وهو الكف والجمع، (ومن هذا سميت الكارة التي للقصَّار؛ لأنه يجمع ثيابه في ثوب واحد، ويكون بعضها على بعض، وللتكوير معنى آخر، يقال: كورت الحائط ودهورته: إذا طرحته حتى يسقط. أبو عبيد (٦) عن الأصمعي: طعنه فكوره إذا صرعه (٧).
(١) مكية بالإجماع، حكى الإجماع: ابن عطية في: "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٤١، وابن الجوزي في: "زاد المسير" ٨/ ١٨٧، والقرطبي في: "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٢٤، والألوسي في: "روح المعاني" ٣٠/ ٤٩.
(٢) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٨٧.
(٣) في (أ): فقال.
(٤) في (أ): ولُف.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٨٩ بيسير من التصرف.
(٦) في (أ): أبو عبيدة.
(٧) "تهذيب اللغة" ١٠/ ٣٤٦: (كار).
245
قال أبو كبير (١):
مُتَكَورينَ على المعَارى بينهم ضَرْبٌ كتعطاط الْمَزادِ الأثجلِ) (٢) (٣)
وعبارات المفسرين مختلفة، ومعناها ترجع إلى أحد الأصلين (٤):
قال قتادة (٥)، ومقاتل (٦)، (والكلبي) (٧) (٨) ذهب ضوؤها.
وقال مجاهد (٩): اضمحلت وذهبت. وقال أبو صالح: طمست، وعنه أيضًا: انكسفت (١٠).
(١) تقدمت ترجمته في سورة البقرة.
(٢) ورد البيت في: "تهذيب اللغة" ١٠/ ٢٤٧: (كار).
(٣) ما بين القوسين نقله عن "تهذيب اللغة" ١٠/ ٣٤٦ - ٣٤٧: (كار).
(٤) بياض في (ع).
(٥) "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٥٠، "جامع البيان" ٣٠/ ٦٤، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٣/ أ، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥١، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٤١، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٢٥، "البحر المحيط" ٨/ ٤٣١، "زاد المسير" ٨/ ١٨٨، "الدر المنثور" ٨/ ٤٢٧ وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، "فتح القدير" ٥/ ٣٨٨.
(٦) "تفسير مقاتل" ٢٣٠/ أ، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥١، "زاد المسير" ٨/ ١٨٨، "فتح القدير" ٥/ ٣٨٨.
(٧) المراجع السابقة عدا "زاد المسير".
(٨) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٩) "جامع البيان" ٣٠/ ٦٤، "النكت والعيون" ٦/ ٢١١، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٣/ أ، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥١، "زاد المسير" ٨/ ١٨٨، "البحر المحيط" ٨/ ٤٣١، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٠٧، "الدر المنثور" ٨/ ٤٢٧ وعزاه إلى عبد بن حميد، "فتح القدير" ٥/ ٣٨٨، "روح المعاني" ٣٠/ ٥٠.
(١٠) لم أجد له إلا رواية: نُكِّست في: "جامع البيان" ٣٥/ ٥٠، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٣/ أ، "النكت والعيون" ٦/ ٢١١، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٢٥، "الدر المنثور" ٨/ ٤٢٧ وعزاه إلى عبد بن حميد، "روح المعاني" ٣٠/ ٥٠.
246
وقال أهل المعاني: التكوير: تلفيف على جهة الاستدارة، كتكوير العمامة، والشمس تكور: بأن يجمع نورها حتى يصير كالكارة الملقاة، فيذهب ضوؤه (١). هذا كله على قول من يقول إنه من اللف (٢).
وقال إبراهيم (٣): كورت رُمي بها (٤)، وهو قول الربيع (٥) بن خثيم (٦). (٧)
(١) قال أبو عبيد: الْحَوْر: النقصان، والكَوْر: الزيادة بعد الشدّ، وكلُّ هذا قريب بعضه من بعض.
وقال الأخفش: تُلَفُّ فَتُمْحَى. "تهذيب اللغة" ١٠/ ٣٤٥: (كار).
(٢) قال ابن تيمية: هذا وقد ثبت بالكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة أن الأفلاك مستديرة، قال تعالى: ﴿يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ﴾، والتكوير هو التدوير، ومنه قيل: كار العمامة، وكوّرها إذا أدارها، ولهذا يقال للأفلاك كروية الشكل؛ لأن أصل الكرة كورة، تحركت الواو، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفاً، وكورت الكارة إذا دورتها، ومنه الحديث: "إن الشمس والقمر يكوران يوم القيامة كأنهما ثوران في نار جهنم" [انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة بلفظ: الشمس والقمر ثوران مكوران في النار يوم القيامة: ١/ ٣٢: ح: ١٢٤، قال الألباني: صحيح على شرط البخاري، وقد أخرجه في صحيحه مختصرًا].
ثم قال: وأما إجماع العلماء وقال الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر: لا خلاف بين العلماء أن السماء مثل الكرة، وذكر عنه كلامًا طويلًا.
مجموع فتاوى ابن تيمية: ٢٥/ ١٩٣ - ١٩٤.
(٣) في كلا النسختين: ابرهم.
(٤) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٥) تقدمت ترجمته في سورة الأحزاب.
(٦) في (أ): خيثم.
(٧) ورد قوله في: "جامع البيان" ٣٠/ ٦٤، "الكشف والبيان" ج١٣: ٤٣/ أ، "النكت والعيون" ٦/ ٢١١، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٤١، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٢٥.
247
وروي عن مجاهد: دهورت (١). وعن أبي صالح: أُلقيت (٢).
قال المفسرون (٣): تجمع الشمس بعضها (٤) إلى بعض ثم تلف فيرمى بها.
وأما ما روي عن ابن عباس في تفسير كورت، [ما رواه مُجَالِد] (٥) عن رجل من بجيلة (٦) (٧)، قال: يكور الله الشمس، والقمر، والنجوم يوم القيامة في البحر، ثم يبعث عليها ريحًا دبورًا (٨) فتضرمها (٩)
(١) "لسان العرب" ٥/ ١٥٦.
(٢) "جامع البيان" ٣٠/ ٦٤، "الكشف والبيان" ج١٣: ٤٣/ أ، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٠٧.
(٣) قاله الثعلبي في: "الكشف والبيان" ج١٣: ٤٣/ ب، وحكاه عن المفسرين: ابن الجوزي في "زاد المسير" ٨/ ١٨٨، والشوكاني في: "فتح القدير" ٥/ ٣٨٨.
كما ذكر هذا القول في: "لباب التأويل" ٤/ ٣٥٥، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٠.
(٤) بياض في (ع).
(٥) في كلا النسختين: فروى مجاهد، وأثبت لفظ: ما رواه لاستقامة الكلام به، كما أثبت اسم مجالد لأن المصادر تذكر في رواية ابن عباس هذه مجالد، وليس مجاهدًا، ولعله تصحيف من النساخ، والله أعلم.
تقدمت ترجمته في سورة يوسف.
(٦) غير واضحة في (ع).
(٧) بجيلة: هم قبيلة من أنمار بن أراش، من كهلان من القحطانية، وبجيلة أمهم غلب عليهم اسمها، وهي بجيلة بنت صعب بن سعد العشيرة.
انظر: "نهاية الأرب" للقلقشندي: ١٦٣.
(٨) دبورًا: ريح تأتي من دُبُر الكعبة مما يذهب نحو المشرق.
"لسان العرب" ٤/ ٢٧١: (دبر)، وانظر: "تهذيب اللغة" ١٤/ ١١٣: (دبر)، "النهاية في غريب الحديث والأثر" ٢/ ٩٨.
(٩) تضرمها: ضرم: ضرِمت النار ضرمًا: التهبت، وتضرمت، واضطرمت كذلك، =
248
فتصير نارًا (١).
فقوله: "يكور الله الشمس" يحتمل اللف، ويحتمل الرمي.
٢ - قوله (تعالى) (٢): ﴿وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ﴾
قال [أبو عبيدة] (٣): يقال: انكدر فلان أي: انصبَ، وأنشد قول العجّاج (٤):
= وأضرمَها إضرامًا.
"المصباح المنير" ٢/ ٤٢٦.
وجاء في "القاموس المحيط" ٤/ ٤٢٦: والنار اشتعلت، وأضْرَمها وضَرَّمها، واستضرمها: أوقدها، فاضطرمت وتضرمت..
(١) ورد الأثر عن ابن عباس في: "جامع البيان" ٣٠/ ٦٨، والإسناد عنده كالآتي: قال: حدثني حوثرة بن محمد المنقري، قال: ثنا أبو أسامة، قال: ثنا مجالد، قال: أخبرني شيخ من بجيلة، عن ابن عباس: الأثر بنحوه، وعنه في "بحر العلوم" ٣/ ٤٥١ - ٤٥٢، كما ورد في "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٠٧ بالإسناد التالي: قال: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، وعمرو بن عبد الله الأودي: حدثنا أبو أسامة، عن مجالد، عن شيخ من بجيلة عن ابن عباس الأثر بنحوه. ومدار هذه الرواية على مجالد بن سعيد، وهو كما قال الإمام أحمد: ليس بشيء، وقال ابن معين: لا يحتج به، وقال الدارقطني: ضعيف، وزاد الرواية ضعفًا أن مجالد رواه عن رجل مجهول لا يعرف اسمه ولا حاله، فالرواية لا تصلح للاحتجاج، ولا للاستشهاد. انظر: "المغني" في الضعفاء للذهبي: ٢/ ٥٤٢: ت: ٥١٨٣.
(٢) ما بين القوسن ساقط من: ع.
(٣) في كلا النسختين: أبو عبيد، والصواب أنه أبو عبيدة، فقد ورد قوله في "مجاز القرآن" ٢/ ٢٨٧ بنصه من غير تتمة الشطر الثاني للبيت، وذكر عند القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٢٥ بأنه أبو عبيدة، وساق قوله.
