ﰡ
مكية، وآيها: سبع عشرة آية، وحروفها مئتان وثمانية وأربعون حرفًا، وكلمها: إحدى وستون كلمة.
بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ
﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (١)﴾.[١] ﴿وَالسَّمَاءِ﴾ هي السماء المعروفة ﴿وَالطَّارِقِ﴾ النجم؛ لأنه يطرق، أي: يطلع ليلًا، وكلُّ ما ظهر (١) أو أتى ليلًا، فهو طارق.
* * *
﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (٢)﴾.
[٢] ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ﴾ عبر عنه أولًا بوصف عام.
* * *
﴿النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣)﴾.
[٣] ثم فسره بما يخصه تفخيمًا لشأنه فقال: ﴿النَّجْمُ الثَّاقِبُ﴾ المضيء؛
* * *
﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (٤)﴾.
[٤] وجواب القسم: ﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ﴾ (إنْ) مخففة من الثقيلة ﴿لَمَّا عَلَيْهَا﴾.
قرأ أبو جعفر، وابن عامر، وعاصم، وحمزة: (لَمَّا) بتشديد الميم بمعنى (إلا) عليها، وقرأ الباقون: بتخفيفها صلة مؤكدة (١)، مجازه: إنْ كلُّ نفسٍ لَعليها.
﴿حَافِظٌ﴾ من الملائكة يحصي أعمالها، ويعدها للجزاء عليها، وبهذا الوجه تدخل الأمة في الوعيد الزاجر.
* * *
﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (٥)﴾.
[٥] ﴿فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ﴾ نظرَ اعتبار ﴿مِمَّ﴾ أي: من أي شيء ﴿خُلِقَ﴾ وقف البزي، ويعقوب بخلاف عنهما: (مِمَّهْ) بزيادة هاء بعد الميم.
* * *
﴿خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦)﴾.
[٦] وجواب الاستفهام: ﴿خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ أي: مدفوق، ونسبة الدفق
* * *
﴿يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (٧)﴾.
[٧] ﴿يَخرُجُ﴾ أي: ينزع ﴿مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ﴾ من الرَّجل، وهو الظهر.
﴿وَالتَّرَائِبِ﴾ جمع تريبة (١)، وهي عظام الصدر من المرأة.
* * *
﴿إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (٨)﴾.
[٨] ﴿إِنَّهُ﴾ أي: الله تعالى ﴿عَلَى رَجْعِهِ﴾ أي: ردِّ الإنسان حيًّا بعد موته.
﴿لَقَادِرٌ﴾ يرجعه.
* * *
﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩)﴾.
[٩] ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ تُختبر الضمائر.
عن النبي - ﷺ -: "إنَّ السرائرَ التي يبتليها اللهُ من العباد: التوحيدُ، والصلاةُ، والزكاةُ، والغسلُ من الجنابة" (٢).
(٢) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (٢٧٥١)، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه نحوه. انظر: "تفسير البغوي" (٤/ ٥٩٤)، و "المحرر الوجيز" لابن عطية (٥/ ٤٦٦).
[١٠] ﴿فَمَا لَهُ﴾ لمنكر البعث ﴿مِنْ قُوَّةٍ﴾ يمتنع بها من العذاب.
﴿وَلَا نَاصِرٍ﴾ ينصره منه.
* * *
﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (١١)﴾.
[١١] ﴿وَالسَّمَاءِ﴾ تحتمل في هذا القَسَم أن تكون المعروفة، وتحتمل أن تكون السحاب ﴿ذَاتِ الرَّجْعِ﴾ أي: المطر، وسمي رجعًا؛ لرجوعه في كل أوان وكل وقته.
* * *
﴿وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (١٢)﴾.
[١٢] ﴿وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ الشق عن النبات، المعنى: أنه تعالى أقسم بهما إيماءً إلى المنة عليهم.
* * *
﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣)﴾.
[١٣] وجواب القسم: ﴿إِنَّهُ﴾ أي: القرآن ﴿لَقَوْلٌ فَصْلٌ﴾ محكم بين الحق والباطل.
* * *
﴿وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (١٤)﴾.
[١٤] ﴿وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾ باللعب، والهزل: ما استعمل في غير ما وضع
* * *
﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥)﴾.
[١٥] ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا﴾ يعملون المكائد للنبي - ﷺ -.
* * *
﴿وَأَكِيدُ كَيْدًا (١٦)﴾.
[١٦] ﴿وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ جزاء كيدهم؛ بإمهالي لهم؛ ثم أنتقم منهم، وسمى عقابهم كيدًا على العرف في تسمية العقوبة باسم الذنب.
* * *
﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (١٧)﴾.
[١٧] ﴿فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ﴾ وعيد من الله، وفيه إشعار أن عقابهم متأخر حتى ظهر ببدر وغيره ﴿أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾ قليلًا، ومَهَّل وأمهلَ معناهما: الانتظار، ﴿رُوَيْدًا﴾ مصدر تصغير رَوْد، وفي هذه الآية موادعة نسختها آية السيف، والله أعلم.
* * *