سورة المزمل
[ ١ ] تلاوة القرآن
التحليل اللفظي ﴿ المزمل ﴾ : قال اللغويّون :« المزّمل » الملتف في ثيابه، وأصله ( المتزمّل ) فأدغمت التاء في الزّاي فثقّلت، وكل من التفّ بثوبه فقد تزمّل قال امرؤ القيس :
كأنّ أبانا في أفَانينِ وَدْقِهِ
كبيرُ أُناسٍ في بجَادٍ مزمّل
وقال ذو الرمّة : ومن نائمٍ عن ليلها متزمّل. ﴿ وَرَتِّلِ القرآن ﴾ : قال الزجّاج : رتّل القرآن ترتيلاً : بيّنه تبيناً، والتبيين لا يتم إلاّ بإظهار جميع الحروف، وتوفيتها حقها من الإشباع.
وقال المبرّد : أصله من قولهم : ثغر رتل إذا كان بين الثنايا افتراق ليس بالكثير، وقال الليث : الترتيل تنسيق الشيء، وثغر رتل : حسن التنضيد.
ومعنى الآية : اقرأ القرآن على تُؤدة، وتمهّل، وتبيين حروف، مع تدبر المعاني. ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ الليل ﴾ : أوقات الليل وساعاته، سميت بذلك لأنها تنشأ شيئاً بعد شيء، يقال : نشأ السحاب إذا ابتدأ، فناشئة ( فاعلة ) من نشأت تنشأ فهي ناشئة، والمراد ساعات الليل الناشئة، فاكتفى بالوصف ع الاسم.
وقال الزمخشري : ناشئة الليل : النفس الناشئة بالليل، التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة أي تنهض، وأنشد ابن السكيت :
فلمّا أن تَنَشّأ قام خِرْق
من الفتيان مختَلَق هضوم
﴿ أَشَدُّ وَطْأً ﴾ : أي أثقلُ على المصلي من ساعات النهار، من قول العرب : اشتدت علينا وطأةُ السلطان، إذا ثقل عليهم ما حمَّلهم من المؤن وفي الحديث :« اللهمّ اشدُدْ وطأتك على مُضَر » فالليل وقت النوم والراحة، فمن شغله بالعبادة فقد تحمل المشقة العظيمة.
والمعنى : إن قيام الليل للعبادة، وقضاء ساعاته في الطاعة، أشدّ ثقلاً على النفس، وأرجى عند الله وأقوم. ﴿ وَأَقْوَمُ قِيلاً ﴾ : أي أشدّ استقامة واستمراراً، وأكثر استقامة على نهج الحق والصواب، لأن الليل تهدأ فيه الأصوات، وتنقطع فيه الحركات فتخلص فيه القراءة، ويفرغ القلب لفهم التلاوة، فلا يكون دون تسمعه وتفهمه حائل. ﴿ سَبْحَاً ﴾ : قال المبرّد : سبحاً أي تقلباً وتصرفاً في المهمّات كما يتردّد السابح في الماء قال الشاعر :
أباحوا لكم شرقَ البلاد وغربَها
ففيها لكم يا صَاحِ سبْحٌ من السّبْح
قال في « اللسان » : السّبْح : الفراغ وفي التنزيل ﴿ سَبْحَاً طَوِيلاً ﴾ إنما يعني به فراغاً طويلاً وتصرفاً، وقيل : معناه : لك في النهار ما تقضي حوائجك.
وقال الزجاج : إن فاتك من الليل شيء من النوم والراحة، فلك في النهار فراغ فاصرفه إليه.
وقال ابن عباس : لك في النهار فراغ لنومك وراحتك، فاجعل ناشئة الليل لعبادتك. ﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ﴾ : التبتّل الانقطاع إلى العبادة، ومنه قيل لمريم عليها السلام ( البتول ) لأنها انقطعت إلى الله تعالى في العبادة، وأصل البتل : القطع، ويقال للراهب ( متبتّل ) لانقطاعه عن الناس، وانفراده بالعبادة قال امرؤ القيس :
تضيءُ الظّلامَ بالعشَاء كأنها
مَنَارة مُمْسى راهبٍ متبتّل
606
﴿ هَجْراً جَمِيلاً ﴾ : أي لا تتعرض لهم، وجانبهم ولا تقابلهم بمثل إساءتهم.
