هي مكية وآيها اثنتا عشرة ومائة
أخرج البخاري عن ابن مسعود أنه قال :" بنو إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء هن من العتاق الأول وهن من تلادي ".
وعن عامر بن ربيعة أنه أنزل به رجل من العرب، فأكرم مثواه، وكلم فيه رسول الله ( ص )، فجاءه الرجل فقال : إني استقطعت رسول الله واديا ما في ديار العرب واد أفضل، وقد أردت أن أقطع إليك قطعة تكون لك ولعقبك من بعدك، فقال عامر، لا حاجة لي في قطعتك، فنزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا، يريد هذه السورة.
ومناسبتها لما قبلها :
أن السورة السالفة ختمت بأن الناس قد شغلتهم زهرة الدنيا التي جعلها الله لهم فتنة، وأن الله نهى رسوله أن يتطلع إليها، وأمره بالصلاة والصبر عليها، وأن العاقبة للمتقين، وبدئت هذه السورة بمثل ما ختمت به السالفة، فذكر فيها الناس غافلون عن الساعة والحساب، وأنهم إذا سمعوا القرآن استمعوه وهم لاعبون، وقلوبهم لاهية عنه.
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ( ١ ) ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون ( ٢ ) لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ( ٣ ) قال ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم ( ٤ ) بل قالوا أضغات أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ( ٥ ) ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون ﴾[ الأنبياء : ١- ٦ ].تفسير المفردات :
اقترب وقرب بمعنى، والمراد من اقتراب الحساب اقترب زمانه : وهو مجيء الساعة. والناس : هم المكلفون. معرضون : أي عن التأهب لهذا اليوم.
الإيضاح :
﴿ اقترب للناس حسابهم وهو في غفلة معرضون ﴾أي دنا حساب الناس على أعمالهم التي عملوها في دنياهم، و على النعم التي أنعمها عليهم ربهم في أجسامهم وعقولهم ومطاعمهم ومشاربهم، ماذا عملوا فيها ؟ هل أطاعوه فيها فانتهوا إلى أمره ونهيه ؟ أو عصوه فخالفوا أمره فيها، وهم في هذه الحياة في غفلة عما يفعل الله بهم يوم القيامة، ومن ثم تركوا الفكر والاستعداد لهذا اليوم والتأهب له، جهلا منهم بما هم لاقوه حينئذ من عظيم البلاء وشديد الأهوال ؛ وآثر بيان اقتراب هذا اليوم مع أن الكلام مع المشركين المنكرين للبعث، للإشارة إلى أن البعث لا ريب فيه، وان الذي يرجى بيانه ذكر ما يستتبعه من الأحوال والأهوال كالحساب الموجب للاضطراب على وجه أكيد ونهج سديد.
وخلاصة ذلك : أنه قد دنا وقت الساعة وهم غافلون عن حسابهم، ساهون لا يتفكرون في عاقبتهم، مع أن قضية العقل تقضي بجزاء المحسن والمسيء، وإذا هم نبهوا من غفلتهم بما يتلى عليهم من الآيات والنذر أعرضوا، وسدوا أسماعهم عن سماعه.
من ذكرى : أي قرآن. محدث : أي جديد إنزاله. يلعبون : أي يسخرون ويستهزئون.
الإيضاح :
ثم ذكر ما يدل على غفلتهم وإعراضهم بقوله :
﴿ ما يأتيهم من ذكر ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون * لاهية قلوبهم ﴾ أي ما ينزل الله من قرآن ويذكرهم به إلا استمعوه وهم لاهون لاعبون مستهزئون.
والخلاصة : إنه ما جدد لهم الذكر وقتا فوقتا، وكرر على أسماعهم التنبيه والموعظة لعلهم يتعظون، إلا زادهم ذلك سخرية واستهزاء.
و في هذا ذم لأولئك الكفار وزجر لغيرهم عن مثله، فالانتفاع بما يسمع لا يكون إلا بما يرجع إلى القلب من تدبر وتفكر، وإلا حصل مجرد الاستماع الذي تشارك البهيمة فيه الإنسان.
من ذكرى : أي قرآن. محدث : أي جديد إنزاله. يلعبون : أي يسخرون ويستهزئون.
الإيضاح :
ثم ذكر ما يدل على غفلتهم وإعراضهم بقوله :
﴿ ما يأتيهم من ذكر ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون * لاهية قلوبهم ﴾ أي ما ينزل الله من قرآن ويذكرهم به إلا استمعوه وهم لاهون لاعبون مستهزئون.
والخلاصة : إنه ما جدد لهم الذكر وقتا فوقتا، وكرر على أسماعهم التنبيه والموعظة لعلهم يتعظون، إلا زادهم ذلك سخرية واستهزاء.
و في هذا ذم لأولئك الكفار وزجر لغيرهم عن مثله، فالانتفاع بما يسمع لا يكون إلا بما يرجع إلى القلب من تدبر وتفكر، وإلا حصل مجرد الاستماع الذي تشارك البهيمة فيه الإنسان.
تفسير المفردات :
لاهية قلوبهم : أي غافلة قلوبهم عن ذكر الله. النجوى : التناجي، والمراد أنهم أخفوا تناجيهم ولم يتناجوا بمرأى من غيرهم.
الإيضاح :
وبعد أن ذكر ما يظهرونه حين الاستماع من اللهو واللعب، ذكر ما يخفونه بقوله :
﴿ وأسروا النجوى الذين ظلموا ﴾أي وأسر هؤلاء الذين اقتربت الساعة منهم وهم في غفلتهم معرضون التناجي بينهم وأخفوه عن سواهم.
ثم بين ما تناجوا به فقال :
﴿ هل هذا إلا بشر مثلكم ﴾أي قالوا في تناجيهم متعجبين من دعواه النبوة، هل هذا الذي آتاكم بهذا الذكر إلا بشر مثلكم في خلقه و أخلاقه، يأكل كما تأكلون ويشرب كما تشربون، ويموت كما تموتون، فكيف يختص دونكم بالرسالة ؟
﴿ أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ﴾أي ما هذا الذي أتى به مما لا تقدرون عليه إلا سحر لا حقيقة له، فكيف تعلمون ذلك ثم تذعنون له وتتبعونه وتجيبون دعوته ؟
وخلاصة ذلك : إنهم طعنوا في نبوته بأمرين :
( ١ ) إن الرسول لا يكون إلا ملكا.
( ٢ ) إن الذي يظهر على يديه من قبيل السحر.
وإنما أسروا ذلك، لأنه كالتشاور بينهم والتحاور لطلب الطريق الموصل إلى هدم دينه، وقد جرت عادة المتشاورين في خطب عظيم ألا يشركوا أعداءهم في مشورتهم، بل يجتهدون في طي سرهم عنهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا كما جاء في حكمهم :" استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان ".
فأجابهم عليه السلام عما قالوا :
﴿ قال ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم ﴾أي قال لهم الرسول ( ص ) : إنكم وإن أخفيتم قولكم وطعنكم في، فإن ربكم عليم بذلك وإنه معاقبكم عليه، وهو السميع لجميع المسموعات، العليم بجميع المعلومات.
وفي هذا من الوعيد والتهديد ما لا يخفى.
وإنما آثر كلمة " القول " التي تعم السر والجهر دون الكلمة " السر " التي تقدمت في الكلام : للإيذان بأن علمه تعالى بالأمرين على وتيرة واحدة، لا تفاوت فيه بالجلاء والخفاء كما في علوم العبادة.
وخلاصة ذلك : إنه يعلم هذا الضرب من الكلام وأعلى منه وأدنى منه، وفي هذا مبالغة في علمه تعالى بكل ما يكمن أن يسمع أو يعلم.
أضغاث أحلام : أي تخاليط أحلام رآها في النوم. افتراه : اختلقه من تلقاء نفسه. بل : كلمة تذكر للانتقال من غرض إلى آخر، ولا تذكر في القرآن إلا على هذا الوجه كما قال ابن مالك وسبقه إليه صاحب الوسيط ووافقه ابن الحاجب وهو الحق.
الإيضاح :
ثم بين سبحانه أنهم اقتسموا القول في النبي ( ص ) وفيما يقوله فقال :
﴿ بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر ﴾أي إنهم لم يقتصروا على قولهم السابق
﴿ هل هذا إلا بشر مثلكم ﴾وعلى قولهم فيما ظهر على يديه أنه سحر، بل قال بعضهم : أخلاط أحلام قد رآها في النوم، وقال آخرون : بل اختلقه من تلقاء نفسه ونسبه على الله، وقال قوم : بل هو شاعر وما أتى به شعر يخيل إلى السامع معاني لا حقيقة لها.
وخلاصة ذلك : إنهم ما صدقوا بحكمة هذا القرآن، ولا أقروا أنه من عند الله، ولا أنه وحي أوحاه الله إليه، بل قالوا هذه المقالات.
وهذا الاضطراب والتردد في القول دأب المحجوج المغلوب على أمره، لا يتردد إلا بين باطل وأبطل منه، ويتذبذب بين فاسد وأفسد منه.
وقد ذكرت هذه المقالات على هذا الوضع، إشارة إلى ترقيها في الفساد، فإن كونها سحرا أقرب من كونها أضغاث أحلام، فقد يقال :" إن من البيان لسحرا "، بخلاف تخاليط الكلام التي لا تضبط، ولا شبه لها بهذا النظم البديع، وادعاء كونها مفتريات أبعد وأبعد، لأنه عليه الصلاة والسلام قد شهر بالأمانة والصدق، إلى أنهم أعرف الناس بالفرق بين المنظوم والمنثور، وبين ما يساق له الشعر، وما سيق له هذا الكلام، إلى أنهم يعلمون من مخالطته مدى أربعين سنة أنه لا يتسهل له الشعر وإن أراده.
ولما قدحوا في القرآن طلبوا آية أخرى غيره فقال :
﴿ فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ﴾أي إن كان صادقا في أن الله بعثه رسولا إلينا، وأن الذي يتلوه وحي أوحاه الله إليه فليأتنا بحجة تدل على ما يقول ويدعي كما جاء به الرسل الأولون من قبله من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وناقة صالح وما أشبه ذلك من المعجزات التي لا يقدر عليها إلا الله ولا يأتي بها إلا الأنبياء والرسل.
وفي التعبير بقولهم﴿ كما أرسل الأولون ﴾بيان كونها آيات مسلمات تثبت الرسالة بمثلها، ويترتب عليها المقصود، وليس لأحد أن ينازع فيها.
ثم كذبهم سبحانه فيما تضمنته خاتمة مقالهم من الوعد بالإيمان حين إتيان الآية المقترحة، وبين أن في ترك إجابتهم عما طلبوا إبقاء عليهم فإنهم لو أوتوها ولم يؤمنوا بها لاستؤصلوا بالعذاب كما هي سنة الله في الأمم السالفة إذا كذبت رسلها بعد إتيانهم بما اقترحوا، ولكن قد سبقت كلمة الله أن مشركي هذه الأمة لا يعذبون بعذاب الاستئصال فقال :
﴿ ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون ﴾أي إن هؤلاء أشد عتوا من الذين اقترحوا على أنبيائهم الآيات ووعدوا أنهم يؤمنون حين مجيئها، فلما جاءتهم نكثوا العهد وخالفوا، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، فلو أعطوا ما اقترحوا لكانوا أشد نكثا، فينزل بهم عذاب الاستئصال، وقد سبقت كلمة ربك أنه سيؤخر عذابهم إلى اليوم المعلوم.
قال قتادة : قال أهل مكة للنبي ( ص ) إذا كان ما تقوله حقا ويسرك أن نؤمن، فحول لنا الصفا ذهبا، فأتاه جبريل فقال : إن شئت كان الذي سألك قومك، ولكنه إن كان، ثم لم يؤمنوا لم ينظروا، وإن شئت استأنيت بقومك، قال :" بل استأني بقومي " فأنزل الله﴿ ما آمنت قبلهم ﴾الآية.
المعنى الجملي : لما ذكر سبحانه فيما سلف إنكارهم لأن يكون الرسول بشرا بقولهم﴿ هل هذا إلا بشر مثلكم ﴾[ الأنبياء : ٣ ] أجاب عن هذه الشبهة بأن هذه سنة الله في الرسل قبل محمد( ص )، فهو ليس ببدع بينهم، وإن كنتم في ريب من ذلك فاسألوا أهل الكتاب من قبلكم ؛ ثم ذكر الرسل كسائر البشر في سنن الطبيعة البشرية يأكلون الطعام ولا يخلدون في الأرض، بل يموتون كما يموت سائر الناس، وقد صدقهم الله وعده، فينجيهم ومن آمن بهم ويهلك المكذبين لهم، وأعقب ذلك بأن في القرآن عظة لهم لو كانوا يعقلون في تضاعيفه من مواعظ وزو اجر، ووعد ووعيد.
تفسير المفردات :
أهل الذكر : هم أهل الكتاب.
الإيضاح :
﴿ وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم ﴾أي وما أرسلنا قبلك أيها الرسول رسولا إلى أمة من الأمم التي خلت من قبلك إلا رجلا مثلهم نوحي إليه ما نريد من أمرنا نهينا، لا ملكا نوحي إليه بوساطة الناموس ما نوحي من الشرائع والأحكام والقصص والأخبار، فما بالهم لا يفهمون أنك لست بدعا من الرسل ؟
وجاء بمعنى الآية قوله :﴿ وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى ﴾[ يوسف : ١٠٩ ] وقوله :﴿ قل ما كنت بدعا من الرسل ﴾[ الأحقاف : ٩ ] وقوله حكاية عمن تقدم من الأمم :﴿ أبشر يهدوننا ﴾[ التغابن : ٦ ].
ثم أمرهم سبحانه أن يسألوا في ذلك أهل الكتاب من اليهود والنصارى تبكيتا لهم وإزالة لما علق بأذهانهم من الاستبعاد بعد أن بين لهم وجه الحق فقال :
﴿ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ﴾أي فاسألوا أهل الكتاب ممن يؤمن بالتوراة والإنجيل يخبروكم عن ذلك إن كنتم لا تعلمون الحق، ولا يستبين لكم الصواب.
المعنى الجملي : لما ذكر سبحانه فيما سلف إنكارهم لأن يكون الرسول بشرا بقولهم﴿ هل هذا إلا بشر مثلكم ﴾[ الأنبياء : ٣ ] أجاب عن هذه الشبهة بأن هذه سنة الله في الرسل قبل محمد( ص )، فهو ليس ببدع بينهم، وإن كنتم في ريب من ذلك فاسألوا أهل الكتاب من قبلكم ؛ ثم ذكر الرسل كسائر البشر في سنن الطبيعة البشرية يأكلون الطعام ولا يخلدون في الأرض، بل يموتون كما يموت سائر الناس، وقد صدقهم الله وعده، فينجيهم ومن آمن بهم ويهلك المكذبين لهم، وأعقب ذلك بأن في القرآن عظة لهم لو كانوا يعقلون في تضاعيفه من مواعظ وزو اجر، ووعد ووعيد.
تفسير المفردات :
الجسد : كالجسم إلا أنه لا يقال لغير الإنسان كما قال الخليل بن أحمد. خالدين : أي باقين.
الإيضاح :
وبعد أن بين أنه ( ص ) على سنة من مضى من الرسل في كونه رجلا، بين أنه على سنتهم في سائر الأوصاف التي حكم بها على البشر في معيشتهم وموتهم فقال :
﴿ وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين ﴾أي وما جعلنا الرسل الذين أرسلناهم من قبلك إلى الأمم الماضية قبل أمتك جسدا لا يأكلون الطعام، أي لم نجعلهم ملائكة لا يأكلون الطعام، بل جعلناهم أجسادا مثلك يأكلون الطعام وتعرض لهم أطوار البشر جميعا من صحة ومرض وسرور وحزن ونوم ويقظة، وما كانوا مخلدين لا يموتون ولا يفنون، ولكنهم غبروا حينا من الدهر وهم أحياء ثم طواهم الثرى وضمتهم القبور.
وخلاصة ذلك : إنا جعلنا الرسل أجساما تتغذى حين الحياة، ثم يصير أمرها إلى الفناء بعد استيفاء آجالها، ولم نجعلهم ملائكة لا يتغذون، وما كانوا مخلدين بأجسادهم، بل يموتون كما مات الناس قبلهم وبعدهم، وإنما امتازوا عن غيرهم من سائر الناس بما يأتيهم عن الله من الوحي الزلفى عنده.
المعنى الجملي : لما ذكر سبحانه فيما سلف إنكارهم لأن يكون الرسول بشرا بقولهم﴿ هل هذا إلا بشر مثلكم ﴾[ الأنبياء : ٣ ] أجاب عن هذه الشبهة بأن هذه سنة الله في الرسل قبل محمد( ص )، فهو ليس ببدع بينهم، وإن كنتم في ريب من ذلك فاسألوا أهل الكتاب من قبلكم ؛ ثم ذكر الرسل كسائر البشر في سنن الطبيعة البشرية يأكلون الطعام ولا يخلدون في الأرض، بل يموتون كما يموت سائر الناس، وقد صدقهم الله وعده، فينجيهم ومن آمن بهم ويهلك المكذبين لهم، وأعقب ذلك بأن في القرآن عظة لهم لو كانوا يعقلون في تضاعيفه من مواعظ وزو اجر، ووعد ووعيد.
تفسير المفردات :
الوعد : هو نصرهم وإهلاك أعدائهم، المسرفين : أي الكافرين.
الإيضاح :
﴿ ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء و أهلكنا المسرفين ﴾أي إنا أرسلنا رسلا من البشر وصدقناهم وعدنا فنصرناهم على المكذبين وأنجيناهم هم ومن آمن معهم وأهلكنا الذين أسرفوا على أنفسهم بتكذيبهم رسل ربهم.
ونحو الآية قوله :﴿ فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ﴾[ المائدة : ١١٥ ].
المعنى الجملي : لما ذكر سبحانه فيما سلف إنكارهم لأن يكون الرسول بشرا بقولهم﴿ هل هذا إلا بشر مثلكم ﴾[ الأنبياء : ٣ ] أجاب عن هذه الشبهة بأن هذه سنة الله في الرسل قبل محمد( ص )، فهو ليس ببدع بينهم، وإن كنتم في ريب من ذلك فاسألوا أهل الكتاب من قبلكم ؛ ثم ذكر الرسل كسائر البشر في سنن الطبيعة البشرية يأكلون الطعام ولا يخلدون في الأرض، بل يموتون كما يموت سائر الناس، وقد صدقهم الله وعده، فينجيهم ومن آمن بهم ويهلك المكذبين لهم، وأعقب ذلك بأن في القرآن عظة لهم لو كانوا يعقلون في تضاعيفه من مواعظ وزو اجر، ووعد ووعيد.
تفسير المفردات :
ذكركم : أي عظتكم. تعقلون : أي تتدبرون ما في تضاعيفه من العبر والمواعظ.
الإيضاح :
وبعد أن حقق رسالته ( ص ) ببيان أنه كسائر الرسل الكرام شرع يحقق فضل القرآن الكريم ويبين نفعه للناس بعد أن ذكر في صدر السورة إعراض الناس عما يأتيهم من آياته واضطرابهم في شأنه فقال :
﴿ لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم ﴾أي ولقد آتيناكم كتابا في عظتكم بما اشتمل عليه من مكارم الأخلاق، وفاضل الآداب، وسديد الشرائع والأحكام، مما فيه سعادة البشر في حياتهم الدنيوية والأخروية.
ثم حثهم على التدبر في أمر هذا الكتاب فقال :
﴿ أفلا تعقلون ﴾أي أفلا تتفكرون فيما في تضاعيفه من فنون المواعظ، وقو ارع الزواجر، فتحذروا الوقوع فيما يخالف أمره ونهيه، ولا يخفى ما فيه هذا من الحث على التدبر، لأن الخوف من لوازم العقل، فمن لم يتدبر فكأنه لا عقل له.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أنه سبحانه أهلك المسرفين في كفرهم بالله، والعاصين لأوامره ونواهيه بين هنا طريق إهلاكهم، وكثرة ما حدث من ذلك في كثير من الأمم، ثم بين أنه أنشأ بعد الهالكين قوما آخرين، وأنهم حينما أحسوا بأس الله فروا هاربين، فقيل لهم على ضرب من التهكم والسخرية فلترجعوا إلى ما كنتم فيه من الترف والنعيم وإلى تلك المساكن المشيدة والفرش المنجدة، فلعلكم تسألون عما جرى عليكم، ونزل بأموالكم ومنزلكم، فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة، ثم بعد أن يئسوا من الخلاص وأيقنوا بالعذاب قالوا هلاكا لنا كنا ظالمين لأنفسنا، مستوجبين العذاب بما قدمنا، وما زالوا يكررون هذه الكلمة ويرددونها، وجعلوها هجيرا هم حتى صاروا كالنبات المحصود والنار الخامدة.
تفسير المفردات :
كم : لفظ يفيد تكثير وقوع ما بعدها. القصم : الكسر بتفريق الأجزاء وإذهاب التئامها.
الإيضاح :
﴿ وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين ﴾أي وكثير من أهل القرى أهلكناهم بكفرهم بالله وتكذيبهم رسله، ثم أنشأنا بعد إهلاكهم أمما أخرى سواهم.
ونحو الآية قوله :﴿ وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح ﴾[ الإسراء : ١٧ ] وقوله :﴿ فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها ﴾[ الحج : ٤٥ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أنه سبحانه أهلك المسرفين في كفرهم بالله، والعاصين لأوامره ونواهيه بين هنا طريق إهلاكهم، وكثرة ما حدث من ذلك في كثير من الأمم، ثم بين أنه أنشأ بعد الهالكين قوما آخرين، وأنهم حينما أحسوا بأس الله فروا هاربين، فقيل لهم على ضرب من التهكم والسخرية فلترجعوا إلى ما كنتم فيه من الترف والنعيم وإلى تلك المساكن المشيدة والفرش المنجدة، فلعلكم تسألون عما جرى عليكم، ونزل بأموالكم ومنزلكم، فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة، ثم بعد أن يئسوا من الخلاص وأيقنوا بالعذاب قالوا هلاكا لنا كنا ظالمين لأنفسنا، مستوجبين العذاب بما قدمنا، وما زالوا يكررون هذه الكلمة ويرددونها، وجعلوها هجيرا هم حتى صاروا كالنبات المحصود والنار الخامدة.
تفسير المفردات :
والإحساس : الإدراك بالحساسة : أي أدركوا بحاسة البصر عذابنا الشديد. والبأس : الشدة. والركض : الفرار والهرب ؛ يقال ركض الرجل الفرس برجليه إذا كده بساقيه ثم كثر حتى قيل ركض الفرس إذا عدا، ومنه﴿ اركض برجلك ﴾[ ص : ٤٢ ].
الإيضاح :
ثم بين حالهم حلول البأس بهم فقال :
﴿ فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون ﴾أي فلما أيقنوا أن العذاب واقع بهم لا محالة كما أوعدهم أنبياؤهم، إذا هم يهربون سراعا عجلين يعدون منهزمين.
والخلاصة : إنهم لما علموا شدة بأسنا وبطشنا علم حس ومشاهدة ركضوا في ديارهم هاربين من قواهم بعد أن كانوا قد تجبروا على رسلهم وقالوا لهم :﴿ لنخر جنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا ﴾[ إبراهيم : ١٣ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أنه سبحانه أهلك المسرفين في كفرهم بالله، والعاصين لأوامره ونواهيه بين هنا طريق إهلاكهم، وكثرة ما حدث من ذلك في كثير من الأمم، ثم بين أنه أنشأ بعد الهالكين قوما آخرين، وأنهم حينما أحسوا بأس الله فروا هاربين، فقيل لهم على ضرب من التهكم والسخرية فلترجعوا إلى ما كنتم فيه من الترف والنعيم وإلى تلك المساكن المشيدة والفرش المنجدة، فلعلكم تسألون عما جرى عليكم، ونزل بأموالكم ومنزلكم، فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة، ثم بعد أن يئسوا من الخلاص وأيقنوا بالعذاب قالوا هلاكا لنا كنا ظالمين لأنفسنا، مستوجبين العذاب بما قدمنا، وما زالوا يكررون هذه الكلمة ويرددونها، وجعلوها هجيرا هم حتى صاروا كالنبات المحصود والنار الخامدة.
تفسير المفردات :
والإتراف : إبطار النعمة يقال أترف فلان أي وسع عليه في معاشه وقل فيه همه.
الإيضاح :
ثم ذكر أنهم في ذلك الحين ينهون عن الهرب ويقال لهم :
﴿ لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون ﴾أي يقال لهم على طريق الاستهزاء والتهكم : لا تركضوا هاربين من نزول العذاب، وارجعوا إلى ما كنتم فيه من النعمة والسرور، والمساكن الطيبة، والفرش المنجدة الوثيرة، لعلكم تقصدون للسؤال عما جرى عليكم ونزل بأموالكم ومساكنكم، فتجيبوا السائلين عما تشاهدون وتعلمون.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أنه سبحانه أهلك المسرفين في كفرهم بالله، والعاصين لأوامره ونواهيه بين هنا طريق إهلاكهم، وكثرة ما حدث من ذلك في كثير من الأمم، ثم بين أنه أنشأ بعد الهالكين قوما آخرين، وأنهم حينما أحسوا بأس الله فروا هاربين، فقيل لهم على ضرب من التهكم والسخرية فلترجعوا إلى ما كنتم فيه من الترف والنعيم وإلى تلك المساكن المشيدة والفرش المنجدة، فلعلكم تسألون عما جرى عليكم، ونزل بأموالكم ومنزلكم، فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة، ثم بعد أن يئسوا من الخلاص وأيقنوا بالعذاب قالوا هلاكا لنا كنا ظالمين لأنفسنا، مستوجبين العذاب بما قدمنا، وما زالوا يكررون هذه الكلمة ويرددونها، وجعلوها هجيرا هم حتى صاروا كالنبات المحصود والنار الخامدة.
تفسير المفردات :
يا ويلنا : أي يا هلاكنا.
الإيضاح :
ثم حكى عنهم ما أجابوا به القائلين لهم لا تركضوا وارجعوا فقال :
﴿ قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين ﴾أي قالوا حين يئسوا من الخلاص إذ نزل بهم بأس الله بظلمهم أنفسهم، هلاكا لنا، لكفرنا بربنا، وهذا منهم اعتراف بالكفر المستتبع للعذاب، وندم عليه حين لا ينفع الندم :
ندم البغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغية وخيم
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أنه سبحانه أهلك المسرفين في كفرهم بالله، والعاصين لأوامره ونواهيه بين هنا طريق إهلاكهم، وكثرة ما حدث من ذلك في كثير من الأمم، ثم بين أنه أنشأ بعد الهالكين قوما آخرين، وأنهم حينما أحسوا بأس الله فروا هاربين، فقيل لهم على ضرب من التهكم والسخرية فلترجعوا إلى ما كنتم فيه من الترف والنعيم وإلى تلك المساكن المشيدة والفرش المنجدة، فلعلكم تسألون عما جرى عليكم، ونزل بأموالكم ومنزلكم، فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة، ثم بعد أن يئسوا من الخلاص وأيقنوا بالعذاب قالوا هلاكا لنا كنا ظالمين لأنفسنا، مستوجبين العذاب بما قدمنا، وما زالوا يكررون هذه الكلمة ويرددونها، وجعلوها هجيرا هم حتى صاروا كالنبات المحصود والنار الخامدة.
تفسير المفردات :
دعواهم : أي دعوتهم التي يرددونها. حصيدا : أي كالزرع المحصود بالمناجل. خامدين : أي كالنار التي خمدت وانطفأت.
الإيضاح :
﴿ فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين ﴾ أي فما زالوا يرددون هذه المقالة، ويجعلونها هجيراهم حتى حصدوا حصدا، وخمدت حركاتهم، وهدأت أصواتهم، ولم ينبسوا ببنت شفة.
وخلاصة هذا : إنهم صاروا يكررون الاعتراف بظلمهم أنفسهم، ولكن لم ينفعهم ذلك كما قال :﴿ فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ﴾[ غافر : ٨٥ ] حتى لم يبق لهم حسن ولا حركة، وأبيدوا كما يباد الحصيد، وخمدوا كما تخمد النار.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر مطاعنهم في نبوة محمد ( ص ) بتلك المقالات التي سلف ذكرها، قفى على ذلك بذكر فساد تلك المطاعن وبيان أن من أنكر نبوته فقد جعل تلك المعجزات التي ظهرت على يديه من باب العبث واللعب. تنزه ربنا عن ذلك، فإنه ما خلق السماء والأرض وما بينهما إلا لعبادته ومعرفته ومجازاة من قام بهما بالثواب والنعيم، ومن لم يقم بذلك بالعقاب الأليم، ولن يتم علم هذا إلا بإنزال الكتب، وإرسال الرسل صلوات الله عليهم، فمنكر الرسالة جاعل خلق السماء والأرض لهوا ولعبا، تعالى خالقهما علوا كبيرا.
ثم أردف هذا بالرد على من ادعى أن المسيح ابن الله وعزير ابن الله، بأنه لو اتخذ ولدا لاتخذه من الملائكة، وعقب على هذا بأن الغلبة للحق دائما مهما طال أمد الباطل، وأن جميع من في السماوات والأرض كلهم عبيده لا يستكبرون عن عبادته ولا يملون.
