تفسير سورة الأنبياء

تفسير غريب القرآن للكواري
تفسير سورة سورة الأنبياء من كتاب تفسير غريب القرآن - الكواري المعروف بـتفسير غريب القرآن للكواري .
لمؤلفه كَامِلَة بنت محمد الكَوارِي .

﴿فِيهِ ذِكْرُكُمْ﴾ شَرَفُكُمْ.
﴿حَصِيدًا خَامِدِينَ﴾ الحصيدُ فَعِيلٌ بمعنى مفعول، أي: المحصودُ، والحصدُ هُوَ حَزُّ الزرعِ والنباتِ بالمِنْجَلِ لا باليد، والخامدُ اسم فاعلٍ من خَمَدَتِ النارُ تَخْمُدُ بِضَمِّ الميمِ إذا زال لَهِيبُهَا، ومعناه: إنهم حُصِدُوا بالسيفِ والموتِ، كما يُحْصَدُ الزرعُ فلم يبقَ منهم بقيةٌ.
﴿لهْوًا﴾ كل ما يُتَلَهَّى به كالمرأةِ والولدِ.
﴿مِن لَّدُنَّا﴾ أي: مِنْ عِنْدِنَا من وِلْدَانِ الجنةِ والحُورِ العِينِ، وهذا رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أن لله صاحبةً وولدًا، تعالى اللهُ عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا.
﴿فَيَدْمَغُهُ﴾ يَشِجُّ رَأْسَهُ حتى تَبْلُغَ الشَّجَّةُ دِمَاغَهُ فَيَهْلِكُ.
﴿وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ﴾ الِاسْتِحْسَارُ: مَصْدَرٌ كالحُسُورِ وهو التَّعَبُ، فالسينُ والتاءُ فيه للمبالغةِ في الوصفِ كالاستكبارِ والاستنكارِ، أي: لا يَصْدُرُ منهم الاستحسارُ الَّذِي هُوَ التعبُ الشديدُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ عِمْلُهُمُ العظيمُ، أي: لا يقع منهم ما لو قام بعمله غيرُهم لَاسْتَحْسَرَ.
﴿كَانَتَا رَتْقًا﴾ الرَّتْقُ: هُوَ الاتصالُ والتلاصقُ بَيْنَ أجزاءِ الشيءِ، وَالْفَتْقُ ضِدُّهُ وهو الانفصالُ والتباعدُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ المُلْتَصِقَيْنِ.
﴿فَفَتَقْنَاهُمَا﴾ أي: فَصَلْنَا بينهما، والفتقُ: الفصلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، والرَّتْقُ: ضِدُّ الفَتْقِ وهو التِئَامُهُمَا، فإذا قيل: مَتَى رَأَوْهُمَا رَتْقًا حتى جاء تقريرُهم بِذَلِكَ، فالجواب: أن القرآنَ لمَّا ذَكَرَ ذلك، وهو معجزةٌ خالدةٌ قام ذلك مقامَ المرئي المُشَاهَدِ، وَتَلَاصُقُ الأرضِ والسماءِ في الأصل، وَتَبَايُنُهُمَا جَائِزَانِ في العقلِ، ولا بد لتحويلِ أَحَدِهِمَا إلى الآخَرِ من مُخَصِّصٍ، وهو اللهُ تعالى، ففي الآية إذًا دليلٌ عَلَى وجودِ الخالقِ القادرِ المُرِيدِ، وهذه الآيةُ من آياتِ القرآنِ العِلْمِيَّةِ التي قَرَّرَتْ مَسْأَلَةً لم تَكُنْ معروفةً يَوْمَئِذٍ.
﴿وَجَعَلْنَا مِنَ المَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ أي: أَحْيَيْنَا بالماءِ الَّذِي يَنْزِلُ من السماءِ كُلَّ شَيْءٍ من الحيوانِ، ويدخلُ فيه النباتُ والشجرُ؛ وذلك لأن الماءَ سببُ الحياةِ، وقال المُفَسِّرُونَ: إن كُلَّ شيءٍ حَيٍّ فهو مخلوقٌ من الماءِ.