المعنى الإجمالي
يقول الله تعالى ما معناه مخاطباً نبيّه الكريم : يا أيها المتزمّل المتلفّف في ثيابه، قم للأمر العظيم الذي ينتظرك، قم للجهد والنصب، والكدّ والتعب، فقد مضى وقت الراحة، قم فشمّر عن ساعد الجد، وأحي الليل كلّه أو نصفه أو أقل قليلاً، بالصلاة والتضرع، والعبادة والتخشع، لتستعد لنفحاتنا القدسيّة، لأننا سنوحي إليك بهذا القرآن العظيم، الثقيل في الوزن العظيم في الأجر، الرصين في الجزالة والتعبير، فاقرأه بتدبر وتبصر في قيامك بالليل، ورتّله على مهل بخشوع وإنابة فإن قيام الليل بالصلاة، وقضاء ساعاته في الطاعة، أشدّ ثقلاً على النفس، وأرجى للقبول عند الله.
ولك يا محمد في النهار تقلباً طويلاً من مهامّك، فاجعل ناشئة الليل لعبادتك، واذكر اسم ربك لتستمدّ قوّتك منه، وانقطع لعبادته ولا تتوجّه لأحد سواه، فهو الناصر والمعين، وهو رب العزّة، ذو الجلال والإكرام الذي لا يخيب من التجأ إليه، فاجعله وكيلاً لك في جميع الأمور.
واصبر يا محمد على تكذيب قومك لك، وعن صدودهم وإعراضهم عن دعوتك، ولا تتعرضّ لهم ولا تقابلهم بمثل إساءتهم، واهجرهم بالحسنى حتى يجعل الله لك من أمرك فرجاً ومخرجاً، بالنصر عليهم ونصر الله قريب.
وجوه القراءات
١- قرأ الجمهور ﴿ يا أيها المزَّمّل ﴾ بتشديد الزاي والميم، وقرأ أبَيّ بن كعب وأبو العالية ﴿ المتزمّل ﴾ بإظهار التاء على الأصل.
٢- قرأ الجمهور ﴿ هي أشدّ وَطْاً ﴾ وقرأ ابن عامر وأبو عمرو ﴿ وِطاءً ﴾ بكسر الواو مع المدّ وقرأ ابن محيصن ﴿ أشدّ وَطَاءً ﴾ بفتح الواو، والطاء، وبالمدّ.
وجوه الإعراب
١- قوله تعالى :﴿ ياأيها المزمل * قُمِ اليل إِلاَّ قَلِيلاً ﴾. ( المزمّلُ ) صفة ل ( أيّ ) قال ابن مالك : وأيّها مصحوبَ ( أل ) بعدُ صفة. و ( نصفَه ) بدل من الليل، بدل بعضٍ من كلّ.
قال الزمخشري :( نصفَه ) بدل من الليل، و ( إلاّ قليلاً ) استثناء من النصف، كأنه قال : قم أقل من نصف الليل، والضمير في ( منه ) يعود للنصف.
٢- قوله تعالى :( أشدّ وطأ ) لفظ ( أشدّ ) خبر المبتدأ، و ( وطأ ) تمييز، وجملة ( هي أشدُّ وطأً ) خبر ( إنَّ ).
٣- قوله تعالى :﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ﴾ تبتّلْ : أمر و ( تبتيلاً ) مفعول مطلق وهو غير جارٍ على فعله، والأصل فيه أن يُقال ( تبتّلاً ) ولأن وزن ( تفعيل ) إنما تجيء في مصدر ( فعَّل ) كقولهم : رتَل ترتيلاً، وأما وزن ( تفعّل ) فيأتي المصدر ( تفعّلا ) إلا أنهم قد يُجرون المصدر على غير فعله كقول الشاعر :
وخير الأمر ما استقبلتَ منه
وليس بأن تتّبعَه اتّباعاً
فأجرى اتباعاً مصدراً على ( تتبّع ) والقياس ( تتبّعاً ) والشواهد على هذه كثيرة.
لطائف التفسير
اللطيفة الأولى : الحكمة في ندائه ﷺ بوصف التزمل هو إرادة ( الملاطفة والإيناس ) على نحو ما كان عليه العرب في مخاطباتهم من اشتقاق اسم للمخاطب من صفته التي هو عليها كقول النبي ﷺ لعلي كرّم الله وجهه، لمّا غاضب فاطمة وذهب إلى المسجد فنام فيه - وكان قد لصق بجنبه التراب- : قم أبا تراب، قم أبا تراب، للمؤانسة والملاطفة.