تفسير المفردات :
اللعب : الفعل لا يقصد به مقصد صحيح.
الإيضاح :
﴿ وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين ﴾أي وما خلقنا هذا السقف المرفوع وهذا المهاد الموضوع، وما بينهما من أصناف المخلوقات البديعة للهو واللعب، بل خلقناهما لفوائد دينية، وحكم ربانية، كأن تكون دليلا على معرفة الخالق لها، ووسيلة للعظة والاعتبار إلى ما فيها من منافع أخرى لا حصر لها.
وخلاصة ذلك : إن إيجاد العالم كله، ولا سيما النوع الإنساني واستخلافه في الأرض مبني على بديع الحكم، مستتبع لغايات جليلة لا تخفى على ذوي الألباب، وقد علم بعضها من أنعموا النظر في الكون وعجائبه، وأوتوا حظا من صادق المعرفة، فعرفوا بعض أسراره، وانتفعوا ببعض ما أودع في باطن الأرض وما على ظاهر سطحها، مما كان سببا في رقي الإنسان، ولا يزال العلم يولد لنا كل يوم عجيبا، ويظهر لنا من كنوزها غريبا﴿ وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ﴾[ الإسراء : ٨٥ ].
ونحو الآية قوله تعالى :﴿ وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ﴾[ ص : ٢٧ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر مطاعنهم في نبوة محمد ( ص ) بتلك المقالات التي سلف ذكرها، قفى على ذلك بذكر فساد تلك المطاعن وبيان أن من أنكر نبوته فقد جعل تلك المعجزات التي ظهرت على يديه من باب العبث واللعب. تنزه ربنا عن ذلك، فإنه ما خلق السماء والأرض وما بينهما إلا لعبادته ومعرفته ومجازاة من قام بهما بالثواب والنعيم، ومن لم يقم بذلك بالعقاب الأليم، ولن يتم علم هذا إلا بإنزال الكتب، وإرسال الرسل صلوات الله عليهم، فمنكر الرسالة جاعل خلق السماء والأرض لهوا ولعبا، تعالى خالقهما علوا كبيرا.
ثم أردف هذا بالرد على من ادعى أن المسيح ابن الله وعزير ابن الله، بأنه لو اتخذ ولدا لاتخذه من الملائكة، وعقب على هذا بأن الغلبة للحق دائما مهما طال أمد الباطل، وأن جميع من في السماوات والأرض كلهم عبيده لا يستكبرون عن عبادته ولا يملون.
تفسير المفردات :
و اللهو : الفعل يعمل ترويحا عن النفس، ومن ثم تسمى المرأة والولد لهوا لأنه يستروح بكل منهما، ويقال لامرأة الرجل وولده ريحانتاه. من لدنا : أي من عندنا.
الإيضاح :
ثم أكد نفي اللعب بقوله :
﴿ لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين ﴾أي لو أردنا أن نتخذ لهوا كما يتخذ العباد لاتخذناه من عندنا من العوالم المجردة من المادة كالملائكة، لكنا لا نتنزل لملابسة ما هو من شأنكم المادي كالزوج والولد، إذ لا يجمل بنا، لأنه خارج عن سنن حكمتنا، وقوانين نظامنا، ورفعة قدرنا، فنحن لا نلهو بالصور الجسمية، ولا بالنفوس الروحية.
وخلاصة هذا : إنا خلقناكم لحكمة، وصورناكم لغاية، وجعلنا لكم السمع والأبصار لمنافع قدرناها لكم، لا للهونا ولعبنا، ومن ثم لا نترككم سدى، بل نحاسبكم ونؤاخذكم، والجد مطلبنا، واللهو واللعب من شأن العبيد المخلوقين، لا من شأن رب العالمين.
ونحو الآية قوله :﴿ لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار ﴾[ الزمر : ٤ ]
المعنى الجملي : بعد أن ذكر مطاعنهم في نبوة محمد ( ص ) بتلك المقالات التي سلف ذكرها، قفى على ذلك بذكر فساد تلك المطاعن وبيان أن من أنكر نبوته فقد جعل تلك المعجزات التي ظهرت على يديه من باب العبث واللعب. تنزه ربنا عن ذلك، فإنه ما خلق السماء والأرض وما بينهما إلا لعبادته ومعرفته ومجازاة من قام بهما بالثواب والنعيم، ومن لم يقم بذلك بالعقاب الأليم، ولن يتم علم هذا إلا بإنزال الكتب، وإرسال الرسل صلوات الله عليهم، فمنكر الرسالة جاعل خلق السماء والأرض لهوا ولعبا، تعالى خالقهما علوا كبيرا.
ثم أردف هذا بالرد على من ادعى أن المسيح ابن الله وعزير ابن الله، بأنه لو اتخذ ولدا لاتخذه من الملائكة، وعقب على هذا بأن الغلبة للحق دائما مهما طال أمد الباطل، وأن جميع من في السماوات والأرض كلهم عبيده لا يستكبرون عن عبادته ولا يملون.
تفسير المفردات :
القذف : الرمي البعيد. وأصل الدمغ : كسر الشيء الرخو، ويراد به هنا القهر والإهلاك. زاهق : أي زائل ذاهب. الويل : الهلاك.
الإيضاح :
﴿ بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ﴾أي إن من شأننا أن نرمي الحق الذي من جملته الجد، على الباطل الذي منه اللعب فيكسر دماغه بحيث يشق غشاءه فيؤدي ذلك إلى زهوق روحه فيهلك، وقد شبه الباطل بإنسان كسر دماغه فهلك.
وإذا كان هذا شأننا فكيف نترككم بلا إنذار كأننا خلقناكم لنلهو بكم.
﴿ ولكم الويل مما تصفون ﴾أي ولكم العذاب الشديد من وصفكم ربكم بغير صفته، وقيلكم إنه اتخذ ولدا وزوجة وافترائكم ذلك عليه.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر مطاعنهم في نبوة محمد ( ص ) بتلك المقالات التي سلف ذكرها، قفى على ذلك بذكر فساد تلك المطاعن وبيان أن من أنكر نبوته فقد جعل تلك المعجزات التي ظهرت على يديه من باب العبث واللعب. تنزه ربنا عن ذلك، فإنه ما خلق السماء والأرض وما بينهما إلا لعبادته ومعرفته ومجازاة من قام بهما بالثواب والنعيم، ومن لم يقم بذلك بالعقاب الأليم، ولن يتم علم هذا إلا بإنزال الكتب، وإرسال الرسل صلوات الله عليهم، فمنكر الرسالة جاعل خلق السماء والأرض لهوا ولعبا، تعالى خالقهما علوا كبيرا.
ثم أردف هذا بالرد على من ادعى أن المسيح ابن الله وعزير ابن الله، بأنه لو اتخذ ولدا لاتخذه من الملائكة، وعقب على هذا بأن الغلبة للحق دائما مهما طال أمد الباطل، وأن جميع من في السماوات والأرض كلهم عبيده لا يستكبرون عن عبادته ولا يملون.
تفسير المفردات :
من عنده : هم الملائكة. لا يستكبرون : أي لا يتعظمون. يستحسرون : أي يكلون ويتبعون، يقال حسر البعير إذا أعيا وكل، ومثل استحسر وتحسر.
الإيضاح :
ولما حكى كلام الطاعنين في النبوات وأجاب عنها، وبين أن غرضهم من تلك المطاعن إنما هو التمرد والعناد بين في هذه الآية أنه غني عن طاعتهم، لأنه هو المالك لجميع المخلوقات، والملائكة على جلالة قدرهم مطيعون له خائفون منه، فأجدر بالبشر على ضعفهم أن يطيعوه، وما أخلقهم أن يعبدوه، فقال :
﴿ وله من السماوات والأرض ﴾أي وله تعالى جميع المخلوقات خلقا وملكا وتدبيرا وتصرفا وإحياء وإماتة و تعذيبا وإثابة دون أن يكون لأحد في ذلك سلطان لا استقلالا ولا استتباعا.
﴿ ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون ﴾أي والملائكة الذين شرفت منازلتهم عند ربهم لا يستعظمون عن عبادته ولا يكلون ولا يتعبون.
وتخصيص الملائكة بالذكر للدلالة على رفعة شأنهم، كما خصص جبريل من بين الملائكة في قوله :﴿ تنزل الملائكة والروح ﴾[ القدر : ٤ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر مطاعنهم في نبوة محمد ( ص ) بتلك المقالات التي سلف ذكرها، قفى على ذلك بذكر فساد تلك المطاعن وبيان أن من أنكر نبوته فقد جعل تلك المعجزات التي ظهرت على يديه من باب العبث واللعب. تنزه ربنا عن ذلك، فإنه ما خلق السماء والأرض وما بينهما إلا لعبادته ومعرفته ومجازاة من قام بهما بالثواب والنعيم، ومن لم يقم بذلك بالعقاب الأليم، ولن يتم علم هذا إلا بإنزال الكتب، وإرسال الرسل صلوات الله عليهم، فمنكر الرسالة جاعل خلق السماء والأرض لهوا ولعبا، تعالى خالقهما علوا كبيرا.
ثم أردف هذا بالرد على من ادعى أن المسيح ابن الله وعزير ابن الله، بأنه لو اتخذ ولدا لاتخذه من الملائكة، وعقب على هذا بأن الغلبة للحق دائما مهما طال أمد الباطل، وأن جميع من في السماوات والأرض كلهم عبيده لا يستكبرون عن عبادته ولا يملون.
تفسير المفردات :
لا يفترون : أي لا يضعفون ولا يتراخون.
الإيضاح :
ثم بين سبحانه كيف يعبدون ربهم فقال :
﴿ يسبحون الليل والنهار لا يفترون ﴾ فهم دائبون في العمل ليلا ونهارا، مطيعون قصدا وعملا، قادرون عليه كما قال في الآية الأخرى :﴿ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون ﴾[ التحريم : ٦ ]
وخلاصة ذلك : المبالغة في تنزيه الله وتسبيحه، وهذا لا يمنع من تخلل فترات لا يفعلون فيها ذلك، كما يقال : فلان لا يفتر عن ثنائك وشكر آلائك.
المعنى الجملي : بعد أن أبان سبحانه في سابق الآيات أن كثيرا من الأمم المكذبة لرسلها قد أبيدت وأنشئ بعدها أقوام آخرون، وأنهم حين أحسوا بالبأس ارعووا وندموا حيث لا ينفع الندم ؛ ثم أردف ذلك ذكر أن من في السماوات والأرض عبيده، وأن الملائكة لا يستكبرون عن عبادته، ولا يكلون ولا يملون منها، ذكر هنا أنه كان يجب عليهم أن يبادروا إلى التوحيد، لكنهم لم يفعلوا ذلك، بل فعلوا ضده فكانوا جديرين بالتوبيخ والتعنيف، ثم أقام البرهان على وحدانيته وأنه كان في السماوات والأرض إلهان لهلك من فيهما، تنزه ربنا عما يقول هؤلاء المشركون، وقد كذب من اتخذ آلهة لا دليل عليها، وأن جميع الأديان جاءت بإخلاص التوحيد، كما كذب من جعل لله ولدا فقال : الملائكة بنات الله، والملائكة خلق مطيعون لربهم لا يفعلون إلا ما يؤمرون به ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خوفه حذرون، ومن يقل منهم إنه إله فلا جزاء له إلا جهنم، وهي جزاء كل ظالم.
تفسير المفردات :
ينشرون : من أنشره أي أحياه.
الإيضاح :
﴿ أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون ﴾أي بل اتخذوا آلهة من الأرض هم مع حقارتهم وجماديتهم ينشرون الموتى.
وإنهم ولا شك بمعزل عن ذلك، والمشركين وإن لم يقولوا ذلك صريحا، فما ادعوه لها من الألوهية يستدعي ثبوت إحياء الموتى لها، لأنه من خصائصها.
و وصف الآلهة بكونها من الأرض، للإشارة إلى أنها من الأصنام التي تعبد فيها، وللإيماء إلى ضعة شأنها، وحقارة أمرها.
١ ) المبالغة في الطاعة، فإنهم لا يقولون قولا ولا يفعلون فعلا إلا بإذنه.
٢ ) إنه سبحانه يعلم أسرارهم وهم يعلمون أسراره، فهو المستحق للعبادة لا هم كما قال عيسى عليه السلام :﴿ تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ﴾[ المائدة : ١١٦ ].
٣ ) إنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الشفاعة له، ومن يكون إلها أو ولدا للإله لا يكون كذلك.
٤ ) إنهم في نهاية الإشفاق والوجل من الله.
٥ ) إن حالهم كحال سائر المكلفين في الوعد والوعيد، فكيف يكونون آلهة.
المعنى الجملي : بعد أن أبان سبحانه في سابق الآيات أن كثيرا من الأمم المكذبة لرسلها قد أبيدت وأنشئ بعدها أقوام آخرون، وأنهم حين أحسوا بالبأس ارعووا وندموا حيث لا ينفع الندم ؛ ثم أردف ذلك ذكر أن من في السماوات والأرض عبيده، وأن الملائكة لا يستكبرون عن عبادته، ولا يكلون ولا يملون منها، ذكر هنا أنه كان يجب عليهم أن يبادروا إلى التوحيد، لكنهم لم يفعلوا ذلك، بل فعلوا ضده فكانوا جديرين بالتوبيخ والتعنيف، ثم أقام البرهان على وحدانيته وأنه كان في السماوات والأرض إلهان لهلك من فيهما، تنزه ربنا عما يقول هؤلاء المشركون، وقد كذب من اتخذ آلهة لا دليل عليها، وأن جميع الأديان جاءت بإخلاص التوحيد، كما كذب من جعل لله ولدا فقال : الملائكة بنات الله، والملائكة خلق مطيعون لربهم لا يفعلون إلا ما يؤمرون به ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خوفه حذرون، ومن يقل منهم إنه إله فلا جزاء له إلا جهنم، وهي جزاء كل ظالم.
تفسير المفردات :
لفسدتا : أي لخرجتا عن نظامهما وخربتا. فسبحان الله : أي تنزيها له عما وصفوه به.
الإيضاح :
ثم أقام الدليل العقلي على التوحيد ونفى أن يكون هناك إله غير الله فقال :
﴿ لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ﴾أي لو كان في السماوات والأرض إله غير الله لخربتا وهلك من فيهما، ذاك أنه لو كان فيهما إلهان فإما أن يختلفا أو يتفقا في التصرف في الكون، والأول ظاهر البطلان، لأنه إما أن ينفذ مرادهما معا فيريد أحدهما الإيجاد والثاني لا يريده فيثبت الوجود والعدم لشيء اختلفا فيه، وإما أن ينفذ مراد أحدهما دون الثاني، فيكون هذا مغلول اليد عاجزا، والإله لا يكون كذلك، والثاني باطل أيضا، لأنهما إذا أوجداه معا وجب توارد الخلق من خالقين على مخلوق واحد.
ولما أثبت بالدليل أن المدبر للسماوات والأرض لا يكون إلا واحدا، وأن ذلك الواحد لا يكون إلا الله قال :
﴿ فسبحان الله رب العرش عما يصفون ﴾ أي فتنزيها لله رب العرش المحيط بهذا الكون ومركز تدبير العالم عما يقول هؤلاء المشركون من أن له ولدا أو شريكا.
١ ) المبالغة في الطاعة، فإنهم لا يقولون قولا ولا يفعلون فعلا إلا بإذنه.
٢ ) إنه سبحانه يعلم أسرارهم وهم يعلمون أسراره، فهو المستحق للعبادة لا هم كما قال عيسى عليه السلام :﴿ تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ﴾[ المائدة : ١١٦ ].
٣ ) إنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الشفاعة له، ومن يكون إلها أو ولدا للإله لا يكون كذلك.
٤ ) إنهم في نهاية الإشفاق والوجل من الله.
٥ ) إن حالهم كحال سائر المكلفين في الوعد والوعيد، فكيف يكونون آلهة.
المعنى الجملي : بعد أن أبان سبحانه في سابق الآيات أن كثيرا من الأمم المكذبة لرسلها قد أبيدت وأنشئ بعدها أقوام آخرون، وأنهم حين أحسوا بالبأس ارعووا وندموا حيث لا ينفع الندم ؛ ثم أردف ذلك ذكر أن من في السماوات والأرض عبيده، وأن الملائكة لا يستكبرون عن عبادته، ولا يكلون ولا يملون منها، ذكر هنا أنه كان يجب عليهم أن يبادروا إلى التوحيد، لكنهم لم يفعلوا ذلك، بل فعلوا ضده فكانوا جديرين بالتوبيخ والتعنيف، ثم أقام البرهان على وحدانيته وأنه كان في السماوات والأرض إلهان لهلك من فيهما، تنزه ربنا عما يقول هؤلاء المشركون، وقد كذب من اتخذ آلهة لا دليل عليها، وأن جميع الأديان جاءت بإخلاص التوحيد، كما كذب من جعل لله ولدا فقال : الملائكة بنات الله، والملائكة خلق مطيعون لربهم لا يفعلون إلا ما يؤمرون به ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خوفه حذرون، ومن يقل منهم إنه إله فلا جزاء له إلا جهنم، وهي جزاء كل ظالم.
الإيضاح :
ثم أكد هذا التنزيه بقوله :
﴿ لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ﴾أي هو الحاكم الذي لا معقب لحكمه، ولا يعترض عليه أحد، لعظمته وجلاله، وعلمه وحكمته، وعدله ولطفه، وهو سائل خلقه عما يعملون كما قال :﴿ فوربك لنسألنكم أجمعين ( ٩٢ ) عما كانوا يعملون ﴾[ الحجر : ٩٢- ٩٣ ] وقال :﴿ وهو يجير ولا يجار عليه ﴾[ المؤمنون : ٨٨ ].
١ ) المبالغة في الطاعة، فإنهم لا يقولون قولا ولا يفعلون فعلا إلا بإذنه.
٢ ) إنه سبحانه يعلم أسرارهم وهم يعلمون أسراره، فهو المستحق للعبادة لا هم كما قال عيسى عليه السلام :﴿ تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ﴾[ المائدة : ١١٦ ].
٣ ) إنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الشفاعة له، ومن يكون إلها أو ولدا للإله لا يكون كذلك.
٤ ) إنهم في نهاية الإشفاق والوجل من الله.
٥ ) إن حالهم كحال سائر المكلفين في الوعد والوعيد، فكيف يكونون آلهة.
المعنى الجملي : بعد أن أبان سبحانه في سابق الآيات أن كثيرا من الأمم المكذبة لرسلها قد أبيدت وأنشئ بعدها أقوام آخرون، وأنهم حين أحسوا بالبأس ارعووا وندموا حيث لا ينفع الندم ؛ ثم أردف ذلك ذكر أن من في السماوات والأرض عبيده، وأن الملائكة لا يستكبرون عن عبادته، ولا يكلون ولا يملون منها، ذكر هنا أنه كان يجب عليهم أن يبادروا إلى التوحيد، لكنهم لم يفعلوا ذلك، بل فعلوا ضده فكانوا جديرين بالتوبيخ والتعنيف، ثم أقام البرهان على وحدانيته وأنه كان في السماوات والأرض إلهان لهلك من فيهما، تنزه ربنا عما يقول هؤلاء المشركون، وقد كذب من اتخذ آلهة لا دليل عليها، وأن جميع الأديان جاءت بإخلاص التوحيد، كما كذب من جعل لله ولدا فقال : الملائكة بنات الله، والملائكة خلق مطيعون لربهم لا يفعلون إلا ما يؤمرون به ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خوفه حذرون، ومن يقل منهم إنه إله فلا جزاء له إلا جهنم، وهي جزاء كل ظالم.
تفسير المفردات :
هذا ذكر من معي : أي هذا الوحي المتضمن للتوحيد عظة أمتي. وذكر من قبلي : أي موعظتهم وإرشادهم.
الإيضاح :
ثم أعاد الإنكار مرة أخرى استفظاعا لشأنهم، واستعظاما لكفرهم، وإظهارا لجهلهم فقال :
﴿ أم اتخذوا من دونه آلهة ﴾ أي أبعد هذه الأدلة التي ظهرت تقولون : إن لله شركاء ؟
ثم أمرهم بإقامة الدليل على صحة ما يدعون فقال :
﴿ قل هاتوا برهانكم ﴾أي بعد أن ثبت أنه لا إله غيره، فهاتوا برهانكم على صحة اتخاذ الآلهة من الأصنام والأوثان، ولا سبيل إلى ذلك، لا بالدليل العقلي، لأنه مر بطلانه، ولا بالدليل النقلي، لأن الكتب السماوية جميعا متفقة على هذا، وإلى ذلك أشار بقوله :
﴿ هذا ذكر من معي وذكر من قبلي ﴾أي هذا هو الكتاب المنزل على من معي، وهذه هي الكتب المنزلة على من تقدمني من الأنبياء كالتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى، انظروا فيها هل تجدون إلا الأمر بالتوحيد والنهي عن الإشراك.
قال الزجاج : قيل لهم : هاتوا برهانهم بأن رسولا من الرسل أنبأ أمته بأن لهم إلها غير الله، فهل في ذكر من معي وذكر من قبلي إلا توحيد الله ؟
وفي هذا تبكيت لهم متضمن إثبات نقيض مدعاهم، وإذا فليس لهم إلا العجز مركبا.
ولما كانوا لا يجدون لهم شبهة فضلا عن حجة، ذمهم على جهلهم بمواضع الحق فقال :
﴿ بل أكثرهم لا يعلمون الحق ﴾أي بل أكثر هؤلاء لا يميزون بين الحق والباطل، فلا تؤثر فيهم الحجة والبرهان ولا يقتنعون به.
ثم ذكر أن هذا كان سببا في إعراضهم وتجافيهم عن سماع الحق فقال :
﴿ فهم معرضون ﴾أي فهم لأجل هذا الجهل المستولي على أكثرهم أعرضوا عن قبول الحق وعن النظر الموصل إليه، فلا يتأملون حجة، ولا يتدبرون برهانا، ولا يتفكرون في دليل.
١ ) المبالغة في الطاعة، فإنهم لا يقولون قولا ولا يفعلون فعلا إلا بإذنه.
٢ ) إنه سبحانه يعلم أسرارهم وهم يعلمون أسراره، فهو المستحق للعبادة لا هم كما قال عيسى عليه السلام :﴿ تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ﴾[ المائدة : ١١٦ ].
٣ ) إنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الشفاعة له، ومن يكون إلها أو ولدا للإله لا يكون كذلك.
٤ ) إنهم في نهاية الإشفاق والوجل من الله.
٥ ) إن حالهم كحال سائر المكلفين في الوعد والوعيد، فكيف يكونون آلهة.
المعنى الجملي : بعد أن أبان سبحانه في سابق الآيات أن كثيرا من الأمم المكذبة لرسلها قد أبيدت وأنشئ بعدها أقوام آخرون، وأنهم حين أحسوا بالبأس ارعووا وندموا حيث لا ينفع الندم ؛ ثم أردف ذلك ذكر أن من في السماوات والأرض عبيده، وأن الملائكة لا يستكبرون عن عبادته، ولا يكلون ولا يملون منها، ذكر هنا أنه كان يجب عليهم أن يبادروا إلى التوحيد، لكنهم لم يفعلوا ذلك، بل فعلوا ضده فكانوا جديرين بالتوبيخ والتعنيف، ثم أقام البرهان على وحدانيته وأنه كان في السماوات والأرض إلهان لهلك من فيهما، تنزه ربنا عما يقول هؤلاء المشركون، وقد كذب من اتخذ آلهة لا دليل عليها، وأن جميع الأديان جاءت بإخلاص التوحيد، كما كذب من جعل لله ولدا فقال : الملائكة بنات الله، والملائكة خلق مطيعون لربهم لا يفعلون إلا ما يؤمرون به ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خوفه حذرون، ومن يقل منهم إنه إله فلا جزاء له إلا جهنم، وهي جزاء كل ظالم.
الإيضاح :
ثم أكد ما تقدم من أدلة التوحيد فقال :
﴿ وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدوني ﴾أي وما أرسلنا رسولا إلى أمة من الأمم إلا أوحينا إليه أن لا معبود من السماوات والأرض إلا أنا، فأخلصوا لي العبادة وأفردوا لي الألوهية.
وخلاصة ذلك : إن الرسل جميعا أرسلوا بالإخلاص والتوحيد لا يقبل منهم سواه.
ونحو الآية قوله :﴿ وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ﴾[ الزخرف : ٤٥ ] وقوله :﴿ ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ﴾[ النحل : ٣٦ ].
١ ) المبالغة في الطاعة، فإنهم لا يقولون قولا ولا يفعلون فعلا إلا بإذنه.
٢ ) إنه سبحانه يعلم أسرارهم وهم يعلمون أسراره، فهو المستحق للعبادة لا هم كما قال عيسى عليه السلام :﴿ تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ﴾[ المائدة : ١١٦ ].
٣ ) إنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الشفاعة له، ومن يكون إلها أو ولدا للإله لا يكون كذلك.
٤ ) إنهم في نهاية الإشفاق والوجل من الله.
٥ ) إن حالهم كحال سائر المكلفين في الوعد والوعيد، فكيف يكونون آلهة.
المعنى الجملي : بعد أن أبان سبحانه في سابق الآيات أن كثيرا من الأمم المكذبة لرسلها قد أبيدت وأنشئ بعدها أقوام آخرون، وأنهم حين أحسوا بالبأس ارعووا وندموا حيث لا ينفع الندم ؛ ثم أردف ذلك ذكر أن من في السماوات والأرض عبيده، وأن الملائكة لا يستكبرون عن عبادته، ولا يكلون ولا يملون منها، ذكر هنا أنه كان يجب عليهم أن يبادروا إلى التوحيد، لكنهم لم يفعلوا ذلك، بل فعلوا ضده فكانوا جديرين بالتوبيخ والتعنيف، ثم أقام البرهان على وحدانيته وأنه كان في السماوات والأرض إلهان لهلك من فيهما، تنزه ربنا عما يقول هؤلاء المشركون، وقد كذب من اتخذ آلهة لا دليل عليها، وأن جميع الأديان جاءت بإخلاص التوحيد، كما كذب من جعل لله ولدا فقال : الملائكة بنات الله، والملائكة خلق مطيعون لربهم لا يفعلون إلا ما يؤمرون به ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خوفه حذرون، ومن يقل منهم إنه إله فلا جزاء له إلا جهنم، وهي جزاء كل ظالم.
تفسير المفردات :
مكرمون : أي مقربون عنده.
الإيضاح :
وبعد أن بين سبحانه بالدلائل الباهرة أنه منزه عن الشريك والند أردف ذلك ببراءته من اتخاذ الولد فقال :
﴿ وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ﴾ أي وقال فريق من هؤلاء المشركين وهم بطون من خزاعة وجهينة وبني سلمة : الملائكة بنات الله، فرد الله تعالى عليهم بقوله :﴿ سبحانه ﴾أي تنزيها له عن ذلك، لأنه الولد لا بد أن يكون شبيها بالوالد، فلو كان له ولد لأشبهه ولا مجانسة بين النعمة والمنعم، والخالق والمخلوق.
ثم أكد إبطال ما سلف بقوله :
﴿ بل عباد مكرمون ﴾أي ليس الملائكة كما قالوا، بل هم عباد مخلوقون له تعالى، فهم ملكه لكنهم مقربون عنده في منازل عالية، ومقامات سامية.
١ ) المبالغة في الطاعة، فإنهم لا يقولون قولا ولا يفعلون فعلا إلا بإذنه.
٢ ) إنه سبحانه يعلم أسرارهم وهم يعلمون أسراره، فهو المستحق للعبادة لا هم كما قال عيسى عليه السلام :﴿ تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ﴾[ المائدة : ١١٦ ].
٣ ) إنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الشفاعة له، ومن يكون إلها أو ولدا للإله لا يكون كذلك.
٤ ) إنهم في نهاية الإشفاق والوجل من الله.
٥ ) إن حالهم كحال سائر المكلفين في الوعد والوعيد، فكيف يكونون آلهة.
المعنى الجملي : بعد أن أبان سبحانه في سابق الآيات أن كثيرا من الأمم المكذبة لرسلها قد أبيدت وأنشئ بعدها أقوام آخرون، وأنهم حين أحسوا بالبأس ارعووا وندموا حيث لا ينفع الندم ؛ ثم أردف ذلك ذكر أن من في السماوات والأرض عبيده، وأن الملائكة لا يستكبرون عن عبادته، ولا يكلون ولا يملون منها، ذكر هنا أنه كان يجب عليهم أن يبادروا إلى التوحيد، لكنهم لم يفعلوا ذلك، بل فعلوا ضده فكانوا جديرين بالتوبيخ والتعنيف، ثم أقام البرهان على وحدانيته وأنه كان في السماوات والأرض إلهان لهلك من فيهما، تنزه ربنا عما يقول هؤلاء المشركون، وقد كذب من اتخذ آلهة لا دليل عليها، وأن جميع الأديان جاءت بإخلاص التوحيد، كما كذب من جعل لله ولدا فقال : الملائكة بنات الله، والملائكة خلق مطيعون لربهم لا يفعلون إلا ما يؤمرون به ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خوفه حذرون، ومن يقل منهم إنه إله فلا جزاء له إلا جهنم، وهي جزاء كل ظالم.