(٤) تقدمت ترجمته في سورة النساء.
249
أبْصَر خِرْبان فَضاء فانْكَدَرْ حتى (١) انقضّ من الهواء كالمنصب (٢)
(ويقال: انكدر يّعْدو (٣) إذا أسرع) (٤). والمفسرون يقولون: تهافتت وتناثرت وتساقطت (٥).
قال الكلبي: وتمطر السماء يومئذ نجومًا، فلا يبقى نجم في السماء إلا وقع على وجه الأرض (٦).
(١) في (ع): يعني.
(٢) ورد في ديوانه: ٢٩ تح: د. عزة حسن. كما ورد في:
"جامع البيان" ٣٠/ ٦٥، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٣/ ب، "النكت والعيون" ٦/ ٢١٢، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٤١، برواية: "فلاة" بدلًا من "فضاء". وكذا عند القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٢٥، "روح المعاني" ٣٥/ ٥٠.
أبصر خربان: والخربان: الحُباريات المذكور، واحد الخربان خرب، وهو ذكر الحبارى، والأنثى: حبارى، والفتية منها قلوص. ديوانه: ٢٩.
(٣) في كلا النسختين: يغذوا.
(٤) ما بين القوسين من قول أبي عبيد عن الفراء كما ذكر ذلك الأزهري في "تهذيب اللغة" ١٠/ ١٠٨.
(٥) قال بذلك قتادة. انظر: تفسير عبد الزاق: ٢/ ٢٥٠، "جامع البيان" ٣٠/ ٦٥، "الدر المنثور" ٨/ ٤٢٧ وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وإلى هذا ذهب الثعلبي، انظر: "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٣/ ب.
وقال الربيع بن خثيم، ومجاهد: تناثرت. "جامع البيان" ٣٠/ ٦٥.
وقال ابن زيد: رمى بها من السماء إلى الأرض. "جامع البيان" ٣٠/ ٦٥.
وبمعناه ذهب ابن قتيبة في: "تفسير غريب القرآن" ٥١٦، والفراء في: "معاني القرآن" ٣/ ٢٣٩، والزجاج في: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٨٥.
وإلى هذا القول ذهب البغوي في: "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥١، وابن الجوزي في: "زاد المسير" ٨/ ١٨٨، وابن كثير في: "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٠٧.
(٦) "التفسير الكبير" ٣١/ ٦٨، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥١، "لباب التأويل" ٤/ ٣٥٥، "فتح القدير" ٥/ ٣٨٨.
250
وقال عطاء: إنها في قناديل معلقة بين السماء والأرض من النور، وتلك السلاسل بأيدي ملائكة، فإذا مات من في السموات، ومن في الأرض تساقطت تلك السلاسل من أيدي الملائكة؛ لأنه مات من كان يمسكها (١).
٣ - قوله (تعالى) (٢): ﴿وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ﴾ قال ابن عباس: تقلعت (٣) من أصولها، فسارت وصارت كالهباء (٤) المنبث (٥)، كقوله: ﴿وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ﴾ [النمل: ٨٨]، وقوله: ﴿وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا﴾ [النبأ: ٢٠]، وقوله: ﴿نُسَيِّرُ الْجِبَالَ﴾ [الكهف: ٤٧].
٤ - قوله (تعالى) (٦): ﴿وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ﴾ العشار: جمع العشراء، قال الليث: يقال: عَشَّرَتْ فهي عُشرَاء، والعدد عُشَرَاوات (٧)، والجميع (٨): عِشَار -قال-: ويقع اسمُ العشار على النُّوق التي نُتج بعضها، وبعضها مقاريب (٩) (١٠) -قال- (الأزهري) (١١): العرب يسمونها
(١) "التفسير الكبير" ٣١/ ٦٨، وبمثله قال ابن عباس. انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٢٦.
(٢) ما بين القوسين ساقط من: ع.
(٣) في (أ): تعملت.
(٤) بياض في (ع).
(٥) "الوسيط" ٤/ ٤٢٨.
(٦) ما بين القوسين ساقط من: ع.
(٧) في (ع): عشروات.
(٨) في (أ): الجمع.
(٩) في (أ): تقاربت.
(١٠) "تهذيب اللغة" ١/ ٤١٠: (عشر) بنصه.
(١١) ما بين القوسين ساقط من (أ).
251
عِشارًا بعد وضعها أولادها للزوم الاسم لها بعد الوضع، كما يسمونها لقاحًا (١).
وقال الزجاج: العشار: النوق الحوامل التي في بطونها (٢) أولادها إذا أتت عليها عشرة أشهر، وأحسن ما تكون الإبل، وأنفسها عند أهلها: العشار (٣).
وقال المبرد: وإنما سميت عشارًا؛ لأنها قد كملت (٤) عشرة أشهر، الواحدة منها عُشراء كقولك (٥): نفساء ونفاس (٦).
وقوله: ﴿عُطِّلَتْ﴾ أي تركت هملًا بلا راع، وكل شيء ترك ضياعًا (٧) فهو معطل (٨).
قال ابن عباس (٩)، والمفسرون (١٠): أهملها أهلها لما جاءهم من
(١) "تهذيب اللغة" ١/ ٤١٠ بيسير من التصرف.
(٢) في (ع): بطون.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٨٩ بتصرف.
(٤) في (ع): كلت.
(٥) في (أ): لقوله.
(٦) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٧) في (أ): ضاعًا.
(٨) ما انظر (عطل) في: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦٦، "لسان العرب" ١١: ٤٥٤.
(٩) "التفسير الكبير" ٣١/ ٦٨، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٣٢٧.
(١٠) وإلى معنى هذا القول ذهب: مجاهد، والحسن، والضحاك. انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ٦٦. وبمعناه قال اليزيدي في "غريب القرآن": ٤١٥، وابن قتيبة في: "تفسير غريب القرآن" ٥١٦، والثعلبي في: "الكشف والبيان" ج١٣/ ٤٣/ ب. وانظر. "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥١، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٤١، "زاد المسير" ٨/ ١٨٩، "القرطبي" ١٩/ ٢٢٦ - ٢٢٧، "لباب التأويل" ٤/ ٣٥٥، "ابن كثير" ٤/ ٥٠٨.
252
أهوال يوم القيامة وأفزاعها، وليس أحب إلى العرب من النوق الحوامل.
وقال الربيع بن خثيم: تخلى منها أربابها فلم تحلب ولم تَصر (١) (٢).
وقال أبو إسحاق: وليس يعطلها أهلها إلا في حال القيامة، وخوطب العرب بأمر العشار؛ لأن أكثر مالها وعيشها من الإبل (٣).
٥ - قوله (تعالى) (٤): ﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ﴾ (كل شيء من دواب الأرض (٥) مما لا يستأنس فهو وَحْشٌ، والجمع وحوش) (٦) (٧).
قال ابن عباس في رواية عطاء (٨)، (والكلبي) (٩) (١٠): يعني جمعت (١١) حتى يقتص بعضها من بعض، (وهو قول أكثر
(١) غير واضحة في (ع).
وتَصر الصَّرَّة: شدها، وصرَّ الناقة شدَّ عليها، والصِّرار -بالكسر- وهو خيط يشد فوق الخلف والتودية لئلا يرضعها ولدها.
مختا ر "الصحاح" ٣٦٠: (صر).
(٢) ورد قوله في: "جامع البيان" ٣٠/ ٦٦، "الدر المنثور" ٨/ ٢٢٨ وعزاه إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٨٩.
(٤) ما بين القوسين ساقط من (ع).
(٥) في (ع): البر.
(٦) بياض في (ع).
(٧) ما بين القوسين نقله عن "تهذيب اللغة" ٥/ ١٤٣: (وحش).
(٨) لم أعثر على مصدر لقوله. وقد ورد بمثل هذا القول من غير عزو في "الوسيط" ٤/ ٤٢٨.
(٩) لم أعثر على مصدر لقوله.
(١٠) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(١١) غير واضحة في (ع).
المفسرين) (١) (٢).
وروى (عكرمة) (٣) عن ابن عباس (٤) قال: حشر البهائم: موتها، وحَشْر كل شيء الموت غير الجن والإنس.
٦ - ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ﴾ قال ابن عباس (٥) (في رواية عطاء) (٦): أوقدت فصارت نارًا تضطرم (٧)، وهو قول مجاهد (٨).
(١) ورد بمعنى هذا القول عن قتادة، وابن عباس، والسدي، والربيع بن خثيم.
انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ٦٧، "الكشف والبيان" ج١٣: ٤٣/ ب، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٤١، "النكت والعيون" ٦/ ٢١٢، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٠٨، "تفسير السدي" ٤٧٢.
وإليه ذهب الزجاج في: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٨٩.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٣) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٤) "جامع البيان" ٣٠/ ٦٧، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٣/ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥١، "زاد المسير" ٨/ ١٨٩، "التفسير الكبير" ٣١/ ٦٩، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٢٧، "لباب التأويل" ٤/ ٣٥٥، "البحر المحيط" ٨/ ٤٣٢، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٠٨، "الدر المنثور" ٨/ ٤٢٩ وعزاه إلى الفريابي، وسعيد ابن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه، "المستدرك" ٢/ ٥١٥: كتاب التفسير: تفسير سورة إذا الشمس كورت، وصححه، ووافقه الذهبي.
(٥) "النكت والعيون" ٦/ ٢١٣، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥١، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٤٢، "زاد المسير" ٨/ ١٨٩، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٢٨، "الدر المنثور" ٨/ ٤٢٩ وعزاه إلى البيهقي في البعث.
(٦) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٧) في (ع): تظطرم.
(٨) "تفسير الإمام مجاهد": ٧٠٧ بعبارة: أوقدت.
وقال الكلبي: تفتح بعضها إلى بعض، فصارت بحرًا واحدا فملئت، وكثر ماؤها (١).
