تفسير سورة السجدة

إيجاز البيان
تفسير سورة سورة السجدة من كتاب إيجاز البيان عن معاني القرآن المعروف بـإيجاز البيان .
لمؤلفه بيان الحق النيسابوري . المتوفي سنة 553 هـ
في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يأوي إلى فراشه حتى يقرأ تنزيل السجدة و تبارك الملك١.
١ الحديث أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن ص١٣٦، وأحمد في مسنده ج٣ ص٣٤٠ و الدارمي في سننه ج٢ ص٣٢٧، و الترمذي في سننه ج٥ ص١٦٥، و الحاكم في المستدرك و صححه ج٢ ص ٤١٢ كلهم عن جابر بن عبد الله..

سورة السجدة
في الحديث «١» : أنّ النّبيّ ﷺ كان لا يأوي إلى فراشه حتى يقرأ تنزيل السجدة وتبارك الملك.
٣ أَمْ يَقُولُونَ: فيه حذف، أي: فهل يؤمنون به أم يقولون «٢» ؟ أو معناه: بل يقولون «٣».
٥ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ: معناه يدبّر الأمر من السّماء ثم ينزل بالأمر الملك إلى الأرض «٤».
(١) أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن: ١٨٤ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
وكذا الإمام أحمد في مسنده: ٣/ ٣٤٠، والإمام البخاري في الأدب المفرد: ٤١٤، والدارمي في سننه: ٢/ ٥٤٧، كتاب فضائل القرآن، باب «في فضل سورة تنزيل السجدة وتبارك» والترمذي في سننه: ٥/ ١٦٥، كتاب فضائل القرآن، باب «ما جاء في فضل سورة الملك»، والنسائي في عمل اليوم والليلة: ٤٣١، وابن السّني في عمل اليوم والليلة: ٣١٨، والحاكم في المستدرك: ٢/ ٤١٢، كتاب التفسير، «تفسير سورة السجدة»، وقال: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي.
(٢) تفسير البغوي: ٣/ ٤٩٧.
(٣) ذكره أبو عبيدة في مجاز القرآن: ٢/ ١٣٠، وقال الزمخشري في الكشاف: ٣/ ٢٤٠:
«وهذا أسلوب صحيح محكم أثبت أولا أن تنزيله من رب العالمين، وأن ذلك ما لا ريب فيه، ثم أضرب عن ذلك إلى قوله: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ، لأن «أم» هي المنقطعة الكائنة بمعنى «بل»، والهمزة إنكارا لقولهم وتعجيبا منه لظهور أمره في عجز بلغائهم عن مثل ثلاث آيات منه، ثم أضرب عن الإنكار إلى إثبات أنه الحق من ربك... ».
وانظر هذا المعنى ل «أم» في كتاب حروف المعاني للزجاجي: ٤٨، ورصف المباني:
١٧٩، والجنى الداني: ٢٢٥، واللسان: ١٢/ ٣٥ (أمم).
(٤) تفسير الماوردي: ٣/ ٢٩١، وزاد المسير: ٦/ ٣٣٣. [.....]
ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ: إلى المكان الذي أمر أن يقوم فيه.
فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ: أي: الملائكة التي تصعد بأعمال العباد في يوم واحد، تصعد وتقطع مسافة ألف سنة «١»، أو الله يقضي أمر العالم لألف سنة في يوم واحد ثمّ يلقيه إلى الملائكة «٢».
٤ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ: ب «ثمّ» صح معنى استولى على العرش بإحداثه «٣»، كقوله «٤» : حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ حتى يصح معنى نَعْلَمَ، أي: معنى الصفة بهذا.
٧ أحسن كل شيء خلقه «٥» : خلقه بدل من كُلَّ شَيْءٍ بدل الشيء من نفسه، أي: أحسن خلق كل شيء حتى جعل الكلب في خلقه حسنا.
ولفظ الكسائي: أحسن ما خلق، وقول/ سيبويه «٦» : إنه مصدر من
(١) أخرج الطبري نحو هذا القول في تفسيره: ٢١/ ٩٣ عن ابن زيد، ونقله الماوردي في تفسيره: ٣/ ٢٩٢، والقرطبي في تفسيره: ١٤/ ٨٧ عن ابن شجرة.
(٢) نقله الماوردي في تفسيره: ٣/ ٢٩٢ عن مجاهد، وكذا ابن الجوزي في زاد المسير:
٦/ ٣٣٤، والقرطبي في تفسيره: ١٤/ ٨٧.
وأخرج نحوه الطبري في تفسيره: (٢١/ ٩٢، ٩٣) عن مجاهد. ثم قال: «وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: معناه: يدبر الأمر من السماء إلى الأرض، ثم يعرج إليه في يوم، كان مقدار ذلك اليوم في عروج ذلك الأمر إليه، ونزوله إلى الأرض ألف سنة مما تعدون من أيامكم، خمسمائة في النزول، وخمسمائة في الصعود، لأن ذلك أظهر معانيه، وأشبهها بظاهر التنزيل» اه.
(٣) تقدم بيان مذهب السلف في الاستواء، وأنه معلوم والكيف مجهول.
ينظر ص ٧٩.
(٤) سورة محمد: آية: ٣١.
(٥) بإسكان اللام، قراءة ابن كثير، وأبي عمرو، وابن عامر.
السبعة لابن مجاهد: ٥١٦، والتبصرة لمكي: ٢٩٦، وانظر توجيه هذه القراءة في معاني الزجاج: ٤/ ٢٠٤، وحجة القراءات: ٥٦٨، والكشف لمكي: ٢/ ١٩١.