﴿رَوَاسِيَ﴾ أي: الجبالَ؛ لأنها رَسَتْ في الأرضِ، أي: رَسَخَتْ فيها.
﴿أَن تَمِيدَ﴾ أي: تَمِيلُ، وقيل: تَضْطَرِبُ بالذهابِ في الجهاتِ.
﴿فِجَاجًا﴾ مَسَالِكَ، واحدُها فَجٌّ، وَكُلُّ فَتْحٍ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فهو فَجٌّ.
﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ﴾ في مَدَارٍ، والفَلَكُ: مَدَارُ النُّجُومِ، وهو في اللغة كُلُّ مُسْتَدِيرٍ.
﴿يَسْبَحُونَ﴾ يَسِيرُونَ، وقيل: يَدُورُونَ، وأصل السَّبْحِ: العَوْمُ في الماء، ثم جُعِلَ كُلُّ مُسْرِعٍ في سَيْرِهِ سَابِحًا، وَفَرَسٌ سَبُوحٌ: مُسْرِعٌ.
﴿فَتَبْهَتُهُم﴾ فتُحَيِّرُهُمْ وَتَغْلِبُهُمْ، يُقَالُ: بَهَتَهُ يَبْهَتُهُ: إذا وَاجَهَهُ بشيءٍ يُحَيِّرُهُ.
﴿فَحَاقَ بِالَّذِينَ﴾ نَزَلَ وَأَحَاطَ.
﴿يَكْلَؤُكُم﴾ يَحْفَظُكُمْ.
﴿وَلَا هُم مِّنَّا يُصْحَبُونَ﴾ لَا يُصْحَبُونَ مِنَّا بِنَصْرٍ ولا حِفْظٍ.
﴿نَفْحَةٌ﴾ النَّفْحَةُ في اللغةِ: الدُّفْعَةُ اليَسِيرَةُ، والمعنى: وَلَئِنْ مَسَّهُمْ أَقَلُّ شَيْءٍ مِنَ العَذَابِ.
﴿جُذَاذًا﴾ بِضَمِّ الجيمِ اسمٌ، جَمْعُ جُذَاذَةٍ وهي فُعَالَةٌ مِثْلُ قُلَامَةٍ وَكُنَاسَةٍ من الجَذِّ وهو القطعُ؛ أي: كَسَّرَهُمْ وَجَعَلَهُمْ قِطَعًا.
﴿نَفَشَتْ﴾ دَخَلَتْ، أو رَعَتْ لَيْلًا، والنَّفْشُ: أن تَرْعَى البهائمُ لَيْلًا، والهَمَلُ: أن تَرْعَى نَهَارًا.
﴿حَدَبٍ﴾ من كل مُرْتَفَعٍ من الأرضِ يُسْرِعُونَ.
﴿حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ حَطَبُهَا.
﴿زَفِيرٌ﴾ أي: أَنِينٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ من شدةِ ما ينالهم من العذابِ، والزفيرُ صوتُ نَفَسِ المَغْمُومِ يَخْرُجُ من القَلْبِ.
﴿حَسِيسَهَا﴾ الحِسُّ والحَسِيسُ: الصوتُ تَسْمَعُهُ من الشيءِ يَتَحَرَّكُ قريبًا مِنْكَ.
﴿الزَّبُورِ﴾ الكتابُ المزبورُ، والمراد: الكتبُ المُنَزَّلَةُ كالتوراةِ والإنجيلِ.
﴿الْأَرْضَ﴾ أَرْض الجَنَّةِ، وبه قال الأكثرون، وقيل: أرضُ الدنيا أو أرضُ الكُفَّارِ، وقيل: الأرضُ المقدسةُ.
105
سُورة الحَجّ
Icon