ﰡ
قال ذلك هنا، وقال في الانفطار ﴿ وإذا البحار فُجّرت ﴾ [ الانفطار : ٣ ] أي سالت مياهها على الأرض، فصارت بحرا واحدا، واختلط العذب بالملح، موافقة في الأول لقوله بعده ﴿ سُعّرت ﴾ [ التكوير : ١٢ ] ليقع الوعيد بتسجير البحار وتسعير النار، وفي الثاني لقوله :﴿ وإذا الكواكب انتثرت ﴾ [ الانفطار : ٢ ] أي تساقطت على الأرض، وصيرورة البحار نارا مسجّرة، يصير أحدهما في وقت، والآخر في آخر، لطول يوم القيامة.
فإن قلتَ : كيف قال ذلك، مع أن سؤال ما ذُكر إنما يحسن من القاتل لا من المقتول ؟
قلتُ : إنما سُئلت لتبكيت قاتلها، وتوبيخه بما يجيب به، فإنها قُتلت بغير ذنب. ونظيره قوله تعالى لعيسى عليه السلام :﴿ أأنت قلت للناس اتّخذوني وأمي إلهين من دون الله... ﴾ ؟ [ المائدة : ١١٦ ].
فإن قلتَ : لم ختم الآية هنا بقوله :﴿ ما أحضرت ﴾ أي من خير وشرّ، وفي الانفطار بقوله :﴿ علمت نفس ما قدّمت وأخّرت ﴾ [ الانفطار : ٥ ] أي ما قدّمته من الأعمال، وما أخّرته منها فلم تعمله( ١ ).
قلتُ : رعاية للمناسبة، إذْ شروط الجواب هنا طالت بكثرتها، فحسُن اختصاره ليوقف عليه، وشروطه ثَمَّ قصُرت بقلَّتها، فحسن بسطه، تيسُّر الوقف عليه حينئذ.