تفسير المفردات :
لا يسبقونه بالقول : أي لا يتكلمون حتى يأمرهم.
الإيضاح :
ثم بين سبحانه كمال طاعتهم وانقيادهم لأمره وتأدبهم معه تعالى فقال :
﴿ لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ﴾أي لا يتكلمون إلا بما يأمرهم به ربهم، ولا يخالفونه فيما أمرهم به، بل يبادرون إلى فعله.
وخلاصة ذلك : إنهم في نهاية المراقبة لربهم، يجمعون بين طاعة في القول والفعل.
١ ) المبالغة في الطاعة، فإنهم لا يقولون قولا ولا يفعلون فعلا إلا بإذنه.
٢ ) إنه سبحانه يعلم أسرارهم وهم يعلمون أسراره، فهو المستحق للعبادة لا هم كما قال عيسى عليه السلام :﴿ تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ﴾[ المائدة : ١١٦ ].
٣ ) إنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الشفاعة له، ومن يكون إلها أو ولدا للإله لا يكون كذلك.
٤ ) إنهم في نهاية الإشفاق والوجل من الله.
٥ ) إن حالهم كحال سائر المكلفين في الوعد والوعيد، فكيف يكونون آلهة.
المعنى الجملي : بعد أن أبان سبحانه في سابق الآيات أن كثيرا من الأمم المكذبة لرسلها قد أبيدت وأنشئ بعدها أقوام آخرون، وأنهم حين أحسوا بالبأس ارعووا وندموا حيث لا ينفع الندم ؛ ثم أردف ذلك ذكر أن من في السماوات والأرض عبيده، وأن الملائكة لا يستكبرون عن عبادته، ولا يكلون ولا يملون منها، ذكر هنا أنه كان يجب عليهم أن يبادروا إلى التوحيد، لكنهم لم يفعلوا ذلك، بل فعلوا ضده فكانوا جديرين بالتوبيخ والتعنيف، ثم أقام البرهان على وحدانيته وأنه كان في السماوات والأرض إلهان لهلك من فيهما، تنزه ربنا عما يقول هؤلاء المشركون، وقد كذب من اتخذ آلهة لا دليل عليها، وأن جميع الأديان جاءت بإخلاص التوحيد، كما كذب من جعل لله ولدا فقال : الملائكة بنات الله، والملائكة خلق مطيعون لربهم لا يفعلون إلا ما يؤمرون به ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خوفه حذرون، ومن يقل منهم إنه إله فلا جزاء له إلا جهنم، وهي جزاء كل ظالم.
تفسير المفردات :
من خشيته : أي بسبب خوف عذابه. مشفقون : أي حذرون.
الإيضاح :
ثم علل هذه الطاعة، بعلمهم بأن ربهم محيط بهم، لا تخفى عليه خافية من أمرهم فقال :
﴿ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ﴾أي يعلم ما عملوا وما هم عاملون، لا تخفى عليه خافية مما قدموا وأخروا، فلا يزالون يراقبونه في جميع شؤونهم.
﴿ ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ﴾أي هم لا يشفعون إلا لمن رضي عنه، فلا تطمعوا في شفاعتهم لكم بغير رضاه تعالى.
قال ابن عباس : هم أهل شهادة أن لا إله إلا الله، وقد ثبت في الصحيح أن الملائكة يشفعون في الدار الآخرة، قال قتادة أي لأهل التوحيد.
﴿ وهم من خشيته مشفقون ﴾أي وهم من خوف الله والإشفاق من عقابه حذرون أن يعصوه ويخالفوا أمره ونهيه.
١ ) المبالغة في الطاعة، فإنهم لا يقولون قولا ولا يفعلون فعلا إلا بإذنه.
٢ ) إنه سبحانه يعلم أسرارهم وهم يعلمون أسراره، فهو المستحق للعبادة لا هم كما قال عيسى عليه السلام :﴿ تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ﴾[ المائدة : ١١٦ ].
٣ ) إنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الشفاعة له، ومن يكون إلها أو ولدا للإله لا يكون كذلك.
٤ ) إنهم في نهاية الإشفاق والوجل من الله.
٥ ) إن حالهم كحال سائر المكلفين في الوعد والوعيد، فكيف يكونون آلهة.
المعنى الجملي : بعد أن أبان سبحانه في سابق الآيات أن كثيرا من الأمم المكذبة لرسلها قد أبيدت وأنشئ بعدها أقوام آخرون، وأنهم حين أحسوا بالبأس ارعووا وندموا حيث لا ينفع الندم ؛ ثم أردف ذلك ذكر أن من في السماوات والأرض عبيده، وأن الملائكة لا يستكبرون عن عبادته، ولا يكلون ولا يملون منها، ذكر هنا أنه كان يجب عليهم أن يبادروا إلى التوحيد، لكنهم لم يفعلوا ذلك، بل فعلوا ضده فكانوا جديرين بالتوبيخ والتعنيف، ثم أقام البرهان على وحدانيته وأنه كان في السماوات والأرض إلهان لهلك من فيهما، تنزه ربنا عما يقول هؤلاء المشركون، وقد كذب من اتخذ آلهة لا دليل عليها، وأن جميع الأديان جاءت بإخلاص التوحيد، كما كذب من جعل لله ولدا فقال : الملائكة بنات الله، والملائكة خلق مطيعون لربهم لا يفعلون إلا ما يؤمرون به ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خوفه حذرون، ومن يقل منهم إنه إله فلا جزاء له إلا جهنم، وهي جزاء كل ظالم.
الإيضاح :
﴿ ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم ﴾أي ومن يدعي منهم أنه إله مع الله فجزاؤه جهنم على ما ادعى كسائر المجرمين، ولا يغني عنه ما سبق من أوصافه ومرضي أفعاله.
قال قتادة والضحاك وغيرهما : عنى بهذه الآية إبليس حيث ادعى الشركة ودعا إلى عبادة نفسه وكان من الملائكة ولم يقل أحد الملائكة " إني إله " غيره.
﴿ كذلك نجزي الظالمين ﴾أي وهكذا نجزي كل من ظلم نفسه، فكفر بالله وعبد غيره.
١ ) المبالغة في الطاعة، فإنهم لا يقولون قولا ولا يفعلون فعلا إلا بإذنه.
٢ ) إنه سبحانه يعلم أسرارهم وهم يعلمون أسراره، فهو المستحق للعبادة لا هم كما قال عيسى عليه السلام :﴿ تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ﴾[ المائدة : ١١٦ ].
٣ ) إنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الشفاعة له، ومن يكون إلها أو ولدا للإله لا يكون كذلك.
٤ ) إنهم في نهاية الإشفاق والوجل من الله.
٥ ) إن حالهم كحال سائر المكلفين في الوعد والوعيد، فكيف يكونون آلهة.
المعنى الجملي : بعد أن حكى مقالات أولئك المشركين الذين كانوا يعبدن آلهة من دون الله، ومقالات أولئك الذين قالوا اتخذ الله ولدا من الملائكة وطالبهم بالدليل على صدق ما يدعون، وبين لهم أنه لا سبيل إلى إثبات ذلك من طريق العقل كما هو واضح ولا من طريق النقل، إذ كان الرسل السابقين كان أس دعوتهم أن لا إله إلا أنا فاعبدون.
قفى على ذلك بتوبيخهم على عدم تدبرهم الآيات المنصوبة في الكون الدالة على التوحيد، ولفت أنظارهم إلى أنه لا ينبغي عبادة الأصنام والأوثان، فإن الإله القادر على مثل هذه المخلوقات لا يعبد سواه من حجر أو شجر لا يضر ولا ينفع.
تفسير المفردات :
الرتق : الضم والالتحام خلقة كان أو صنعة. والفتق : الفصل بين الشيئين الملتصقين.
الإيضاح :
اعلم أنه سبحانه ذكر أدلة ستة تثبت وجود الخالق الواحد القادر، لو تدبرها المنصفون، وعقلها الجاحدون، لم يجدوا مجالا للإنكار، ولا سبيلا إلى الجحد :
( ١ )﴿ أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ﴾أي ألم يعلم الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا مرتوقتين، أي ملتحمتين متصلتين، ففصلناهما وأنزلنا اتحادهما.
وهكذا يقول علماء الفلك حديثا، إذ يثبتون أن الشمس كانت كرة نارية دائرة حول نفسها ملايين السنين، وفي أثناء سيرها السريع انفصلت منها أرضنا والأرضون الأخرى وهي السيارات من خط الاستواء الشمسي، فتباعدت عنها، وما زالت أرضنا دائرة حول نفسها وحول الشمس على نظام خاص بحكم الجاذبية.
قال الأستاذ عبد الحميد سماحة وكيل المرصد الملكي المصري : إن النظرية الحديثة في كيفية مولد الأرض وأخواتها الكواكب السيارة من الشمس، هي افتراض اقتراب نجم كبير من الشمس فيما مضى من الزمن اقترابا كافيا، فجذب من سطحها كتلة لم تلبث أن انفصلت من الشمس على شكل سهم مدبب الطرفين سميك في الوسط، ثم تكثفت هذه الكتلة في الفضاء البارد إلى كتل منفصلة، وبقيت هذه الكتل التي تمثل الأرض وأخواتها الكواكب السيارة تدور بفعل الجاذبية للشمس في مداراتها حولها بلا انقطاع، وانطفأ نورها لأن كتلها كانت أصغر من أن تحتفظ بصفتها الأصلية قبل الانفصال وهو إشعاع الضوء.
فالكواكب السيارة ومنها الأرض لا نراها بضوء يتشعع منها، بل بضوء الشمس منعكسا على سطوحها كما نرى القمر وكما نرى وجوهنا بضوء الشمس أو مصباح منعكسا عليها.
والكواكب السيارة تسعة، وهي بترتيب قربها من الشمس : عطارد. الزهرة. الأرض. المريخ. المشتري. زحل. أورانوس. نبتون. بلوتوه.
ويدخل ضمن هذه الأسرة مجموعة كبيرة العدد من أجسام صغيرة بين مداري المريخ والمشتري وتدور حول الشمس كسرب من الطير، ومن بينها المذنبات أيضا، والشهب التي نرى الكثير منها كل ليلة يهوي نحو الأرض ويحترق باحتكاكه بالغلاف الجوي الذي حولها.
أما بقية الأجرام السماوية التي نراها ليلا تزين سطح القبة السماوية فهي النجوم. والنجوم شموس موادها المركبة منها هي المواد المركبة منها شمسنا، فسبحان الخلاق العظيم اه.
وبعد أزمنة طويلة لا يعلم مداها بردت القشرة الأرضية وصارت صالحة لإنبات بعض أنواع النبات، ثم لسكنى الحيوان ثم لسكنى الإنسان.
ولا شك أن هذه النظرية التي لم يكن يعرفها العرب ولا الأمم المعاشرة لهم، ولم تعرف إلا منذ القرن السابع عشر الميلادي ومحصت بعض التمحيص في عصرنا الحاضر تدل أكبر دلالة على صدق محمد ( ص )، وأن القرآن وحي أرسله إليه ربه هداية للبشر ورحمة للعالمين.
وخلاصة ذلك : إن العقل البشري مستعد لدرس عجائب هذا الكون، ومعرفة سير هذه الكواكب ودورانها بنظام الجاذبية حول الشمس على سنن لا يتغير ولا يتبدل، وقد دل البحث على أنها كلها كانت مجموعة واحدة انفصل بعضها من بعض بأسباب خاصة قدرها العليم الخبير.
وقد أرشد إلى بيان هذا خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله، ولم يكن قومه ولا الأمم المعاصرون لهم يفكرون فيه، مما يدل على أن ذلك وحي أوحي إليه من لدن عليم خبير، وقد كان هذا وحده كافيا في الإسراع إلى تصديقه والإيمان برسالته لولا الجحد والإنكار وعمى القلوب﴿ فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ﴾[ الحج : ٤٦ ].
( ٢ )﴿ وجعلنا من الماء كل شيء حي ﴾أي وخلقنا من الماء كل حيوان كما قال في آية أخرى﴿ والله خلق كل دابة من ماء ﴾[ النور : ٤٥ ] وكذا يحيا به كل نبات وينمو. وقال قتادة : خلقنا كل نام من الماء، فيدخل الحيوان والنبات.
ويرى بعض علماء العصر الحاضر أن كل حيوان خلق أولا في البحر، فأصل جميع الطيور والزواحف وحيوان البر من البحر.
ثم تطبعت بطباع حيوان البر على مدى الأيام وتنوعت أصنافها، ولهم على ذلك كثير من الأدلة.
﴿ أفلا يؤمنون ﴾بأن يتدبروا هذه الأدلة، فيعلموا بها الخالق الذي لا يشبه غيره، ويتركوا طريق الشرك.
المعنى الجملي : بعد أن حكى مقالات أولئك المشركين الذين كانوا يعبدن آلهة من دون الله، ومقالات أولئك الذين قالوا اتخذ الله ولدا من الملائكة وطالبهم بالدليل على صدق ما يدعون، وبين لهم أنه لا سبيل إلى إثبات ذلك من طريق العقل كما هو واضح ولا من طريق النقل، إذ كان الرسل السابقين كان أس دعوتهم أن لا إله إلا أنا فاعبدون.
قفى على ذلك بتوبيخهم على عدم تدبرهم الآيات المنصوبة في الكون الدالة على التوحيد، ولفت أنظارهم إلى أنه لا ينبغي عبادة الأصنام والأوثان، فإن الإله القادر على مثل هذه المخلوقات لا يعبد سواه من حجر أو شجر لا يضر ولا ينفع.
تفسير المفردات :
الرواسي : الثوابت واحدها راسية. وتميد : تتحرك وتضطرب. والفجاج : واحدها فج، وهو شقة يكتنفها جبلان. والسبل واحدها سبيل : وهو الطريق الواسع.
الإيضاح :
( ٣ )﴿ وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم ﴾أي وجعلنا فيها جبالا ثوابت، لئلا تميد وتضطرب بهم.
وقد أثبت العلم حديثا أن الأرض كانت نارا ملتهبة، ثم بردت قشرتها، وصارت صوانية صلبة، وقدروا زمن ذلك بنحو ثلاثمائة مليون سنة.
ومما يدل على صدق هذه النظرية ما نراه من حمم النيران التي تخرجها البراكين في جهات كثيرة من الأرض كما حدث سنة ١٩٠٩ لبركان ويزوف بإيطاليا، وقد طغى على مدينة مسينا، وابتلعها في باطنه ولم يبق منها شيئا.
فهذه البراكين أشبه بأفواه تتنفس بها الأرض، لتخرج من باطنها نيرانا ومواد ذائبة، مما يرشد إلى أنها كلها في أحقاب طويلة كانت كذلك.
ولولا هذه القشرة الصلبة لتفجرت ينابيع النيران من سائر جهاتها كما كانت بعد ما انفصلت من الشمس كثيرة الثوران والفوران.
وهذه القشرة الصوانية البعيدة الغور المغلقة للكرة النارية هي الحافظة لكرة النار التي تحتها، وهي التي نبتت منها الجبال التي نراها فوق أرضنا، وقد جعلت لحفظ الأرض من أن تميد، وما هي إلا كأسنان لها، طالت وامتدت فوق طبقات الأرض، فلو زالت هذه الجبال لبقي ما تحتها مفتوحا، وإذ ذاك ربما تثور البراكين في جهات كثيرة من الأرض وتضطرب اضطرابا شديدا وتزلزل زلزالا كثيرا.
وخلاصة ذلك : إنه لو لم تكن هذه الجبال التي هي قطعة من قشرة الأرض مرتفعة لما وجد ما يحفظ النيران المشتعلة في باطن الأرض من الظهور على سطحها بالبراكين والزلازل، وإذ ذاك ربما تضطرب الأرض اضطرابا شديدا وتخرج نيرانها الملتهبة من باطنها وتطغى على سطحها وتهلك الحرث والنسل.
وقد قدر العلماء حديثا نسبة الجبال إلى الأرض فقالوا : لو كان قطر الكرة الأرضية مترا لم تزد الجبال على ملليمتر ونصف فحسب.
وهذه هي المعجزة الثالثة في الآية التي ترشد إلى أن القرآن وحي يوحى، فما محمد ولا قومه ولا الأمم المعاصرون لهم يعلمون شيئا من هذه الآيات الكونية التي أيد صحتها تقدم العلوم، ففهم ظاهر الأرض وباطنها.
وفي هذا مصداق لما أثر عن علي كرم الله وجهه :" القرآن جديد لا تبلى جدته ".
( ٤ )﴿ وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون ﴾أي وجعلنا في الأرض طرقا بين جبالها يسلكها الناس من قطر إلى قطر ومن إقليم إلى آخر، ليهتدوا بذلك إلى مصالحهم ومهام أمورهم المعيشية.
المعنى الجملي : بعد أن حكى مقالات أولئك المشركين الذين كانوا يعبدن آلهة من دون الله، ومقالات أولئك الذين قالوا اتخذ الله ولدا من الملائكة وطالبهم بالدليل على صدق ما يدعون، وبين لهم أنه لا سبيل إلى إثبات ذلك من طريق العقل كما هو واضح ولا من طريق النقل، إذ كان الرسل السابقين كان أس دعوتهم أن لا إله إلا أنا فاعبدون.
قفى على ذلك بتوبيخهم على عدم تدبرهم الآيات المنصوبة في الكون الدالة على التوحيد، ولفت أنظارهم إلى أنه لا ينبغي عبادة الأصنام والأوثان، فإن الإله القادر على مثل هذه المخلوقات لا يعبد سواه من حجر أو شجر لا يضر ولا ينفع.
الإيضاح :
( ٥ ) ﴿ وجعلنا السماء سقفا محفوظا ﴾أي إنه تعالى نظم السماء وجعلها كالسقف المحفوظ من الاختلال وعدم النظام، فقد حفظت الشموس والكواكب في مداراتها بحيث لا يختلط بعضها ببعض، و لا يتخبط بعضها في بعض، بل جعلت في أماكنها الخاصة بها بقوة الجاذبية.
فالشمس والقمر الكواكب الأخرى متجاذبات حافظات لمداراتها لا تخرج عنها، وإلا اختل نظام هذا العالم، وبهذا الحفظ ونظام الدوران كان الليل والنهار الحادثين من جري الأرض حول الشمس.
ونحو الآية قوله :﴿ ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ﴾[ الحج : ٦٥ ].
﴿ وهم عن آياتها معرضون ﴾أي والمشركون معرضون عن التفكر في تلك الآيات الدالة على وحدانيتنا وعظيم قدرتنا وإحاطة علمنا.
المعنى الجملي : بعد أن حكى مقالات أولئك المشركين الذين كانوا يعبدن آلهة من دون الله، ومقالات أولئك الذين قالوا اتخذ الله ولدا من الملائكة وطالبهم بالدليل على صدق ما يدعون، وبين لهم أنه لا سبيل إلى إثبات ذلك من طريق العقل كما هو واضح ولا من طريق النقل، إذ كان الرسل السابقين كان أس دعوتهم أن لا إله إلا أنا فاعبدون.
قفى على ذلك بتوبيخهم على عدم تدبرهم الآيات المنصوبة في الكون الدالة على التوحيد، ولفت أنظارهم إلى أنه لا ينبغي عبادة الأصنام والأوثان، فإن الإله القادر على مثل هذه المخلوقات لا يعبد سواه من حجر أو شجر لا يضر ولا ينفع.
تفسير المفردات :
والفلك : كل شيء دائر، وجمعه أفلاك.
الإيضاح :
( ٦ )﴿ وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون ﴾أي والله خلق لكم الليل والنهار نعمة منه عليكم، وحجة على عظيم سلطانه، فهما يختلفان عليكم لصلاح معايشكم وأمور دنياكم وآخرتكم وخلق الأرض والشمس والقمر تجري في أفلاكها كما يجري السمك في الماء.
وهذا هو الرأي الحديث، وأن هذه كلها تجري في عالم الأثير المالىء لهذا الفضاء، فالشمس تجري، والأرض تجري، والقمر يجري، وبينها هذه المخلوقات الحية، فما مثل هذه العوالم إلا كآلة الطباعة والمخلوقات كلماتها وسطورها، أو كدار صناعة تخرج كل يوم مصنوعات جديدة بعد فناء القديمة وزوالها.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه الأدلة على وجود الخالق الواحد القادر، بما يرون من الآيات الكونية، أردف ذلك ببيان أن هذه الدنيا ما خلقت للخلود والدوام، ولا خلق من فيها للبقاء، بل خلقت للابتلاء والامتحان، ولتكون وسيلة إلى الآخرة التي هي دار الخلود، فلا تشمتوا إذا مات محمد ( ص ) فما هذا بسبيله وحده، بل هذا سنة الله في الخلق أجمعين.
تمنى رجال أن أموت، وإن أمـت فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى تزود لأخرى مثلها فكأن قد
ثم ذكر أنهم نعوا على نبيه ( ص ) ذكر آلهتهم التي لا تضر ولا تنفع بالسوء، ورد عليهم بأنهم قد كفروا بالرحمن المنعم على عباده، الخالق لهم، المحيي المميت، ولا شيء أقبح من هذا وأخلق بالذم منه.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي أنه ( ص ) مر على أبي سفيان وأبي جهل وهما يتحدثان، فلما رآه أب جهل ضحك وقال : هذا نبي بني عبد مناف، فغضب أبو سفيان وقال : أتنكر أن يكون لعبد مناف نبي ؟ فسمعهما النبي ( ص ) فرجع إلى أبي جهل فوقع به وخوفه وقال :" ما أراك منتهيا حتى يصيبك ما أصاب عمك الوليد بن المغيرة "، وقال لأبي سفيان :" أما إنك لم تقل ما قلت إلا حمية " فنزلت الآية.
تفسير المفردات :
الخلد : الخلود والبقاء.
الإيضاح :
﴿ وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ﴾أي وما كتب لأحد من قبلك البقاء في الدنيا حتى نبقيك فيها، بل قدر لك أن تموت كما مات رسلنا من قبلك.
﴿ أفإين مت فهم الخالدون ﴾أي أفهؤلاء المشركون بربهم هم الخالدون بعدك ؟ لا، ما ذلك كذلك، بل هم ميتون، عشت أو مت.
أخرج البيهقي وغيره عن عائشة قالت : دخل أبو بكر على النبي( ص ) وقد مات فقبله وقال : وانبياه، واخليلاه، واصفياه، ثم تلا :﴿ وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ﴾الآية.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه الأدلة على وجود الخالق الواحد القادر، بما يرون من الآيات الكونية، أردف ذلك ببيان أن هذه الدنيا ما خلقت للخلود والدوام، ولا خلق من فيها للبقاء، بل خلقت للابتلاء والامتحان، ولتكون وسيلة إلى الآخرة التي هي دار الخلود، فلا تشمتوا إذا مات محمد ( ص ) فما هذا بسبيله وحده، بل هذا سنة الله في الخلق أجمعين.
تمنى رجال أن أموت، وإن أمـت فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى تزود لأخرى مثلها فكأن قد
ثم ذكر أنهم نعوا على نبيه ( ص ) ذكر آلهتهم التي لا تضر ولا تنفع بالسوء، ورد عليهم بأنهم قد كفروا بالرحمن المنعم على عباده، الخالق لهم، المحيي المميت، ولا شيء أقبح من هذا وأخلق بالذم منه.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي أنه ( ص ) مر على أبي سفيان وأبي جهل وهما يتحدثان، فلما رآه أب جهل ضحك وقال : هذا نبي بني عبد مناف، فغضب أبو سفيان وقال : أتنكر أن يكون لعبد مناف نبي ؟ فسمعهما النبي ( ص ) فرجع إلى أبي جهل فوقع به وخوفه وقال :" ما أراك منتهيا حتى يصيبك ما أصاب عمك الوليد بن المغيرة "، وقال لأبي سفيان :" أما إنك لم تقل ما قلت إلا حمية " فنزلت الآية.
تفسير المفردات :
الذوق : هنا الإدراك ؛ والمراد من الموت مقدماته من الآلام العظمية، والمدرك لذلك هي النفس المفارقة التي تدرك مفارقتها للبدن. ونبلوكم : أي نختبركم ؛ والمراد نعاملكم معاملة من يختبركم. بالخير والشر : أي المحبوب والمكروه. فتنة : أي ابتلاء.
الإيضاح :
ثم أكد ما سلف وبين أن أحدا لا يبقى في هذه الدنيا فقال :
﴿ كل نفس ذائقة الموت ﴾أي كل نفس منفوسة من خلقه ذائقة مرارة الموت، ومتجرعة كأسه، وشدة مفارقة الروح للبدن وقد جاء في الحديث :" إن للموت لسكرات " فلا يفرحن أحد لموت أحد ولا يظهرن التشفي منه، كما لا ينبغي أن تبدوا عليه علامات الجزع والحسرة لموت أحد.
﴿ ونبلوكم بالشر والخير فتنة ﴾أي ونختبركم أيها الناس بالمضار الدنيوية من الفقر والآلام وسائر الشدائد، وبنعم الدنيا من الصحة واللذة والسرور والتمكين من حصول ما تريدون، لنرى أتصبرون في المحن، وتشكرون في المنح ؟ فيزداد ثوابكم عند ربكم إذا قمتم بأداء ذلك، و القيام بحقوق الصبر أيسر من القيام بحقوق الشكر، فالمنحة أعظم البلاءين ؛ و من ثم قال عمر رضي الله عنه : بلينا بالضراء فصبرنا، و بلينا بالسراء فلم نصبر، و قال علي كرم الله وجهه : من وسع عليه دنياه فلم يعلم أنه قد مكر به فهو مخدوع عن عقله.
و خلاصة ذلك : إنا نعاملكم معاملة من يختبركم و نفتنكم كما يفتن الذهب إذا أريد تصفيته بالنار عما يخالطه من الغش، لنرى أتصبرون في الشدائد وتشكرون حين الرخاء ؟
﴿ وإلينا ترجعون ﴾فنجازيكم وفق ما يظهر من أعمالكم.
ولا يخفى ما في هذا من الوعد والوعيد بالثواب والعقاب.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه الأدلة على وجود الخالق الواحد القادر، بما يرون من الآيات الكونية، أردف ذلك ببيان أن هذه الدنيا ما خلقت للخلود والدوام، ولا خلق من فيها للبقاء، بل خلقت للابتلاء والامتحان، ولتكون وسيلة إلى الآخرة التي هي دار الخلود، فلا تشمتوا إذا مات محمد ( ص ) فما هذا بسبيله وحده، بل هذا سنة الله في الخلق أجمعين.
تمنى رجال أن أموت، وإن أمـت فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى تزود لأخرى مثلها فكأن قد
ثم ذكر أنهم نعوا على نبيه ( ص ) ذكر آلهتهم التي لا تضر ولا تنفع بالسوء، ورد عليهم بأنهم قد كفروا بالرحمن المنعم على عباده، الخالق لهم، المحيي المميت، ولا شيء أقبح من هذا وأخلق بالذم منه.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي أنه ( ص ) مر على أبي سفيان وأبي جهل وهما يتحدثان، فلما رآه أب جهل ضحك وقال : هذا نبي بني عبد مناف، فغضب أبو سفيان وقال : أتنكر أن يكون لعبد مناف نبي ؟ فسمعهما النبي ( ص ) فرجع إلى أبي جهل فوقع به وخوفه وقال :" ما أراك منتهيا حتى يصيبك ما أصاب عمك الوليد بن المغيرة "، وقال لأبي سفيان :" أما إنك لم تقل ما قلت إلا حمية " فنزلت الآية.
تفسير المفردات :
إن يتخذونك إلا هزوا : أي ما يتخذونك إلا مهزوءا به مسخورا منه.
الإيضاح :
﴿ وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا ﴾أي وإذا رآك المشركون لم يكن لهم عمل إلا أن يجعلوك موضع السخرية والهزؤ وقد كان من حقهم أن يكفروا مليا فيما يشاهدون من أخلاقك وآدابك، وفيما ينزل عليك من الوحي الذي فيه عظة وذكرى لقوم يعقلون، لعل بصائرهم تستنير، وطباعهم ترق، وقلوبهم ترعوي عن غيها، وهؤلاء الذين قال الله تعالى فيهم :﴿ إنا كفيناك المستهزئين ﴾[ الحجر : ٩٥ ].
﴿ أهذا الذي يذكر ألهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون ﴾ أي ويقولون استنكارا وتعجبا : أهذا الذي يسب آلهتكم ويسفه أحلامكم ؟ وكيف يعجبون من ذلك وهم كافرون بالله الذي خلقهم وأنعم عليهم، وبيده نفعهم وضرهم وإليه مرجعهم ؟ قال الزجاج يقال فلان يذكر الناس أي يغتابهم ويذكرهم بالعيوب، وفلان يذكر الله أي يصفه بالتعظيم ويثني عليه.
وخلاصة ذلك : كيف يعجبون من نبز آلهتهم بالسوء، وهم قد كفروا بربهم الذي برأهم وصورهم فأحسن صورهم، وإليه مرجعهم على النقير والقطمير.
