وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : أنزل بمكة الأعراف.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة قال : آية من الأعراف مدنية وهي ﴿ واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر ﴾ إلى آخر الآية، وسائرها مكية.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن أبي أيوب وزيد بن ثابت " أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالأعراف في الركعتين جميعا ".
وأخرج البيهقي في سننه عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة الأعراف في صلاة المغرب فقرأها في ركعتين ".
ﰡ
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿آلمص﴾ قَالَ: أَنا الله أفصل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ عَن ابْن عَبَّاس فِي
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿آلمص﴾ قَالَ: هُوَ المصوّر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فِي قَوْله ﴿آلمص﴾ قَالَ: الالف من الله وَالْمِيم من الرَّحْمَن وَالصَّاد من الصَّمد
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك ﴿آلمص﴾ قَالَ: أَنا الله الصَّادِق
- الْآيَة (٢ - ٤)
وَقَالَ لأعرابي: مَا الْحَرج فِيكُم قَالَ: الشَّك اللنهس
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس ﴿فَلَا يكن فِي صدرك حرج مِنْهُ﴾ قَالَ: شكّ
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك ﴿فَلَا يكن فِي صدرك حرج مِنْهُ﴾ قَالَ: ضيق
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿اتبعُوا مَا أنزل إِلَيْكُم من ربكُم﴾ أَي هَذَا الْقُرْآن
- الْآيَة (٥)
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود مَرْفُوعا
مثله
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَوْله ﴿فلنسألن الَّذين أرسل إِلَيْهِم ولنسألن الْمُرْسلين﴾ قَالَ: أَحدهمَا الْأَنْبِيَاء وَأَحَدهمَا الْمَلَائِكَة ﴿فلنقصن عَلَيْهِم بِعلم وَمَا كُنَّا غائبين﴾ قَالَ: ذَلِك قَول الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فلنسألن الَّذين أرسل إِلَيْهِم﴾ يَقُول: النَّاس تَسْأَلهُمْ عَن لَا إِلَه إِلَّا الله ﴿ولنسألن الْمُرْسلين﴾ قَالَ: جِبْرِيل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان الثَّوْريّ فِي قَوْله ﴿فلنسألن الَّذين أرسل إِلَيْهِم﴾ قَالَ: هَل بَلغَكُمْ الرُّسُل ﴿ولنسألن الْمُرْسلين﴾ قَالَ: مَاذَا ردوا عَلَيْكُم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْقَاسِم أبي الرَّحْمَن
أَنه تَلا هَذِه الْآيَة فَقَالَ: يسْأَل العَبْد يَوْم الْقِيَامَة عَن أَربع خِصَال
يَقُول رَبك: ألم اجْعَل لَك جسداً فَفِيمَ أبليته الم اجْعَل لَك علما فَفِيمَ عملت بِمَا علمت ألم أجعَل لَك مَالا فَفِيمَ أنفقته فِي طَاعَتي أم فِي معصيتي ألم اجْعَل لَك عمرا فَفِيمَ أفنيته وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهيب بن الْورْد قَالَ: بَلغنِي أَن أقرب الْخلق إِلَى الله اسرافيل وَالْعرش على كَاهِله فَإِذا نزل الْوَحْي دلى اللَّوْح من نَحْو الْعَرْش فيقرع جبهة اسرافيل فَينْظر فِيهِ فَيُرْسل إِلَى جِبْرِيل فيدعوه فيرسله فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة دعِي اسرافيل فَيُؤْتَى بِهِ ترتعد فرائصه فَيُقَال لَهُ: مَا صنعت فِيمَا أدّى إِلَيْك اللَّوْح فَيَقُول: أَي رب أديته إِلَى جِبْرِيل
فَيُدْعَى جِبْرِيل فَيُؤتى بِهِ ترتعد فرائصه فَيُقَال لَهُ: مَا صنعت فِيمَا أدّى إِلَيْك إسْرَافيل فَيَقُول: أَي رب بلغت الرُّسُل
فيدعى بالرسل ترتعد فرائصهم فَيُقَال لَهُم: مَا صَنَعْتُم فِيمَا أدّى إِلَيْكُم
قَالَ: فَهُوَ قَوْله ﴿فلنسألن الَّذين أرسل إِلَيْهِم ولنسألن الْمُرْسلين﴾
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي سِنَان قَالَ: أقرب الْخلق إِلَى الله اللَّوْح وَهُوَ مُعَلّق بالعرش فَإِذا أَرَادَ الله أَن يوحي بِشَيْء كتب فِي اللَّوْح فَيَجِيء اللَّوْح حَتَّى يقرع جبهة إسْرَافيل وإسرافيل قد غطى وَجهه بجناحيه لَا يرفع بَصَره اعظاماً لله فَينْظر فِيهِ فَإِن كَانَ إِلَى أهل السَّمَاء دَفعه إِلَى مِيكَائِيل وَإِن كَانَ إِلَى أهل الأَرْض دَفعه إِلَى جِبْرِيل فَأول من يُحَاسب يَوْم الْقِيَامَة اللَّوْح يدعى بِهِ ترْعد فرائصه فَيُقَال لَهُ: هَل بلغت فَيَقُول: نعم
فَيَقُول رَبنَا: من يشْهد لَك فَيَقُول: اسرافيل
فيدعى إسْرَافيل ترْعد فرائصه فَيُقَال لَهُ: هَل بلعك اللَّوْح فَإِذا قَالَ نعم قَالَ اللَّوْح: الْحَمد لله الَّذِي نجاني من سوء الْحساب ثمَّ كَذَلِك
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة يَقُول الله عز وَجل: يَا إسْرَافيل هَات مَا وَكلتك بِهِ
فَيَقُول: نعم يَا رب فِي الصُّور كَذَا وَكَذَا ثقبة وَكَذَا روح للإنس مِنْهَا كَذَا وَكَذَا وللجن مِنْهَا كَذَا وَكَذَا وللشياطين مِنْهَا كَذَا وَكَذَا وللوحوش مِنْهَا كَذَا وَكَذَا وللطير مِنْهَا كَذَا وَكَذَا وللبهائم مِنْهَا كَذَا وَكَذَا وللهوام مِنْهَا كَذَا وَكَذَا وللحيتان مِنْهَا كَذَا وَكَذَا فَيَقُول الله عز وَجل: خُذْهُ من اللَّوْح
فَإِذا هُوَ مثلا بِمثل لَا يزِيد وَلَا ينقص ثمَّ يَقُول عز وَجل: هَات مَا وَكلتك يَا مِيكَائِيل
فَيَقُول: نعم يَا رب أنزلت من السَّمَاء كَذَا وَكَذَا كيلة وزنة كَذَا وَكَذَا مِثْقَالا وزنة كَذَا وَكَذَا قيراطاً وزنة كَذَا وَكَذَا خردلة وزنة كَذَا وَكَذَا درة أنزلت فِي سنة كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا وَفِي شهر كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا وَفِي جُمُعَة كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا وَفِي يَوْم كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا وَفِي سَاعَة كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا أنزلت للزَّرْع مِنْهُ كَذَا وَكَذَا وأنزلت للشياطين مِنْهُ كَذَا وَكَذَا وأنزلت للانس مِنْهُ كَذَا وَكَذَا وأنزلت للبهائم كَذَا وَكَذَا وأنزلت للوحوش كَذَا وَكَذَا وللطير كَذَا وَكَذَا وللحيتان كَذَا وَكَذَا وللهوام كَذَا وَكَذَا
فَذَلِك كُله كَذَا وَكَذَا فَيَقُول: خُذْهُ من اللَّوْح
فَإِذا هُوَ مثلا بِمثل لَا يزِيد وَلَا ينقص ثمَّ يَقُول: يَا جِبْرِيل هَات مَا وَكلتك بِهِ
فَيَقُول: نعم يَا رب أنزلت على نبيك فلَان كَذَا وَكَذَا آيَة فِي شهر كَذَا وَكَذَا فِي جُمُعَة كَذَا وَكَذَا فِي يَوْم كَذَا وَكَذَا وأنزلت على نبيك فلَان كَذَا وَكَذَا آيَة وَكَذَا وَكَذَا سُورَة فِيهَا كَذَا وَكَذَا آيَة
فَذَلِك كَذَا وَكَذَا آيَة فَذَلِك كَذَا وَكَذَا حرفا
فَيَقُول: خُذْهُ من اللَّوْح
فَإِذا هُوَ مثلا بِمثل لَا يزِيد وَلَا ينقص
ثمَّ يَقُول: هَات مَا وَكلتك بِهِ يَا عزرائيل
فَيَقُول: نعم يَا رب فبضت روح كَذَا وَكَذَا إنسي وَكَذَا وَكَذَا جني وَكَذَا وَكَذَا شَيْطَان وَكَذَا وَكَذَا غريق وَكَذَا وَكَذَا حريق وَكَذَا وَكَذَا كَافِر وَكَذَا وَكَذَا شَهِيد وَكَذَا وَكَذَا هديم وَكَذَا وَكَذَا لديغ وَكَذَا وَكَذَا فِي سهل وَكَذَا وَكَذَا فِي جبل وَكَذَا وَكَذَا طير وَكَذَا وَكَذَا هوَام وَكَذَا وَكَذَا وَحش
فَذَلِك كَذَا وَكَذَا جملَته كَذَا وَكَذَا فَيَقُول: خُذْهُ من اللَّوْح
فَإِذا مثلا بِمثل لايزيد وَلَا ينقص
وَأخرج أَحْمد عَن مُعَاوِيَة بن حيدة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن رَبِّي دَاعِيَّ وَأَنه سائلي هَل بلغت عبَادي وَإِنِّي قَائِل رب إِنِّي قد بلغتهم فليبلغ الشَّاهِد مِنْكُم الْغَائِب ثمَّ إِنَّكُم تدعون مفدمة أَفْوَاهكُم بالفدام إِن أول مَا يبين عَن أحدكُم لفخذه وكفه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن طَاوس
أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة فَقَالَ الإِمام يسْأَل عَن النَّاس وَالرجل يسْأَل عَن أَهله وَالْمَرْأَة تسْأَل عَن بَيت زَوجهَا وَالْعَبْد يسْأَل عَن مَال سَيّده
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلكُمْ رَاع وكلكم مسؤول عَن رَعيته فالإِمام يسْأَل عَن النَّاس وَالرجل يسْأَل عَن أَهله وَالْمَرْأَة تسْأَل عَن بَيت زَوجهَا وَالْعَبْد يسْأَل عَن مَال سَيّده
وَأخرج ابْن حبَان وَأَبُو نعيم عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله سَائل كل رَاع عَمَّا استرعاه أحفظ ذَلِك أم ضيعه حَتَّى يسْأَل الرجل عَن أهل بَيته
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد صَحِيح عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلكُمْ رَاع وكلكم مسؤول عَن رَعيته فأعدوا للمسائل جَوَابا
قَالُوا: وَمَا جوابها قَالَ: أَعمال الْبر
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير عَن الْمِقْدَام سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: لَا يكون رجل على قوم إِلَّا جَاءَ يقدمهم يَوْم الْقِيَامَة بَين يَدَيْهِ راية يحملهَا وهم يتبعونه فَيسْأَل عَنْهُم ويسألون عَنهُ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من أَمِير يُؤمر على عشرَة إِلَّا سُئِلَ عَنْهُم يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول مَا يسْأَل عَنهُ العَبْد يَوْم الْقِيَامَة ينظر فِي صلَاته فَإِن صلحت فقد أَفْلح وَإِن فَسدتْ فقد خَابَ وخسر
- الْآيَة (٨ - ١٠)
قَالَ: فَإِن فعلت هَذَا فَأَنا مُسلم قَالَ: نعم
قَالَ: صدقت يَا مُحَمَّد قَالَ: مَا الإِيمان قَالَ: الإِيمان أَن تؤمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وتؤمن بِالْجنَّةِ وَالنَّار وَالْمِيزَان وتؤمن بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت وتؤمن بِالْقدرِ خَيره وشره
قَالَ: فَإِذا فعلت هَذَا فَأَنا مُؤمن قَالَ: نعم
قَالَ: صدقت
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَالْوَزْن يَوْمئِذٍ الْحق﴾ قَالَ: الْعدْل ﴿فَمن ثقلت مَوَازِينه﴾ قَالَ: حَسَنَاته ﴿وَمن خفت مَوَازِينه﴾ قَالَ: حَسَنَاته
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الْعيزَار قَالَ: إِن الإِقدام يَوْم الْقِيَامَة لمثل النبل فِي الْقرن والسعيد من وجد لقدميه موضعا وَعند الْمِيزَان ملك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَالْوَزْن يَوْمئِذٍ الْحق﴾ قَالَ: توزن الْأَعْمَال
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِنَّمَا يُوزن من الْأَعْمَال خواتيمها فَمن أَرَادَ الله بِهِ خيرا ختم لَهُ بِخَير عمله وَمن أَرَادَ بِهِ شرا ختم لَهُ بشر عمله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحَارِث الْأَعْوَر قَالَ: إِن الْحق ليثقل على أهل الْحق كثقله فِي الْمِيزَان وَأَن الْحق ليخف على أهل الْبَاطِل كخفته فِي الْمِيزَان
وَأخرج ابْن الْمُنْذر واللالكائي عَن عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان قَالَ: ذكر الْمِيزَان عِنْد الْحسن فَقَالَ: لَهُ لِسَان وكفتان
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن كَعْب قَالَ: يوضع الْمِيزَان بَين شجرتين عِنْد بَيت الْمُقَدّس
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير واللالكائي عَن حُذَيْفَة قَالَ: صَاحب الموازين يَوْم الْقِيَامَة جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يرد بَعضهم على بعض فَيُؤْخَذ من حَسَنَات الظَّالِم فَترد على الْمَظْلُوم فَإِن لم تكن لَهُ حَسَنَات أَخذ من سيئات الْمَظْلُوم فَردَّتْ على الظَّالِم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْكَلْبِيّ فِي قَوْله ﴿وَالْوَزْن يَوْمئِذٍ الْحق﴾ قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو صَالح عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: لَهُ لِسَان وكفتان يُوزن فَمن ثقلت مَوَازِينه فَأُولَئِك هم المفلحون وَمن خفت مَوَازِينه فَأُولَئِك الَّذين خسروا أنفسهم ومنازلهم فِي الْجنَّة بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا تظْلمُونَ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فَمن ثقلت مَوَازِينه فَأُولَئِك هم المفلحون﴾ قَالَ: قَالَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعض أَهله: يَا رَسُول الله هَل يذكر النَّاس أَهْليهمْ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ أما فِي ثَلَاث مَوَاطِن فَلَا
عِنْد الْمِيزَان وَعند تطاير الصُّحُف فِي الْأَيْدِي وَعند الصِّرَاط
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يُحَاسب النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فَمن كَانَت حَسَنَاته أَكثر من سيئاته بِوَاحِدَة دخل الْجنَّة وَمن كَانَت سيئاته أَكثر من حَسَنَاته بواحده دخل النَّار ثمَّ قَرَأَ ﴿فَمن ثقلت مَوَازِينه﴾ الْآيَتَيْنِ
ثمَّ قَالَ
إِن
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الإِخلاص عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: من كَانَ ظَاهره أرجح من بَاطِنه خف مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة وَمن كَانَ بَاطِنه أرجح من ظَاهره ثقل مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يوضع الْمِيزَان يَوْم الْقِيَامَة فيوزن الْحَسَنَات والسيئات فَمن رجحت حَسَنَاته على سيئاته دخل الْجنَّة وَمن رجحت سيئاته على حَسَنَاته دخل النَّار
وَأخرج الْبَزَّار وَابْن مرْدَوَيْه واللالكائي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس رَفعه قَالَ: إِن ملكا مُوكل بالميزان فَيُؤتى بِالْعَبدِ يَوْم الْقِيَامَة فَيُوقف بَين كفتي الْمِيزَان فَإِن ثقل مِيزَانه نَادَى الْملك بِصَوْت يسمع الْخَلَائق: سعد فلَان بن فلَان سَعَادَة لَا يشقى بعْدهَا أبدا وَإِن خفت مِيزَانه نَادَى الْملك: شقى فلَان شقاوة لَا يسْعد بعْدهَا أبدا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد والآجري فِي الشَّرِيعَة وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عَائِشَة
أَنَّهَا ذكرت النَّار فَبَكَتْ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَالك
قَالَت: ذكرت النَّار فَبَكَيْت فَهَل تذكرُونَ أهليكم يَوْم الْقِيَامَة قَالَ: أما فِي ثَلَاث مَوَاطِن فَلَا يذكر أحدا أحدا حَيْثُ تُوضَع الْمِيزَان حَتَّى يعلم اتخف مِيزَانه أم تثقل وَعند تطاير الْكتب حِين يُقَال ﴿هاؤم اقرؤوا كِتَابيه﴾ الحاقة الْآيَة ١٩ حَتَّى يعلم أَيْن يَقع كِتَابه أَفِي يَمِينه أم فِي شِمَاله أَو من وَرَاء ظَهره وَعند الصِّرَاط إِذا وضع بَين ظَهْري جَهَنَّم حافتاه كلاليب كَثِيرَة وحسك كثير يحبس الله بهَا من شَاءَ من خلقه حَتَّى يعلم أينجو أم لَا
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن سلمَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يوضع الْمِيزَان يَوْم الْقِيَامَة فَلَو وزن فِيهِ السَّمَوَات وَالْأَرْض لوسعت فَتَقول الْمَلَائِكَة: يَا رب لمن يزن هَذَا فَيَقُول الله: لمن شِئْت من خلقي
فَتَقول الْمَلَائِكَة: سُبْحَانَكَ
مَا عبدناك حق عبادتك وَيُوضَع الصِّرَاط مثل حد الموس فَتَقول الْمَلَائِكَة: من تنحى على هَذَا فَيَقُول: من شِئْت من خلقي
فَيَقُولُونَ: سُبْحَانَكَ
مَا عبدناك حق عبادتك
فَتَقول الْمَلَائِكَة: سُبْحَانَكَ
مَا عبدناك حق عبادتك
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: خلق الله كفتي الْمِيزَان مثل السَّمَوَات وَالْأَرْض
فَقَالَت الْمَلَائِكَة: يَا رَبنَا من تزن بِهَذَا قَالَ: أزن بِهِ من شِئْت
وَخلق الله الصِّرَاط كَحَد السَّيْف فَقَالَت الْمَلَائِكَة: يَا رَبنَا من تجيز على هَذَا قَالَ: أُجِيز عَلَيْهِ من شِئْت
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْمِيزَان لَهُ لِسَان وكفتان يُوزن فِيهِ الْحَسَنَات والسيئات فَيُؤتى بِالْحَسَنَاتِ فِي أحسن صُورَة فتوضع فِي كفة الْمِيزَان فتثقل على السَّيِّئَات فتؤحذ فتوضع فِي الْجنَّة عِنْد مَنَازِله ثمَّ يُقَال لِلْمُؤمنِ: الْحق بعملك
فَينْطَلق إِلَى الْجنَّة فَيعرف مَنَازِله بِعَمَلِهِ وَيُؤْتى بالسيئات فِي أقبح صُورَة فتوضع فِي كفة الْمِيزَان فتخف - وَالْبَاطِل خَفِيف - فتطرح فِي جَهَنَّم إِلَى مَنَازِله فِيهَا وَيُقَال لَهُ: الْحق بعملك إِلَى النَّار
فَيَأْتِي النَّار فَيعرف مَنَازِله بِعَمَلِهِ وَمَا أعد الله لَهُ فِيهَا من ألوان الْعَذَاب
قَالَ ابْن عَبَّاس: فَلهم أعرف بمنازلهم فِي الْجنَّة وَالنَّار بعملهم من الْقَوْم يَنْصَرِفُونَ يَوْم الْجُمُعَة رَاجِعين إِلَى مَنَازِلهمْ
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أنس قَالَ: سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يشفع لي يَوْم الْقِيَامَة فَقَالَ أَنا فَاعل
قلت: يَا رَسُول الله أَيْن أطلبك قَالَ: أطلبني أول مَا تطلبني على الصِّرَاط
قلت: فَإِن لم ألقك على الصِّرَاط قَالَ: فاطلبني عِنْد الْمِيزَان
قلت: فَإِن لم ألقك عِنْد الْمِيزَان قَالَ: فاطلبني عِنْد الْحَوْض فَإِنِّي لَا أخطىء هَذِه الثَّلَاثَة مَوَاطِن
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه واللالكائي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصاح بِرَجُل من أمتِي على رُؤُوس الْخَلَائق يَوْم الْقِيَامَة فينشر لَهُ تِسْعَة وَتسْعُونَ سجلاً كل سجل مِنْهَا مد الْبَصَر فَيَقُول: أتنكر من هَذَا شَيْئا أظلمك كتبتي الحافظون فَيَقُول: لَا يَا رب
فَيَقُول: أَفَلَك عذرا وحسنة فيهاب الرجل فَيَقُول: لَا يَا رب
فَيَقُول: بلَى إِن لَك عندنَا حَسَنَة وَأَنه لَا ظلم عَلَيْك الْيَوْم
فَيخرج لَهُ
فَيَقُول: يَا رب مَا هَذِه البطاقة مَعَ هَذِه السجلات فَيُقَال: إِنَّك لَا تظلم
فتوضع السجلات فِي كفة والبطاقة فِي كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة وَلَا يثقل مَعَ اسْم الله شَيْء
وَأخرج أَحْمد بِسَنَد حسن عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تُوضَع الموازين يَوْم الْقِيَامَة فيؤتي بِالرجلِ فَيُوضَع فِي كَفه وَيُوضَع مَا أحصى عَلَيْهِ فتمايل بِهِ الْمِيزَان فيبعث بِهِ إِلَى النَّار فَإِذا أدبر بِهِ صائح يَصِيح من عِنْد الرَّحْمَن: لَا تعجلوا لَا تعلجوا فَإِنَّهُ قد بَقِي لَهُ
فَيُؤتى ببطاقة فِيهَا: لَا إِلَه إِلَّا الله
فتوضع مَعَ الرجل فِي كفة حَتَّى تميل بِهِ الْمِيزَان
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والنميري فِي كتاب الْأَعْلَام عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ إِن لآدَم عَلَيْهِ السَّلَام من الله عز وَجل موقفا فِي فسح من الْعَرْش عَلَيْهِ ثَوْبَان أخضران كَأَنَّهُ سحوق ينظر إِلَى من ينْطَلق بِهِ من وَلَده إِلَى الْجنَّة وَينظر إِلَى من ينْطَلق بِهِ من وَلَده إِلَى النَّار فَبينا آدم على ذَلِك إِذا نظر إِلَى رجل من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينْطَلق بِهِ إِلَى النَّار فينادي آدم: يَا أَحْمد يَا أَحْمد
فَيَقُول: لبيْك يَا أَبَا الْبشر
فَيَقُول: هَذَا رجل من أمتك ينْطَلق بِهِ إِلَى النَّار فأشد المئزر وأسرع فِي أثر الْمَلَائِكَة وَأَقُول: يَا رسل رَبِّي قفوا
فَيَقُولُونَ: نَحن الْغِلَاظ الشداد الَّذين لَا نعصي الله مَا أمرنَا ونفعل مَا نؤمر
فَإِذا أيس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبض على لحيته بِيَدِهِ الْيُسْرَى واستقبل الْعَرْش بِوَجْهِهِ فَيَقُول: يَا رب قد وَعَدتنِي أَن لَا تخزيني فِي أمتِي قيأتي النداء من عِنْد الْعَرْش: أطِيعُوا مُحَمَّدًا وردوا هَذَا العَبْد إِلَى الْمقَام
فَأخْرج من حجزتي بطاقة بَيْضَاء كالأنملة فألقيها فِي كفة الْمِيزَان الْيُمْنَى وَأَنا أَقُول: بِسم الله
فترجح الْحَسَنَات على السَّيِّئَات فينادي سعد وَسعد جده وثقلت مَوَازِينه: انْطَلقُوا بِهِ إِلَى الْجنَّة فَيَقُول: يَا رسل رَبِّي قفوا حَتَّى أسأَل هَذَا العَبْد الْكَرِيم على ربه
فَيَقُول: بِأبي أَنْت وَأمي مَا أحسن وَجهك وَأحسن خلقك من أَنْت فقد: أقلتني عثرتي
فَيَقُول: أَنا نبيك مُحَمَّد وَهَذِه صَلَاتك الَّتِي كنت تصلي عَليّ وافتك أحْوج مَا تكون إِلَيْهَا
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أول مَا يوضع فِي ميزَان العَبْد نَفَقَته على أَهله
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة واللالكائي عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلمتان خفيفتان على اللِّسَان ثقيلتان فِي الْمِيزَان حبيبتان إِلَى
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو جِيءَ بالسموات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ وَمَا بَينهُنَّ وَمَا تحتهن فوضعن فِي كفة الْمِيزَان وَوضعت شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فِي الكفة الْأُخْرَى لرجحت بِهن
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَزَّار وَأَبُو يعلى وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد جيد عَن أنس قَالَ: لَقِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا ذَر فَقَالَ أَلا أدلُّك على خَصْلَتَيْنِ هما خفيفتان على الظّهْر وأثقل فِي الْمِيزَان من غَيرهمَا قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله
قَالَ: عَلَيْك بِحسن الْخلق وَطول الصمت فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ مَا عمل الْخَلَائق بمثلهما
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: قلت لأم الدَّرْدَاء: أما سَمِعت من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا قَالَت: نعم دخلت عَلَيْهِ فَسَمعته يَقُول أول مَا يوضع فِي الْمِيزَان الخُلق الْحسن
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصحح وَابْن حبَان واللالكائي عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من شَيْء يوضع فِي الْمِيزَان يَوْم الْقِيَامَة أثقل من خُلق حسن
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: أَعْطَيْت نَاقَة فِي سَبِيل الله فَأَرَدْت أَن أَشْتَرِي من نسلها فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ دعها تَأتي يَوْم الْقِيَامَة هِيَ وَأَوْلَادهَا جَمِيعًا فِي ميزانك
وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قضى لِأَخِيهِ حَاجَة كنت وَاقِفًا عِنْد مِيزَانه فَإِن رجح وَإِلَّا شفعت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد عَن مغيث بن سميّ وَعَن مَسْرُوق قَالَا: تعبَّد رَاهِب فِي صومعة سِتِّينَ سنة فَنظر يَوْمًا فِي غب السَّمَاء فَقَالَ: لَو نزلت فَإِنِّي لَا أرى أحدا فَشَرِبت من المَاء وتوضأت ثمَّ رجعت إِلَى مَكَاني فتعرضت لَهُ امْرَأَة فتكشفت لَهُ فَلم يملك نَفسه إِن وَقع عَلَيْهَا فَدخل بعض تِلْكَ الغدران يغْتَسل فِيهِ وأدركه الْمَوْت وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال وَمر بِهِ سَائل فأوما إِلَيْهِ أَن خُذ الرَّغِيف رغيفاً كَانَ فِي كسائه فَأخذ الْمِسْكِين الرَّغِيف وَمَات فجيء بِعَمَل سِتِّينَ سنة فَوضع فِي كفة وَجِيء بخطيئته فَوضعت فِي كفة فرجحت بِعَمَلِهِ حَتَّى جِيءَ بالرغيف فَوضع مَعَ عمله فرجح بخطيئته
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن سفينة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بخ بخ
سُبْحَانَ الله وَلَا إلَه إِلَّا الله وَالْحَمْد لله وَالله أكبر وفرط صَالح يفرطه الْمُسلم
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن حبَان عَن عَمْرو بن حُرَيْث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا أنفقت عَن خادمك من عمله كَانَ لَك أجره فِي موازينك
وَأخرج ابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضغيف عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من تَوَضَّأ فَمسح بِثَوْب نظيف فَلَا بَأْس بِهِ وَمن لم يفعل فَهُوَ أفضل لِأَن الْوضُوء يُوزن يَوْم الْقِيَامَة مَعَ سَائِر الْأَعْمَال
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف عَن سعيد بن الْمسيب أَنه كره المنديل بعد الْوضُوء وَقَالَ: هُوَ يُوزن
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: إِنَّمَا كره المنديل بعد الْوضُوء لِأَن كل قطره توزن
وَأخرج المرهبي فِي فضل الْعلم عَن عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوزن يَوْم الْقِيَامَة مداد الْعلمَاء وَدِمَاء الشُّهَدَاء فيرجح مداد الْعلمَاء على دِمَاء الشُّهَدَاء
وَأخرج الديلمي من حَدِيث ابْن عمر وَابْن عَمْرو
مثله
وَأخرج عبد الْبر فِي فضل الْعلم عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: يجاء بِعَمَل الرجل فَيُوضَع فِي كفة مِيزَانه يَوْم الْقِيَامَة فيخف فيجاء بِشَيْء أَمْثَال الْغَمَام فَيُوضَع فِي كفة مِيزَانه فترجح فَيُقَال لَهُ: أَتَدْرِي مَا هَذَا فَيَقُول: لَا
فَيُقَال لَهُ: هَذَا فضل الْعلم الَّذِي كنت تعلمه النَّاس
وَأخرج ابْن الْمُبَارك فِي الزّهْد عَن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان قَالَ: يَجِيء رجل يَوْم الْقِيَامَة فَيرى عمله محتقراً فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك إِذْ جَاءَهُ مثل السَّحَاب حَتَّى يَقع فِي مِيرَاثه فَيُقَال: هَذَا مَا كنت تعلم النَّاس من الْخَيْر فورث بعْدك فأجرت فِيهِ
وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: من كَانَ الأجوفان همه خسر مِيزَانه يَوْم القيامه
وَأخرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي التَّرْغِيب عَن لَيْث قَالَ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام: أمة مُحَمَّد أثقل النَّاس فِي الْمِيزَان ذلت ألسنتهم بِكَلِمَة ثقلت على من كَانَ قبلهم: لَا إِلَه إِلَّا الله
فَيَقُول: مَاذَا فَيَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ
فَيَقُول صَاحب الْمِيزَان: هِيَ أعظم من أَن تُوضَع فِي الْمِيزَان
قَالَ مُوسَى بن عُبَيْدَة: سَمِعت أَنَّهَا تَأتي يَوْم الْقِيَامَة تجَادل عَمَّن كَانَ يَقُولهَا فِي الدُّنْيَا جِدَال الْخصم
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم عَن أبي الْأَزْهَر زُهَيْر الْأَنمَارِي قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَخذ مضجعه قَالَ اللهمَّ أَغفر لي وأخسَّ شيطاني وفكَّ رهاني وَثقل ميزاني واجعلني فِي الندي الْأَعْلَى
- الْآيَة (١١)
وَأخرج الْفرْيَابِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: خلقُوا فِي ظهر آدم ثمَّ صوروا فِي الْأَرْحَام
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم فِي الْآيَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أما قَوْله ﴿خَلَقْنَاكُمْ﴾ فآدم ﴿ثمَّ صورناكم﴾ فذريته
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَلَقَد خَلَقْنَاكُمْ﴾ قَالَ: آدم ﴿ثمَّ صورناكم﴾ قَالَ: فِي ظهر آدم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَلَقَد خَلَقْنَاكُمْ ثمَّ صورناكم﴾ قَالَ: خلق الله آدم من طين ثمَّ صوركُمْ فِي بطُون أُمَّهَاتكُم خلقا من بعد خلق علقَة ثمَّ مُضْغَة ثمَّ عظاماً ثمَّ كسى الْعِظَام لَحْمًا
- الْآيَة (١٢)
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي صَالح قَالَ: خلق إِبْلِيس من نَار الْعِزَّة وخلقت الْمَلَائِكَة من نور الْعِزَّة
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿خلقتني من نَار وخلقته من طين﴾ قَالَ: قَاس إِبْلِيس وَهُوَ أول من قَاس
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية والديلمي عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أول من قَاس أَمر الدّين بِرَأْيهِ إِبْلِيس
قَالَ الله لَهُ: اسجد لآدَم
فَقَالَ ﴿أَنا خير مِنْهُ خلقتني من نَار وخلقته من طين﴾ قَالَ جَعْفَر: فَمن قَاس أَمر الدّين بِرَأْيهِ قرنه الله تَعَالَى يَوْم الْقِيَامَة بإبليس لِأَنَّهُ اتبعهُ بِالْقِيَاسِ
- الْآيَة (١٣ - ١٥)
- الْآيَة (١٦)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿لأقعدن لَهُم صراطك الْمُسْتَقيم﴾ قَالَ: الْحق
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿لأقعدن لَهُم صراطك الْمُسْتَقيم﴾ قَالَ: طَرِيق مَكَّة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عون بن عبد الله ﴿لأقعدنَّ لَهُم صراطك الْمُسْتَقيم﴾ قَالَ: طَرِيق مَكَّة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق عون ابْن مَسْعُود
مثله
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: مَا من رفْقَة تخرج إِلَى مَكَّة إِلَّا جهز إِبْلِيس مَعَهم بِمثل عدتهمْ
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة يَقُول: أقعد لَهُم فأصدهم عَن سَبِيلك
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سُبْرَة بن الْفَاكِه سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الشَّيْطَان قعد لِابْنِ آدم فِي طرقه فَقعدَ لَهُ بطرِيق الإِسلام فَقَالَ: تسلم وَتَذَر دينك وَدين آبَائِك فَعَصَاهُ فَأسلم ثمَّ قعد لَهُ بطرِيق الْهِجْرَة فَقَالَ لَهُ: أتهاجر وَتَذَر أَرْضك وسماءك وَإِنَّمَا مثل المُهَاجر كالفرس فِي طوله فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ ثمَّ قعد لَهُ بطرِيق الْجِهَاد فَقَالَ: هُوَ جهد النَّفس وَالْمَال فتقاتل فَتقْتل فَتنْكح الْمَرْأَة وَيقسم المَال فَعَصَاهُ فَجَاهد
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَمن فعل ذَلِك مِنْهُم فَمَاتَ أَو وقصته دَابَّته فَمَاتَ كَانَ حَقًا على الله أَن يدْخلهُ الْجنَّة
- الْآيَة (١٧)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿ثمَّ لآتينهم من بَين أَيْديهم﴾ من قبل الدُّنْيَا ﴿وَمن خَلفهم﴾ من قبل الْآخِرَه ﴿وَعَن أَيْمَانهم﴾ من قبل حسناتهم ﴿وَعَن شمائلهم﴾ من قبل سيئاتهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿ثمَّ لآتينهم من بَين أَيْديهم﴾ قَالَ لَهُم: أَن لَا بعث وَلَا جنَّة وَلَا نَار وَمن خَلفهم من أَمر الدُّنْيَا فزينها لَهُم ودعاهم إِلَيْهَا ﴿وَعَن أَيْمَانهم﴾ من قبل حسناتهم ابطأهم عَنْهَا ﴿وَعَن شمائلهم﴾ زين لَهُم السَّيِّئَات والمعاصي ودعاهم إِلَيْهَا وَأمرهمْ بهَا أَتَاك يَا ابْن آدم من قبل وَجهك غير أَنه لم يأتك من فَوْقك لَا يَسْتَطِيع أَن يكون بَيْنك وَبَين رَحْمَة الله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير واللالكائي فِي السّنة عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: لم يسْتَطع أَن يَقُول: من فَوْقهم
علم أَن الله فَوْقهم
وَفِي لفظ: لِأَن الرَّحْمَة تنزل من فَوْقهم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: يَأْتِيك يَا ابْن آدم من كل جِهَة غير أَنه لَا يَسْتَطِيع أَن يحول بَيْنك وَبَين رَحْمَة الله إِنَّمَا تَأْتِيك الرَّحْمَة من فَوْقك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: قَالَ إِبْلِيس: لآتينَّهم من بَين أَيْديهم وَمن خَلفهم وَعَن إِيمَانهم وَعَن شمائلهم
قَالَ الله: أنزل عَلَيْهِم الرَّحْمَة من فَوْقهم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي صَالح فِي قَوْله ﴿ثمَّ لآتينهم من بَين أَيْديهم﴾ من سبل الْحق ﴿وَمن خَلفهم﴾ من سبل الْبَاطِل ﴿وَعَن أَيْمَانهم﴾ من أَمر الْآخِرَه ﴿وَعَن شمائلهم﴾ من الدُّنْيَا
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن ابْن عمر قَالَ: لم يكن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو هَذِه الدَّعْوَات حِين يصبح وَحين يُمْسِي اللَّهُمَّ احفظني من بَين يَدي وَمن خَلْفي وَعَن يَمِيني وَعَن شمَالي وَمن فَوقِي وَأَعُوذ بعظمتك أَن أغتال من تحتي
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿مذؤوما﴾ قَالَ: مذموماً ﴿مَدْحُورًا﴾ قَالَ: منفياً
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿مذؤوما﴾ قَالَ: منفياً ﴿مَدْحُورًا﴾ قَالَ: مطروداً
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿مذؤوما﴾ قَالَ: معيبا ﴿مَدْحُورًا﴾ قَالَ: منفياً
- الْآيَة (٢٠ - ٢٥)
قَالَ لحوّاء: لم أطعمتيه قَالَت: أَمرتنِي الْحَيَّة
قَالَ للحية: لم أَمَرتهَا قَالَت: أَمرنِي إِبْلِيس
قَالَ: مَلْعُون مدحور أما أَنْت يَا حَوَّاء كَمَا أدميت الشَّجَرَة تدمين فِي كل هِلَال وَأما أَنْت يَا حَيَّة فأقطع قوائمك فتمشين جراً على وَجهك وسيشدخ رَأسك من لقيك بِالْحجرِ اهبطوا بَعْضكُم لبَعض عدوّ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي غنيم سعيد بن حَدَّيْنِ الْحَضْرَمِيّ قَالَ: لما أسكن الله آدم وحوّاء الْجنَّة خرج آدم يطوف فِي الْجنَّة فاغتنم إِبْلِيس غيبته فَأقبل حَتَّى بلغ الْمَكَان الَّذِي فِيهِ حوّاء فصفر بقصبة مَعَه صفيراً سمعته حَوَّاء وَبَينهَا وَبَينه سَبْعُونَ قبَّة بَعْضهَا فِي جَوف بعض فَأَشْرَفت حَوَّاء عَلَيْهِ فَجعل يصفر صفيراً لم يسمع السامعون بِمثلِهِ من اللَّذَّة والشهوة وَالسَّمَاع حَتَّى مَا بَقِي من حَوَّاء عُضْو مَعَ آخر إِلَّا تخلج فَقَالَت: أنْشدك بِاللَّه الْعَظِيم لما أقصرت عني فَإنَّك قد أهلكتني فَنزع القصبة ثمَّ قَلبهَا فصفر صفيراً آخر فَجَاشَ الْبكاء وَالنوح والحزن بِشَيْء لم يسمع السامعون بِمثلِهِ حَتَّى قطع فؤادها بالحزن والبكاء فَقَالَت: أنْشدك بِاللَّه الْعَظِيم لما أقصرت عني فَفعل فَقَالَت لَهُ: مَا هَذَا الَّذِي جِئْت بِهِ أخذتني بِأَمْر الْفَرح وأخذتني بِأَمْر الْحزن
قَالَ: ذكرت منزلتكما من الْجنَّة وكرامة الله إياكما فَفَرِحت لَكمَا بمكانكما وَذكرت إنَّكُمَا تخرجان مِنْهَا فَبَكَيْت لَكمَا وحزنت عَلَيْكُمَا ألم يقل لَكمَا رَبكُمَا مَتى تأكلان من هَذِه الشَّجَرَة تموتان وتخرجان مِنْهَا أنظري إليّ يَا حَوَّاء فَإِذا أَنا أكلتها فَإِن أَنا مت أَو تغير من خلقي شَيْء فَلَا تأكلا مِنْهَا أقسم لَكمَا بِاللَّه إِنِّي لَكمَا لمن الناصحين
فَانْطَلق إِبْلِيس حَتَّى تنَاول من تِلْكَ الشَّجَرَة فَأكل مِنْهَا وَجعل يَقُول: يَا حَوَّاء انظري هَل تغير من خلقي شَيْء هَل مت قد أَخْبَرتك مَا أَخْبَرتك
ثمَّ أدبر مُنْطَلقًا
وَأَقْبل آدم من مَكَانَهُ الَّذِي كَانَ يطوف بِهِ من الْجنَّة فَوَجَدَهَا منكبة على وَجههَا حزينة فَقَالَ لَهَا آدم: مَا شَأْنك
قَالَت: أَتَانِي الناصح المشفق قَالَ:
لَعَلَّه إِبْلِيس الَّذِي حذرناه الله قَالَت: يَا آدم وَالله لقد مضى إِلَى الشَّجَرَة فَأكل مِنْهَا وَأَنا أنظر فَمَا مَاتَ وَلَا تغير من جسده شَيْء فَلم تزل بِهِ تدليه بالغرور حَتَّى مضى آدم وحواء إِلَى الشَّجَرَة فَأَهوى آدم بِيَدِهِ إِلَى الثَّمَرَة ليأخذها فناداه جَمِيع شجرالجنة: يَا آدم لَا تأكلها فَإنَّك إِن أكلتها تخرج مِنْهَا فعزم آدم على الْمعْصِيَة فَأخذ ليتناول الشَّجَرَة فَجعلت الشَّجَرَة تتطاول ثمَّ جعل يمدّ يَده ليأخذها فَلَمَّا وضع يَده على الثَّمَرَة اشتدت فَلَمَّا رأى الله مِنْهُ الْعَزْم على الْمعْصِيَة أَخذهَا وَأكل مِنْهَا وناول حَوَّاء فَأكلت فَسقط مِنْهَا لِبَاس الْجمال الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا فِي الْجنَّة وبدت لَهما سوأتهما وابتدرا يستكنان بورق الْجنَّة يخصفان عَلَيْهِمَا من ورق الْجنَّة وَيعلم الله يُنظر أَيهمَا
فَأقبل الرب فِي الْجنَّة فَقَالَ: يَا آدم أَيْن أَنْت أخرج قَالَ: يَا رب أَنا ذَا أستحي أخرج إِلَيْك
قَالَ: فلعلك أكلت من الشَّجَرَة الَّتِي نهيتك عَنْهَا قَالَ: يَا رب هَذِه الَّتِي جَعلتهَا معي أغوتني
قَالَ: فَمَتَى تختبىء يَا آدم أولم تعلم أَن كل شَيْء لي يَا آدم وَأَنه لَا يخفى عليّ شَيْء فِي ظلمَة وَلَا فِي نَهَار قَالَ: فَبعث إِلَيْهِمَا مَلَائِكَة يدفعان فِي رقابهما حَتَّى أخرجوهما من الْجنَّة فأوقفا عريانين وإبليس مَعَهُمَا بَين يَدي الله فَعِنْدَ ذَلِك قضى عَلَيْهِمَا وعَلى إِبْلِيس مَا قضى وَعند ذَلِك أهبط إِبْلِيس مَعَهُمَا وتلقى آدم من ربه كَلِمَات فَتَابَ عَلَيْهِ وأهبطوا جَمِيعًا
وَأخرج الْحَكِيم وَالتِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه فِي قَوْله ﴿ليبدي لَهما مَا وُوريَ عَنْهُمَا من سوآتهما﴾ قَالَ: كَانَ على كل وَاحِد مِنْهُمَا نور لَا يبصر كل وَاحِد مِنْهُمَا عَورَة صَاحبه فَلَمَّا أصابا الْخَطِيئَة نزع مِنْهُمَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: ليهتك لباسهما وَكَانَ قد علم أَن لَهما سوءة لما كَانَ يقْرَأ من كتب الْمَلَائِكَة وَلم يكن آدم يعلم ذَلِك وَكَانَ لباسهما الظفر
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أتاهما إِبْلِيس قَالَ: مَا نهاكما رَبكُمَا عَن هَذِه الشَّجَرَة إِلَّا أَن تَكُونَا ملكَيْنِ تَكُونَا مثله - يَعْنِي مثل الله عز وَجل - فَلم يصدقاه حَتَّى دخل فِي جَوف الْحَيَّة فكلمهما
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ (إِلَّا أَن تَكُونَا ملكَيْنِ) بِكَسْر اللَّام
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿إِلَّا أَن تَكُونَا ملكَيْنِ﴾ قَالَ: ذكر تَفْضِيل الْمَلَائِكَة فضلوا بالصور وفضلوا بالأجنحة وفضلوا بالكرامة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة لَهَا غصنان أَحدهمَا تَطوف بِهِ الْمَلَائِكَة وَالْآخر قَوْله ﴿مَا نهاكما رَبكُمَا عَن هَذِه الشَّجَرَة إِلَّا أَن تَكُونَا ملكَيْنِ﴾ يَعْنِي من الْمَلَائِكَة الَّذين يطوفون بذلك الْغُصْن
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس
أَنه كَانَ يقْرَأ هَذِه الْآيَة ﴿مَا نهاكما رَبكُمَا عَن هَذِه الشَّجَرَة إِلَّا أَن تَكُونَا ملكَيْنِ﴾ فَإِن أخطأكما أَن تَكُونَا ملكَيْنِ لم يخطئكما أَن تَكُونَا خَالِدين فَلَا تموتان فِيهَا أبدا ﴿وقاسمهما﴾ قَالَ: حلف لَهما ﴿إِنِّي لَكمَا لمن الناصحين﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿أَو تَكُونَا من الخالدين﴾ يَقُول: لَا تموتون أبدا
وَفِي قَوْله ﴿وقاسمهما﴾ قَالَ: حلف لَهما بِاللَّه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وقاسمهما إِنِّي لَكمَا لمن الناصحين﴾ قَالَ: حلف لَهما بِاللَّه حَتَّى خدعهما وَقد يخدع الْمُؤمن بِاللَّه
قَالَ لَهما: إِنِّي خلقت قبلكما وَأعلم مِنْكُمَا فاتبعاني أرشدكما قَالَ قَتَادَة: وَكَانَ بعض أهل الْعلم يَقُول: من خادعنا بِاللَّه خدعنَا
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس قَالَ: فِي بعض الْقِرَاءَة (وقاسمهما بِاللَّه إِنِّي لَكمَا لمن الناصحين)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله ﴿فدلاهما بغرور﴾ قَالَ: مناهما بغرور
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فَلَمَّا ذاقا الشَّجَرَة بَدَت لَهما سوآتهما﴾ وَكَانَا قبل ذَلِك لَا يريانها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: لِبَاس كل دَابَّة مِنْهَا ولباس الإِنسان الظفر فأدركت آدم التَّوْبَة عِنْد ظفره
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أسكن الله آدم الْجنَّة كَسَاه سربالاً من الظفر فَلَمَّا أصَاب الْخَطِيئَة سلبه السربال فَبَقيَ فِي أَطْرَاف أَصَابِعه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ لِبَاس آدم الظفر بِمَنْزِلَة الريش على الطير فَلَمَّا عصى سقط عَنهُ لِبَاسه وَتركت الْأَظْفَار زِينَة وَمَنَافع
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أنس بن مَالك قَالَ: كَانَ لِبَاس آدم فِي الْجنَّة الْيَاقُوت فَلَمَّا عصى تقلص فَصَارَ الظفر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: كَانَ آدم طوله سِتُّونَ ذِرَاعا فَكَسَاهُ الله هَذَا الْجلد وأعانه بالظفر يحتك بِهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وطفقا يخصفان﴾ قَالَ: يرقعان كَهَيئَةِ الثَّوْب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وطفقا يخصفان عَلَيْهِمَا﴾ قَالَ: أَقبلَا يغطيان عَلَيْهِمَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿يخصفان عَلَيْهِمَا من ورق الْجنَّة﴾ قَالَ: يوصلان عَلَيْهِمَا من ورق الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله ﴿وطفقا يخصفان عَلَيْهِمَا من ورق الْجنَّة﴾ قَالَ: يأخذان مَا يواريان بِهِ عورتهما
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿وناداهما ربهما ألم أنهكما عَن تلكما الشَّجَرَة﴾ قَالَ آدم: رب انه خلف لي بك وَلم أكن أَظن أَن أحدا من خلقك يحلف بك إِلَّا صَادِقا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿قَالَا﴾ قَالَ: آدم وحواء ﴿رَبنا ظلمنَا أَنْفُسنَا﴾ يَعْنِي ذَنبا أذنبناه فغفره لَهما
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن ﴿قَالَا رَبنَا ظلمنَا أَنْفُسنَا﴾ الْآيَة
قَالَ:
مثله
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: إِن الْمُؤمن ليستحي ربه من الذَّنب إِذا وَقع بِهِ ثمَّ يعلم بِحَمْد الله أَيْن الْمخْرج يعلم أَن الْمخْرج فِي الاسْتِغْفَار وَالتَّوْبَة إِلَى الله عز وَجل فَلَا يحتشمن رجل من التَّوْبَة فَإِنَّهُ لَوْلَا التَّوْبَة لم يخلص أحدا من عباد الله وبالتوبة أدْرك الله أَبَاكُم الرئيس فِي الْخَيْر من الذَّنب حِين وَقع بِهِ
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن كريب قَالَ: دَعَاني ابْن عَبَّاس فَقَالَ: اكْتُبْ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من عبد الله إِلَى فلَان حبر تيما حَدثنِي عَن قَوْله ﴿وَلكم فِي الأَرْض مُسْتَقر ومتاع إِلَى حِين﴾ فَقَالَ: هُوَ مستقره فَوق الأَرْض ومستقره فِي الرَّحِم ومستقره تَحت الأَرْض ومستقره حَيْثُ يصير إِلَى الْجنَّة أَو إِلَى النَّار
- الْآيَة (٢٦ - ٢٧)
وأخرج بن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ أو تكونا من الخالدين ﴾ يقول : لا تموتون أبداً.
