ﰡ
مكية. وآياتها أربع آيات، وهي سورة التوحيد والتنزيه لله- سبحانه وتعالى- وهذا هو الأصل الأول والركن الركين للإسلام لذلك ورد أنها تعدل ثلث القرآن في ثواب قراءتها إذ الأصول العامة ثلاثة: التوحيد، تقرير الحدود وأعمال الخلق، وذكر أحوال يوم القيامة، ولا حرج على فضل الله الذي يهب لمن يقرؤها بتدبر وتفهم مثل ما يهبه لقارئ ثلث القرآن.
[سورة الإخلاص (١١٢) : الآيات ١ الى ٤]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٤)المفردات:
أَحَدٌ: واحد في ذاته وصفاته وأفعاله. الصَّمَدُ: المقصود وحده في قضاء الحوائج. كُفُواً: مكافئا ومماثلا ونظيرا.
المعنى:
هذا هو الأساس الأول، والمهمة الأولى التي جاء إليها النبي صلّى الله عليه وسلّم فشمر عن ساعد الجد، وأخذ يدعو الناس إلى التوحيد، وعبادة الله الواحد لهذا أمر في هذه السورة بأن يقول للناس: هو الله أحد.
قل لهم يا محمد: الخبر الحق المؤيد بالصدق، والبرهان القاطع هو الله أحد، فالله واحد في ذاته ليس مركبا ولا متعددا، واحد في صفاته فليس لغيره صفة تماثله، وواحد في أفعاله فليس لغيره فعل يدانى فعله أو يشبهه.
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وهذا تنزيه لله عن أن يكون له ولد أو بنت أو والد أو أم، أما كونه لا ولد له فهذا رد على المشركين الذين يقولون: الملائكة بنات الله، وعلى النصارى واليهود الذين يقولون: العزير والمسيح أبناء الله، ولم يكن الله مولودا كما قالت النصارى: المسيح ابن الله ثم عبدوه كأبيه، أما استحالة أن يكون له ولد فإن الولد يقتضى انفصال جزء من أبيه وهذا بلا شك يقتضى التعدد والحدوث ومشابهة المخلوقات، على أنه غير محتاج إلى الولد فهو الذي خلق الكون وهو الذي فطر السموات والأرض وهو الذي يرثهما.
أما استحالة كونه مولودا فهي من البديهيات الظاهرة لاحتياج الولد إلى والد ووالدة، وإلى ثدي ومرضعة، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ نعم ما دام واحدا في ذاته ليس متعددا، وليس والدا لأحد ولا مولودا لأحد، فليس يشبه أحدا من خلقه، وليس له مثيل أو نظير أو ند أو شريك سبحانه وتعالى عما يشركون.
وهذه السورة مع وجازتها ردت على مشركي العرب وعلى النصارى واليهود كما مر وأبطلت مذهب المانوية القائلين بالنور والظلمة، وعلى النصارى القائلين بالتثليث، وأبطلت مذهب الصابئة الذين يعبدون النجوم والأفلاك، وردت على مشركي العرب الذين زعموا أن غيره يقصد عند الحوائج، وأن له شريكا تعالى الله عن ذلك كله.