المعنى الجملي : بعد أن بين جلت قدرته أنه كلما آتى المشركين آية كفروا بها، وكلما توعدهم بالعذاب كذبوا به وقالوا تهكما وإنكارا : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ؟ قفى على ذلك بنهيهم عن العجلة وبيان أن ما أوعدوا به آت لا محالة، ثم أرشد إلى أن العجلة من طبيعة الإنسان التي جبل عليها، ثم ذكرهم بجهلهم بما يستعجلون، فإنهم لو عرفوا كنه ما طلبوا ما دار بخلدهم ذلك المطلب.
وفي هذا تسلية لرسوله ( ص ) كما سلاه بأن الاستهزاء به وبما أتى به ليس بدعا من المشركين، فكثير من الرسل قبله أوذوا واستهزىء بهم، وكان النصر آخرا حليفهم وحاق الهلاك بالمكذبين، فانتظر لهؤلاء يوما يحل بهم فيه مثل ما حل بمن قبلهم، وقل لهم : انتظروا إنا منتظرون.
روي أن الآية نزلت في النضر بن الحارث، وهو القائل :﴿ اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ﴾[ الأنفال : ٣٢ ].
تفسير المفردات :
العجل والعجلة : طلب شيء قبل أوانه. والمراد بالإنسان : هذا النوع، وقد جعل لفرط استعجاله وقلة صبره كأنه مخلوق من العجل مبالغة كما يقال للرجل الذكي هو نار تشتعل، ويقال لمن يكثر منه الكرم : فلان خلق من الكرم، قال المبرد : خلق الإنسان من عجل، أي إن من شأنه العجلة كقوله :﴿ خلقكم من ضعف ﴾ [ الروم : ٥٤ ] أي خلقكم ضعفاء، والآيات هي آيات النقم التي هددهم بوقوعها. وإراءتهم إياها : إصابتهم بها.
الإيضاح :
﴿ خلق الإنسان من عجل ﴾أي إنه تعالى فطر هذا النوع على العجلة، وجعلها من سجيته وجبلته، فليس بعجيب من المشركين أن يستعجلوا عذاب الله ونزول نقمته بهم، وقد كان من الحق عليهم أن يتلبثوا قليلا، فإن الله سينزل بهم من سخطه مثل ما أنزل بالمكذبين قبلهم، ويحل بهم من العذاب ما لا قبل لهم بدفعه، وهذا ما أشار إليه بقوله :
﴿ سأريكم آياتي فلا تستعجلوني ﴾أي إن نقمي ستصيبكم لا محالة، فلا تتعجلوا عذابي، واصبروا حتى يأتي وعد الله، إن الله لا يخلف الميعاد.
وقد نهي الإنسان عن العجلة مع أنها ركبت في طبيعته، من قبل أنه أوتي المقدرة التي يستطيع بها تركها وكف النفس عنها.
المعنى الجملي : بعد أن بين جلت قدرته أنه كلما آتى المشركين آية كفروا بها، وكلما توعدهم بالعذاب كذبوا به وقالوا تهكما وإنكارا : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ؟ قفى على ذلك بنهيهم عن العجلة وبيان أن ما أوعدوا به آت لا محالة، ثم أرشد إلى أن العجلة من طبيعة الإنسان التي جبل عليها، ثم ذكرهم بجهلهم بما يستعجلون، فإنهم لو عرفوا كنه ما طلبوا ما دار بخلدهم ذلك المطلب.
وفي هذا تسلية لرسوله ( ص ) كما سلاه بأن الاستهزاء به وبما أتى به ليس بدعا من المشركين، فكثير من الرسل قبله أوذوا واستهزىء بهم، وكان النصر آخرا حليفهم وحاق الهلاك بالمكذبين، فانتظر لهؤلاء يوما يحل بهم فيه مثل ما حل بمن قبلهم، وقل لهم : انتظروا إنا منتظرون.
روي أن الآية نزلت في النضر بن الحارث، وهو القائل :﴿ اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ﴾[ الأنفال : ٣٢ ].
تفسير المفردات :
والمراد بالوعد قيام الساعة.
الإيضاح :
ثم حكى عنهم ما يستعجلون فقال :
﴿ ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ﴾ أي ويقولون للنبي ( ص ) ولمن معه من المؤمنين الذين يتلون الآيات المنبئة بقرب الساعة ونزول العذاب بمن كفر بها استهزاء : متى يجيئنا هذا العذاب الذي تعدوننا به إن كنتم صادقين في وعدكم.
وهذا منهم استبطاء للموعود به يراد به إنكار وقوعه وأنه لن يكون البتة.
المعنى الجملي : بعد أن بين جلت قدرته أنه كلما آتى المشركين آية كفروا بها، وكلما توعدهم بالعذاب كذبوا به وقالوا تهكما وإنكارا : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ؟ قفى على ذلك بنهيهم عن العجلة وبيان أن ما أوعدوا به آت لا محالة، ثم أرشد إلى أن العجلة من طبيعة الإنسان التي جبل عليها، ثم ذكرهم بجهلهم بما يستعجلون، فإنهم لو عرفوا كنه ما طلبوا ما دار بخلدهم ذلك المطلب.
وفي هذا تسلية لرسوله ( ص ) كما سلاه بأن الاستهزاء به وبما أتى به ليس بدعا من المشركين، فكثير من الرسل قبله أوذوا واستهزىء بهم، وكان النصر آخرا حليفهم وحاق الهلاك بالمكذبين، فانتظر لهؤلاء يوما يحل بهم فيه مثل ما حل بمن قبلهم، وقل لهم : انتظروا إنا منتظرون.
روي أن الآية نزلت في النضر بن الحارث، وهو القائل :﴿ اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ﴾[ الأنفال : ٣٢ ].
تفسير المفردات :
لايكفون : أي لا يمنعون.
الإيضاح :
ثم بين شديد جهلهم بما يستعجلون وعظيم حماقتهم لهذا الطلب فقال :
﴿ لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون ﴾ أي لو يعلم هؤلاء الكفار المستعجلون ماذا أعد لهم ربهم من البلاء حين تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون، فلا يستطيعون ردها عن تلك الوجوه، ولا يدفعونها بأنفسهم عن الظهور، ولا يجدون ناصرا ينصرهم، وينقذهم من ذلك العذاب لما أقاموا على كفرهم بربهم ولسارعوا إلى التوبة منه، ولما استعجلوا لأنفسهم هذا النكال والوبال.
وإنما خص الوجوه والظهور، لأن مس العذاب لهما أعظم موقعا.
المعنى الجملي : بعد أن بين جلت قدرته أنه كلما آتى المشركين آية كفروا بها، وكلما توعدهم بالعذاب كذبوا به وقالوا تهكما وإنكارا : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ؟ قفى على ذلك بنهيهم عن العجلة وبيان أن ما أوعدوا به آت لا محالة، ثم أرشد إلى أن العجلة من طبيعة الإنسان التي جبل عليها، ثم ذكرهم بجهلهم بما يستعجلون، فإنهم لو عرفوا كنه ما طلبوا ما دار بخلدهم ذلك المطلب.
وفي هذا تسلية لرسوله ( ص ) كما سلاه بأن الاستهزاء به وبما أتى به ليس بدعا من المشركين، فكثير من الرسل قبله أوذوا واستهزىء بهم، وكان النصر آخرا حليفهم وحاق الهلاك بالمكذبين، فانتظر لهؤلاء يوما يحل بهم فيه مثل ما حل بمن قبلهم، وقل لهم : انتظروا إنا منتظرون.
روي أن الآية نزلت في النضر بن الحارث، وهو القائل :﴿ اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ﴾[ الأنفال : ٣٢ ].
تفسير المفردات :
بغثة : أي فجأة. تبهتهم : أي تدهشهم وتحيرهم. ينظرون : أي يمهلون ويؤخرون.
الإيضاح :
ولما بين شدة العذاب في ذلك اليوم بين أن وقته لا يكون معلوما لهم فقال :
﴿ بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون ﴾أي بل تأتيهم الساعة وهم لأمرها غير مستعدين، فتدعهم حائرين لا يستطيعون حيلة في ردها، ولا منصرفا عما يأتيهم منها، ولا هم يمهلون لتوبة، ولا لتقديم معذرة، فقد فات ما فات، وأحاط بهم ما كانوا به يستهزئون.
وإنما لم يعلم الله عباده وقتها، لما في ذلك من فائدة، فإن المرء يكون مع جهله بها أشد حذرا وأقرب إلى التلافي وانتهاز الفرصة.
المعنى الجملي : بعد أن بين جلت قدرته أنه كلما آتى المشركين آية كفروا بها، وكلما توعدهم بالعذاب كذبوا به وقالوا تهكما وإنكارا : متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ؟ قفى على ذلك بنهيهم عن العجلة وبيان أن ما أوعدوا به آت لا محالة، ثم أرشد إلى أن العجلة من طبيعة الإنسان التي جبل عليها، ثم ذكرهم بجهلهم بما يستعجلون، فإنهم لو عرفوا كنه ما طلبوا ما دار بخلدهم ذلك المطلب.
وفي هذا تسلية لرسوله ( ص ) كما سلاه بأن الاستهزاء به وبما أتى به ليس بدعا من المشركين، فكثير من الرسل قبله أوذوا واستهزىء بهم، وكان النصر آخرا حليفهم وحاق الهلاك بالمكذبين، فانتظر لهؤلاء يوما يحل بهم فيه مثل ما حل بمن قبلهم، وقل لهم : انتظروا إنا منتظرون.
روي أن الآية نزلت في النضر بن الحارث، وهو القائل :﴿ اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ﴾[ الأنفال : ٣٢ ].
تفسير المفردات :
حاق : حل ونزل.
الإيضاح :
ثم سلى رسوله على استهزائهم به فقال :
﴿ ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون ﴾أي ولقد استهزىء برسل من رسلنا الذين أرسلناهم قبلك إلى أممهم، فنزل بالذين استهزؤوا بهم العذاب والبلاء الذي كانت الرسل تخوفهم نزوله، ولن يعدو أن يكون أمر هؤلاء الكفار كأمر أسلافهم من الأمم المكذبة لرسلها، فينزل بهم من عذاب الله وسخطه باستهزائهم مثل ما نزل بمن قبلهم فانظر لهم عاقبة وخيمة كعاقبة أولئك، وسيكون لك النصر عليهم.
ونحو الآية قوله :﴿ ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبىء المرسلين ﴾ [ الأنعام : ٣٤ ].
المعنى الجملي : بعد أن أبان سبحانه أن الكافرين في الآخرة لا يستطيعون أن يمنعوا عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم، وأنه سيكون لهم من الأهوال ما لم يكن يخطر لهم ببال أعقبه ببيان أن لولا أن الله قدر لهم السلامة في الدنيا وحرسهم إلى حين لما بقوا سالمين، وأنه مع إنعامه عليهم ليلا ونهارا بالحفظ والحراسة هم معرضون عن الدلائل الدالة على أنه لا حافظ لهم سواه، وأنه قد كان ينبغي لهم أن يتركوا عبادة الأصنام التي لا حظ لها في شيء من ذلك، فهي لا تستطيع أن تحفظ أنفسها من الآفات، فضلا عن منع بأس الله إن حل بهم، ثم أردف ذلك ببيان أن الذي حملهم على الإعراض عن ذلك هو طول الأمد حتى نسوا العهد وجهلوا مواقع النعمة، وقد كان لهم في نقص الأرض من أطرافها وفتح المسلمين لها عبرة أيما عبرة، فها هم يرون محمدا ( ص ) وأتباعه يفتحون البلاد والقرى حول مكة ويدخلونها تحت راية الإسلام ويقتلون الرؤساء والعشائر من المشركين، فمن حقهم أن يفكروا في هذا مليا ويرعووا عن غيهم ويعلموا آثار قدرتنا وأن جندنا هم الغالبون، ثم قفى على ذلك ببيان أن وظيفة الرسل هي الإنذار والتبليغ، وليس عليهم الإلزام والقبول، فإذا كانت القلوب متحجرة، والآذان صماء، فماذا تجدي العظة، وماذا ينفع النصح، ولئن أصابهم القليل من عذاب الله لتنادوا بالويل والثبور، واعترفوا على أنفسهم بأنهم كانوا ظالمين، ثم قفى على ذلك ببيان أن الدار الآخرة لا ظلم فيها ولا محاباة، فالمرء يحاسب فيها على الجليل والحقير، فهناك تنصب موازين العدل ويجازى كل امرئ بما قدم من خير أو شر :
﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ( ٧ ) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ﴾[ الزلزلة : ٧- ٨ ]
تفسير المفردات :
يكلؤكم : يحرسكم ويحفظكم قاله ابن عباس. من الرحمن : أي من بأسه وعاقبه الذي تستحقون.
الإيضاح :
﴿ قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن ﴾أي سل الرسول أولئك المستهزئين سؤال إنكار وتوبيخ من يستطيع أن يحفظكم من الرحمن إذا أراد أن ينزل بكم بأسه وعذابه الذي تستحقونه ؟
والخلاصة : من يحفظكم بالليل إذا نمتم، وبالنهار إذا تصرفتم في أمور معايشكم من عذاب الرحمن إن نزل بكم، ومن بأسه إذا حل بساحتكم ؟
وفي ذكر﴿ الرحمن ﴾إيماء وتنبيه إلى أنه لا حفظ لهم إلا برحمته، وإلى أن بأسه أليم شديد، وإلى أنه قد عذبهم من غلبت رحمته قسوته، جزاء وفاقا بما دسوا به أنفسهم من فاسد الطوايا، وسيئ الأعمال.
ثم ذكر أنهم قد غفلوا عن الكالئ الحافظ فقال :
﴿ بل هم عن ذكر ربهم معرضون ﴾أي إن هؤلاء القوم قد ألهتهم النعم عن المنعم، فلا يذكرون الله حتى يخافوا بأسه، أو يعدوا ما كانوا فيه من الأمن والدعة كلاءة وحفظا لهم حتى يسألوا عن الكالئ الحافظ.
وخلاصة ذلك : إنهم على وجود الدلائل العقلية والنقلية الدالة على أنه تعالى هم الكالئ الحافظ معرضون عنها، لا يتأملون فيها.
وفي ذكر " الرب " إيماء إلى أنهم خاضعون لسلطانه، وأنهم في ملكوته وتدبيره، وجميل رعايته وتربيته، وهم على ذلك معرضون، فهم في الغاية القصوى من الضلال وفي النهاية من الجهل والغباء.
المعنى الجملي : بعد أن أبان سبحانه أن الكافرين في الآخرة لا يستطيعون أن يمنعوا عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم، وأنه سيكون لهم من الأهوال ما لم يكن يخطر لهم ببال أعقبه ببيان أن لولا أن الله قدر لهم السلامة في الدنيا وحرسهم إلى حين لما بقوا سالمين، وأنه مع إنعامه عليهم ليلا ونهارا بالحفظ والحراسة هم معرضون عن الدلائل الدالة على أنه لا حافظ لهم سواه، وأنه قد كان ينبغي لهم أن يتركوا عبادة الأصنام التي لا حظ لها في شيء من ذلك، فهي لا تستطيع أن تحفظ أنفسها من الآفات، فضلا عن منع بأس الله إن حل بهم، ثم أردف ذلك ببيان أن الذي حملهم على الإعراض عن ذلك هو طول الأمد حتى نسوا العهد وجهلوا مواقع النعمة، وقد كان لهم في نقص الأرض من أطرافها وفتح المسلمين لها عبرة أيما عبرة، فها هم يرون محمدا ( ص ) وأتباعه يفتحون البلاد والقرى حول مكة ويدخلونها تحت راية الإسلام ويقتلون الرؤساء والعشائر من المشركين، فمن حقهم أن يفكروا في هذا مليا ويرعووا عن غيهم ويعلموا آثار قدرتنا وأن جندنا هم الغالبون، ثم قفى على ذلك ببيان أن وظيفة الرسل هي الإنذار والتبليغ، وليس عليهم الإلزام والقبول، فإذا كانت القلوب متحجرة، والآذان صماء، فماذا تجدي العظة، وماذا ينفع النصح، ولئن أصابهم القليل من عذاب الله لتنادوا بالويل والثبور، واعترفوا على أنفسهم بأنهم كانوا ظالمين، ثم قفى على ذلك ببيان أن الدار الآخرة لا ظلم فيها ولا محاباة، فالمرء يحاسب فيها على الجليل والحقير، فهناك تنصب موازين العدل ويجازى كل امرئ بما قدم من خير أو شر :
﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ( ٧ ) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ﴾[ الزلزلة : ٧- ٨ ]
تفسير المفردات :
من دوننا : أي من غيرنا. يصحبون : أي يجارون من عذابنا ؛ تقول العرب : أنا لك جار وصاحب من فلان، أي ومجير منه واختاره الطبري.
الإيضاح :
ثم انتقل من وصفهم بالإعراض إلى توبيخهم باعتمادهم على آلهة لا تضر ولا تنفع فقال :
﴿ أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا ﴾أي بل ألهؤلاء المستعجلي عذابنا آلهة تمنعهم منا إن نحن أنزلناه بهم، وتدفع عنهم بأسنا إن حل بساحتهم ؟
ومجمل ذلك : إن آلهتهم لا تمنعهم بأسنا إن أردنا ؟
ثم وصف تلك الآلهة التي اتخذوها بالضعف فقال :
﴿ لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون ﴾ أي وكيف تستطيع آلهتهم أن تمنعهم منا وهم لا يستطيعون نصر أنفسهم، ولا دفع ما ينزل بهم من البلاء، ولا هم يصحبون منا بنصر، فكيف يتوهم أن ينصروا غيرهم.
والخلاصة : إنهم في غاية العجز، فكيف يتوهم فيهم ما يتوهمون من القدرة والسلطان، ويدينون لهم بالخضوع والعبادة.
المعنى الجملي : بعد أن أبان سبحانه أن الكافرين في الآخرة لا يستطيعون أن يمنعوا عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم، وأنه سيكون لهم من الأهوال ما لم يكن يخطر لهم ببال أعقبه ببيان أن لولا أن الله قدر لهم السلامة في الدنيا وحرسهم إلى حين لما بقوا سالمين، وأنه مع إنعامه عليهم ليلا ونهارا بالحفظ والحراسة هم معرضون عن الدلائل الدالة على أنه لا حافظ لهم سواه، وأنه قد كان ينبغي لهم أن يتركوا عبادة الأصنام التي لا حظ لها في شيء من ذلك، فهي لا تستطيع أن تحفظ أنفسها من الآفات، فضلا عن منع بأس الله إن حل بهم، ثم أردف ذلك ببيان أن الذي حملهم على الإعراض عن ذلك هو طول الأمد حتى نسوا العهد وجهلوا مواقع النعمة، وقد كان لهم في نقص الأرض من أطرافها وفتح المسلمين لها عبرة أيما عبرة، فها هم يرون محمدا ( ص ) وأتباعه يفتحون البلاد والقرى حول مكة ويدخلونها تحت راية الإسلام ويقتلون الرؤساء والعشائر من المشركين، فمن حقهم أن يفكروا في هذا مليا ويرعووا عن غيهم ويعلموا آثار قدرتنا وأن جندنا هم الغالبون، ثم قفى على ذلك ببيان أن وظيفة الرسل هي الإنذار والتبليغ، وليس عليهم الإلزام والقبول، فإذا كانت القلوب متحجرة، والآذان صماء، فماذا تجدي العظة، وماذا ينفع النصح، ولئن أصابهم القليل من عذاب الله لتنادوا بالويل والثبور، واعترفوا على أنفسهم بأنهم كانوا ظالمين، ثم قفى على ذلك ببيان أن الدار الآخرة لا ظلم فيها ولا محاباة، فالمرء يحاسب فيها على الجليل والحقير، فهناك تنصب موازين العدل ويجازى كل امرئ بما قدم من خير أو شر :
﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ( ٧ ) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ﴾[ الزلزلة : ٧- ٨ ]
الإيضاح :
ثم بين سبحانه تفضله عليهم مع سوء ما أتوا به من الأعمال فقال :
﴿ بل متعنا هؤلاء وآبائهم حتى طال عليهم العمر ﴾أي إن الذي غرهم وحملهم على ما هم فيه من الضلال أنهم متعوا في الحياة الدنيا ونعموا بها وطال عليهم العمر حتى اعتقدوا أنهم على شيء.
وقصارى ذلك : إنهم طالت أعمارهم وهم في الغفلة فنسوا عهدنا، وجهلوا مواقع نعمتنا، فاغتروا بذلك ولم يعرفوا مواضع الشكر.
ثم بين لهم سوء مغبتهم، فقال :
﴿ أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقضها من أطرافها ﴾أي أفلا يرى هؤلاء المشركون بالله المستعجلون للعذاب آثار قدرتنا في إتيان الأرض من جوانبها، ففتحناها للمؤمنين وزدناها في ملكهم واقتطعناها من أيدي المشركين ؟ فقد تم لهم فتح البلاد التي حوالي مكة وقتل رؤسائها وإزالة دولة الشرك وأهله منها، ألا يفكرون في هذا فيكون لهم فيه مزدجر لو كانوا يعقلون ؟
والخلاصة : ألا يعتبرون ويحذروا أن ينزل بهم بأسنا كما أنزلناه بسواهم ؟
ثم وبخهم وأنبهم على غفلتهم عن الحق بعد وضوحه فقال :
﴿ أفهم الغالبون ﴾أي أفهم الغالبون أم نحن ؟ أي أفبعد ظهور ما ذكر ورؤيتهم إياه يتوهمون غلبتهم ؟
المعنى الجملي : بعد أن أبان سبحانه أن الكافرين في الآخرة لا يستطيعون أن يمنعوا عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم، وأنه سيكون لهم من الأهوال ما لم يكن يخطر لهم ببال أعقبه ببيان أن لولا أن الله قدر لهم السلامة في الدنيا وحرسهم إلى حين لما بقوا سالمين، وأنه مع إنعامه عليهم ليلا ونهارا بالحفظ والحراسة هم معرضون عن الدلائل الدالة على أنه لا حافظ لهم سواه، وأنه قد كان ينبغي لهم أن يتركوا عبادة الأصنام التي لا حظ لها في شيء من ذلك، فهي لا تستطيع أن تحفظ أنفسها من الآفات، فضلا عن منع بأس الله إن حل بهم، ثم أردف ذلك ببيان أن الذي حملهم على الإعراض عن ذلك هو طول الأمد حتى نسوا العهد وجهلوا مواقع النعمة، وقد كان لهم في نقص الأرض من أطرافها وفتح المسلمين لها عبرة أيما عبرة، فها هم يرون محمدا ( ص ) وأتباعه يفتحون البلاد والقرى حول مكة ويدخلونها تحت راية الإسلام ويقتلون الرؤساء والعشائر من المشركين، فمن حقهم أن يفكروا في هذا مليا ويرعووا عن غيهم ويعلموا آثار قدرتنا وأن جندنا هم الغالبون، ثم قفى على ذلك ببيان أن وظيفة الرسل هي الإنذار والتبليغ، وليس عليهم الإلزام والقبول، فإذا كانت القلوب متحجرة، والآذان صماء، فماذا تجدي العظة، وماذا ينفع النصح، ولئن أصابهم القليل من عذاب الله لتنادوا بالويل والثبور، واعترفوا على أنفسهم بأنهم كانوا ظالمين، ثم قفى على ذلك ببيان أن الدار الآخرة لا ظلم فيها ولا محاباة، فالمرء يحاسب فيها على الجليل والحقير، فهناك تنصب موازين العدل ويجازى كل امرئ بما قدم من خير أو شر :
﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ( ٧ ) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ﴾[ الزلزلة : ٧- ٨ ]
الإيضاح :
وبعد أن بين هول ما يستعجلون، وحالهم السيئة حين نزوله بهم، ثم نعى عليهم جهلهم وإعراضهم عن ذكر ربهم الذي يكلؤهم من طوارق الليل وحوادث النهار، أمر رسوله أن يقول لهم : إن ما أخبركم به جاء به الوحي الصادق فقال :
﴿ قل إنما أنذركم بالوحي ﴾ أي إني إنما أنذركم ما تستعجلونه من الساعة وشديد أهوالها بالوحي الصادق الناطق بحصوله وفظاعة أهواله، وقد أمرني ربي بذلك، وهأنذا قد قمت بما أمرني به، فإن لم تجيبوا داعي الله وتقبلوا ما دعوتكم إليه فعليكم النكال والوبال لا علي.
ثم أردف هذا أن الإنذار مع مثل هؤلاء لا يجدي فتيلا، فما حالهم إلا حال الصم الذين لا يسمعون دعوة الداعي فقال :
﴿ ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون ﴾ أي فما مثلهم إذ لم ينتفعوا بما سمعوا من الإنذار على كثرته وتتابعه إلا مثل الصم الذين لا يسمعون شيئا، إذ ليس الغرض من الإنذار السماع فحسب، بل العمل بما يسمع بالإقدام على فعل الواجب والتحرز من المحرم ومعرفة الحق، فإذا لم يحصل شيء من هذا فلا جدوى في السمع وكأن لم يكن.
والخلاصة : إن الكافر بالله لا يوجه همه إلى العظة بما في كتابه من المواعظ حتى يقلع عما هو عليه مقيم من الضلال، بل يعرض عن التفكر فيها فعل الأصم الذي لا يسمع ما يقال له حتى يعمل به.
المعنى الجملي : بعد أن أبان سبحانه أن الكافرين في الآخرة لا يستطيعون أن يمنعوا عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم، وأنه سيكون لهم من الأهوال ما لم يكن يخطر لهم ببال أعقبه ببيان أن لولا أن الله قدر لهم السلامة في الدنيا وحرسهم إلى حين لما بقوا سالمين، وأنه مع إنعامه عليهم ليلا ونهارا بالحفظ والحراسة هم معرضون عن الدلائل الدالة على أنه لا حافظ لهم سواه، وأنه قد كان ينبغي لهم أن يتركوا عبادة الأصنام التي لا حظ لها في شيء من ذلك، فهي لا تستطيع أن تحفظ أنفسها من الآفات، فضلا عن منع بأس الله إن حل بهم، ثم أردف ذلك ببيان أن الذي حملهم على الإعراض عن ذلك هو طول الأمد حتى نسوا العهد وجهلوا مواقع النعمة، وقد كان لهم في نقص الأرض من أطرافها وفتح المسلمين لها عبرة أيما عبرة، فها هم يرون محمدا ( ص ) وأتباعه يفتحون البلاد والقرى حول مكة ويدخلونها تحت راية الإسلام ويقتلون الرؤساء والعشائر من المشركين، فمن حقهم أن يفكروا في هذا مليا ويرعووا عن غيهم ويعلموا آثار قدرتنا وأن جندنا هم الغالبون، ثم قفى على ذلك ببيان أن وظيفة الرسل هي الإنذار والتبليغ، وليس عليهم الإلزام والقبول، فإذا كانت القلوب متحجرة، والآذان صماء، فماذا تجدي العظة، وماذا ينفع النصح، ولئن أصابهم القليل من عذاب الله لتنادوا بالويل والثبور، واعترفوا على أنفسهم بأنهم كانوا ظالمين، ثم قفى على ذلك ببيان أن الدار الآخرة لا ظلم فيها ولا محاباة، فالمرء يحاسب فيها على الجليل والحقير، فهناك تنصب موازين العدل ويجازى كل امرئ بما قدم من خير أو شر :
﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ( ٧ ) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ﴾[ الزلزلة : ٧- ٨ ]
تفسير المفردات :
نفحة : أي قسط ونصيب ضئيل.
الإيضاح :
ثم بين سرعة تأثرهم من العذاب حين مجيئه إثر بيان عدم تأثرهم به حين مجيء خبره فقال :
﴿ ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين ﴾ أي ولئن أصاب هؤلاء المستعجلين للعذاب أدنى قسط من عقاب ربك بكفرهم به وتكذيبهم رسوله ليقولن إنا كنا ظالمين لأنفسنا بعبادتنا الآلهة والأنداد وتركنا عبادة الذي برأنا وأنعم علينا، وجحدنا لما يجب علينا من الشكر له بالإخلاص في عبادته.
والخلاصة : إنهم يوم القيامة حين يمسهم العذاب يدعون على أنفسهم بالويل والثبور وعظائم الأمور ويقولون هلاكا لنا، إنا ظلمنا أنفسنا بكفرنا بمن خلقنا، وخضوعنا لمن لا يضر ولا ينفع، ويندمون على ما فرط منهم، ولات ساعة مندم.