وهذا قول مقاتل (٢)، ومعناه: ملئت بأن أفضى بعضها إلى بعض. قاله الفراء (٣).
وقال قتادة: غار ماؤها إلى الأرض فذهب (٤)، (وهو قول الحسن: يبست (٥). والضحاك: رد ماؤها إلى الأرض (٦) (٧).
وهذه الأقوال كلها مذكورة في قوله: ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ [الطور: ٦].
٧ - (قوله تعالى) (٨): ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾ قال عطاء عن ابن عباس: يريد زوجت نفوس المؤمنين بالحور العين، وقرنت نفوس الكافرين،
(١) ورد قوله مختصرًا جدًا في "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٥٠، "جامع البيان" ٣٠/ ٦٨، بحر العلوم: ٣/ ٤٥٢، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٤/ أ، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥١، "التفسير الكبير" ٣١/ ٦٩.
(٢) ورد معنى قوله في: "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٤/ أ، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥١، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٢٨.
(٣) "معاني القرآن" ٣/ ٢٣٩.
(٤) "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٥٠، "جامع البيان" ٣٠/ ٦٨، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٤١.
(٥) المراجع السابقة عدا "تفسير عبد الرزاق"، وانظر أيضًا: "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٤/ أ، "النكت والعيون" ٦/ ٢١٣، "زاد المسير" ٨/ ١٨٩، تفسير الحسن البصري: ٢/ ٤٠٠.
(٦) ورد قوله في: "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٤١، "الدر المنثور" ٨/ ٤٢٧ - ٤٢٩ وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٧) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٨) في (ع): فقال.
255
والمنافقين بالشياطين (١) (٢)، وذلك قوله: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾ (٣) (وهذا قول مقاتل (٤)، والكلبي) (٥) (٦).
وروى (النعمان بن بشير) (٧) (٨) عن عمر -رضي الله عنه- قال: يقترن الرجل الصالح مع الرجل الصالح في الجنة، ويقرن الرجل السوء مع الرجل السوء في النار، فذلك قوله: تزويج (٩).
وهذا المعنى روي عنه بألفاظ مختلفة أحدها: ما ذكرنا، والآخر:
(١) بياض في (ع).
(٢) ورد قوله في: " التفسير الكبير" ٣١/ ٧٠، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٢٩، "البحر المحيط" ٨/ ٤٣٣.
(٣) سورة الصافات: ٢٢.
(٤) "تفسير مقاتل" ٢٣٠/ أ، "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٢، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٤/ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٢، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٤٢، "زاد المسير" ٨/ ١٩٠، "البحر المحيط" ٨/ ٤٣٣، "روح المعاني" ٣٠/ ٥٢.
(٥) "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٢، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٤/ ب، "الدر المنثور" ٨/ ٤٣٠ وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(٦) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٧) تقدمت ترجمته في سورة غافر.
(٨) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٩) "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٥٠، "جامع البيان" ٣/ ٦٩، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٢، "الباب التأويل" ٤/ ٣٥٦، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٠٨، "الدر المنثور" ٨/ ٤٢٩ وعزاه إلى ابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في البعث، وأبي نعيم في الحلية، "المستدرك" ٢/ ٥١٦: كتاب التفسير: تفسير سورة إذا الشمس كورت، وصححه، ووافقه الذهبي.
256
هما الرجلان يعملان العمل يدخلان (به) (١) الجنة أو النار (٢). ومنها أنه قال: (الفاجر) (٣) مع الفاجر، والصالح مع الصالح (٤).
ونحو هذا روى الفراء (بإسناده) (٥) (٦)، عن عكرمة، قال: يقرن الرجل بقرينه الصالح في الدنيا في الجنة، ويقرن الرجل الذي كان يعمل السيئ بصاحبه الذي كان يعينه على ذلك في النار، فذلك تزويج الأنفس (٧).
قال (٨): وسمعت بعض العرب يقول: زوجت إبلي، وذلك أن يقرن البعير بالبعير، فيعتلفان معًا، ويرتحلان معًا (٩). وهذا معنى قول الربيع بن
(١) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٢) انظر قوله في: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٥٠، "جامع البيان" ٣٠/ ٦٩، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٠٨، "الدر المنثور" ٨/ ٤٣٠ وعزاه إلى ابن مردويه، "المستدرك" ٢/ ٥١٦: كتاب التفسير: تفسير سورة إذا الشمس كورت، وصححه ووافقه الذهبي.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٤) ورد نحو قوله في: "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٢، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٤/ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٢، "زاد المسير" ٨/ ١٨٩، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٢٩، "الدر المنثور" ٨/ ٤٣٠.
(٥) والإسناد كما هو عند الفراء: قال: حدثنا أبو العباس، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا الفراء، قال: حدثني أبو الأحوص سلام بن سليم، عن سعيد بن مسروق، عن أبي سفيان، عن عكرمة.
(٦) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٧) "معاني القرآن" ٣/ ٢٣٩ - ٢٤٠، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٢، وانظر: "الدر المنثور" ٨/ ٤٣٠.
(٨) أي الفراء.
(٩) "معاني القرآن" ٣/ ٢٣٩ - ٢٤٠.
257
خثيم: يحشر المرء مع صاحب عمله (١) (٢).
(وهذا معنى قول) (٣) مجاهد: أُلحق كل امرئ [بشيعته] (٤): اليهود باليهود، والنصارى بالنصارى (٥).
(وروى) (٦) عكرمة (قولًا آخر) (٧) قال: زوجت الأرواح بالأجساد، يعني: ردت إليها (٨).
وقال أبو إسحاق: قرنت كل [شيعة] (٩) بمن شايعت (١٠).
وروي هذا مرفوعًا من طريق النعمان بن بشير عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في
(١) بياض في (ع).
(٢) "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٥٠ - ٣٥١، "جامع البيان" ٣٠/ ٧٠، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٢.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٤) ساقط من النسختين، وأثبت ما رأيت فيه استقامة الكلام، لا سيما أنه ورد مثله عن الحسن، وقتادة انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ٧٠، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٤/ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٠.
(٥) ورد معنى قوله في: "جامع البيان" ٣٠/ ٧٠، وعبارته: الأمثال من الناس جمع بينهم.
(٦) ما بين القوسين سافط من (أ).
(٧) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٨) "اجامع البيان" ٣٠/ ٧٠، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٤/ ب، "النكت والعيون" ٦/ ٢١٤، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٢، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٤٢، "زاد المسير" ٨/ ١٩٠، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٠، "البحر المحيط" ٨/ ٤٣٣.
(٩) في كلا النسختين: شيء، وأثبت ما جاء في معاني الزجاج لاستقامة المعنى به، ولأنه مصدر القول عن أبي إسحاق.
(١٠) معاني القرآن وإعرابه ٥/ ٢٩٠.
258
هذه الآية: "الضُّرَباء كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون عمله" (١). (وهذا معنى قول مجاهد) (٢): (٣) الأمثال من الناس جمع بينهم (٤).
(وحكى أبو إسحاق قولًا فقال) (٥): وقرنت النفوس بأعمالها (٦). قوله (تعالى) (٧): ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ﴾ هي مفعولة من الوأد، (وكانت العرب إذا ولدت لأحدهم بنت، دفنها حية مخافة العار، أو الحاجة، يقال وأد يئد وأدًا فهو وائد، والمفعول به موءود. قال الفرذدق (٨):
ومنا الذي مَنَع الوائدات فأحيا الوئيدَ فلم تُؤْد) (٩) (١٠)
(١) وردت الرواية في: "جامع البيان" ٣٠/ ٦٩، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٠٨.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٣) ورد في نسخة (أ) عبارة: وحكى أبو إسحاق قولًا وليس هنا بموضعه الصحيح. وورد في نسخة: ع نفس العبارة بانتظام وسلامة عبارة. انظر: رقم ٥ من المتن.
(٤) ورد قوله في "جامع البيان" ٣٠/ ٧٠.
(٥) ما بين القوسين ورد في نسخة: أفي غير هذا الموضع، وهو خطأ، وقد بينته. راجع حاشية: ٣ من هذه الصفحة.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٠.
(٧) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٨) تقدمت ترجمته في سورة النساء.
(٩) ورد البيت في (وأد) في "تهذيب اللغة" ١٤/ ٢٤٣ برواية: "وعمي" بدلًا من: "ومنا"، و"وأحيا" بدلًا من: "فأحيا"، "مقاييس اللغة" ٦/ ٧٨، وذكر عجز البيت، "الصحاح" ٢/ ٥٤٦، وكلاهما برواية: "وأحيا" بدلًا من: "فأحيا"، "لسان العرب" ٣/ ٤٤٢ برواية: "وجدي" بدلًا من: "ومنا"، "وأحيا" بدلًا من: "فأحيا"، "تاج العروس" ٢/ ٥٢٠، برواية: "وعمي" بدلًا من: "ومنا".
كما ورد في "الكامل" ٢/ ٥٩٦، و٦٠٤ برواية: "وأحيا"، ولم أعثر عليه في ديوانه.
(١٠) ما بين القوسين نقله عن "تهذيب اللغة" ١٤/ ٢٤٣: (وأد).
259
هذا قول جميع أهل اللغة (١).
٩ - وقوله: ﴿سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾ قال (عطاء) (٢) عن ابن عباس (٣)، (ومقاتل (٤) (٥): تسأل (٦) قاتلها يوم القيامة بأي ذنب قتلها، وهي لم تذنب.
قال الفراء: معنى "سئلت": سئل عنها الذين وأدوها، كأنك قلت: طلبت منهم، فقيل: أين أولادكم، فبأي ذنب قتلتموهم، وذكر وجهًا آخر، وهو: أن يكون المسؤول: "هي" على معنى: سئلت الموؤدة فقيل لها: "بأي ذنب قتلت؟ "، ثم يجوز قتلت، كما تقول: سألته بأي ذنب قتل، وبأي ذنب قتلت (٧).