607
اللطيفة الثانية : سبب التزمل ما روي في الصحيح عن رسول الله ﷺ أنه قال : « جاورتُ بحراء فلمّا قضيتُ جواري هبطت فنوديت، فنظرتُ عن يميني فلم أر شيئاً، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئاً، ونظرتُ خلفي فلم أر شيئاً، فرفعت رأسي فإذا الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فجُثثْتُ ( فزعت ) منه رعباً فرجعت فقلت : زمّلوني زمّلوني، فأنزل الله ﴿ ياأيها المدثر ﴾ [ المدثر : ١ ] و ﴿ ياأيها المزمل ﴾ ».
فسببُ التزمل هو ما عراه ﷺ من الرعب والفزع من رؤية الملك على صورته الملكيّة.
اللطيفة الثالثة : ذكر الله تعالى في كتابه العزيز ثلاثة أشياء وصفها ب ( الجميل ) وأمر بها نبيّه ﷺ وهي : قوله تعالى :﴿ فاصبر صَبْراً جَمِيلاً ﴾ [ المعارج : ٥ ]... ﴿ واهجرهم هَجْراً جَمِيلاً ﴾... ﴿ فاصفح الصفح الجميل ﴾ [ الحجر : ٨٥ ].
فالصبرُ الجميل الصبرُ الذي لا شكوى معه.
والهجرُ الجميل الهجرُ الذي لا أذيّة معه.
والصفح الجميل الصفحُ الذي لا عتاب معه.
اللطيفة الرابعة :« في الصحيح أنه ﷺ كان يقوم الليل حتى تفطرت قدماه، فقالت له السيّدة عائشة : أتفعل هذا بنفسك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فقال لها عليه السلام : أفلا أكونُ عبداً شكوراً » !! فصلوات ربي وسلامه على نبيّه المصطفى وحبيبه المجتبى.
الأحكام الشرعية
الحكم الأول : هل قيام الليل كان فريضة على الرسول ﷺ ؟
ظاهر قوله تعالى :﴿ قُمِ اليل إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ أن التهجد كان فريضة عليه ﷺ وأنّ فرضيته كانت خاصة به، وممّا يدل عليه قوله تعالى في سورة الإسراء [ ٧٩ ] ﴿ وَمِنَ الليل فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ ﴾ فإنّ قوله :﴿ نَافِلَةً لَّكَ ﴾ بعد الأمر بالتهجد ظاهر في أن الوجوب من خصائصه ﷺ وليس معنى النافلة في هذه الآية ما يجوز فعله وتركه، فإنه على هذا الوجه لا يكون خاصاً به ﷺ، بل معنى كونه التهجد نافلة له أنه شيء زائد على ما هو مفروض على سائر الأمة.
وقد كان المؤمنون يصلون مع الرسول ﷺ حتى ورمت أقدامهم وسوقهم من القيام، فنسخ الله تعالى ذلك بقوله في آخر السورة :﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أدنى مِن ثُلُثَيِ الليل وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ الذين مَعَكَ... ﴾ [ المزمل : ٢٠ ] إلى قوله :﴿ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فاقرءوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القرآن ﴾ [ المزمل : ٢٠ ] الآية.
قال ابن عباس : وكان بين أول هذا الإيجاب وبين نسخه سنة.
608
وقال جماعة من المفسّرين : ليس في القرآن سورة نسخَ آخرُها أوّلَها سوى هذه الآية.
الحكم الثاني : هل تجوز قراءة القرآن بالتلحين؟
أمر الله جلّ ثناؤه بترتيل القرآن ﴿ وَرَتِّلِ القرآن تَرْتِيلاً ﴾ أي اقرأه على تؤده وتمهل وتبين حروف، بحيث يتمكن السامع من استيعابه وتدبر معانيه.