المعنى الجملي : بعد أن أبان سبحانه أن الكافرين في الآخرة لا يستطيعون أن يمنعوا عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم، وأنه سيكون لهم من الأهوال ما لم يكن يخطر لهم ببال أعقبه ببيان أن لولا أن الله قدر لهم السلامة في الدنيا وحرسهم إلى حين لما بقوا سالمين، وأنه مع إنعامه عليهم ليلا ونهارا بالحفظ والحراسة هم معرضون عن الدلائل الدالة على أنه لا حافظ لهم سواه، وأنه قد كان ينبغي لهم أن يتركوا عبادة الأصنام التي لا حظ لها في شيء من ذلك، فهي لا تستطيع أن تحفظ أنفسها من الآفات، فضلا عن منع بأس الله إن حل بهم، ثم أردف ذلك ببيان أن الذي حملهم على الإعراض عن ذلك هو طول الأمد حتى نسوا العهد وجهلوا مواقع النعمة، وقد كان لهم في نقص الأرض من أطرافها وفتح المسلمين لها عبرة أيما عبرة، فها هم يرون محمدا ( ص ) وأتباعه يفتحون البلاد والقرى حول مكة ويدخلونها تحت راية الإسلام ويقتلون الرؤساء والعشائر من المشركين، فمن حقهم أن يفكروا في هذا مليا ويرعووا عن غيهم ويعلموا آثار قدرتنا وأن جندنا هم الغالبون، ثم قفى على ذلك ببيان أن وظيفة الرسل هي الإنذار والتبليغ، وليس عليهم الإلزام والقبول، فإذا كانت القلوب متحجرة، والآذان صماء، فماذا تجدي العظة، وماذا ينفع النصح، ولئن أصابهم القليل من عذاب الله لتنادوا بالويل والثبور، واعترفوا على أنفسهم بأنهم كانوا ظالمين، ثم قفى على ذلك ببيان أن الدار الآخرة لا ظلم فيها ولا محاباة، فالمرء يحاسب فيها على الجليل والحقير، فهناك تنصب موازين العدل ويجازى كل امرئ بما قدم من خير أو شر :
﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ( ٧ ) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ﴾[ الزلزلة : ٧- ٨ ]
تفسير المفردات :
حبة الخردل : مثل في الصغر. حاسبين : أي عادين محصين.
الإيضاح :
ثم بين الأحداث التي ستقع حين يأتي ما أنذروا به فقال :
﴿ ونضع الموازين القسط ليوم القيامة ﴾أي ونحضر يوم القيامة الموازين العادلة التي توزن بها صحائف الأعمال، وهذا قول أئمة السلف، وقال مجاهد وقتادة والضحاك المراد من الوزن العدل بينهم، فلا يظلم عباده مثقال ذرة، فمن أحاطت حسناته بسيئاته ثقلت موازينه أي ذهبت حسناته بسيئاته، ومن أحاطت سيئاته بحسناته خفت موازينه أي ذهبت سيئاته بحسناته.
﴿ فلا تظلم نفس شيئا ﴾أي فلا تظلم أي نفس شيئا من الظلم، فلا ينقص ثوابها الذي تستحقه، ولا يزاد عذابها الذي كان لها على قدر ما دست به نفسها من سيئ الأعمال.
﴿ وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها ﴾ أي وإن كان العمل الذي فعلته النفس صغيرا مقدار حبة الخردل جازينا عليه جزاء وفاقا، سيئا كان أو حسنا.
﴿ وكفى بنا حاسبين ﴾ أي وحسب من شهدوا ذلك الموقف بنا حاسبين لأعمالهم محصنين لها، لأنه لا أحد أعلم بأعمالهم وما سلف منهم في الدنيا من صالح أو سيئ منا.
ولا يخفى ما في الآية من التحذير وشديد الوعيد للكافرين على ما فرطوا في جنب الله، فإن المحاسب إذا كان عليما بكل شيء ولا يعجز عن شيء كان جديرا بالعاقل أن يكون في حذر وخوف منه.
﴿ ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين ( ٤٨ ) الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون ( ٤٩ ) وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون ﴾[ الأنبياء : ٤٨- ٥٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن أمر رسوله( ص ) أن يقول لهم :﴿ إنما أنذركم بالوحي ﴾أردفه ببيان أن هذه سنة الله في أنبيائه، فكلهم قد آتاهم الوحي، وبلغهم من الشرائع والأحكام ما فيه هداية للبشر وسعادة لهم في دنياهم وآخرتهم.
تفسير المفردات :
الفرقان : هي التوراة، وهي الضياء والموعظة، وكانت فرقانا، لأنها تفرق بين الحق والباطل، وكانت ضياء لأنها تنير طريق الهدى للمتقين، وكانت موعظة لما فيها من عبرة للسالكين سبيل النجاة.
الإيضاح :
﴿ ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين ﴾أي قسما لقد آتيناهما كتابا جامعا لأوصاف كلها مدح وفخار، فهو كتاب فارق بين الحق والباطل، وضياء يستضاء به في ظلمات الجهل والغواية، وعظة يتعظ بها من يتعظ، ويتذكر بها ما يجب الله من اعتقاد وعمل، وما ينبغي سلوكه من أدب وفضيلة.
﴿ ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين ( ٤٨ ) الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون ( ٤٩ ) وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون ﴾[ الأنبياء : ٤٨- ٥٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن أمر رسوله( ص ) أن يقول لهم :﴿ إنما أنذركم بالوحي ﴾أردفه ببيان أن هذه سنة الله في أنبيائه، فكلهم قد آتاهم الوحي، وبلغهم من الشرائع والأحكام ما فيه هداية للبشر وسعادة لهم في دنياهم وآخرتهم.
تفسير المفردات :
يخشون ربهم : أي يخشون عذابه. مشفقون : أي خائفون.
الإيضاح :
ثم ذكر أوصاف المتقين فقال :
( ١ )﴿ الذين يخشون ربهم بالغيب ﴾أي إن المتقين يخافون عذاب ربهم وهو عذاب ربهم و هو غائب عنهم غير مرئي لهم.
ونحو الآية قوله تعالى :﴿ من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ﴾ [ ق : ٣٣ ] وقوله :﴿ الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير ﴾[ الملك : ١٢ ].
( ٢ )﴿ وهم من الساعة مشفقون ﴾أي وهم من عذاب يوم القيامة وسائر أحوالها خائفون وجلون.
﴿ ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين ( ٤٨ ) الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون ( ٤٩ ) وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون ﴾[ الأنبياء : ٤٨- ٥٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن أمر رسوله( ص ) أن يقول لهم :﴿ إنما أنذركم بالوحي ﴾أردفه ببيان أن هذه سنة الله في أنبيائه، فكلهم قد آتاهم الوحي، وبلغهم من الشرائع والأحكام ما فيه هداية للبشر وسعادة لهم في دنياهم وآخرتهم.
تفسير المفردات :
مبارك : أي أكثر الخير غزير النفع.
الإيضاح :
وبعد أن ذكر فرقان موسى وكان العرب يشاهدون تمسك اليهود به حثهم على التمسك بالكتاب الذي نزله على رسوله ( ص ) فقال :
﴿ وهذا ذكر مبارك أنزلناه ﴾أي وهذا القرآن الذي أنزلناه إلى محمد ( ص ) ذكر لمن تذكر به، وموعظة لمن اتعظ بها، وهو كثير النفع والخير لمن اتبع أوامره، وانتهى بنواهيه.
وبعد أن أبان صفة هذا الكتاب وبخهم على إنكارهم له فقال :
﴿ أفأنتم له منكرون ﴾أي أفبعد أن استبان لكم جليل خطره، وعظيم أمره، تنكرون وتقولون : هو أضغات أحلام، بل افتراه، بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون.
وقد يكون المعنى : كيف تنكرون كونه منزلا من عند الله ؟ وأنتم من أهل اللسان تدركون مزايا الكلام ولطائفه، وتفهمون من بلاغة القرآن ما لا يدركه غيركم، وفيه شرفكم وصيتكم.
وخلاصة ذلك : أفبعد أن علمتم أن شأنه كشأن التوراة، تنكرون أنه منزل من عند الله ؟ فهذا ما لا يستسيغه عقل راجح، ولا فكر رصين، فمثل هذا في غاية الوضوح والجلاء.
﴿ * ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين ( ٥١ ) إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ( ٥٢ ) قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين ( ٥٣ ) قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين ( ٥٤ ) قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين ( ٥٥ ) قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذالكم من الشاهدين ( ٥٦ ) وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين ( ٥٧ ) فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون ( ٥٨ ) ﴾ [ الأنبياء : ٥١- ٥٨ ].
تفسير المفردات :
الرشد : هو الاهتداء إلى وجوه الصلاح في الدين والدنيا، والاسترشاد بالنواميس الإلهية.
الإيضاح :
﴿ ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين ﴾ أي ولقد آتينا إبراهيم ما فيه صلاحه وهداه من قبل موسى وهارون، ووفقناه للحق، وأضأنا له سبيل الرشاد، وأنقذناه من بين قومه من عبادة الأصنام، وكنا عالمين بأنه ذو يقين وإيمان بالله وتوحيد له، لا يشرك به شيئا، فهو جامع لأحاسن الفضائل ومكارم الأخلاق وجميل الصفات، وقال الفراء : أعطيناه هداه من قبل النبوة والبلوغ أه. أي وفقناه للنظر والاستدلال لما جن عليه الليل فرأى الشمس والقمر والنجم، وعلى هذا جرى كثير من المفسرين.
التماثيل : واحدها تمثال وهو الصورة المصنوعة على شبه مخلوق من صنع الله كطير أو شجر أو إنسان ؛ والمراد بها هنا الأصنام، سماها بذلك تحقيرا لشأنها. والعكوف على الشيء : ملازمته والإقبال عليه.
الإيضاح :
﴿ إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ﴾ أي آتيناه الرشد حين قال لأبيه آزر ولقومه وهم مجتمعون : ما هذه الأصنام التي تقيمون على عبادتها وتعظيمها ؟
و قد أراد عليه السلام بهذا السؤال تنبيه أذهانهم إلى التأمل في شأنها، وتحقير أمرها، متجاهلا حقيقتها، وكأنه يومئ بذلك إلى أنهم لو تأملوا قليلا لأدركوا أن مثل هذه الأحجار والخشب لا تغني عنهم قلا ولا كثرا.
ولما لم يجدوا ما يعول عليه في تعرف حقيقتها لجؤوا إلى التشبث بالتقليد دون إقامة الحجة والبرهان :
﴿ قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين ﴾ أي قال آزر وقومه له : إنا وجدنا آباءنا يعبدون هذه الأوثان فسرنا على نهجهم اقتفينا أثرهم ولا حجة لنا غير ذلك.
وخلاصة مقالهم : ليس لنا برهان على صحة ما نفعل، وإنما نحن مقلدون للآباء والأجداد، وكفى بهذا سبة لهم، فإن الشيطان قد استدرجهم وكاد لهم حتى عفروا لها جباههم وجدوا في نصرتها، وجادلوا أهل الحق فيها وما كان أجدرهم أن يتواروا خجلا وحياء ولا يقولوا مثل هذا.
والتقليد هو العصا التي يتوكأ عليها كل عاجز، والحبل الذي يتشبث به كل غريق وهكذا يجيب المقلدة من أهل الملة الإسلامية إذا أنكر عليهم العالم بالكتاب والسنة العمل بالرأي الذي يدفعه الدليل : بهذا قال إمامنا الذي وجدنا آباءنا له مقلدين، وبرأيه آخذين وكأنه يقول :
وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد
وقد أجابهم إبراهيم ببيان قبح ما يصنعون، وبكتهم على سوء ما يفعلون :
﴿ قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين ﴾ أي قال لهم : لقد كنتم أيها القوم أنتم وآباؤكم بعبادتكم إياها في ضلال بين، وجور واضح عن سبيل الحق لمن تأمله بلبه، وفكر فيه بعقله.
وخلاصة هذا : إن المقلدين ومن قلدوا في ضلال ظاهر لا يخفى على من لديه أدنى مسكة من عقل، فالفريقان لا يستندان إلا إلى هوى متبع، وشيطان مطاع وقد أحسن من قال :
يأبى الفتى إلا اتباع الهوى ومنهج الحق له واضح
وفي ذلك إيماء إلى أن الباطل لا يصير حقا بكثرة المستمسكين به.
بالحق : أي بالشيء الثابت في الواقع. اللاعبين : أي الهازلين.
الإيضاح :
وقد أجابوه إجابة مستفهم متعجب مما يسمع و يرى :
﴿ قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين ﴾ أي قالوا له حين سمعوا مقالته، مستبعدين أنهم في ضلال، ومتعجبين من تضليله إياهم : أجاد أنت فيما تقول أم أنت لاعب مازح ؟ فإنا لم نسمع بمثله من قبل.
وخلاصة هذا : إنهم لما سمعوا منه ما يدل على تحقير آلهتهم، وتضليله إياهم، وشاهدوا منه الجد في القول والغلظة فيه، طلبوا منه الدليل على صدق ما يقول إن كان جادا، ثم ارتقوا من هذا إلى بيان أنه هازل لاعب، كما هو دأبه وعادته من قبل، ولا يقصد بذلك إظهار حق البتة.
فطرهن : أي أنشاهن. من الشاهدين : أي المتحققين صحته، المثبتة بالبرهان.
الإيضاح :
فرد عليهم منتقلا من تضليلهم في عبادة الأوثان، إلى بيان الحق، وذكر المستحق للعبادة :
﴿ قال بل ربكم و رب السماوات والأرض الذي فطرهن ﴾ أي قال لهم : بل جئتكم بالحق لا اللعب، إن الذي يستحق العبادة من أنشأ السماوات والأرض على غير مثال يحتذى، وأنتم مغمورون بجميل عطفه، وعظيم جوده وبره.
وصفوة هذا : إن الجدير بالعبادة هم من رباكم تحت ضلال عطفه، وأنعم عليكم بجزيل بره ولطفه، وأوجدكم و أوجد السماوات والأرض من العدم، لا من كان بمعزل عن كل ذلك.
وفي هذا إرشاد إلى أنه ينبغي لهم أن يرعووا عن غيهم، ويعلموا من يستحق العبادة، فيعبدونه ويخضعون له، وبذلك يهتدون إلى الطريق السوي.
ثم ختم مقاله بنفي اللعب والهزل عن نفسه فقال :
﴿ وأنا على ذلكم من الشاهدين ﴾أي وأنا أدلى على ما أقول بالحجة كما تصحح الدعوى بالشهادة، وأبرهن عليه كما تبين القضايا بالبينات، فلست مثلكم أقول ما لا أقدر على إثباته، فإنكم لم تقدروا على الاحتجاج على مذهبكم، ولم تزيدوا على أن تقولوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون.
وقصارى ما أقول : لست من اللاعبين الهازلين، بل من العالمين بذلك بالبراهين القاطعة، والحجج الساطعة، كالشاهد الذي يكون قوله الفصل في إثبات الدعوى، وإحقاق الحق.
والكيد : الاحتيال في إيجاد ما يضر مع إظهار خلافه، والمراد المبالغة في إلحاق الأذى بها.
الإيضاح :
وبعد أن أقام البرهان على إثبات الحق أتبعه بالتهديد لهدم الباطل ومحو آثاره، وأنه سينتقل من المحاجة القولية إلى تغيير المنكر بالفعل ثقة بالله، ومحاماة عن دينه، جمعا بين القول والفعل :
﴿ وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين ﴾ أي وتالله القوي العظيم لأجتهدن في كسر أصنامكم وإلحاق الأذى بها بعد أن تذهبوا إلى عيدكم، وقد فعل ذلك عليه السلام، ليرشدهم إلى ما هم فيه من الضلال، ويبين لهم خطأهم على ألطف أسلوب، وأتم وجه.
وفي التعبير بالكيد إيذان بصعوبة انتهاز الفرصة، وتوقفها على استعمال الحيلة في كل زمان، ولا سيما زمن نمرود، على عتوه واستكباره، وقوة سلطانه وتهالكه على نصرة دينه.
قال مجاهد وقتادة : قال إبراهيم هذه المقالة سرا من قومه ولم يسمع ذلك إلا رجل واحد، فأفشاه عليه وقال : إنا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم.
وقال السدي : كان لهم في كل سنة مجمع عيد، وكانوا إذا رجعوا من عيدهم دخلوا على الأصنام فسجدوا لها ثم عادوا إلى منازلهم، فلما كان ذلك العيد قال آزر : يا إبراهيم لو خرجت معنا إلى عيدنا أعجبك ديننا، فخرج معهم، ولما كان ببعض الطريق ألقى بنفسه وقال إني سقيم أشتكي برجلي، فلما مضوا نادى في آخرهم وقد بقي فيهم ضعفاء الناس :" تالله لأكيدن أصنامكم "، فسمعوها منه، ثم رجع إبراهيم إلى بيت الآلهة وهي في بهو عظيم، وكان مستقبل هذا البهو صنم عظيم إلى جنبيه أصغر منه و الأصنام بعضها إلى جنب بعض، كل صنم يليه أصغر منه إلى باب البهو، وإذا هم قد جعلوا طعاما فوضعوه بين أيدي الآلهة وقالوا إذا رجعنا وباركت الآلهة عليه أكلنا منه، فلما نظر إبراهيم إليهم و إلى ما بين أيديهم من الطعام قال لهم مستهزئا : ألا تأكلون، فلما لم يجيبوه قال لهم : ما لكم لا تنطقون ؟ وراغ عليهم ضربا باليمين، وجعل يكسرهن بفأس في يده حتى إذا لم يبق إلا الصنم الأكبر علق الفأس في عنقه ثم خرج فذلك قوله :﴿ فجعلهم جذاذا إلا كبير لهم ﴾.
جذاذا : أي قطعا، من الجذ، وهو القطع.
الإيضاح :
﴿ فجعلهم جذاذا إلا كبير لهم ﴾ أي فتولوا فأتى إبراهيم الأصنام فجعلهم قطعا قطعا إلا كبيرا لهم لم يكسره.
﴿ لعلهم إليه يرجعون ﴾ أي لعل هؤلاء الضلال يرجعون إلى الكبير كما يرجع إلى العالم في حل المشكلات، فيقولون له : ما لهؤلاء مكسورة وما لك صحيحا والفأس في عنقك أو في يدك ؟ وحينئذ يستبين لهم أنه عاجز لا ينفع ولا يضر ويظهر لهم أنهم في عبادتهم على جهل عظيم.
وقد كان هذا بناء على ظنه في أمرهم لما جرب وذاق من مكابرتهم لعقولهم في آلهتهم وتعظيمهم لها.
﴿ قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين ( ٥٩ ) قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم ( ٦٠ ) قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون ( ٦١ ) قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ( ٦٢ ) قال بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ( ٦٣ ) فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ( ٦٤ ) ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ﴾ [ الأنبياء : ٥٩-٦٥ ].
الإيضاح :
﴿ قالوا من فعل هذا بآلهتنا ﴾ أي قال قوم إبراهيم على سبيل التوبيخ والتأنيب حين رأوا آلهتهم قد صارت جذاذا إلا الذي علق فيه إبراهيم الفأس : من كسر هذه الآلهة وجعلها هكذا ؟
وفي تعبيرهم بالآلهة دون الأصنام تشنيع ومبالغة في اللوم والتعنيف.
﴿ إنه لمن الظالمين ﴾أي إنه لمن زمرة الذين ظلموا أنفسهم وجرأوا على إهانة هذه الآلهة، وهي الحفية بالإعظام والتكريم.
يذكرهم : أي يعيبهم ويسبهم.
الإيضاح :
﴿ قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم ﴾ أي قال بعض منهم ممن سمع قوله :" تالله لأكيدن أصنامكم " : سمعنا فتى يعيبهم ويستهزئ بهم ولم نسمع أحدا يقول ذلك غيره، وإنا لنظن أنه صنع ذلك بهم.
على أعين الناس : أي على رؤوس الأشهاد في الملأ. يشهدون : أي بفعله أو قوله.
الإيضاح :
﴿ قالوا فأتوا به على أعين الناس ﴾ أي قال أولئك القائلون من فعل هذا بآلهتنا : إذا كان الأمر كما ذكرتم فأتوا به بمرأى من الناس ومسمع.
﴿ لعلهم يشهدون ﴾ أي الذي فعل ذلك، فتكون شهادتهم عليه حجة لنا.
﴿ قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ﴾ أي فلما أتوا به قالوا له أأنت الذي كسر هذه الأصنام وجعلهم جذاذا ؟ وقد طلبوا منه الاعتراف بذلك ليقدموا على إيذائه وهم مقتنعون بصحة هذه الجريمة في زعمهم، فما كان منه إلا أن بادرهم بما أدهشهم حتى تمنوا الخلاص منه فقال :﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾.
﴿ بل فعله كبيرهم هذا ﴾ أي قال : بل الذي فعل هذا هو الصنم الأكبر الذي لم يكسر.
وإيضاح هذا : أن إبراهيم عليه السلام لما رأى تعظيمهم لهذا الصنم أشد من تعظيمهم لسائر ما معه من الأصنام غضب أشد الغضب وأسند إليه الفعل الصادر منه هو من قبلي أنه هو الذي حمله على ذلك، وهو يومئ بذلك إلى مقصده وهو إلزامهم الحجة على ألطف وجه وأحسنه، مع حملهم على التأمل في شأن آلهتهم.
ومجمل كلامه : إن شديد غضبي من تعظيمكم له حملني على أن أفعل هذا، والفعل كما ينسب إلى المباشر له ينسب إلى الباعث عليه ؛ فهذا الصنم الأكبر قد كان السبب في استهانتي بهم وتحطيمي إياهم.
﴿ فاسألوهم إن كانوا ينطقون ﴾ أي فاسألوهم عن كسرها ليخبروكم به إن كانوا ممن ينطق على زعمكم أنهم آلهة تنفع وتضر.
وقد كانت مقالة إبراهيم عليه السلام قوية الحجة شديدة الوقع في نفوسهم، وكأنما ألقمهم حجرا، وذلك ما أشار إليه بقوله :﴿ فرجعوا إلى أنفسهم ﴾.
فرجعوا إلى أنفسهم : أي ففكروا وتدبروا. الظالمون : أي الظالمون لأنفسكم بغفلتكم عن آلهتكم وعدم حفظكم إياها.
الإيضاح :
﴿ فرجعوا إلى أنفسهم ﴾ أي فرجعوا على أنفسهم بالملامة، إذ علموا أن ما لا يقدر على دفع المضرة عن نفسه ولا على إلحاق الضرر بمن ألحق به الأذى يستحيل أن يقدر على دفع مضرة عن غيره أو جلب منفعة له، وإذا فكيف يستحق أن يكون معبودا ؟
ثم بين ملامتهم لأنفسهم بقوله :
﴿ فقالوا إنكم أنتم الظالمون ﴾ أي فقال بعضهم لبعض : إنكم أنتم الظالمون بعبادة ما لا ينطق، وما هذا منكم إلا غرور وجهل بما ينبغي أن تكون عليه حال المعبود.
ويقال نكسته : أي قلبته فجعلت أعلاه أسفله، والمراد أنهم بعد أن أقروا أنهم ظالمون انقلبوا من تلك الحال إلى المكابرة والجدل بالباطل.
الإيضاح :
ثم أبان أنهم أركسوا بعدئذ عن فكرة سليمة لا غبار عليها بوصفهم أنفسهم بالظلم إلى فكرة خاطئة وهي الحكم بصحة عبادتها مع اعترافهم بأن حالهم دون حال الحيوان، فلا ينبغي لعاقل أن يعبدها فقال :
﴿ ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ﴾ أي لقد بلغ الأمر بهم أن قالوا إنما اتخذناهم آلهة مع علمنا بأنهم لا ينطقون ولا يتكلمون، فكيف تأمرنا بسؤالهم، وإنما قال ينطقون ولم يقل يسمعون أو يعقلون، مع أن السؤال موقوف على السمع والعقل أيضا، من قبل أن نتيجة السؤال الجواب، وأن عدم نطقهم أبلغ في تبكيتهم.
المعنى الجملي : بعد أن أقروا على أنفسهم بأن لا فائدة في آلهتهم، قامت لإبراهيم الحجة عليهم فوبخهم على عبادة ما لا يضر ولا ينفع، إذ هذا ما لا ينبغي لعاقل أن يقدم عليه، وبعد أن دحضت حجتهم وبان عجزهم انقلبوا إلى العناد واستعمال القوة الحسية، إذ أعيتهم الحجة، فقالوا حرقوا إبراهيم بالنار، وانصروا آلهتكم التي جعلها جذاذا، ولكن الله سلمه من كيدهم وجعل النار بردا وسلاما عليه.
الإيضاح :
﴿ قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم ﴾ أي قال إبراهيم مبكتا لهم : أفتعبدون غير الله معبودات لا تنفعكم شيئا فتعلقوا رجاءكم بها، ولا تضركم شيئا فتخافوها.
المعنى الجملي : بعد أن أقروا على أنفسهم بأن لا فائدة في آلهتهم، قامت لإبراهيم الحجة عليهم فوبخهم على عبادة ما لا يضر ولا ينفع، إذ هذا ما لا ينبغي لعاقل أن يقدم عليه، وبعد أن دحضت حجتهم وبان عجزهم انقلبوا إلى العناد واستعمال القوة الحسية، إذ أعيتهم الحجة، فقالوا حرقوا إبراهيم بالنار، وانصروا آلهتكم التي جعلها جذاذا، ولكن الله سلمه من كيدهم وجعل النار بردا وسلاما عليه.
تفسير المفردات :
أف : كلمة تدل على أن قائلها متضجر متألم من أمر.
الإيضاح :
﴿ أف لكم ولما تعبدون من دون الله ﴾ أي تبا لكم وقبحا لمعبوداتكم التي اتخذتموها من دون الله.
﴿ أفلا تعقلون ﴾ أي أفلا تتدبرون ما أنتم فيه من الضلال والكفر الذي لا يروج إلا على جاهل فاجر، وأنتم الشيوخ الذين بلوا الزمان حلوه ومره، وحنكتهم تجارب الأيام، فمن حقكم أن تعاودوا الرأي وتقلبوه ظهر لبطن، لعلكم ترشدون بعد الضلال، وتهتدون بعد الغي والعمى.
المعنى الجملي : بعد أن أقروا على أنفسهم بأن لا فائدة في آلهتهم، قامت لإبراهيم الحجة عليهم فوبخهم على عبادة ما لا يضر ولا ينفع، إذ هذا ما لا ينبغي لعاقل أن يقدم عليه، وبعد أن دحضت حجتهم وبان عجزهم انقلبوا إلى العناد واستعمال القوة الحسية، إذ أعيتهم الحجة، فقالوا حرقوا إبراهيم بالنار، وانصروا آلهتكم التي جعلها جذاذا، ولكن الله سلمه من كيدهم وجعل النار بردا وسلاما عليه.
الإيضاح :
ولما بان عجزهم وحصحص الحق لجؤوا إلى الغلظة واستعمال القسوة، وذلك ما أشار إليه بقوله :
﴿ قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين ﴾ أي قال بعضهم لبعض : حرقوا إبراهيم بالنار، وانصروا آلهتكم إن كنتم ناصريها، ولا تريدون خذلانها وترك عبادتها.
المعنى الجملي : بعد أن أقروا على أنفسهم بأن لا فائدة في آلهتهم، قامت لإبراهيم الحجة عليهم فوبخهم على عبادة ما لا يضر ولا ينفع، إذ هذا ما لا ينبغي لعاقل أن يقدم عليه، وبعد أن دحضت حجتهم وبان عجزهم انقلبوا إلى العناد واستعمال القوة الحسية، إذ أعيتهم الحجة، فقالوا حرقوا إبراهيم بالنار، وانصروا آلهتكم التي جعلها جذاذا، ولكن الله سلمه من كيدهم وجعل النار بردا وسلاما عليه.
الإيضاح :
ثم أبان سبحانه أنه أبطل كيدهم ودفع عنه هلاكا محققا بمعونته وتأييده فقال :
﴿ قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ﴾ أي فأوقدوا له نارا ليحرقوه ثم ألقوه فيها فقلنا للنار : يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم أي ابردي بردا غير ضار به.
روى أبو هريرة أن النبي ( ص ) قال :" لما ألقي إبراهيم في النار قال : اللهم إنك في السماء واحد، وأنا في الأرض واحد أعبدك ".
المعنى الجملي : بعد أن أقروا على أنفسهم بأن لا فائدة في آلهتهم، قامت لإبراهيم الحجة عليهم فوبخهم على عبادة ما لا يضر ولا ينفع، إذ هذا ما لا ينبغي لعاقل أن يقدم عليه، وبعد أن دحضت حجتهم وبان عجزهم انقلبوا إلى العناد واستعمال القوة الحسية، إذ أعيتهم الحجة، فقالوا حرقوا إبراهيم بالنار، وانصروا آلهتكم التي جعلها جذاذا، ولكن الله سلمه من كيدهم وجعل النار بردا وسلاما عليه.
تفسير المفردات :
والكيد : المكر والخديعة.
الإيضاح :
﴿ وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين ﴾ أي وأرادوا بإبراهيم مكرا لإيصال الأذى به، فجعلناهم من ذوي الخسران والوبال، إذ صار سعيهم في إطفاء نور الحق قولا وفعلا برهانا على أنه عليه السلام على الحق وهم على الباطل، وأنهم استحقوا أشد العذاب.
وفي هذا القصص من العبرة : أن الجهاد لنصرة الحق والفضيلة فيه الخير كل الخير، وأنه مهما صادف المرء فيه من آلام وأهوال فهي هينة لينة، فلنجاهد إذا مثل ما جاهد إبراهيم، فإن متنا أو قتلنا فإن ما يصيبنا في سبيل الحق يكون لنا عزا وشرفا.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه ما أكرم به إبراهيم من نجاته من النار، قفى على ذلك ببيان أنه أخرجه من بين قومه مهاجرا إلى بلاد الشام وهي الأرض المباركة، ثم وهب له من الذرية إسحاق وابنه يعقوب عليهما السلام وكانا أهل صلاح وتقوى يقتدى بهما ويأتمر بأمرهما، ثم أردف ذلك بذكر ما آتاه لوطا من العلم والنبوة، وجعله يعزف عن مفاسد تلك القرية التي كان يقيم فيها بين ظهراني أهلها وقد أهلكهم جميعا، وأنجاه هو وأهله وأدخله في جنات النعيم، وقربه إلى حظيرة قدسه، وساحة رحمته.