(٦) ينظر قول سيبويه في إعراب القرآن للنحاس: ٣/ ٢٩٢، ومشكل إعراب القرآن لمكي:
٢/ ٥٦٧، والبحر المحيط: ٧/ ١٩٩.
غير صدر أي: خلق كل شيء خلقه، وعلى قراءة خلقه «١» الضمير في الهاء يجوز للفاعل وهو الله، وللمفعول [وهو] «٢» المخلوق.
١٠ إِذا «٣» ضَلَلْنا: هلكنا وبطلنا «٤»، وصللنا «٥» : تغيّرنا أو يبسنا والصّلّة: الأرض اليابسة «٦».
١٣ لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها: بالإيحاء «٧». أو إلى طريق الجنّة «٨».
١٦ تَتَجافى جُنُوبُهُمْ: تنبو وترتفع «٩». وعن أنس «١٠» : أنها نزلت فينا
(١) بفتح اللام، قراءة عاصم، ونافع، وحمزة، والكسائي.
السبعة لابن مجاهد: ٥١٦، والتبصرة لمكي: ٢٩٦، والتيسير للداني: ١٧٧.
(٢) ما بين معقوفين عن «ك».
(٣) هكذا في الأصل، وهي قراءة ابن عامر كما في السبعة لابن مجاهد: ٥١٦، وقرأ الباقون:
أَإِذا ضَلَلْنا.
(٤) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ٣٤٦، وتفسير الطبري: ٢١/ ٩٧، والمفردات للراغب:
٢٩٨، وتفسير القرطبي: ١٤/ ٩١.
(٥) في الأصل: «وضللنا» بالضاد المعجمة، والصواب بالصاد المهملة عن معاني الزجاج:
٤/ ٢٠٥.
وهي قراءة شاذة نسبت إلى علي وابن عباس، وأبان بن سعيد بن العاص، والحسن، والأعمش.
ينظر معاني القرآن للفراء: ٢/ ٣٣١، وإعراب القرآن للنحاس: ٣/ ٢٩٣، والمحتسب لابن جني: ٢/ ١٧٣، والبحر المحيط: ٧/ ٢٠٠.
(٦) ينظر معاني القرآن للزجاج: ٤/ ٢٠٥، والصحاح: ٥/ ١٧٤٤، واللسان: ١١/ ٣٨٤ (صلل).
(٧) في «ج» : بالإلجاء.
(٨) ينظر تفسير الماوردي: ٣/ ٢٩٥، وتفسير القرطبي: ١٤/ ٩٦. [.....]
(٩) مجاز القرآن لأبي عبيدة: ٢/ ١٣٢، وغريب القرآن لليزيدي: ٣٠٠، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة: ٣٤٦، وتفسير الطبري: ٢١/ ٩٩، واللسان: ١٤/ ١٤٨ (جفا).
(١٠) أخرجه الواحدي في أسباب النزول: ٤٠٤، وذكره البغوي في تفسيره: ٣/ ٥٠٠، بغير سند.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: ٦/ ٥٤٦، وعزا إخراجه إلى ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه.
معشر الأنصار، كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء.
٢١ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى: مصائب الدنيا «١».
٢٧ الْأَرْضِ الْجُرُزِ: اليابسة، كأنها تأكل نباتها «٢». رجل جروز: لا يبقي من الزاد شيئا «٣».
٢٣ وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ: أي: بعد الموت «٤».
أو لقاء ربه «٥».
قال الحسن «٦» : آتيناه الكتاب فلقي من قومه أذى، فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ أذى مثله.
٢٨ مَتى هذَا الْفَتْحُ: فتح الحكم بيننا وبينكم، ويوم الفتح: يوم القيامة «٧».
٣٠ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ: الموت الذي يؤدي إلى ذلك، أو سيأتيهم ذلك فكأنهم ينتظرونه.
(١) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: (٢١/ ١٠٨، ١٠٩) عن ابن عباس، وأبي بن كعب، وأبي العالية، والحسن، والضحاك.
(٢) نص هذا القول في معاني القرآن للزجاج: ٤/ ٢١١.
وانظر هذا المعنى في مجاز القرآن لأبي عبيدة: ٢/ ١٣٣، وغريب القرآن لليزيدي: ٣٠٠، وتفسير غريب القرآن: ٣٤٧، والمفردات للراغب: ٩١.
(٣) معاني القرآن للفراء: ٢/ ٣٣٣، واللسان: ٥/ ٣١٦ (جرز).
(٤) لم أقف على هذا القول، وأورد الماوردي في تفسيره: ٣/ ٢٩٩ قولا لم ينسبه، وهو: «فلا تكن يا محمد في شك من لقاء موسى في القيامة وستلقاه فيها».
وذكره- أيضا- القرطبي في تفسيره: ١٤/ ١٠٨.
(٥) أي من لقاء موسى عليه السلام لربه. وأخرج الطبراني في المعجم الكبير: ١٢/ ١٦٠ عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ في قوله: وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ، قال: «جعل موسى هدى لبني إسرائيل، وفي قوله: فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ قال: «لقاء موسى ربه عز وجل».
وانظر تفسير الماوردي: ٣/ ٢٩٩، وزاد المسير: ٦/ ٣٤٣، وتفسير ابن كثير: ٦/ ٣٧٢.
(٦) ينظر قوله في تفسير الماوردي: ٣/ ٢٩٩، والمحرر الوجيز: (١١/ ٥٥٠، ٥٥١)، وزاد المسير: ٦/ ٣٤٣، والبحر المحيط: ٧/ ٢٠٥.
(٧) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره: ٢١/ ١١٦ عن مجاهد.
وأورده السيوطي في الدر المنثور: ٦/ ٥٥٧، وزاد نسبته إلى الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد أيضا.
Icon