وفي قوله ﴿ وقاسمهما ﴾ قال : حلف لهما بالله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله ﴿ وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ﴾ قال : حلف لهما بالله حتى خدعهما وقد يخدع المؤمن بالله. قال لهما : إني خلقت قبلكما وأعلم منكما فاتبعاني أرشدكما قال قتادة : وكان بعض أهل العلم يقول : من خادعنا بالله خدعنا.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس قال : في بعض القراءة ﴿ وقاسمهما بالله إني لكما لمن الناصحين ﴾.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ﴿ فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما ﴾ وكانا قبل ذلك لا يريانها.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عكرمة قال : لباس كل دابة منها ولباس الإِنسان الظفر، فأدركت آدم التوبة عند ظفره.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه وابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس قال : كان لباس آدم وحواء كالظفر، فلما أكلا من الشجرة لم يبق عليهما إلا مثل الظفر ﴿ وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ﴾ قال : ينزعان ورق التين فيجعلانه على سوءاتهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما أسكن الله آدم الجنة كساه سربالاً من الظفر، فلما أصاب الخطيئة سلبه السربال فبقي في أطراف أصابعه.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : كان لباس آدم الظفر بمنزلة الريش على الطير، فلما عصى سقط عنه لباسه وتركت الأظفار زينة ومنافع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس بن مالك قال : كان لباس آدم في الجنة الياقوت فلما عصى تقلص فصار الظفر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : كان آدم طوله ستون ذراعاً، فكساه الله هذا الجلد وأعانه بالظفر يحتك به.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله ﴿ وطفقا يخصفان ﴾ قال : يرقعان كهيئة الثوب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ وطفقا يخصفان عليهما ﴾ قال : أقبلا يغطيان عليهما.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ يخصفان عليهما من ورق الجنة ﴾ قال : يوصلان عليهما من ورق الجنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله ﴿ وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ﴾ قال : يأخذان ما يواريان به عورتهما.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي ﴿ وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة ﴾ قال : آدم : رب انه حلف لي بك، ولم أكن أظن أن أحداً من خلقك يحلف بك إلا صادقاً.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن ﴿ قالا ربنا ظلمنا أنفسنا. . . ﴾ الآية. قال : هي الكلمات التي تلقى آدم من ربه.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك. مثله.
وأخرج أحمد في الزهد وأبو الشيخ عن قتادة قال : إن المؤمن ليستحي ربه من الذنب إذا وقع به، ثم يعلم بحمد الله أين المخرج يعلم أن المخرج في الاستغفار والتوبة إلى الله عز وجل، فلا يحتشمن رجل من التوبة، فإنه لولا التوبة لم يخلص أحد من عباد الله، وبالتوبة أدرك الله أباكم الرئيس في الخير من الذنب حين وقع به.
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿قد أنزلنَا عَلَيْكُم لباسا يواري سوآتكم﴾ قَالَ: نزلت فِي الحمس من قُرَيْش وَمن كَانَ يَأْخُذ مأخذها من قبائل الْعَرَب الْأَنْصَار
الْأَوْس والخزرج وخزاعة وَثَقِيف وَبني عَامر بن صعصعة وبطون كنَانَة بن بكر كَانُوا لَا يَأْكُلُون اللَّحْم وَلَا يأْتونَ الْبيُوت إِلَّا من أدبارها وَلَا يضطربون وَبرا وَلَا شعرًا إِنَّمَا يضطربون الادم وَيلبسُونَ صبيانهم الرهاط وَكَانُوا يطوفون عُرَاة إِلَّا قُريْشًا فَإِذا قدمُوا طرحوا ثِيَابهمْ الَّتِي قدمُوا فِيهَا وَقَالُوا: هَذِه
وَأخرج ابْن جرير عَن عُرْوَة بن الزبير فِي قَوْله ﴿لباساً يواري سوآتكم﴾ قَالَ: الثِّيَاب ﴿وريشا﴾ قَالَ: المَال ﴿ولباس التَّقْوَى﴾ قَالَ: خشيَة الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن عَليّ فِي قَوْله ﴿لباسا يواري سوآتكم﴾ قَالَ: لِبَاس الْعَامَّة ﴿وريشاً﴾ قَالَ: لِبَاس الزِّينَة ﴿ولباس التَّقْوَى﴾ قَالَ: الإِسلام
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وريشاً﴾ قَالَ: المَال واللباس والعيش وَالنَّعِيم
وَفِي قَوْله ﴿ولباس التَّقْوَى﴾ قَالَ: الإِيمان وَالْعَمَل الصَّالح ﴿ذَلِك خير﴾ قَالَ: الإِيمان وَالْعَمَل خير من الريش واللباس
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وريشا﴾ يَقُول: مَالا
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا لبس ثوبا جَدِيدا قَالَ الْحَمد لله الَّذِي كساني من الرياش مَا أواري بِهِ عورتي وأتجمل بِهِ فِي النَّاس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: الرياش: الْجمال
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس
أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وجلَّ ﴿وريشاً﴾ قَالَ: الرياش: المَال قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: فرشني بِخَير طَال مَا قد بريتني وَخير الموَالِي من يريش وَلَا يبري وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿لباسا يواري سوآتكم وريشاً﴾ قَالَ: هُوَ اللبَاس ﴿ولباس التَّقْوَى﴾ قَالَ: هُوَ الإِيمان وَقد أنزل الله اللبَاس ثمَّ قَالَ: خير اللبَاس التَّقْوَى
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد
أَنه قَرَأَهَا (وريشاً ولباس التَّقْوَى) بِالرَّفْع
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (وريشاً) بِغَيْر ألف (ولباس التَّقْوَى) بِالرَّفْع
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عُثْمَان سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ ﴿وريشا﴾ وَلم يقل: وريشاً
أَنه قَرَأَهَا (ورياشاً)
وَأخرج أَبُو عبيد وَعبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن معبد الْجُهَنِيّ فِي قَوْله ﴿ولباس التَّقْوَى﴾ قَالَ: هُوَ الْحيَاء ألم تَرَ أَن الله قَالَ ﴿يَا بني آدم قد أنزلنَا عَلَيْكُم لباساً يواري سوآتكم وريشاً ولباس التَّقْوَى﴾ فاللباس الَّذِي يواري سوءاتكم: هُوَ لبوسكم والرياش المعاش ولباس التَّقْوَى: الْحيَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿ولباس التَّقْوَى﴾ قَالَ: يَتَّقِي الله فيواري عَوْرَته ذَاك لِبَاس التَّقْوَى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿ولباس التَّقْوَى﴾ قَالَ: مَا يلبس المتقون يَوْم الْقِيَامَة ﴿ذَلِك خير﴾ من لِبَاس أهل الدُّنْيَا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء فِي قَوْله ﴿ولباس التَّقْوَى ذَلِك خير﴾ قَالَ: مَا يلبس المتقون يَوْم الْقِيَامَة خير مِمَّا يلبس أهل الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿ولباس التَّقْوَى﴾ قَالَ: السمت الْحسن فِي الْوَجْه
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من عبد عمل خيرا أَو شرا إِلَّا كسى رِدَاء عمله حَتَّى يعرفوه وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله ﴿ولباس التَّقْوَى ذَلِك خير﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: رَأَيْت عُثْمَان على الْمِنْبَر قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا الله فِي هَذِه السرائر فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ مَا عمل أحد عملا قطّ سرا إِلَّا ألبسهُ الله رِدَاءَهُ عَلَانيَة إِن خيرا فَخير وَإِن شرا فشر ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة ﴿وريشا﴾ وَلم يقل وريشاً ﴿ولباس التَّقْوَى ذَلِك خير﴾ قَالَ: السمت الْحسن
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿لباسا يواري سوآتكم﴾ قَالَ: هِيَ الثِّيَاب ﴿وريشا﴾ قَالَ: المَال ﴿ولباس التَّقْوَى﴾ قَالَ: الإِيمان ﴿ذَلِك خير﴾ يَقُول: ذَلِك خير من الرياش واللباس يواري سوءاتكم
وَفِي قَوْله ﴿إِنَّه يراكم هُوَ وقبيله﴾ قَالَ: الْجِنّ وَالشَّيَاطِين
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن مُنَبّه ﴿ينْزع عَنْهُمَا لباسهما﴾ قَالَ: النُّور
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿وقبيله﴾ قَالَ: نَسْله
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة ﴿إِنَّه يراكم هُوَ وقبيله من حَيْثُ لَا ترونهم﴾ قَالَ: وَالله ان عدوا يراك من حَيْثُ لَا ترَاهُ لشديد الْمُؤْنَة إِلَّا من عصم الله
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: سَأَلَ أَن يرى وَلَا يرى وَأَن يخرج من تَحت الثرى وَإنَّهُ مَتى شَاب عَاد فَتى فَأُجِيب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مطرف
أَنه كَانَ يَقُول: لَو أَن رجلا رأى صيدا وَالصَّيْد لَا يرَاهُ فختله ألم يُوشك أَن يَأْخُذهُ قَالُوا: بلَى
قَالَ: فَإِن الشَّيْطَان يَرَانَا وَنحن لَا نرَاهُ وَهُوَ يُصِيب منا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أيّما رجل مِنْكُم تخيل لَهُ الشَّيْطَان حَتَّى يرَاهُ فَلَا يَصُدَّنَّ عَنهُ وليمضِ قدماً فَإِنَّهُم مِنْكُم أَشد فرقا مِنْكُم مِنْهُم فَإِنَّهُ إِن صد عَنهُ رَكبه وَإِن مضى هرب مِنْهُ
قَالَ مُجَاهِد: فانا ابْتليت بِهِ حَتَّى رَأَيْته فَذكرت قَول ابْن عَبَّاس فمضيت قدماً فهرب
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن نعيم بن عمر قَالَ: الْجِنّ لَا يرَوْنَ الشَّيَاطِين بِمَنْزِلَة الْإِنْس
- الْآيَة (٢٨)
وأخرج عبد بن حميد عن ابن منبه ﴿ ينزع عنهما لباسهما ﴾ قال : النور.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله ﴿ وقبيله ﴾ قال : نسله.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة ﴿ إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ﴾ قال : والله أن عدواً يراك من حيث لا تراه لشديد المؤنة إلا من عصم الله.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال : سأل أن يرى ولا يرى، وأن يخرج من تحت الثرى، وإنه متى شاب عاد فتى فأجيب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مطرف. أنه كان يقول : لو أن رجلاً رأى صيداً والصيد لا يراه فختله ألم يوشك أن يأخذه ؟ قالوا : بلى. قال : فإن الشيطان يرانا ونحن لا نراه، وهو يصيب منا.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال : أيّما رجل منكم تخيل له الشيطان حتى يراه فلا يَصُدَّنَّ عنه، وليمضِ قدماً فإنهم منكم أشد فرقاً منكم منهم، فإنه إن صد عنه ركبه وإن مضى هرب منه. قال مجاهد : فانا ابتليت به حتى رأيته، فذكرت قول ابن عباس، فمضيت قدماً فهرب.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن نعيم بن عمر قال : الجن لا يرون الشياطين بمنزلة الإِنس.
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَإِذا فعلوا فَاحِشَة﴾ قَالَ: فاحشتهم أَنهم كَانُوا يطوفون حول الْبَيْت عُرَاة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَإِذا فعلوا فَاحِشَة﴾
قَالَ: كَانَ قَبيلَة من الْعَرَب من أهل الْيمن يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة فَإِذا قيل لَهُم لم تَفْعَلُونَ ذَلِك قَالُوا: وجدنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وأمرنا الله بهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ الرِّجَال يطوفون بِالْبَيْتِ بِالنَّهَارِ عُرَاة وَالنِّسَاء بِاللَّيْلِ عُرَاة وَيَقُولُونَ: إِنَّا وجدنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَالله أمرنَا بهَا فَلَمَّا جَاءَ الإِسلام وأخلاقه الْكَرِيمَة نهوا عَن ذَلِك
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: وَالله مَا أكْرم الله عبدا قطّ على مَعْصِيَته وَلَا رضيها لَهُ وَلَا أَمر بهَا وَلَكِن رَضِي لكم بِطَاعَتِهِ ونهاكم عَن مَعْصِيَته
- الْآيَة (٢٩ - ٣٠)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله ﴿وادعوه مُخلصين لَهُ الدّين كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ﴾ يَقُول: اخلصوا لَهُ الدّين كَمَا بَدَأَكُمْ فِي زمَان آدم حَيْثُ فطرهم على الإِسلام يَقُول: فَادعوهُ كَذَلِك لَا تَدْعُو لَهَا غَيره وَأمرهمْ أَن يخلصوا لَهُ الدّين والدعوة وَالْعَمَل ثمَّ يوجهوا وُجُوههم إِلَى الْبَيْت الْحَرَام
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ﴾ الْآيَة قَالَ: إِن الله بَدَأَ خلق بني آدم مُؤمنا وكافراً كَمَا قَالَ ﴿هُوَ الَّذِي خَلقكُم فمنكم كَافِر ومنكم مُؤمن﴾ التغابن الْآيَة ٢ ثمَّ يعيدهم يَوْم الْقِيَامَة كَمَا بَدَأَ خلقهمْ مُؤمنا وكافراً
وَأخرج ابْن جرير عَن جَابر فِي الْآيَة قَالَ: يبعثون على مَا كَانُوا عَلَيْهِ الْمُؤمن على ايمانه وَالْمُنَافِق على نفَاقه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ﴾ قَالَ: من ابْتَدَأَ الله خلقه على الْهدى والسعاده صيره إِلَى مَا ابْتَدَأَ عَلَيْهِ خلقه كَمَا فعل بالسحرة ابْتَدَأَ خلقهمْ على الْهدى والسعادة حَتَّى تَوَفَّاهُم مُسلمين وكما فعل إِبْلِيس ابْتَدَأَ خلقه على الْكفْر والضلالة وَعمل بِعَمَل الْمَلَائِكَة فصيره الله إِلَى مَا ابْتَدَأَ خلقه عَلَيْهِ من الْكفْر
قَالَ الله تَعَالَى ﴿وَكَانَ من الْكَافرين﴾ الْبَقَرَة الْآيَة ٣٤
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ﴾ يَقُول: كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أول مرّة كَذَلِك تعودُونَ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ﴾ قَالَ: كَمَا بَدَأَكُمْ وَلم تَكُونُوا شَيْئا فأحياكم كَذَلِك يميتكم ثمَّ يُحْيِيكُمْ يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ﴾ قَالَ: خلقهمْ من التُّرَاب وَإِلَى التُّرَاب يعودون
قَالَ: وَقيل فِي الْحِكْمَة: مَا فَخر من خلق من التُّرَاب وَإِلَى التُّرَاب يعود وَمَا تكبر من هُوَ الْيَوْم حَيّ وَغدا يَمُوت وَأَن الله وعد المتكبرين أَن يضعهم وَيرْفَع الْمُسْتَضْعَفِينَ
فَقَالَ ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وفيهَا نعيدكم وَمِنْهَا نخرجكم تَارَة أُخْرَى﴾ طه الْآيَة ٥٥ ثمَّ قَالَ ﴿فريقاً هدى وفريقاً حق عَلَيْهِم الضَّلَالَة إِنَّهُم اتَّخذُوا الشَّيَاطِين أَوْلِيَاء من دون الله وَيَحْسبُونَ أَنهم مهتدون﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ﴾ قَالَ: إِن تَمُوتُوا يحْسب الْمُهْتَدي أَنه على هدى ويحسب الْغَنِيّ أَنه على هدى حَتَّى يتَبَيَّن لَهُ عِنْد الْمَوْت وَكَذَلِكَ تبعثون يَوْم الْقِيَامَة
وَذَلِكَ قَوْله ﴿وَيَحْسبُونَ أَنهم مهتدون﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ﴾ قَالَ: كَمَا كتب عَلَيْكُم تَكُونُونَ ﴿فريقاً هدى وفريقاً حق عَلَيْهِم الضَّلَالَة﴾
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مقَاتل بن وهب الْعَبْدي
أَن تَأْوِيل هَذِه الْآيَة ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ﴾ تكون فِي آخر هَذِه الْأمة
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الضُّعَفَاء عَن عبد الغفور بن عبد الْعَزِيز بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الله تَعَالَى يمسخ خلقا كثيرا وَإِن الإِنسان يَخْلُو بمعصيته فَيَقُول الله تَعَالَى استهانة بِي فيمسخه ثمَّ يَبْعَثهُ يَوْم الْقِيَامَة إنْسَانا يَقُول ﴿كَمَا بَدَأَكُمْ تعودُونَ﴾ ثمَّ يدْخلهُ النَّار
- الْآيَة (٣١)
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله ﴿ وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون ﴾ يقول : اخلصوا له الدين كما بدأكم في زمان آدم حيث فطرهم على الإِسلام يقول : فادعوه كذلك لا تدعوا لها غيره وأمرهم أن يخلصوا له الدين والدعوة والعمل، ثم يوجهوا وجوههم إلى البيت الحرام.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ كما بدأكم تعودون... ﴾ الآية. قال : إن الله بدأ خلق بني آدم مؤمناً وكافراً، كما قال ﴿ هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن ﴾ [ التغابن : ٢ ] ثم يعيدهم يوم القيامة كما بدأ خلقهم مؤمناً وكافراً.
وأخرج ابن جرير عن جابر في الآية قال : يبعثون على ما كانوا عليه، المؤمن على إيمانه والمنافق على نفاقه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ كما بدأكم تعودون ﴾ ﴿ فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب في قوله ﴿ كما بدأكم تعودون ﴾ قال : من ابتدأ الله خلقه على الهدى والسعادة صيره إلى ما ابتدأ عليه خلقه، كما فعل بالسحرة ابتدأ خلقهم على الهدى والسعادة حتى توفاهم مسلمين، وكما فعل بإبليس ابتدأ خلقه على الكفر والضلالة وعمل بعمل الملائكة فصيره الله إلى ما ابتدأ خلقه عليه من الكفر. قال الله تعالى ﴿ وكان من الكافرين ﴾ [ البقرة : ٣٤ ].
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ كما بدأكم تعودون ﴾ يقول : كما خلقناكم أول مرة كذلك تعودون.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن الحسن في قوله ﴿ كما بدأكم تعودون ﴾ قال : كما بدأكم ولم تكونوا شيئاً فأحياكم، كذلك يميتكم ثم يحييكم يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله ﴿ كما بدأكم تعودون ﴾ قال : خلقهم من التراب وإلى التراب يعودون. قال : وقيل في الحكمة : ما فخر من خلق من التراب وإلى التراب يعود، وما تكبر من هو اليوم حي وغداً يموت، وأن الله وعد المتكبرين أن يضعهم ويرفع المستضعفين. فقال ﴿ منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ﴾ [ طه : ٥٥ ] ثم قال ﴿ فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ كما بدأكم تعودون ﴾ قال : إن تموتوا يحسب المهتدي أنه على هدى ويحسب الغني أنه على هدى، حتى يتبين له عند الموت وكذلك تبعثون يوم القيامة.
وذلك قوله ﴿ ويحسبون أنهم مهتدون ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير ﴿ كما بدأكم تعودون ﴾ قال : كما كتب عليكم تكونون ﴿ فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة ﴾.
وأخرج أبو الشيخ عن عمر بن أبي معروف قال : حدثني رجل ثقة في قوله ﴿ كما بدأكم تعودون ﴾ قال : قلفاً بظرا.
وأخرج أبو الشيخ عن مقاتل بن وهب العبدي. أن تأويل هذه الآية ﴿ كما بدأكم تعودون ﴾ تكون في آخر هذه الأمة.
وأخرج البخاري في الضعفاء عن عبد الغفور بن عبد العزيز بن سعيد الأنصاري عن أبيه عن جده « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله تعالى يمسخ خلقاً كثيراً، وإن الإِنسان يخلو بمعصيته فيقول الله تعالى استهانة بي، فيمسخه ثم يبعثه يوم القيامة إنساناً يقول ﴿ كما بدأكم تعودون ﴾ ثم يدخله النار ».
أَن النِّسَاء كن يطفن عُرَاة إِلَّا أَن تجْعَل الْمَرْأَة على فرجهَا خرقَة وَتقول: الْيَوْم يَبْدُو بعضه أَو كُله وَمَا بدا مِنْهُ فَلَا أحله وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَ النَّاس يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة يَقُولُونَ: لَا نطوف فِي ثِيَاب اذنبنا فِيهَا فَجَاءَت امْرَأَة فَأَلْقَت ثِيَابهَا وطافت وَوضعت يَدهَا على قَلبهَا وَقَالَت: الْيَوْم يَبْدُو بعضه أَو كُله فَمَا بدا مِنْهُ فَلَا أحله فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد﴾ إِلَى قَوْله ﴿والطيبات من الرزق﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد﴾ قَالَ: كَانَ رجال يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة فَأَمرهمْ الله بالزينة والزينة اللبَاس وَهُوَ مَا يواري السوءة وَمَا سوى ذَلِك من جيّد الْبَز وَالْمَتَاع
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد﴾ قَالَ: مَا وارى الْعَوْرَة وَلَو عباءة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن طَاوس قَالَ: الشملة من الزِّينَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة يأْتونَ الْبيُوت من ظُهُورهَا فيدخلونها من ظُهُورهَا وهم حَيّ من قُرَيْش يُقَال لَهُم الحمس فَأنْزل الله ﴿يَا بني آدم خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ نَاس من الْعَرَب يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة حَتَّى ان كَانَت الْمَرْأَة لتطوف بِالْبَيْتِ وَهِي عُرْيَانَة فَأنْزل الله ﴿يَا بني آدم خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يَا بني آدم خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد﴾ قَالَ: كَانُوا يطوفون عُرَاة بِالْبَيْتِ فَأَمرهمْ الله تَعَالَى أَن يلبسوا ثِيَابهمْ وَلَا يتعروا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الْعَرَب إِذا حجُّوا فنزلوا أدنى الْحرم نزعوا ثِيَابهمْ وَوَضَعُوا رداءهم ودخلوا مَكَّة بِغَيْر رِدَاء إِلَّا أَن يكون للرجل مِنْهُم صديق من الحمس فيعيره ثَوْبه ويطعمه من طَعَامه فَأنْزل الله ﴿يَا بني آدم خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة فَأنْزل الله ﴿خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ حَيّ من أهل الْيمن يطوفون بِالْبَيْتِ وهم عُرَاة إِلَّا أَن يستعير أحدهم مئزراً من ميازر أهل مَكَّة فيطوف فِيهِ فَأنْزل الله ﴿يَا بني آدم خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن طَاوس فِي الْآيَة قَالَ: لم يَأْمُرهُم بِلبْس الْحَرِير والديباج وَلَكنهُمْ كَانُوا يطوفون بِالْبَيْتِ عُرَاة وَكَانُوا إِذا قدمُوا يضعون ثِيَابهمْ خَارِجا من الْمَسْجِد ثمَّ يدْخلُونَ وَكَانَ إِذا دخل رجل وَعَلِيهِ ثِيَابه يضْرب وتنزع مِنْهُ ثِيَابه فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿يَا بني آدم خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد﴾
وَأخرج الْعقيلِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَول الله ﴿خُذُوا زينتكم عِنْد كل مَسْجِد﴾ قَالَ صلوا فِي نعالكم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا أكْرم الله بِهِ هَذِه الْأمة لبس نعَالهمْ فِي صلَاتهم
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن شَدَّاد بن أَوْس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خالفوا الْيَهُود فَإِنَّهُم لَا يصلونَ فِي خفافهم وَلَا نعَالهمْ
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا صلى أحدكُم فَخلع نَعْلَيْه فَلَا يؤذ بهما أحدا ليجعلهما بَين رجلَيْهِ أَو لِيُصَلِّ فيهمَا
وَأخرج أَبُو يعلى بِسَنَد ضَعِيف عَن عَليّ بن أبي طَالب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ زين الصَّلَاة الْحذاء
وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد ضَعِيف عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خالفوا الْيَهُود وصلوا فِي نعالكم فَإِنَّهُم لَا يصلونَ فِي خفافهم وَلَا فِي نعَالهمْ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن مَسْعُود عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من تَمام الصَّلَاة الصَّلَاة فِي النَّعْلَيْنِ
وَأخرج أَحْمد عَن أبي أُمَامَة قَالَ خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مشيخة من الْأَنْصَار بيض لحاهم فَقَالَ: يَا معشر الْأَنْصَار حمِّرُوا وصفِّروا وخالفوا أهل الْكتاب
قيل يَا رَسُول الله إِن أهل الْكتاب يتسرولون وَلَا يَأْتَزِرُونَ فَقَالَ رَسُول الله: تسرولوا وائتزروا وخالفوا أهل الْكتاب
قُلْنَا: يَا رَسُول الله إِن أهل الْكتاب يتخففون وَلَا ينتعلون فَقَالَ: تخففوا وَانْتَعِلُوا وخالفوا أهل الْكتاب قُلْنَا يَا رَسُول الله إِن أهل الْكتاب يقصون عثانينهم ويوفرون سبالهم فَقَالَ: قصوا سبالكم ووفِرُوا عثانينكم وخالفوا أهل الْكتاب
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ عَن أنس أَنه سُئِلَ أَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي فِي نَعْلَيْه قَالَ: نعم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وجهني على بن أبي طَالب إِلَى ابْن الْكواء وَأَصْحَابه وَعلي قَمِيص رَقِيق وحلة فَقَالُوا لي: أَنْت ابْن عَبَّاس وتلبس مثل
وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما خرجت الحرورية أتيت عليا فَقَالَ: ائْتِ هَؤُلَاءِ الْقَوْم
فَلبِست أحسن مَا يكون من حلل الْيمن فأتيتهم فَقَالُوا: مرْحَبًا بك يَا ابْن عَبَّاس مَا هَذِه الْحلَّة قلت: مَا تعيبون عليّ لقد رَأَيْت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحسن مَا يكون من الْحلَل
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا صلى أحدكُم فليلبس ثوبيه فَإِن الله عز وَجل أَحَق من تزين لَهُ فَإِن لم يكن لَهُ ثَوْبَان فليتزر إِذا صلى وَلَا يشْتَمل أحدكُم فِي صلَاته اشْتِمَال الْيَهُود
وَأخرج الشَّافِعِي وَأحمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يصلين أحدكُم فِي الثَّوْب الْوَاحِد لَيْسَ على عَاتِقه مِنْهُ شَيْء
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن بُرَيْدَة قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُصَلِّي الرجل فِي لِحَاف لَا يتوشح بِهِ وَنهى أَن يُصَلِّي الرجل فِي سَرَاوِيل وَلَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاء
وَأخرج ابْن ماجة عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن أحسن مَا زرتم الله بِهِ فِي قبوركم ومساجدكم الْبيَاض
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم البسوا من ثيابكم الْبيَاض فَإِنَّهَا من خير ثيابكم وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألبسوا ثِيَاب الْبيَاض فَإِنَّهَا أطهر وَأطيب وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم
وَأخرج أَبُو دَاوُد عَن أبي الْأَحْوَص عَن أَبِيه قَالَ: أتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ثوب دون فَقَالَ: أَلَك مَال قَالَ: نعم
قَالَ: من أَي المَال قَالَ: قد آتَانِي الله من الإِبل وَالْغنم وَالْخَيْل وَالرَّقِيق
قَالَ: فَإِذا آتاك الله فلير أثر نعْمَة الله عَلَيْك وكرامته
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَحسنه عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله يحب أَن يرى أثر نعْمَته على عَبده
قَالَ رجل: يَا رَسُول الله انه يُعجبنِي أَن يكون ثوبي غسيلاً ورأسي دهيناً وشراك نَعْلي جَدِيدا وَذكر أَشْيَاء حَتَّى ذكرعلاقة سَوْطه فَمن الْكبر ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: لَا ذَاك الْجمال إِن الله عز وَجل جميل يحب الْجمال وَلَكِن الْكبر من سفه الْحق وازدرى النَّاس
وَأخرج ابْن سعد عَن جُنْدُب بن مكيث قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قدم الْوَفْد لبس أحسن ثِيَابه وَأمر عَلَيْهِ أَصْحَابه بذلك
وَأخرج أَحْمد عَن سهل بن الحنظلية قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ إِنَّكُم قادمون على إخْوَانكُمْ فأصلحوا رحالكُمْ واصلحوا لباسكم حَتَّى تَكُونُوا فِي النَّاس كأنكم شامة فَإِن الله لَا يحب الْفُحْش وَلَا التَّفَحُّش
أما قَوْله تَعَالَى: ﴿وكلوا وَاشْرَبُوا﴾ الْآيَة
أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: احل الله الْأكل وَالشرب مَا لم يكن سَرفًا ومخيلة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: احل الله الْأكل وَالشرب مَا لم يكن سَرفًا أَو مخيلة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِنَّه لَا يحب المسرفين﴾ قَالَ: فِي الطَّعَام وَالشرَاب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿وَلَا تسرفوا﴾ قَالَ: فِي الثِّيَاب وَالطَّعَام وَالشرَاب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿وَلَا تسرفوا﴾ قَالَ: لَا تَأْكُلُوا حَرَامًا ذَلِك إِسْرَاف
وَأخرج عبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ كلوا وَاشْرَبُوا وتصدقوا وَالْبَسُوا فِي غير مخيلة وَلَا سرف فَإِن الله سُبْحَانَهُ يحب أَن يرى أثر نعْمَته على عَبده
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ وَضَعفه عَن عَائِشَة قَالَت رَآنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أكلت فِي الْيَوْم
وَأخرج ابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أنس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من الإِسراف أَن تَأْكُل كل مَا اشْتهيت
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن الْحسن قَالَ: دخل عمر على ابْنه عبد الله بن عمر إِذا عِنْدهم لحم فَقَالَ: مَا هَذَا اللَّحْم قَالَ: اشتهيته
قَالَ: وَكلما اشْتهيت شَيْئا أَكلته كفى بِالْمَرْءِ: إسرافاً أَن يَأْكُل كلما اشْتهى
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كل مَا شِئْت واشرب مَا شِئْت والبس مَا شِئْت إِذا أَخْطَأتك اثْنَتَانِ سرف أَو مخيلة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: من السَّرف أَن يكتسي الإِنسان وَيَأْكُل وَيشْرب مَا لَيْسَ عِنْده
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير
أَنه سُئِلَ مَا الإِسراف فِي المَال قَالَ: أَن يرزقك الله مَالا حَلَالا فتنفقه فِي حرَام حرمه عَلَيْك
وَأخرج ابْن ماجة عَن سلمَان
أَنه أكره على طَعَام يَأْكُلهُ فَقَالَ: حسبي أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن أَكثر النَّاس شبعاً فِي الدُّنْيَا أطولهم جوعا يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وحسنة وَابْن ماجة عَن ابْن عمر قَالَ: تجشى رجل عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ كف جشاك عَنَّا فَإِن أطولكم جوعا يَوْم الْقِيَامَة أَكْثَرَكُم شبعاً فِي دَار الدُّنْيَا
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه النَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن حبَان وَابْن السّني فِي الطِّبّ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم فِي الطِّبّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن الْمِقْدَام بن معدي كرب قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول مَا مَلأ ابْن آدم وعَاء شرا من بطن حسب ابْن آدم لقيمات يقمن صلبه فَإِن كَانَ لَا محَالة فثلث لطعامه وَثلث لشرابه وَثلث لنَفسِهِ
وَأخرج ابْن السّني وَأَبُو نعيم فِي الطِّبّ النَّبَوِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن المرقع قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله لم يخلق وعَاء إِذا ملىء شرا من بطن فَإِن كَانَ لَا بُد فاجعلوا ثلثا للطعام وَثلثا للشراب وَثلثا للريح
وَأخرج ابْن السّني وَأَبُو نعيم من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ
مثله
وَأخرج أَبُو نعيم عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: إيَّاكُمْ والبطنة فِي الطَّعَام وَالشرَاب فَإِنَّهَا مفْسدَة للجسد مورثة للسقم ومكسلة عَن الصَّلَاة وَعَلَيْكُم بِالْقَصْدِ فيهمَا فَإِنَّهُ أصلح للجسد وَأبْعد من السَّرف وَأَن الله تَعَالَى ليبغض الحبر السمين وَإِن الرجل لن يهْلك حَتَّى يُؤثر شَهْوَته على دينه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أَرْطَاة قَالَ: اجْتمع رجال من أهل الطِّبّ عِنْد ملك من الْمُلُوك فَسَأَلَهُمْ مَا رَأس دَوَاء الْمعدة فَقَالَ كل رجل مِنْهُم قولا وَفِيهِمْ رجل سَاكِت فَلَمَّا فرغوا قَالَ: مَا تَقول أَنْت قَالَ: ذكرُوا أَشْيَاء وَكلهَا تَنْفَع بعض النَّفْع وَلَكِن ملاك ذَلِك ثَلَاثَة أَشْيَاء
لَا تَأْكُل طَعَاما أبدا إِلَّا وَأَنت تشتهيه وَلَا تَأْكُل لَحْمًا يُطْبَخُ لَك حَتَّى تنعم إنضاجه وَلَا تبتلع لقْمَة أبدا حَتَّى تمضغها مضغاً شَدِيدا لَا يكون على الْمعدة فِيهَا مؤونة
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن إِبْرَاهِيم بن عَليّ الْموصِلِي قَالَ: أخرج من جَمِيع الْكَلَام أَرْبَعَة الآف كلمة وَأخرج مِنْهَا أَرْبَعمِائَة كلمة وَأخرج مِنْهَا أَرْبَعُونَ كلمة وَأخرج مِنْهَا أَربع كَلِمَات
أَولهَا لَا تثقفن بِالنسَاء وَالثَّانيَِة لَا تحمل معدتك مَا لَا تطِيق وَالثَّالِثَة لَا يغرنك المَال وَالرَّابِعَة يَكْفِيك من الْعلم مَا تنْتَفع بِهِ
وَأخرج أَبُو مُحَمَّد الْخلال عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل عَلَيْهَا وَهِي تَشْتَكِي فَقَالَ لَهَا: يَا عَائِشَة الازم دَوَاء والمعدة بَيت الادواء وعودوا بدنا مَا اعْتَادَ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن محب عَن أَبِيه قَالَ: الْمعدة حَوْض الْجَسَد وَالْعُرُوق تشرع فِيهِ فَمَا ورد فِيهَا بِصِحَّة صدر بِصِحَّة وَمَا ورد فِيهَا بسقم صدر بسقم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن السّني وَأَبُو نعيم معافى الطِّبّ النَّبَوِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَضَعفه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمعدة حَوْض الْبدن وَالْعُرُوق إِلَيْهَا وَارِدَة فَإِذا صحت الْمعدة صدرت الْعُرُوق بِالصِّحَّةِ وَإِذا فَسدتْ الْمعدة صدرت الْعُرُوق بِالسقمِ
وَأخرج وَكِيع فِي الْغرَر عَن عَائِشَة
أَنَّهَا سُئِلت عَن مقانع القز فَقَالَت: مَا حرم الله شَيْئا من الزِّينَة
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك ﴿قل هِيَ للَّذين آمنُوا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا خَالِصَة يَوْم الْقِيَامَة﴾ قَالَ: الْمُشْركُونَ يشاركون الْمُؤمنِينَ فِي زهرَة الدُّنْيَا وَهِي خَالِصَة يَوْم الْقِيَامَة للْمُؤْمِنين دون الْمُشْركين
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس والطيبات من الرزق قَالَ: الودك وَاللَّحم وَالسمن
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد قَالَ: كَانَ قوم يحرمُونَ من الشَّاة لَبنهَا ولحمها وسمنها فَأنْزل الله ﴿قل من حرم زِينَة الله الَّتِي أخرج لِعِبَادِهِ والطيبات من الرزق﴾ قَالَ: والزينة الثِّيَاب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿والطيبات من الرزق﴾ قَالَ: هُوَ مَا حرم أهل الْجَاهِلِيَّة عَلَيْهِم فِي أَمْوَالهم الْبحيرَة والسائبة والوصيلة والحامي
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْجَاهِلِيَّة يحرمُونَ أَشْيَاء أحلهَا الله من الثِّيَاب وَغَيرهَا وَهُوَ قَول الله ﴿قل أَرَأَيْتُم مَا أنزل الله لكم من رزق فجعلتم مِنْهُ حَرَامًا وحلالا﴾ يُونُس الْآيَة ٥٩ وَهُوَ هَذَا فَأنْزل الله ﴿قل من حرم زِينَة الله الَّتِي أخرج لِعِبَادِهِ والطيبات من الرزق قل هِيَ للَّذين آمنُوا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: الزِّينَة تخلص يَوْم الْقِيَامَة لمن آمن فِي الدُّنْيَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم قَالَ: سَمِعت الْحجَّاج بن يُوسُف يقْرَأ (قل هِيَ للَّذين آمنُوا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا خَالِصَة) بِالرَّفْع
قَالَ عَاصِم: وَلم يبصر الْحجَّاج اعرابها وَقرأَهَا عَاصِم بِالنّصب (خَالِصَة)
- الْآيَة (٣٣)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا أحد أغير من الله فَلذَلِك حرم الْفَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: قَالَ سعد بن عبَادَة: لَو رَأَيْت رجلا مَعَ امْرَأَتي لضربته بِالسَّيْفِ فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أتعجبون من غيرَة سعد فو الله لأَنا أَغْيَرُ مِنْ سعد وَالله أغْيَرُ مني وَمن أَجله حرم الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن وَلَا شخص أغير من الله
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قيل: يَا رَسُول الله أما تغار قَالَ وَالله إِنِّي لأغار وَالله أغْيَرُ مني وَمن غيرته نهى عَن الْفَوَاحِش
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن ﴿قل إِنَّمَا حرم رَبِّي الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن﴾ قَالَ: مَا ظهر مِنْهَا الِاغْتِسَال بِغَيْر ستْرَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن يحيى بن أبي كثير أَن رجلا قَالَ: يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي
فجلده ثمَّ صعد الْمِنْبَر وَالْغَضَب يعرف فِي وَجهه فَقَالَ: أَيهَا النَّاس إِن الله حرم عَلَيْكُم الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن فَمن أصَاب مِنْهَا شَيْئا فليستتر بسترالله فَإِنَّهُ من يرفع إِلَيْنَا من ذَلِك شَيْئا نقمة عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي جَعْفَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي غيور وَإِن إِبْرَاهِيم كَانَ غيوراً وَمَا من امرىء لَا يغار إِلَّا منكوس الْقلب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿والإِثم﴾ قَالَ: الْمعْصِيَة وَالْبَغي
قَالَ: إِن تبغى على النَّاس بِغَيْر حق
- الْآيَة (٣٤)
فَقَالَ إِنَّه لَيْسَ بزائدة فِي عمره قَالَ الله ﴿فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ وَلَكِن الرجل يكون لَهُ الذُّرِّيَّة الصَّالِحَة فَيدعونَ الله لَهُ من بعده فيبلغه ذَلِك فَذَلِك الَّذِي ينسأ فِي أبده وَفِي لفظ: فيلحقه دعاؤهم فِي قَبره فَذَلِك زِيَادَة الْعُمر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن أبي عرُوبَة قَالَ: كَانَ الْحسن يَقُول: مَا أَحمَق هَؤُلَاءِ الْقَوْم
يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ أطل عمره وَالله يَقُول ﴿فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب قَالَ: لما طعن عمر قَالَ كَعْب: لَو دَعَا الله عمر لأَخَّر فِي أَجله
فَقيل لَهُ: أَلَيْسَ قد قَالَ الله ﴿فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ فَقَالَ كَعْب: وَقد قَالَ الله ﴿وَمَا يعمر من معمر وَلَا ينقص من عمره إِلَّا فِي كتاب﴾ فاطر الْآيَة ١١ قَالَ الزُّهْرِيّ: وَلَيْسَ أحد إِلَّا لَهُ عمر مَكْتُوب فَرَأى أَنه مَا لم يحضر أَجله فَإِن الله يُؤَخر مَا شَاءَ وَينْقص ﴿فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾
فَأوحى الله إِلَى النَّبِي: أَنه قد قَالَ كَذَا وَكَذَا وَقد صدق: وَقد زِدْته فِي عمره خمس عشرَة سنة فَفِي ذَلِك مَا يكبر طِفْله وتربو أمته فَلَمَّا طعن عمر قَالَ كَعْب: لَئِن سَأَلَ عمر ليبقينه فَأخْبر بذلك عمر فَقَالَ: اللَّهُمَّ اقبضني إِلَيْك غير عَاجز وَلَا ملوم
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: لما طعن عمر جَاءَ كَعْب فَجعل يبكي بِالْبَابِ وَيَقُول: وَالله لَو أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ يقسم على الله أَن يُؤَخِّرهُ لأخَّرَهُ فَدخل ابْن عَبَّاس عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا كَعْب يَقُول كَذَا وَكَذَا قَالَ: إِذا - وَالله - لَا أسأله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن لَبِيبَة عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: جَاءَ سعد بن أبي وَقاص فَقَالَ: يَا رب إِن لي بَنِينَ صغَارًا فأخِّر عني الْمَوْت حَتَّى يبلغُوا فَأخر عَنهُ الْمَوْت عشْرين سنة
وَأخرج أَحْمد عَن ثَوْبَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من سره النسأ فِي الْأَجَل والزياده فِي الرزق فَليصل رَحمَه
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ولي من أَمر أمتِي شَيْئا فحسنت سَرِيرَته رزق الهيبة من قُلُوبهم وَإِذا بسط يَده لَهُم بِالْمَعْرُوفِ رزق الْمحبَّة مِنْهُم وَإِذا وفر عَلَيْهِم أَمْوَالهم وفر الله عَلَيْهِ مَاله وَإِذا أنصف الضَّعِيف من الْقوي قوّى الله سُلْطَانه وَإِذا عدل مدَّ فِي عمره
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر قَالَ: من اتَّقى ربه وَوصل رَحمَه نسىء لَهُ فِي عمره وَربا مَاله وأحبه أَهله
- الْآيَة (٣٧)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿أُولَئِكَ ينالهم نصِيبهم من الْكتاب﴾ قَالَ: من الْأَعْمَال من عمل خيرا جزى بِهِ وَمن عمل شرا جزى بِهِ
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ونصيبهم من الْكتاب قَالَ: مَا كتب عَلَيْهِم من الشَّقَاء والسعادة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أُولَئِكَ ينالهم نصِيبهم من الْكتاب﴾ قَالَ: قوم يعْملُونَ أعمالاً لَا بُد لَهُم أَن يعملوها
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿نصِيبهم من الْكتاب﴾ قَالَ: مَا وعدوا فِيهِ من خير أَو شَرّ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب فِي قَوْله ﴿أُولَئِكَ ينالهم نصِيبهم من الْكتاب﴾ قَالَ: رزقه وأجله وَعَمله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي صَالح فِي قَوْله ﴿نصِيبهم من الْكتاب﴾ قَالَ: من الْعَذَاب
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن
مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله ﴿ينالهم نصِيبهم من الْكتاب﴾ قَالَ: مِمَّا كتب لَهُم من الرزق
- الْآيَة (٣٨ - ٣٩)
وَأخرج عبد بن حميد ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي مجلز فِي قَوْله ﴿وَقَالَت أولاهم لأخراهم فَمَا كَانَ لكم علينا من فضل﴾ يَقُول: قد بيَّن لكم مَا صنع بِنَا من الْعَذَاب حِين عصينا وحذرتم فَمَا فَضلكُمْ علينا
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ الْحسن: الْجِنّ لَا يموتون
فَقلت لَهُ: ألم يقل الله ﴿فِي أُمَم قد خلت من قبلكُمْ من الْجِنّ والإِنس﴾ وَإِنَّمَا يكون مَا خلا مَا قد ذهب
وَالله تَعَالَى أعلم
- الْآيَة (٤٠)
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : قال الحسن : الجن لا يموتون. فقلت له : ألم يقل الله ﴿ في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإِنس ﴾ وإنما يكون ما خلا ما قد ذهب. والله تعالى أعلم.