قال أبو إسحاق: ومعنى سؤالها تبكيت قاتلها في القيامة، لأنها تقول: قُتلت بغير ذنب، قال: ومثل هذا (٨) التبكيت قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي﴾.. الآية [المائدة: ١١٦] وسؤاله وجوابه تبكيت لمن ادعى له، ولأمه الإلهية (٩).
(١) انظر: المرجع السابق، وأيضًا: "مقاييس اللغة" ٦/ ٧٨، "الصحاح" ٢/ ٥٤٦، "لسان العرب" ٣/ ٤٤٢، "تاج العروس" ٢/ ٥٢٠، وجميعها في (وأد)، "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٠ برواية: "فأحيا البنات".
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٣) ورد معنى قوله في: "النكت والعيون" ٦/ ٢١٤.
(٤) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٦) في النسختين: سئل.
(٧) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤١ بتصرف.
(٨) قوله: ومثل هذا بياض في (ع).
(٩) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٠ بتصرف.
١٠ - ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ﴾ (١) يعني صحائف بني آدم نشرت.
قال مقاتل: إن المرء إذا مات طويت صحيفة (٢) أعماله، فإذا كان يوم القيامة نشرت، فتعطيهم الحفظة منشورة (٣)، ونحو هذا قال المفسرون (٤): نشرت للحساب.
١١ - قوله (تعالى) (٥): ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ﴾ (معنى الكَشْطِ في اللغة: رَفْعُك شيئًا عن شيء قد غطاه وغَشِيَه، كما يُكْشَطُ (٦) الجلد عن السَّنام،
(١) ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ﴾.
(٢) في (ع): صحيفته.
(٣) "تفسير مقاتل" ٢٣٠/ أ، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٢.
(٤) بمعنى هذا قال قتادة كما جاء في: "تفسير القرآن العظيم"، وعبارته: "قال يا ابن آدم، تملي فيه، ثم تطوى، ثم تنشر عليك يوم القيامة، فلينظر رجل ماذا يملي في صحيفته".
وابن جريج قال: إذا مات الإنسان طويت صحيفته، ثم تنشر يوم القيامة، فيحاسب بما فيها. "الدر المنثور" ٨/ ٤٣١ وعزاه إلى ابن المنذر.
كما ورد معناه في: "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٢،"زاد المسير" ٨/ ١٩٠، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٢، "لباب التأويل" ٤/ ٣٥٦، "البحر المحيط" ٨/ ٤٣٤، "فتح القدير" ٥/ ٣٨٩.
(٥) ساقطة من: ع.
(٦) ورد في التهذيب في المتن: يقشط بدلًا من يكشط، وقد ورد في حاشية التهذيب في النسخة: ل: يكشط. قال المحقق: وهو أنسب. "تهذيب اللغة" ١٠/ ٧: (كشط).
قلت: وهما لغتان، والعرب تقول: القافور والكافور، والقَفّ والكَفّ. لما بينهما من تقارب الحرفين في المخرج تعاقبتا في اللغات كما يقال: جدف وحدث، تعاقبت القاف والثاء في كثير من الكلام. قاله الفراء في: "معاني القرآن" ٣/ ٢٤١. وانظر: "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٦/ أ.
وذلك الجلد يسمى كِشاطًا بعدما يُكْشَط) (١).
قال ابن عباس: يريد: يكشط عمن (٢) فيها كما يكشط الجلد كن الكبش (٣).
وقال مقاتل: تكشف عمن فيها (٤).
وقال الفراء: نزعت فطويت (٥). وقال الزجاج: قُلِعَت كما يُقلع السقف (٦).
وقال أهل المعاني: الكشط قلع عن شدة التزاق (٧)، وتقلع السماء عن مكانها على شدة وثاقتها (٨).
١٢ - ﴿وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ﴾ أوقدت لأعداء الله من الكفار (٩).
١٣ - ﴿وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ﴾ قربت (١٠) لأولياء الله من المتقين، (قاله ابن
(١) ما بين القوسين من قول الليث، انظر: "تهذيب اللغة" ١٠/ ٧: (كشط)، "لسان العرب" ٧/ ٣٨٧: (كشط).
(٢) في (أ): عن من.
(٣) لم أعثر على مصدر لقوله. وقد ورد بمثله من غير عزو في "البحر المحيط" ٨/ ٤٣٤.
(٤) "تفسير مقاتل" ٢٣٠/ أ، والعبارة عنه: "وإذا السماء كشطت عن من فيها لنزول الرب تبارك وتعالى والملائكة، ثم طويت". وانظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٢، "فتح القدير" ٥/ ٣٨٩.
(٥) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤١، بتبديل الواو بدلًا من الفاء: فنزعت وطويت.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩١ بنصه.
(٧) بياض في (ع).
(٨) لم أعثر على مصدر لقولهم، وقد ورد مختصرًا في "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٣ من غير عزو.
(٩) قال قتادة: وقدت. "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٥١، "النكت والعيون" ٦/ ٢١٥.
(١٠) بياض في (ع).
عباس (١)، ومقاتل) (٢) (٣)
وجواب هذه الأشياء: قوله (تعالى) (٤): ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (١٤)﴾ أي إذا كانت هذه الأشياء التي هي للقيامة علمت في ذلك الوقت كل نفس ما أحضرت من خير أو شر، فيجزى به (٥).
١٥ - (ثم) (٦) أقسم فقال: ﴿فَلَا أُقْسِمُ﴾ (٧) والمعنى: فأقسم، وقد تقدم القول في "لا" و"أقسم" في مواضع (٨).
١٦ - قوله (تعالى) (٩): ﴿بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ﴾ أكثر المفسرين على أن المراد بها النجوم، وهو قول علي (١٠) (رضي الله عنه) (١١)، وابن عباس (١٢) في
(ا) لم أعثر على مصدر لقوله. وقد ورد معناه من غير عزو في: "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٢، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٢، "زاد المسير" ٨/ ١٩١، "التفسير الكبير" ٣١/ ٧١.
(٢) لم أعثر على مصدر لقوله. انظر: "الوسيط" ٤/ ٤٣٠ من غير عزو.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٤) ساقط من (ع).
(٥) قال بذلك السمرقندي في "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٢ بإضافة: وهو كقوله: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا﴾ [آل عمران: ٣٠].
(٦) ساقط من (ع).
(٧) ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ﴾
(٨) رجع ذلك في سورة القيامة، الآية: ١.
(٩) ساقط من (ع).
(١٠) ورد قوله في: "جامع البيان" ٣٠/ ٧٤، "زاد المسير" ٨/ ١٩١، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٥، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٠، "الدر المنثور" ٨/ ٤٣١.
(١١) ساقط من (أ).
(١٢) "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٤، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١١، وكلاهما من غير ذكر الطريق إلى ابن عباس، "الدر المنثور" ٨/ ٤٣ وعزاه إلى ابن أبي حاتم، وأبي الشيخ في "العظمة".
263
رواية عكرمة، ومقاتل (١)، وقتادة (٢)، (وابن زيد (٣)، ومجاهد (٤)، والحسن) (٥) (٦).
وعلى هذا: الخنس: جمع خانس، (والخنوس: إلانقباض، والاستخفاء، تقول: خَنَس من بين القوم، وانْخَنَسَ من الحديث: "الشيطان يوسوس (٧) إلى العبد، فإذا ذكر الله خنس" (٨)، أي انقبض منه، ولذلك سمي الخناس) (٩).
(والكُنَّس: جمع كانس، وكانسة، يقال: كنس إذا دخل الكِناس، وهو مولج الوحش، يقال: كَنَسَتِ الظباءُ في كنسها، وتكنست، ويقال:
(١) "زاد المسير" ٨/ ١٩١.
(٢) "جامع البيان" ٣٠/ ٧٥، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٤، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١١، "فتح القدير" ٥/ ٣٩٠.
(٣) "جامع البيان" ٣٠/ ٧٥.
(٤) "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١١.
(٥) "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٥٢، "جامع البيان" ٣٠/ ٧٥، "زاد المسير" ٨/ ١٩١، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٤، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١١، "فتح القدير" ٥/ ٣٩٠.
(٦) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٧) في (ع): فوسوس.
(٨) "النهاية في غريب الحديث": ٢/ ٨٣
وقد ذكر الغزالي في الإحياء حديثًا بلفظ: "إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن هو ذكر الله تعالى خنس، وإن نسي الله تعالى التقم قلبه". قال الزين العراقي في تخريجه لأحاديث الإحياء في المغني عن حمل الأسفار في الأسفار: "أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب مكايد الشيطان، وأبو يعلى الموصلي، وابن عدي في "الكامل"، وضعفه". إحياء علوم الدين: ٣/ ٢٨.
(٩) ما بين القوسين من قول الليث. انظر: "تهذيب اللغة" ٧/ ١٧٣: (خنس).
264
تكنست المرأة إذا دخلت هودجها، تشبه بالظبي إذا دخل الكناس، ومنه قول لبيد:
شاقَتْكَ ظُعْنُ الحيِّ يومَ تَحمَّلوا فَتَكنَّسوا قُطُنًا تَصِرُّ خِيامُها) (١) (٢)
واختلفوا في خنوس النجم وكنوسها، فقال علي-رضي الله عنه-: النجوم (٣) تخنس بالنهار فتخفى، ولا ترى، وتكنس في وقت غروبها (٤).
ومعنى تخنس، على (٥) هذا القول، تتأخر عن البصر، فلا ترى.
وقال الفراء: خنوسها أنها تخنس في مجراها وترجع (٦).