ولا خلاف بين العلماء أن قراءة القرآن بالترتيل بمعنى التجويد، وهو تبيين الحروف، وتحسين المخارج، وإظهار المقاطع حسن مطلوب، إنما الكلام في التغنّي به وتلحينه هل هو جائز أم ممنوع؟
وقد اختلفت فيه آراء الأئمة الفقهاء، تبعاً لاختلاف الصحابة والتابعين، ونحن نذكر مذاهبهم مع أدلة كلّ فريق بشيء من التفصيل، فنقول ومن الله نستمدّ العون :
مذاهب الفقهاء في القراءة بالتلحين :
أولاً : مذهب ( المالكية والحنابلة ) : كراهة القراءة بالتلحين، وهو منقول عن ( أنس بن مالك ) و ( سعيد بن المسيّب ) و ( سعيد بن جبير ) و ( القاسم بن محمد ) و ( الحسن البصري ) و ( إبراهيم النخعي ) و ( ابن سيرين ).
ثانياً : مذهب ( الحنفيّة والشافعية ) : جواز القراءة بالتلحين، وهو منقول عن :( عمر بن الخطاب ) و ( ابن عباس ) و ( ابن مسعود ) و ( عبد الرحمن بن الأسود بن زيد ) وقد ذهب إليه من المفسرين ( أبو جعفر الطبري ) و ( أبو بكر بن العربي ).
أدلة المذهب الأول :
أ- حديث :« أقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتهم، وإيّاكم ولحونَ أهل الكتاب والفسق، فإنه يجيءُ من بعدي أقوام يرجّعُون بالقرآن ترجّع الغناء والنوح، لا يجاوز حناجرهُمْ، مفتونةٌ قلوبُهم وقلوبُ الذين يعجبهم شأنُهم ».
فقد نعى عليه السلام على من يرجّع بالقرآن ترجيع الغناء والنوح على نحو ما يفعله أكثر قرّاء هذا العصر.
ب- حديث :« يتخذون القرآن مزامير، يقدّمون أحدهم ليس بأقرئهم ولا أفضلهم ليغنّيَهم غناءً ».
ج - حديث :« إنّ الأذانَ سهلٌ سمحٌ، فإن كان أذانُك سهلاً سمحاً وإلاَّ فلا تؤذّن » قالوا : فقد كره النبي ﷺ أن يطرب المؤذن في أذانه، فدلّ ذلك على أنه يكره التطريب في القراءة بطريق الأولى.
د- وقالوا أيضاً : إن التغنّي والتطريب يؤدي إلى أن يزاد على القرآن ما ليس منه، وذلك لأنه يقتضي مدّ ما ليس بممدود، وهمز ما ليس بمهموز، وجعل الحرف الواحد حروفاً كثيرة وهو لا يجوز، هذا إلى أن التلحين من شأنه أن يلهي النفوس بنغمات الصوت، ويصرفها عن الاعتبار والتدبر لمعاني القرآن الكريم.
وقد سئل ( مالك ) عن الألحان في الصلاة فقال : لا تعجبني، وقال : إنما هو غناء يتغنّون به ليأخذوا عليه الدراهم.
وروي عن الإمام ( أحمد ) أنه كان يقول : قراءة الألحان ما تعجبني، والقراءة بها بدعة لا تسمع.
وسئل : ما تقول في القراءة بالألحان؟ فقال للسائل : ما اسمك؟ قال : محمد، قال له : أيسرّك أن يقال لك : يا موحامد ممدوداً؟
أدلة المذهب الثاني :
واستدل المجيزون للقراءة بالتلحين وهم ( الحنفية والشافعية ) بأدلة نوجزها فيما يلي :
أ- حديث :
609
« زينوا القرآن بأصواتكم ».
ب- حديث :« ليس منّا من لم يتغنّ بالقرآن ».
ج - حديث عبد الله بن مغفّل قال :( لقد أعطيتَ مزماراً من مزامير آل داود ) فقال له أبو موسى :( لو علمت أنك تسمع لحبّرته لك تحبيراً ).
ه - حديث :« ما أذِنَ الله لشيء أذنَه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن ».
و- وقالوا أيضاً : إنّ الترنّم بالقرآن والتطريب بقراءته من شأنه أن يبعث على الاستماع والإصغاء، وهو أوقع في النفس، وأنفذ في القلب وأبلغ في التأثير.
وقد روى الطبري : عن عمر بن الخطاب أنه كان يقول لأبي موسى الأشعري : ذكّرنا ربنا، فيقرأ أبو موسى ويتلاحن فيقول عمر : من استطاع أن يتغنى بالقرآن غناء أبي موسى فليفعل.