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس ﴿لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء﴾ قَالَ: لَا تفتح لَهُم لعمل وَلَا دُعَاء
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء﴾ قَالَ: عَيَّرَتها الْكفَّار إِن السَّمَاء لَا تفتح لأرواحهم وَهِي تفتح لأرواح الْمُؤمنِينَ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يفتح لَهُم بِالْيَاءِ
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن جرير وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْمَيِّت تحضره الْمَلَائِكَة فَإِذا كَانَ الرجل صَالحا قَالَ: أَخْرِجِي أيتها النَّفس الطّيبَة كَانَت فِي الْجَسَد الطّيب
فَيُقَال: لَا مرْحَبًا بِالنَّفسِ الخبيثة كَانَت فِي الْجَسَد الْخَبيث ارجعي ذميمة فَإِنَّهَا لَا تفتح لَك أَبْوَاب السَّمَاء
فترسل من السَّمَاء ثمَّ تصير إِلَى الْقَبْر
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف واللالكائي فِي السّنة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: تخرج نفس الْمُؤمن وَهِي أطيب ريحًا من الْمسك فيصعد بهَا الْمَلَائِكَة الَّذين يتوفونها فَتَلقاهُمْ مَلَائِكَة دون السَّمَاء فَيَقُولُونَ: من هَذَا مَعكُمْ فَيَقُولُونَ: فلَان ويذكرونه بِأَحْسَن عمله
فَيَقُولُونَ: حياكم الله وَحيا من مَعكُمْ فَيفتح لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء فيصعد بِهِ من الْبَاب الَّذِي كَانَ يصعد عمله مِنْهُ فيشرق وَجهه فَيَأْتِي الرب ولوجهه برهَان مثل الشَّمْس
قَالَ: وَأما الْكَافِر فَتخرج نَفسه وَهِي أنتن من الجيفة فيصعد بهَا الْمَلَائِكَة الَّذين يتوفونها فَتَلقاهُمْ مَلَائِكَة دون السَّمَاء فَيَقُولُونَ: من هَذَا فَيَقُولُونَ فلَان ويذكرونه باسوأ [هجاء الْهمزَة] عمله فَيَقُولُونَ: ردُّوهُ فَمَا ظلمه الله شَيْئا
فَيرد إِلَى أَسْفَل الْأَرْضين إِلَى الثرى وَقَرَأَ أَبُو مُوسَى ﴿وَلَا يدْخلُونَ الْجنَّة حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط﴾
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وهناد بن السّري وَعبد بن حميد وَأَبُو دَاوُد فِي سنَنه وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب عَذَاب الْقَبْر عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جَنَازَة رجل من الْأَنْصَار فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْر وَلما يلْحد فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَلَسْنَا حوله وَكَأن على رؤوسنا الطير وَفِي يَده عود ينْكث بِهِ فِي الأَرْض فَرفع رَأسه فَقَالَ: استعيذوا بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: إنَّ العَبْد الْمُؤمن إِذا كَانَ فِي انْقِطَاع من الدُّنْيَا وإقبال من الْآخِرَة نزل إِلَيْهِ مَلَائِكَة من السَّمَاء بيض الْوُجُوه كَأَن وجوهم الشَّمْس مَعَهم أكفان من كفن الْجنَّة وحنوط من حنوط الْجنَّة حَتَّى يجلسوا مِنْهُ مد الْبَصَر ثمَّ يَجِيء ملك الْمَوْت حَتَّى يجلس عِنْد رَأسه قيقول: أيتها النَّفس الطّيبَة اخْرُجِي إِلَى مغْفرَة من الله ورضوان
فَتخرج تسيل كَمَا تسيل القطرة من
فيأتيه ملكان فيجلسانه فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك فَيَقُول: رَبِّي الله
فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دينك فَيَقُول: ديني الإِسلام
فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم فَيَقُول: هُوَ رَسُول الله
فَيَقُولَانِ لَهُ: وَمَا عَمَلك فَيَقُول: قَرَأت كتاب الله فآمنت بِهِ وصدّقت
فينادي مُنَاد من السَّمَاء: أَن صدق عَبدِي فافرشوه من الْجنَّة وألبسوه من الْجنَّة وافتحوا لَهُ بَابا إِلَى الْجنَّة فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح لَهُ فِي قَبره مد بَصَره ويأتيه رجل حسن الْوَجْه حسن الثِّيَاب طيب الرّيح فَيَقُول: أبشر بِالَّذِي يَسُرك هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد
فَيَقُول لَهُ: من أَنْت فوجهك الْوَجْه يَجِيء بِالْخَيرِ فَيَقُول: أَنا عَمَلك الصَّالح فَيَقُول: رب أقِم السَّاعَة رب أقِم السَّاعَة حَتَّى أرجع إِلَى أَهلِي وَمَالِي
قَالَ: وَإِن العَبْد الْكَافِر إِذا كَانَ فِي إقبال من الْآخِرَة وَانْقِطَاع من الدُّنْيَا نزل إِلَيْهِ من السَّمَاء مَلَائِكَة سود الْوُجُوه مَعَهم المسوح فَيَجْلِسُونَ مِنْهُ مد الْبَصَر ثمَّ يَجِيء ملك الْمَوْت حَتَّى يجلس عِنْد رَأسه فَيَقُول: أيتها النَّفس الخبيثة اخْرُجِي إِلَى سخط من الله وَغَضب فَتفرق فِي جسده فينتزعها كَمَا ينتزع السفود من الصُّوف المبلول فيأخذها فَإِذا أَخذهَا لم يدعوها فِي يَده طرفَة عين حَتَّى يجعلوها فِي تِلْكَ المسوح وَيخرج مِنْهَا كأنتن ريح جيفة وجدت على وَجه الأَرْض فيصعدون بهَا فَلَا يَمرونَ بهَا على ملإٍ من الْمَلَائِكَة إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرّوح الْخَبيث فَيَقُولُونَ: فلَان بن فلَان بأقبح أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانَ يُسمى بهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهِي بهَا إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فيستفتح فَلَا يفتح لَهُ ثمَّ قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء﴾ فَيَقُول الله عز وَجل: اكتبوا كِتَابه فِي سِجِّين فِي الأَرْض السُّفْلى فتطرح روحه طرحاً ثمَّ قَرَأَ
فتعاد روحه فِي جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فَيَقُولَانِ لَهُ: من رَبك فَيَقُول: هاه هاه
فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا دينك فَيَقُول: هاه هاه لَا أَدْرِي
فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا هَذَا الرجل الَّذِي بعث فِيكُم فَيَقُول: هاه هاه لَا أَدْرِي
فينادي مُنَاد من السَّمَاء: أَن كذب عَبدِي فافرشوه من النَّار وافتحوا لَهُ بَابا إِلَى النَّار فيأتيه من حرهَا وسمومها ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف فِيهِ أضلاعه ويأتيه رجل قَبِيح الْوَجْه قَبِيح الثِّيَاب منتن الرّيح فَيَقُول: أبشر بِالَّذِي يسوءك هَذَا يَوْمك الَّذِي كنت توعد فَيَقُول: من أَنْت فوجهك الْوَجْه يَجِيء بِالشَّرِّ فَيَقُول: أَنا عَمَلك الْخَبيث
فَيَقُول: رب لَا تقم السَّاعَة
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد ﴿لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء﴾ قَالَ: لَا يصعد لَهُم كَلَام وَلَا عمل
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير ﴿لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء﴾ قَالَ: لَا يرفع لَهُم عمل وَلَا دُعَاء
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج ﴿لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء﴾ قَالَ: لأرواحهم وَلَا لأعمالهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿لَا تفتح لَهُم أَبْوَاب السَّمَاء﴾ قَالَ: الْكَافِر إِذا أَخذ روحه ضَربته مَلَائِكَة الأَرْض حَتَّى يرْتَفع إِلَى السَّمَاء فَإِذا بلغ السَّمَاء الدُّنْيَا ضَربته مَلَائِكَة السَّمَاء فهبط فضربته مَلَائِكَة الأَرْض فارتفع فضربته مَلَائِكَة السَّمَاء الدُّنْيَا فهبط إِلَى أَسْفَل الْأَرْضين وَإِذا كَانَ مُؤمنا روّح روحه وَفتحت لَهُ أَبْوَاب السَّمَاء فَلَا يمر بِملك إِلَّا حَيَّاهُ وَسلم عَلَيْهِ حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى الله فيعطيه حَاجته ثمَّ يَقُول الله: ردوا روح عَبدِي فِيهِ إِلَى الأَرْض فَإِنِّي قضيت من التُّرَاب خلقه وَإِلَى التُّرَاب يعود وَمِنْه يخرج
قَوْله تَعَالَى: ﴿حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط﴾
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿حَتَّى يلج الْجمل﴾ قَالَ: ذُو القوائم ﴿فِي سم الْخياط﴾ قَالَ: فِي خرق الإِبرة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿حَتَّى يلج الْجمل﴾ قَالَ: ابْن النَّاقة الَّذِي يقوم فِي المربد على أَربع قَوَائِم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَأَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَأَبُو الشَّيْخ من طرق عَن ابْن عَبَّاس
أَنه كَانَ يقْرَأ (الْجمل) يَعْنِي بِضَم الْجِيم وَتَشْديد الْمِيم وَقَالَ: الْجمل الْحَبل الغليظ وَهُوَ من حبال السفن
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود حَتَّى يلج الْجمل الْأَصْفَر فِي سم الْخياط
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُصعب قَالَ: إِن قُرِئت الْجمل فَإنَّا طيراً يُقَال لَهُ الْجمل
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد ﴿حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط﴾ قَالَ: الْجمل حَبل السَّفِينَة وسم الْخياط ثقبة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: الْجمل الْحَبل الَّذِي يصعد بِهِ إِلَى النّخل الْمِيم مَرْفُوعَة مُشَدّدَة
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: حَتَّى يدْخل الْبَعِير فِي خرق الإِبرة
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عمر
أَنه سُئِلَ عَن سم الْخياط قَالَ: الْجمل فِي ثقب الإبرة
- الْآيَة (٤١ - ٤٢)
وَأخرج هناد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ
مثله
وَأخرج أَبُو الْحسن الْقطَّان فِي الطوالات وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن الْبَراء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكسى الْكَافِر لوحين من نَار فِي قَبره فَذَلِك قَوْله ﴿لَهُم من جَهَنَّم مهاد وَمن فَوْقهم غواش﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَلا هَذِه الْآيَة ﴿لَهُم من جَهَنَّم مهاد وَمن فَوْقهم غواش﴾ قَالَ: هِيَ طَبَقَات من فَوْقه وطبقات من تَحْتَهُ لَا يدْرِي مَا فَوْقه أَكثر أَو ماتحته غير أَنه ترفعه الطَّبَقَات السُّفْلى وتضعه الطَّبَقَات الْعليا ويضيق فِيمَا بَينهمَا حَتَّى يكون بِمَنْزِلَة الزج فِي الْقدح
- الْآيَة (٤٣)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل﴾ قَالَ: هِيَ الْعَدَاوَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يحبس أهل الْجنَّة بعد مَا يجوزون الصِّرَاط حَتَّى يُؤْخَذ لبَعْضهِم من بعض ظلاماتهم فِي الدُّنْيَا فَيدْخلُونَ الْجنَّة وَلَيْسَ فِي قُلُوب بَعضهم على بعض غل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: إِن أهل الْجنَّة إِذا سيقوا إِلَى الْجنَّة فبلغوا وجدوا عِنْد بَابهَا شَجَرَة فِي أصل سَاقهَا عينان فيشربون من إِحْدَاهمَا فينزع مَا فِي صُدُورهمْ من غل فَهُوَ الشَّرَاب الطّهُور وَاغْتَسلُوا من الْأُخْرَى فجرت عَلَيْهِم نَضرة النَّعيم فَلَنْ يشعثوا وَلنْ يشحبوا بعْدهَا أبدا
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي نَضرة قَالَ: يحبس أهل الْجنَّة دون الْجنَّة حَتَّى يقْتَصّ
أما قَوْله تعلى: ﴿وَقَالُوا الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا لهَذَا﴾ أخرج النَّسَائِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير فِي ذكر الْمَوْت وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل أهل النَّار يرى منزله من الْجنَّة يَقُول: لَو هدَانَا الله فَيكون حسرة عَلَيْهِم وكل أهل الْجنَّة يرى منزله من النَّار فَيَقُول: لَوْلَا أَن هدَانَا الله
فَهَذَا شكرهم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هَاشم قَالَ: كتب عدي بن أَرْطَاة إليّ عمر بن عبد الْعَزِيز أَن من قبلنَا من أهل الْبَصْرَة قد أَصَابَهُم من الْخَيْر خير حَتَّى خفت عَلَيْهِم
فَكتب إِلَيْهِ عمر: قد فهمت كتابك وَأَن الله لما أَدخل أهل الْجنَّة الْجنَّة رَضِي مِنْهُم بِأَن قَالُوا ﴿الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا لهَذَا﴾ فَمر من قبلك أَن يحْمَدُوا الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَعبد بن حميد والدارمي وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿ونودوا أَن تلكم الْجنَّة أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ﴾ قَالَ نُودُوا: أَن صحوا فَلَا تسقموا وأنعموا فَلَا تبأسوا وشبوا فَلَا تهرموا واخلدوا فَلَا تَمُوتُوا
وَأخرج هناد وَابْن جرير وَعبد بن حميد عَن أبي سعيد قَالَ: إِذا أَدخل أهل الْجنَّة الْجنَّة نَادَى مُنَاد: يَا أهل الْجنَّة إِن لكم أَن تحيوا فَلَا تَمُوتُوا أبدا وَإِن لكم أَن تنعموا فَلَا تيأسوا أبدا وَإِن لكم أَن تشبوا فَلَا تهرموا أبدا وَإِن لكم أَن تصحوا فَلَا تسقموا أبدا فَذَلِك قَوْله ﴿ونودوا أَن تلكم الْجنَّة أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ﴾
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ ﴿ونودوا أَن تلكم الْجنَّة أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ﴾ قَالَ: لَيْسَ من مُؤمن وَلَا كَافِر إِلَّا وَله فِي الْجنَّة وَالنَّار منزل مُبين فَإِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار ودخلوا مَنَازِلهمْ رفعت الْجنَّة لأهل النَّار فنظروا إِلَى مَنَازِلهمْ فِيهَا فَقيل: هَذِه مَنَازِلكُمْ لَو عملتم بِطَاعَة الله ثمَّ يُقَال: يَا أهل الْجنَّة رثوهم بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ
فيقتسم أهل الْجنَّة مَنَازِلهمْ
فَيدْخل بَيْتا من رَأسه إِلَى سقفه مائَة ألف ذِرَاع بِنَاؤُه على جندل اللُّؤْلُؤ طرائق أصفر وأحمر وأخضر لَيْسَ مِنْهَا طَريقَة تشاكل صاحبتها فِي الْبَيْت سَبْعُونَ سريراً على كل سَرِير سَبْعُونَ حشية على كل حشية سَبْعُونَ زَوْجَة على كل زَوْجَة سَبْعُونَ حلةٍ يُرَى مخ سَاقهَا من بَاطِن الْحلَل يقْضِي جِمَاعهَا فِي مِقْدَار لَيْلَة من لياليكم هَذِه الْأَنْهَار من تَحْتهم تطرد أَنهَارًا من مَاء غير آسن فَإِن شَاءَ أكل قَائِما وَإِن شَاءَ أكل قَاعِدا وَإِن شَاءَ أكل مُتكئا
ثمَّ تَلا ﴿ودانية عَلَيْهِم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا﴾ الْأَعْرَاف الْآيَتَانِ ٨ - ٩ فيشتهي الطَّعَام فيأتيه طير أَبيض فَترفع أَجْنِحَتهَا فيأكل من جنوبها أَي الألوان شَاءَ ثمَّ تطير فتذهب فَيذْهب الْملك فَيَقُول: سَلام عَلَيْكُم ﴿تلكم الْجنَّة أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ﴾
- الْآيَة (٤٤ - ٤٦)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: وجد أهل الْجنَّة مَا وُعِدُوا من ثَوَاب وَوجد أهل النَّار مَا وُعِدوا من عَذَاب
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقف على قليب بدر من الْمُشْركين فَقَالَ: قد وجدنَا مَا وعدنا رَبنَا حَقًا فَهَل وجدْتُم مَا وعد ربكُم حَقًا فَقَالَ لَهُ النَّاس: أَلَيْسُوا أَمْوَاتًا فَيَقُول: إِنَّهُم يسمعُونَ كَمَا تَسْمَعُونَ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَبَينهمَا حجاب﴾ قَالَ: هُوَ السُّور وَهُوَ الْأَعْرَاف وَإِنَّمَا سمي الْأَعْرَاف لِأَن أَصْحَابه يعْرفُونَ النَّاس
أما قَوْله تَعَالَى: ﴿وعَلى الْأَعْرَاف رجال﴾
أخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن حُذَيْفَة قَالَ: الْأَعْرَاف سور بَين الْجنَّة وَالنَّار
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث والنشور عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْأَعْرَاف هُوَ الشَّيْء المشرف
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وهناد وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْأَعْرَاف سور لَهُ عرف كعرف الديك
وَأخرج هناد وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: الْأَعْرَاف حجاب بَين الْجنَّة وَالنَّار سور لَهُ بَاب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب قَالَ: الْأَعْرَاف فِي كتاب الله عُمقاناً سقطاناً
قَالَ ابْن لَهِيعَة: وَاد عميق خلف جبل مُرْتَفع
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن جريج قَالَ: زَعَمُوا أَنه الصِّرَاط
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الْأَعْرَاف تل بَين الْجنَّة وَالنَّار جلس عَلَيْهِ نَاس من أهل الذُّنُوب بَين الْجنَّة وَالنَّار
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْأَعْرَاف سور بَين الْجنَّة وَالنَّار
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يَعْنِي بالأعراف السُّور الَّذِي ذكر الله فِي الْقُرْآن وَهُوَ بَين الْجنَّة وَالنَّار
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: يُحَاسب النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فَمن كَانَت حَسَنَاته أَكثر من سيئاته بِوَاحِدَة دخل الْجنَّة وَمن كَانَت سيئاته أَكثر من حَسَنَاته بواحده دخل النَّار ثمَّ قَرَأَ ﴿فَمن ثقلت مَوَازِينه فَأُولَئِك هم المفلحون وَمن خفت مَوَازِينه فَأُولَئِك الَّذين خسروا أنفسهم﴾ ) (الْأَعْرَاف الْآيَة ٤٩) ثمَّ قَالَ: إِن الْمِيزَان يخف بمثقال حَبَّة ويرجح
قَالَ: وَمن اسْتَوَت حَسَنَاته وسيئاته كَانَ من أَصْحَاب الْأَعْرَاف فوقفوا على الصِّرَاط ثمَّ عرض أهل الْجنَّة وَأهل النَّار فَإِذا نظرُوا إِلَى أهل الْجنَّة نادوا: سَلام عَلَيْكُم وَإِذا صرفُوا أَبْصَارهم إِلَى يسارهم رَأَوْا أَصْحَاب النَّار ﴿قَالُوا رَبنَا لَا تجعلنا مَعَ الْقَوْم الظَّالِمين﴾ فتعوّذوا بِاللَّه من مَنَازِلهمْ فَأَما أَصْحَاب الْحَسَنَات فَإِنَّهُم يُعْطون نورا يَمْشُونَ بِهِ بَين أَيْديهم وبأيمانهم وَيُعْطى كل عبد مُؤمن نورا وكل أمة نورا فَإِذا أَتَوا على الصِّرَاط سلب الله نورا كل مُنَافِق وَمُنَافِقَة فَلَمَّا رأى أهل الْجنَّة مَا لَقِي المُنَافِقُونَ قَالُوا: رَبنَا أتمم لنا نورنا
وَأما أَصْحَاب الْأَعْرَاف فَإِن النُّور كَانَ فِي أَيْديهم فَلم ينْزع من أَيْديهم فهنالك يَقُول الله ﴿لم يدخلوها وهم يطمعون﴾ فَكَانَ الطمع دُخُولا
قَالَ ابْن مَسْعُود: إِن العَبْد إِذا عمل حَسَنَة كتب لَهُ بهَا عشر وَإِذا عمل سَيِّئَة لم تكْتب إِلَّا وَاحِدَة ثمَّ يَقُول: هلك من غلب وحدانه أعشاره
وَأخرج ابْن جرير عَن حُذَيْفَة قَالَ: أَصْحَاب الْأَعْرَاف قوم كَانَت لَهُم أَعمال أنجاهم الله من النَّار وهم آخر من يدْخل الْجنَّة قد عرفُوا أهل الْجنَّة وَأهل النَّار
فَلَمَّا قضى بَين الْعباد أذن لَهُم فِي طلب الشَّفَاعَة فَأتوا آدم فَقَالُوا: يَا آدم أَنْت أَبونَا اشفع لنا عِنْد رَبك فَقَالَ: هَل تعلمُونَ أحدا خلقه الله بِيَدِهِ وَنفخ فِيهِ من روحه وسبقت رَحْمَة الله إِلَيْهِ غَضَبه وسجدت لَهُ الْمَلَائِكَة غَيْرِي فَيَقُولُونَ: لَا
فَيَقُول: مَا علمت كنه مَا أَسْتَطِيع أَن أشفع لكم وَلَكِن ائْتُوا ابْني إِبْرَاهِيم
فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فيسألونه أَن يشفع لَهُم عِنْد ربه فَيَقُول: هَل تعلمُونَ أحدا اتَّخذهُ الله خَلِيلًا هَل تعلمُونَ أحدا أحرقه قومه فِي الله غَيْرِي فَيَقُولُونَ: لَا
فَيَقُول: مَا علمت كنه مَا أَسْتَطِيع أَن أشفع لكم وَلَكِن ائْتُوا ابْني مُوسَى
فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُول: هَل تعلمُونَ من أحد كَلمه الله تكليماً وقرَّبه نجيا غَيْرِي فَيَقُولُونَ: لَا
فَيَقُول: مَا علمت كنه مَا أَسْتَطِيع أَن أشفع لكم وَلَكِن ائْتُوا عِيسَى
فيأتونه فَيَقُولُونَ: اشفع لنا عِنْد رَبك
فَيَقُول: هَل تعلمُونَ أحدا خلقه الله من غير آب غَيْرِي فَيَقُول: هَل تعلمُونَ من أحد كَانَ يبرىء الأكمه والأبرص ويحي الْمَوْتَى بِإِذن الله غَيْرِي فَيَقُولُونَ: لَا
فَيَقُول: أَنا حجيج نَفسِي ماعلمت كنه مَا أَسْتَطِيع أَن أشفع لكم وَلَكِن ائْتُوا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فيأتونني فَاضْرب بيَدي على صَدْرِي ثمَّ أَقُول أَنا لَهَا ثمَّ أَمْشِي حَتَّى أَقف بَين يَدي الْعَرْش فأثني على رَبِّي فَيفتح لي من الثَّنَاء مَا لم يسمع السامعون بِمثلِهِ قطّ ثمَّ اسجد فَيُقَال لي: يَا مُحَمَّد ارْفَعْ رَأسك سل تعطه وَاشْفَعْ تشفع فارفع رَأْسِي فَأَقُول: رب أمتِي
فَيَقُول: هم لَك فَلَا يبْقى نَبِي مُرْسل وَلَا ملك مقرب إِلَّا غبطني يَوْمئِذٍ بذلك الْمقَام الْمَحْمُود فَآتي بهم بَاب الْجنَّة فَاسْتَفْتَحَ فَيفتح لي وَلَهُم فَيذْهب بهم إِلَى نهر يُقَال لَهُ نهر الْحَيَاة حافتاه قُضب من ذهب مكلل بِاللُّؤْلُؤِ ترابه الْمسك وحصباؤه الْيَاقُوت فيغتسلون مِنْهُ فتعود إِلَيْهِم ألوان أهل الْجنَّة وريح أهل الْجنَّة ويصيرون كَأَنَّهُمْ الْكَوَاكِب الدرية وَتبقى فِي صُدُورهمْ شامات بيض يعْرفُونَ بهَا يُقَال لَهُم: مَسَاكِين أهل الْجنَّة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَسَعِيد بن مَنْصُور وهناد بن السّري وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن حُذَيْفَة قَالَ: أَصْحَاب الْأَعْرَاف قوم اسْتَوَت حسناتهم وسيئاتهم غادرت بهم سيئاتهم عَن النَّار
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وعَلى الْأَعْرَاف﴾ قَالَ: هُوَ السُّور الَّذِي بَين الْجنَّة وَالنَّار وَأَصْحَابه رجال كَانَت لَهُم ذنُوب عِظَام وَكَانَ جسيم أَمرهم لله يقومُونَ على الْأَعْرَاف يعْرفُونَ أهل النَّار بسواد الْوُجُوه وَأهل الْجنَّة ببياض الْوُجُوه فَإِذا نظرُوا إِلَى أهل الْجنَّة طمعوا أَن يدخلوها وَإِذا نظرُوا إِلَى أهل النَّار تعوَّذوا بِاللَّه مِنْهَا فأدخلهم الله الْجنَّة فَذَلِك قَوْله ﴿أَهَؤُلَاءِ الَّذين أقسمتم لَا ينالهم الله برحمة﴾ الْأَعْرَاف آيَة ٤٩ يَعْنِي أَصْحَاب الْأَعْرَاف ﴿ادخُلُوا الْجنَّة لَا خوف عَلَيْكُم وَلَا أَنْتُم تَحْزَنُونَ﴾
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تُوضَع الْمِيزَان يَوْم الْقِيَامَة فتوزن الْحَسَنَات والسيئات فَمن رجحت حَسَنَاته على سيئاته مِثْقَال صؤابة دخل الْجنَّة وَمن رجحت سيئاته على حَسَنَاته مِثْقَال صؤابة دخل النَّار
قيل: يَا رَسُول الله فَمن اسْتَوَت حَسَنَاته وسيئاته قَالَ: أُولَئِكَ أَصْحَاب الْأَعْرَاف ﴿لم يدخلوها وهم يطمعون﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي زرْعَة بن عَمْرو بن جرير قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَصْحَاب الْأَعْرَاف فَقَالَ هم آخر من يفصل بَينهم من الْعباد فَإِذا فرغ رب الْعَالمين من الْفَصْل بَين الْعباد قَالَ: أَنْتُم قوم أخرجتكم حسناتكم من النَّار وَلم تدْخلُوا الْجنَّة فَأنْتم عتقائي فارعوا من الْجنَّة حَيْثُ شِئْتُم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن حُذَيْفَة أرَاهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجمع النَّاس يَوْم الْقِيَامَة فَيُؤْمَر بِأَهْل الْجنَّة إِلَى الْجنَّة وَيُؤمر بِأَهْل النَّار إِلَى النَّار ثمَّ يُقَال لأَصْحَاب الْأَعْرَاف: مَا تنتظرون قَالُوا: نَنْتَظِر أَمرك
فَيُقَال لَهُم: إِن حسناتكم تجاوزت بكم النَّار أَن تدخلوها وحالت بَيْنكُم وَبَين الْجنَّة خطياكم فادخلوا الْجنَّة بمغفرتي ورحمتي
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وعَلى الْأَعْرَاف رجال﴾ قَالَ: الْأَعْرَاف حَائِط بَين الْجنَّة وَالنَّار وَذكر لنا أَن ابْن عَبَّاس كَانَ يَقُول: هم قوم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن أَصْحَاب الْأَعْرَاف قوم اسْتَوَت حسناتهم وسيئاتهم فوقفوا هُنَالك على السُّور فَإِذا رَأَوْا أَصْحَاب الْجنَّة عرفوهم ببياض وجوهم وَإِذا رَأَوْا أَصْحَاب النَّار عرفوهم بسواد وجوهم ثمَّ قَالَ ﴿لم يدخلوها وهم يطمعون﴾ فِي دُخُولهَا ثمَّ قَالَ: إِن الله أَدخل أَصْحَاب الْأَعْرَاف الْجنَّة
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وهناد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن الْحَرْث بن نَوْفَل قَالَ: أَصْحَاب الْأَعْرَاف أنَاس تستوي حسناتهم وسيئاتهم فَيذْهب بهم إِلَى نهر يُقَال لَهُ الْحَيَاة تربته ورس وزعفران وحافتاه قصب من ذهب مكلل بِاللُّؤْلُؤِ فيغتسلون مِنْهُ فتبدوا فِي نحورهم شامة بَيْضَاء ثمَّ يغتسلون ويزدادون بَيَاضًا ثمَّ يُقَال لَهُم: تمنوا مَا شِئْتُم
فيتمنون مَا شاؤوا فَيُقَال: لكم مثل مَا تمنيتم سبعين مرّة
فَأُولَئِك مَسَاكِين الْجنَّة
وَأخرج هناد بن السّري وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق عبد الله بن الْحَارِث عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْأَعْرَاف السُّور الَّذِي بَين الْجنَّة وَالنَّار وَهُوَ الْحجاب وَأَصْحَاب الْأَعْرَاف بذلك الْمَكَان فَإِذا أَرَادَ الله أَن يعفوا عَنْهُم انْطلق بهم إِلَى نهر يُقَال لَهُ نهر الْحَيَاة حافتاه قصب الذَّهَب مكلل بِاللُّؤْلُؤِ تربته الْمسك فيكونون فِيهِ مَا شَاءَ الله حَتَّى تصفوا ألوانهم ثمَّ يخرجُون فِي نحورهم شامة بَيْضَاء يعْرفُونَ بهَا فَيَقُول الله لَهُم: سلوا فَيسْأَلُونَ حَتَّى تبلغ أمنيتهم ثمَّ يُقَال لَهُم: لكم مَا سَأَلْتُم وَمثله سَبْعُونَ ضعفا فَيدْخلُونَ الْجنَّة وَفِي نحورهم شامة بَيْضَاء يعْرفُونَ بهَا ويسمون مَسَاكِين أهل الْجنَّة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن منيع والْحَارث بن أبي أُسَامَة فِي مسنديهما وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الأضداد والخرائطي فِي مساوىء الْأَخْلَاق وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن عبد الرَّحْمَن الْمُزنِيّ قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَصْحَاب الْأَعْرَاف فَقَالَ: هم قوم قتلوا فِي سَبِيل الله فِي مَعْصِيّة آبَائِهِم فَمَنعهُمْ من النَّار قَتلهمْ فِي سَبِيل الله ومنعهم من الْجنَّة مَعْصِيّة آبَائِهِم
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَصْحَاب الْأَعْرَاف فَقَالَ هم قوم قتلوا فِي سَبِيل الله وهم لِآبَائِهِمْ عاصون فمنعوا الْجنَّة بمعصيتهم آبَائِهِم وَمنعُوا النَّار بِقَتْلِهِم فِي سَبِيل الله
وَأخرج الْحَارِث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن مَالك الْهِلَالِي عَن أَبِيه قَالَ قَائِل: يَا رَسُول الله مَا أَصْحَاب الْأَعْرَاف قَالَ هم قوم خَرجُوا فِي سَبِيل الله بِغَيْر إِذن آبَائِهِم فاستشهدوا فمنعتهم الشَّهَادَة أَن يدخلُوا النَّار ومنعتهم مَعْصِيّة آبَائِهِم أَن يدخلُوا الْجنَّة فهم آخر من يدْخل الْجنَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: أَصْحَاب الْأَعْرَاف قوم خَرجُوا غزَاة فِي سَبِيل الله وآباؤهم وأمهاتهم ساخطون عَلَيْهِم وَخَرجُوا من عِنْدهم بِغَيْر إذْنهمْ فأوقفوا عَن النَّار بِشَهَادَتِهِم وَعَن الْجنَّة بمعصيتهم آبَاءَهُم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن رجل من مزينة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن أَصْحَاب الْأَعْرَاف فَقَالَ: إِنَّهُم قوم خَرجُوا عصاة بِغَيْر إِذن آبَائِهِم فَقتلُوا فِي سَبِيل الله
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أنس بن مَالك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن مؤمني الْجِنّ لَهُم ثَوَاب وَعَلَيْهِم عِقَاب فَسَأَلْنَاهُ عَن ثوابهم فَقَالَ: على الْأَعْرَاف وَلَيْسوا فِي الْجنَّة مَعَ أمة مُحَمَّد فَسَأَلْنَاهُ وَمَا الْأَعْرَاف قَالَ: حَائِط الْجنَّة تجْرِي فِيهِ الْأَنْهَار وتنبت فِيهِ الْأَشْجَار وَالثِّمَار
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الأضداد وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن أبي مجلز قَالَ: الْأَعْرَاف مَكَان مُرْتَفع عَلَيْهِ رجال من الْمَلَائِكَة يعْرفُونَ أهل الْجنَّة بِسِيمَاهُمْ وَأهل النَّار بِسِيمَاهُمْ وَهَذَا قبل أَن يدْخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار ﴿وَنَادَوْا أَصْحَاب الْجنَّة﴾
قيل: يَا أَبَا مجلز الله يَقُول ﴿رجال﴾ وَأَنت تَقول: الْمَلَائِكَة قَالَ: إِنَّهُم ذُكُور لَيْسُوا بإناث
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وهناد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ: أَصْحَاب الْأَعْرَاف قوم صَالِحُونَ فُقَهَاء عُلَمَاء
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة عَن الْحسن قَالَ: أَصْحَاب الْأَعْرَاف قوم كَانَ فيهم عجب قَالَ قَتَادَة: وَقَالَ مُسلم بن يسَار: هم قوم كَانَ عَلَيْهِم دين
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد ﴿وعَلى الْأَعْرَاف رجال يعْرفُونَ كلا بِسِيمَاهُمْ﴾ الْكفَّار بسواد الْوُجُوه وزرقة الْعُيُون وسيما أهل الْجنَّة مبيضة وُجُوههم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ أَنه سُئِلَ عَن أَصْحَاب الْأَعْرَاف فَقَالَ: أخْبرت أَن رَبك أَتَاهُم بَعْدَمَا أَدخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار قَالَ: مَا حبسكم محبسكم هَذَا قَالُوا: أَنْت رَبنَا وَأَنت خلقتنا وَأَنت أعلم بِنَا فَيَقُول: علام فارقتم الدُّنْيَا فَيَقُولُونَ: على شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله
قَالَ لَهُم رَبهم: لَا أوليكم غَيْرِي إِن حسناتكم جوزت بكم النَّار وَقصرت بكم خطاياكم عَن الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: من اسْتَوَت حَسَنَاته وسيئاته كَانَ من أَصْحَاب الْأَعْرَاف
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: من اسْتَوَت حَسَنَاته وسيئاته كَانَ من أَصْحَاب الْأَعْرَاف
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث عَن مُجَاهِد فِي أَصْحَاب الْأَعْرَاف قَالَ: هم قوم قد اسْتَوَت حسناتهم وسيئاتهم وهم على سور بَين الْجنَّة وَالنَّار وهم على طمع من دُخُول الْجنَّة وهم داخلون
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿لم يدخلوها وهم يطمعون﴾ قَالَ: وَالله مَا جعل ذَلِك الطمع فِي قُلُوبهم إِلَّا لكرامة يريدها بهم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي عُبَيْدَة بن مُحَمَّد بن عمار أَنه سُئِلَ عَن قَوْله ﴿لم يدخلوها وهم يطمعون﴾
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: أَصْحَاب الْأَعْرَاف يعْرفُونَ النَّاس بِسِيمَاهُمْ وَأهل النَّار بسواد وُجُوههم وَأهل الْجنَّة ببياض وجوهم فَإِذا مروا بزمرة يذهب بهم إِلَى الْجنَّة قَالُوا: سَلام عَلَيْكُم وَإِذا مروا بزمرة يذهب بهَا إِلَى النَّار قَالُوا: رَبنَا لَا تجعلنا مَعَ الْقَوْم الظَّالِمين
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن قَتَادَة قَالَ سَالم مولى أبي حُذَيْفَة: وددت أَنِّي بِمَنْزِلَة أَصْحَاب الْأَعْرَاف
- الْآيَة (٤٧)
أما قوله تعالى :﴿ وعلى الأعراف رجال ﴾.
أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن حذيفة قال : الأعراف سور بين الجنة والنار.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس قال : الأعراف هو الشيء المشرف.
وأخرج الفريابي وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : الأعراف سور له عرف كعرف الديك.
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال : الأعراف حجاب بين الجنة والنار، سور له باب.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال : الأعراف جبال بين الجنة والنار، فهم على أعرافها يقول : على ذراها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال : الأعراف في كتاب الله عُمقاناً سقطاناً. قال ابن لهيعة : واد عميق خلف جبل مرتفع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج قال : زعموا أنه الصراط.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : إن الأعراف تل بين الجنة والنار، جلس عليه ناس من أهل الذنوب بين الجنة والنار.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الأعراف سور بين الجنة والنار.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : يعني بالأعراف السور الذي ذكر الله في القرآن، وهو بين الجنة والنار.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : يحاسب الناس يوم القيامة، فمن كانت حسناته أكثر من سيئاته بواحدة دخل الجنة، ومن كانت سيئاته أكثر من حسناته بواحدة دخل النار، ثم قرأ ﴿ فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم ﴾
[ الأعراف : ٤٩ ] ثم قال : إن الميزان يخف بمثقال حبة ويرجح. قال : ومن استوت حسناته وسيئاته كان من أصحاب الأعراف، فوقفوا على الصراط ثم عرض أهل الجنة وأهل، فإذا نظروا إلى أهل الجنة نادوا : سلام عليكم، وإذا صرفوا أبصارهم إلى يسارهم رأوا أصحاب النار ﴿ قالوا : ربنا لا تجعلنا من القوم الظالمين ﴾ فتعوّذوا بالله من منازلهم، فأما أصحاب الحسنات فإنهم يعطون ناراً يمشون به بين أيديهم وبأيمانهم، ويعطى كل عبد مؤمن نوراً وكل أمة نوراً، فإذا أتوا على الصراط سلب الله نور كل منافق ومنافقة، فلما رأى أهل الجنة ما لقي المنافقون قالوا : ربنا أتمم لنا نورنا. وأما أصحاب الأعراف فإن النور كان في أيديهم فلم ينزع من أيديهم، فهنالك يقول الله ﴿ لم يدخلوها وهم يطمعون ﴾ فكان الطمع دخولاً. قال ابن مسعود : إن العبد إذا عمل حسنة كتبه له بها عشر، وإذا عمل سيئة لم تكتب إلا واحدة، ثم يقول : هلك من غلب وحدانه أعشاره.
وأخرج ابن جرير عن حذيفة قال : أصحاب الأعراف، قوم كانت لهم أعمال أنجاهم الله من النار، وهم آخر من يدخل الجنة قد عرفوا أهل الجنة وأهل النار.
وأخرج ابن جرير عن حذيفة قال :« إن أصحاب الأعراف : تكافأت أعمالهم فقصرت بهم حسناتهم عن الجنة، وقصرت بهم سيئاتهم عن النار فجعلوا على الأعراف يعرفون الناس بسيماهم، فلما قضى بين العباد أذن لهم في طلب الشفاعة، فأتوا آدم فقالوا : يا آدم أنت أبونا اشفع لنا عند ربك. فقال : هل تعلمون أحداً خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وسبقت رحمة الله إليه غضبه، وسجدت له الملائكة غيري ؟ فيقولون : لا. فيقول : ما علمت كنه ما أستطيع أن أشفع لكم، ولكن ائتوا ابني إبراهيم. فيأتون إبراهيم فيسألونه أن يشفع لهم عند ربه، فيقول : هل تعلمون أحداً اتخذه الله خليلاً ؟ هل تعلمون أحداً أحرقه قومه في الله غيري ؟ فيقولون : لا. فيقول : ما علمت كنه ما أستطيع أن أشفع لكم، ولكن ائتوا ابني موسى. فيأتون موسى فيقول : هل تعلمون من أحد كلمه الله تكليماً وقرَّبه نجيا غيري ؟ فيقولون : لا. فيقول : ما علمت كنه ما أستطيع أن أشفع لكم، ولكن ائتوا عيسى. فيأتونه فيقولون : اشفع لنا عند ربك : فيقول هل تعلمون أحداً خلقه الله من غير آب غيري ؟ فيقول : هل تعلمون من أحد كان يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله غيري ؟ فيقولون : لا. فيقول : أنا حجيج نفسي، ما علمت كنه ما أستطيع أن أشفع لكم، ولكن ائتوا محمداً صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى عليه وسلم : فيأتونني فأضرب بيدي على صدري، ثم أقول » أنا لها، ثم أمشي حتى أقف بين يدي العرش فأثني على ربي، فيفتح لي من الثناء ما لم يسمع السامعون بمثله قط، ثم اسجد فيقال لي : يا محمد ارفع رأسك سل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول : يا رب أمتي فيقول : هم لك، فلا يبقى نبي مرسل ولا ملك مقرب إلا غبطني يومئذ بذلك المقام وهو المقام المحمود، فآتي بهم باب الجنة، فاستفتح فيفتح لي ولهم، فيذهب بهم إلى نهر يقال له نهر الحياة، حافتاه قُضب من ذهب مكلل باللؤلؤ، ترابه المسك وحصباؤه الياقوت، فيغتسلون منه فتعود إليهم ألوان أهل الجنة وريح أهل الجنة، ويصيرون كأنهم الكواكب الدرية، وتبقى في صدروهم شامات بيض يعرفون بها يقال لهم :«مساكين أهل الجنة ».
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وهناد بن السري وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في البعث عن حذيفة قال : أصحاب الأعراف قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، غدرت بهم سيئاتهم عن النار وقصرت بهم سيئاتهم عن الجنة، جعلوا على سور بين الجنة والنار حتى يقضي بين الناس، فبينما هم كذلك إذا طلع عليهم ربهم، فقال لهم : قوموا فادخلوا الجنة فإني غفرت لكم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله ﴿ وعلى الأعراف ﴾ قال : هو السور الذي بين الجنة والنار، وأصحابه رجال كانت لهم ذنوب عظام، وكان جسيم أمرهم لله، يقومون على الأعراف يعرفون أهل النار بسواد الوجوه وأهل الجنة ببياض الوجوه، فإذا نظروا إلى أهل الجنة طمعوا أن يدخلوها، وإذا نظروا إلى أهل النار تعوَّذوا بالله منها فأدخلهم الله الجنة، فذلك قوله ﴿ أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ﴾ [ الأعراف : ٤٩ ] يعني أصحاب الأعراف ﴿ ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ﴾ [ الأعراف : ٤٩ ].
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« توضع الميزان يوم القيامة فتوزن الحسنات والسيئات، فمن رجحت حسناته على سيئاته مثقال صؤابة دخل الجنة، ومن رجحت سيئاته على حسناته مثقال صؤابة دخل النار، قيل : يا رسول الله فمن استوت حسناته وسيئاته ؟ قال أصحاب الأعراف ﴿ لم يدخلوها وهم يطمعون ﴾ ».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي زرعة بن عمرو بن حرير قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف ؟ فقال « هم آخر من يفصل بينهم من العباد، فإذا فرغ رب العالمين من الفصل بين العباد قال : أنتم قوم أخرجتكم حسناتكم من النار ولم تدخلوا الجنة، فأنتم عتقائي فارعوا من الجنة حيث شئتم ».
وأخرج البيهقي في البعث عن حذيفة أراه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « يجمع الناس يوم القيامة، فيؤمر بأهل الجنة إلى الجنة ويؤمر بأهل النار إلى النار، ثم يقال لأصحاب الأعراف : ما تنتظرون ؟ قالوا : ننتظر أمرك. فيقال لهم : إن حسناتكم تجاوزت بكم النار أن تدخلوها، وحالت بينكم وبين الجنة خطاياكم فادخلوا الجنة بمغفرتي ورحمتي ».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ وعلى الأعراف رجال ﴾ قال : الأعراف حائط بين الجنة والنار، وذكر لنا أن ابن عباس كان يقول : هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فلم تفضّل حسناتهم على سيئاتهم ولا سيئاتهم على حسناتهم فحبسوا هنالك.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إن أصحاب الأعراف قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فوقفوا هنالك على السور، فإذا رأوا أصحاب الجنة عرفوهم ببياض وجوههم، وإذا رأوا أصحاب النار عرفوهم بسواد وجهوهم ثم قال ﴿ لم يدخلوها وهم يطمعون ﴾ في دخولها، ثم قال : إن الله أدخل أصحاب الأعراف الجنة.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن عبد الله بن الحرث بن نوفل قال : أصحاب الأعراف أناس تستوي حسناتهم وسيئاتهم، فيذهب بهم إلى نهر يقال له الحياة، تربته ورس وزعفران وحافتاه قصب من ذهب مكلل باللؤلؤ، فيغتسلون منه فتبدو في نحورهم شامة بيضاء، ثم يغتسلون ويزدادون بياضاً، ثم يقال لهم : تمنوا ما شئتم. فيتمنون ما شاءوا فيقال : لكم مثل ما تمنيتم سبعين مرة. فأولئك مساكين الجنة.
وأخرج هناد بن السري وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق عبد الله بن الحارث عن ابن عباس قال : الأعراف السور الذي بين الجنة والنار وهو الحجاب، وأصحاب الأعراف بذلك المكان، فإذا أراد الله أن يعفو عنهم انطلق بهم إلى نهر يقال له نهر الحياة، حافتاه قصب ذهب مكلل باللؤلؤ تربته مسك، فيكونون فيه ما شاء الله حتى تصفو ألوانهم، ثم يخرجون في نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها، فيقول الله لهم : سلوا فيسألون حتى تبلغ أمنيتهم، ثم يقال لهم : لكم ما سألتم ومثله سبعون ضعفاً، فيدخلون الجنة وفي نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها ويسمون مساكين أهل الجنة.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن منيع والحارث بن أبي أسامه في مسنديهما وابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب الأضداد والخرائطي في مساوىء الأخلاق والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في البعث عن عبد الرحمن المزني قال :« سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف ؟ فقال : هم قوم قتلوا في سبيل الله في معصية آبائهم، فمنعهم من النار قتلهم في سبيل الله، ومنعهم من الجنة معصية آبائهم ».
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري قال :« سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف ؟ فقال » هم رجال قتلوا في سبيل الله وهم عصاة لآبائهم، فمنعتهم الشهادة أن يدخلوا النار ومنعتهم المعصية أن يدخلوا الجنة، وهم على سور بين الجنة والنار حتى تذبل لحومهم وشحومهم حتى يفرغ الله من حساب الخلائق، فإذا فرغ من حساب خلقه فلم يبق غيرهم، تغمَّدهم منه برحمة «فأدخلهم الجنة برحمته ».
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال :« سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف فقال هم قوم قتلوا في سبيل الله وهم لآبائهم عاصون، فمنعوا الجنة بمعصيتهم آبائهم ومنعوا النار بقتلهم في سبيل الله ».
وأخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده وابن جرير وابن مردويه عن عبد الله بن مالك الهلالي عن أبيه قال قائل :« يا رسول الله ما أصحاب الأعراف ؟ قال » هم قوم خرجوا في سبيل الله بغير إذن آبائهم فاستشهدوا، فمنعتهم الشهادة أن يدخلوا النار ومنعتهم معصية آبائهم أن يدخلوا الجنة، فهم آخر من يدخل الجنة ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أصحاب الأعراف قوم خرجوا غزاة في سبيل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿وَإِذا صرفت أَبْصَارهم تِلْقَاء أَصْحَاب النَّار﴾ فَرَأَوْا وُجُوههم مسودة وأعينهم مزرقة ﴿قَالُوا رَبنَا لَا تجعلنا مَعَ الْقَوْم الظَّالِمين﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مجلز ﴿وَإِذا صرفت أَبْصَارهم﴾ قَالَ: إِذا صرفت أبصار أهل الْجنَّة ﴿تِلْقَاء أَصْحَاب النَّار قَالُوا رَبنَا لَا تجعلنا مَعَ الْقَوْم الظَّالِمين﴾
- الْآيَة (٤٨ - ٤٩)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿يعرفونهم بِسِيمَاهُمْ﴾ قَالَ: سَواد الْوُجُوه وزرقة الْعُيُون
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مجلز فِي قَوْله ﴿ونادى أَصْحَاب الْأَعْرَاف رجَالًا﴾ قَالَ: هَذَا حِين دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿ونادى أَصْحَاب الْأَعْرَاف﴾ قَالَ: مرَّ بهم نَاس من الجبارين عرفوهم بِسِيمَاهُمْ فناداهم أَصْحَاب الْأَعْرَاف ﴿قَالُوا مَا أغْنى عَنْكُم جمعكم وَمَا كُنْتُم تستكبرون أَهَؤُلَاءِ الَّذين أقسمتم لَا ينالهم الله برحمة﴾ قَالَ: هم الضُّعَفَاء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿أَهَؤُلَاءِ الَّذين أقسمتم لَا ينالهم الله برحمة أدخلُوا الْجنَّة﴾ قَالَ: دخلُوا الْجنَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله ﴿ادخُلُوا الْجنَّة لَا خوف عَلَيْكُم وَلَا أَنْتُم تَحْزَنُونَ﴾ قَالَ: كَانَ رجال فِي النَّار قد أَقْسمُوا بِاللَّه لَا ينَال أَصْحَاب الْأَعْرَاف من الله رَحْمَة فاكذبهم الله فَكَانُوا آخر أهل الْجنَّة دُخُولا فِيمَا سمعناه عَن أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
- الْآيَة (٥٠)
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس في قوله ﴿ ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون ﴾ قال : كان رجال في النار قد أقسموا بالله لا ينال أصحاب الأعراف من الله رحمة، فأكذبهم الله فكانوا آخر أهل الجنة دخولاً، فيما سمعناه عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
أَنه سُئِلَ أَي الصَّدَقَة أفضل فَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الصَّدَقَة سقِِي المَاء ألم تسمع إِلَى أهل النَّار لما اسْتَغَاثُوا بِأَهْل الْجنَّة قَالُوا: أفيضوا علينا من المَاء أَو مِمَّا رزقكم الله
وَأخرج أَحْمد عَن سعد بن عبَادَة أَن أمَةً مَاتَت فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَتصدق عَلَيْهَا قَالَ: نعم
قَالَ: فَأَي الصَّدَقَة أفضل قَالَ: سقِِي المَاء
قَالَ: يُنَادي الرجل أَخَاهُ فَيَقُول: يَا أخي أَغِثْنِي فَإِنِّي قد احترقت فأفض عليّ من المَاء
فَيُقَال: أجبه
فَيَقُول ﴿إِن الله حرَّمهما على الْكَافرين﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿أفيضوا علينا من المَاء أَو مِمَّا رزقكم الله﴾ قَالَ: من الطَّعَام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَالح قَالَ: لما مرض أَبُو طَالب قَالُوا لَهُ: لَو أرْسلت إِلَى ابْن أَخِيك فَيُرْسل إِلَيْك بعنقود من جنَّة لعلَّه يشفيك فَجَاءَهُ الرَّسُول وَأَبُو بكر عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ أَبُو بكر: إِن الله حرَّمهما على الْكَافرين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿أفيضوا علينا من المَاء أَو مِمَّا رزقكم الله﴾ قَالَ: يستسقونهم ويستطعمونهم
وَفِي قَوْله ﴿إِن الله حرَّمهما على الْكَافرين﴾ قَالَ: طَعَام الْجنَّة وشرابها
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عقيل بن شهر الريَاحي قَالَ: شرب عبد الله بن عمر مَاء بَارِدًا فَبكى فَاشْتَدَّ بكاؤه فَقيل لَهُ: مَا يبكيك قَالَ: ذكرت آيَة فِي كتاب الله ﴿وحيل بَينهم وَبَين مَا يشتهون﴾ سبأ الْآيَة ٥٤ فَعرفت أَن أهل النَّار لَا يشتهون إِلَّا المَاء الْبَارِد وَقد قَالَ الله عز وَجل ﴿أفيضوا علينا من المَاء أَو مِمَّا رزقكم الله﴾
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يلقى إِبْرَاهِيم أَبَاهُ يَوْم الْقِيَامَة وعَلى وَجهه قترة وغبرة فَيَقُول: يَا رب إِنَّك وَعَدتنِي أَن لَا تخزيني فَأَي خزي أخزى من أبي إِلَّا بعد فِي النَّار فَيَقُول الله: إِنِّي حرمت الْجنَّة على الْكَافرين
- الْآيَة (٥١ - ٥٢)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: نسيهم الله من الْخَيْر وَلم ينسهم من الشَّرّ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فاليوم ننساهم﴾ قَالَ: نؤخِّرهم فِي النَّار
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿فاليوم ننساهم﴾ قَالَ: نتركهم من الرَّحْمَة ﴿كَمَا نسوا لِقَاء يومهم هَذَا﴾ قَالَ: كَمَا تركُوا أَن يعملوا للقاء يومهم هَذَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن يزِيد بن أبي مَالك قَالَ: إِن فِي جَهَنَّم لآباراً من ألقيَ فِيهَا نسي يتردى فِيهَا سبعين عَاما قبل أَن يبلغ الْقَرار
- الْآيَة (٥٣)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿يَوْم يَأْتِي تَأْوِيله﴾ قَالَ: جَزَاؤُهُ ﴿يَقُول الَّذين نسوه من قبل﴾ قَالَ: أَعرضُوا عَنهُ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يَوْم يَأْتِي تَأْوِيله﴾ قَالَ: يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿يَوْم يَأْتِي تَأْوِيله﴾ قَالَ: عواقبه مثل وقْعَة بدر وَالْقِيَامَة وَمَا وعد فِيهِ من موعد
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع بن أنس فِي الْآيَة قَالَ:
يَقُول يَوْمئِذٍ ﴿الَّذين نسوه من قبل قد جَاءَت رسل رَبنَا بِالْحَقِّ﴾ إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿يَوْم يَأْتِي تَأْوِيله﴾ قَالَ: تَحْقِيقه
وَقَرَأَ ﴿هَذَا تَأْوِيل رُؤْيَايَ من قبل﴾ يُوسُف الْآيَة ١٠٠ قَالَ: هَذَا تحقيقها وَقَرَأَ ﴿وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله﴾ آل عمرَان الْآيَة ٧ قَالَ: مَا يعلم تَحْقِيقه إِلَّا الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وضل عَنْهُم مَا كَانُوا يفترون﴾ قَالَ: مَا كَانُوا يكذبُون فِي الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿مَا كَانُوا يفترون﴾ أَي يشركُونَ
- الْآيَة (٥٤ - ٥٥)
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الدُّعَاء والخطيب فِي تَارِيخه عَن الْحسن بن عَليّ قَالَ: أَنا ضَامِن لمن قَرَأَ هَذِه الْعشْرين آيَة أَن يعصمه الله من كل سُلْطَان ظَالِم وَمن كل شَيْطَان مُرِيد وَمن كل سبع ضار وَمن كل لص عَاد
آيَة الْكُرْسِيّ وَثَلَاث آيَات من الْأَعْرَاف ﴿إِن ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ وَعشرا من أول الصافات وَثَلَاث آيَات من الرَّحْمَن ﴿يَا معشر الْجِنّ﴾ الرَّحْمَن الْآيَة ٣٣ وخاتمة سُورَة الْحَشْر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعد بن اسحق بن كَعْب بن عجْرَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة ﴿إِن ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام﴾ ٧ لَقِي ركب
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبيد بن أبي مَرْزُوق قَالَ: من قَرَأَ عِنْد نَومه ﴿إِن ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ الْآيَة
بسط عَلَيْهِ ملك جنَاحه حَتَّى يصبح وعوفي من السرق
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن قيس صَاحب عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ: مرض رجل من أهل الْمَدِينَة فَجَاءَهُ زمرة من أَصْحَابه يعوذونه فَقَرَأَ رجل مِنْهُم ﴿إِن ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ الْآيَة كلهَا
وَقد أصمت الرجل فَتحَرك ثمَّ اسْتَوَى جَالِسا ثمَّ سجد يَوْمه وَلَيْلَته حَتَّى كَانَ من الْغَد من السَّاعَة الَّتِي سجد فِيهَا قَالَ لَهُ أَهله: الْحَمد لله الَّذِي عافاك
قَالَ: بعث إِلَى نَفسِي ملك يتوفاها فَلَمَّا قَرَأَ صَاحبكُم الْآيَة الَّتِي قَرَأَ سجد الْملك وسجدت بسجوده فَهَذَا حِين رفع رَأسه ثمَّ مَال فَقضى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام﴾ قَالَ: لكل يَوْم مِنْهَا اسْم
أبي جاد هواز حطى كلمون صعفص قرشات
وَأخرج سمويه فِي فَوَائده عَن زيد بن أَرقم قَالَ: إِن الله عزَّ وجلَّ خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام قَالَ: كل يَوْم مِقْدَاره ألف سنة
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن مُجَاهِد قَالَ: بَدْء الْخلق الْعَرْش وَالْمَاء والهواء وخلقت الأَرْض من المَاء وَكَانَ بَدْء الْخلق يَوْم الْأَحَد وَيَوْم الإِثنين وَالثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء وَالْخَمِيس وَجَمِيع الْخلق فِي يَوْم الْجُمُعَة وتهودت الْيَهُود يَوْم السبت وَيَوْم من السِّتَّة أَيَّام كألف سنة مِمَّا تَعدونَ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن الله بَدَأَ خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا يَوْم الْأَحَد ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش يَوْم الْجُمُعَة فِي ثَلَاث سَاعَات فخلق فِي سَاعَة مِنْهَا الشموس كي يرغب النَّاس إِلَى رَبهم فِي الدُّعَاء وَالْمَسْأَلَة وَخلق فِي سَاعَة النتن الَّذِي يَقع على ابْن آدم إِذا مَاتَ لكَي يقبر
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن حَيَّان الْأَعْرَج قَالَ: كتب يزِيد بن أبي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: بَدَأَ الله بِخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض يَوْم الْأَحَد والاثنين وَالثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء وَالْخَمِيس وَالْجُمُعَة وَجعل كل يَوْم ألف سنة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيَدي فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَة أَن الله خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا فِي سِتَّة أَيَّام ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش فخلق التربة يَوْم السبت وَالْجِبَال يَوْم الْأَحَد وَالشَّجر يَوْم الِاثْنَيْنِ وآدَم يَوْم الثُّلَاثَاء والنور يَوْم الْأَرْبَعَاء وَالدَّوَاب يَوْم الْخَمِيس وآدَم يَوْم الْجُمُعَة فِي اخر سَاعَة من النَّهَار
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش﴾ قَالَ: يَوْم السَّابِع
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: إِن الله حِين خلق الْخلق اسْتَوَى على الْعَرْش فسبَّحه الْعَرْش
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه واللالكائي فِي السّنة عَن أم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا فِي قَوْله ﴿ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش﴾ قَالَت: الكيف غير مَعْقُول والاستواء غير مَجْهُول والاقرار بِهِ ايمان والجحود بِهِ كفر
وَأخرج اللالكائي عَن ابْن عُيَيْنَة قَالَ: سُئِلَ ربيعَة عَن قَوْله ﴿اسْتَوَى على الْعَرْش﴾ كَيفَ اسْتَوَى قَالَ: الاسْتوَاء غير مَجْهُول والكيف غير مَعْقُول وَمن الله الرسَالَة وعَلى الرَّسُول الْبَلَاغ وعلينا التَّصْدِيق
وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق عبد الله بن صَالح بن مُسلم قَالَ: سُئِلَ ربيعَة
فَذكره
وَأخرج اللالكائي عَن جَعْفَر بن عبد الله قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى مَالك بن أنس فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عبد الله اسْتَوَى على الْعَرْش كَيفَ اسْتَوَى قَالَ: فَمَا رَأَيْت مَالِكًا وجد من شَيْء كموجدته من مقَالَته وعلاه الرُّحَضاء - يَعْنِي الْعرق - وأطرق الْقَوْم قَالَ: فسرى عَن مَالك فَقَالَ: الكيف غير مَعْقُول والاستواء مِنْهُ غير مَجْهُول والايمان بِهِ وَاجِب وَالسُّؤَال عَنهُ بِدعَة وَإِنِّي أَخَاف أَن تكون ضَالًّا وَأمر بِهِ فَأخْرج
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن وهب قَالَ: كُنَّا عِنْد مَالك بن أنس فَدخل
قَالَ: فَأخْرج الرجل
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أَحْمد بن أبي الْحوَاري قَالَ: سَمِعت سُفْيَان بن عيينه يَقُول: كلما وصف الله من نَفسه فِي كِتَابه فتفسيره تِلَاوَته وَالسُّكُوت عَلَيْهِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن إِسْحَق بن مُوسَى قَالَ: سَمِعت ابْن عيينه يَقُول: مَا وصف الله بِهِ نَفسه فتفسيره قِرَاءَته لَيْسَ لأحد أَن يفسره إِلَّا الله تَعَالَى وَرُسُله صلوَات الله عَلَيْهِم
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي عِيسَى قَالَ: لما اسْتَوَى على الْعَرْش خر ملك سَاجِدا فَهُوَ ساجد إِلَى أَن تقوم السَّاعَة فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة رفع رَأسه فَقَالَ: سُبْحَانَكَ مَا عبدتك حق عبادتك إِلَّا اني لم أشرك بك شَيْئا وَلم اتخذ من دُونك وليا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿يغشي اللَّيْل النَّهَار﴾ قَالَ: يغشي اللَّيْل النَّهَار فَيذْهب بضوئه ويطلبه سَرِيعا حَتَّى يُدْرِكهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿حثيثاً﴾ قَالَ: سَرِيعا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿يغشي اللَّيْل النَّهَار﴾ قَالَ: يلبس اللَّيْل النَّهَار
أما قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم﴾
أخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم خُلِقْنَ من نورالعرش
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي قَوْله ﴿أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر﴾ قَالَ: الْخلق: مَا دون الْعَرْش وَالْأَمر: مَا فَوق ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن سُفْيَان بن عيينه قَالَ: الْخلق: هُوَ الْخلق وَالْأَمر هُوَ الْكَلَام
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس ﴿ادعوا ربكُم تضرعاً وخفية﴾ قَالَ: السِّرّ
﴿إِنَّه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ﴾ فِي الدُّعَاء وَلَا فِي غَيره
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: التضرع: عَلَانيَة والخفية: سر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿ادعوا ربكُم تضرعاً﴾ يَعْنِي مستكيناً ﴿وخفية﴾ يَعْنِي فِي خفض وَسُكُون فِي حاجاتكم من أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ﴿إِنَّه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ﴾ يَقُول: لَا تدعوا على الْمُؤمن والمؤمنه بِالشَّرِّ: اللهمَّ اخزه والعنه وَنَحْو ذَلِك فَإِن ذَلِك عدوان
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مجلز فِي قَوْله ﴿إِنَّه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ﴾ قَالَ: لَا تسألوا منَازِل الْأَنْبِيَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم: كَانَ يرى أَن الْجَهْر بِالدُّعَاءِ الاعتداء
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة ﴿إِن ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ إِلَى قَوْله ﴿تبَارك الله رب الْعَالمين﴾ قَالَ: لما أنبأكم الله بقدرته وعظمته وجلاله بيَّن لكم كَيفَ تَدعُونَهُ على تفئه ذَلِك فَقَالَ ﴿ادعوا ربكُم تضرعاً وخفية إِنَّه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ﴾ قَالَ: تعلمُوا إِن فِي بعض الدُّعَاء اعتداء فَاجْتَنبُوا الْعدوان والاعتداء إِن اسطعتم وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه
قَالَ: وَذكر لنا أَن مجَالد بن مَسْعُود أَخا بني سليم سمع قوما يعجون فِي دُعَائِهِمْ فَمشى إِلَيْهِم فَقَالَ: أَيهَا الْقَوْم لقد أصبْتُم فضلا على من كَانَ قبلكُمْ أَو لقد هلكتم فَجعلُوا يَتَسَلَّلُونَ رجلا رجلا حَتَّى تركُوا بقعتهم الَّتِي كَانُوا فِيهَا
قَالَ: وَذكر لنا أَن ابْن عمر أَتَى على قوم يرفعون أَيْديهم فَقَالَ: مَا يتَنَاوَل هَؤُلَاءِ الْقَوْم فو الله لَو كَانُوا على أطول جبل فِي الأَرْض مَا ازدادوا من الله قرباً
قَالَ قَتَادَة: وَإِن الله إِنَّمَا يتَقرَّب إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ فَمَا كَانَ من دعائكم الله فَلْيَكُن فِي سكينَة ووقار وَحسن سمت وزي وهدي وَحسن دعة
أَنه سمع ابْنه يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْقصر الْأَبْيَض عَن يَمِين الْجنَّة إِذا دَخَلتهَا
فَقَالَ: أَي بني سل الله الْجنَّة وتعوّذ بِهِ من النَّار فَإِنِّي سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول سَيكون فِي هَذِه الْأمة قوم يعتدون فِي الدُّعَاء وَالطهُور
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعد بن أبي وقَّاص
أَنه سمع ابْنا لَهُ يَدْعُو وَيَقُول: اللهمَّ إِنِّي أَسأَلك الْجنَّة وَنَعِيمهَا واستبرقها وَنَحْو هَذَا وَأَعُوذ بك من النَّار وسلاسلها وأغلالها فَقَالَ: لقد سَأَلت الله خيرا وتعوّذت بِهِ من شَرّ كل كثير وَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِنَّه سَيكون قوم يعتدون فِي الدُّعَاء وَقَرَأَ هَذِه الْآيَة ﴿ادعوا ربكُم تضرعاً وخفية إِنَّه لَا يحب الْمُعْتَدِينَ﴾ وَأَن بحسبك أَن تَقول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْجنَّة وَمَا قرب إِلَيْهَا من قَول أَو عمل وَأَعُوذ بك من النَّار وَمَا قرب إِلَيْهَا من قَول أَو عمل
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع فِي الْآيَة قَالَ: إياك أَن تسْأَل رَبك أمرا قد نهيت عَنهُ أَو مَا يَنْبَغِي لَك
وَأخرج ابْن الْمُبَارك وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: لقد كَانَ الْمُسلمُونَ يجتهدون فِي الدُّعَاء وَمَا يسمع لَهُم صَوت إِن كَانَ إِلَّا همساً بَينهم وَبَين رَبهم وَذَلِكَ أَن الله يَقُول ﴿ادعوا ربكُم تضرعاً وخفية﴾ وَذَلِكَ أَن الله ذكر عبدا صَالحا فَرضِي لَهُ قَوْله فَقَالَ ﴿إِذْ نَادَى ربه نِدَاء خفِيا﴾ مَرْيَم الْآيَة ٢
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي الْآيَة قَالَ: إِن من الدُّعَاء اعتداء يكره رفع الصَّوْت والنداء والصياح بِالدُّعَاءِ وَيُؤمر بالتضرع والاستكانة
- الْآيَة (٥٦)
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة قال : التضرع : علانية، والخفية : سر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ﴿ ادعوا ربكم تضرعاً ﴾ يعني مستكيناً ﴿ وخفية ﴾ يعني في خفض وسكون في حاجاتكم من أمر الدنيا والآخرة ﴿ إنه لا يحب المعتدين ﴾ يقول : لا تدعوا على المؤمن والمؤمنة بالشر : اللهمَّ أخزه والعنه ونحو ذلك، فإن ذلك عدوان.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي مجلز في قوله ﴿ إنه لا يحب المعتدين ﴾ قال : لا تسألوا منازل الأنبياء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم : كان يرى أن الجهر بالدعاء الاعتداء.
وأخرج عبد بن حميد وأبو والشيخ عن قتادة ﴿ إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض ﴾ إلى قوله ﴿ تبارك الله رب العالمين ﴾ قال : لما أنبأكم الله بقدرته وعظمته وجلاله، بيَّن لكم كيف تدعونه على تفئه ذلك فقال ﴿ ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ﴾ قال : تعلموا إن في بعض الدعاء اعتداء فاجتنبوا العدوان والاعتداء إن استطعتم ولا قوة إلا بالله. قال : وذكر لنا أن مجالد بن مسعود أخا بني سليم سمع قوماً يعجون في دعائهم، فمشى إليهم فقال : أيها القوم لقد أصبتم فضلاً على من كان قبلكم أو لقد هلكتم، فجعلوا يتسللون رجلاً رجلاً حتى تركوا بقعتهم التي كانوا فيها قال : وذكر لنا أن ابن عمر أتى على قوم يرفعون أيديهم فقال : ما يتناول هؤلاء القوم ؟ فوالله لو كانوا على أطول جبل في الأرض ما ازدادوا من الله قرباً. قال قتادة : وإن الله إنما يتقرب إليه بطاعته، فما كان من دعائكم الله فليكن في سكينة، ووقار، وحسن سمت، وزي وهدي، وحسن دعة.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان والحاكم والبيهقي عن عبد الله بن مغفل. أنه سمع ابنه يقول : اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها. فقال : أي بني سل الله الجنة وتعوّذ به من النار، فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول « سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الدعاء والطهور ».
وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن سعد بن أبي وقَّاص. أنه سمع ابناً له يدعو ويقول : اللهمَّ إني أسألك الجنة ونعيمها وإستبرقها ونحو هذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها، فقال : لقد سألت الله خيراً وتعوّذت به من شر كثير، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء » وقرأ هذه الآية ﴿ ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ﴾ وأن بحسبك أن تقول : اللهم إني أسلك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل.
وأخرج أبو الشيخ عن الربيع في الآية قال : إياك أن تسأل ربك أمراً قد نهيت عنه أو ما ينبغي لك.
وأخرج ابن المبارك وابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن قال : لقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت إن كان إلا همساً بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله يقول ﴿ ادعوا ربكم تضرعاً وخفية ﴾ وذلك أن الله ذكر عبداً صالحاً فرضي له قوله، فقال ﴿ إذ نادى ربه نداء خفياً ﴾ [ مريم : ٢ ].
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج في الآية قال : إن من الدعاء اعتداء، يكره رفع الصوت والنداء والصياح بالدعاء، ويؤمر بالتضرع والاستكانة.
