تفسير سورة الأحزاب

تفسير غريب القرآن للكواري
تفسير سورة سورة الأحزاب من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري .
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿زَاغَت الْأَبْصَارُ﴾ مَالَتْ، فَزَيْغُ البَصَرِ ألَّا يَرَى ما يَتَوَجَّهُ إليه أو يريدُ أن يَتَوَجَّهَ إلى صَوْبٍ فيقعُ إلى صوبٍ آخَرَ من شِدَّةِ الرُّعْبِ.
﴿وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا﴾ بالخوفِ والقلقِ والجوعِ لِيَتَبَيَّنَ إيمانُهم ويزيدَ إِيقَانُهُمْ.
﴿يَا أَهْلَ يَثْرِبَ﴾ يُرِيدُونَ «يا أهلَ المدينةِ»، فَنَادَوْهُمْ باسمِ الوطنِ المُنْبِئِ عن التسميةِ فيه، إشارةً إلى أن الدينَ والأخوةَ الإيمانيةَ ليس لَهُمَا في قلوبهم قَدْرٌ، وأن الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى ذلك مجردُ الخورِ الطبيعيِّ.
﴿إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ﴾ مُنْكَشِفَةٌ لِلْعَدُوِّ، أو خاليةٌ لمن أرادَ دُخُولَهَا.
﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا﴾ أي: لو دَخَلَ الكفارُ إليها من نَوَاحِيهَا.
﴿المُعَوِّقِينَ﴾ المُثَبِّطِينَ الَّذِينَ يُعَوِّقُونَ المسلمين عن الجهادِ وَيَمْنَعُونَهُمْ بِأَقْوَالِهمْ وَأَفْعَالِهمْ.
﴿أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ﴾ جَمْعُ: شَحِيحٍ، أي: يَشُحُّونَ بِالخيرِ أو الغنيمةِ أو القتالِ.
﴿سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ﴾ آذَوْكُمْ بالكلامِ الشديدِ، ومنُّوا عليكم بالحضورِ مَعَكُمْ، وَخَاصَمُوكُمْ بطلبِ الغنيمةِ، ففي الحربِ جُبَنَاءُ، وفي الغَيْبَةِ وَالخُصُومَةِ بُلَغَاءُ، وَالسَّلْقُ: شِدَّةُ القَوْلِ باللسانِ، وَسَلَقَهُ بالكلامِ: آذَاهُ به، وَالحِدَادُ: جَمْعُ حَدِيدٍ، أي: شَدِيدٍ.
﴿مِن صَيَاصِيهِمْ﴾ مِنْ حُصُونِهِمْ، والصِّيصَةُ: الحِصْنُ، وكل ما امْتُنِعَ به، والجمع صَيَاصٍ.
﴿وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ أي: أُفَارِقُكُنَّ من دون مُغَاضَبَةٍ ولا مُشَاتَمَةٍ، بل بِسَعَةِ صَدْرٍ، وانشراحِ بَالٍ.
﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ﴾ ولم يَقُلْ: «فَلَا تَلِنَّ بِالْقَوْلِ»؛ وذلك لأن المنهيَّ عنه القولُ اللَّيِّنُ الَّذِي فيه خضوعُ المرأةِ للرجلِ، وَانْكِسَارُهَا عنده، والخاضعُ هو: الَّذِي يطمع فيه، بخلاف مَنْ تَكَلَّمَ كلامًا لَيِّنًا ليس فيه خضوعٌ، بل ربما صار فيه ترفعٌ وَقَهْرٌ للخَصْمِ.
﴿فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾ أي: مرضُ شهوةِ الحرامِ، فإنه مُسْتَعِدٌّ، ينتظر أَدْنَى مُحَرِّكٍ يحركه؛ لأن قلبَه غيرُ صحيح؛ فإن القلبَ الصحيحَ ليس فيه شهوةٌ لِما حَرَّمَ اللهُ.
﴿أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ﴾ أي: بالإسلامِ.
﴿وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾ بالعتقِ والإرشادِ والتعليمِ حين جاءك مُشَاوِرًا في فِرَاقِهَا.
﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا﴾ أي: طَابَتْ نَفْسُهُ، وَرَغِبَ عنها وَفَارَقَهَا.
﴿خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ﴾ أي: وَأَبَحْنَا لك أيها النبيُّ ما لم نُبِحْ لهم، ووسعنا عليك ما لم نُوَسِّعْ عَلَى غَيْرِكَ.
﴿غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾ غير مُنْتَظِرِينَ وقتَ استوائه، وَمُتَحَيِّنِينَ نُضْجَهُ.
﴿يُدْنِينَ﴾ يُرْخِينَ.
﴿وَالمُرْجِفُونَ﴾ الإِرْجَافُ: هُوَ إشاعةُ الأَخْبَارِ، والمُرْجِفُونَ: قَوْمٌ يَتَلَقَّوْنَ الأخبارَ فَيُحَدِّثُونَ عنها في المجالسِ والنَّوَادِي وَيُخْبِرُونَ بها مَنْ يَسْأَلُ وَمَنْ لَا يَسْأَلُ، ومعنى الإرجافِ هنا أن اليهودَ والمنافقين يُرْجِفُونَ بما يُؤْذِي النبيَّ - ﷺ - والمسلمين والمسلماتِ.
﴿لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ﴾ الإغراءُ هُوَ الحضُّ والتحريضُ عَلَى الفِعْلِ، وَقَوْلُهُ: لَنُغْرِيَنَّكَ بهم؛ أي: لَنُسَلِّطَنَّكَ عليهم فَتَسْتَأْصِلُهُمْ بالقتلِ والتشريدِ بِأَمْرِنَا لكَ بذلك، ثم لا يُجَاوِرُونَكَ وَلَا يُسَاكِنُونَكَ، ولا يَعُودُونَ إلى مجاورتِكَ في المدينة إلا زمانًا قليلًا حيثما يَتَأَهَّبُونَ لِلْخُرُوجِ.
60
سُورة سَبَأ
Icon