قال الليث: الخنس: الكواكب الخمسة، تخنس الأحيان راجعة حتى
(١) ورد البيت في: ديوانه، ط. دار صادر: ١٦٦ برواية: "يوم" بدلاً من: "حين". وانظر (كنس) في: "تهذيب اللغة" ١٠/ ٦٣، برواية: "حين" بدلًا من: "يوم"، "لسان العرب" ٦/ ١٩٨.
(٢) ما بين القوسين نقله عن "تهذيب اللغة" ١٠/ ٦٣ - ٦٤: (كنس) بتصرف. وانظر "لسان العرب" ٦/ ١٩٨: (كنس).
ومعنى البيت: شاقتك: أثارت شوقك. الظعن: الإبل التي عليها الهوادج، أو هي النساء في الهوادج. تحملوا: ارتحلوا. تكنسوا: دخلوا في الكناس؛ أي اتخذوا الهوادج كنسًا. قُطُنًا: جمع قطين، وهم الجماعة، أو البطانة، أو الجيران، أو سكان الدار. تصر: تحدث صريرًا، وذلك لأن الإبل تعجل فتهز الخشب فتصر. ديوانه: ١٦٦.
(٣) في (أ): النجم.
(٤) ورد معنى قوله في: "جامع البيان" ٣٠/ ٧٥، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٦/ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٣، "زاد المسير" ٨/ ١٩١، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٥، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٠.
(٥) في (أ): وعلى.
(٦) "معانى القرآن" ٣/ ٢٤٢ مختصرًا.
265
تخفى تحت ضوء الشمس، فلا ترى (١).
وجعل الزجاج خنوسها، وكنوسها: أن تغيب في مواضعها التي تغيب فيها إذا غابت (٢).
وقال عبد الله: هي بقر الوحش (٣). (وهو قول إبراهيم) (٤) (٥). وقال سعيد بن جبير: هي الظباء (٦).
وعلى هذا: الخنس من (الْخَنَسِ في الأنف، وهو تأخُّر الأرنبة، وقصر القصبة، والبقرة، والظباء أنوفهن خنس، والبقر خنساء (٧)، والظبي
(١) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٢.
(٣) "جامع البيان" ٣٠/ ٧٥، "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٣، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٦/ ب، "النكت والعيون" ٦/ ٢١٧، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٣، "زاد المسير" ٨/ ١٩٢، "التفسير الكبير" ٣١/ ٧٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٥، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١١، "الدر المنثور" ٨/ ٤٣١ - ٤٣٢ وعزاه إلى سعيد بن منصور، والفريابي، وابن سعد، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، والطبراني: ٩/ ٢٤٩: ح: ٩٠٦٣، وانظر: "المستدرك" ٢/ ٥١٦، وقال: حديث صحيح، ووافقه الذهبي.
وقد رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، قاله الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ١٣٤.
(٤) "جامع البيان" ٣٠/ ٧٦، "التفسير الكبير" ٣١/ ٧٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٥.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٦) "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٣، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٤٣، "زاد المسير" ٨/ ١٩٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٥، "البحر المحيط" ٨/ ٤٣٤، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١١.
(٧) في (أ): خنسها.
266
أخنس) (١)، ومنه قول لبيد يذكر بقرة:
خَنْساءُ ضَيَّعَتِ الفَريرَ فَلَمْ يَرِم عُرْضَ الشَّقائقِ طَوْفُها وبُغامُها (٢) (٣)
والكنس: جمع كانس، وهي التي تدخل الكِناس، والقول هو الأول (٤).
وهو اختيار الفراء (٥)، والكسائي (٦)، (وأبي عبيدة (٧)، والمبرد (٨)،
(١) ما بين القوسين نقله عن "تهذيب اللغة" ٧/ ١٧٥: (خنس).
(٢) في (أ): بعاها.
(٣) ورد البيت في:
ديوانه: ١٧١ ط. دار صادر.
ومعناه: خنساء: بقرة فيها خنس، وهو تأخر الأنف وقصره، الفرير: ولد البقرة، لم يرم: لم يبرح، عرض: ناحية وجانب، الشقائق: جمع شقيقة، وهي أرض غليظة بين رملتين، طوفها: دورانها. بغامها: صوتها.
يعني أن تلك البقرة التي أكل السبع ولدها لم تبارح عرض الشقائق في البحث عن ابنها، فهي تدور وتصيح ظانة أنه مستتر عنها بين النبات. انظر: ديوانه: ١٧١.
(٤) وإليه ذهب الشوكاني، وذكر سبب الترجيح أنه ذكر الليل والصبح بعد هذا. "فتح القدير" ٥/ ٣٩٠، على أن ابن جرير رجح عموم القول، فكل ما كانت صفته الخنوس أحياناً والجري أخرى، والكنوس، فهو داخل في عموم الآية. "جامع البيان" ٣٠/ ٧٧.
ورجح ابن تيمية ما رجحه الإمام الواحدي، قال: قوله تعالى: "فلا أقسم بالخنس * الجوار الكنس" يعني الكواكب التي تكون في السماء خانسة، أي مختفية قبل طلوعها، فإذا ظهرت رآها الناس جارية في السماء، فإذا غربت ذهبت إلى كناسها الذي يحجبها. مجموع فتاوى ابن تيمية: ١١/ ٢٧٣.
(٥) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٢.
(٦) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٧) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٨٧.
(٨) "الكامل" ٢/ ٨٦٦.
267
وابن قتيبة) (١) (٢)، وذلك أن الخُنَّسَ جمع خانس من الخنوس، وجمع خنساء، وأخنس من الخنس، خنْس بالسكون، والتخفيف، ولا يقال فيه الخنس بالتشديد، إلا أن يجعل الخنس في الوحشية أيضًا من الخنوس، وهو اختفاؤها في الكناس إذا غابت عن الأعين (٣).
واحتج أبو إسحاق على أن المراد به النجوم، فقال: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ﴾ وهذا أليق بذكر النجوم منه بذكر الوحش (٤).
وأكثر المفسرين قالوا في: "عسعس" أنه: ولى، وذهب، وأدبر، وهو قول عطاء (٥)، (والكلبي) (٦) (٧) عن ابن عباس، (ومقاتل (٨)، ومجاهد (٩)،
(١) "تفسير غريب القرآن" ٥١٧.
(٢) ما بين القوسين ذكر بدلًا، من تعدادهم لفظ: وغيرهما في نسخة: أ.
(٣) انظر في ذلك: "تهذيب اللغة" ٧/ ١٧٣: (خنس)، "مقاييس اللغة" ٢/ ٢٢٣: (خنس).
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩١ بتصرف، والقول الذي احتوى هذا المعنى قال: والخنس هاهنا أكثر التفسير يعني بها النجوم؛ لأنها تخنس أي تغيب؛ لأن معناه: والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس.
(٥) ورد قوله من غير بيان طريقها إليه في: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٥٢، "جامع البيان" ٣٠/ ٧٨، "النكت والعيون" ٦/ ٢١٧، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٤٤، "زاد المسير" ٨/ ١٩٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٦، "الدر المنثور" ٨/ ٤٣٣ وعزاه إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٦) المراجع السابقة.
(٧) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٨) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٩) "جامع البيان" ٣٠/ ٧٨، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٤٤، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٦، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١١، "الدر المنثور" ٨/ ٤٣٣ وعزاه إلى عبد بن حميد.
268
والضحال (١)، وابن زيد (٢)، وهو قول قتادة (٣)، وعلي (٤) (رضي الله عنه) (٥).
وقال الحسن: عسعس (الليل إذا) (٦) أقبل بظلامه (٧).
(وروي ذلك عن مجاهد) (٨) (٩).
وأهل اللغة ذكروا القولين أيضًا في عسعس، وذهبوا إلى أن الحرف من الأضداد، وهو قول أبي عبيدة (١٠)، وأبي حاتم (١١)، (وقطرب) (١٢) (١٣)،
(١) "جامع البيان" ٣٠/ ٧٨، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١١.
(٢) "جامع البيان" ٣٠/ ٧٨، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١١، وانظر أيضًا: "النكت والعيون" ٦/ ٢١٧.
(٣) "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٥٢، "جامع البيان" ٣٠/ ٧٨، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٤٤، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١١، "الدر المنثور" ٨/ ٤٣٣ وعزاه إلى عبد الرزاق، وعبد بن حميد.
(٤) "جامع البيان" ٣٠/ ٧٨، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١١، "الدر المنثور" ٨/ ٤٣٣ وعزاه إلى الطحاوي، والطبراني في: الأوسط، والبيهقي في: سننه، و"المستدرك" ٢/ ٥١٦، وصححه، ووافقه الذهبي.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٦) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٧) "جامع البيان" ٣٠/ ٧٨، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٦/ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٣، الجامع لأحكام القرآن: ١٩/ ٢٣٦، وبمعناه في: "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١١، تفسير الحسن البصري: ٢/ ٤٠٢.
(٨) "جامع البيان" ٣٠/ ٧٨، "الدر المنثور" ٨/ ٤٣٣ وعزاه إلى عبد بن جميد.
(٩) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(١٠) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٧٨.
(١١) "كتاب الأضداد" لأبي حاتم السجستاني: ٩٧: ش ١٣١.
(١٢) "كتاب الأضداد" لأبي علي محمد بن المستنير -قطرب-: ١٢٢.
(١٣) ما بين القوسين ساقط من (أ).
269
والفراء (١)، (والزجاج) (٢) (٣)، (قالو: عسعس الليل: إذا أقبل (٤)، وعسعس إذا أدبر، وأنشد أبو عبيدة:
مُدَّرِعاتِ الليلِ لَمِّا عَسْعَسا (٥)
أي أقبل.
وقال الزِّبْرِقان (٦):
وَرَدْتُ بِأفْراسٍ عِتاقٍ وَفِتْيَةٍ [فوارِطَ] (٧) في أعْجازِ ليلٍ مُعِسْعسِ (٨)
(١) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٢.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٢.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٤) بياض في (ع).