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي بكر بن عَيَّاش
أَنه سُئِلَ عَن قَوْله ﴿وَلَا تفسدوا فِي الأَرْض بعد إصلاحها﴾
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي سِنَان فِي قَوْله ﴿وَلَا تفسدوا فِي الأَرْض بعد إصلاحها﴾ قَالَ: قد أحللت حلالي وَحرمت حرامي وحددت حدودي فَلَا تعتدوها
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس ﴿وادعوه خوفًا وَطَمَعًا﴾ قَالَ: خوفًا مِنْهُ وَطَمَعًا لما عِنْده ﴿إِن رَحْمَة الله قريب من الْمُحْسِنِينَ﴾ يَعْنِي من الْمُؤمنِينَ وَمن لم يُؤمن بِاللَّه فَهُوَ من المفسدين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مطر الْوراق قَالَ: تنجزوا مَوْعُود الله بِطَاعَة الله فَإِنَّهُ قضى إِن رَحمته قريب من الْمُحْسِنِينَ
- الْآيَة (٥٧)
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: إِن الله يُرْسل الرّيح فتأتي بالسحاب من بَين الْخَافِقين - طرف السَّمَاء وَالْأَرْض من حَيْثُ يَلْتَقِيَانِ - فيخرجه من ثَمَّ ثمَّ ينشره فيبسطه فِي السَّمَاء كَيفَ يَشَاء ثمَّ يفتح أَبْوَاب السَّمَاء فيسيل المَاء على السَّحَاب ثمَّ يمطر السَّحَاب بعد ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿بشرا بَين يَدي رَحمته﴾ قَالَ: يستبشر بهَا النَّاس
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن الْيَمَانِيّ أَنه كَانَ يَقْرَأها ﴿بشرا﴾ من قبل مُبَشِّرَات
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿بَين يَدي رَحمته﴾
وَفِي قَوْله ﴿كَذَلِك نخرج الْمَوْتَى﴾ قَالَ: وَكَذَلِكَ تخرجُونَ كَذَلِك النشور كَمَا يخرج الزَّرْع بِالْمَاءِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿كَذَلِك نخرج الْمَوْتَى﴾ قَالَ: إِذا أَرَادَ الله أَن يخرج الْمَوْتَى تمطر المَاء حَتَّى تشقق الأَرْض ثمَّ يُرْسل الْأَرْوَاح فَيهْوِي كل روح إِلَى جسده فَكَذَلِك يحيي الله الْمَوْتَى بالمطر كاحيائه الأَرْض
- الْآيَة (٥٨)
قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله لِلْمُؤمنِ يَقُول: هُوَ طيب وَعَمله طيب كَمَا أَن الْبَلَد الطّيب ثَمَرهَا طيب وَالَّذِي خبث ضرب مثلا للْكَافِرِ كالبلد السبخة المالحة الَّتِي لَا يخرج مِنْهَا الْبركَة وَالْكَافِر هُوَ الْخَبيث وَعَمله خَبِيث
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿والبلد الطّيب يخرج نَبَاته بِإِذن ربه وَالَّذِي خبث﴾ قَالَ: كل ذَلِك فِي الأَرْض السباخ وَغَيرهَا مثل آدم وَذريته فيهم طيب وخبيث
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿والبلد الطّيب﴾ قَالَ: هَذَا مثل الْمُؤمن سمع كتاب الله فوعاه وَأخذ بِهِ وَعمل بِهِ وانتفع بِهِ كَمثل هَذِه الأَرْض أَصَابَهَا الْغَيْث فأنبتت وأمرعت ﴿وَالَّذِي خبث﴾ قَالَ: هَذَا مثل الْكَافِر لم يعقل الْقُرْآن وَلم يعْمل بِهِ وَلم يَأْخُذ بِهِ وَلم ينْتَفع فَهُوَ كَمثل الأَرْض الخبيثة أَصَابَهَا الْغَيْث فَلم تنْبت شَيْئا وَلم تمرع
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي الْآيَة قَالَ: هَذَا مثل ضربه للقلوب يَقُول: ينزل المَاء فَيخرج الْبَلَد الطّيب نَبَاته بِإِذن الله ﴿وَالَّذِي خبث﴾ هِيَ السبخة لَا يخرج نباتها إِلَّا نكداً فَكَذَلِك الْقُلُوب لما نزل الْقُرْآن بقلب الْمُؤمن آمن بِهِ وَثَبت الإِيمان فِي قلبه وقلب الْكَافِر لما دخله الْقُرْآن لم يتَعَلَّق مِنْهُ بِشَيْء
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (والبلد الطّيب يخرج نَبَاته) بِنصب الْيَاء وَرفع الرَّاء
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد ﴿والبلد الطّيب﴾ الْآيَة
قَالَ: الطّيب يَنْفَعهُ الْمَطَر فينبت ﴿وَالَّذِي خبث﴾ السباخ لَا يَنْفَعهُ الْمَطَر ﴿لَا يخرج إِلَّا نكداً﴾ هَذَا مثل ضربه الله لآدَم وَذريته كلهم إِنَّمَا خلقُوا من نفس وَاحِدَة فَمنهمْ من آمن بِاللَّه وَكتابه فطاب وَمِنْهُم من كفر بِاللَّه وَكتابه فخبث
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة ﴿والبلد الطّيب﴾ الْآيَة
قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله للْكَافِرِ وَالْمُؤمن
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ عَن أبي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل مَا بَعَثَنِي الله بِهِ من الْهدى وَالْعلم كَمثل الْغَيْث الْكثير أصَاب أَرضًا فَكَانَت مِنْهَا بَقِيَّة قبلت المَاء فأنبتت الْكلأ والعشب الْكثير وَكَانَت مِنْهَا أجادب أَمْسَكت المَاء فنفع الله بهَا النَّاس فَشَرِبُوا وَسقوا وزرعوا وَأصَاب مِنْهَا طَائِفَة أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قيعان لَا تمسك مَاء وَلَا تنْبت كلأً فَذَلِك مثل من فقه فِي دين الله ونفعه مَا بَعَثَنِي الله بِهِ فَعلم وعلّم وَمثل من لم ينفع بذلك رَأْسا وَلم يقبل هدى الله الَّذِي أرْسلت بِهِ
- الْآيَة (٥٩)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر عَن يزِيد الرقاشِي قَالَ: إِنَّمَا سمي نوح عَلَيْهِ السَّلَام نوحًا لطول مَا ناح على نَفسه
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِنَّمَا سمي نوحًا لِأَنَّهُ كَانَ ينوح على نَفسه
وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن مقَاتل وجويبر
أَن آدم حِين كبر ورقَّ
فولد لَهُ نوح بعد عشرَة أبطن وَهُوَ يَوْمئِذٍ ابْن ألف سنة إِلَّا سِتِّينَ عَاما فَكَانَ نوح بن لامك بن متوشلخ بن إِدْرِيس وَهُوَ اخنوخ بن يرد بن مهلايبل بن قينان بن أنوش بن شِيث بن آدم وَكَانَ اسْم نوح السكن وَإِنَّمَا سمي نوح السكن لِأَن النَّاس بعد آدم سكنوا إِلَيْهِ فَهُوَ أبوهم وَإِنَّمَا سمي نوحًا لِأَنَّهُ ناح على قومه ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما يَدعُوهُم إِلَى الله فَإِذا كفرُوا بَكَى وناح عَلَيْهِم
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب قَالَ: كَانَ بَين نوح وآدَم عشرَة آبَاء وَكَانَ بَين إِبْرَاهِيم ونوح عشرَة آبَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ بَين آدم ونوح عشرَة قُرُون كلهم على شَرِيعَة من الْحق
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن نوف الشَّامي قَالَ: خَمْسَة من الْأَنْبِيَاء من الْعَرَب
مُحَمَّد ونوح وَهود وَصَالح وَشُعَيْب عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام
وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس
أَن نوحًا بعث فِي الْألف الثَّانِي وَأَن آدم لم يمت حَتَّى ولد لَهُ نوح فِي آخر الْألف الأول وَكَانَ قد فَشَتْ فيهم الْمعاصِي وَكَثُرت الْجَبَابِرَة وعتوا عتوّاً كَبِيرا وَكَانَ نوح يَدعُوهُم لَيْلًا وَنَهَارًا سرا وَعَلَانِيَة صبوراً حَلِيمًا وَلم يلق أحد من الْأَنْبِيَاء أَشد مِمَّا لَقِي نوح فَكَانُوا يدْخلُونَ عَلَيْهِ فيخنقونه وَيضْرب فِي الْمجَالِس ويطرد وَكَانَ لَا يدع على مَا يصنع بِهِ أَن يَدعُوهُم وَيَقُول: يَا رب اغْفِر لقومي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ فَكَانَ لَا يزيدهم ذَلِك إِلَّا فِرَارًا مِنْهُ حَتَّى إِنَّه ليكلم الرجل مِنْهُم فيلف رَأسه بِثَوْبِهِ وَيجْعَل أَصَابِعه فِي أُذُنَيْهِ لكيلا يسمع شَيْئا من كَلَامه فَذَلِك قَول الله ﴿جعلُوا أَصَابِعهم فِي آذانهم واستغشوا ثِيَابهمْ﴾ نوح الْآيَة ٧ ثمَّ قَامُوا من الْمجْلس فاسرعوا الْمَشْي وَقَالُوا: امضوا فَإِنَّهُ كَذَّاب
وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ الْبلَاء وَكَانَ ينْتَظر الْقرن بعد الْقرن والجيل بعد الجيل فَلَا يَأْتِي قرن إِلَّا وَهُوَ أَخبث من الأول وأعتى من الأول وَيَقُول الرجل مِنْهُم: قد كَانَ هَذَا مَعَ آبَائِنَا وأجدادنا فَلم يزل هَكَذَا مَجْنُونا وَكَانَ الرجل مِنْهُم إِذا أوصى عِنْد الْوَفَاة يَقُول لأولاده: احْذَرُوا هَذَا الْمَجْنُون فَإِنَّهُ قد حَدثنِي آبَائِي: إِن هَلَاك النَّاس على يَدي هَذَا
فَكَانُوا كَذَلِك يتوارثون الْوَصِيَّة بَينهم حَتَّى إِن كَانَ الرجل ليحمل وَلَده على
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد فِي الزّهْد وَأَبُو نعيم وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مُجَاهِد عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: إِن كَانَ نوحًا ليضربه قومه حَتَّى يغمى عَلَيْهِ ثمَّ يفِيق فَيَقُول: اهد قومِي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ وَقَالَ شَقِيق: قَالَ عبد الله: لقد رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يمسح الدَّم عَن وَجهه وَهُوَ يَحْكِي نَبيا من الْأَنْبِيَاء وَهُوَ يَقُول: اللهمَّ اهد قومِي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ
وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن أبي حَاتِم من وَجه آخر عَن عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ
نَحوه
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ قوم نوح يخنقونه حَتَّى تترقى عَيناهُ فَإِذا تَرَكُوهُ قَالَ: اللهمَّ اغْفِر لقومي فَإِنَّهُم جهلة ٠ وَأخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَابْن ماجة عَن ابْن مَسْعُود قَالَ كَأَنِّي أنظر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَحْكِي نَبيا من الْأَنْبِيَاء قد ضربه قومه وَهُوَ يمسح الدَّم عَن جَبينه وَيَقُول: اللهمَّ اغْفِر لقومي فَإِنَّهُم لَا يعلمُونَ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي مهَاجر الرقي قَالَ: لبث نوح فِي قومه ألف سنة إِلَّا خمسين عَاما فِي بَيت من شعر فَيُقَال لَهُ: يَا نَبِي الله ابْن بَيْتا
فَيَقُول: أَمُوت الْيَوْم وأموت غَدا ٠ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن وهيب بن الْورْد قَالَ: بنى نوحًا بَيْتا من قصب فَقيل لَهُ: لَو بنيت غير هَذَا فَقَالَ: هَذَا كثير لمن يَمُوت ٠ وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والعقيلي وَابْن عَسَاكِر والديلمي عَن عَائِشَة مَرْفُوعا نوح
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعد بن حسن قَالَ: كَانَ قوم نوح عَلَيْهِ السَّلَام يزرعون فِي الشَّهْر مرَّتَيْنِ وَكَانَت الْمَرْأَة تَلد أول النَّهَار فيتبعها وَلَدهَا فِي آخِره
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: مَا عذب قوم نوح حَتَّى مَا كَانَ فِي الأَرْض سهل وَلَا جبل إِلَّا لَهُ عَامر يعمره وحائز يحوزه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم ٠ أَن أهل السهل كَانَ قد ضَاقَ بهم وَأهل الْجَبَل حَتَّى مَا يقدر أهل السهل أَن يرتقوا إِلَى الْجَبَل وَلَا أهل الْجَبَل أَن ينزلُوا إِلَى أهل السهل فِي زمَان نوح ٠ قَالَ: حسوا
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: كَانَ نوح أجمل أهل زَمَانه وَكَانَ يلبس البرقع فاصابتهم مجاعَة فِي السَّفِينَة فَكَانَ نوح إِذا تجلى بِوَجْهِهِ لَهُم شَبِعُوا ٠ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ لما حج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بوادي عسفان فَقَالَ: لقد مر بِهَذَا الْوَادي هود وَصَالح ونوح على بكرات حمر خطمها الليف أزرهم العباء وأرديتهم النمار يلبون يحجون الْبَيْت الْعَتِيق ٠ وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَمْرو سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: صَامَ نوح الدَّهْر إِلَّا يَوْم الْفطر والأضحى وَصَامَ دَاوُد نصف الدَّهْر وَصَامَ إِبْرَاهِيم ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر صَامَ الدَّهْر وَأفْطر الدَّهْر
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَالْبَزَّار وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ وَالصِّفَات عَن عبد الله بن عَمْرو أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن نوحًا لما حَضرته الْوَفَاة قَالَ لِابْنِهِ: إِنِّي قَاصِر عَلَيْك الْوَصِيَّة آمُرك بِاثْنَتَيْنِ وأنهاك عَن اثْنَتَيْنِ آمُرك بِلَا إِلَه إِلَّا الله فَإِن السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع لَو وضعن فِي كفة وَوضعت لَا إِلَه إِلَّا الله فِي كفة لرجحت بِهن وَلَو أَن السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع كن حَلقَة مُبْهمَة لقصمتهن لَا إِلَه إِلَّا الله وَسُبْحَان الله وَبِحَمْدِهِ فَإِنَّهَا صَلَاة كل شَيْء وَبهَا يرْزق كل شَيْء وأنهاك عَن الشّرك وَالْكبر
- الْآيَة (٦٠ - ٦٤)
- الْآيَة (٦٥ - ٧١)
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ إنهم كانوا قوماً عمين ﴾ قال : عن الحق.
وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن الشرفي بن قطامى قَالَ: هود اسْمه عَابِر بن شالخ بن ارفشخد بن سَام بن نوح ٠ وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: يَزْعمُونَ أَن هوداً من بني عبد الضخم من حَضرمَوْت ٠ وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ هود أول من تكلم بالعربيه وَولد لهود أَرْبَعَة: قحطان ومقحط وقاحط وفالغ فَهُوَ أَبُو مُضر وقحطان أَبُو الْيمن وَالْبَاقُونَ لَيْسَ لَهُم نسل ٠ وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مقَاتل عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس وَمن طَرِيق إِبْنِ اسحق عَن رجال سماهم وَمن طَرِيق الْكَلْبِيّ قَالُوا جَمِيعًا: إِن عاداً كَانُوا أَصْحَاب أوثان يعبدونها اتَّخذُوا أصناماً على مِثَال ودَّ وسواع ويغوث ونسر فاتخذوا صنماً يُقَال لَهُ: صمود وصنما يُقَال لَهُ: الهتار فَبعث الله إِلَيْهِم هوداً وَكَانَ هود من قَبيلَة يُقَال لَهَا الخلود وَكَانَ من أوسطهم نسبا وأصبحهم وَجها وَكَانَ فِي مثل أَجْسَادهم أَبيض بعد أبادي العنفقة طَوِيل اللِّحْيَة فَدَعَاهُمْ إِلَى الله وَأمرهمْ أَن يوحدوه وَأَن يكفوا عَن ظلم النَّاس وَلم
قَالُوا: فو الله لقد ساقاً أَو ذِرَاعا فذرعناها بِذِرَاع هَذَا فَوَجَدْنَاهَا سِتّ عشرَة ذِرَاعا ٠ وَأخرج الزبير بن بكار عَن زيد بن أسلم قَالَ: كَانَ فِي الزَّمن الأول تمْضِي أَرْبَعمِائَة سنة وَلم يسمع فِيهَا بِجنَازَة ٠ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿آلَاء الله﴾ قَالَ: نعم الله ٠ وَفِي قَوْله ﴿رِجْس﴾ قَالَ: سخط ٠ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿قد وَقع عَلَيْكُم من ربكُم رِجْس﴾ قَالَ: جَاءَهُم مِنْهُ عَذَاب والرجس: كُله عَذَاب فِي الْقُرْآن ٠ وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله رِجْس وَغَضب قَالَ: الرجس: اللعنه وَالْغَضَب: الْعَذَاب ٠ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: إِذا سنة كَانَت بِنَجْد مُحِيطَة وَكَانَ عَلَيْهِم رجسها وعذابها
- الْآيَة (٧٢)
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن خثيم قال : كانت عاد ما بين اليمن إلى الشام مثل الذر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي. إن عاداً كانوا باليمن بالأحقاف، والأحقاف : هي الرمال. وفي قوله ﴿ واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح ﴾ قال : ذهب بقوم نوح ﴿ واستخلفكم بعدهم وزادكم في الخلق بسطة ﴾ قال : الطول.
وأخرج ابن عساكر عن وهب قال : كان الرجل من عاد ستين ذراعاً بذراعهم، وكان هامة الرجل مثل القبة العظيمة، وكان عين الرجل ليفرخ فيها السباع، وكذلك مناخرهم.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ﴿ وزادكم في الخلق بسطة ﴾ قال : ذكر لنا أنهم كانوا اثني عشر ذراعاً طوالاً.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن عمرو قال : كان الرجل ممن كان قبلكم بين منكبيه ميل.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس قال : كان الرجل في خلقه ثمانون باعاً، وكانت البرة فيهم ككلية البقر، والرمانة الواحدة يقعد في قشرها عشرة نفر.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس ﴿ وزادكم في الخلق بسطة ﴾ قال : شدة.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إن كان الرجل من قوم عاد ليتخذ المصراع من الحجارة لو اجتمع عليه خمسمائة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن ينقلوه، وإن كان أحدهم ليدخل قدمه في الأرض فتدخل فيها.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن ثور بن زيد الديلمي قال : قرأت كتاباً : أنا شداد بن عاد، أنا الذي رفعت العماد، وأنا الذي سددت بدراً عن بطن واد، وأنا الذي كنزت كنزاً في البحر على تسع أذرع لا يخرجه إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن بكار عن ثور بن زيد قال : جئت اليمن فإذا أنا برجل لم أر أطول منه قط فعجبت. قالوا : تعجب من هذا ؟ قلت : والله ما رأيت أطول من ذا قط. . . ! قالوا فوالله لقد وجدنا ساقاً أو ذراعاً فذرعناها بذراع هذا، فوجدناها ست عشرة ذراعاً.
وأخرج الزبير بن بكار عن زيد بن أسلم قال : كان في الزمن الأول تمضي أربعمائة سنة ولم يسمع فيها بجنازة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله ﴿ آلاء الله ﴾ قال : نعم الله. وفي قوله ﴿ رجس ﴾ قال : سخط.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله ﴿ قد وقع عليكم من ربكم رجس ﴾ قال : جاءهم منه عذاب، والرجس : كله عذاب في القرآن.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله رجس وغضب ؟ قال : الرجس : اللعنة، والغضب : العذاب. قال : وهل تعرف ذلك ؟ قال : نعم. أما سمعت قول الشاعر وهو يقول :
إذا سنة كانت بنجد محيطة | وكان عليهم رجسها وعذابها |
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو يعلى وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما حجَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بوادي عسفان فَقَالَ لقد مر بِهِ هود وَصَالح على بكرات حمر خطمهن الليف أزرهم العباء وأرديتهم النمار يلبون ويحجون الْبَيْت الْعَتِيق
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن سابط قَالَ: بَين الْمقَام والركن وزمزم قُبِرَ تِسْعَة وَسَبْعُونَ نَبيا وان قبر نوح وَهود وَشُعَيْب وَصَالح وإسمعيل فِي تِلْكَ الْبقْعَة ٠ وَأخرج ابْن سعد وَابْن عَسَاكِر عَن إِسْحَق بن عبد الله بن أبي فَرْوَة قَالَ: مَا يعلم قبر نَبِي من الْأَنْبِيَاء إِلَّا ثَلَاثَة ٠ قبر اسمعيل فَإِنَّهُ تَحت الْمِيزَاب بَين الرُّكْن وَالْبَيْت وقبر هود فَإِنَّهُ فِي حقف تَحت جبل من جبال الْيمن عَلَيْهِ شَجَرَة وموضعه أَشد الأَرْض حرا وقبر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن هَذِه قُبُورهم حق ٠
- الْآيَة (٧٣ - ٧٩)
فَقَالَ لَهُم: أَن لَا تعقروها أَنْتُم يُوشك أَن يُولد فِيكُم مَوْلُود يعقرها ٠ قَالُوا: فَمَا عَلامَة ذَلِك الْمَوْلُود فوَاللَّه لَا نجده إِلَّا قَتَلْنَاهُ قَالَ: فَإِنَّهُ غُلَام أشقر أَزْرَق أصهب أَحْمَر ٠ وَكَانَ فِي الْمَدِينَة شَيْخَانِ عزيزان منيعان لاحدهما ابْن يرغب بِهِ عَن المناكح وَللْآخر ابْنة لَا يجد لَهَا كُفؤًا فَجمع بَينهمَا مجْلِس فَقَالَ أَحدهمَا
فَزَوجهُ فولد بَينهمَا مَوْلُود
وَكَانَ فِي الْمَدِينَة ثَمَانِيَة رَهْط يفسدون فِي الأَرْض وَلَا يصلحون فَلَمَّا قَالَ لَهُم صَالح: إِنَّمَا يعقرها مَوْلُود فِيكُم
اخْتَارُوا ثَمَانِي نسْوَة قوابل من الْقرْيَة وَجعلُوا مَعَهُنَّ شرطا كَانُوا يطوفون فِي الْقرْيَة فَإِذا نظرُوا الْمَرْأَة تمخض نظرُوا مَا وَلَدهَا إِن كَانَ غُلَاما قلبنه فنظرن مَا هُوَ وَإِن كَانَت جَارِيَة أعرضن عَنْهَا
فَلَمَّا وجدوا ذَلِك الْمَوْلُود صرخت النسْوَة: هَذَا الَّذِي يُرِيد صَالح رَسُول الله فَأَرَادَ الشَّرْط أَن يأخذوه فحال جداه بَينهم وَقَالُوا: لَو أَن صَالحا أَرَادَ هَذَا قَتَلْنَاهُ فَكَانَ شَرّ مَوْلُود وَكَانَ يشب فِي الْيَوْم شباب غَيره فِي الْجُمُعَة ويشب فِي الْجُمُعَة شباب غَيره فِي الشَّهْر ويشب فِي الشَّهْر شباب غَيره فِي السّنة فَاجْتمع الثَّمَانِية الَّذين يفسدون فِي الأَرْض وَلَا يصلحون وَفِيهِمْ الشَّيْخَانِ فَقَالُوا: اسْتعْمل علينا هَذَا الْغُلَام لمنزلته وَشرف جديه فَكَانُوا تِسْعَة وَكَانَ صَالحا لَا ينَام مَعَهم فِي الْقرْيَة كَانَ يبيت فِي مَسْجده فَإِذا أصبح أَتَاهُم فوعظهم وَذكرهمْ وَإِذا أَمْسَى خرج إِلَى مَسْجده فَبَاتَ فِيهِ
قَالَ حجاج وَقَالَ ابْن جريج: لما قَالَ لَهُم صَالح: إِنَّه سيولد غُلَام يكون هلاككم على يَدَيْهِ قَالُوا: فَكيف تَأْمُرنَا قَالَ: آمركُم بِقَتْلِهِم: فَقَتَلُوهُمْ إِلَّا وَاحِدًا قَالَ: فَلَمَّا بلغ ذَلِك الْمَوْلُود قَالُوا: لَو كُنَّا لم نقْتل أَوْلَادنَا لَكَانَ لكل رجل منا مثل هَذَا هَذَا عمل صَالح فأتمروا بَينهم بقتْله وَقَالُوا: نخرج مسافرين وَالنَّاس يروننا عَلَانيَة ثمَّ نرْجِع من لَيْلَة كَذَا من شهر كَذَا وَكَذَا فنرصده عِنْد مُصَلَّاهُ فنقتله فَلَا يحْسب النَّاس إِلَّا أَنا مسافرون كَمَا نَحن فاقبلوا حَتَّى دخلُوا تَحت صَخْرَة يَرْصُدُونَهُ فَأرْسل الله عَلَيْهِم الصَّخْرَة فرضختهم فاصبحوا رضخاً فَانْطَلق رجال مِمَّن قد اطلع على ذَلِك مِنْهُم فَإِذا هم رضخ فَرَجَعُوا يصيحون فِي الْقرْيَة: أَي عباد الله أما رَضِي صَالح إِن أَمرهم أَن يقتلُوا أَوْلَادهم حَتَّى قَتلهمْ فَاجْتمع أهل الْقرْيَة على قتل النَّاقة أَجْمَعِينَ وأحجموا عَنْهَا إِلَّا ذَلِك ابْن الْعَاشِر
ثمَّ رَجَعَ الحَدِيث إِلَى حَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: وَأَرَادُوا أَن يَمْكُرُوا بِصَالح فَمَشَوْا حَتَّى أَتَوا على شرب طَرِيق صَالح فَاخْتَبَأَ فِيهِ ثَمَانِيَة وَقَالُوا: إِذا خرج علينا قَتَلْنَاهُ وأتينا أَهله فبيتناهم فَأمر الله الأَرْض فاستوت عَلَيْهِم فَاجْتمعُوا وَمَشوا إِلَى
فاتاها فتعاظمه ذَلِك فَاضْرب عَن ذَلِك فَبعث آخر فأعظمه ذَلِك فَجعل لَا يبْعَث رجلا إِلَّا تعاظمه أمرهَا حَتَّى مَشى إِلَيْهَا وتطاول فَضرب عرقوبيها فَوَقَعت تركض فَرَأى رجل مِنْهُم صَالحا فَقَالَ: اِدَّرَكَ النَّاقة فقد عقرت
فَأقبل وَخَرجُوا يتلقونه ويعتذرون إِلَيْهِ يَا نَبِي الله إِنَّمَا عقرهَا فلَان إِنَّه لَا ذَنْب لنا
قَالَ: فانظروا هَل تدركون فصيلها فَإِن أدركتموه فَعَسَى الله أَن يرفع عَنْكُم الْعَذَاب
فَخَرجُوا يطلبونه فَلَمَّا رأى الفصيل أمه تضطرب أَتَى جبلا يُقَال لَهُ القارة قصير فَصَعدَ وذهبوا ليأخذوه فَأوحى الله إِلَى الْجَبَل فطال فِي السَّمَاء حَتَّى مَا تناله الطير وَدخل صَالح الْقرْيَة فَلَمَّا رَآهُ الفصيل بَكَى حَتَّى سَالَتْ دُمُوعه ثمَّ اسْتقْبل صَالحا فرغا رغوة ثمَّ رغا أُخْرَى ثمَّ رغا أُخْرَى فَقَالَ صَالح لِقَوْمِهِ: لكل رغوة أجل فتمتعوا فِي داركم ثَلَاثَة أَيَّام ذَلِك وعد غير مَكْذُوب الا أَن آيَة الْعَذَاب أَن الْيَوْم الأول تصبح وُجُوهكُم مصفرة وَالْيَوْم الثَّانِي محمرة وَالْيَوْم الثَّالِث مسودة فَلَمَّا أَصْبحُوا إِذا وُجُوههم كَأَنَّهَا قد طليت بالخلوق صَغِيرهمْ وَكَبِيرهمْ ذكرهم وأنثاهم فَلَمَّا أَمْسوا صاحوا بأجمعهم أَلا قد مضى يَوْم من الْأَجَل وحضركم الْعَذَاب فَلَمَّا أَصْبحُوا الْيَوْم الثَّانِي إِذا وُجُوههم محمرة كَأَنَّهَا خضبت بالدماء فصاحوا وضجوا وَبكوا وَعرفُوا أَنه الْعَذَاب فَلَمَّا أَمْسوا صاحوا بأجمعهم أَلا قد مضى يَوْمَانِ من الْأَجَل وحضركم الْعَذَاب فَلَمَّا أَصْبحُوا الْيَوْم الثَّالِث فَإِذا وُجُوههم مسودة كَأَنَّهَا طليت بالقار فصاحوا جَمِيعًا أَلا قد حضركم الْعَذَاب فتكفنوا وتحنطوا
وَكَانَ حنوطهم الصَّبْر والمغر وَكَانَت أكفانهم الانطاع ثمَّ ألقوا أنفسهم بِالْأَرْضِ فَجعلُوا يقلبون أَبْصَارهم فَيَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاء مرّة وَإِلَى الأَرْض مرّة فَلَا يَدْرُونَ من أَيْن يَأْتِيهم الْعَذَاب من فَوْقهم من السَّمَاء أم من تَحت أَرجُلهم من الأَرْض خسفاً أَو قذفا فَلَمَّا أَصْبحُوا الْيَوْم الرَّابِع أَتَتْهُم صَيْحَة من السَّمَاء فِيهَا صَوت كل صَاعِقَة وَصَوت كل شَيْء لَهُ صَوت فِي الأَرْض فتقطعت قُلُوبهم فِي صُدُورهمْ فاصبحوا فِي دِيَارهمْ جاثمين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَالْفِرْيَابِي وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي طفيل قَالَ: قَالَ ثَمُود لصالح: ائتنا بِآيَة إِن كنت من الصَّادِقين
قَالَ: اخْرُجُوا فَخَرجُوا إِلَى هضبة من الأَرْض فَإِذا هِيَ تمخض كَمَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة
أَن صَالحا قَالَ لَهُم حِين عقروا النَّاقة: تمَتَّعُوا ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ قَالَ لَهُم: آيَة عذابكم أَن تصبح وُجُوهكُم غَدا مصفرة وتصبح الْيَوْم الثَّانِي محمرة ثمَّ تصبح الثَّالِث مسودة
فَأَصْبَحت كَذَلِك
فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث أيقنوا بِالْهَلَاكِ فتكفنوا وتحنطوا ثمَّ أخذتهم الصَّيْحَة فاهمدتهم
وَقَالَ عَاقِر النَّاقة: لَا أقتلها حَتَّى ترضوا أَجْمَعِينَ
فَجعلُوا يدْخلُونَ على الْمَرْأَة فِي خدرها فَيَقُولُونَ: ترْضينَ فَتَقول: نعم وَالصَّبِيّ حَتَّى رَضوا أَجْمَعِينَ فَعَقَرُوهَا
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما نزل الْحجر قَامَ فَخَطب النَّاس فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس لَا تسألوا نَبِيكُم عَن الْآيَات فَإِن قوم صَالح سَأَلُوا نَبِيّهم أَن يبْعَث إِلَيْهِم آيَة فَبعث الله إِلَيْهِم النَّاقة فَكَانَت ترد من هَذَا الْفَج فَتَشرب مَاءَهُمْ يَوْم وردهَا ويحتلبون من لَبنهَا مثل الَّذِي كَانُوا يَأْخُذُونَ من مَائِهَا يَوْم غبها وتصدر من هَذَا الْفَج فَعَتَوْا عَن أَمر رَبهم فَعَقَرُوهَا فَوَعَدَهُمْ الله الْعَذَاب بعد ثَلَاثَة أَيَّام وَكَانَ وَعدا من الله غير مَكْذُوب ثمَّ جَاءَتْهُم الصَّيْحَة فَأهْلك الله من كَانَ مِنْهُم تَحت مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا إِلَّا رجلا كَانَ فِي حرم الله فَمَنعه حرم الله من عَذَاب الله
فَقيل: يَا رَسُول الله من هُوَ قَالَ: أَبُو رِغَال
فَلَمَّا خرج من الْحرم أَصَابَهُ مَا أصَاب قومه
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث أبي الطُّفَيْل مَرْفُوعا
مثله
وَأخرج أَحْمد وَابْن الْمُنْذر عَن أبي كَبْشَة الْأَنمَارِي قَالَ: لما كَانَ فِي غَزْوَة تَبُوك تسارع قوم إِلَى أهل الْحجر يدْخلُونَ عَلَيْهِم فَنُوديَ فِي النَّاس أَن الصَّلَاة جَامِعَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة
أَن ثَمُود لما عقروا النَّاقة تغامزوا وَقَالُوا: عَلَيْكُم الفصيل
فَصَعدَ الفصيل القارة جبلا حَتَّى إِذا كَانَ يَوْمًا اسْتقْبل الْقبْلَة وَقَالَ: يَا رب أُمِّي يَا رب أُمِّي يَا رب أُمِّي فَأرْسلت عَلَيْهِم الصَّيْحَة عِنْد ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن أبي الْهُذيْل قَالَ: لما عقرت النَّاقة صعد بكرها فَوق جبل فرغا فَمَا سَمعه شَيْء إِلَّا همد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: لما قتل قوم صَالح النَّاقة قَالَ لَهُم صَالح: ان الْعَذَاب آتيكم
قَالُوا لَهُ: وَمَا عَلامَة ذَلِك قَالَ: إِن تصبح وُجُوهكُم أول يَوْم محمرة وَفِي الْيَوْم الثَّانِي مصفرة وَفِي الْيَوْم الثَّالِث مسودة ٠ فَلَمَّا أَصْبحُوا أول يَوْم احْمَرَّتْ وُجُوههم فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّانِي اصْفَرَّتْ وُجُوههم فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث أَصبَحت وُجُوههم مسودة فَأَيْقنُوا بِالْعَذَابِ فتحنطوا وتكفنوا وَأَقَامُوا فِي بُيُوتهم فصاح بهم جِبْرِيل صَيْحَة فَذَهَبت أَرْوَاحهم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: إِن الله بعث صَالحا إِلَى ثَمُود فَدَعَاهُمْ فَكَذبُوهُ فسألوا أَن يَأْتِيهم بِآيَة فَجَاءَهُمْ بالناقة لَهَا شرب وَلَهُم شرب يَوْم مَعْلُوم فاقروا بهَا جَمِيعًا فَكَانَت النَّاقة لَهَا شرب فَيوم تشرب فِيهِ المَاء نهر بَين جبلين فيزحمانه فَفِيهَا أَثَرهَا حَتَّى السَّاعَة ثمَّ تَأتي فتقف لَهُم حَتَّى يحتلبوا اللَّبن قترويهم وَيَوْم يشربون المَاء لَا تأتيهم وَكَانَ مَعهَا فصيل لَهَا فَقَالَ لَهُم صَالح: إِنَّه يُولد فِي شهركم هَذَا مَوْلُود يكون هلا ككم على يَدَيْهِ فولد لتسعة مِنْهُم فِي ذَلِك الشَّهْر فذبحوا أَبْنَاءَهُم ثمَّ ولد للعاشر ابْن فَأبى أَن يذبح ابْنه وَكَانَ لم يُولد لَهُ قبله شَيْء وَكَانَ أَبُو الْعَاشِر أَحْمَر أَزْرَق فنبت نباتاً سَرِيعا
فَإِذا مر بالتسعة فرأوه قَالُوا: لَو كَانَ ابناؤنا احياء كَانُوا مثل هَذَا: فَغَضب التِّسْعَة على صَالح
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿وَلَا تمسوها بِسوء﴾ قَالَ: لَا تعقروها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وعتوا عَن أَمر رَبهم﴾ قَالَ: غلوا فِي الْبَاطِل
وَفِي قَوْله ﴿فَأَخَذتهم الرجفة﴾ قَالَ: الصَّيْحَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي قَوْله ﴿فَأَصْبحُوا فِي دَارهم﴾ يَعْنِي الْعَسْكَر كُله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿فَأَصْبحُوا فِي دَارهم جاثمين﴾ قَالَ: ميتين
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿فَأَصْبحُوا فِي دَارهم جاثمين﴾ قَالَ: ميتين
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: لما عقرت ثَمُود النَّاقة ذهب فصيلها حَتَّى صعد تَلا فَقَالَ: يَا رب أَيْن أُمِّي رغا رغوة فَنزلت الصَّيْحَة فأهدتهم
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن عمار قَالَ: إِن قوم صَالح سَأَلُوا النَّاقة فأتوها فَعَقَرُوهَا وان بني إِسْرَائِيل سَأَلُوا الْمَائِدَة فَنزلت فَكَفرُوا بهَا وَإِن فتنتكم فِي الدِّينَار وَالدِّرْهَم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن وهب قَالَ: إِن صَالحا لما نجا هُوَ وَالَّذين مَعَه قَالَ: يَا قوم إِن هَذِه دَار قد سخط الله عَلَيْهَا وعَلى أَهلهَا فأظعنوا وألحقوا بحرم الله وأمنه فاهلوا من ساعتهم بِالْحَجِّ وَانْطَلَقُوا حَتَّى وردوا مَكَّة فَلم يزَالُوا حَتَّى مَاتُوا فَتلك قُبُورهم فِي غربي الْكَعْبَة
- الْآيَة (٨٠ - ٨٤)
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله ﴿ فأصبحوا في دارهم ﴾ يعني العسكر كله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله ﴿ فأصبحوا في دارهم جاثمين ﴾ قال : ميتين.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ﴿ فأصبحوا في دارهم جاثمين ﴾ قال : ميتين.
وأخرج عبد الرزاق وأبو الشيخ عن الحسن قال : لما عقرت ثمود الناقة ذهب فصيلها حتى صعد تلاً فقال : يا رب أين أمي رغا رغوة فنزلت الصيحة فأهدتهم.
وأخرج أحمد في الزهد عن عمار قال : إن قوم صالح سألوا الناقة فأتوها فعقروها، وان بني إسرائيل سألوا المائدة فنزلت فكفروا بها، وإن فتنتكم في الدينار والدرهم.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب قال : إن صالحاً لما نجا هو والذين معه قال : يا قوم إن هذه دار قد سخط الله عليها وعلى أهلها فأظعنوا وألحقوا بحرم الله وأمنه، فأهلوا من ساعتهم بالحج، وانطلقوا حتى وردوا مكة، فلم يزالوا حتى ماتوا، فتلك قبورهم في غربي الكعبة.
وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أرسل لوط إِلَى الْمُؤْتَفِكَات وَكَانَت قرى لوط أَربع مَدَائِن ٠ سدوم وأمورا وعامورا وصبوير
وَكَانَ فِي كل قَرْيَة مائَة ألف مقَاتل وَكَانَت أعظم مدائنهم سدوم وَكَانَ لوط يسكنهَا وَهِي من بِلَاد الشَّام وَمن فلسطين مسيرَة وَلَيْلَة وَكَانَ إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن عَم لوط بن هاران بن تارح وَكَانَ إِبْرَاهِيم ينصح قوم لوط وَكَانَ الله قد أمْهل قوم لوط فخرقوا حجاب الإِسلام وانتهكوا الْمَحَارِم وَأتوا الْفَاحِشَة الْكُبْرَى فَكَانَ إِبْرَاهِيم يركب على حِمَاره حَتَّى يَأْتِي مَدَائِن قوم لوط فينصحهم فيأبون أَن يقبلُوا فَكَانَ بعد ذَلِك يَجِيء على حِمَاره فَينْظر إِلَى سدوم فَيَقُول: يَا سدوم أَي يَوْم لَك من الله سدوم إِنَّمَا أنهاكم أَن لَا تتعرضوا لعقوبة الله حَتَّى بلغ الْكتاب أَجله فَبعث الله جِبْرِيل فِي نفر من الْمَلَائِكَة فهبطوا فِي صُورَة الرِّجَال حَتَّى انْتَهوا إِلَى إِبْرَاهِيم وَهُوَ فِي زرع لَهُ يثير الأَرْض فَلَمَّا بلغ المَاء إِلَى سكته من الأَرْض ركز مسحاته فِي الأَرْض فصلى خلفهَا رَكْعَتَيْنِ فَنَظَرت الْمَلَائِكَة إِلَى إِبْرَاهِيم فَقَالُوا: لَو كَانَ الله يَبْتَغِي أَن يتَّخذ خَلِيلًا لاتخذ هَذَا العَبْد خَلِيلًا وَلَا يعلمُونَ أَن الله قد اتَّخذهُ خَلِيلًا
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي ذمّ الملاهي والشعب وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أَتأتون الْفَاحِشَة﴾ قَالَ: أدبار الرِّجَال
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عَمْرو بن دِينَار فِي قَوْله ﴿مَا سبقكم بهَا من أحد من الْعَالمين﴾ قَالَ: مَا نزا ذكر على ذكر حَتَّى كَانَ قوم لوط
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي صَخْرَة جَامع بن شَدَّاد رَفعه قَالَ كَانَ اللواط فِي قوم لوط فِي النِّسَاء قبل أَن يكون فِي الرِّجَال بِأَرْبَعِينَ سنة
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن عَسَاكِر عَن طَاوس
أَنه سُئِلَ عَن الرجل يَأْتِي الْمَرْأَة فِي عجيزتها قَالَ: إِنَّمَا بَدْء قوم لوط ذَاك صَنعته الرِّجَال بِالنسَاء ثمَّ صَنعته الرِّجَال بِالرِّجَالِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَليّ أَنه قَالَ على الْمِنْبَر: سلوني
فَقَالَ ابْن الْكواء: تؤتي النِّسَاء فِي أعجازهن فَقَالَ عَليّ:
وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الَّذِي حملهمْ على إتْيَان الرِّجَال دون النِّسَاء أَنهم كَانَت لَهُم ثمار فِي مَنَازِلهمْ وحوائطهم وثمار خَارِجَة على ظهر الطَّرِيق وَإِنَّهُم أَصَابَهُم قحط وَقلة من الثِّمَار فَقَالَ بَعضهم لبَعض: إِنَّكُم إِن منعتم ثماركم هَذِه الظَّاهِرَة من أَبنَاء السَّبِيل كَانَ لكم فِيهَا عَيْش
قَالُوا: بِأَيّ شَيْء نمنعها قَالُوا: اجعلوا سنتكم من أَخَذْتُم فِي بِلَادكُمْ غَرِيبا سننتم فِيهِ أَن تنكحوه واغرموه أَرْبَعَة دَرَاهِم فَإِن النَّاس لَا يظهرون ببلادكم إِذا فَعلْتُمْ ذَلِك فَذَلِك الَّذِي حملهمْ على مَا ارتكبوا من الْأَمر الْعَظِيم الَّذِي لم يسبقهم إِلَيْهِ أحد من الْعَالمين
وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر من طَرِيق مُحَمَّد بن إِسْحَق عَن بعض رُوَاة ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا كَانَ بَدْء عمل قوم لوط أَن إِبْلِيس جَاءَهُم عِنْد ذكرهم مَا ذكرُوا فِي هَيْئَة صبي أجمل صبي رَآهُ النَّاس فَدَعَاهُمْ إِلَى نَفسه فنكحوه ثمَّ جروا على ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن حُذَيْفَة قَالَ: إِنَّمَا حق القَوْل على القَوْل على قوم لوط حِين اسْتغنى النِّسَاء بِالنسَاء وَالرِّجَال بِالرِّجَالِ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي حَمْزَة قَالَ: قلت لمُحَمد بن عَليّ: عذب الله نسَاء قوم لوط بِعَمَل رِجَالهمْ قَالَ: الله أعدل من ذَلِك اسْتغنى الرِّجَال بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاء بِالنسَاء
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِنَّهُم أنَاس يتطهرون﴾ قَالَ: من أدبار الرِّجَال وَمن أدبار النِّسَاء
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿إِنَّهُم أنَاس يتطهرون﴾ قَالَ: من أدبار الرِّجَال وأدبار النِّسَاء استهزاء بهم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة ﴿إِنَّهُم أنَاس يتطهرون﴾ قَالَ: عابوهم بِغَيْر عيب وذموهم بِغَيْر ذمّ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿إِلَّا امْرَأَته كَانَت من الغابرين﴾ قَالَ: من البَاقِينَ فِي عَذَاب الله ﴿وأمطرنا عَلَيْهِم مَطَرا﴾
وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن الزُّهْرِيّ إِن لوطا عذب الله قومه لحق بإبراهيم فَلم يزل مَعَه حَتَّى قَبضه الله إِلَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب فِي قَوْله ﴿وأمطرنا عَلَيْهِم مَطَرا﴾ قَالَ: على أهل بواديهم وعَلى رعاتهم وعَلى مسافريهم فَلم ينفلت مِنْهُم أحد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن وهب فِي قَوْله ﴿وأمطرنا عَلَيْهِم مَطَرا﴾ قَالَ: الكبريت وَالنَّار
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن أبي عرُوبَة قَالَ: كَانَ قوم لوط أَرْبَعَة آلَاف ألف
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لعن الله من تولى غير موَالِيه وَلعن الله من غير تخوم الأَرْض وَلعن الله من كمه أعمى عَن السَّبِيل وَلعن الله من لعن وَالِديهِ وَلعن الله من ذبح لغير الله وَلعن الله من وَقع على بَهِيمَة وَلعن الله من عمل عمل قوم لوط ثَلَاث مَرَّات
وَأخرج أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن ماجة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من أخوف مَا أَخَاف على أمتِي عمل قوم لوط
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَرْبَعَة يُصْبِحُونَ فِي غضب الله وَيُمْسُونَ فِي سخط الله
قيل من هم يَا رَسُول الله قَالَ: المتشبهون من الرِّجَال بِالنسَاء والمتشبهات من النِّسَاء بِالرِّجَالِ وَالَّذِي يَأْتِي الْبَهِيمَة وَالَّذِي يَأْتِي الرجل
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من وجدتموه يعْمل عمل قوم لوط فَاقْتُلُوهُ الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي نَضرة
أَن ابْن عَبَّاس سُئِلَ مَا حدُّ اللوطي قَالَ: ينظر أَعلَى بِنَاء فِي الْقرْيَة فيلقي مِنْهُ مُنَكسًا ثمَّ يتبع بِالْحِجَارَةِ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن شهَاب قَالَ: اللوطي يرْجم أحصن أم لم يحصن سنة مَاضِيَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: لَو كَانَ أحد يَنْبَغِي لَهُ أَن يرْجم مرَّتَيْنِ لرجم اللوطي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عبيد الله بن عبد الله بن معمر قَالَ: عِلّة الرَّجْم قتلة قوم لوط
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن وَإِبْرَاهِيم قَالَا: حدُّ اللوطي حد الزَّانِي إِن كَانَ قد أحصن فَالرَّجْم وَإِلَّا فالحد
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: أول من اتهمَ بِالْأَمر الْقَبِيح - يَعْنِي عمل قوم لوط - اتهمَ بِهِ رجل على عهد عمر رَضِي الله عَنهُ فَأمر عمر بعض شباب قُرَيْش أَن لَا يجالسوه
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْوَضِين بن عَطاء عَن بعض التَّابِعين قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ أَن يحد الرجل النّظر إِلَى وَجه الْغُلَام الْجَمِيل
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن بَقِيَّة قَالَ بعض التَّابِعين: مَا أَنا بأخوف على الشَّاب الناسك من سبع ضار من الْغُلَام الْأَمْرَد يقْعد إِلَيْهِ
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحسن بن ذكْوَان قَالَ: لَا تجالسوا أَوْلَاد الْأَغْنِيَاء فَإِن لَهُم صور كصور النِّسَاء وهم أَشد فتْنَة من العذارى
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن النجيب ابْن السّديّ قَالَ: كَانَ يُقَال لَا يبيت الرجل فِي بَيت مَعَ المرد
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ: دخل سُفْيَان الثَّوْريّ الْحمام فَدخل عَلَيْهِ غُلَام صبيح فَقَالَ: أَخْرجُوهُ فَإِنِّي أرى مَعَ كل امْرَأَة شَيْطَانا وَمَعَ كل غُلَام بضعَة عشر شَيْطَانا
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا والحكيم التِّرْمِذِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن سِيرِين قَالَ: لَيْسَ شَيْء من الدَّوَابّ يعْمل عمل قوم لوط إِلَّا الْخِنْزِير وَالْحمار
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن سهل قَالَ: سَيكون فِي هَذِه الْأمة قوم
صنف ينظرُونَ وصنف يصافحون وصنف يعْملُونَ ذَلِك الْعَمَل
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن مُجَاهِد قَالَ: لَو أَن الَّذِي يعْمل ذَلِك الْعَمَل - يَعْنِي عمل قوم لوط - اغْتسل بِكُل قَطْرَة فِي السَّمَاء وكل قَطْرَة فِي الأَرْض لم يزل نجسا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا عَن جَابر بن زيد قَالَ: حُرْمَة الدبر أَشد من حُرْمَة الْفرج
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعن الله سَبْعَة من خلقه فَوق سبع سموات فردد لعنته على وَاحِدَة مِنْهَا ثَلَاثًا وَلعن بعد كل وَاحِدَة لعنة لعنة
قَالَ: مَلْعُون مَلْعُون مَلْعُون من عمل عمل قوم لوط مَلْعُون من أَتَى شَيْئا من الْبَهَائِم مَلْعُون من جمع بَين امْرَأَة وابنتها مَلْعُون من عقَّ وَالِديهِ مَلْعُون من ذبح لغير الله مَلْعُون من غير حُدُود الأَرْض مَلْعُون من تولى غير موَالِيه
وَأخرج ابْن ماجة والْحَاكِم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عمل قوم لوط فارجموا الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس
فِي الْبكر يُوجد على اللوطية قَالَ: يرْجم
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن عَائِشَة أَنَّهَا رَأَتْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَزينًا فَقَالَت: يَا رَسُول الله وَمَا الَّذِي يحزنك قَالَ: شَيْء تخوّفته على أمتِي أَن يعملوا بعدِي بِعَمَل قوم لوط
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي حُصَيْن
أَن عُثْمَان أشرف على النَّاس يَوْم الدَّار فَقَالَ: أما علمْتُم أَنه لَا يحل دم امرىء مُسلم إِلَّا أَرْبَعَة
رجل قتل فَقتل أَو رجل زنى بَعْدَمَا أحصن أَو رجل ارْتَدَّ بعد إِسْلَامه أَو رجل عمل عمل قوم لوط
- الْآيَة (٨٥ - ٩٣)
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ والبيهقي وابن عساكر عن حذيفة قال : إنما حق القول على قوم لوط حين استغنى النساء بالنساء والرجال بالرجال.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي وابن عساكر عن أبي حمزة قال : قلت لمحمد بن علي : عذب الله نساء قوم لوط بعمل رجالهم ؟ قال : الله أعدل من ذلك، استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله ﴿ إنهم أناس يتطهرون ﴾ قال : من أدبار الرجال وأدبار النساء استهزاء بهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة ﴿ إنهم أناس يتطهرون ﴾ قال : عابوهم بغير عيب، وذموهم بغير ذم.
