تفسير سورة الماعون

تيسير التفسير
تفسير سورة سورة الماعون من كتاب تيسير التفسير .
لمؤلفه إبراهيم القطان . المتوفي سنة 1404 هـ
سورة الماعون مكية، وآياتها سبع، نزلت بعد سورة التكاثر. وتخبر سورة الماعون عن المكذبين بالدين وبالبعث بطريقة الاستفهام للتعجيب. ثم بينت صفات هؤلاء المكذبين بأنهم يهينون الأيتام ويزجرونهم، ولا يعطفون عليهم. وأنهم يبخلون بأموالهم، ولا يحضّون أحدا بقول أو عمل على إطعام المساكين، وذلك لشدة بخلهم وشحّهم. ثم بينت فريقا آخر يتهاون في صلاته، ولا يؤديها في أوقاتها، ولا يقيمها كما يجب، ويتظاهر بالتدين، ولكنه خِداع ومراء. وقد توعدت الجميع بالهلاك والثبور.

أرأيتَ : هل علمتَ.
بالدِين : الخضوع إلى الله والتصديقُ بالبعث والجزاء.
هل عرفتَ يا محمد، ذلك الذي يكذّب بالجزاءِ والحسابِ في الآخرة، ولا يؤمن بما جاءَ به الرسول ؟
﴿ يدعُّ اليتيم ﴾ : يدفعه بعنف.
إن هذا الذي يكذّب بالدين من أوصافِه السيّئة أنه بخيلٌ شرِس الأخلاق، لذلك فإنه يؤذي اليتيم، ويدفعُه بجَفوة وغلظة، ولا يُعطيه حقَّه.
يحضّ : يحث ويرغب.
ومن بُخله الشديد أنّه لا يحثّ على مساعَدة المساكين، ولا يُعطيهم من مالِه شيئا. وذلك كلُّه لأنه لا يؤمن بأنه سيُبعث يومَ القيامة ويحاسَب حساباً عسيرا.
ثم ذكَر الفريقَ الآخر المرائي الّذي يعمل من أجلِ أن يَظهر أمام الناس وهو كاذبٌ مخادِع فقال :
﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الذين هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ الذين هُمْ يُرَآءُونَ وَيَمْنَعُونَ الماعون ﴾.
فالهلاكُ لهؤلاء.
ساهون : غافلون.
الّذين يَغْفُلون عن الصلاة.
يُراءون : يُظهرون خلاف ما يضمرون.
وإذا فعلوها ( أي : الصلاة ) فإنما يؤدّونها نِفاقاً ورئاءً، إنهم يُظهِرون للناس أنهم أتقياء، وهم كاذبون.
الماعون : اسمٌ جامع لكل ما ينتفَع به من أدوات البيت، والإناءُ المعروف.
كذلك فإنهم :﴿ وَيَمْنَعُونَ الماعون ﴾ ويمنعون عن الناس معروفَهم ومعونَتَهم. وهؤلاء موجودون في كل زمانٍ وكل مكان. وتنطبق هذه الآية الكريمة على معظم العرب والمسلمين.
ولا يمكن أن ننهضَ ونصيرَ أمةً ذاتَ كرامةٍ وسيادة إلا إذا أصلحْنا أنفسَنا، وأعدْنا النظر في تربية النَّشْءِ تربيةً صالحة، وسِرنا على تعاليم ديننا الحنيف مُقْتَدين بسيرةِ سيّدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم وأصحابِه وسَلَفِنا الصالح، وأخذْنا بالعلم الصحيح.
Icon