ﰡ
قال أبو عمر : قد قيل ما قال ثعلب. وقيل : أنه خرج مغاضبا لنبي كان في زمانه. وهذان القولان للمتأخرين، وأما المتقدمون فإنهم قالوا : خرج مغاضبا لربه٢، روي ذلك عن ابن مسعود، والشعبي، والحسن البصري، وغيرهم، ولولا خروجنا عما له قصدنا، لذكرنا خبره وقصته ههنا٣. ( ت : ١٨/٤٥ )
٢ أي مغاضبا من أجل ربه، انظر الجامع لأحكام القرآن: ١١/٣٢٩..
٣ قال ابن كثير: هذه القصة مذكورة ههنا وفي سورة الصافات وفي سورة ن، وذلك أن يونس بن متى – عليه السلام- بعثه الله إلى أهل قرية نينوى، وهي قرية من أرض الموصل، فدعاهم إلى الله تعالى، فأبوا عليه وتمادوا على كفرهم، فخرج من بين أظهرهم مغاضبا لهم ووعدهم بالعذاب بعد ثلاث، فلما تحققوا منه ذلك وعلموا أن النبي لا يكذب، خرجوا على الصحراء بأطفالهم وأنعامهم ومواشيهم. وفرقوا بين الأمهات وأولادها ثم تضرعوا إلى الله- عز وجل- وجأروا إليه. ورغت الإبل وفصلاتها، وخارت البقر وآولادها وثغت الغنم وسخالها. فرفع الله عنهم العذاب. قال الله تعالى: ﴿فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين﴾.
وأما يونس – عليه السلام- فإنه ذهب فركب مع قوم في سفينة ملججة بهم وخافوا أن يغرقوا فاقترعوا على رجل يلقونه من بينهم يتخففون منه فوقعت القرعة على يونس فأبوا أن يلقوه ثم أعادوها فوقعت عليه أيضا فأبوا ثم أعادوها فوقعت عليه أيضا. قال الله تعالى ﴿فساهم فكان من المضحضين﴾. أي وقعت عليه القرعة، فقام يونس- عليه السلام- وتجرد من ثيابه ثم ألقى نفسه في البحر وقد أرسل الله سبحانه من البحر الآخر- فيما قاله ابن مسعود- حوتا يشق البحار وحتى جاء فالتقم يونس حين ألقى نفسه من السفينة، فأوحى الله إلى ذلك الحوت أن لا تأكل له لحما ولا تهشم له عظما، فإن يونس ليس لك رزقا. وإنما بطنك تكون له سجنا". تفسير ابن كثير: ٣/١٩٢-١٩٣..