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن الزهري إن لوطاً لما عذب الله قومه لحق بإبراهيم، فلم يزل معه حتى قبضه الله إليه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب في قوله ﴿ وأمطرنا عليهم مطراً ﴾ قال : الكبريت والنار.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن أبي عروبة قال : كان قوم لوط أربعة آلاف ألف.
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لعن الله من تولى غير مواليه، ولعن الله من غير تخوم الأرض، ولعن الله من كمه أعمى عن السبيل، ولعن الله من لعن والديه، ولعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من وقع على بهيمة، ولعن الله من عمل عمل قوم لوط ثلاث مرات ».
وأخرج احمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي والبيهقي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن من أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط ».
وأخرج ابن عدي والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « أربعة يصبحون في غضب الله ويمسون في سخط الله. قيل من هم يا رسول الله ؟ قال : المتشبهون من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال، والذي يأتي البهيمة، والذي يأتي الرجل ».
وأخرج عبد الرزاق وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس « أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي نضرة. أن ابن عباس سئل ما حدُّ اللوطي ؟ قال : ينظر أعلى بناء في القرية فيلقي منه منكساً، ثم يتبع بالحجارة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والبيهقي عن يزيد بن قبس : إن علياً رجم لوطياً.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن ابن شهاب قال : اللوطي يرجم أحصن أم لم يحصن، سنة ماضية.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والبيهقي عن إبراهيم قال : لو كان أحد ينبغي له أن يرجم مرتين لرجم اللوطي.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبيد الله بن عبد الله بن معمر قال : علة الرجم قتلة قوم لوط.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والبيهقي عن الحسن وإبراهيم قالا : حدُّ اللوطي حد الزاني، إن كان قد أحصن فالرجم وإلا فالحد.
وأخرج البيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت : أول من اتهم بالأمر القبيح يعني عمل قوم لوط اتهم به رجل على عهد عمر رضي الله عنه، فأمر عمر بعض شباب قريش أن لا يجالسوه.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن الوضين بن عطاء عن بعض التابعين قال : كانوا يكرهون أن يحد الرجل النظر إلى وجه الغلام الجميل.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن بقية قال بعض التابعين : ما أنا بأخوف على الشاب الناسك من سبع ضار من الغلام الأمرد يقعد إليه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الحسن بن ذكوان قال : لا تجالسوا أولاد الأغنياء فإن لهم صوراً كصور النساء، وهم أشد فتنة من العذارى.
أخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن النجيب بن السدي قال : كان يقال لا يبيت الرجل في بيت مع المرد.
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن المبارك قال : دخل سفيان الثوري الحمام، فدخل عليه غلام صبيح فقال : أخرجوه فإني أرى مع كل امرأة شيطاناً، ومع كل غلام بضعة عشر شيطاناً.
وأخرج ابن أبي الدنيا والحكيم الترمذي والبيهقي عن ابن سيرين قال : ليس شيء من الدواب يعمل قوم لوط إلا الخنزير والحمار.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن ابن سهل قال : سيكون في هذه الأمة قوم يقال لهم اللوطيون على ثلاثة أصناف : صنف ينظرون، وصنف يصافحون، وصنف يعملون ذلك العمل.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن مجاهد قال : لو أن الذي يعمل ذلك العمل يعني عمل قوم لوط اغتسل بكل قطرة في السماء وكل قطرة في الأرض لم يزل نجساً.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا عن جابر بن زيد قال : حرمة الدبر أشد من حرمة الفرج.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة عي النبي صلى الله عليه وسلم قال « لعن الله سبعة من خلقه فوق سبع سماوات، فردد لعنته على واحدة منها ثلاثاً ولعن بعد كل واحدة لعنة لعنة. قال : ملعون ملعون ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من أتى شيئاً من البهائم، ملعون من جمع بين امرأة وابنتها، ملعون من عقَّ والديه، معلون من ذبح لغير الله، ملعون من غير حدود الأرض، ملعون من تولى غير مواليه ».
وأخرج ابن ماجة والحاكم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من عمل عمل قوم لوط فارجموا الفاعل والمفعول به ».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة في المصنف وأبو داود عن ابن عباس. في البكر يوجد على اللوطية ؟ قال : يرجم.
وأخرج عبد الرزاق عن عائشة « أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم حزيناً فقالت : يا رسول الله وما الذي يحزنك ؟ قال : شيء تخوّفته على أمتي أن يعملوا بعدي بعمل قوم لوط ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي حصين. أن عثمان أشرف على الناس يوم الدار فقال : أما علمتم أنه لا يحل دم امرىء مسلم إلا أربعة : رجل قتل فقتل، أو رجل زنى بعدما أحصن، أو رجل ارتد بعد إسلامه، أو رجل عمل عمل قوم لوط.
يوبب بِوَزْن جَعْفَر أَوله مثناة تحيتة وَبعد الْوَاو موحدتان
وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ شُعَيْب نَبيا رَسُولا من بعد يُوسُف وَكَانَ من خَبره وَخبر قومه مَا ذكر الله فِي الْقُرْآن ﴿وَإِلَى مَدين أَخَاهُم شعيباً قَالَ يَا قوم اعبدوا الله مَا لكم من إِلَه غَيره﴾ فَكَانُوا مَعَ مَا كَانَ فيهم من الشّرك أهل بخس فِي مكايلهم وموازينهم مَعَ كفرهم برَبهمْ وتكذيبهم نَبِيّهم وَكَانُوا قوما طغاة بغاة يَجْلِسُونَ على الطَّرِيق فيبخسون النَّاس أَمْوَالهم حَتَّى يشترونه وَكَانَ أوّل من سنّ ذَلِك هم وَكَانُوا إِذا دخل عَلَيْهِم الْغَرِيب يَأْخُذُونَ دَرَاهِمه وَيَقُولُونَ دراهمك هَذِه زيوف فيقطعونها ثمَّ يشترونها مِنْهُ بالبخس يَعْنِي بِالنُّقْصَانِ فَذَلِك قَوْله ﴿وَلَا تفسدوا فِي الأَرْض بعد إصلاحها﴾ وَكَانَت بِلَادهمْ بِلَاد ميرة يمتار النَّاس مِنْهُم فَكَانُوا يَقْعُدُونَ على الطَّرِيق فيصدون النَّاس عَن شُعَيْب يَقُولُونَ: لَا تسمعوا مِنْهُ فَإِنَّهُ كَذَّاب يَفْتِنكُم فَذَلِك قَوْله ﴿وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط توعدون﴾ النَّاس أَن اتبعتم شعيباً فتنكم ثمَّ إِنَّهُم تواعدوه فَقَالُوا: يَا شُعَيْب لنخرجنك من قريتنا أَو لتعودن فِي ملتنا أَي إِلَى دين آبَائِنَا فَقَالَ عِنْد ذَلِك ﴿وَمَا أُرِيد أَن أخالفكم إِلَى مَا أنهاكم عَنهُ إِن أُرِيد إِلَّا الإِصلاح مَا اسْتَطَعْت وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت﴾ هود الْآيَة ٨٨ وَهُوَ الَّذِي يعصمني ﴿وَإِلَيْهِ أنيب﴾ يَقُول: إِلَيْهِ ارْجع
ثمَّ قَالَ ﴿أولو كُنَّا كارهين﴾ يَقُول: إِلَى الرّجْعَة إِلَى دينكُمْ إِن رَجعْنَا إِلَى دينكُمْ ﴿قد افترينا على الله كذبا إِن عدنا فِي ملتكم بعد إِذْ نجانا الله مِنْهَا وَمَا يكون لنا﴾ يَقُول: وَمَا يَنْبَغِي لنا أَن نعود فِيهَا بعد إِذْ نجانا الله مِنْهَا ﴿إِلَّا أَن يَشَاء الله رَبنَا﴾ فخاف الْعَاقِبَة فَرد الْمَشِيئَة إِلَى الله تَعَالَى فَقَالَ ﴿إِلَّا أَن يَشَاء الله رَبنَا وسع رَبنَا كل شَيْء علما﴾ مَا نَدْرِي مَا سبق لنا ﴿على الله توكلنا رَبنَا افْتَحْ بَيْننَا وَبَين قَومنَا بِالْحَقِّ وَأَنت خير الفاتحين﴾ يَعْنِي الفاصلين قَالَ: ابْن عَبَّاس كَانَ حَلِيمًا صَادِقا وقوراً وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ذكر شعيباً يَقُول ذَاك خطيب الْأَنْبِيَاء لحسن مُرَاجعَته قومه فِيمَا دعاهم إِلَيْهِ وَفِيمَا ردوا عَلَيْهِ وكذبوه وتواعدوه بِالرَّجمِ وَالنَّفْي من بِلَادهمْ وتواعد كبراؤهم ضعفاءهم قَالُوا ﴿لَئِن اتبعتم شعيباً إِنَّكُم إِذا لخاسرون﴾ فَلم ينْتَه شُعَيْب أَن
وَأخرج إِسْحَق وَابْن عَسَاكِر عَن عِكْرِمَة وَالسُّديّ قَالَا: مَا بعث الله نَبيا مرَّتَيْنِ إِلَّا شعيباً
مرّة إِلَى مَدين فَأَخذهُم الله بالصيحة وَمرَّة أُخْرَى إِلَى أَصْحَاب الأيكة فَأَخذهُم الله بِعَذَاب يَوْم الظلة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَلَا تبخسوا النَّاس أشياءهم﴾ قَالَ: لَا تظلموا النَّاس
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة ﴿وَلَا تبخسوا النَّاس أشياءهم﴾ قَالَ: لَا تظلموهم ﴿وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط توعدون﴾ قَالَ: كَانُوا يوعدون من أَتَى شعيباً وغشيه وَأَرَادَ الإِسلام
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط توعدون﴾ قَالَ: كَانُوا يَجْلِسُونَ فِي الطَّرِيق فيخبرون من أَتَى عَلَيْهِم أَن شعيباً كَذَّاب فَلَا يفتننَّكم عَن دينكُمْ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط﴾ قَالَ: طَرِيق ﴿توعدون﴾ قَالَ: تخوّفون النَّاس أَن يَأْتُوا شعيباً
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط توعدون﴾ قَالَ: بِكُل سَبِيل حق ﴿وتصدون عَن سَبِيل الله﴾ قَالَ: تصدُّونَ أَهلهَا ﴿وتبغونها عوجا﴾ قَالَ: تلتمسون لَهَا الزيغ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط توعدون﴾ قَالَ: الْعَاشِر ﴿وتصدون عَن سَبِيل الله﴾ قَالَ: تصدُّونَ عَن الإِسلام ﴿وتبغونها عوجا﴾ قَالَ: هَلَاكًا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وتبغونها﴾ قَالَ: تبغون السَّبِيل عوجا قَالَ: عَن الْحق
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد ﴿وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط توعدون﴾ قَالَ: هم العشار
قَالَ مَا هَذَا يَا جِبْرِيل هَذَا مثل أَقوام من أمتك يَقْعُدُونَ على الطَّرِيق فيقطعونه ثمَّ تَلا ﴿وَلَا تقعدوا بِكُل صِرَاط توعدون﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَمَا يكون لنا أَن نعود فِيهَا﴾ قَالَ: مَا يَنْبَغِي لنا أَن نعود فِي شرككم ﴿بعد إِذْ نجانا الله مِنْهَا وَمَا يكون لنا أَن نعود فِيهَا إِلَّا أَن يَشَاء الله رَبنَا﴾ وَالله لَا يَشَاء الشّرك وَلَكِن يَقُول: إِلَّا أَن يكون الله قد علم شَيْئا فَإِنَّهُ قد وسع كل شَيْء علما
وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن زيد بن أسلم: أَنه قَالَ فِي الْقَدَرِيَّة وَالله مَا قَالُوا كَمَا قَالَ الله وَلَا كَمَا قَالَ النَّبِيُّونَ وَلَا كَمَا قَالَ أَصْحَاب الْجنَّة وَلَا كَمَا قَالَ أَصْحَاب النَّار وَلَا كَمَا قَالَ أخوهم إِبْلِيس
قَالَ الله ﴿وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله﴾ الْإِنْسَان الْآيَة ٣٠ وَقَالَ شُعَيْب ﴿وَمَا يكون لنا أَن نعود فِيهَا إِلَّا أَن يَشَاء الله﴾ وَقَالَ أَصْحَاب الْجنَّة ﴿الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا لهَذَا وَمَا كُنَّا لنهتدي لَوْلَا أَن هدَانَا الله﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ٤٣ وَقَالَ أَصْحَاب النَّار ﴿وَلَكِن حقت كلمة الْعَذَاب على الْكَافرين﴾ الزمر الْآيَة ٧١ وَقَالَ إِبْلِيس ﴿رب بِمَا أغويتني﴾ الْحجر الْآيَة ٣٩
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا كنت أَدْرِي مَا قَوْله ﴿رَبنَا افْتَحْ بَيْننَا وَبَين قَومنَا بِالْحَقِّ﴾ حَتَّى سَمِعت ابْنة ذِي يزن تَقول: تعال أفاتحك: يَعْنِي أقاضيك
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿رَبنَا افْتَحْ﴾ يَقُول: اقْضِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: الْفَتْح: الْقَضَاء
لُغَة يَمَانِية إِذا قَالَ أحدهم: تعال أقاضيك الْقَضَاء قَالَ: تعال أفاتحك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿كَأَن لم يغنوا فِيهَا﴾ قَالَ: كَأَن لم يعمروا فِيهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة ﴿كَأَن لم يغنوا فِيهَا﴾ يَقُول: كَأَن لم يعيشوا فِيهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة ﴿فَتَوَلّى عَنْهُم وَقَالَ يَا قوم لقد أبلغتكم رسالات رَبِّي وَنَصَحْت لكم﴾ قَالَ: ذكر لنا أَن نَبِي الله شعيباً أسمع قومه وَأَن نَبِي الله صَالحا أسمع قومه كَمَا أسمع - وَالله - نَبِيكُم مُحَمَّد قومه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَكيف آسى﴾ قَالَ: أَحْزَن
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مبلة بن عبد الله قَالَ: بعث الله جِبْرِيل إِلَى أهل مَدين شطر اللَّيْل ليأفكهم بمغانيهم فألفى رجلاَ قَائِما يَتْلُو كتاب الله فهاله أَن يهلكه فِيمَن يهْلك فَرجع إِلَى الْمِعْرَاج فَقَالَ: اللهمَّ أَنْت سبوح قدوس بعثتني إِلَى مَدين لإِفك مدائنهم فَأَصَبْت رجلا قَائِما يَتْلُوا كتاب الله فَأوحى الله: مَا أعرفني بِهِ هُوَ فلَان بن فلَان فابدأ بِهِ فَإِنَّهُ لم يدْفع عَن محارمي إِلَّا موادعاً
وَأخرج اسحق بن بشر وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس
أَن شعيباً كَانَ يقْرَأ من الْكتب الَّتِي كَانَ الله أنزلهَا على إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِي الْمَسْجِد الْحَرَام قبران لَيْسَ فِيهِ غَيرهمَا قبر إِسْمَعِيل وَشُعَيْب
فقبر إِسْمَعِيل فِي الْحجر وقبر شُعَيْب مُقَابل الْحجر الْأسود
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه
أَن شعيباً مَاتَ بِمَكَّة وَمن مَعَه من الْمُؤمنِينَ فقبورهم فِي غربي الْكَعْبَة بَين دارالندوة وَبَين بَاب بني سهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن وهب عَن مَالك بن أنس قَالَ: كَانَ شُعَيْب خطيب الْأَنْبِيَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم عَن ابْن إِسْحَق قَالَ: ذكر لي يَعْقُوب بن أبي سَلمَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا ذكر شعيباً قَالَ: ذَاك خطيب الْأَنْبِيَاء لحسن مُرَاجعَته قومه فِيمَا يرادهم بِهِ فَلَمَّا كذبوه وتوعدوه بِالرَّجمِ وَالنَّفْي من بِلَاده وعتوا على الله أَخذهم عَذَاب يَوْم الظلة فبلغني أَن رجلا من أهل مَدين يُقَال لَهُ عَمْرو بن حلهَا ألما رَآهَا قَالَ:
- الْآيَة (٩٤ - ٩٥)
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ ولا تقعدوا بكل صراط توعدون ﴾ قال : كانوا يجلسون في الطريق فيخبرون من أتى عليهم أن شعيباً كذاب، فلا يفتننَّكم عن دينكم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ ولا تقعدوا بكل صراط ﴾ قال : طريق ﴿ توعدون ﴾ قال : تخوّفون الناس أن يأتوا شعيباً.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله ﴿ ولا تقعدوا بكل صراط توعدون ﴾ قال : بكل سبيل حق ﴿ وتصدون عن سبيل الله ﴾ قال : تصدون أهلها ﴿ وتبغونها عوجا ﴾ قال : تلتمسون لها الزيغ.
وأخرج ابن جرير وأبي أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله ﴿ ولا تقعدوا بكل صراط توعدون ﴾ قال : العاشر ﴿ وتصدون عن سبيل الله ﴾ قال : تصدون عن الإِسلام ﴿ وتبغونها عوجاً ﴾ قال : هلاكاً.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله ﴿ وتبغونها ﴾ قال : تبغون السبيل عوجا قال : عن الحق.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد ﴿ ولا تقعدوا بكل صراط توعدون ﴾ قال : هم العشار.
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية عن أبي هريرة أو غيره شك أبو عالية قال :« أتى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسريَ به على خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شيء إلا خرقته. قال «ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا مثل أقوام من أمتك يعقدون على الطريق فيقطعونه، ثم تلا ﴿ ولا تقعدوا بكل صراط توعدون ﴾ ».
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن زيد بن أسلم : أنه قال في القدرية والله ما قالوا كما قال الله ولا كما قال النبيون ولا كما قال أصحاب الجنة ولا كما قال أصحاب النار ولا كما قال أخوهم إبليس. قال الله ﴿ وما تشاءون إلا أن يشاء ﴾ [ الإِنسان : ٣٠ ] وقال شعيب ﴿ وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ﴾ وقال أصحاب الجنة ﴿ الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ﴾ [ الأعراف : ٤٣ ] وقال أصحاب النار ﴿ ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين ﴾ [ الزمر : ٧١ ] وقال إبليس ﴿ رب بما أغويتني ﴾ [ الحجر : ٣٩ ].
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في الوقف والابتداء والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : ما كنت أدري ما قوله ﴿ ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ﴾ حتى سمعت ابنة ذي يزي تقول : تعال أفاتحك : يعني أقاضيك.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ ربنا افتح ﴾ يقول : اقض.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : الفتح : القضاء. لغة يمانية إذا قال أحدهم : تعال أقاضيك القضاء قال : تعال أفاتحك.
وأخرج أبي جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ كأن لم يغنوا فيها ﴾ قال : كأن لم يعيشوا فيها.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ كأن لم يغنوا فيها ﴾ يقول : كأن لم يعيشوا فيها.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ فكيف آسى ﴾ قال : أحزن.
وأخرج ابن عساكر عن مبلة بن عبد الله قال : بعث الله جبريل إلى أهل مدين شطر الليل ليأفكهم بمغانيهم، فألفى رجلاَ قائماً يتلو كتاب الله، فهاله أن يهلكه فيمن يهلك، فرجع إلى المعراج فقال : اللهمَّ أنت سبوح قدوس بعثتني إلى مدين لإِفك مدائنهم فأصبت رجلاً قائماً يتلو كتاب الله، فأوحى الله : ما أعرفني به هو فلان بن فلان، فابدأ به فإنه لم يدفع عن محارمي إلا موادعاً.
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس. أن شعيباً كان يقرأ من الكتب التي كان الله أنزلها على إبراهيم عليه السلام.
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال : في المسجد الحرام قبران ليس فيه غيرهما، قبر إسماعيل وشعيب. فقبر إسماعيل في الحجر، وقبر شعيب مقابل الحجر الأسود.
وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه. أن شعيباً مات بمكة ومن معه من المؤمنين فقبورهم في غربي الكعبة، بين دار الندوة وبين باب بني سهم.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب عن مالك بن أنس قال : كان شعيب خطيب الأنبياء.
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن ابن إسحق قال : ذكر لي يعقوب بن أبي سلمة « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر شعيباً قال : ذلك خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه، فيما يرادهم به، فلما كذبوه وتوعدوه بالرجم والنفي من بلاده وعتوا على الله، أخذهم عذاب يوم الظلة، فبلغني أن رجلاً من أهل مدين يقال له عمرو بن حلها فما رآها قال :»
يا قوم إن شعيباً مرسل فذروا | عنكم سميراً وعمران بن شداد |
إني أرى عينة يا قوم قد طلعت | تدعو بصوت على ضمانة الواد |
وإنه لا يروي فيه ضحى غد | إلا الرقيم يحشى بين أنجاد |
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿ثمَّ بدلنا مَكَان السَّيئَة﴾ قَالَ: الشَّرّ ﴿الْحَسَنَة﴾ قَالَ: الرخَاء وَالْعدْل وَالْولد ﴿حَتَّى عفوا﴾ يَقُول: حَتَّى كثرت أَمْوَالهم وَأَوْلَادهمْ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿حَتَّى عفوا﴾ قَالَ: جموا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَقَالُوا قد مس آبَاءَنَا الضراء والسراء﴾ قَالَ: قَالُوا قد آتى على آبَائِنَا مثل هَذَا فَلم يكن شَيْئا ﴿فأخذناهم بَغْتَة وهم لَا يَشْعُرُونَ﴾ قَالَ: بَغت الْقَوْم أَمر الله وَمَا أَخذ الله قوما قطّ إِلَّا عِنْد سكوتهم وغرتهم ونعمتهم فَلَا تغتروا بِاللَّه إِنَّه لَا يغتر بِاللَّه إِلَّا الْقَوْم الْفَاسِقُونَ
- الْآيَة (٩٦)
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله ﴿ ثم بدلنا مكان السيئة ﴾ قال : الشر ﴿ الحسنة ﴾ قال : الرخاء والعدل والولد ﴿ حتى عفوا ﴾ يقول : حتى كثرت أموالهم وأولاهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله ﴿ حتى عفوا ﴾ قال : جمعوا.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء ﴾ قال : قالوا قد آتى على آبائنا مثل هذا فلم يكن شيئاً ﴿ فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون ﴾ قال : بغت القوم أمر الله، وما أخذ الله قوماً قط إلا عند سكوتهم وغرتهم ونعمتهم، فلا تغتروا بالله إنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون.
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن عبد الله بن أم حرَام قَالَ: صليت الْقبْلَتَيْنِ مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول أكْرمُوا الْخبز فان الله أنزلهُ من بَرَكَات السَّمَاء وسخر لَهُ بَرَكَات الأَرْض وَمن يتبع مَا يسْقط من السفرة غفر لَهُ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: كَانَ أهل قَرْيَة أوسع الله عَلَيْهِم حَتَّى كَانُوا يستنجون بالخبز فَبعث عَلَيْهِم الْجُوع حَتَّى أَنهم كَانُوا يَأْكُلُون مَا يتغدون بِهِ
- الْآيَة (٩٧ - ٩٨)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا تَتَّخِذُوا الدَّجَاج وَالْكلاب فتكونوا من أهل الْقرى وتلا ﴿أفأمن أهل الْقرى أَن يَأْتِيهم بأسنا بياتا﴾
- الْآيَة (٩٩)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم أَن الله تبَارك وَتَعَالَى قَالَ للْمَلَائكَة مَا هَذَا الْخَوْف الَّذِي قد بَلغَكُمْ وَقد أنزلتكم الْمنزلَة الَّتِي لم أنزلهَا غَيْركُمْ قَالُوا: رَبنَا لَا نَأْمَن مكرك لَا يَأْمَن مكرك إِلَّا الْقَوْم الخاسرون
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن عَليّ بن أبي حليمة قَالَ: كَانَ ذَر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن إِسْمَعِيل بن رَافع قَالَ: من الْأَمْن لمكر الله إِقَامَة العَبْد على الذَّنب يتَمَنَّى على الله الْمَغْفِرَة
- الْآيَة (١٠٠)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿أولم يهد﴾ قَالَ: يبين
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿للَّذين يَرِثُونَ الأَرْض من بعد أَهلهَا﴾ قَالَ: الْمُشْركُونَ
- الْآيَة (١٠١)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فَمَا كَانُوا ليؤمنوا بِمَا كذبُوا من قبل﴾ قَالَ: مثل قَوْله ﴿وَلَو ردوا لعادوا لما نهوا عَنهُ﴾ الْأَنْعَام الْآيَة ٢٨
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الرّبيع فِي قَوْله ﴿وَلَقَد جَاءَتْهُم رسلهم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا ليؤمنوا بِمَا كذبُوا من قبل كَذَلِك يطبع الله على قُلُوب الْكَافرين﴾ قَالَ: لقد علمه فيهم أَيهمْ الْمُطِيع من العَاصِي حَيْثُ خلقهمْ فِي زمَان آدم
قَالَ: وتصديق ذَلِك حِين قَالَ لنوح ﴿يَا نوح اهبط بِسَلام منا وبركات عَلَيْك وعَلى أُمَم مِمَّن مَعَك وأمم سنمتعهم ثمَّ يمسهم منا عَذَاب أَلِيم﴾ هودالآية ٤٨ فَفِي ذَلِك قَالَ ﴿وَلَو ردوا لعادوا لما نهوا عَنهُ وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ﴾ ) (الْأَنْعَام الْآيَة ٢٨) وَفِي ذَلِك ﴿وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا﴾ الْإِسْرَاء الْآيَة ١٥
وَأخرج الشَّيْخ عَن مقَاتل بن حَيَّان فِي قَوْله ﴿وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ١٧٢ قَالَ: أخرجهم مثل الذَّر فَركب فيهم الْعُقُول ثمَّ استنطقهم فَقَالَ لَهُم ﴿أَلَسْت بربكم﴾ قَالُوا جَمِيعًا: بلَى
فأقروا بألسنتهم وَأسر بَعضهم الْكفْر فِي قُلُوبهم يَوْم الْمِيثَاق فَهُوَ قَوْله ﴿وَلَقَد جَاءَتْهُم رسلهم﴾ بعد الْبَلَاغ ﴿بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا ليؤمنوا﴾ بعد الْبلُوغ ﴿بِمَا كذبُوا﴾ يَعْنِي يَوْم الْمِيثَاق ﴿كَذَلِك يطبع الله على قُلُوب الْكَافرين﴾
- الْآيَة (١٠٢)
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿وَمَا وجدنَا لأكثرهم من عهد﴾ يَقُول: فِيمَا ابْتَلَاهُم بِهِ ثمَّ عافاهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله ﴿وَمَا وجدنَا لأكثرهم من عهد﴾ قَالَ: هُوَ ذَلِك الْعَهْد يَوْم أَخذ الْمِيثَاق
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة ﴿وَمَا وجدنَا لأكثرهم من عهد﴾ قَالَ: لما
وَأخرج ابْن جرير عَن أبي بن كَعْب ﴿وَمَا وجدنَا لأكثرهم من عهد﴾ قَالَ: الْمِيثَاق الَّذِي أَخذه فِي ظهر آدم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن أبي بن كَعْب فِي قَوْله ﴿وَمَا وجدنَا لأكثرهم من عهد﴾ قَالَ: علم الله يَوْمئِذٍ من يَفِي مِمَّن لَا يَفِي فَقَالَ ﴿وَإِن وجدنَا أَكْثَرهم لفاسقين﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَمَا وجدنَا لأكثرهم من عهد﴾ قَالَ: الَّذِي أَخذ من بني آدم فِي ظهر آدم لم يفوا بِهِ ﴿وَإِن وجدنَا أَكْثَرهم لفاسقين﴾ قَالَ: الْقُرُون الْمَاضِيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِن وجدنَا أَكْثَرهم لفاسقين﴾ قَالَ: وَذَلِكَ أَن الله إِنَّمَا أهلك الْقرى لأَنهم لم يَكُونُوا حفظوا مَا أوصاهم بِهِ
- الْآيَة (١٠٣)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ فِرْعَوْن فارسياً من أهل اصطخر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن لَهِيعَة
إِن فِرْعَوْن كَانَ من أَبنَاء مصر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر قَالَ: عَاشَ فِرْعَوْن ثَلَاثمِائَة سنة مِنْهَا مِائَتَان وَعِشْرُونَ سنة لم ير فِيهَا مَا يقذي عَيْنَيْهِ وَدعَاهُ مُوسَى ثَمَانِينَ سنة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة
أَن فِرْعَوْن كَانَ قبطياً ولد زنا طوله سَبْعَة أشبار
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: كَانَ فِرْعَوْن علجاً من هَمدَان
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب أمهلت فِرْعَوْن أَرْبَعمِائَة سنة وَهُوَ يَقُول: أَنا ربكُم الْأَعْلَى ويكذب بآلائك ويجحد رسلك
فَأوحى الله إِلَيْهِ: أَنه كَانَ حسن الْخلق سهل الْحجاب فَأَحْبَبْت أَن أكافئه
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم بن مقسم الْهُذلِيّ قَالَ: مكث فِرْعَوْن أَرْبَعمِائَة سنة لم يصدع لَهُ رَأس
وَأخرج عَن أبي اأاشرس قَالَ: مكث فِرْعَوْن أَرْبَعمِائَة سنة الشَّبَاب يَغْدُو فِيهِ وَيروح
وَأخرج الْخَطِيب عَن الحكم بن عتيبة قَالَ: أول من خضب بِالسَّوَادِ فِرْعَوْن حَيْثُ قَالَ لَهُ مُوسَى: إِن أَنْت آمَنت بِاللَّه سَأَلته أَن يرد عَلَيْك شبابك فَذكر ذَلِك لهامان فخضبه هامان بِالسَّوَادِ
فَقَالَ لَهُ مُوسَى: ميعادك ثَلَاثَة أَيَّام
فَلَمَّا كَانَت ثَلَاثَة أَيَّام فصل خضابه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عبد الله بن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: كَانَ يغلق دون فِرْعَوْن ثَمَانُون بَابا فَمَا يَأْتِي مُوسَى بَابا مِنْهَا إِلَّا انْفَتح لَهُ وَلَا يكلم أحدا حَتَّى يقوم بَين يَدَيْهِ
- الْآيَة (١٠٤ - ١١٢)
أَنه كَانَ يقْرَأ (حقيق عليّ أَن لَا أَقُول)
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فَألْقى عَصَاهُ﴾ قَالَ: ذكر لنا أَن تِلْكَ الْعَصَا عَصا آدم اعطاه اياها ملك حِين توجه إِلَى مَدين فَكَانَت
قَالَ الله عز وَجل ﴿فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين﴾ قَالَ: حَيَّة تكَاد تساوره
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْمنْهَال قَالَ: ارْتَفَعت الْحَيَّة فِي السَّمَاء ميلًا فَأَقْبَلت إِلَى فِرْعَوْن فَجعلت تَقول: يَا مُوسَى مرني بِمَا شِئْت
وَجعل فِرْعَوْن يَقُول: يَا مُوسَى أَسأَلك بِالَّذِي أرسلك قَالَ: وَأَخذه بَطْنه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لقد دخل مُوسَى على فِرْعَوْن وَعَلِيهِ زرمانقة من صوف مَا تجَاوز مرفقه فاستؤذن على فِرْعَوْن فَقَالَ: ادخلوه
فَدخل فَقَالَ: إِن ألهي أَرْسلنِي إِلَيْك
فَقَالَ للْقَوْم حوله: مَا علمت لكم من إِلَه غَيْرِي خذوه
قَالَ إِنِّي قد جئْتُك بِآيَة ﴿قَالَ إِن كنت جِئْت بِآيَة فأت بهَا إِن كنت من الصَّادِقين فَألْقى عَصَاهُ﴾ فَصَارَت ثعباناً مَا بَين لحييْهِ مَا بَين السّقف إِلَى الأَرْض وَأدْخل يَده فِي جيبه فأخرجها مثل الْبَرْق تلتمع الْأَبْصَار فَخَروا على وُجُوههم وَأخذ مُوسَى عَصَاهُ ثمَّ خرج لَيْسَ أحد من النَّاس إِلَّا يفر مِنْهُ فَلَمَّا أَفَاق وَذهب عَن فِرْعَوْن الروع قَالَ: للملأ حوله مَاذَا تأمرون قَالُوا: أرجئه وأخاه لَا تأتنا بِهِ وَلَا يقربنا وَأرْسل فِي الْمَدَائِن حاشرين وَكَانَت السَّحَرَة يَخْشونَ من فِرْعَوْن فَلَمَّا أرسل إِلَيْهِم قَالُوا: قد احْتَاجَ إِلَيْكُم إِلَهكُم قَالَ: إِن هَذَا فعل كَذَا وَكَذَا
قَالُوا: إِن هَذَا سَاحر يسحر أئن لنا لأجراً إِن كُنَّا نَحن الغالبين قَالَ: سَاحر يسحر النَّاس وَلَا يسحر السَّاحر السَّاحر قَالَ: نعم وَإِنَّكُمْ إِذا لمن المقربين
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الحكم قَالَ: كَانَت عَصا مُوسَى من عوسج وَلم يسخر العوسج لأحد بعده
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: عَصا مُوسَى اسْمهَا ماشا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُسلم قَالَ: عَصا مُوسَى هِيَ الدَّابَّة يَعْنِي دَابَّة الأَرْض
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين﴾ قَالَ: الْحَيَّة الذّكر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق معمر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين﴾ قَالَ: تحوّلت حَيَّة عَظِيمَة
قَالَ معمر قَالَ غَيره: مثل الْمَدِينَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: حَيَّة صفراء ذكر
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن فرقد السبخي قَالَ: كَانَ فِرْعَوْن إِذا كَانَت لَهُ حَاجَة ذهبت بِهِ السَّحَرَة مسيرَة خمسين فرسخاً فَإِذا قضى حَاجته جاؤوا بِهِ حَتَّى كَانَ يَوْم عَصا مُوسَى فَإِنَّهَا فتحت فاها فَكَانَ مَا بَين لحييها أَرْبَعِينَ ذِرَاعا فأحدث يَوْمئِذٍ أَرْبَعِينَ مرّة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين﴾ قَالَ: الذّكر من الْحَيَّات فَاتِحَة فمها وَاضِعَة لحيها الْأَسْفَل فِي الأَرْض والأعلى على سور الْقصر ثمَّ تَوَجَّهت نَحْو فِرْعَوْن لتأخذه فَلَمَّا رَآهَا ذعر مِنْهَا ووثب فأحدث وَلم يكن يحدث قبل ذَلِك وَصَاح: يَا مُوسَى خُذْهَا وَأَنا أومن بك وَأرْسل مَعَك بني إِسْرَائِيل
فَأَخذهَا مُوسَى فَصَارَت عَصا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد ﴿وَنزع يَده﴾ قَالَ: الْكَفّ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿يُرِيد أَن يخرجكم﴾ قَالَ: يستخرجكم من أَرْضكُم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أرجه﴾ قَالَ: أخِّره
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالُوا ﴿أرجه وأخاه﴾ قَالَ: احبسه وأخاه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ من طَرِيق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَأرْسل فِي الْمَدَائِن حاشرين﴾ قَالَ: الشَّرْط
- الْآيَة (١١٣ - ١٢٦)
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن المنهال قال : ارتفعت الحية في السماء ميلاً، فأقبلت إلى فرعون فجعلت تقول : يا موسى مرني بما شئت. وجعل فرعون يقول : يا موسى أسألك بالذي أرسلك قال : وأخذه بطنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لقد دخل موسى على فرعون وعليه زرمانقة من صوف ما تجاوز مرفقه، فاستأذن على فرعون فقال : ادخلوه. فدخل فقال : إن ألهي أرسلني إليك. فقال للقوم حوله : ما علمت لكم من إله غيري خذوه. قال إني قد جئتك بآية ﴿ قال فائت بها إن كنت من الصادقين، فألقى عصاه ﴾ فصارت ثعباناً ما بين لحييه ما بين السقف إلى الأرض، وأدخل يده في جيبه فأخرجها مثل البرق تلتمع الأبصار فخروا على وجوههم، وأخذ موسى عصاه ثم خرج ليس أحد من الناس إلا يفر منه، فلما أفاق وذهب عن فرعون الروع قال للملأ حوله : ماذا تأمرون ؟ قالوا : أرجئه وأخاه لا تأتنا به ولا يقربنا، وأرسل في المدائن حاشرين، وكانت السحرة يخشون من فرعون، فلما أسرع إليهم قالوا : قد احتاج إليكم إلهكم قال : إن هذا فعل كذا وكذا. قالوا : إن هذا ساحر يسحر، أئن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين ؟ قال : ساحر يسحر الناس ولا يسحر الساحر الساحر ؟ قال : نعم وإنكم إذاً لمن المقربين.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحكم قال : كانت عصا موسى من عوسج، ولم يسخر العوسج لأحد بعده.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : عصا موسى اسمها ماشا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مسلم قال : عصا موسى هي الدابة يعني دابة الأرض.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس في قوله ﴿ فإذا هي ثعبان مبين ﴾ قال : الحية الذكر.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق معمر عن قتادة في قوله ﴿ فإذا هي ثعبان مبين ﴾ قال : تحوّلت حية عظيمة. قال معمر، قال غيره : مثل المدينة.
وأخرج أبو الشيخ عن الكلبي قال : حية صفراء ذكر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب ابن منبه قال : كان بين لحيي الثعبان الذي من عصا موسى إثنا عشر ذراعاً.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن فرقد السبخي قال : كان فرعون إذا كانت له حاجة ذهبت به السحرة مسيرة خمسين فرسخاً، فإذا قضى حاجته جاءوا به، حتى كان يوم عصا موسى فإنها فتحت فاها فكان ما بين لحييها أربعين ذراعاً، فأحدث يومئذ أربعين مرة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ فإذا هي ثعبان مبين ﴾ قال : الذكر من الحيات فاتحة فمها واضعة لحيها الأسفل في الأرض والأعلى على سور القصر ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه، فلما رآها ذعر منها ووثب فأحدث ولم يكن يحدث قبل ذلك، وصاح : يا موسى خذها وأنا أومن بك وأرسل معك بني إسرائيل. فأخذها موسى فصارت عصا.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قالوا ﴿ أرجئه وأخاه ﴾ قالف احبسه وأخاه.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس في قوله ﴿ وأرسل في المدائن حاشرين ﴾ قال : الشرط.