(٥) البيت لعلقة بن قرط التميمي، وله روايتان:
إحداهما: قال:
مدرعات الليل لما عسعسا وادَّرَعَتْ منه بهيمًا حِنْدِسا
هكذا ورد عند السجستاني.
والأخرى يقول:
قواربًا من عَيْرِ رحْلِ نُسَّاء مُدّرعات الليل لما عسعسا
وقد ورد عند قطرب بهذه الرواية.
وقد ورد البيت في: (عسعس) في:
"تهذيب اللغة" ١/ ٧٨، "لسان العرب" ٦/ ١٣٩ وكلاهما غير منسوب، كتاب الأضداد: لقطرب: ١٢٢: ش ١٣١ ونسبه لعلقمة، كتاب الأضداد: للسجستاني: ٩٧: ش ١٣١، ونسبه إلى علقة بن قرط.
(٦) تقدمت ترجمته في سورة البقرة.
(٧) ما بين المعقوفين ساقط من النسختين.
(٨) مواضع ورود البيت: انظر المراجع السابقة في بيت علقة بن قرط، وأيضًا: "شعر الزبرقان بن بدر" تح: د. سعود عبد الجابر: ٤٥، رقم: ١٦.
270
أي مدبر مولي) (١).
(وروى أبو العباس (٢)، عن) (٣) ابن الأعرابي: العَسْعسة: ظلمة الليل كله، ويقال: إقباله وإدباره، (قال أبو العباس: هذا هو الاختيار (٤) (٥)، ويدل على أن المراد: أدبر.
١٨ - قوله: ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴾
أي امتد ضوؤه.
ويقال: تنفس النهار؛ إذا امتد بطوله، ومعنى التنفس: (خروج النسيم من الجوف (٦).
قال ابن عباس (٧)، والمفسرون (٨): يريد طلوع الفجر إذا أضاء ثم زاد واستعرض في السماء.
قال الفراء: إذا ارتفع النهار فهو تنفس الصبح) (٩) (١٠).
(١) ما بين القوسين: انظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٧٨: (عسس).
(٢) هو: أحمد بن يحيى ثعلب، أبو العباس، سبقت ترجمته.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٤) "تهذيب اللغة" ١/ ٧٩: (عسس).
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٦) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٧) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٨) وبمعنى هذا القول ذهب قتادة، وعلي بن أبي طالب، وسعيد بن جبير، والضحاك. انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ٧٩، "النكت والعيون" ٦/ ٢١٧، "زاد المسير" ٨/ ١٩٢. وإلى هذا ذهب السمرقندي في: "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٣، والقرطبي في: "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٨.
(٩) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٢ بنصه.
(١٠) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(وقال الزجاج: تنفس) (١): إذا امتد حتى يصير نهارًا بينًا (٢). وأنشد (أبو عبيدة) (٣) لعلقمة بن قرط:
حتى إذا الصبحُ لها تَنَفَّسا وانجاب عنها ليلُها فَعَسْعَسا (٤) (٥)
وحكى الأزهري: إذا تنفس: إذا انشق وانفلق حتى يتبين، ومنه يقال: تنفَّست القوس: إذا تصدَّعَت (٦)، والنَّفْس (٧): الشَّقُّ في القِدح، والقَوْس، وما أشبهها. ذكره اللحياني (٨) (٩).
١٩ - ثم ذكر جواب القسم، وهو قوله: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ يعني جبريل عليه السلام في قول الجميع (١٠).
(١) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٢ بنصه.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٤) علقمة بن قرط: هو تحريف عن علقة، وهو راجز إسلامي من بني تميم من بني عبد مناف من الرباب. انظر: "الاشتقاق" لابن دريد: ١٨٦.
(٥) ورد البيت في: "جامع البيان" ٣٠/ ٧٩، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٤٤، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٦، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١١.
كما ورد في: كتاب الأضداد: لقطرب: ١٢٢: ش ١٣١، كتاب الأضداد: للأصمعي: ٨: ش ٣، وجميعها برواية: "وعسعسا" بدلًا من: "فعسعسا"، وانظر أيضًا: كتاب الأضداد: لابن الأنباري: ٣٣.
(٦) "مجاز القرآن" ٢/ ٢٨٧.
(٧) في (أ): انصد عنه.
(٨) غير واضحة في (ع).
(٩) "تهذيب اللغة" ١٣/ ١٠: (نفس).
(١٠) وهو قول: قتادة، والحسن، والضحاك، وابن عباس، والشعبي، وميمون بن مهران، والربيع بن أنس، ومقاتل. قال ابن كثير: وغيرهم.
272
والمعنى: إن القرآن نزل به جبريل، وأخبر محمدًا به عن الله.
وهذه الآية مفسرة في سورة الحاقة (١).
= انظر: "تفسير مقاتل" ٢٣٠/ ب، "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٥٢، "جامع البيان" ٣٠/ ٨٠، "النكت والعيون" ٦/ ٢١٨، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٨، "لباب التأويل" ٤/ ٣٥٧، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٢.
قال ابن عطية: والرسول الكريم في قول الجمهور المتأولين: جبريل عليه السلام: ٥/ ٤٤٤.
وقال الفخر الرازي: المشهود أن المراد أن القرآن نزل به جبريل. "التفسير الكبير" ٣١/ ٧٣.
وإلى هذا القول في التفسير ذهب الزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٢، والسمرقندي في "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٣، والثعلبي في "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٧/ أ. وبه قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" ٥/ ٣٣.
وهناك قول آخر بأن المراد بالرسول الكريم النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- قاله ابن عيسى. انظر: "النكت والعيون" ٦/ ٢١٨، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٤٤، ورجح ابن عطية الأول. قلت: حكايه الإجماع -كما أسلفنا ذكره- من قبل الإمام الواحدي لأنه لا يرى صحة القول الضعيف، ولا ينظر إليه، ولا يعتبره مخالفًا، بل لا وجود له، لذا يقرر الإجماع اعتمادًا على صحة القول، وشهرته، وكثرة قائليه، وعدم مخالفته اللغة، والله أعلم.
فائدة:
ظاهر هذه الآية يتوهم منه الجاهل أن القرآن كلام جبريل مع أن الآيات القرآنية مصرحة بكثرة بأنه كلام الله، كقوله: ﴿فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٩]، والجواب واضح من نفس الآية، لأن الإيهام الحاصل من قوله: "إنه لقول" يدفعه ذكر الرسول؛ لأنه يدل على أن الكلام لغيره، لكنه أرسل تبليغه فمعنى قوله: "لقول رسول" أي تبليغه عمن أرسله من غير زيادة ولا نقص.
قاله الإمام الشنقيطي: "أضواء البيان" ١٠/ ٣١٠.
(١) يراجع في ذلك سورة الحاقة: آية: ٤٠
273
٢٠ - ثم وصف جبريل فقال: ﴿ذِي قُوَّةٍ﴾ (١) أي فيما كلف وأمر به.
وذكر ابن عباس من قوته: رفعه مدائن لوط بجناحيه من الأرض إلى السماء (٢).
وذكر مقاتل من قوته: أن شيطانًا يقال له: الأبيض، صاحب الأنبياء، قصد أن يفتن النبي -صلى الله عليه وسلم- فدفعه جبريل دفعة (هينة) (٣) [فوقع] (٤) بها من مكة إلى أقصى الهند (٥).
٢١ - وقوله (٦) (عَزَّ وَجَلَّ) (٧): ﴿عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ﴾
قال الكلبي (٨)، ومقاتل (٩): يعني في المنزلة، يعني: هو وجيه عند الله.
وقال الكسائي: يقال: قد مَكُن فلان عند فلان -بضم الكاف- مكنًا ومكانة (١٠).
٢١ - ﴿مُطَاعٍ﴾ (١١) تطيعه الملائكة. ﴿ثَمَّ﴾ أي في السماء. وذكر ابن
(١) ﴿ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠)﴾.
(٢) ورد بنحو قوله في: "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٨، وقد وردت روايات بمثل قوله من غير عزو في: "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٣، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٣، "التفسير الكبير" ٣١/ ٧٤، "لباب التأويل" ٤/ ٣٥٧.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٤) في كلا النسختين: وقع، وأثبت ما جاء في أصول القول لصحته.
(٥) "تفسير مقاتل" ٢٣٠/ ب، "التفسير الكبير" ٣١/ ٧٤.
(٦) في (أ): قوله.
(٧) ما بين القوسين ساقط من: ع.
(٨) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٩) لم أعثر على مصدر لقوله.
(١٠) "التفسير الكبير" ٣١/ ٧٤، وانظر: "تهذيب اللغة" ١٠/ ٢٩٢: (مكن).
(١١) ﴿مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١)﴾.
274
عباس (١)، والمفسرون (٢):
من طاعة (٣) الملائكة لجبريل أنه أمر خازن الجنة ليلة المعراج حتى فتح لمحمد -صلى الله عليه وسلم- أبوابها فدخلها، [ورأى] (٤) ما فيها، وأمر خازن جهنم فقال له: افتح لمحمد -صلى الله عليه وسلم- عن جهنم حتى ينظر إليها، فأطاعه مالك فذلك
(١) ورد قوله في: "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٣٨.
(٢) انظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٣، "زاد المسير" ٨/ ١٩٢، "لباب التأويل" ٤/ ٣٥٧. وقد ورد حيث المعراج في:
"الجامع الصحيح" للبخاري: ٢/ ٤٨٥: ح: ٣٤٣٠: كتاب الأنبياء: باب: ٤٣، وج: ٣/ ٦٣: ح: ٣٨٨٧: كتاب مناقب الأنصار: باب المعراج.
كما ورد في صحيح مسلم: ١/ ١٤٥: ح: ٢٥٩، ٢٦٤: كتاب الإيمان: باب الإسراء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى السموات.
ومسند الإمام أحمد: ٣/ ١٤٨ - ١٤٩، ٤/ ٢٠٨ - ٢٠٩.