تفسير المفردات :
لوط : هو ابن أخي إبراهيم : قال ابن عباس. والأرض : هي أرض الشام.
الإيضاح :
﴿ ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين ﴾أي إنه تعالى أتم عليه النعمة فأنجاه وأنجى لوطا معه إلى الأرض التي باركها بكثرة ما بعث فيها من الأنبياء الذين انتشرت شرائعهم في أقاصي المعمور وكثرة خصبها وأشجارها وثمارها وأنهارها، فهي أس الخيرات الدينية والدنيوية معا.
وقد خرج إبراهيم من كوثى من أرض العراق ومعه لوط وسارة يلتمس الفرار بدينه، والأمان على عبادة ربه، حتى نزل حران فمكث بها ما شاء الله، ثم خرج منها وجاء إلى مصر، ثم رجع إلى الشام ونزل بفلسطين، وترك لوطا بالمؤتفكة وهي منها مسيرة يوم وليلة.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه ما أكرم به إبراهيم من نجاته من النار، قفى على ذلك ببيان أنه أخرجه من بين قومه مهاجرا إلى بلاد الشام وهي الأرض المباركة، ثم وهب له من الذرية إسحاق وابنه يعقوب عليهما السلام وكانا أهل صلاح وتقوى يقتدى بهما ويأتمر بأمرهما، ثم أردف ذلك بذكر ما آتاه لوطا من العلم والنبوة، وجعله يعزف عن مفاسد تلك القرية التي كان يقيم فيها بين ظهراني أهلها وقد أهلكهم جميعا، وأنجاه هو وأهله وأدخله في جنات النعيم، وقربه إلى حظيرة قدسه، وساحة رحمته.
تفسير المفردات :
نافلة : أي عطية ومنحة.
الإيضاح :
ثم ذكر سبحانه ما أفاضه من النعم على إبراهيم فقال :
( ١ )﴿ ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة ﴾أي ووهبنا لإبراهيم إسحاق ولدا ويعقوب ولد ولد، عطية منا وفضلا، لا جزاء مستحقا.
( ٢ )﴿ وكلا جعلنا صالحين ﴾أي وجعلنا كلا من إبراهيم وإسحاق ويعقوب مطيعا لربه، مجتنبا محارمه.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه ما أكرم به إبراهيم من نجاته من النار، قفى على ذلك ببيان أنه أخرجه من بين قومه مهاجرا إلى بلاد الشام وهي الأرض المباركة، ثم وهب له من الذرية إسحاق وابنه يعقوب عليهما السلام وكانا أهل صلاح وتقوى يقتدى بهما ويأتمر بأمرهما، ثم أردف ذلك بذكر ما آتاه لوطا من العلم والنبوة، وجعله يعزف عن مفاسد تلك القرية التي كان يقيم فيها بين ظهراني أهلها وقد أهلكهم جميعا، وأنجاه هو وأهله وأدخله في جنات النعيم، وقربه إلى حظيرة قدسه، وساحة رحمته.
الإيضاح :
( ٣ )﴿ وجعلنا أئمة يهدون بأمرنا ﴾أي وجعلناهم أئمة يدعون الناس إلى دين الله تعالى، وإلى الخيرات بأمرنا وإذننا.
( ٤ )﴿ وأوحينا إليهم فعل الخيرات ﴾أي وأوحينا إليهم فيما أوحينا، أن افعلوا الطاعات، واتركوا المحرمات.
( ٥، ٦ ) ﴿ و إقام الصلاة وإيتاء الزكاة ﴾أي وأوحينا إليهم، أن أقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وقد خصهما بالذكر من بين سائر العبادات، لأن الصلاة أشرف العبادات البدنية، والزكاة أفضل العبادات المالية، والمال شقيق الروح، ومجموع العبادتين تعظيم الخالق والشفقة على المخلوق.
وبعد أن بين صنوف نعمه عليهم ذكر اشتغالهم بعبادته فقال :
﴿ وكانوا لنا عابدين ﴾ أي وكانوا خاشعين لا يستكبرون عن طاعتنا وعبادتنا، ولا يخطر لهم ببال سواها.
وفي هذا إيماء إلى أنه تعالى حين وفى لهم بعهد الربوبية من الإحسان والإنعام وفوا له بعهد العبودية وهو الاشتغال بالطاعة والعبادة.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه ما أكرم به إبراهيم من نجاته من النار، قفى على ذلك ببيان أنه أخرجه من بين قومه مهاجرا إلى بلاد الشام وهي الأرض المباركة، ثم وهب له من الذرية إسحاق وابنه يعقوب عليهما السلام وكانا أهل صلاح وتقوى يقتدى بهما ويأتمر بأمرهما، ثم أردف ذلك بذكر ما آتاه لوطا من العلم والنبوة، وجعله يعزف عن مفاسد تلك القرية التي كان يقيم فيها بين ظهراني أهلها وقد أهلكهم جميعا، وأنجاه هو وأهله وأدخله في جنات النعيم، وقربه إلى حظيرة قدسه، وساحة رحمته.
تفسير المفردات :
حكما : أي نبوة. القرية : هي سدوم التي بعث إليها لوط. والخبائث : الأعمال الخبيثة التي يستقذرها أرباب الفطر السليمة.
الإيضاح :
وبعد أن ذكر ما أنعم به على إبراهيم أتبعه بذكر ما أنعم به على لوط فقال :
( ١ ) ﴿ ولوطا آتيناه حكما ﴾أي وآتينا لوطا الحكم وهو حسن الفصل بين الخصوم في القضاء.
( ٢ )﴿ وعلما ﴾ بأمر دينه وما يجب عليه الله من واجب الطاعة والإخبات له.
( ٣ ) ﴿ ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث ﴾أي ونجيناه من عذابنا الذي أحللناه بأهل تلك القرية التي كانت تعمل خبائث الأعمال، التي من أشنعها إتيان البيوت من غير أبوابها.
ثم بين السبب الذي دعاهم إلى ذلك فقال :
﴿ إنهم كانوا قوم سوء فاسقين ﴾ أي إن الذي حملهم على ذلك وجرأهم على ارتكابه أنهم كانوا خارجين عن طاعة الله، منتهكين حرماته، قد دسوا أنفسهم بقبيح الأفعال والأقوال. فلا عجب إذا هم لجوا في طغيانهم يعمهون.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه ما أكرم به إبراهيم من نجاته من النار، قفى على ذلك ببيان أنه أخرجه من بين قومه مهاجرا إلى بلاد الشام وهي الأرض المباركة، ثم وهب له من الذرية إسحاق وابنه يعقوب عليهما السلام وكانا أهل صلاح وتقوى يقتدى بهما ويأتمر بأمرهما، ثم أردف ذلك بذكر ما آتاه لوطا من العلم والنبوة، وجعله يعزف عن مفاسد تلك القرية التي كان يقيم فيها بين ظهراني أهلها وقد أهلكهم جميعا، وأنجاه هو وأهله وأدخله في جنات النعيم، وقربه إلى حظيرة قدسه، وساحة رحمته.
الإيضاح :
( ٤ )﴿ وأدخلناه في رحمتنا ﴾ أي وجعلناه في جملة من يستحقون رحمتنا ولطفنا، بإدخاله جنتنا، كما جاء في الحديث الصحيح :" قال الله عز جل للجنة : أنت رحمتي، أرحم بك من أشاء من عبادي ".
ثم ذكر علة هذا بقوله :
﴿ إنه من الصالحين ﴾ الذي سبقت لهم منا الحسنى، إذ كان ممن يعملون بطاعتنا، فيأتمرون بأمرنا، وينتهون عن نهينا.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه قصة إبراهيم وهو أبو العرب، أردفها بقصة نوح وهو الأب الثاني للبشر على المشهور من أن جميع الباقين بعد الطوفان من ذريته عليه السلام.
تفسير المفردات :
الكرب : الغم الشديد ؛ والمراد به هنا العذاب النازل بقومه وهو الغرق بعد أن لقي منهم الأذى.
الإيضاح :
﴿ ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم ﴾أي واذكر أيها الرسول نبأ نوح إذ نادى ربه من قبلك ومن قبل إبراهيم، فسألنا أن نهلك قومه الذين كذبوا الله فيما توعدهم به من وعيده، وكذبوه فيما آتاهم به من الحق من عند ربه فقال :﴿ رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ﴾[ نوح : ٢٦ ] :﴿ أني مغلوب فانتصر ﴾[ القمر : ١٠ ] فاستجبنا له دعاءه، ونجيناه وأهل الإيمان من ولده وأزواجهم، مما حل بالمكذبين من الغرق.
روي أنه بعث وهو ابن الأربعين ومكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، وعاش بعد الطوفان ستين سنة، فذلك ألف وخمسون سنة كذا في التحبير.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه قصة إبراهيم وهو أبو العرب، أردفها بقصة نوح وهو الأب الثاني للبشر على المشهور من أن جميع الباقين بعد الطوفان من ذريته عليه السلام.
تفسير المفردات :
قوم سوء : أي منهمكين في شرورهم وآثامهم.
الإيضاح :
﴿ ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا ﴾أي ونصرناه على القوم الذين كذبوا بحججنا وأدلتنا.
﴿ إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين ﴾ لأنهم كانوا يسيئون الأعمال، فيعصون الله ويخالفون أوامره، ويتصدون لأذى نبيهم، ويتواصون جيلا بعد جيل بمخالفة أمره، ورفع راية العصيان في وجهه.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما أنعم الله به على نوح عليه السلام من النعم الجليلة، قفى على ذلك بذكر الإحسان العظيم الذي آتاه داوود وسليمان عليهما السلام وهو قسمان :
( ١ ) نعم مشتركة بينهما وبين غيرهما من النبيين وهي العلم والفهم وإلى ذلك أشار يقوله :
﴿ وكلا آتينا حكما وعلما ﴾.
( ٢ ) نعم خاصة بواحد دون الآخر :
( أ ) فأنعم على داوود بتسخير الجبال والطير للتسبيح معه، وتعليم صنعة الدروع للوقاية من أذى الحرب.
( ب ) وأنعم على سليمان بتسخير الريح العاصفة التي تجري بأمره، وبتسخير الشياطين تغوص في البحار، لتخرج له اللؤلؤ والمرجان، وتعمل له أعمالا أخرى غير ذلك.
تفسير المفردات :
الحرث هنا : الزرع. والنفش : رعي الماشية في الليل بلا راع. وشاهدين : أي حاضرين.
الإيضاح :
﴿ وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين * ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما ﴾أي واذكر أيها الرسول الكريم نبأ داود وسليمان عليهما السلام حين حكما في الزرع الذي رعته غنم لقوم آخرين غير صاحب الحرث ليلا فأفسدته، وكان ربك شاهدا عليما بما حكم به داود وسليمان بين القوم الذين أفسدت غنمهم الحرث وصاحب الحرث، لا يخفى عليه شيء منه ولا يغيب عنه علمه، ففهم الفتيا في ذلك لسليمان دون داود، وقد كان كل منهما فيصلا في الحكم في الخصومات، ذا علم بالدين والتشريع.
وقد روى الرواة في تفصيل هذه القصة : أن رجلين دخلا على داود أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم، فقال صاحب الحرث : إن هذا الرجل أرسل غنمه في حرثي فلم تبق منه شيئا، فقال داود : اذهب فإن الغنم كلها لك، ومر صاحب الغنم بسليمان فأخبره بالذي قضى به داود، فدخل سليمان على داود فقال : يا نبي الله إن القضاء سوى الذي قضيت، فقال : كيف ؟ قال : ادفع الغنم إلى صاحب الحرث فيكون له منافعها من درها وأولادها وأشعارها، والحرث إلى صاحب الغنم ليقوم عليه حتى يعود كما كان، تم يترادان فيأخذ صاحب الحرث حرثه وصاحب الغنم غنمه، فقال داود : القضاء ما قضيت وأمضى الحكم بذلك.
وجه الرأي لدى كل منهما : إن داود قدر الضرر في الحرث فكان مساويا لقيمة الغنم فسلم الغنم للمجني عليه، وإن سليمان قدر منافع الغنم بمنافع الحرث فحكم بها، وكان حكمهما بالاجتهاد دون الوحي، إذ لو كان به ما أمكن تغييره.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما أنعم الله به على نوح عليه السلام من النعم الجليلة، قفى على ذلك بذكر الإحسان العظيم الذي آتاه داوود وسليمان عليهما السلام وهو قسمان :
( ١ ) نعم مشتركة بينهما وبين غيرهما من النبيين وهي العلم والفهم وإلى ذلك أشار يقوله :
﴿ وكلا آتينا حكما وعلما ﴾.
( ٢ ) نعم خاصة بواحد دون الآخر :
( أ ) فأنعم على داوود بتسخير الجبال والطير للتسبيح معه، وتعليم صنعة الدروع للوقاية من أذى الحرب.
( ب ) وأنعم على سليمان بتسخير الريح العاصفة التي تجري بأمره، وبتسخير الشياطين تغوص في البحار، لتخرج له اللؤلؤ والمرجان، وتعمل له أعمالا أخرى غير ذلك.
تفسير المفردات :
الحرث هنا : الزرع. والنفش : رعي الماشية في الليل بلا راع. وشاهدين : أي حاضرين.
الإيضاح :
﴿ وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين * ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما ﴾أي واذكر أيها الرسول الكريم نبأ داود وسليمان عليهما السلام حين حكما في الزرع الذي رعته غنم لقوم آخرين غير صاحب الحرث ليلا فأفسدته، وكان ربك شاهدا عليما بما حكم به داود وسليمان بين القوم الذين أفسدت غنمهم الحرث وصاحب الحرث، لا يخفى عليه شيء منه ولا يغيب عنه علمه، ففهم الفتيا في ذلك لسليمان دون داود، وقد كان كل منهما فيصلا في الحكم في الخصومات، ذا علم بالدين والتشريع.
وقد روى الرواة في تفصيل هذه القصة : أن رجلين دخلا على داود أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم، فقال صاحب الحرث : إن هذا الرجل أرسل غنمه في حرثي فلم تبق منه شيئا، فقال داود : اذهب فإن الغنم كلها لك، ومر صاحب الغنم بسليمان فأخبره بالذي قضى به داود، فدخل سليمان على داود فقال : يا نبي الله إن القضاء سوى الذي قضيت، فقال : كيف ؟ قال : ادفع الغنم إلى صاحب الحرث فيكون له منافعها من درها وأولادها وأشعارها، والحرث إلى صاحب الغنم ليقوم عليه حتى يعود كما كان، تم يترادان فيأخذ صاحب الحرث حرثه وصاحب الغنم غنمه، فقال داود : القضاء ما قضيت وأمضى الحكم بذلك.
وجه الرأي لدى كل منهما : إن داود قدر الضرر في الحرث فكان مساويا لقيمة الغنم فسلم الغنم للمجني عليه، وإن سليمان قدر منافع الغنم بمنافع الحرث فحكم بها، وكان حكمهما بالاجتهاد دون الوحي، إذ لو كان به ما أمكن تغييره.
الإيضاح :
نعم الله على داود عليه السلام :
( ١ ) ﴿ وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين ﴾أي وسخرنا الجبال والطير لداود تقدس الله معه بحيث تتمثل له مسبحة، فيكون ذلك أملك لوجدانه وجميع مشاعره، فيستغرق في التسبيح، وكنا فاعلين لأمثاله، فليس ذلك ببدع منا وإن كنتم أنتم تعجبون منه، فإن المستغرقين في التسبيح والتقديس يحصل لهم من الأنس بالله ما يجعل العالم كله في نظرهم مسبحا، وكأن العوالم كلها تنطق لهم به بلسان أفصح مع لسان المقال، ولا يدرك هذا أحد إلا بوجدانه.
و نحو الآية قوله :﴿ وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ﴾[ الإسراء : ٤٤ ]
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما أنعم الله به على نوح عليه السلام من النعم الجليلة، قفى على ذلك بذكر الإحسان العظيم الذي آتاه داوود وسليمان عليهما السلام وهو قسمان :
( ١ ) نعم مشتركة بينهما وبين غيرهما من النبيين وهي العلم والفهم وإلى ذلك أشار يقوله :
﴿ وكلا آتينا حكما وعلما ﴾.
( ٢ ) نعم خاصة بواحد دون الآخر :
( أ ) فأنعم على داوود بتسخير الجبال والطير للتسبيح معه، وتعليم صنعة الدروع للوقاية من أذى الحرب.
( ب ) وأنعم على سليمان بتسخير الريح العاصفة التي تجري بأمره، وبتسخير الشياطين تغوص في البحار، لتخرج له اللؤلؤ والمرجان، وتعمل له أعمالا أخرى غير ذلك.
تفسير المفردات :
واللبوس : الدروع. والبأس : الحرب.
الإيضاح :
( ٢ ) ﴿ وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم ﴾أي وعلمناه صنعة الدروع وقد كانت صفائح فجعلها حلقا، فتمنع عنكم إذا لبستموها ولقيتم أعداءكم أذى الحرب من قتل وجرح ونحوهما.
﴿ فهل أنتم شاكرون ﴾أي فاشكروا الله على ما يسره لكم من هذه الصنعة التي تمنع عنكم غوائل الحروب وتقيكم ضرها وعظيم أذاها.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما أنعم الله به على نوح عليه السلام من النعم الجليلة، قفى على ذلك بذكر الإحسان العظيم الذي آتاه داوود وسليمان عليهما السلام وهو قسمان :
( ١ ) نعم مشتركة بينهما وبين غيرهما من النبيين وهي العلم والفهم وإلى ذلك أشار يقوله :
﴿ وكلا آتينا حكما وعلما ﴾.
( ٢ ) نعم خاصة بواحد دون الآخر :
( أ ) فأنعم على داوود بتسخير الجبال والطير للتسبيح معه، وتعليم صنعة الدروع للوقاية من أذى الحرب.
( ب ) وأنعم على سليمان بتسخير الريح العاصفة التي تجري بأمره، وبتسخير الشياطين تغوص في البحار، لتخرج له اللؤلؤ والمرجان، وتعمل له أعمالا أخرى غير ذلك.
تفسير المفردات :
والريح العاصف : الشديدة الهبوب. إلى الأرض التي باركنا فيها : هي أرض الشام.
الإيضاح :
نعم الله على سليمان عليه السلام :
ورث الله سليمان من داود ملكه ونبوته وزاده أمرين أشار إليهما بقوله :
( ١ ) ﴿ ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها ﴾أي وسخرنا لسليمان الريح عاصفة شديدة الهبوب تارة، ورخاء لينة تارة أخرى.
وفي كل حال منهما تجري بأمره إلى أي بقعة من الأرض المقدسة، فيخرج هو وأصحابه حين الغداة إلى حيث شاؤوا ثم يرجعون في يومهم إلى منزله بالشام.
وقد رووا أنه كان له بساط من الخشب يضع عليه كل ما يحتاج إليه من أدوات الحرب كالخيل والجمال والخيام والجند، ثم يأمر الريح أن تحمله فتدخل تحته ثم تحركه ثم ترفعه وتسير به، وتظله الطير لتقيه الحر إلى حيث يشاء من الأرض، ثم ينزل وتؤخذ الآلات إلى حيث شاء كما قال :﴿ فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ﴾[ ص : ٣٦ ]، وقال :﴿ غدوها شهر ورواحها شهر ﴾[ سبأ : ١٢ ].
﴿ وكنا بكل شيء عالمين ﴾أي فما آتيناه الملك والنبوة وما سخرنا له الريح تجري بأمره إلا لعلمنا بما في ذلك من الحكمة والمصلحة، وأن قومه سيعرفون نعمتنا فيشكروننا عليها.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر ما أنعم الله به على نوح عليه السلام من النعم الجليلة، قفى على ذلك بذكر الإحسان العظيم الذي آتاه داوود وسليمان عليهما السلام وهو قسمان :
( ١ ) نعم مشتركة بينهما وبين غيرهما من النبيين وهي العلم والفهم وإلى ذلك أشار يقوله :
﴿ وكلا آتينا حكما وعلما ﴾.
( ٢ ) نعم خاصة بواحد دون الآخر :
( أ ) فأنعم على داوود بتسخير الجبال والطير للتسبيح معه، وتعليم صنعة الدروع للوقاية من أذى الحرب.
( ب ) وأنعم على سليمان بتسخير الريح العاصفة التي تجري بأمره، وبتسخير الشياطين تغوص في البحار، لتخرج له اللؤلؤ والمرجان، وتعمل له أعمالا أخرى غير ذلك.
تفسير المفردات :
والغوص : النزول إلى قاع البحار لإخراج شيء منها، ودون ذلك : أي غير ذلك كبناء المدن والقصور واختراع الصناعات الغربية.
الإيضاح :
( ٢ )﴿ ومن الشياطين من يغوصون له ﴾أي وسخرنا له من الشياطين من يغوصون له في البحار ويستخرجون منها اللؤلؤ والمرجان ونحو ذلك.
﴿ ويعملون عملا دون ذلك ﴾أي ويعملون له غير ذلك كبناء المحاريب والتماثيل والقصور والجفان ونحو ذلك.
﴿ وكنا لهم حافظين ﴾أي وكنا حافظين لأعمالهم فلا يناله أحد منهم بسوء، فكل في قبضته وتحت قهره لا يجسر على الدنو منه وهو المتحكم فيهم إن شاء حبس وإن شاء أطلق كما قال :﴿ وآخرين مقرنين في الأصفاد ﴾[ ص : ٣٨ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر قصص داود وسليمان وما كان منهما من شكر على النعماء، أردف ذلك قصص أيوب لما فيه من صبر على البلاء، فداود وسليمان شكرا على النعم المترادفة، وأيوب صبر على النقم النازلة، فأزيلت عنه.
وإن في قصصه الذي ذكر هنا وفي مواضع من الكتاب الكريم لعبرا له ولغيره ممن سمع به، ولفتا لأنظارهم إلى أن الدنيا مزرعة الآخرة، وأن الواجب على المرء أن يصبر على ما يناله من البلاء فيها ويجتهد في القيام بحق الله ويصبر في حالي السراء والضراء.
تفسير المفردات :
أيوب : هو أيوب بن أموص اصطفاه الله وبسط الدنيا وكثر أهله وماله، ثم ابتلاه بموت أولاده بسقوط البيت و بذهاب أمواله وبالمرض في بدنه ثماني عشرة سنة، وسنه إذ ذاك سبعون سنة، ثم آتاه الله من الأولاد ضعف ما كان وأزال عنه ما به من مرض، وسيأتي تفصيل قصصه في سورة ص. والضرر : شائع في كل ضرر. والضر : بالضم : خاص بما في النفس من مرض وهزال ونحوهما.
الإيضاح :
﴿ وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ﴾أي واذكر نبأ أيوب حين دعا ربه وقد مسه الضر والبلاء فقال : رب إني قد مسني الضر وأنت أعظم رحمة من كل رحيم.
وقد وصف أيوب نفسه بما يستحق به الرحمة، ووصف ربه بغاية الرحمة ولم يصرح بمطلوبه إيماء منه بأن ربه به عليم، فكأنه يقول : أنا أهل لأن أرحم، وأنت الكريم الجواد الذي يرحم، فأفض علي من جودك ورحمتك ما يسعفني ويدفع الضر عني فأنت أرحم الراحمين.
وهذا أسلوب من الطلب دقيق المسلك حكيم المنحى.
روي أن امرأته قالت له يوما لو دعوت الله، فقالا : كم كانت مدة الرخاء ؟ فقالت ثمانين سنة، فقال : أستحيي من الله أن أدعوه، ما بلغت مدة بلائي مدة رخائي.
و لم يصرح القرآن الكريم بما صار إليه من سعة في المال كما صرح بما صار إليه أمره من كثرة الولد.
وما روي من مقدار ما لحقه من الضر في نفسه حتى وصل إلى حد النفرة منه، وأن الناس جميعا تحاموه وطردوه من مقامه إلى ظاهر المدينة في موضع الكناسة ولم يكن يتصل به إلا امرأته التي تذهب إليه بالزاد والقوت، فكل ذلك الإسرائيليات التي يجب الاعتقاد بكذبها، لأنه ليس لها من سند صحيح يؤيدها، ولأن من شروط النبوة ألا يكون في النبي من الأمراض والأسقام ما ينفر الناس منه، ولأنه متى كان كذلك لا يستطيع الاتصال بهم وتبليغ الشرائع والأحكام إليهم، وسيأتي لهذا مزيد إيضاح في سورة ص.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر قصص داود وسليمان وما كان منهما من شكر على النعماء، أردف ذلك قصص أيوب لما فيه من صبر على البلاء، فداود وسليمان شكرا على النعم المترادفة، وأيوب صبر على النقم النازلة، فأزيلت عنه.
وإن في قصصه الذي ذكر هنا وفي مواضع من الكتاب الكريم لعبرا له ولغيره ممن سمع به، ولفتا لأنظارهم إلى أن الدنيا مزرعة الآخرة، وأن الواجب على المرء أن يصبر على ما يناله من البلاء فيها ويجتهد في القيام بحق الله ويصبر في حالي السراء والضراء.
تفسير المفردات :
والضرر : شائع في كل ضرر. والضر : بالضم : خاص بما في النفس من مرض وهزال ونحوهما. والذكرى : التذكرة.
الإيضاح :
﴿ فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر ﴾أي فاستجبنا له دعاءه فكشفنا ضره، وقد كان الذي نزل به امتحانا من الله واختبارا له.
﴿ وآتيناه أهله ومثلهم معهم ﴾أي وأعطيناه في الدنيا مثل أهله عددا مع زيادة مثل آخر، فولد له من الأولاد ضعف ما كان.
﴿ رحمة من عندنا وذكرى للعابدين ﴾أي آتيناه ما ذكر رحمة منا لأيوب، وتذكرة للعابدين ليصبروا كما صبر فيثابوا كما أثيب في الدنيا والآخرة.
و لم يصرح القرآن الكريم بما صار إليه من سعة في المال كما صرح بما صار إليه أمره من كثرة الولد.
وما روي من مقدار ما لحقه من الضر في نفسه حتى وصل إلى حد النفرة منه، وأن الناس جميعا تحاموه وطردوه من مقامه إلى ظاهر المدينة في موضع الكناسة ولم يكن يتصل به إلا امرأته التي تذهب إليه بالزاد والقوت، فكل ذلك الإسرائيليات التي يجب الاعتقاد بكذبها، لأنه ليس لها من سند صحيح يؤيدها، ولأن من شروط النبوة ألا يكون في النبي من الأمراض والأسقام ما ينفر الناس منه، ولأنه متى كان كذلك لا يستطيع الاتصال بهم وتبليغ الشرائع والأحكام إليهم، وسيأتي لهذا مزيد إيضاح في سورة ص.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه صبر أيوب عليه السلام ودعاءه ربه وانقطاعه إليه حتى كشف عنه الضر، قفى على ذلك بذكر هؤلاء الأنبياء الذين صبروا على ما أصابهم من المحن والشدائد.
الإيضاح :
﴿ وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين ﴾ أي واذكر نبأ هؤلاء الرسل الكرام الذين صبروا على ما ابتلاهم الله به وأخبتوا له، فنالوا رضاه وأدخلهم جنته :
( ١ ) أما إسماعيل ؛ فإنه صبر على الانقياد للذبح، وصبر على المقام ببلد لا زرع فيه ولا ضرع، وصبر على بناء البيت وتكلف المشاق في ذلك وقد أكرمه الله فأخرج من صلبه خاتم النبيين.
( ٢ ) وأما إدريس – أخنوخ – فهو موضع التجلة والاحترام لدى قدماء المصريين وهو المسمى عندهم " أوزيس " ويزعم كثير من الناس أنه أول من خاط الثياب، ولبس المخيط، وكانوا من قلب يلبسون الجلود، وأول من اتخذ السلاح عدة، وقد تقدم قصصه بإسهاب في سورة مريم.
( ٣ ) وأما ذو الكفل – والكفل : الحظ والنصيب – فقد اختلف العلماء في شأنه، فمن قائل إنه نبي وهم الأكثرون وقالوا إنه ابن أيوب عليه السلام، بعثه الله نبيا بعد أبيه وسماه ذا الكفل، وأمره بالدعاء إلى توحيد الله، وأقام عمره الشام. وقال أبو موسى الأشعري ومجاهد : لم يكن نبيا بل كان عبدا صالحا استخلفه اليسع عنه على أن يصوم النهار ويقوم الليل ولا يغضب ففعل.
﴿ وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين ﴾أي وأدخلنا كل هؤلاء جنات النعيم جزاء لهم على ما فعلوا من صالح الأعمال.
تفسير المفردات :
النون : الحوت وجمعه نينان. وذو النون : أي صاحب الحوت وهو يونس بن متى، مغاضبا : أي غضبان من قومه، لتماديهم في العناد والطغيان. نقدر عليه : أي نضيق عليه في أمره بحبس ونحوه. والظلمات : هي ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل.