وَفِي لفظ: كَانُوا سحرة فِي أول النَّهَار وشهداء آخر النَّهَار حِين قتلوا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن كَعْب قَالَ: كَانَ سحرة فِرْعَوْن اثْنَي عشر ألفا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن اسحق قَالَ: جمع لَهُ خَمْسَة عشر ألف سَاحر
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي ثُمَامَة قَالَ: سحرة فِرْعَوْن سَبْعَة عشر الْفَا
وَفِي لفظ: تِسْعَة عشر ألفا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: كَانَ السَّحَرَة بضعَة وَثَلَاثِينَ ألفا لَيْسَ مِنْهُم رجل إِلَّا مَعَه حَبل أَو عَصا فَلَمَّا ألقوا سحروا أعين النَّاس واسترهبوهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْقَاسِم بن أبي بزَّة قَالَ: سحرة فِرْعَوْن كَانُوا سبعين ألف سَاحر فَألْقوا سبعين ألف حَبل وَسبعين ألف عَصا حَتَّى جعل مُوسَى يخيل إِلَيْهِ من سحرهم أَنَّهَا تسْعَى فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا مُوسَى ألقِ عصاك
فَألْقى عَصَاهُ فَإِذا هِيَ ثعبان فاغر فَاه فابتلع حبالهم وعصيهم فَألْقى السَّحَرَة عِنْد ذَلِك سجدا فَمَا رفعوا رؤوسهم حَتَّى رَأَوْا الْجنَّة وَالنَّار وثواب أَهلهَا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج قَالَ: السَّحَرَة ثَلَاثمِائَة من قرم ثَلَاثمِائَة من الْعَريش ويشكون فِي ثَلَاثمِائَة من الاسكندرية
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿قَالُوا إنَّ لنا لأجرا﴾ أَي إِن لنا لعطاء وفضيلة
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَلَمَّا ألقوا﴾ قَالَ: ألقوا حِبَالًا غلاظاً وخشباً طوَالًا فَأَقْبَلت تخيل إِلَيْهِ من سحرهم أَنَّهَا تسْعَى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وأوحينا إِلَى مُوسَى أَن ألق عصاك﴾ قَالَ: أوحى الله إِلَى مُوسَى أَن ألق مَا فِي يَمِينك فَألْقى عَصَاهُ فَأكلت كل حَيَّة فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك سجدوا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وأوحينا إِلَى مُوسَى أَن ألق عصاك﴾ فَألْقى عَصَاهُ فتحولت حَيَّة فَأكلت سحرهم كُله وعصيهم وحبالهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿تلقف مَا يأفكون﴾ قَالَ: يكذبُون
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿تلقف مَا يأفكون﴾ قَالَ: تسترط حبالهم وعصيهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن السَّحَرَة قَالُوا حِين اجْتَمعُوا
إِن يَك ماجاء بِهِ سحرًا فَلَنْ يغلب وَإِن يَك من الله فسترون
فَلَمَّا ألْقى عَصَاهُ أكلت مَا افكوا من سحرهم وعادت كَمَا كَانَت علمُوا أَنه من الله فَألْقوا عِنْد ذَلِك ساجدين قَالُوا: آمنا بِرَبّ الْعَالمين
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة قَالَ: التقى مُوسَى وأمير السَّحَرَة فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أريتك إِن غلبتك أتؤمن بِي وَتشهد أَن مَا جِئْت بِهِ حق قَالَ السَّاحر: لآتينَّ غَدا بِسحر لَا يغلبه سحر فو الله لَئِن غلبتني لأومنن بك ولأشهدن أَنَّك حق وَفرْعَوْن ينظر إِلَيْهِم وَهُوَ قَول فِرْعَوْن: إِن هَذَا لمكر مكرتموه فِي الْمَدِينَة إِذْ التقيتما لتظاهر أفتخرجا مِنْهَا أَهلهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿وَألقى السَّحَرَة ساجدين﴾ قَالَ: رَأَوْا مَنَازِلهمْ تبنى لَهُم وهم فِي سجودهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن اأاوزاعي قَالَ: لما خرَّ السَّحَرَة سجدا رفعت لَهُم الْجنَّة حَتَّى نظرُوا إِلَيْهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿إِن هَذَا لمكر مكرتموه فِي الْمَدِينَة﴾ إِذْ التقيتما لتظاهر افتخرجا مِنْهَا أَهلهَا ﴿لأقطعن أَيْدِيكُم﴾ الْآيَة
قَالَ: قَتلهمْ وقطعهم كَمَا قَالَ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن إِسْحَق قَالَ: كَانَ من رُؤُوس السَّحَرَة الَّذين جمع فِرْعَوْن لمُوسَى فِيمَا بَلغنِي سَابُور وعاذور وحطحط ومصفى
أَرْبَعَة هم الَّذين آمنُوا حِين رَأَوْا مَا رَأَوْا من سُلْطَان الله فآمنت مَعَهم السَّحَرَة جَمِيعًا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ أول من صلب فِرْعَوْن وَهُوَ أول من قطع الْأَيْدِي والأرجل من خلاف
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما ألقوا مَا فِي أَيْديهم من السحر ألْقى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين فتحت فَماً لَهَا مثل الرَّحَى فَوضعت مشفرها على الأَرْض وَرفعت المشفر الآخر فاستوعبت كل شَيْء ألقوه من حبالهم وعصيهم ثمَّ جَاءَ إِلَيْهَا فَأَخذهَا فَصَارَت عَصا كَمَا كَانَت فخرت بَنو إِسْرَائِيل سجدا وَقَالُوا: آمنا بِرَبّ مُوسَى وَهَارُون قَالَ ﴿آمنتم لَهُ قبل أَن آذن لكم﴾ الْآيَة
قَالَ: فَكَانَ أول من قطع من خلاف وَأول من صلب فِي الأَرْض فِرْعَوْن
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿لأقطعن أَيْدِيكُم وأرجلكم من خلاف﴾ قَالَ: يدا من هَهُنَا ورجلاً من هَهُنَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَنهم كَانُوا أول النَّهَار سحرة وَآخره شُهَدَاء
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله ﴿ وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك ﴾ فألقى عصاه فتحولت حية، فأكلت سحرهم كله وعصيهم وحبالهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ تلقف ما يأفكون ﴾ قال : يكذبون.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله ﴿ تلقف ما يأفكون ﴾ قال : تسترط حبالهم وعصيهم.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : ذكر لنا أن السحرة قالوا حين اجتمعوا : إن يك ما جاء به سحراً فلن يغلب، وإن يك من الله فسترون. فلما ألقى عصاه أكلت ما أفكوا من سحرهم وعادت كما كانت علموا أنه من الله، فألقوا عند ذلك ساجدين قالوا : آمنا برب العالمين.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن مسعود وناس من الصحابة قال : التقى موسى وأمير السحرة، فقال له موسى، أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بي، وتشهد أن ما جئت به حق ؟ قال الساحر : لآتينَّ غداً بسحر لا يغلبه سحر، فوالله لئن غلبتني لأومنن بك ولأشهدن أنك حق وفرعون ينظر إليهم، وهو قول فرعون : إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة إذ التقيتما لتظاهر أفتخرجا منها أهلها ؟.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأوزاعي قال : لما خرَّ السحرة سجداً رفعت لهم الجنة حتى نظروا إليها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن إسحق قال : كان من رؤوس السحرة الذين جمع فرعون لموسى فيها بلغني سابور، وعاذور، وحطحط، ومصفى. أربعة هم الذين آمنوا حين رأوا ما رأوا من سلطان الله، فآمنت معهم السحرة جميعاً.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان أول من صلب فرعون، وهو أول من قطع الأيدي والأرجل من خلاف.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : لما ألقوا ما في أيديهم من السحر، ألقى موسى عصاه فإذا هي ثعبان مبين، فتحت فَماً لها مثل الرحى فوضعت مشفرها على الأرض ورفعت المشفر الآخر فاستوعبت كل شيء ألقوه من حبالهم وعصيهم، ثم جاء إليها فأخذها فصارت عصا كما كانت، فخرت بنو إسرائيل سجداً وقالوا : آمنا برب موسى وهارون قال ﴿ آمنتم له قبل أن آذن لكم ﴾ الآية. قال : فكان أول من قطع من خلاف وأول من صلب في الأرض فرعون.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أنهم كانوا أول النهار سحرة وآخره شهداء.
أَنه كَانَ يقْرَأ (ويذرك وإلاهتك) قَالَ: عبادتك وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ فِرْعَوْن يُعبد وَلَا يَعبد
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الضَّحَّاك
مثله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس (ويذرك وإلاهتك) قَالَ: يتْرك عبادتك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد ﴿ويذرك وآلهتك﴾ قَالَ: وعبادتك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الضَّحَّاك
أَنه قَالَ: كَيفَ تقرأون هَذِه الْآيَة ﴿ويذرك﴾ قَالُوا: ويذرك وآلهتك
فَقَالَ الضَّحَّاك: إِنَّمَا هِيَ الأهتك أَي عبادتك أَلا ترى أَنه يَقُول أَنا ربكُم الْأَعْلَى
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿ويذرك وآلهتك﴾ قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس لَيْسَ يعنون الْأَصْنَام إِنَّمَا يعنون بآلهتك تعظيمك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿ويذرك وآلهتك﴾ قَالَ: لَيْسَ يعنون بِهِ الْأَصْنَام إِنَّمَا يعنون تَعْظِيمه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ قَالَ: قَرَأت على بكر بن عبد الله ﴿ويذرك وآلهتك﴾ قَالَ بكر: أتعرف هَذَا فِي العربيه فَقلت: نعم
فجَاء الْحسن فاستقرأني بكر فقرأتها كَذَلِك فَقَالَ الْحسن ﴿ويذرك وآلهتك﴾ فَقلت لِلْحسنِ: أَو كَانَ يعبد شيا قَالَ: أَي وَالله ان كَانَ ليعبد
قَالَ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ: بَلغنِي أَنه كَانَ يَجْعَل فِي عُنُقه شَيْئا يعبده قَالَ: وَبَلغنِي أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يعبد الْبَقر
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما آمَنت السَّحَرَة اتبع مُوسَى سِتّمائَة ألف من بني إِسْرَائِيل
- الْآيَة (١٢٩)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه فِي الْآيَة قَالَ: قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى: كَانَ فِرْعَوْن يكلفنا اللَّبن قبل أَن تَأْتِينَا فَلَمَّا جِئْت كلفنا اللَّبن مَعَ التِّبْن أَيْضا فَقَالَ مُوسَى: أَي رب أهلك فِرْعَوْن حَتَّى مَتى تبقيه
فَأوحى الله إِلَيْهِم: إِنَّهُم لم يعملوا الذَّنب الَّذِي اهلكهم بِهِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿قَالُوا أوذينا من قبل أَن تَأْتِينَا وَمن بعد مَا جئتنا﴾ قَالَ: أما قبل أَن يبْعَث حزرا لعدو الله فِرْعَوْن حَاز إِنَّه يُولد فِي هَذَا الْعَام غُلَام يسلبك ملكك
قَالَ: فتتبع أَوْلَادهم فِي ذَلِك الْعَام بِذبح الذُّكُور مِنْهُم ثمَّ ذبحهم أَيْضا بَعْدَمَا جَاءَهُم مُوسَى وَهَذَا قَول نَبِي إِسْرَائِيل يَشكونَ إِلَى مُوسَى
فَقَالَ لَهُم مُوسَى ﴿عَسى ربكُم أَن يهْلك عَدوكُمْ ويستخلفكم فِي الأَرْض فَينْظر كَيفَ تَعْمَلُونَ﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن بِنَا أهل الْبَيْت يفتح وَيخْتم فَلَا بُد أَن تقع دولة لبني هَاشم فانظروا فِيمَن تَكُونُوا من بني هَاشم وَفِيهِمْ نزلت ﴿عَسى ربكُم أَن يهْلك عَدوكُمْ ويستخلفكم فِي الأَرْض فَينْظر كَيفَ تَعْمَلُونَ﴾
- الْآيَة (١٣٠)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَلَقَد أَخذنَا آل فِرْعَوْن بِالسِّنِينَ﴾ قَالَ: الجوائح ﴿وَنقص من الثمرات﴾ دون ذَلِك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَلَقَد أَخذنَا آل فِرْعَوْن بِالسِّنِينَ﴾ قَالَ: أَخذهم الله بِالسِّنِينَ بِالْجُوعِ عَاما فعاماً ﴿وَنقص من الثمرات﴾ فَأَما السنون فَكَانَ ذَلِك فِي باديتهم وَأهل مَوَاشِيهمْ وَأما نقص من الثمرات فَكَانَ فِي أمصارهم وقراهم
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن رَجَاء بن حَيْوَة فِي قَوْله ﴿وَنقص من الثمرات﴾ قَالَ: حَتَّى لَا تحمل النَّخْلَة إِلَّا بسرة وَاحِدَة
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أَخذ الله آل فِرْعَوْن بِالسِّنِينَ يبس كل شَيْء لَهُم وَذَهَبت مَوَاشِيهمْ حَتَّى يبس نيل مصر واجتمعوا إِلَى فِرْعَوْن فَقَالُوا لَهُ: إِن كنت تزْعم فأتنا فِي نيل مصر بِمَاء
قَالَ: غدْوَة يصبحكم المَاء
فَلَمَّا خَرجُوا من عِنْده قَالَ: أَي شَيْء صنعت
انا أقدر على أَن أجري فِي نيل مصر مَاء غدْوَة أصبح فيكذبونني
فَلَمَّا كَانَ فِي جَوف اللَّيْل قَامَ واغتسل وَلبس مدرعة صوف ثمَّ خرج حافياً حَتَّى أَتَى نيل مصر فَقَامَ فِي بَطْنه فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم أَنِّي أعلم أَنَّك تقدر على أَن تملا نيل مصر مَاء فأملاه فَمَا علم إِلَّا بخرير المَاء يقبل فَخرج وَأَقْبل النّيل يزخ بِالْمَاءِ لما أَرَادَ الله بهم من الهلكة
- الْآيَة (١٣١)
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِلَّا إِنَّمَا طائرهم﴾ قَالَ مصائبهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أَلا إِنَّمَا طائرهم عِنْد الله﴾ قَالَ: الْأَمر من قبل الله
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿أَلا إِنَّمَا طائرهم عِنْد الله﴾ يَقُول: الْأَمر من قبل الله مَا أَصَابَكُم من أَمر الله فَمن الله بِمَا كسبت أَيْدِيكُم
- الْآيَة (١٣٢)
- الْآيَة (١٣٣)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء قَالَ ﴿الطوفان﴾ الْمَوْت
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد قَالَ ﴿الطوفان﴾ الْمَوْت على كل حَال
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ ﴿الطوفان﴾ الْغَرق
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ ﴿الطوفان﴾ أَن يمطروا دَائِما بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار ثَمَانِيَة أَيَّام وَالْقمل الْجَرَاد الَّذِي لَيْسَ لَهُ أَجْنِحَة
مثل ذَلِك فَدَعَا ربه فكشف عَنْهُم الْجَرَاد فداسوه وأحرزوه فِي الْبيُوت فَقَالُوا: قد أحرزنا فَأرْسل الله عَلَيْهِم الْقمل: وَهُوَ السوس الَّذِي يخرج من الْحِنْطَة فَكَانَ الرجل يخرج بِالْحِنْطَةِ عشرَة أجربة إِلَى الرحا فَلَا يرد مِنْهَا بِثَلَاثَة أَقْفِزَة فَقَالُوا مثل ذَلِك فكشف عَنْهُم فَأَبَوا أَن يرسلوا مَعَه بني إِسْرَائِيل فَبينا مُوسَى عِنْد فِرْعَوْن إِذْ سمع نقيق ضفدع من نهر فَقَالَ: يَا فِرْعَوْن مَا تلقى أَنْت وقومك من هَذَا الضفدع فَقَالَ: وَمَا عَسى أَن يكون عِنْد هَذَا الضفدع فَمَا أَمْسوا حَتَّى كَانَ الرجل يجلس إِلَى ذقنه فِي الضفادع وَمَا مِنْهُم من أحد يتَكَلَّم إِلَّا وثب ضفدع فِي فِيهِ وَمَا من شَيْء من آنيتهم إِلَّا وَهِي ممتلئة من الضفادع
فَقَالُوا مثل ذَلِك فكشف عَنْهُم فَلم يفوا فَأرْسل الله عَلَيْهِم الدَّم فَصَارَت أنهارهم دَمًا وَصَارَت آبارهم دَمًا فشكوا إِلَى فِرْعَوْن ذَلِك فَقَالَ: وَيحكم قد سحركم فَقَالُوا: لَيْسَ نجد من مائنا شَيْئا فِي اناء وَلَا بِئْر وَلَا نهر إِلَّا ونجده طعم الدَّم العبيط فَقَالَ فِرْعَوْن: يَا مُوسَى ادْع لنا رَبك يكْشف عَنْهُم الدَّم فَلم يفوا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم الطوفان﴾ وَهُوَ الْمَطَر حَتَّى خَافُوا الْهَلَاك فَأتوا مُوسَى فَقَالُوا: يَا مُوسَى ادْع لنا رَبك أَن يكْشف عَنَّا
فَأرْسل الله عَلَيْهِم الْجَرَاد فأسرع فِي فَسَاد زُرُوعهمْ وثمارهم قَالُوا: يَا مُوسَى ادْع لنا رَبك أَن يكْشف عَنَّا الْجَرَاد فانا سنؤمن لَك وَنُرْسِل مَعَك بني إِسْرَائِيل
فَدَعَا ربه فكشف عَنْهُم الْجَرَاد وَكَانَ قد بَقِي من زرعهم ومعائشهم بقايا فَقَالُوا: قد بَقِي لنا مَا هُوَ كافينا فَلَنْ نؤمن لَك وَلنْ نرسل مَعَك بني إِسْرَائِيل
فَأرْسل الله عَلَيْهِم الْقمل وَهُوَ الدبا فتتبع مَا كَانَ ترك الْجَرَاد فجزعوا وخشوا الْهَلَاك فَقَالُوا: يَا مُوسَى ادْع لنا رَبك يكْشف عَنَّا الدبا فَإنَّا سنؤمن لَك وَنُرْسِل مَعَك بني إِسْرَائِيل
فَدَعَا ربه فكشف عَنْهُم الدبا فَقَالُوا: مَا نَحن لَك بمؤمنين وَلَا مرسلين مَعَك بني إِسْرَائِيل
فَأرْسل الله عَلَيْهِم الضفادع فَمَلَأ بُيُوتهم مِنْهَا ولقوا مِنْهَا أَذَى شَدِيدا لم يلْقوا مثله فِيمَا كَانَ قبله كَانَت تثب فِي قدورهم فتفسد عَلَيْهِم طعامهم وتطفىء نيرانهم قَالُوا: يَا مُوسَى ادْع لنا رَبك أَن يكْشف عَنَّا الضفادع فقد لَقينَا مِنْهَا بلَاء وأذى فانا سنؤمن لَك وَنُرْسِل مَعَك بني إِسْرَائِيل
فَدَعَا ربه فكشف عَنْهُم الضفادع فَقَالُوا: لَا نؤمن لَك وَلَا نرسل مَعَك بني إِسْرَائِيل
فَأرْسل الله عَلَيْهِم الدَّم فَجعلُوا لَا يَأْكُلُون إِلَّا الدَّم وَلَا يشربون إِلَّا الدَّم قَالُوا: يَا مُوسَى ادْع لنا رَبك أَن يكْشف عَنَّا الدَّم فانا سنؤمن لَك وَنُرْسِل مَعَك بني إِسْرَائِيل
فَدَعَا ربه فكشف عَنْهُم الدَّم فَقَالُوا: يَا مُوسَى لن نؤمن لَك وَلنْ نرسل مَعَك بني إِسْرَائِيل ٠ فَكَانَت آيَات مفصلات بَعْضهَا أثر بعض لتَكون لله الْحجَّة عَلَيْهِم فَأَخذهُم الله بِذُنُوبِهِمْ فأغرقهم فِي أَلِيم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم الطوفان﴾ قَالَ: المَاء والطاعون وَالْجَرَاد
قَالَ: تَأْكُل مسامير رتجهم: يَعْنِي أَبْوَابهم وثيابهم وَالْقمل الدبا والضفادع تسْقط على فرشهم وَفِي أطعمتهم وَالدَّم يكون فِي ثِيَابهمْ ومائهم وطعامهم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء قَالَ: بَلغنِي أَن الْجَرَاد لما سلط على بني إِسْرَائِيل أكل أَبْوَابهم حَتَّى أكل مساميرهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْجَرَاد نترة من حوت فِي الْبَحْر
وَأخرج الْعقيلِيّ فِي كتاب الضُّعَفَاء وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الْجَرَاد فَقَالَ: إِن مَرْيَم سَأَلت الله أَن يطْعمهَا لَحْمًا لَا دم فِيهِ فاطعمها الْجَرَاد
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن مَرْيَم بنت عمرَان سَأَلت رَبهَا أَن يطْعمهَا لَحْمًا لَا دم فِيهِ فاطعمها الْجَرَاد فَقَالَت:
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن زَيْنَب ربيبة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: إِن نَبيا من الْأَنْبِيَاء سَأَلَ الله لحم طير لَا ذَكَاة لَهُ فرزقه الله الْحيتَان وَالْجَرَاد
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن سلمَان قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْجَرَاد فَقَالَ أَكثر جنود الله لَا آكله وَلَا أحرمهُ
وَأخرج أَبُو بكر البرقي فِي معرفَة الصَّحَابَة وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي زُهَيْر النميري قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تقاتلوا الْجَرَاد فَإِنَّهُ جند من جند الله الْأَعْظَم قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا إِن صَحَّ أَرَادَ بِهِ إِذا لم يتَعَرَّض لإِفساد الْمزَارِع فَإِذا تعرض لَهُ جَازَ دَفعه بِمَا يَقع بِهِ الدّفع من الْقِتَال وَالْقَتْل أَو أَرَادَ بِهِ تعذر مقاومته بِالْقِتَالِ وَالْقَتْل
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق الفضيل بن عِيَاض عَن مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله قَالَ: وَقعت جَرَادَة بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: الا نقتلها يَا رَسُول الله فَقَالَ من قتل جَرَادَة فَكَأَنَّمَا قتل غوريا قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا ضَعِيف بِجَهَالَة بعض رُوَاته وَانْقِطَاع مَا بَين إِبْرَاهِيم وَابْن مَسْعُود
وَأخرج الْحَاكِم فِي تَارِيخه وَالْبَيْهَقِيّ بِسَنَد فِيهِ مَجْهُول عَن ابْن عمر قَالَ: وَقعت جَرَادَة بَين يَدي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاحتملها فَإِذا مَكْتُوب فِي جناحها بالعبرانية: لَا يَعْنِي جنيني وَلَا يشْبع آكِلِي نَحن جند الله الْأَكْبَر لنا تسع وَتسْعُونَ بَيْضَة وَلَو تمت لنا الْمِائَة لأكلنا الدُّنْيَا بِمَا فِيهَا
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ أهلك الْجَرَاد اقْتُل كِبَارهَا وأمت صغارها وأفسد بيضها وسدَّ أفواهها عَن مزارع الْمُسلمين وَعَن مَعَايشهمْ إِنَّك سميع الدُّعَاء فَجَاءَهُ جِبْرِيل فَقَالَ: إِنَّه قد اسْتُجِيبَ لَك فِي بعض قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا حَدِيث مُنكر
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وإسمعيل بن عبد الغافر الْفَارِسِي فِي الْأَرْبَعين وَالْبَيْهَقِيّ عَن الْحُسَيْن بن عَليّ قَالَ: كُنَّا على مائدة أَنا وَأخي مُحَمَّد بن الحنيفة وَبني عمي عبد الله بن عَبَّاس وَقثم وَالْفضل فَوَقَعت جَرَادَة فَأَخذهَا عبد الله بن عَبَّاس فَقَالَ للحسين: تعلم مَا مَكْتُوب على جنَاح الجرادة فَقَالَ: سَأَلت أبي فَقَالَ: سَأَلت
فَقَالَ ابْن عَبَّاس: هَذَا وَالله من مَكْنُون الْعلم
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ لي ابْن عَبَّاس: مَكْتُوب على الجرادة بالسُّرْيَانيَّة: إِنِّي أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا وحدي لَا شريك لي الْجَرَاد جند من جندي أسلطه على من أَشَاء من عبَادي
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: لما خلق الله آدم فضَّل من طينته شَيْء فخلق مِنْهُ الْجَرَاد
وَأخرج عَن سعيد بن أبي الْحسن
مثله
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ ﴿الطوفان﴾ الْمَطَر ﴿وَالْجَرَاد﴾ هَذَا الْجَرَاد
﴿وَالْقمل﴾ الدَّابَّة الَّتِي تكون فِي الْحِنْطَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَخْر قَالَ: الْقمل الْجَرَاد الَّذِي لَا يطير
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن قَالَ: الْقمل: هُوَ الْقمل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد قَالَ: زعم بعض النَّاس فِي الْقمل أَنَّهَا البراغيث
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن حبيب بن أبي ثَابت قَالَ: الْقمل الْجعلَان ٠ وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس ٠ أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وَجل ﴿وَالْقمل والضفادع﴾ قَالَ: الْقمل الدبا ٠ والضفادع: هِيَ هَذِه ٠ قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت أَبَا سُفْيَان بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب وَهُوَ يَقُول: يبادرون النَّحْل من أَنَّهَا كَأَنَّهُمْ فِي الشّرف الْقمل وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: الْقمل: الجنادب بَنَات الْجَرَاد ٠ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عفيف عَن رجل من أهل الشَّام قَالَ: الْقمل: البراغيث ٠ وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت الضفادع بَريَّة فَلَمَّا أرسلها الله على آل فِرْعَوْن سَمِعت وأطاعت فَجعلت تقذف نَفسهَا فِي الْقدر وَهِي تغلي وَفِي التنانير وَهِي تَفُور فأثابها الله بِحسن طاعتها برد المَاء ٠ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لم يكن شَيْء أَشد على
- الْآيَة (١٣٤ - ١٣٥)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَمر مُوسَى نَبِي إِسْرَائِيل فَقَالَ: ليذبح كل رجل مِنْكُم كَبْشًا ثمَّ ليخضب كَفه فِي دَمه ثمَّ ليضْرب على بَابه ٠ فَقَالَت القبط لبني إِسْرَائِيل: لم تَجْعَلُونَ هَذَا الدَّم على بَابَكُمْ قَالَ: إِن الله يُرْسل عَلَيْكُم عذَابا فنسلم وتهلكون ٠ قَالَ القبط: فَمَا يعرفكم الله إِلَّا بِهَذِهِ العلامات قَالُوا: هَكَذَا أمرنَا نَبينَا ٠ فَأَصْبحُوا وَقد طعن من قوم فِرْعَوْن سَبْعُونَ ألفا فأمسوا وهم لَا يتدافنون
فَقَالَ فِرْعَوْن عِنْد ذَلِك ﴿ادْع لنا رَبك بِمَا عهد عنْدك لَئِن كشفت عَنَّا الرجز لنؤمنن لَك ولنرسلن مَعَك بني إِسْرَائِيل﴾ وَالرجز: الطَّاعُون ٠ فَدَعَا ربه فكشفه عَنْهُم فَكَانَ أوفاهم كلهم فِرْعَوْن قَالَ: اذْهَبْ ببني إِسْرَائِيل حَيْثُ شِئْت ٠ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: ألْقى الله الطَّاعُون على آل فِرْعَوْن فشغلهم بذلك حَتَّى خرج مُوسَى فَقَالَ مُوسَى لبني إِسْرَائِيل: اجعلوا أكفكم فِي الطين والرماد ثمَّ ضعوه على أبوابكم كَيْمَا يجتنبكم ملك الْمَوْت ٠ قَالَ فِرْعَوْن: أما يَمُوت من عبيدنا أحد قَالُوا: لَا ٠ قَالَ: أَلَيْسَ هَذَا عجبا أَنا نؤخذ وَلَا يؤخذون ٠٠٠٠ وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير ﴿لَئِن كشفت عَنَّا الرجز﴾ قَالَ: الطَّاعُون ٠ وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ ﴿الرجز﴾ الْعَذَاب ٠ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِلَى أجل هم بالغوه﴾ قَالَ: الْغَرق ٠
- الْآيَة (١٣٦ - ١٣٧)
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله ﴿ فلما كشفنا عن الرجز ﴾ قال : العذاب ﴿ إلى أجل هم بالغوه ﴾ قال : عدد مسمى معهم من أيامهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ إذا هم ينكثون ﴾ قال : ما أعطوا من العهود.
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ ﴿اليم﴾ هُوَ الْبَحْر ٠ قَوْله تَعَالَى: ﴿وأورثنا الْقَوْم الَّذين كَانُوا يستضعفون مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا الَّتِي باركنا فِيهَا﴾ ٠ أخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا﴾ قَالَ: هِيَ أَرض الشَّام ٠ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن عَسَاكِر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا الَّتِي باركنا فِيهَا﴾ قَالَ: هِيَ أَرض الشَّام ٠ وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الله بن شَوْذَب فِي قَوْله ﴿مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا﴾ قَالَ: فلسطين ٠
أَنه سُئِلَ عَن الْبركَة الَّتِي بوركت فِي الشَّام أَيْن مبلغ حَده قَالَ: أول حُدُوده عَرِيش مصر وَالْحَد الآخر طرف التنية وَالْحَد الآخر الْفُرَات وَالْحَد الآخر جعل فِيهِ قبر هود النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَالَ: إِن رَبك قَالَ لإِبراهيم عَلَيْهِ السَّلَام: أعمر من الْعَريش إِلَى الْفُرَات الأَرْض الْمُبَارَكَة وَكَانَ أول من اختتن وقرى الضَّيْف
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: دمشق بناها غُلَام إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ حَبَشِيًّا وهبه لَهُ نمْرُود بن كنعان حِين خرج إِبْرَاهِيم من النَّار وَكَانَ اسْم الْغُلَام دمشق فسماها على اسْمه وَكَانَ إِبْرَاهِيم جعله على كل شَيْء لَهُ وسكنها الرّوم بعد ذَلِك بِزَمَان
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن أبي عبد الْملك الْجَزرِي قَالَ: إِذا كَانَت الدُّنْيَا فِي بلَاء وقحط كَانَ الشَّام فِي رخاء وعافية وَإِذا كَانَ الشَّام فِي بلَاء وقحط كَانَت فلسطين فِي رخاء وعافية وَإِذا كَانَت فلسطين فِي بلَاء وقحط كَانَ بَيت الْمُقَدّس فِي رخاء وعافية وَقَالَ: الشَّام مباركة وفلسطين مُقَدَّسَة وَبَيت الْمُقَدّس قدس ألف مرّة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن جَابر قَالَ: قلت لأبي سَلام الْأسود مَا نقلك من حمص إِلَى دمشق قَالَ: بَلغنِي أَن الْبركَة تضعف بهَا ضعفين
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن مَكْحُول
أَنه سَأَلَ رجلا أَيْن تسكن قَالَ: الغوطة
قَالَ: لَهُ مَكْحُول: مايمنعك أَن تسكن دمشق فَإِن الْبركَة فِيهَا مضعفة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة إِن الشَّام كنز الله عز وَجل من أرضه بهَا كنز الله من عباده يَعْنِي بهَا قُبُور الْأَنْبِيَاء إِبْرَاهِيم وَإِسْحَق وَيَعْقُوب
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ثَابت بن معبد قَالَ: قَالَ الله تَعَالَى: ياشام أَنْت خيرتي من بلدي أسكنك خيرتي من عبَادي
قيل لَهُ: وَلم قَالَ: أَن مَلَائِكَة الرَّحْمَن باسطة أَجْنِحَتهَا عَلَيْهِم
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد حسن عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّكُم ستجندون أجناداً جنداً بِالشَّام ومصر وَالْعراق واليمن
قُلْنَا: فَخِرْ لنا يَا رَسُول الله
قَالَ: عَلَيْكُم بِالشَّام فَإِن الله قد تكفل لي بِالشَّام
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّكُم ستجندون أجناداً
فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله خِرْ لي
فَقَالَ: عَلَيْك بِالشَّام فَإِنَّهَا صفوة الله من بِلَاده فِيهَا خيرة الله من عباده فَمن رغب عَن ذَلِك فليلحق بنجدة فَإِن الله تكفل لي بِالشَّام وَأَهله
وَأخرج أَحْمد وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن حِوَالَة الْأَزْدِيّ
أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله خرْ لي بَلَدا أكون فِيهِ
فَقَالَ عَلَيْك بِالشَّام ان الله يَقُول: يَا شام أَنْت صفوتي من بلادي أَدخل فِيك خيرتي من عبَادي
وَلَفظ أَحْمد: فَإِنَّهُ خيرة الله من أرضه يجتبي إِلَيْهِ خيرته من عباده فَإِن أَبَيْتُم فَعَلَيْكُم بيمنكم فَإِن الله قد تكفل لي بِالشَّام وَأَهله
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: عَلَيْكُم بِالشَّام فانها صفوة بِلَاد الله يسكنهَا خيرته من عباده فَمن أَبى فليلحق بيمنه ويسق من غدره فَإِن الله تكفل لي بِالشَّام وَأَهله
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن حبَان وَالْحَاكِم عَن عبد الله بن حِوَالَة الْأَزْدِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنَّكُم ستجندون أجناداً جنداً بِالشَّام وجنداً بالعراق وجنداً بِالْيمن
فَقَالَ الحوالي: خر لي يَا رَسُول الله
قَالَ: عَلَيْكُم بِالشَّام فَمن أَبى فليلحق بيمنه وليسق من غدره فَإِن الله قد تكفل لي بِالشَّام وَأَهله
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان لَا يبْقى فِيهِ مُؤمن إِلَّا لحق بِالشَّام
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عون بن عبد الله بن عتبَة قَالَ: قَرَأت فِيمَا أنزل الله على بعض الْأَنْبِيَاء: إِن الله يَقُول: الشَّام كِنَانَتِي فَإِذا غضِبت على قوم رميتهم مِنْهَا بِسَهْم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن ماجة وَابْن عَسَاكِر عَن قُرَّة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا فسد أهل الشَّام فَلَا خير فِيكُم لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي منصورين على النَّاس لَا يضرهم من خذلهم حَتَّى تقوم السَّاعَة
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ضَمرَة بن ربيعَة قَالَ: سَمِعت إِنَّه لم يبْعَث نَبِي إِلَّا من الشَّام فَإِن لم يكن مِنْهَا أسريَ بِهِ إِلَيْهَا
وَأخرج الْحَافِظ أَبُو بكر النجاد فِي جُزْء التراجم عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينا أَنا نَائِم رَأَيْت عَمُود الإِسلام احْتمل من تَحت رَأْسِي فَظَنَنْت أَنه مذهوب بِهِ فاتبعته بَصرِي فَعمد بِهِ إِلَى الشَّام أَلا فَإِن الإِيمان حِين تقع الْفِتَن بِالشَّام
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي ذَر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشَّام أَرض الْمَحْشَر والمنشر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ: ليهاجرن الرَّعْد والبرق والبركات إِلَى الشَّام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن قَالَ: مد الْفُرَات على عهد عبد الله فكره النَّاس ذَلِك فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس لَا تكْرهُوا مده فَإِنَّهُ يُوشك أَن يلْتَمس فِيهِ طست من مَاء فَلَا يُوجد وَذَاكَ حِين يرجع كل مَاء إِلَى عنصره فَيكون المَاء وَبَقِيَّة الْمُؤمنِينَ يومئذٍ بِالشَّام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: أحب الْبِلَاد إِلَى الله الشَّام وَأحب الشَّام إِلَيْهِ الْقُدس وَأحب الْقُدس إِلَيْهِ جبل نابلس ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان يتماسحونه كالحبال بَينهم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل إِبْلِيس الْعرَاق فَقضى مِنْهَا حَاجته ثمَّ دخل الشَّام فطردوه حَتَّى بلغ بيسان ثمَّ دخل مصر فباض فِيهَا وفرخ وَبسط عبقرية
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِنِّي لأجد تردد الشَّام فِي الْكتب حَتَّى كَأَنَّهُ لَيْسَ لله حَاجَة إِلَّا بِالشَّام
وَأخرج أَحْمد وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي شامنا ويمننا
قَالُوا: وَفِي نجدنا
وَفِي لفظ: وَفِي مشرقنا
قَالَ: هُنَاكَ الزلازل والفتن وَبهَا يطلع قرن الشَّيْطَان
زَاد ابْن عَسَاكِر فِي رِوَايَة: وَبهَا تِسْعَة اعشار الشَّرّ
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر وَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْخَيْر عشرَة أعشار تِسْعَة بِالشَّام وَوَاحِد فِي سَائِر الْبلدَانِ وَالشَّر عشرَة اعشار وَاحِد بِالشَّام وَتِسْعَة فِي سَائِر الْبلدَانِ وَإِذا فسد أهل الشَّام فَلَا خير فِيكُم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قسم الله الْخَيْر فَجعله عشرَة أعشار فَجعل تِسْعَة اعشاره بِالشَّام وبقيته فِي سَائِر الْأَرْضين وَقسم الشَّرّ فَجعله عشرَة أعشار فَجعل تِسْعَة اعشاره بِالشَّام وبقيته فِي سَائِر الْأَرْضين
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: نجد هَذِه الأَرْض فِي كتاب الله تَعَالَى على صفة النسْر فالرأس الشَّام والجناحان الْمشرق وَالْمغْرب والذنب الْيمن فَلَا يزَال النَّاس بِخَير مابقي الرَّأْس فَإِذا نزع الرَّأْس هلك النَّاس وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان لَا تبقى جَزِيرَة من جزائر الْعَرَب إِلَّا وَفِيهِمْ مقنب خيل من الشَّام يقاتلونهم على الإِسلام لولاهم لكفروا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن إِيَاس بن مُعَاوِيَة قَالَ: مثلت الدُّنْيَا على طَائِر فمصر وَالْبَصْرَة الجناحان والجزيرة الجؤجؤ وَالشَّام الرَّأْس واليمن الذَّنب
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: رَأس الأَرْض الشَّام
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب قَالَ: إِنِّي لأجد فِي كتاب الله الْمنزل: إِن خراب الأَرْض قبل الشَّام بِأَرْبَعِينَ عَاما
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن بحير بن سعد قَالَ: تقيم الشَّام بعد خراب الأَرْض أَرْبَعِينَ عَاما
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ستخرج نَار
قُلْنَا: يَا رَسُول الله فَمَا تَأْمُرنَا قَالَ: عَلَيْكُم بِالشَّام
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن كَعْب قَالَ: يُوشك أَن تخرج نَار من الْيمن تَسوق النَّاس إِلَى الشَّام تَغْدُو مَعَهم إِذا غدوا وتقيل مَعَهم إِذا قَالُوا وَتَروح مَعَهم إِذا راحوا فَإِذا سَمِعْتُمْ بهَا فاخرجوا إِلَى الشَّام
وَأخرج تَمام فِي فَوَائده وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن عمر وَقَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي رَأَيْت عَمُود الْكتاب انتزع من تَحت وِسَادَتِي فاتبعته بَصرِي فَإِذا هُوَ نور سَاطِع فَعمد بِهِ إِلَى الشَّام أَلا وان الإِيمان إِذا وَقعت الْفِتَن بِالشَّام
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن اللَّيْث بن سعد فِي قَوْله ﴿وأورثنا الْقَوْم الَّذين كَانُوا يستضعفون مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا الَّتِي باركنا فِيهَا﴾ قَالَ: هِيَ مصر وَهِي مباركة فِي كتاب الله
وَأخرج ابْن عبد الحكم فِي تَارِيخ مصر وَمُحَمّد ابْن الرّبيع الجيزي فِي مُسْند الصَّحَابَة الَّذين دخلُوا مصر عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: مصر أطيب أَرض الله تُرَابا وأبعده خراباً وَلنْ يزَال فِيهَا بركَة مَا دَامَ فِي شَيْء من الْأَرْضين بركَة
وَأخرج ابْن عبد الحكم عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: من أَرَادَ أَن يذكر الفردوس أَو ينظر إِلَى مثلهَا فِي الدُّنْيَا فَلْينْظر إِلَى أَرض مصر حِين تخضر زروعها وتنور ثمارها
وَأخرج ابْن عبد الحكم عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: من أَرَادَ أَن ينظر إِلَى شبه الْجنَّة فَلْينْظر إِلَى أَرض مصر إِذا أزهرت
وَأخرج ابْن عبد الحكم عَن ابْن لَهِيعَة قَالَ: كَانَ عَمْرو بن العَاصِي يَقُول: ولَايَة مصر جَامِعَة لعدل الْخلَافَة
وَأخرج ابْن عبد الحكم عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي
قَالَ: خلقت الدُّنْيَا على خمس صور على صُورَة الطير بِرَأْسِهِ وصدره وجناحيه وذنبه فالرأس مَكَّة وَالْمَدينَة واليمن والصدر الشَّام ومصر والجناح الْأَيْمن الْعرَاق والجناح الْأَيْسَر السَّنَد والهند والذنب من ذَات الْحمام إِلَى مغرب الشَّمْس وَشر مافي الطير الذَّنب
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن نوف قَالَ: إِن الدُّنْيَا مثلت على طير فَإِذا انْقَطع جناحاه وَقع وَإِن جناحي الأَرْض مصر وَالْبَصْرَة فَإِذا خربا ذهبت الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن وهب عَن مُوسَى بن عَليّ عَن أَبِيه قَالَ: كَانَت بَنو إِسْرَائِيل بِالربعِ من آل فِرْعَوْن ووليهم فِرْعَوْن أَرْبَعمِائَة وَأَرْبَعين سنة فضاعف الله ذَلِك لبني اسرائيل فولاهم ثَمَانمِائَة عَام وَثَمَانِينَ عَاما
قَالَ: وَإِن كَانَ الرجل ليعمر ألف سنة فِي الْقُرُون الأولى وَمَا يَحْتَلِم حَتَّى يبلغ عشْرين وَمِائَة سنة
وَأخرج ابْن سعد وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: لَو أَن النَّاس إِذا ابتلوا من سلطانهم بِشَيْء صَبَرُوا ودعوا الله لم يَلْبَثُوا أَن يرفع الله ذَلِك عَنْهُم وَلَكنهُمْ يفزعون إِلَى السَّيْف فيوكلون إِلَيْهِ وَالله مَا جاؤو بِيَوْم خير قطّ ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة ﴿وتمت كلمة رَبك الْحسنى على بني اسرائيل بِمَا صَبَرُوا﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: مَا أُوتيت بَنو اسرائيل مَا أُوتيت إِلَّا بصبرهم وَمَا فزغت هَذِه الْأمة إِلَى السَّيْف قطّ فَجَاءَت بِخَير
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: إِذا جَاءَ أَمر لَا كفاء لَك بِهِ فاصبر وانتظر الْفرج من الله
وَأخرج أَحْمد عَن بَيَان بن حَكِيم قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى أبي الدَّرْدَاء فَشَكا إِلَيْهِ جاراً لَهُ قَالَ: اصبر فَإِن الله سيجيرك مِنْهُ فَمَا لبث أَن أَتَى مُعَاوِيَة فحباه وَأَعْطَاهُ فَأتى أَبَا الدَّرْدَاء فَذكر ذَلِك لَهُ قَالَ: إِن ذَلِك لَك مِنْهُ جَزَاء
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة ﴿ودمرنا مَا كَانَ يصنع فِرْعَوْن وَقَومه﴾ قَالَ: إِن الله تَعَالَى لَا يملي للْكَافِرِ إِلَّا قَلِيلا حَتَّى يوبقه بِعَمَلِهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَمَا كَانُوا يعرشون﴾ قَالَ: يبنون
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَمَا كَانُوا يعرشون﴾ قَالَ: يبنون الْبيُوت والمساكن مَا بلغت وَكَانَ عنبهم غير معروش
وَالله اعْلَم
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن الحسن في قوله ﴿ مشارق الأرض ومغاربها ﴾ قال : هي أرض الشام.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن قتادة في قوله ﴿ مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها ﴾ قال : هي أرض الشام.
وأخرج أبو الشيخ عن عبد الله بن شوذب في قوله ﴿ مشارق الأرض ومغاربها ﴾ قال : فلسطين.
وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم في قوله ﴿ التي باركنا فيها ﴾ قال : قرى الشام.
وأخرج ابن عساكر عن كعب الأحبار قال : إن الله تعالى بارك في الشام من الفرات إلى العريش.