وكان ابن مسعود : تعجبه قراءة ( علقمة الأسود ) - وكان حسن الصوت - فكان يقرأ له علقمة، فإذا فرغ قال له : زدني فداك أبي وأمي.
هذه خلاصة موجزة لأدلة الفريقين، وأنت إذا أمعنت النظر وجدت أن الخلاف بينهم يكان يكون ( شكلياً ) لا ( جوهرياً ) فالفقهاء جميعاً متفقون على حرمة قراءة القرآن بالأنغام، التي لا تراعى فيها أحكام التجويد، كمدّ المقصور، وقصر الممدود، وترقيق المفخّم، وتفخيم المرقق، وإظهار ما ينبغي إدغامه، وإخفاء ما ينبغي إظهاره... إلخ، والتي يكون الغرض منها ( التطريب ) وإظهار جمال الصوت فحسب دون تقيّد بالأحكام وآداب التلاوة، كما يفعله بعض الجهلة من قراء هذا العصر، فإن هذا لا يشك أحد في تحريمه.
أما إذا كان المراد ب ( التلحين ) هو تحسين الصوت بالقراءة وإخراج الحروف سليمة من مخارجها، دون تعقر أو تمطيط، مع تطبيق أحكام التجويد ومراعاة الوقوف والمدود فإن هذا لا يقول أحد بتحريمه، لأن الصوت الحسن يزيد في جمال القرآن، وله أثر في نفس الإنسان، وقد استمع النبي ﷺ إلى قراءة بعض أصحابه، فأعجب بحسن صوته حتى قال لأبي موسى الأشعري :« لقد أعطيتَ مزماراً من مزامير آل داود » والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
تمّ بعونه تعالى الجزء الثاني من كتاب « روائع البيان » وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
610
سورة المزمل
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات
سورة (المُزمِّل) سورة مكية، نزلت بعد سورة (القلم)، وقد ابتدأت بملاطفةِ النبي صلى الله عليه وسلم بوصفِه بـ(المُزمِّل)، وتثبيتِه وتهيئته لحَمْلِ هذه الدعوةِ العظيمة؛ بأن يَتجرَّدَ لله، ويُحسِنَ التوكل عليه، لا سيما في قيامه الليل، وكما أرشدت النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلى بَدْءِ الدعوة، فإنها جاءت بتهديدِ الكفار ووعيدهم.
ترتيبها المصحفي
73
نوعها
مكية
ألفاظها
200
ترتيب نزولها
3
العد المدني الأول
20
العد المدني الأخير
18
العد البصري
19
العد الكوفي
20
العد الشامي
20
* كان بين نزولِ أول (المُزمِّلِ) وآخرِها سنةٌ:
عن عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «لمَّا نزَلتْ أوَّلُ المُزمِّلِ، كانوا يقومون نحوًا مِن قيامِهم في شهرِ رمضانَ، حتى نزَلَ آخِرُها، وكان بَيْنَ أوَّلِها وآخِرِها سنةٌ». أخرجه أبو داود (١٣٠٥).
* (المُزمِّل):
سُمِّيت سورة (المُزمِّل) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بوصفِ النبي صلى الله عليه وسلم بـ(المُزمِّل)؛ قال تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا اْلْمُزَّمِّلُ}[المزمل: 1].
1. إرشاد النبيِّ صلى الله عليه وسلم في بَدْءِ الدعوة (١-١٠).
2. تهديد الكفار وتوعُّدُهم (١١-١٩).
3. تذكيرٌ وإرشاد بأنواع الهداية (٢٠).
ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (8 /430).
مقصدُ السورة ملاطفةُ النبي صلى الله عليه وسلم بوصفه بـ(المُزمِّل)، وتثبيتُه على حَمْلِ رسالة هذا الدِّين؛ بالالتزام بمحاسنِ الأعمال، ولا سيما الصلاة في جوف الليل؛ ليَتجرَّدَ لله، ويُحسِنَ الالتجاء إليه؛ ليُكمِل تبيلغَ هذه الرسالة الثقيلة العظيمة، التي يَخِفُّ حَمْلُها بحُسْنِ التوكل على الله.
ينظر: "مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور" للبقاعي (3 /131)، "التحرير والتنوير" لابن عاشور (29 /255).