والشاهد من الحديث كما ورد عند البخاري عن مالك بن صعصعة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حدثهم عن ليلة أسري به، ثم صعد حتى أتى السماء الثانية، فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، فلما خلصتُ فإذا يحيى وعيسى، وهما ابنا خالة، قال: هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمت فردا ثم قالا: مرحبًا بالأخ الصالح، والنبي الصالح".
ولم يذكر في المراجع السابقة حكايه جبريل مع خازن النار.
ولم أجد في الكتب المتقدمة على الواحدي من ذكر أمر إطاعة الملائكة لجبريل وإنما وجدت أقوالهم تذكر أن جبريل تطيعه الملائكة دون ذكر الحكاية السابقة. انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ٨٠، "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٣، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٧/ أ، "النكت والعيون" ٦/ ٢١٨، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٢.
(٣) في كلا النسختين أثبت لفظ الجلالة: الله بعد كلمة: طاعة، ولا يحسن إثباتها هنا لفساد المعنى، وعدم استقامة الكلام.
(٤) بياض في (ع)، وفي (أ): أو رأى، وأثبت ما جاء في "الجامع لأحكام القرآن" لصوابه.
275
قوله: "مطاع".
(ثم أمين) على وحي الله (عَزَّ وَجَلَّ) (١) ورسالته وأنبيائه.
٢٢ - ﴿وَمَا صَاحِبُكُمْ (بِمَجْنُونٍ) (٢)﴾ يعني محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، والخطاب لأهل مكة، وهذا أيضًا من جواب القسم، أقسم الله: أن القرآن نزل به جبريل، وأن محمدًا ليس كما تقوله أهل مكة، وذلك أنهم قالوا: إن محمدًا مجنون، وهذا الذي يأتي به تقوله من تلقاء نفسه، وقد ذكر الله ذلك عنهم في قوله: ﴿وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ﴾ [لحجر: ٦] الآية. وكذبهم الله فيما قالوا بقوله: ﴿ن وَالْقَلَمِ﴾ إلى قوله: ﴿بِمَجْنُونٍ﴾ [القلم: ١ - ٢]، وبقوله: ﴿وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ﴾.
٢٣ - قوله تعالي (٣): ﴿وَلَقَدْ رَآهُ﴾ (٤) يعني رأى محمد (٥) جبريل (عليهما السلام) (٦) بالأفق المبين، يعني حيث تطلع الشمس في قول الجميع (٧)، وهذا
(١) كلمة (تعالى) ساقطة من: ع.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٣) ما بين القوسين ساقط من: ع.
(٤) ﴿وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (٢٣)﴾.
(٥) في كلا النسختين: محمدًا.
(٦) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٧) وهذا قول قتادة، ومجاهد، وابن زيد، وسفيان، وأبو الأحوص، وعامر.
انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٥٢، "جامع البيان" ٣/ ٨١، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٧/ أ، "النكت والعيون" ٦/ ٢١٨، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٤، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٤٤، "البحر المحيط" ٨/ ٤٣٥.
وعزاه ابن الجوزي إلى المفسرين في: "زاد المسير" ٨/ ١٩٣، وكذلك الفخر الرازي في: "التفسير الكبير" ٣١/ ٧٥، وبه قال الطبري، وساق أقوال المفسرين، =
276
مفسر في سورة "والنجم" (١).
ثم (أخبر) (٢) أن القرآن الذي يأتي به ليس من (٣) تلقاء نفسه، ولا هو بمتهم في ذلك، وهو قوله:
= ولم يذكر مخالفاً لهم. "جامع البيان" ٣٠/ ٨١.
وأكد ودلل على ذلك ابن كثير في "تفسيره" ٤/ ٥١٢، وإليه ذهب الخازن في "لباب التأويل" ٤/ ٣٥٧.
وهناك قول آخر في أن الذي رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- هو ربه، وقد رآه بالأفق المبين، وهذا معنى قول ابن مسعود. انظر: "النكت والعيون" ٦/ ٢١٨، "فتح القدير" ٥/ ٣٩٢، وغيرهما من كتب التفسير.
قلت: والذي عليه جمهور المفسرين، ورجحه الطبري وابن كثير أن الذي رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- هو جبريل، وعليه فما ذهب إليه الإمام الواحدي من تقريره الإجماع على هذا القول يؤكد ما ذهبنا إلى تقريره في حكاية الإجماع، وقد سبق ذكره في مواطن عدة.
(١) سورة النجم: ١٣: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾.
ومما جاء في تفسير الآية: "قال عطاء عن ابن عباس: رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جبريل وهو بالأفق الأعلى في صورته له ستمائة جناح، ونحو هذا ذكر الكلبي، وقال مقاتل: وهو يعني جبريل بالأفق الأعلى يعني من قبل المطلع، وقال الكلبي: يعني مطلع الشمس، وهذا قول الجميع في الأفق الأعلى، يعني أفق المشرق قال المفسرون: إن جبريل كان يأتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صورة الآدميين، فسأله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يريه نفسه على صورته التي جبل عليها، فأراه نفسه مرتين: مرة في الأرض، ومرة في السماء، فأما في الأرض ففي الأفق الأعلى، وذلك أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم-كان بحراء، فطلع له جبريل من المشرق فسد الأفق إلى المغرب، فخر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مغشيًا عليه، فنزل جبريل في صورة الآدميين وضمه إلى نفسه وأما في السماء فعند سدرة المنتهى ولم يره أحد من الدنيا على تلك الصورة إلا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٣) في (أ): عن.
277
٢٤ - ﴿وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ﴾ (١) معنى الغيب -هاهنا- القرآن، وما أنزل الله عليه، في قول الجميع، قالوا: هو الوحي وخبر السماء، وما اطلع عليه بعلم الغيب الذي (كان) (٢) غائبًا عن أهل مكة من الأنبياء والقصص (٣)
والعرب لم تكن تعرف ذلك؛ لأنهم لم يكونوا أهل الكتاب.
(والظنين (٤): المتهم، يقال: ظننت زيدًا في معنى: اتهمت (٥)، ليس من الظن الذي يتعدى إلى مفعولين) (٦)، وأنشد (أبو عبيدة) (٧) (٨):
أمَا وكتاب الله لا عن شناءة هجرت ولكنَّ الظنين ظنين (٩)
(١) في (ع): بظنين.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٣) وهو قول: زر، وقتادة، وابن زيد، والضحاك. انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ٨٢.
وإليه ذهب الطبري في: "جامع البيان" ٣٠/ ٨٣، والسمرقندي في: "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٣، والثعلبي في: "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٧/ ب.
وانظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٤، "زاد المسير" ٨/ ١٩٣، "التفسير الكبير" ٣١/ ٧٥، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٤٠، "لباب التأويل" ٤/ ٣٥٧.
ولم أجد مخالفًا لهذا القول، فالقول ينطبق عليه ما قاله الواحدي من حكاية الإجماع. والله أعلم.
(٤) في (أ): الضنين.
(٥) في (ع): اتهمه
(٦) ما بين القوسين نقله عن "الحجة" ٦/ ٣٨٠ - ٣٨١ بتصرف.
(٧) لم أجد في "مجاز القرآن" لأبي عبيدة استشهاده ببيت الشعر، وإنما الذي ذكر عنه أنه قال: أي متهم، و"ضنين" يضن به ويضَن. ٢/ ٢٨٨.
(٨) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٩) ورد اليت في: "تهذيب اللغة" ١٤/ ٣٦٤: (ظن) برواية:
"فلا ويمين الله ما عن جناية هجرت"، ونسبه إلى عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، و"لسان العرب" ١٣/ ٢٧٣: (ظن)، "تاج العروس" ٩/ ٢٧٢: (ظن)، وكلاهما =
278
قال جماعة من المفسرين (١):
ما محمد على القرآن (بمتهم) (٢)، أي هو ثقة فيما يؤدي عن الله تعالي.
(ومن قرأ: "بضنين (٣) " -بالضاد (٤) - فهو من البخل، يقال: ضننت به أضَنُّ، أي بخلت) (٥)، وأنشد (أبو عبيدة (٦) قول) جميل:
أجودُ بمضنون التلاد وإنني بِسِرِّكِ عَمَّنْ سالني لَضَنينُ (٧)
= نسبه إلى نهار بن توسعة.
كما ورد في "الكامل" ١/ ٢٣ برواية: "فلا ويمين الله ما عن جناية" بدلًا من الشطر الأول، كما نسبه إلى عبد الرحمن بن حسان، وانظر: "الكشف والبيان"ج ١٣: ٤٧/ ب، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٤٠.
(١) قال بذلك: زر، وابن عباس، والضحاك، وابن زيد، وابن جبير، وإبراهيم.
وهذا معنى قراءة من قرأ: "بظنين" انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ٨٢ - ٨٣.
وقد قرأ: "بظنين" بالظاء: ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي.
انظر: "الحجة" ٦/ ٣٨٠، "حجة القراءات" ٧٥٢، "الكشف" عن وجوه القراءات السبع: ٢/ ٣٦٤.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٣) ساقط من (ع).
(٤) قرأ بذلك: نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، بالضاد: "بضنين". انظر: المراجع السابقة.
(٥) ما بين القوسين نقلًا عن "الحجة" ٦/ ٣٨١.
(٦) لم أجد في "مجاز القرآن" لأبي عبيدة في هذه الآية استشهاده بالشعر.
(٧) ورد البيت عير منسوب في:
"الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٤٠ برواية: "بمكنونة الحديث" بدلًا من: "بمضنون التلاد".
انظر: "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٤٧/ ب، ولم أعثر عليه في ديوانه.
279
قال ابن عباس: ليس ببخيل بما أنزل الله (١).
وقال مجاهد: لا يضن عليهم بما يعلم (٢).