الإيضاح :
﴿ وذا النون إذ ذهب مغاضبا ﴾ أي واذكر نبأ يونس عليه السلام حين بعثه الله إلى أهل نينوى – قرية بالموصل – فدعاهم إلى توحيد الله وعبادته، فأبوا عليه وتمادوا في كفرهم، فخرج من بين ظهرانيهم مغاضبا لهم، وأوعدهم بالعذاب بعد ثلاث.
فلما تحققوا أنه كائن لا محالة، وعلموا أن النبي لا يكذب، خرجوا إلى الصحراء بأطفالهم وأنعامهم، وفرقوا بين الأمهات وأولادها، ثم تضرعوا إلى الله وجأروا إليه ورغت الإبل فصلانها، وخارت البقر وعجاجيلها، وثغت الغنم وسخالها، فرفع الله عنهم العذاب كما قال :
﴿ فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ﴾[ يونس : ٩٨ ].
وأما يونس عليه السلام فإنه ذهب فركب مع قوم في سفينة، فلما وصلوا اللجة تكفأت بهم وأشرفوا على الغرق، فاقترعوا على رجل منهم يلقونه في البحر يتخففون منه، فوقعت القرعة على يونس فأبوا أن يلقوه، ثم أعادوها فوقعت القرعة عليه أيضا فأبوا، ثم أعادوها فوقعت عليه أيضا كما يرشد إلى ذلك قوله :﴿ فساهم فكان من المدحضين ﴾[ الصفات : ١٤١ ] ثم قام يونس وتجرد من ثيابه وألقى نفسه في البحر، فأرسل الله إليه حوتا يشق البحر فالتقمه.
ومعنى مغاضبته قومه أنه أغضبهم بفراقه وهجرته من ديارهم، لأنهم حين تمادوا في تكذيبه توعدهم بالعذاب، لكنه لم يأتهم لأنهم تابوا، فكره أن يكون بين ظهراني قوم جربوا عليه الخلف فيما أوعدهم، واستحيا منهم، ولم يعلم توبتهم التي كانت سبب رفع العذاب عنهم.
وخلاصة ذلك : إن غضبه كان أنفة من ظهور خلف وعده لا كراهية لحكم الله، وقد بحث عن قومه فلم يجدوه، لأنه نزل إلى سفينة في البحر هاربا، فأخرجه الله من الأنبياء أولي العزم كما قال لنبيه :﴿ فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت ﴾[ القلم : ٤٨ ] أي لا تلق أمري كما ألقاه.
﴿ فظن أن لن نقدر عليه ﴾أي فظن أن لن نضيق عليه الأمر بالحبس أو بغيره.
﴿ فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك ﴾أي فدعا ربه في الظلمات الثلاث التي سبق ذكرها، سبحانك لا إله غيرك، ولا يعجزك شيء.
﴿ إني كنت من الظالمين ﴾ لنفسي بالمبادرة بالهجرة دون أمر منك.
﴿ فاستجبنا له ﴾ دعاءه الذي دعا به، وأظهر به التوبة على ألطف وجه وأحسنه.
روى ابن جرير والبيهقي في جماعة عن سعد ابن أبي وقاص أن النبي ( ص ) قال :" دعوة ذي النون في بطن الحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له ".
وروي عن أنس مرفوعا أنه عليه الصلاة والسلام حين دعا بذلك أقبلت دعوته تحف بالعرش، فقالت الملائكة : هذا صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة، فقال الله تعالى أما تعرفون ذلك ؟ قالوا : يا رب من هو ؟ قال ذاك عبدي يونس، قالوا عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل ودعوة مجابة، يا رب أفلا ترحم من كان يصنع في الرخاء فتنجيه من البلاء ؟ قال : بلى، فأمر الحوت فطرحه، فذلك قوله :
﴿ ونجيناه من الغم ﴾الذي ناله حين التقمه الحوت، فجعلناه يقذفه إلى الساحل بعد ساعات، قال الشعبي : التقمه ضحى، ولفظه عشية.
﴿ وكذلك ننجي المؤمنين ﴾ من كربهم إذا استغاثوا بنا طالبين رحمتنا.
قال الرازي : شرط كل من يلتجئ إلى الله أن يبدأ بالتوحيد، ثم بعده بالتسبيح والثناء، ثم بالاستغفار والاعتراف بالذنب، وسيأتي ذكر هذا القصص في الصفات ون.
المعنى الجملي : بين سبحانه في هذا القصص انقطاع زكريا إلى ربه لما مسه الضر بتفرده، وأحب أن يكون معه من يؤنسه ويقويه على أمر دينه ودنياه، ويقوم مقامه بعد موته، فدعا ربه دعاء مخلص عارف بأنه قادر على ذلك، وأنه قد انتهت الحال به وبزوجه من كبر وغيره إلى اليأس من الولد على مجرى العادة.
الإيضاح :
﴿ وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين ﴾ أي واذكر خبر زكريا حين طلب أن يهبه الله ولدا يكون من بعده نبيا، فقال خفية عن قومه : رب لا تدعني وحيدا لا ولد لي ولا وارث يقوم بعدي في النادي، فإن لم ترزقني من يرثني فلا أبالي فإنك خير وارث، وقد تقدم هذا القصص، مبسوطا في سورتي آل عمران ومريم.
المعنى الجملي : بين سبحانه في هذا القصص انقطاع زكريا إلى ربه لما مسه الضر بتفرده، وأحب أن يكون معه من يؤنسه ويقويه على أمر دينه ودنياه، ويقوم مقامه بعد موته، فدعا ربه دعاء مخلص عارف بأنه قادر على ذلك، وأنه قد انتهت الحال به وبزوجه من كبر وغيره إلى اليأس من الولد على مجرى العادة.
الإيضاح :
﴿ فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه ﴾ أي فأجبنا سؤله، ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه بأن أزلنا عنها الموانع التي كانت تمنعها من الولادة، فولدت له بعد أن كانت عقيما.
ثم ذكر السبب في إجابة مطلبهم فقال :
﴿ إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ﴾أي لأن زكريا وزوجه ويحيى كانوا يسارعون في طاعتنا، والعمل بما يقربهم إلينا.
﴿ ويدعوننا رغبا ووهبا ﴾أي ويعبدوننا، رغبة منهم فيما يرجون من رحمتنا وفضلنا، وخوفا من عذابنا وعقابنا.
﴿ وكانوا لنا خاشعين ﴾ أي وكانوا لنا متواضعين متذللين، لا يستكبرون عن عبادتنا ودعائنا.
وخلاصة ما سلف : إنهم نالوا من الله ما نالوا، لاتصافهم بتلك الخلال الحميدة.
تفسير المفردات : الإحصان : المنع مطلقا. والفرج في الأصل : الشق بين الشيئين كالفرجة، ثم أطلق على السوءة، وكثر حتى صار كالصريح في ذلك. والروح : هو المعنى المعروف، ونفخ الروح : هو الإحياء. آية : أي برهانا ودليلا على قدرة الله.
الإيضاح :
﴿ والتي أحصنت فرجها ﴾أي مريم التي منعت نفسها من قربان الرجال سواء أكان من حلال أم من حرام كما قالت :﴿ ولم يمسني بشر ولم أك بغيا ﴾[ مريم : ٢٠ ] وجاء في سورة التحريم :﴿ ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها ﴾[ التحريم : ١٢ ]
﴿ فنفخنا فيها من روحنا ﴾أي فنفخنا الروح في عيسى في بطنها وجعلناه يجري في جوفها.
﴿ وجعلناها وابنها آية للعالمين ﴾أي وجعلنا أمرهما آية للناس يستدلون به على قدرة الله وحكمته، ويتدبرون فيما خصا به من الآيات.
أما آيات مريم فمنها :
١ ) ظهور الحمل من غير ذكر.
٢ ) إن الملائكة كانت تأتيها برزقها كما حكى القرآن قول زكريا لها وردها عليه :﴿ يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله ﴾ [ آل عمران : ٣٧ ].
وأما آيات عيسى فقد سبق تفصيلها في سورتي آل عمران ومريم.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر قصص جمع من الأنبياء كنوح وإبراهيم و إدريس وموسى وعيسى وبين ما أوتوا من الشرائع والأحكام على وجه الإجمال، قفى على ذلك بيان أن لب الدين عند الله واحد، وأن جميع الأنبياء قد اتفقوا عليه، ولم يختلفوا فيه في عصر من الأعصار، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، و أنه هو القاهر فوق عباده المالك لجميع السماوات والأرض، ﴿ ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم ﴾[ البقرة : ٢٥٥ ]، وإن اختلفوا في الرسوم والأشكال بحسب اختلاف الأزمان والأمكنة، فعليكم أيها المسلمون أن تحافظوا على وحدة دينكم، وألا تجعلوه عضين، وكأنه يقول لهم : عليكم ألا تركنوا إلى خوارق العادات كما رأيتم في قصص موسى، ولا تدعوا نظم الدولة بل سوسوها كما كان يفعل داود وسليمان، ولا تذروا الصبر في جميع الأعمال كما رأيتم في قصص أيوب ومن بعده.
ثم نعى على المسلمين ما سيحدث منهم في مستأنف الزمان حين يتفرقون شيعا، يذوق بعضهم بأس بعض، ويجعلون الدين قطعا فيما بينهم كما تتوزع الجماعة الشيء يقتسمونه، فيصير لهذا نصيب ولذاك آخر.
وهذا إخبار بالغيب، لما سيحصل في هذه الأمة الإسلامية، وقد حدث فعلا وافترقت الأمة سياسيا واجتماعيا بوساطة بعض رؤساء الدين، فأعرض الله عن هؤلاء المختلفين وقطعهم بين الأمم، كما قطعوا أمرهم بينهم واقتسموا.
ثم بين سبحانه أنه يثيب عباده على صالح الأعمال إذا كانت القلوب عامرة بالإيمان به وبكتبه ورسله واليوم الآخر، وأن كل عمل جل أو قل فهو مكتوب محفوظ لديه، لا يغيب عنه مثقال ذرة، وأن جميع الخلق راجعون إليه، فيثيب كل إنسان بما عمل من خير أو شر، وأن الساعة قد اقترب ميقاتها، ثم أخبر أن المشركين يدعون إذ ذاك على أنفسهم بالويل والثبور، ويقولون يا حسرتنا على ما فرطنا في جنب الله، وكنا ظالمين لأنفسنا، ولا ينفع الندم إذ ذاك.
ندم البغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم
تفسير المفردات :
الأمة : القوم المجتمعون على أمر ثم شاع استعمالها في الدين.
الإيضاح :
﴿ إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدوني ﴾ أي إن الدين عند الله هو الانقياد له وحده لا يقبل غيره، وعليه اتفق جميع الأنبياء والشرائع، وما اختلفوا إلا في الرسوم والصور بحسب اختلاف الأزمنة والأمكنة، فعليكم أن تعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئا من صنم أو وثن شجر أو حجر أو بشر أو ملك.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر قصص جمع من الأنبياء كنوح وإبراهيم و إدريس وموسى وعيسى وبين ما أوتوا من الشرائع والأحكام على وجه الإجمال، قفى على ذلك بيان أن لب الدين عند الله واحد، وأن جميع الأنبياء قد اتفقوا عليه، ولم يختلفوا فيه في عصر من الأعصار، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، و أنه هو القاهر فوق عباده المالك لجميع السماوات والأرض، ﴿ ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم ﴾[ البقرة : ٢٥٥ ]، وإن اختلفوا في الرسوم والأشكال بحسب اختلاف الأزمان والأمكنة، فعليكم أيها المسلمون أن تحافظوا على وحدة دينكم، وألا تجعلوه عضين، وكأنه يقول لهم : عليكم ألا تركنوا إلى خوارق العادات كما رأيتم في قصص موسى، ولا تدعوا نظم الدولة بل سوسوها كما كان يفعل داود وسليمان، ولا تذروا الصبر في جميع الأعمال كما رأيتم في قصص أيوب ومن بعده.
ثم نعى على المسلمين ما سيحدث منهم في مستأنف الزمان حين يتفرقون شيعا، يذوق بعضهم بأس بعض، ويجعلون الدين قطعا فيما بينهم كما تتوزع الجماعة الشيء يقتسمونه، فيصير لهذا نصيب ولذاك آخر.
وهذا إخبار بالغيب، لما سيحصل في هذه الأمة الإسلامية، وقد حدث فعلا وافترقت الأمة سياسيا واجتماعيا بوساطة بعض رؤساء الدين، فأعرض الله عن هؤلاء المختلفين وقطعهم بين الأمم، كما قطعوا أمرهم بينهم واقتسموا.
ثم بين سبحانه أنه يثيب عباده على صالح الأعمال إذا كانت القلوب عامرة بالإيمان به وبكتبه ورسله واليوم الآخر، وأن كل عمل جل أو قل فهو مكتوب محفوظ لديه، لا يغيب عنه مثقال ذرة، وأن جميع الخلق راجعون إليه، فيثيب كل إنسان بما عمل من خير أو شر، وأن الساعة قد اقترب ميقاتها، ثم أخبر أن المشركين يدعون إذ ذاك على أنفسهم بالويل والثبور، ويقولون يا حسرتنا على ما فرطنا في جنب الله، وكنا ظالمين لأنفسنا، ولا ينفع الندم إذ ذاك.
ندم البغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم
تفسير المفردات :
و تقطعوا أمرهم بينهم : أي جعلوا أمر دينهم فيما بينهم قطعا.
الإيضاح :
ثم نعى على المسلمين ما فعلوا من تفريق شأنهم فرقا وشيعا فقال :
﴿ و تقطعوا أمرهم بينهم ﴾ أي وإنهم قد فرقوا أمرهم بينهم فرقا شتى كل فرقة تنعي على من سواها، وتشيد بمفاخرها، وقد كان لهم في عبر الماضين ما يمنعهم أن يقترفوا مثل هذا الجرم وكبير ذلك الإثم.
قال الحسن البصري في هذه الآية : يبين لهم ما يتقون وما يأتون، يريد أن هذا إخبار بالغيب بما سيكون منهم.
والخلاصة : إنهم قد غفلوا عما أمر به دينهم من وجوه الاعتصام بوحدة الأمة ونبذ الفرقة، ففعلوا ضد هذا، وذاق بعضهم بأس بعض، وكان في هذا وبال للجميع، وتمكن عدوهم من أن يهيض جناحهم، ويبطش بهم ويستعبدهم في عقر دارهم، ويسيمهم الخسف والصغار، بعد أن كانوا سادة أحرارا، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
ثم توعدهم على ما فعلوا فقال :
﴿ كل إلينا راجعون ﴾ أي إنهم سيرجعون إلينا ونجازيهم على تفرقهم واختلافهم شيعا.
وفي هذا إخبار بالغيب بما سيحدث في هذه الأمة التي ذاقت وبال أمرها، وعاقبة اختلافها، وكانت لقمة سائغة للآكلين، ونهبا مقسما بين الطامعين، جزاء ما اجترحت من التفرق شذر مذر ﴿ ولا يظلم ربك أحدا ﴾[ الكهف : ٤٩ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر قصص جمع من الأنبياء كنوح وإبراهيم و إدريس وموسى وعيسى وبين ما أوتوا من الشرائع والأحكام على وجه الإجمال، قفى على ذلك بيان أن لب الدين عند الله واحد، وأن جميع الأنبياء قد اتفقوا عليه، ولم يختلفوا فيه في عصر من الأعصار، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، و أنه هو القاهر فوق عباده المالك لجميع السماوات والأرض، ﴿ ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم ﴾[ البقرة : ٢٥٥ ]، وإن اختلفوا في الرسوم والأشكال بحسب اختلاف الأزمان والأمكنة، فعليكم أيها المسلمون أن تحافظوا على وحدة دينكم، وألا تجعلوه عضين، وكأنه يقول لهم : عليكم ألا تركنوا إلى خوارق العادات كما رأيتم في قصص موسى، ولا تدعوا نظم الدولة بل سوسوها كما كان يفعل داود وسليمان، ولا تذروا الصبر في جميع الأعمال كما رأيتم في قصص أيوب ومن بعده.
ثم نعى على المسلمين ما سيحدث منهم في مستأنف الزمان حين يتفرقون شيعا، يذوق بعضهم بأس بعض، ويجعلون الدين قطعا فيما بينهم كما تتوزع الجماعة الشيء يقتسمونه، فيصير لهذا نصيب ولذاك آخر.
وهذا إخبار بالغيب، لما سيحصل في هذه الأمة الإسلامية، وقد حدث فعلا وافترقت الأمة سياسيا واجتماعيا بوساطة بعض رؤساء الدين، فأعرض الله عن هؤلاء المختلفين وقطعهم بين الأمم، كما قطعوا أمرهم بينهم واقتسموا.
ثم بين سبحانه أنه يثيب عباده على صالح الأعمال إذا كانت القلوب عامرة بالإيمان به وبكتبه ورسله واليوم الآخر، وأن كل عمل جل أو قل فهو مكتوب محفوظ لديه، لا يغيب عنه مثقال ذرة، وأن جميع الخلق راجعون إليه، فيثيب كل إنسان بما عمل من خير أو شر، وأن الساعة قد اقترب ميقاتها، ثم أخبر أن المشركين يدعون إذ ذاك على أنفسهم بالويل والثبور، ويقولون يا حسرتنا على ما فرطنا في جنب الله، وكنا ظالمين لأنفسنا، ولا ينفع الندم إذ ذاك.
ندم البغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم
الإيضاح :
وبعد أن أبان أن افتراق الأمة واقع لا محالة أردفه فتح باب الرجاء في لم شعثها واتفاقها بعد تفرقها، عسى أن تقوم من كبوتها، وترجع إلى وحدتها، وتصير لها الدولة والصولة كما كانت في سالف عهدها فقال :
﴿ فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون ﴾ أي ومن يعمل صالح الأعمال وقلبه مليء بالإيمان بربه، والتصديق لأنبيائه ورسله، واليقين بيوم الآخر يوم تجزي كل نفس بما عملت من خير أو شر، فإنا لا نضيع سعيه ولا نبخسه حقه، بل نوفيه على عمله الجزاء الأوفى، وإنا مثبتون له ذلك في صحيفة أعماله، لا نترك منه شيئا جل أو قل، عظم أو حقر.
ونحو الآية قوله :﴿ ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ﴾ [ الإسراء : ١٩ ] وقوله :﴿ إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا ﴾ [ الكهف : ٣٠ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر قصص جمع من الأنبياء كنوح وإبراهيم و إدريس وموسى وعيسى وبين ما أوتوا من الشرائع والأحكام على وجه الإجمال، قفى على ذلك بيان أن لب الدين عند الله واحد، وأن جميع الأنبياء قد اتفقوا عليه، ولم يختلفوا فيه في عصر من الأعصار، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، و أنه هو القاهر فوق عباده المالك لجميع السماوات والأرض، ﴿ ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم ﴾[ البقرة : ٢٥٥ ]، وإن اختلفوا في الرسوم والأشكال بحسب اختلاف الأزمان والأمكنة، فعليكم أيها المسلمون أن تحافظوا على وحدة دينكم، وألا تجعلوه عضين، وكأنه يقول لهم : عليكم ألا تركنوا إلى خوارق العادات كما رأيتم في قصص موسى، ولا تدعوا نظم الدولة بل سوسوها كما كان يفعل داود وسليمان، ولا تذروا الصبر في جميع الأعمال كما رأيتم في قصص أيوب ومن بعده.
ثم نعى على المسلمين ما سيحدث منهم في مستأنف الزمان حين يتفرقون شيعا، يذوق بعضهم بأس بعض، ويجعلون الدين قطعا فيما بينهم كما تتوزع الجماعة الشيء يقتسمونه، فيصير لهذا نصيب ولذاك آخر.
وهذا إخبار بالغيب، لما سيحصل في هذه الأمة الإسلامية، وقد حدث فعلا وافترقت الأمة سياسيا واجتماعيا بوساطة بعض رؤساء الدين، فأعرض الله عن هؤلاء المختلفين وقطعهم بين الأمم، كما قطعوا أمرهم بينهم واقتسموا.
ثم بين سبحانه أنه يثيب عباده على صالح الأعمال إذا كانت القلوب عامرة بالإيمان به وبكتبه ورسله واليوم الآخر، وأن كل عمل جل أو قل فهو مكتوب محفوظ لديه، لا يغيب عنه مثقال ذرة، وأن جميع الخلق راجعون إليه، فيثيب كل إنسان بما عمل من خير أو شر، وأن الساعة قد اقترب ميقاتها، ثم أخبر أن المشركين يدعون إذ ذاك على أنفسهم بالويل والثبور، ويقولون يا حسرتنا على ما فرطنا في جنب الله، وكنا ظالمين لأنفسنا، ولا ينفع الندم إذ ذاك.
ندم البغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم
تفسير المفردات :
وحرام : أي ممتنع. و قرية : أي أهلها. أهلكناها : أي قدرنا هلاكها.
الإيضاح :
﴿ وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون ﴾ أي ممتنع أن يرجعوا بعد الهلاك إلى الدنيا.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر قصص جمع من الأنبياء كنوح وإبراهيم و إدريس وموسى وعيسى وبين ما أوتوا من الشرائع والأحكام على وجه الإجمال، قفى على ذلك بيان أن لب الدين عند الله واحد، وأن جميع الأنبياء قد اتفقوا عليه، ولم يختلفوا فيه في عصر من الأعصار، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، و أنه هو القاهر فوق عباده المالك لجميع السماوات والأرض، ﴿ ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم ﴾[ البقرة : ٢٥٥ ]، وإن اختلفوا في الرسوم والأشكال بحسب اختلاف الأزمان والأمكنة، فعليكم أيها المسلمون أن تحافظوا على وحدة دينكم، وألا تجعلوه عضين، وكأنه يقول لهم : عليكم ألا تركنوا إلى خوارق العادات كما رأيتم في قصص موسى، ولا تدعوا نظم الدولة بل سوسوها كما كان يفعل داود وسليمان، ولا تذروا الصبر في جميع الأعمال كما رأيتم في قصص أيوب ومن بعده.
ثم نعى على المسلمين ما سيحدث منهم في مستأنف الزمان حين يتفرقون شيعا، يذوق بعضهم بأس بعض، ويجعلون الدين قطعا فيما بينهم كما تتوزع الجماعة الشيء يقتسمونه، فيصير لهذا نصيب ولذاك آخر.
وهذا إخبار بالغيب، لما سيحصل في هذه الأمة الإسلامية، وقد حدث فعلا وافترقت الأمة سياسيا واجتماعيا بوساطة بعض رؤساء الدين، فأعرض الله عن هؤلاء المختلفين وقطعهم بين الأمم، كما قطعوا أمرهم بينهم واقتسموا.
ثم بين سبحانه أنه يثيب عباده على صالح الأعمال إذا كانت القلوب عامرة بالإيمان به وبكتبه ورسله واليوم الآخر، وأن كل عمل جل أو قل فهو مكتوب محفوظ لديه، لا يغيب عنه مثقال ذرة، وأن جميع الخلق راجعون إليه، فيثيب كل إنسان بما عمل من خير أو شر، وأن الساعة قد اقترب ميقاتها، ثم أخبر أن المشركين يدعون إذ ذاك على أنفسهم بالويل والثبور، ويقولون يا حسرتنا على ما فرطنا في جنب الله، وكنا ظالمين لأنفسنا، ولا ينفع الندم إذ ذاك.
ندم البغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم
تفسير المفردات :
يأجوج و مأجوج : تقدم الكلام فيهما وفي بيان أصلهما. وحدب : أي مرتفع من الأرض. ينسلون : أي يسرعون.
الإيضاح :
﴿ حتى إذا فتحت يأجوج و مأجوج و هم من كل حدب ينسلون ﴾ أي ويستمر هذا الامتناع إلى قيام الساعة، ومن أماراتها : فتح سد يأجوج ومأجوج، وإتيان الناس سراعا من كل مرتفع من الأرض، والمقصود الرد على المشركين في إنكارهم للبعث والجزاء.
والخلاصة : إنه لا تزال حياة من مات وهلك ممتنعة ولا يمكن رجوعهم إليها حتى تقوم الساعة، ويسرع الناس من كل حدب من الأرض.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر قصص جمع من الأنبياء كنوح وإبراهيم و إدريس وموسى وعيسى وبين ما أوتوا من الشرائع والأحكام على وجه الإجمال، قفى على ذلك بيان أن لب الدين عند الله واحد، وأن جميع الأنبياء قد اتفقوا عليه، ولم يختلفوا فيه في عصر من الأعصار، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، و أنه هو القاهر فوق عباده المالك لجميع السماوات والأرض، ﴿ ولا يؤده حفظهما وهو العلي العظيم ﴾[ البقرة : ٢٥٥ ]، وإن اختلفوا في الرسوم والأشكال بحسب اختلاف الأزمان والأمكنة، فعليكم أيها المسلمون أن تحافظوا على وحدة دينكم، وألا تجعلوه عضين، وكأنه يقول لهم : عليكم ألا تركنوا إلى خوارق العادات كما رأيتم في قصص موسى، ولا تدعوا نظم الدولة بل سوسوها كما كان يفعل داود وسليمان، ولا تذروا الصبر في جميع الأعمال كما رأيتم في قصص أيوب ومن بعده.
ثم نعى على المسلمين ما سيحدث منهم في مستأنف الزمان حين يتفرقون شيعا، يذوق بعضهم بأس بعض، ويجعلون الدين قطعا فيما بينهم كما تتوزع الجماعة الشيء يقتسمونه، فيصير لهذا نصيب ولذاك آخر.
وهذا إخبار بالغيب، لما سيحصل في هذه الأمة الإسلامية، وقد حدث فعلا وافترقت الأمة سياسيا واجتماعيا بوساطة بعض رؤساء الدين، فأعرض الله عن هؤلاء المختلفين وقطعهم بين الأمم، كما قطعوا أمرهم بينهم واقتسموا.
ثم بين سبحانه أنه يثيب عباده على صالح الأعمال إذا كانت القلوب عامرة بالإيمان به وبكتبه ورسله واليوم الآخر، وأن كل عمل جل أو قل فهو مكتوب محفوظ لديه، لا يغيب عنه مثقال ذرة، وأن جميع الخلق راجعون إليه، فيثيب كل إنسان بما عمل من خير أو شر، وأن الساعة قد اقترب ميقاتها، ثم أخبر أن المشركين يدعون إذ ذاك على أنفسهم بالويل والثبور، ويقولون يا حسرتنا على ما فرطنا في جنب الله، وكنا ظالمين لأنفسنا، ولا ينفع الندم إذ ذاك.
ندم البغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم
تفسير المفردات :
واقترب : أي قرب. الوعد الحق : هو يوم القيامة. شاخصة : أي مرتفعة أجفانها لا تكاد تطرف من شدة الهول. والويل : الهلاك.
الإيضاح :
﴿ واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ﴾ أي وقرب مجيء يوم القيامة، وإذ ذاك تشخص أبصار الذين كفروا وترتفع أجفانهم، فلا تكاد تطرف من هول ما هم فيه حين يقومون من قبورهم ويعلمون أن هذا يوم الحساب الذي لم يعدوا له العدة، بل كانوا ينكرون مجيئه وحينئذ يقولون :
﴿ يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين ﴾ أي يا هلاكنا احضر فهذا أوانك، فقد كنا في الدنيا في غفلة من هذا الذي دهمنا من البعث والرجوع إلى الله للحساب والجزاء، لا بل الحق أننا لم نكن في غفلة إذ نبهتنا الآيات والنذر، وإنما كنا ظالمين لأنفسنا بتعريضها للعذاب الخالد بالتكذيب.
وصفوة القول : إن الناس لا يرجعون إلى الحياة حتى تزلزل الأرض زلزالها، ويختل نظام هذا العالم، فتموج الأمم بعضها في بعض بتفريق أجزائها، لا فرق بين يأجوج ومأجوج وغيرهما، فذكرهما رمز لاختلال الأرض وخرابها، فكأنه قيل إنهم لا يرجعون إلى الحياة إلا إذا اختل نظام العالم ورجت الأرض رجا، وماجت الأمم بعضها في بعض، وخرج الكفار من قبورهم شاخصة أبصارهم من الهول الذي هم فيه، وقد ذكرنا في سورة الكهف من يأجوج و مأجوج ؟ وأين مساكنهم على وجه البسط ؟ فلا حاجة إلى إعادته هنا.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه هول الموقف، ودعاء المشركين على أنفسهم بالهلاك في هذا الحين، وشخوص أبصارهم من الحيرة والدهش مما يشاهدون ويرون، أردف هذا ذكر ما يؤول إليه أمرهم بعد الحساب، وأنهم يكونون هم ومعبودا تهم من الأصنام والأوثان حطبا للنار حين يردونها، وأنهم من شدة العذاب فيها يكون لهم أنين وزفير، حتى لا يسمع بعضهم أصوات بعض، لفظاعة ما هم فيه من العذاب.
أما من كتبت له السعادة والنجاة من النار فأولئك يكونون مبعدين عنها لا يسمعون صوت لهيبها، ولا يخافون من أهوالها وآلامها، بل يكونون في نعيم دائم وتستقبلهم الملائكة مهنئين لهم قائلين : هذا يومكم الذي كنتم توعدون في الدنيا.