وقال الفراء: يقول: يأتيه غيب السماء، وهو منفوس فيه (٣)، فلا يضن به عليكم (٤).
وقال أبو إسحاق: أي هو يؤدي عن الله، ويُعَلِّم كتاب الله (٥).
قال أبو علي الفارسي: المعنى أنه يخبر عن الغيب (٦) فيبينه، ولا يكتمه كما يكتم الكاهن (ذلك) (٧)، ويمتنع من إعلامه حتى يأخذ عليه حُلوانًا (٨). واختار أبو عبيد (٩) القراءة الأولى لمعنيين (١٠):
أحدهما: أن الكفار لم يُبخّلوه، وإنما اتهموه، فنفي التهمة أولى من نفي البخل.
والآخر: قوله: "على الغيب" ولو كان المراد بالبخل لقال: بالغيب؛
(١) "الدر المنثور" ٨/ ٤٣٥ وعزاه إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن جرير، ولم أجد هذه الرواية عند ابن جرير.
(٢) تفسير الإمام مجاهد: ٧٠٩، "جامع البيان" ٣٠/ ٨٢، "الدر المنثور" وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(٣) في (أ): قول فيه.
(٤) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤٢ بنصه.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٣ بنصه.
(٦) في (ع): بالغيب.
(٧) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٨) "الحجة" ٦/ ٣٨١ بيسير من التصرف.
(٩) في (أ): أبو عبيدة.
(١٠) في (ع): المعينين.
280
لأنه يقال: فلان ضنين بكذا، وقلّ ما يقال: على كذا (١) (٢).
٢٥ - ثم ذكر أنه ليس من تعليم الشيطان فقال: ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ﴾. قال الكلبي: يقول: إن القرآن ليس بشعر، ولا كهانة، ولا قول شيطان كما قالت (٣) قريش (٤).
وقال عطاء: يريد الشيطان (٥) الأبيض الذي كان يأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- في صورة جبريل يريد أن يفتنه (٦).
وقال مقاتل: إن كفار مكة قالوا: إنما يجيء به "الري" وهو شيطان، فيلقيه على لسان محمد -صلى الله عليه وسلم-. (٧)
٢٦ - ثم بكتهم فقال: ﴿فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ﴾. قال الفراء: العرب تقول: إلى أين تذهب؟ وأين تذهب؟ ويقول: ذهبت الشام، وانطلقت السوق، وخرجت الشام، استجازوا في هذه الأحرف الثلاثة إلفاء (إلى) (٨) لكثرة (٩) استعمالهم إياها، وأنشد (١٠):
(١) بياض في (ع).
(٢) "الكشف والبيان" ج ١٣/ ٤٧/ ب.
(٣) بياض في (ع).
(٤) "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٤.
(٥) في (ع): بالشيطان.
(٦) "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٤١.
(٧) "تفسير مقاتل" ٢٣١/ أ، "زاد المسير" ٨/ ١٩٣ بنحوه.
(٨) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٩) في (ع): كثرة
(١٠) البيت لعُتّي بن مالك العقيلي.
281
تَصيحُ بِنا حَنيفةُ إذْ رأتْنا وأيَّ الأرضِ تذهبُ بالصِّياحِ (١)
أراد إلى أي الأرض (٢).
قال المفسرون: أين تعدلون؟ وأين تذهبون عن كتابي يا أهل مكة (٣)؟
(١) ورد البيت في: شعراء بني عقيل وشعرهم: ٥٤ برواية: "حين جئنا نذهب للصياح"، بدلًا من: "إذا رأتنا تذهب بالصياح". كما ورد في:
"جامع البيان" ٣٠/ ٨٣، "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٨/ أ، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٤١، والرواية عند الفراء في نهاية شطره الثاني: للصياح بدلًا من: بالصياح.
موضع الشاهد: نصب: "أي" لنزع الخافض، يريد: إلى أي أرض، واستجازوا في هذه الكلمات حذف "إلى" لكثرة استعمالهم إياه. شرح أبيات "معاني القرآن" ٩١: ش: ١٨٠.
قال النحاس: جعل الكوفيون: انطلق، وذهب، وخرج، هذه الأفعال الثلاثة يجوز معها حذف "إلى"، وأما سيبويه فحكى منها واحدًا، ولا يجيز غيره، وهو: ذهبت الشام، ولا يجيز: ذهبت مصر.
"إعراب القرآن" للنحاس: ٢/ ١٦٤.
وقد منع النحويون نصب اسم المكان على الظرفية إذا كان خالصًا (له صورة وحدوده محصورة)، وأوجبوا الجر فيه بحرف الجر، واستثنوا هذه الأحرف التي ذكرها الفراء إذ ورد السماع بها عن العرب بدون حرف الجر، وهو كما قال.
انظر: حاشية "جامع البيان" ٣/ ٨٣.
(٢) "معاني القرآن" ٣/ ٢٤١ مختصرًا.
(٣) بنحو ذلك قال قتادة."جامع البيان" ٣٠/ ٨٣، "النكت والعيون" ٦/ ٢١٩، "الجامع لأحكام القرآن" ١٩/ ٢٤١.
وإليه ذهب الثعلبي في: "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٨/ أ، وانظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٤، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٥٧، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٢.
وحكى الماوردي قولًا، ثالثًا، وهو: فأين تذهبون عن عذابه وعقابه. "النكت والعيون" ٦/ ٢١٩.
282
قال أبو إسحاق: معناه وأي طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة التي قد بينت لكم (١).
ثم بين أن القرآن ما هو، فقال:
٢٧ - ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ﴾ يقول: ما القرآن إلا موعظة للخلق كلهم أجمعين (٢).
٢٨ - وقوله (٣) (تعالى): ﴿لِمَنْ شَاءَ﴾ (٤) بدل من قوله: "للعالمين"
وقوله (٥) (تعالى) (٦): ﴿أَنْ يَسْتَقِيمَ﴾ أي على الحق، والإيمان، والإسلام (٧).
والمعنى: إن القرآن إنما يتعظ به من استقام على الحق.
قال المفسرون (٨): ثم رد (٩) المشيئة إلى نفسه فقال:
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٣ بنصه.
(٢) وبهذا قال الطبري في: "جامع البيان" ٣٠/ ٨٤، والنحاس في: "إعراب القرآن" ٢/ ١٦٥، وانظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٤، "زاد المسير" ٨/ ١٩٤.
(٣) في (أ): قوله.
(٤) ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨)﴾.
(٥) في (أ): قوله.
(٦) ما بين القوسين ساقط من: ع.
(٧) بنحوه قال مجاهد. انظر: تفسير الإمام مجاهد: ٧٠٩، "جامع البيان" ٣٠/ ٨٤، "إعراب القرآن" للنحاس: ٢/ ١٦٥.
وإليه ذهب السمرقندي في: "بحر العلوم" ٣/ ٤٥٣، الثعلبي في: "الكشف والبيان" ج ١٣: ٤٨/ أ، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٤، "زاد المسير" ٨/ ١٩٤.
(٨) ممن قال بذلك: الطبري في "جامع البيان" ٣٠/ ٨٤، والزجاج في: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٣، وانظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٤٥٤، "التفسير الكبير" ٣١/ ٧٦، "لباب التأويل" ٤/ ٣٥٧، "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥١٢.
(٩) بياض في (ع).
٢٩ - قوله تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ قال أبو هريرة: لما أنزل الله: ﴿لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ﴾ قالوا: الأمر إلينا إن شئنا استقمنا (١)، وإن شئنا لم نستقم، فأنزل الله: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ﴾ الآية (٢).
قال (٣) أبو إسحاق: أعلمهم أن المشيئة في التوفيق إليه، وأنهم لا يقدرون على ذلك إلا بمشيئة الله وتوفيقه (٤).
وقوله: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ (وهذا إعلام أن (الإنسان) (٥) لا يعمل خيرًا إلا بتوفيق من الله، ولا شرًا إلا بخذلانه، وأن الخير والشر بقضائه وقدره، يضل من يشاء، ويهدي من يشاء) (٦).
(١) بياض في (ع).
(٢) وردت روايته في: لباب النقول في أسباب النزول: للسيوطي: ٢٢٧، كما وردت رواية عن سليمان بن موسى بطرق مختلفة، وبمثل ما رواه أبو هريرة.
انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٥٣، "جامع البيان" ٣٠/ ٨٤، "الدر المنثور" ٨/ ٤٣٦، جامع النقول في أسباب النزول لابن خليفة: ٣٢٩.
كما وردت أيضًا رواية عن القاسم بن مخيمرة بمثل ما رواه أبو هريرة، وسليمان بن موسى. انظر: "الدر المنثور" ٨/ ٤٣٦.
(٣) في (ع): قوله.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٣.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٦) ما بين القوسين نقله عن الزجاح في: "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٢٩٤.
قال ابن تيمية في قوله: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾: "أخبر أن =
284
........................
= مشيئتهم موقوفة على مشيئته، ومع هذا فلا يوجب ذلك وجود الفعل منهم إذ أكثر ما فيه أنه جعلهم شائين، ولا يقع الفعل منهم حتى يشاؤوا منهم كما في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [المدثر: ٥٦]، ومع هذا فلا بد من إرادة الفعل منهم حتى يريد من نفسه إعانتهم وتوفيقهم، فهنا أربع إرادات: إرادة البيان، وإرادة المشيئة، وإرادة الفعل، وإرادة الإعانة. والله أعلم".
"دقائق التفسير": ٥/ ٣٣ - ٣٤.
وقال الشيخ السعدي في معنى الآية: أي فمشيئته نافذة لا يمكن أن تعارض أو تمانع، وفي هذه الآية وأمثالها رَدٌّ على فرقتي القدرية النفاة، والقدرية المجبرة، والله اعلم".
"تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان": ٥/ ٣٧٩.
285
سورة الانفطار
287
Icon