ثم أعقب ذلك بذكر حال السماء حينئذ، وأنها تطوى طيا وكأنها لم تكن كما يطوي الكاتب الطومار الذي يكتب فيه، ويحول ذلك العالم المشاهد إلى عالم آخر فيخلق الله أرضا جديدة وكواكب جديدة ويعيد الناس للحساب، وهو القادر على ذلك، فكما قدر على خلقه أول مرة يعيده في حال أخرى كما قال :﴿ يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ﴾[ إبراهيم : ٤٨ ].
تفسير المفردات :
الحصب : ما يرمى به في النار لاشتعالها.
الإيضاح :
﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ﴾ أي إنكم أيها المشركون بالله العابدون من دونه الأوثان والأصنام، وما تعبدون من دونه من الآلهة وقود جهنم، وإنكم واردوها وداخلون فيها.
و نحو الآية قوله :﴿ فاتقوا النار التي وقودها الناس و الحجارة ﴾[ البقرة : ٢٤ ].
و الحكمة في أن الآلهة تقرن بهم وتدخل معهم في النار :
( ١ ) إنهم كلما رأوهم ازدادوا غما وحسرة، لأنهم ما وقعوا في العذاب إلا بسببهم وقد قالوا : النظر إلى وجه العدو باب من أبواب العذاب.
( ٢ ) إنهم قد كانوا في الدنيا يظنون أنهم يشفعون لهم في الآخرة ويدفعون عنهم العذاب، فإذا استبان لهم أن الأمر على عكس ما كانوا يظنون لم يكن شيء أبغض إليهم منهم.
( ٣ ) إن إلقاءهم في النار استهزاء بهم وبعبادتهم.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه هول الموقف، ودعاء المشركين على أنفسهم بالهلاك في هذا الحين، وشخوص أبصارهم من الحيرة والدهش مما يشاهدون ويرون، أردف هذا ذكر ما يؤول إليه أمرهم بعد الحساب، وأنهم يكونون هم ومعبودا تهم من الأصنام والأوثان حطبا للنار حين يردونها، وأنهم من شدة العذاب فيها يكون لهم أنين وزفير، حتى لا يسمع بعضهم أصوات بعض، لفظاعة ما هم فيه من العذاب.
أما من كتبت له السعادة والنجاة من النار فأولئك يكونون مبعدين عنها لا يسمعون صوت لهيبها، ولا يخافون من أهوالها وآلامها، بل يكونون في نعيم دائم وتستقبلهم الملائكة مهنئين لهم قائلين : هذا يومكم الذي كنتم توعدون في الدنيا.
ثم أعقب ذلك بذكر حال السماء حينئذ، وأنها تطوى طيا وكأنها لم تكن كما يطوي الكاتب الطومار الذي يكتب فيه، ويحول ذلك العالم المشاهد إلى عالم آخر فيخلق الله أرضا جديدة وكواكب جديدة ويعيد الناس للحساب، وهو القادر على ذلك، فكما قدر على خلقه أول مرة يعيده في حال أخرى كما قال :﴿ يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ﴾[ إبراهيم : ٤٨ ].
الإيضاح :
ثم بين لهم بالدليل خطأ ما يعتقدون فقال :
﴿ لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها ﴾ أي لو كان هؤلاء الأصنام آلهة كما تزعمون أيها العابدون ما وردوا النار ولا دخلوها، لكنه قد اتضح لكم على أتم وجه أنهم وردوها، إذ صاروا حطبها، فامتنع كونهم آلهة.
وقصارى ذلك : إن الأصنام إذا كانت لا تنفع نفسها، ولا تدفع الضر عنها، فهي أبعد من أن تدفع الضر عن غيرها، ومن جراء ذلك فهي جديرة بالتحقير والإهانة، لا بالتعظيم والعبادة.
﴿ وكل فيها خالدون ﴾ أي وكل من الآلهة ومن عبدوها ماكثون في النار أبدا، لا خلاص لهم منها.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه هول الموقف، ودعاء المشركين على أنفسهم بالهلاك في هذا الحين، وشخوص أبصارهم من الحيرة والدهش مما يشاهدون ويرون، أردف هذا ذكر ما يؤول إليه أمرهم بعد الحساب، وأنهم يكونون هم ومعبودا تهم من الأصنام والأوثان حطبا للنار حين يردونها، وأنهم من شدة العذاب فيها يكون لهم أنين وزفير، حتى لا يسمع بعضهم أصوات بعض، لفظاعة ما هم فيه من العذاب.
أما من كتبت له السعادة والنجاة من النار فأولئك يكونون مبعدين عنها لا يسمعون صوت لهيبها، ولا يخافون من أهوالها وآلامها، بل يكونون في نعيم دائم وتستقبلهم الملائكة مهنئين لهم قائلين : هذا يومكم الذي كنتم توعدون في الدنيا.
ثم أعقب ذلك بذكر حال السماء حينئذ، وأنها تطوى طيا وكأنها لم تكن كما يطوي الكاتب الطومار الذي يكتب فيه، ويحول ذلك العالم المشاهد إلى عالم آخر فيخلق الله أرضا جديدة وكواكب جديدة ويعيد الناس للحساب، وهو القادر على ذلك، فكما قدر على خلقه أول مرة يعيده في حال أخرى كما قال :﴿ يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ﴾[ إبراهيم : ٤٨ ].
تفسير المفردات :
والزفير : صوت نفس المغموم بخرج من أقصى الجوف.
الإيضاح :
ثم بين أحوالهم فيها فقال :
( ١ )﴿ لهم فيها زفير ﴾ أي لهم في النار أنين ونفس متقطع، من شدة ما ينالهم من العذاب.
( ٢ )﴿ وهم فيها لا يسمعون ﴾ أي وهم في النار لا يسمع بعضهم زفير بعض، لعظم الهول وفظاعة العذاب.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه هول الموقف، ودعاء المشركين على أنفسهم بالهلاك في هذا الحين، وشخوص أبصارهم من الحيرة والدهش مما يشاهدون ويرون، أردف هذا ذكر ما يؤول إليه أمرهم بعد الحساب، وأنهم يكونون هم ومعبودا تهم من الأصنام والأوثان حطبا للنار حين يردونها، وأنهم من شدة العذاب فيها يكون لهم أنين وزفير، حتى لا يسمع بعضهم أصوات بعض، لفظاعة ما هم فيه من العذاب.
أما من كتبت له السعادة والنجاة من النار فأولئك يكونون مبعدين عنها لا يسمعون صوت لهيبها، ولا يخافون من أهوالها وآلامها، بل يكونون في نعيم دائم وتستقبلهم الملائكة مهنئين لهم قائلين : هذا يومكم الذي كنتم توعدون في الدنيا.
ثم أعقب ذلك بذكر حال السماء حينئذ، وأنها تطوى طيا وكأنها لم تكن كما يطوي الكاتب الطومار الذي يكتب فيه، ويحول ذلك العالم المشاهد إلى عالم آخر فيخلق الله أرضا جديدة وكواكب جديدة ويعيد الناس للحساب، وهو القادر على ذلك، فكما قدر على خلقه أول مرة يعيده في حال أخرى كما قال :﴿ يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ﴾[ إبراهيم : ٤٨ ].
تفسير المفردات :
والحسنى : أي الكلمة الحسنى التي تتضمن البشارة بثوابهم حين الجزاء على أعمالهم.
الإيضاح :
وبعد أن ذكر حال أهل النار وعذابهم بسبب شركهم بالله، عطف عليه بيان أحوال السعداء من المؤمنين بالله ورسوله وقد أسلفوا صلاح الأعمال فقال :
﴿ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ﴾ أي إن الذين سبق لهم التوفيق للطاعة، وأخبتوا لله وأخلصوا له العمل لا يدخلون النار ولا يقربونها البتة.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه هول الموقف، ودعاء المشركين على أنفسهم بالهلاك في هذا الحين، وشخوص أبصارهم من الحيرة والدهش مما يشاهدون ويرون، أردف هذا ذكر ما يؤول إليه أمرهم بعد الحساب، وأنهم يكونون هم ومعبودا تهم من الأصنام والأوثان حطبا للنار حين يردونها، وأنهم من شدة العذاب فيها يكون لهم أنين وزفير، حتى لا يسمع بعضهم أصوات بعض، لفظاعة ما هم فيه من العذاب.
أما من كتبت له السعادة والنجاة من النار فأولئك يكونون مبعدين عنها لا يسمعون صوت لهيبها، ولا يخافون من أهوالها وآلامها، بل يكونون في نعيم دائم وتستقبلهم الملائكة مهنئين لهم قائلين : هذا يومكم الذي كنتم توعدون في الدنيا.
ثم أعقب ذلك بذكر حال السماء حينئذ، وأنها تطوى طيا وكأنها لم تكن كما يطوي الكاتب الطومار الذي يكتب فيه، ويحول ذلك العالم المشاهد إلى عالم آخر فيخلق الله أرضا جديدة وكواكب جديدة ويعيد الناس للحساب، وهو القادر على ذلك، فكما قدر على خلقه أول مرة يعيده في حال أخرى كما قال :﴿ يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ﴾[ إبراهيم : ٤٨ ].
تفسير المفردات :
والحسيس : الصوت الذي يحس من حركتها.
الإيضاح :
ثم ذكر أوصافهم حينئذ فقال :
( ١ )﴿ لا يسمعون حسيسها ﴾ أي لا يسمعون صوت النار الذي يحس من حركتها، ولا يرون اضطرابها من شدة توهجها.
( ٢ ) ﴿ وهم فيها اشتهت أنفسهم خالدون ﴾ أي إنهم في حبور دائم، ونعيم لا ينقطع.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه هول الموقف، ودعاء المشركين على أنفسهم بالهلاك في هذا الحين، وشخوص أبصارهم من الحيرة والدهش مما يشاهدون ويرون، أردف هذا ذكر ما يؤول إليه أمرهم بعد الحساب، وأنهم يكونون هم ومعبودا تهم من الأصنام والأوثان حطبا للنار حين يردونها، وأنهم من شدة العذاب فيها يكون لهم أنين وزفير، حتى لا يسمع بعضهم أصوات بعض، لفظاعة ما هم فيه من العذاب.
أما من كتبت له السعادة والنجاة من النار فأولئك يكونون مبعدين عنها لا يسمعون صوت لهيبها، ولا يخافون من أهوالها وآلامها، بل يكونون في نعيم دائم وتستقبلهم الملائكة مهنئين لهم قائلين : هذا يومكم الذي كنتم توعدون في الدنيا.
ثم أعقب ذلك بذكر حال السماء حينئذ، وأنها تطوى طيا وكأنها لم تكن كما يطوي الكاتب الطومار الذي يكتب فيه، ويحول ذلك العالم المشاهد إلى عالم آخر فيخلق الله أرضا جديدة وكواكب جديدة ويعيد الناس للحساب، وهو القادر على ذلك، فكما قدر على خلقه أول مرة يعيده في حال أخرى كما قال :﴿ يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ﴾[ إبراهيم : ٤٨ ].
الإيضاح :
( ٣ ) ﴿ لا يحزنهم الفزع الأكبر ﴾ أي لا يخيفهم هول النفخة الأخيرة في الصور حين قيامهم من قبورهم للحساب كما قال :﴿ ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ﴾[ النمل : ٨٧ ].
( ٤ )﴿ وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ﴾ أي وتستقبلهم الملائكة بالبشرى من النجاة من العذاب قائلين لهم : هذا هو اليوم الذي كنتم توعدون في الدنيا بمجيئه، وتبشرون بما لكم فيه من الثواب، كفاء إيمانكم بالله وطاعتكم له، وتزكية أنفسكم بصالح الأعمال، بإتباعكم أوامر ربكم واجتنابكم نواهيه.
وقصارى ذلك : إنهم خلصوا من كل ما يكرهون، وفازوا بكل ما يحبون.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر سبحانه هول الموقف، ودعاء المشركين على أنفسهم بالهلاك في هذا الحين، وشخوص أبصارهم من الحيرة والدهش مما يشاهدون ويرون، أردف هذا ذكر ما يؤول إليه أمرهم بعد الحساب، وأنهم يكونون هم ومعبودا تهم من الأصنام والأوثان حطبا للنار حين يردونها، وأنهم من شدة العذاب فيها يكون لهم أنين وزفير، حتى لا يسمع بعضهم أصوات بعض، لفظاعة ما هم فيه من العذاب.
أما من كتبت له السعادة والنجاة من النار فأولئك يكونون مبعدين عنها لا يسمعون صوت لهيبها، ولا يخافون من أهوالها وآلامها، بل يكونون في نعيم دائم وتستقبلهم الملائكة مهنئين لهم قائلين : هذا يومكم الذي كنتم توعدون في الدنيا.
ثم أعقب ذلك بذكر حال السماء حينئذ، وأنها تطوى طيا وكأنها لم تكن كما يطوي الكاتب الطومار الذي يكتب فيه، ويحول ذلك العالم المشاهد إلى عالم آخر فيخلق الله أرضا جديدة وكواكب جديدة ويعيد الناس للحساب، وهو القادر على ذلك، فكما قدر على خلقه أول مرة يعيده في حال أخرى كما قال :﴿ يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ﴾[ إبراهيم : ٤٨ ].
تفسير المفردات :
والسجل : هو الصحيفة.
الإيضاح :
﴿ يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب ﴾ أي هم لا يفزعون حين تطوى السماء وتزال، وتأتي سماء أخرى جديدة، وكواكب أخرى، كما يطوى الطومار على ما يكتب فيه، لحفظه من الضياع والمحو.
والخلاصة : إنه لا يلحق الفزع حين تمحى رسوم السماء وتذهب آثارها، وتخلق أرض جديدة وكواكب جديدة.
﴿ كما بدأنا أول خلق نعيده ﴾أي وهكذا نخلقكم خلقا جديدا للحشر كي تحاسبوا، فالناس ترجع للحياة على طراز غير طراز الدنيا، وكذلك العوالم جميعها.
﴿ وعدا علينا إنا كنا فاعلين ﴾أي تلك الإعادة عدة منا كائنة لا محالة، ولا بد من تحققها، لأنا قادرون عليها.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أحوال كل من الكافرين والمؤمنين في الآخرة، ذكر أن الدنيا ليست كالآخرة، فلا يرثها إلا من كان قادرا على إصلاحها، والانتفاع بخيراتها، والاستفادة مما على ظاهرها وباطنها، فمن كان أحصف رأيا، وأحكم فكرا، ملكها وتسلط عليها، وجنى ثمارها واهتدى إلى ما أودع فيها من الخير.
ثم بين أن من أوحى إلى الرسول من الشرائع وضروب الهادية كاف جد الكفاية لمن يعتبر بسن الله في الكون، فيستفيد منها ما ينفعه في دينه ودنياه، فجميع ما جاء به الوحي من المواعظ وأحكام الشرائع هداية وذكرى لو تدبرها المتدبرون، وتأملها المنصفون.
تفسير المفردات :
الزبور : الكتب التي أنزلت على الأنبياء. والذكر : اللوح المحفوظ.
الإيضاح :
﴿ ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ﴾أي ولقد كتب الله عنده، وأثبت في قديم علمه الأزلي الذي لا ينسى، ثم أثبت في الكتب السماوية من بعد ذلك أن الأرض لا يعمرها من عباده إلا من يصلح لعمارتها من أي دين كان وأي مذهب انتحل.
وصلاح الأمة يقوم على أربعة عمد :
( ١ ) أن يكون قادتها علماء مفكرين، وساستها حكماء عادلين، بعيدين عن الجور والظلم والمحاباة، يأخذون بيد المظلوم وينصفونه من الظالم، ويعملون لخير الأمة وسعادتها، ويواصلون ليلهم بنهارهم في كل ما يرفع من شأنها، ويسمو بها على الأمم.
( ٢ ) أن يكون لها جيش منظم يحمي حريمها، ويدافع عنها إذا جد الجد، وأدلهم الخطب، و لن يكون كذلك إلا إذا كان فيه المهندسون و المخترعون و القادة البارعون، و لديه من السلاح وعدد الحرب ما يكشف عنه العلم من وسائل الدفاع، من طائرات وغواصات وسفن حربية وآلات للهدم والتدمير، وجند حذقوا فنون الحرب، وبلوا أساليبها المختلفة.
( ٣ ) أن يقوم أبناء الحرف المختلفة، من تجار وصناع وزراع بأداء أعمالهم على الوجه المرضي، وكل طائفة منها تظاهر الطوائف الأخرى وتعاونها لخير الجميع، وتقوم بما يجب نحوها من المساعدة فيما يكفل نجاح الأعمال.
( ٤ ) أن تنظم هذه الطوائف أعمالها بحيث تتوزع هذه المهن بين الأفراد بحسب حاجة الأمة إليها حتى لا تمد يدها إلى غيرها لمعونتها، ويكون في كل طائفة جماعة مبرزون، يفكرون فيما يرقى شؤون الطائفة، بحيث تنافس أمثالها في الأمم الأخرى أو تفوقها، بما أوتيت من حسن التدبير و التصرف.
وهذا حكم أيدته التجارب في سائر العصور لدى جميع الدول، فما من أمة تهاونت في هذه الأمور أو في شيء منها إلا حكم عليها بالفناء والزوال، وتواريخ الفرس والروم والأمم الإسلامية والدولة التركية تدل على صدق ما نقول.
ونحو الآية قوله تعالى :﴿ إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ﴾[ الأعراف : ١٢٨ ]، ﴿ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ﴾[ النور : ٥٥ ].
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أحوال كل من الكافرين والمؤمنين في الآخرة، ذكر أن الدنيا ليست كالآخرة، فلا يرثها إلا من كان قادرا على إصلاحها، والانتفاع بخيراتها، والاستفادة مما على ظاهرها وباطنها، فمن كان أحصف رأيا، وأحكم فكرا، ملكها وتسلط عليها، وجنى ثمارها واهتدى إلى ما أودع فيها من الخير.
ثم بين أن من أوحى إلى الرسول من الشرائع وضروب الهادية كاف جد الكفاية لمن يعتبر بسن الله في الكون، فيستفيد منها ما ينفعه في دينه ودنياه، فجميع ما جاء به الوحي من المواعظ وأحكام الشرائع هداية وذكرى لو تدبرها المتدبرون، وتأملها المنصفون.
تفسير المفردات :
والبلاغ : الكفاية. والعابد : من عمل بما يعمل من أحكام الشريعة وآدابها.
الإيضاح :
﴿ إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين ﴾ أي إن فيما ذكر في هذه السورة من أنظمة الدول و التسلط على ألطف الأشياء كالهواء، وعلى أصلبها كالحديد، ومن الجمع بين حرب الأعداء، والاستغراق في ذكر الله، وتسخير العمال في المباني العظيمة، واستخراج ما في البحار من أصناف اللآلئ، وما في باطن الأرض من مختلف المعادن لكفاية لقوم يجمعون بين العلم والعمل، إذ يعلمون أن العلم شجرة، ثمرتها العمل.
فعلى المسلمين قاطبة أن يصدعوا بما أمروا به في هذا الكتاب، وأن يعرضوا عن الجاهلين بأمور دينهم، فالله محاسبهم على أعمالهم، كما يحاسبهم على قدرهم الجسمية، وليعلموا أنه متى ذاعت هذه الآراء في الأمة، قامت كلها قومة رجل واحد، في تنظيم شؤونها، وتربية أبنائها تربية تؤهلهم أن يكونوا قادة العالم الإنساني.
المعنى الجملي : بعد أن ذكر أحوال كل من الكافرين والمؤمنين في الآخرة، ذكر أن الدنيا ليست كالآخرة، فلا يرثها إلا من كان قادرا على إصلاحها، والانتفاع بخيراتها، والاستفادة مما على ظاهرها وباطنها، فمن كان أحصف رأيا، وأحكم فكرا، ملكها وتسلط عليها، وجنى ثمارها واهتدى إلى ما أودع فيها من الخير.
ثم بين أن من أوحى إلى الرسول من الشرائع وضروب الهادية كاف جد الكفاية لمن يعتبر بسن الله في الكون، فيستفيد منها ما ينفعه في دينه ودنياه، فجميع ما جاء به الوحي من المواعظ وأحكام الشرائع هداية وذكرى لو تدبرها المتدبرون، وتأملها المنصفون.
الإيضاح :
﴿ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ﴾ أي وما أرسلناك بهذا وأمثاله من الشرائع والأحكام التي بها مناط السعادة في الدارين إلا لرحمة الناس وهدايتهم، في شؤون معاشهم ومعادهم.
بيان هذا أنه عليه الصلاة السلام أرسل بما فيه المصلحة في الدارين، إلا أن الكافر فوت على نفسه الانتفاع بذلك، وأعرض عما هنالك، لفساد استعداده وقبح طويته، ولم يقبل هذه الرحمة، ولم يشكر هذه النعمة، فلم يسعد لا في دين ولا دنيا، كما قال﴿ ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ( ٢٨ ) جهنم يصلونها و بئس القرار ﴾ [ إبراهيم : ٢٨- ٢٩ ] وقال في صفة القرآن :﴿ قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولئك ينادون من مكان بعيد ﴾[ فصلت : ٤٤ ] وقال ( ص ) :" إن الله بعثني رحمة مهداة ".
المعنى الجملي : بعد أن أورد سبحانه الحجج والبراهين، لإقناع الكافرين بأن رسالة الرسول حق، حتى لم يبق في القوس منزع، وبلغ الغاية التي ليس بعدها غاية، وبين أن هذا الرسول رحمة للعالمين، وهداية للناس أجمعين، وأن من اتبعه سلك سبيل الرشاد، ومن نأى عنه ضل وسار في طريق الغواية والعناد، أردف ذلك ما يكون إعذارا وإنذارا، في مجاهدتهم والإقدام على مناوأتهم بعد أن أعيته الحيل، وضاقت به السبل، ولم تغنهم الآيات والنذر، فتمادوا في غوايتهم، ولجوا في عنادهم، وأصبح من العسير إقناعهم وهدايتهم.
تفسير المفردات :
مسلمون : أي منقادون خاضعون.
الإيضاح :
﴿ قل إنما يوحي إلي أنما إلهكم إله واحد ﴾ أي قل لمشركي قومك ولمن بلغته الدعوة من غيرهم : ما أوحى إلي ربي إلا أنه لا إله إلا هو، فلا تصلح العبادة لسواه، فانقادوا لأمره، وأذعنوا لطاعته، وابتعدوا عن عبادة الأوثان والأصنام، وتبرؤوا منها حتى تسلكوا سبيل النجاة، وتفوزوا بالسعادة.
المعنى الجملي : بعد أن أورد سبحانه الحجج والبراهين، لإقناع الكافرين بأن رسالة الرسول حق، حتى لم يبق في القوس منزع، وبلغ الغاية التي ليس بعدها غاية، وبين أن هذا الرسول رحمة للعالمين، وهداية للناس أجمعين، وأن من اتبعه سلك سبيل الرشاد، ومن نأى عنه ضل وسار في طريق الغواية والعناد، أردف ذلك ما يكون إعذارا وإنذارا، في مجاهدتهم والإقدام على مناوأتهم بعد أن أعيته الحيل، وضاقت به السبل، ولم تغنهم الآيات والنذر، فتمادوا في غوايتهم، ولجوا في عنادهم، وأصبح من العسير إقناعهم وهدايتهم.
تفسير المفردات :
تولوا : أي أعرضوا. آذنتكم : أي أعلمتكم وكثر استعماله في الإنذار كما في قوله :﴿ فأذنوا بحرب من الله ورسوله ﴾ [ البقرة : ٢٧٩ ]. ما توعدون : من غلبة المسلمين عليكم.
الإيضاح :
﴿ فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء ﴾أي فإن أعرضوا عن اتباع ما أوحى إليك فقل لهم : هاأنذا أعلمكم بأني حرب لكم، كما أنكم حرب لي، فأنا بريء منكم كما أنكم برآء مني، وأنتم سواء في هذا الإعلام، لا أخص أحدا منكم دون أحد.
ونحو الآية قوله :﴿ وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون ﴾[ يونس : ٤١ ].
﴿ وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون ﴾أي وإن ما توعدون من غلب المسلمين عليكم واقع لا محالة، ولكن لا علم لي بقربه لا ببعده، لأن الله لم يطلعني على ذلك.
المعنى الجملي : بعد أن أورد سبحانه الحجج والبراهين، لإقناع الكافرين بأن رسالة الرسول حق، حتى لم يبق في القوس منزع، وبلغ الغاية التي ليس بعدها غاية، وبين أن هذا الرسول رحمة للعالمين، وهداية للناس أجمعين، وأن من اتبعه سلك سبيل الرشاد، ومن نأى عنه ضل وسار في طريق الغواية والعناد، أردف ذلك ما يكون إعذارا وإنذارا، في مجاهدتهم والإقدام على مناوأتهم بعد أن أعيته الحيل، وضاقت به السبل، ولم تغنهم الآيات والنذر، فتمادوا في غوايتهم، ولجوا في عنادهم، وأصبح من العسير إقناعهم وهدايتهم.
الإيضاح :
﴿ إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون ﴾أي إن الله يعلم ما تجهرون به من الطعن في الإسلام وتكذيب الآيات، ويعلم ما تكتمون من الأضغان والعداوات للمسلمين، فيجازيكم على قليل ذلك وجليله.
المعنى الجملي : بعد أن أورد سبحانه الحجج والبراهين، لإقناع الكافرين بأن رسالة الرسول حق، حتى لم يبق في القوس منزع، وبلغ الغاية التي ليس بعدها غاية، وبين أن هذا الرسول رحمة للعالمين، وهداية للناس أجمعين، وأن من اتبعه سلك سبيل الرشاد، ومن نأى عنه ضل وسار في طريق الغواية والعناد، أردف ذلك ما يكون إعذارا وإنذارا، في مجاهدتهم والإقدام على مناوأتهم بعد أن أعيته الحيل، وضاقت به السبل، ولم تغنهم الآيات والنذر، فتمادوا في غوايتهم، ولجوا في عنادهم، وأصبح من العسير إقناعهم وهدايتهم.
تفسير المفردات :
فتنة : أي اختبار.
الإيضاح :
﴿ وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ﴾أي وما أدري سبب تأخير جزائكم، ولعل ذلك زيادة في افتتانكم وامتحانكم، لينظر كيف تعملون، وإنه ليؤخركم إلى حين، كي تتمتعوا بلذات الدنيا مع إعراضكم عن الإيمان، فيكون في ذلك زيادة عذابكم، لأن المعرض عن الإيمان مع توالي الآيات وتتابع البينات والنذر يكون عقابه أشد.
المعنى الجملي : بعد أن أورد سبحانه الحجج والبراهين، لإقناع الكافرين بأن رسالة الرسول حق، حتى لم يبق في القوس منزع، وبلغ الغاية التي ليس بعدها غاية، وبين أن هذا الرسول رحمة للعالمين، وهداية للناس أجمعين، وأن من اتبعه سلك سبيل الرشاد، ومن نأى عنه ضل وسار في طريق الغواية والعناد، أردف ذلك ما يكون إعذارا وإنذارا، في مجاهدتهم والإقدام على مناوأتهم بعد أن أعيته الحيل، وضاقت به السبل، ولم تغنهم الآيات والنذر، فتمادوا في غوايتهم، ولجوا في عنادهم، وأصبح من العسير إقناعهم وهدايتهم.
تفسير المفردات :
واحكم : أي اقض. و بالحق : أي العدل ؛ والمراد بذلك تعجيل العذاب لهم. ما تصفون : أي ما تقولون وتفترون من الكذب كقولكم :﴿ بل افتراه بل هو شاعر ﴾[ الأنبياء : ٥ ] وقولكم : إن للرحمن ولدا.
الإيضاح :
﴿ قال رب احكم بالحق ﴾ أي قال الرسول : رب افصل بيني وبين من كذبني من مشركي قومي، وكفر بك وعبد غيرك، بإحلال عذابك ونقمتك به بالعدل الذي يقتضى تعجيل العذاب به، وتشديده عليه.
وخلاصة ذلك : رب عجل بعذابهم وقد أجاب الله دعوته وأنزل بهم العذاب الأليم يوم بدر.
قال قتادة : كان الأنبياء يقولون :﴿ ربنا افتح بينا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ﴾[ الأعراف : ٨٩ ] فأمر رسول الله أن يقول ذلك.
﴿ وربنا الرحمان المستعان على ما تصفون ﴾أي والله المستعان على ما تصفون، من الشرك والكفر والكذب والأباطيل، كقولكم إن الله اتخذ ولدا، وقولكم في الرسول﴿ بل افتراه بل هو شاعر ﴾[ الأنبياء : ٥ ].
وخلاصة ذلك : إنه طلب من ربه أن يحكم بما يظهر الحق للجميع، وأمره ربه أن يتوعد الكفار بقوله :﴿ وربنا الرحمان المستعان على ما تصفون ﴾.
وقد كثر استعمال الوصف في الكتاب الكريم بمعنى الكذب كقوله :﴿ ولكم الويل مما تصفون ﴾[ الأنبياء : ١٨ ] وقوله :﴿ سيجزيهم وصفهم ﴾[ الأنعام : ١٣٩ ] وصلى الله على محمد وآله.