وأخرج ابن عساكر عن أبي الأغبش، وكان قد أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم « أنه سئل عن البركة التي بورك في الشام أين مبلغ حده ؟ قال : أول حدوده عريش مصر، والحد الآخر طرف التنية، والحد الآخر الفرات، والحد الآخر جعل فيه قبر هود النبي عليه السلام ».
وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن أبي سفيان قال : إن ربك قال لإِبراهيم عليه السلام : أعمر من العريش إلى الفرات الأرض المباركة، وكان أول من اختتن وقرى الضيف.
وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه قال : دمشق بناها غلام إبراهيم الخليل عليه السلام، وكان حبشياً وهبه له نمرود بن كنعان حين خرج إبراهيم من النار، وكان اسم الغلام دمشق فسماها على اسمه، وكان إبراهيم جعله على كل شيء له، وسكنها الروم بعد ذلك بزمان.
وأخرج ابن عساكر عن أبي عبد الملك الجزري قال : إذا كانت الدنيا في بلاء وقحط كان الشام في رخاء وعافية، وإذا كان الشام في بلاء وقحط كانت فلسطين في رخاء وعافية، وإذا كانت فلسطين في بلاء وقحط كان بين المقدس في رخاء وعافية، وقال : الشام مباركة، وفلسطين مقدسة، وبيت المقدس قدس ألف مرة.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال : قلت لأبي سلام الأسود ما نقلك من حمص إلى دمشق ؟ قال : بلغني أن البركة تضعف بها ضعفين.
وأخرج ابن عساكر عن مكحول. أنه سأل رجلاً أين تسكن ؟ قال : الغوطة.
قال له مكحول : ما يمنعك أن تسكن دمشق ؟ فإن البركة فيها مضعفة.
وأخرج ابن عساكر عن كعب قال : مكتوب في التوراة أن الشام كنز الله عز وجل من أرضه بها كنز الله من عباده، يعني بها قبور الأنبياء إبراهيم وإسحق ويعقوب.
وأخرج ابن عساكر عن ثابت بن معبد قال : قال الله تعالى : يا شام أنت خيرتي من بلدي أسكنك خيرتي من عبادي.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي والروياني في مسنده وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن زيد بن ثابت قال : كنا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع إذ قال « طوبى للشام. قيل له : ولم ؟ قال : أن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليهم ».
وأخرج البزار والطبراني بسند حسن عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « إنكم ستجندون أجناداً، جنداً بالشام ومصر والعراق واليمن. قلنا : فَخِرْ لنا يا رسول الله. قال : عليكم بالشام فإن الله قد تكفل لي بالشام ».
وأخرج البزار والطبراني بسند ضعيف عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « إنكم ستجندون أجناداً. فقال رجل : يا رسول الله خِرْ لي. فقال : عليك بالشام فإنها صفوة الله من بلاده فيها خيرة الله من عباده، فمن رغب عن ذلك فليلحق بنجدة فإن الله تكفل لي بالشام وأهله ».
وأخرج أحمد وابن عساكر عن عبد الله بن حوالة الأزدي. أنه قال : يا رسول الله خرْ لي بلداً أكون فيه. فقال « عليك بالشام أن الله يقول : يا شام أنت صفوتي من بلادي أدخل فيك خيرتي من عبادي. ولفظ أحمد. فإنه خيرة الله من أرضه يجتبي إليه خيرته من عباده، فإن أبيتم فعليكم بيمنكم فإن الله قد تكفل لي بالشام وأهله ».
وأخرج ابن عساكر عن وائلة بن الأسقع « سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول : عليكم بالشام فإنها صفوة بلاد الله يسكنها خيرته من عباده، فمن أبى فليلحق بيمنه ويسق من غدره، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله ».
وأخرج أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم عن عبد الله بن حوالة الأزدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « إنكم ستجندون أجناداً بالشام، وجنداً بالعراق، وجنداً باليمن. فقال الحوالي : خر لي يا رسول الله. قال : عليكم بالشام، فمن أبى فليلحق بيمنه وليسق من غدره، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله ».
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : يأتي على الناس زمان لا يبقى فيه مؤمن إلا لحق بالشام.
وأخرج ابن عساكر عن عون بن عبد الله بن عتبة قال : قرأت فيما أنزل الله على بعض الأنبياء : إن الله يقول : الشام كنانتي، فإذا غضبت على قوم رميتهم منها بسهم.
أخرج ابن عساكر والطبراني عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى عليه وسلم « ستفتح على أمتي من بعدي الشام وشيكاً، فإذا فتحها فاحتلها فأهل الشام مرابطون إلى منتهى الجزيرة، فمن احتل ساحلاً من تلك السواحل فهو في جهاد، ومن احتل بيت المقدس وما حوله فهو في رباط ».
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه وابن ماجة وابن عساكر عن قرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمتي منصورين على الناس لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة ».
وأخرج ابن عساكر عن ضمرة بن ربيعة قال : سمعت أنه لم يبعث نبي إلا من الشام، فإن لم يكن منها أسريَ به إليها.
وأخرج الحافظ وأبو بكر النجاد في جزء التراجم عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « بينا أنا نائم رأيت عمود الإِسلام احتمل من تحت رأسي، فظننت أنه مذهوب به، فاتبعته بصري فعمد به إلى الشام، ألا فإن الإِيمان حين تقع الفتن بالشام ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « الشام أرض المحشر والمنشر ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي أيوب الأنصاري قال : ليهاجرن الرعد والبرق والبركان إلى الشام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن القاسم بن عبد الرحمن قال : مد الفرات على عهد عبد الله، فكره الناس ذلك فقال : يا أيها الناس لا تكرهوا مده فإنه يوشك أن يلتمس فيه طست من ماء فلا يوجد، وذلك حيث يرجع كل ماء إلى عنصره، فيكون الماء وبقية المؤمنين يومئذٍ بالشام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : أحب البلاد إلى الله الشام، وأحب الشام إليه القدس، وأحب القدس إليه جبل نابلس، ليأتين على الناس زمان يتماسحونه كالحبال بينهم.
وأخرج الطبراني وابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « دخل إبليس العراق فقضى منها حاجته، ثم دخل الشام فطردوه حتى بلغ بيسان، ثم دخل مصر فباض فيها وفرخ وبسط عبقرية ».
وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : دخل الشيطان بالمشرق فقضى قضاءه، ثم خرج يريد الأرض المقدسة الشام فمنع، فخرج على ساق حتى جاء المغرب فباض بيضه وبسط بها عبقرية.
وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه قال : إني لأجد تردد الشام في الكتب، حتى كأنه ليس الله حاجة إلا بالشام.
وأخرج أحمد وابن عساكر عن ابن عمر « أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا. قالوا : وفي نجدنا. وفي لفظ : وفي مشرقنا. قال : هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان. زاد ابن عساكر في رواية : وبها تسعة أعشار الشر ».
وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر وقال : قال رسول الله صلى عليه وسلم « الخير عشرة أعشار تسعة بالشام وواحد في سائر البلدان، والشر عشرة أعشار واحد بالشام وتسعة في سائر البلدان، وإذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم ».
وأخرج الطبراني وابن عساكر عن عبد الله بن مسعود قال : قسم الله الخير فجعله عشرة أعشار، فجعل تسعة أعشاره بالشام وبقيته في سائر الأرضين، وقسم الشر فجعله عشرة أعشار، فجعل تسعة أعشاره بالشام وبقيته في سائر الأرضين.
وأخرج ابن عساكر عن كعب الأحبار قال : نجد هذه الأرض في كتاب الله تعالى على صفة النسر فالرأس الشام، والجناحان المشرق والمغرب، والذنب اليمن، فلا يزال الناس بخير ما بقي الرأس، فإذا نزع الرأس هلك الناس، والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا تبقى جزيرة من جزائر العرب إلا وفيهم مقنب خيل من الشام يقاتلونهم على الإِسلام لولاهم لكفروا.
وأخرج ابن عساكر عن إياس بن معاوية قال : مثلت الدنيا على طائر فمصر والبصرة والجناحان، والجزيرة الجؤجؤ، والشام الرأس، واليمن الذنب.
وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه قال : رأس الأرض الشام.
وأخرج ابن عساكر عن كعب قال : إني لأجد في كتاب الله المنزل : إن خراب الأرض قبل الشام بأربعين عاماً.
وأخرج ابن عساكر عن بحير بن سعد قال : تقيم الشام بعد خراب الأرض أربعين عاماً.
وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ستخرج نار من حضرموت قبل يوم القيامة تحشر الناس. قلنا يا رسول الله فما تأمرنا ؟ قال : عليكم بالشام ».
وأخرج ابن عساكر عن كعب قال : يوشك أن تخرج نار من اليمن تسوق الناس إلى الشام، تغدوا معهم إذا غدوا، وتقيل معهم إذا قالوا، وتروح معهم إذا راحوا، فإذا سمعتم بها فاخرجوا إلى الشام.
وأخرج تمام في فوائده وابن عساكر عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي، فاتبعته بصري فإذا هو نور ساطع فعمد به إلى الشام، ألا وان الإِيمان إذا وقعت الفتن بالشام ».
وأخرج أبو الشيخ عن الليث بن سعد في قوله ﴿ وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها ﴾ قال : هي مصر، وهي مباركة في كتاب الله.
وأخرج ابن عبد الحكم في تاريخ مصر ومحمد بن الربيع الجيزي في مسند الصحابة الذين دخلوا مصر عن عبد الله بن عمرو قال : مصر أطيب أرض الله تراباً وأبعده خراباً، ولن يزال فيها بركة ما دام في شيء من الأرضين بركة.
وأخرج ابن عبد الحكم عن عبد الله بن عمرو قال : من أراد أن يذكر الفردوس أو ينظر إلى مثلها في الدنيا فلينظر إلى أرض مصر حين تخضر زروعها وتنور ثمارها.
وأخرج ابن عبد الحكم عن كعب الأحبار قال : من أراد أن ينظر شبه الجنة فلينظر إلى أرض مصر إذا أزهرت.
وأخرج ابن عبد الحكم عن ابن لهيعة قال : كان عمرو بن العاصي يقول : ولاية مصر جامعة لعدل الخلافة.
وأخرج ابن عبد الحكم عن عبد الله بن عمرو بن العاصي. . . . قال : خلقت الدنيا على خمس صور على صورة الطير برأسه وصدره وجناحيه وذنبه، فالرأس مكة والمدينة واليمن، والصدر الشام ومصر، والجناح الأيمن العراق، والجناح الأيسر السند والهند، والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس، وشر ما في الطير الذنب.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن نوف قال : إن الدنيا مثلت على طير فإذا انقطع جناحاه وقع، وإن جناحي الأرض مصر والبصرة، فإذا خربا ذهبت الدنيا.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله ﴿ وتمت كلمة ربك الحسنى ﴾ قال : ظهور قوم موسى على فرعون وتمكين الله لهم في الأرض وما ورثه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي عمرَان الْجونِي فِي قَوْله ﴿فَأتوا على قوم يعكفون على أصنام لَهُم﴾ قَالَ: هم لخم وجذام ٠ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن أبي جريج فِي قَوْله ﴿فَأتوا على قوم يعكفون على أصنام لَهُم﴾ قَالَ: تماثيل بقر من نُحَاس فَلَمَّا كَانَ عجل السامري شبه لَهُم أَنه من تِلْكَ الْبَقر فَذَلِك كَانَ أول شَأْن الْعجل لتَكون لله عَلَيْهِم حجَّة فينتقم مِنْهُم بعد ذَلِك ٠ وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة﴾ قَالَ: يَا سُبْحَانَ الله ٠٠٠ قوم أنجاهم الله من الْعُبُودِيَّة وأقطعهم الْبَحْر وَأهْلك عدوهم وأراهم الْآيَات الْعِظَام ثمَّ سَأَلُوا الشّرك صراحية ٠ وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل حنين فمررنا بسدرة فَقلت: يَا رَسُول الله اجْعَل لنا هَذِه ذَات أنواط كَمَا للْكفَّار ذَات أنواط وَكَانَ الْكفَّار ينوطون سِلَاحهمْ بسدرة ويعكفون حولهَا فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الله أكبر هَذَا كَمَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى ﴿اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة﴾ إِنَّكُم تَرْكَبُونَ سنَن الَّذين من قبلكُمْ ٠
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّهَا السّنَن قُلْتُمْ ٠ وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ كَمَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل ﴿اجْعَل لنا إِلَهًا كَمَا لَهُم آلِهَة﴾ ٠ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿متبر﴾ قَالَ: خسران ٠ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿متبر﴾ قَالَ: هَالك ٠ وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿إِن هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هم فِيهِ وباطل﴾ قَالَ: المتبر المخسر وَقَالَ المتبر وَالْبَاطِل سَوَاء كُله وَاحِد كَهَيئَةِ غَفُور رَحِيم وَالْعرب تَقول: إِنَّه البائس المتبر وَإنَّهُ البائس المخسر ٠
- الْآيَة (١٤٢)
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله ﴿ متبر ﴾ قال : هالك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله ﴿ إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ﴾ قال : المتبر المخسر، وقال المتبر والباطل سواء كله واحد كهيئة غفور رحيم، والعرب تقول : إنه البائس المتبر، وإنه البائس المخسر.
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن عَطاء بن السَّائِب قَالَ: كَانَ لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قبَّة طولهَا سِتّمائَة ذِرَاع يُنَاجِي فِيهَا ربه عز وَجل ٠ وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ قي نَوَادِر الْأُصُول عَن كَعْب قَالَ: لما كلم الله مُوسَى قَالَ: يَا رب أهكذا كلامك قَالَ: يَا مُوسَى إِنَّمَا أُكَلِّمك بِقُوَّة عشرَة آلَاف لِسَان ولي قُوَّة الْأَلْسِنَة كلهَا وَلَو كلمتك بكنه كَلَامي لم تَكُ شَيْئا ٠ وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن كَعْب قَالَ: لما كلم الله مُوسَى كَلمه بالألسنة كلهَا قبل كَلَامه - يَعْنِي كَلَام مُوسَى - فَجعل يَقُول: يَا رب لَا أفهم حَتَّى كَلمه آخر الْأَلْسِنَة بِلِسَانِهِ بِمثل صَوته فَقَالَ: يَا رب هَكَذَا كلامك قَالَ: لَا لَو سَمِعت كَلَامي أَي على وَجهه لم تَكُ شَيْئا ٠ قَالَ: يَا رب هَل فِي خلقك شَيْء شبه كلامك قَالَ: لَا وَأقرب خلقي شبها بكلامي أَشد مَا سمع النَّاس من الصَّوَاعِق ٠ وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: قيل لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام مَا شبهت كَلَام رَبك مِمَّا خلق فَقَالَ مُوسَى: الرَّعْد السَّاكِن ٠ وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي الْحُوَيْرِث عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة قَالَ: إِنَّمَا كلم الله مُوسَى بِقدر مَا يُطيق من كَلَامه وَلَو تكلم
وَأخرج أَبُو يعلى وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قَالَ مُوسَى: يَا رب عَلمنِي شَيْئا أذكرك بِهِ وأدعوك بِهِ ٠ قَالَ: قل يَا مُوسَى لَا إِلَه إِلَّا الله ٠ قَالَ: يَا رب كل عِبَادك يَقُول هَذَا ٠٠٠ قَالَ: قل لَا إِلَه إِلَّا الله ٠ قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا أَنْت يَا رب إِنَّمَا أُرِيد شَيْئا تخصني بِهِ ٠ قَالَ: يَا مُوسَى لَو أَن السَّمَوَات السَّبع وعامرهن غَيْرِي وَالْأَرضين السَّبع فِي كفة وَلَا إِلَه إِلَّا الله فِي كفة مَالَتْ بِهن لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب الْأَوْلِيَاء عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب من أهلك الَّذين هم أهلك الَّذين تظلهم فِي
قَالَ: مَا تركت مِنْهُ شَيْئا قَالَ: مَا لَا خير فِيهِ ٠ قَالَ: كَذَلِك أَنا لَا أعذب إِلَّا من لَا خير فِيهِ ٠ وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: يَا رب أَخْبرنِي بأكرم خلقك عَلَيْك ٠ قَالَ: الَّذِي يسْرع إِلَى هواي إسراع النسْر إِلَى هَوَاهُ وَالَّذِي يُكَلف بعبادي الصَّالِحين كَمَا يُكَلف الصَّبِي بِالنَّاسِ وَالَّذِي يغْضب إِذا انتهكت محارمي غضب النمر لنَفسِهِ فَإِن النمر إِذا غضب لم يبال أَقَلَّ النَّاس أم كَثُرُوا ٠ وَأخرجه ابْن أبي شيبَة عَن عُرْوَة مَوْقُوفا
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد قَالَ: سَأَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام ربه عزَّ وَجل فَقَالَ: أَي عِبَادك أغْنى قَالَ: الَّذِي يقنع بِمَا يُؤْتى ٠ قَالَ: فَأَي عِبَادك أحكم قَالَ: الَّذِي يحكم للنَّاس بِمَا يحكم لنَفسِهِ قَالَ: فأيّ عِبَادك أعلم قَالَ: أخشاهم ٠ وَأخرج أَبُو بكر بن أبي عَاصِم فِي كتاب السّنة وَأَبُو نعيم عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يمشي ذَات يَوْم فِي طَرِيق فناداه الْجَبَّار عز وَجل: يَا مُوسَى ٠ فَالْتَفت يَمِينا وَشمَالًا فَلم ير أحدا ٠٠٠ ثمَّ ناداه الثَّانِيَة: يَا مُوسَى
قَالَ: استقدمت واستأخر يَا مُوسَى وَلَكِن سأجمع بَيْنك وَبَينه فِي دَار الْجلَال
وَأخرج أَبُو نعيم عَن وهب قَالَ: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: إلهي مَا جَزَاء من ذكرك بِلِسَانِهِ وَقَلبه قَالَ: يَا مُوسَى أظلهُ يَوْم الْقِيَامَة بِظِل عَرْشِي وأجعله فِي كنفي ٠ قَالَ: يَا رب أَي عِبَادك أَشْقَى قَالَ: من لَا تَنْفَعهُ موعظة وَلَا يذكرنِي إِذا خلا ٠ وَأخرج أَبُو نعيم عَن كَعْب قَالَ: قَالَ مُوسَى: يَا رب مَا جَزَاء من آوى يَتِيما حَتَّى يَسْتَغْنِي أَو كفل أرملة قَالَ: أسْكنهُ جنتي وأظله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظِلِّي ٠ وَأخرج ابْن شاهين فِي التَّرْغِيب عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب مَا لمن عزى الثكلى قَالَ: أظلهُ بظلي يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظِلِّي ٠ وَأخرج آدم بن أبي إِيَاس فِي كتاب الْعلم عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: لما قرب مُوسَى نجياً أبْصر فِي ظلّ الْعَرْش رجلا فغبطه بمكانه فَسَأَلَ عَنهُ فَلم يخبر باسمه وَأخْبر بِعَمَلِهِ فَقَالَ لَهُ: هَذَا رجل كَانَ لَا يحْسد النَّاس على مَا آتَاهُم الله من فَضله بر بالوالدين لَا يمشي بالنميمة ٠ فَقَالَ الله: يَا مُوسَى مَا جِئْت تطلب قَالَ: جِئْت
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي الْجلد ٠ أَن الله أوحى إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: إِذا ذَكرتني فاذكرني وَأَنت تنتفض أعضاؤك وَكن عِنْد ذكري خَاشِعًا مطمئناً وَإِذا ذَكرتني فَاجْعَلْ لسَانك وَرَاء قَلْبك وَإِذا قُمْت بَين يَدي فَقُمْ مقَام العَبْد الحقير الذَّلِيل وذمَّ نَفسك فَهِيَ أولى بالذم وناجني حِين تناجيني بقلب وَجل ولسان صَادِق ٠ وَأخرج أَحْمد عَن قسي رجل من أهل الْكتاب قَالَ: إِن الله أوحى إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: يَا مُوسَى إِن جَاءَك الْمَوْت وَأَنت على غير وضوء فَلَا تلومن إِلَّا نَفسك ٠ قَالَ: وَأوحى إِلَيْهِ أَن الله تبَارك وَتَعَالَى يدْفع بِالصَّدَقَةِ سبعين بَابا من السوء مثل الْغَرق والحرق والسرق وَذَات الْجنب ٠ قَالَ: وَقَالَ لَهُ: وَالنَّار قَالَ: وَالنَّار ٠ وَأخرج أَحْمد عَن كَعْب الْأَحْبَار قَالَ: أوحى الله إِلَى مُوسَى: أَن عَلِّم الْخَيْر وتعلمه فَأَنِّي منوّر لمعلم الْخَيْر ومتعلمه فِي قُبُورهم حَتَّى لَا يستوحشوا لِمَكَانِهِمْ ٠ وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما ارْتقى مُوسَى طور سينا رأى الْجَبَّار فِي أُصْبُعه خَاتمًا قَالَ: يَا مُوسَى مَا هَذَا - وَهُوَ أعلم بِهِ - قَالَ: شَيْء من حلي الرِّجَال يَا رب ٠ قَالَ: فَهَل عَلَيْهِ شَيْء من أسمائي مَكْتُوب أَو كَلَامي قَالَ: لَا ٠ قَالَ: فَاكْتُبْ عَلَيْهِ ﴿لكل أجل كتاب﴾ الرَّعْد ٣٨ ٠
وَأخرج ابْن الْمُبَارك عَن عَطاء قَالَ: قَالَ مُوسَى: يَا رب أَي عِبَادك أحب إِلَيْك قَالَ: أعلمهم بِي ٠ وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن وهب قَالَ: قَالَ مُوسَى: يَا رب إِنَّهُم سيسألنني كَيفَ كَانَ بدؤك قَالَ: فَأخْبرهُم إِنِّي أَنا الْكَائِن قبل كل شَيْء والمكوّن لكل شَيْء والكائن بعد كل شَيْء
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن أبي الْجلد
أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام سَأَلَ ربه قَالَ: أَي رب أنزل عليَّ آيَة محكمَة أَسِير بهَا فِي عِبَادك
فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا مُوسَى أَن أذهب فَمَا أَحْبَبْت أَن يَأْتِيهِ عبَادي إِلَيْك فأته إِلَيْهِم
وَأخرج أَحْمد عَن قَتَادَة
أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: أَي رب أَي شَيْء وضعت فِي الأَرْض أقل قَالَ: الْعدْل أقل مَا وضعت فِي الأَرْض
وَأخرج أَحْمد عَن عَمْرو بن قيس قَالَ: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب أَي النَّاس أتقى قَالَ: الَّذِي يذكر وَلَا ينسى
قَالَ: فَأَي النَّاس أعلم قَالَ: الَّذِي يَأْخُذ من علم النَّاس إِلَى علمه
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو نعيم عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: يَا رب أَي عِبَادك أحب إِلَيْك قَالَ: من أذكر بِرُؤْيَتِهِ
قَالَ: أَي رب أَي عِبَادك أحب إِلَيْك الَّذين يعودون المرضى ويعزون الثكلى ويشيعون الهلكى
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ: لما قيل للجبال أَنه يُرِيد أَن يتجلى تطاولت الْجبَال كلهَا وتواضع الْجَبَل الَّذِي تجلى لَهُ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طَرِيق أَحْمد بن أبي الْحوَاري عَن أبي سُلَيْمَان قَالَ: إِن الله اطلع فِي قُلُوب الْآدَمِيّين فَلم يجد قلباً أَشد تواضعاً من قلب مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فخصه بالْكلَام لتواضعه
قَالَ
وَقَالَ غير أبي سُلَيْمَان: أوحى الله إِلَى الْجبَال: إِنِّي مُكَلم عَلَيْك عبدا من عَبِيدِي
فتطاولت الْجبَال ليكلمه عَلَيْهَا وتواضع الطّور
قَالَ: إِن قدر شَيْء كَانَ قَالَ: فَكَلمهُ عَلَيْهِ لتواضعه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْعَلَاء بن كثيِّر قَالَ: إِن الله تَعَالَى قَالَ: يَا مُوسَى أَتَدْرِي لم كلمتك قَالَ: لَا يَا رب
قَالَ: لِأَنِّي لم أخلق خلقا تواضع لي تواضعك
قَالَ: أرْضى بِمَا قسم لي فَكَانَ الْأَمر عَلَيْهِ
وَفِي لفظ قَالَ: إِن قدر لي شَيْء فسيأتيني فَأوحى الله: إِنِّي سَأُنْزِلُ عَلَيْك بتواضعك لي ورضاك بِقُدْرَتِي
وَأخرج الْخَطِيب فِي تَارِيخه عَن أبي خَالِد الأحمق قَالَ: لما كلم الله تَعَالَى مُوسَى عرض إِبْلِيس على الْجَبَل فَإِذا جِبْرِيل قد وافاه فَقَالَ: أخّر يَا لعين ايش تعْمل هَهُنَا قَالَ: جِئْت أتوقع من مُوسَى مَا توقعت من أَبِيه
فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: أخر يَا لعين
ثمَّ قعد جِبْرِيل يبكي حِيَال مُوسَى فأنطق الله الْجُبَّة فَقَالَت: يَا جِبْرِيل ايش هَذَا الْبكاء قَالَ: إِنِّي فِي الْقرب من الله وَإِنِّي لأشتهي أَن اسْمَع كَلَام الله كَمَا يسمعهُ مُوسَى
قَالَت الْجُبَّة: يَا جِبْرِيل أَنا جُبَّة مُوسَى وَأَنا على جلد مُوسَى أَنا أقرب إِلَى مُوسَى أَو أَنْت يَا جِبْرِيل أَنا لَا أسمع ماتسمعه أَنْت
- الْآيَة (١٤٣)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة ﴿قَالَ رب أَرِنِي أنظر إِلَيْك﴾ قَالَ: لما سمع الْكَلَام طمع فِي الرُّؤْيَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حِين قَالَ مُوسَى لرَبه تبَارك وَتَعَالَى ﴿رب أَرِنِي أنظر إِلَيْك﴾ قَالَ الله لَهُ: يَا مُوسَى إِنَّك لن تراني
قَالَ: يَقُول: لَيْسَ تراني
قَالَ: لَا يكون ذَلِك أبدا يَا مُوسَى إِنَّه لَا يراني أحدا فيحيا
فَقَالَ مُوسَى: رب أَن أَرَاك ثمَّ أَمُوت أحبُ إليَّ من أَن لَا أَرَاك ثمَّ أَحْيَا
فَقَالَ الله لمُوسَى: يَا مُوسَى أنظر إِلَى الْجَبَل الْعَظِيم الطَّوِيل الشَّديد ﴿فَإِن اسْتَقر مَكَانَهُ﴾ يَقُول: فَإِن ثَبت مَكَانَهُ
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تَلا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة ﴿رب أَرِنِي أنظر إِلَيْك﴾ قَالَ قَالَ الله عر وَجل: يَا مُوسَى إِنَّه لَا يراني حَيّ إِلَّا مَاتَ وَلَا يَابِس إِلَّا تدهده وَلَا رطب إِلَّا تفرق وَإِنَّمَا يراني أهل الْجنَّة الَّذين لَا تَمُوت أَعينهم وَلَا تبلى أَجْسَادهم
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ: لن تراني وَلَكِن انْظُر إِلَى الْجَبَل فَإِنَّهُ أكبر مِنْك وَأَشد خلقا
قَالَ ﴿فَلَمَّا تجلى ربه للجبل﴾ فَنظر إِلَى الْجَبَل لَا يَتَمَالَك وَأَقْبل الْجَبَل يندك على أوّله فَلَمَّا رأى مُوسَى مَا يصنع الْجَبَل خرَّ مُوسَى صعقاً
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أوحى الله إِلَى مُوسَى بن عمرَان: إِنِّي مكلمك على جبل طور سيناء صَار من مقَام مُوسَى إِلَى جبل طور سيناء أَرْبَعَة فراسخ فِي أَرْبَعَة فراسخ رعد وبرق وصواعق فَكَانَت لَيْلَة قر فجَاء مُوسَى حَتَّى وقف بَين يَدي صَخْرَة جبل طور سيناء فَإِذا هُوَ بشجرة خضراء المَاء يقطر مِنْهَا وتكاد النَّار تلفح من جوفها فَوقف مُوسَى مُتَعَجِّبا فَنُوديَ من جَوف الشَّجَرَة: يَا مِيشَا
فَوقف مُوسَى مستمعاً للصوت
فَقَالَ مُوسَى: من هَذَا الصَّوْت العبراني يكلمني فَقَالَ الله لَهُ: يَا مُوسَى إِنِّي لست بعبراني إِنِّي أَنا الله رب الْعَالمين
فَكلم الله مُوسَى فِي ذَلِك الْمقَام بسبعين لُغَة لَيْسَ مِنْهَا لُغَة إِلَّا وَهِي مُخَالفَة للغة الْأُخْرَى وَكتب لَهُ التَّوْرَاة فِي ذَلِك الْمقَام فَقَالَ مُوسَى: إلهي أَرِنِي أنظر إِلَيْك
قَالَ: يَا مُوسَى إِنَّه لَا يراني أحد إِلَّا مَاتَ
فَقَالَ مُوسَى: إلهي أَرِنِي أنظر إِلَيْك وأموت فَأجَاب مُوسَى جبل طور سيناء: يَا مُوسَى بن عمرَان لقد سَأَلت أمرا عَظِيما لقد ارتعدت السَّمَوَات السَّبع وَمن فِيهِنَّ والأرضون السَّبع وَمن فِيهِنَّ وزالت الْجبَال واضطربت الْبحار لعظم مَا سَأَلت يَا ابْن عمرَان
فَقَالَ مُوسَى وَأعَاد الْكَلَام: رب أَرِنِي أنظر إِلَيْك
فَقَالَ: يَا مُوسَى أنظر إِلَى الْجَبَل فَإِن اسْتَقر مَكَانَهُ فَإنَّك تراني ﴿فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكاً وخرّ مُوسَى صعقاً﴾ مِقْدَار جُمُعَة فَلَمَّا أَفَاق مُوسَى مسح التُّرَاب عَن وَجهه وَهُوَ يَقُول ﴿سُبْحَانَكَ تبت إِلَيْك وَأَنا أول الْمُؤمنِينَ﴾ فَكَانَ مُوسَى بعد مقَامه لَا يرَاهُ أحد إِلَّا مَاتَ وَاتخذ مُوسَى على وَجهه البرقع فَجعل يكلم النَّاس بقفاه فَبينا مُوسَى ذَات يَوْم فِي الصَّحرَاء فَإِذا هُوَ
فَلَو نزلت فقدرنا عَلَيْك هَذَا الضريح
فَنزل مُوسَى فتمدد فِي الضريح فَأمر الله الأَرْض فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِ
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن عدي فِي الْكَامِل وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الرُّؤْيَة من طرق عَن أنس بن مَالك
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ هَذِه الْآيَة ﴿فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكاً﴾ قَالَ هَكَذَا وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ وَوضع طرف إبهامه على أُنْمُلَة الْخِنْصر
وَفِي لفظ: على الْمفصل الْأَعْلَى من الْخِنْصر فساخ الْجَبَل ﴿وخرّ مُوسَى صعقاً﴾ وَفِي لفظ: فساخ الْجَبَل فِي الأَرْض فَهُوَ يهوي فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ثَابت عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله ﴿فَلَمَّا تجلى ربه للجبل﴾ قَالَ أظهر مِقْدَار هَذَا وَوضع الإِبهام على خنصر الْأصْبع الصُّغْرَى فَقَالَ حميد: يَا أَبَا مُحَمَّد مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا فَضرب فِي صَدره وَقَالَ: من أَنْت يَا حميد وَمَا أَنْت يَا حميد يحدثني أنس بن مَالك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتقول أَنْت: مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْجَبَل الَّذِي أَمر الله أَن ينظر إِلَيْهِ: الطّور
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الرُّؤْيَة عَن ابْن عَبَّاس ﴿فَلَمَّا تجلى ربه للجبل﴾ قَالَ: مَا تجلى مِنْهُ إِلَّا قدر الْخِنْصر ﴿جعله دكاً﴾ قَالَ: تُرَابا ﴿وخرّ مُوسَى صعقاً﴾ قَالَ: مغشياً عَلَيْهِ
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لما تجلى الله لمُوسَى كَانَ يبصر دَبِيب النملة على الصَّفَا فِي اللَّيْلَة الظلماء من مسيرَة عشرَة فراسخ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس بن مَالك
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما تجلى الله للجبل طارت لعظمته سِتَّة أجبل فَوَقَعت ثَلَاثَة بِالْمَدِينَةِ أحد وورقان ورضوى
وبمكة حراء وثبير وثور
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عَبَّاس
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما تجلى الله لمُوسَى تطايرت سَبْعَة جبال
فَفِي الْحجاز مِنْهَا خَمْسَة وَفِي الْيمن إثنان فِي الْحجاز أحد وثبير وثور وورقان وَفِي الْيمن حصور وصير
قِطْعَة سَقَطت بَين يَدَيْهِ وَهُوَ الَّذِي يقوم الإِمام عِنْده فِي الْموقف يَوْم عَرَفَة وبالمدينة ثَلَاثَة طيبَة وَأحد ورضوى وطور سيناء بِالشَّام
وَإِنَّمَا سمي الطّور: لِأَنَّهُ طَار فِي الْهَوَاء إِلَى الشَّام
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله ﴿فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكاً﴾ قَالَ أخرج خِنْصره
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ ﴿فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكا﴾ مثقلة ممدودة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أنس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ ﴿دكاً﴾ منوّنة وَلم يمده
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا تجلى ربه للجبل طارت لعظمته سِتَّة أجبل فوقعن بِالْمَدِينَةِ أحد وورقان ورضوى وَوَقع بِمَكَّة ثَوْر وثبير وحراء
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس
أَن مُوسَى لما كَلمه ربه أحب أَن ينظر إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ ﴿لن تراني وَلَكِن انْظُر إِلَى الْجَبَل﴾ قَالَ: فحف حول الْجَبَل بِالْمَلَائِكَةِ وحف حول الْمَلَائِكَة بِنَار وحف حول النَّار بِالْمَلَائِكَةِ وحف حَولهمْ بِنَار ثمَّ تجلى رَبك للجبل تجلى مِنْهُ مثل الْخِنْصر فَجعل الْجَبَل دكاً وخر مُوسَى صعقاً فَلم يزل صعقاً مَا شَاءَ الله ثمَّ إِنَّه أَفَاق فَقَالَ ﴿سُبْحَانَكَ تبت إِلَيْك وَأَنا أول الْمُؤمنِينَ﴾ يَعْنِي أوّل الْمُؤمنِينَ من بني إِسْرَائِيل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فَلَمَّا تجلى ربه للجبل﴾ قَالَ: كشف بعض الْحجب
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة أَنه كَانَ يقْرَأ هَذَا الْحَرْف ﴿فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكاً﴾ قَالَ: كَانَ حجرا أَصمّ فَلَمَّا تجلى لَهُ صَار تَلا تُرَابا دكاً من الدكوات
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان فِي قَوْله ﴿فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكاً﴾ قَالَ: ساخ الْجَبَل إِلَى الأَرْض حَتَّى وَقع فِي الْبَحْر فَهُوَ يذهب بعد
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عُرْوَة بن رُوَيْم قَالَ: كَانَت الْجبَال قبل أَن يتجلى الله لمُوسَى على الطّور صمًّا ملساً لَيْسَ فِيهَا كهوف وَلَا شقوق فَلَمَّا تجلى الله لمُوسَى على الطّور صَار الطّور دكاً وتفطرت الْجبَال فَصَارَت فِيهَا هَذِه الكهوف والشقوق
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْأَعْمَش فِي قَوْله ﴿دكاً﴾ قَالَ: الأَرْض المستوية
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة ﴿جعله دكاً﴾ قَالَ: دك بعضه بَعْضًا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس ﴿وخر مُوسَى صعقاً﴾ قَالَ: غشي عَلَيْهِ إِلَّا أَن روحه فِي جسده ﴿فَلَمَّا أَفَاق قَالَ﴾ لعظم مَا رأى ﴿سُبْحَانَكَ﴾ تَنْزِيها الله من أَن يرَاهُ ﴿تبت إِلَيْك﴾ رجعت عَن الْأَمر الَّذِي كنت عَلَيْهِ ﴿وَأَنا أول الْمُؤمنِينَ﴾ يَقُول: أول المصدقين الْآن أَنه لَا يراك أحد
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَأَنا أوّل الْمُؤمنِينَ﴾ يَقُول: أَنا أول من يُؤمن أَنه لَا يراك شَيْء من خلقك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وخر مُوسَى صعقاً﴾ أَي مَيتا ﴿فَلَمَّا أَفَاق﴾ قَالَ: فَلَمَّا رد عَلَيْهِ روحه وَنَفسه ﴿قَالَ سُبْحَانَكَ تبت إِلَيْك وَأَنا أول الْمُؤمنِينَ﴾ أَنه لن تراك نفس فتحيا وإليها يفزع كل عَالم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿تبت إِلَيْك﴾ قَالَ: من سُؤَالِي إياك الرُّؤْيَة ﴿وَأَنا أول الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: أول قومِي إِيمَانًا
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله ﴿وَأَنا أوّل الْمُؤمنِينَ﴾ قَالَ: قد كَانَ إِذن قبله مُؤمنُونَ وَلَكِن يَقُول: أَنا أول من آمن بِأَنَّهُ لَا يراك أحد من خلقك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تخيروني من بَين الْأَنْبِيَاء فَإِن النَّاس يصعقون يَوْم الْقِيَامَة فَأَكُون أول
- الْآيَة (١٤٤ - ١٤٥)
قَالَ: إِنَّه لم يتواضع لي تواضعك أحد
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: قَالَ مُوسَى: يَا رب دلَّنِي على عمل إِذا عملته كَانَ شكرا لَك فِيمَا اصطنعت إِلَى
قَالَ: يَا مُوسَى قل لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير
قَالَ: فَكَانَ مُوسَى أَرَادَ من الْعَمَل مَا هُوَ أَنْهَك لجسمه مِمَّا أَمر بِهِ فَقَالَ لَهُ: يَا مُوسَى لَو أَن السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع وضعت فِي كفة وَوضعت لَا إِلَه إِلَّا الله فِي كفة لرجحت بِهن
قَوْله تَعَالَى: ﴿وكتبنا لَهُ فِي الألواح من كل شَيْء موعظة وتفصيلاً لكل شَيْء﴾
أخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: كتبت التَّوْرَاة بأقلام من ذهب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: كتب الله الألواح لمُوسَى وَهُوَ يسمع صريف الأقلام فِي الألواح
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الألواح الَّتِي أنزلت على مُوسَى كَانَت من سدر الْجنَّة كَانَ طول اللَّوْح إثني عشر ذِرَاعا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج قَالَ: أخْبرت أَن الألواح من زبرجد وَمن زمرد الْجنَّة أَمر الرب تَعَالَى جِبْرِيل فجَاء بهَا من عدن وكتبها بِيَدِهِ بالقلم الَّذِي كتب بِهِ الذّكر واستمد الرب من نهر النُّور وَكتب بِهِ الألواح
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كَانَت أَلْوَاح مُوسَى من برد
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَت الألواح من زمرد أَخْضَر أَمر الرب تَعَالَى جِبْرِيل فجَاء بهَا من عدن فَكتب الرب بِيَدِهِ بالقلم الَّذِي كتب بِهِ الذّكر واستمد الرب من نهر النُّور وَكتب بِهِ الألواح
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء قَالَ: كتب الله التَّوْرَاة لمُوسَى بِيَدِهِ وَهُوَ مُسْند ظَهره إِلَى الصَّخْرَة يسمع صريف الْقَلَم فِي أَلْوَاح من زمرد لَيْسَ بَينه وَبَينه إِلَّا الْحجاب
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن الله لم يمش شَيْئا إِلَّا ثَلَاثَة
خلق آدم بِيَدِهِ وغرس الْجنَّة بِيَدِهِ وَكتب التَّوْرَاة بِيَدِهِ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر عَن حَكِيم بن جَابر قَالَ: أخْبرت أَن الله تبَارك وَتَعَالَى لم يمس من خلقه بِيَدِهِ شَيْئا إِلَّا ثَلَاثَة أَشْيَاء
غرس الْجنَّة بِيَدِهِ وَجعل ترابها الورس والزعفران وجبالها الْمسك وَخلق آدم بِيَدِهِ وَكتب التَّوْرَاة لمُوسَى بِيَدِهِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن وردان بن خَالِد قَالَ خلق الله آدم بِيَدِهِ وَخلق جِبْرِيل بِيَدِهِ وَخلق الْقَلَم بِيَدِهِ وَخلق عَرْشه بِيَدِهِ وَكتب الْكتاب الَّذِي عِنْده لَا يطلع عَلَيْهِ غَيره بِيَدِهِ وَكتب التَّوْرَاة بِيَدِهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أعطيَ مُوسَى التَّوْرَاة فِي سَبْعَة أَلْوَاح من زبرجد فِيهَا تبيان لكل شَيْء وموعظة فَلَمَّا جَاءَ بهَا فَرَأى بني إِسْرَائِيل عكوفاً على عبَادَة الْعجل رمى بِالتَّوْرَاةِ من يَده فتحطمت فَرفع الله مِنْهَا سِتَّة أَسْبَاع وَبَقِي سبع
وَأخرج عبد بن حميد عَن مغيث الشَّامي قَالَ: بَلغنِي أَن الله تَعَالَى لم يخلق بِيَدِهِ إِلَّا ثَلَاثَة أَشْيَاء الْجنَّة غرسها بِيَدِهِ وآدَم خلقه بِيَدِهِ والتوراة كتبهَا بِيَدِهِ
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ فِي السّنة عَن ابْن عمر قَالَ: خلق الله آدم بِيَدِهِ وَخلق جنَّة عدن بِيَدِهِ وَكتب التَّوْرَاة بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ لسَائِر الْأَشْيَاء: كن فَكَانَ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وكتبنا لَهُ فِي الألواح من كل شَيْء موعظة وتفصيلاً لكل شَيْء﴾ قَالَ: مِمَّا أمروا بِهِ ونهوا عَنهُ
وَأخرج الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك وَصَححهُ وَضَعفه الذَّهَبِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن الله يَقُول فِي كِتَابه لمُوسَى ﴿إِنِّي اصطفيتك على النَّاس﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ١٤٤
﴿وكتبنا لَهُ فِي الألواح من كل شَيْء﴾ قَالَ: فَكَانَ يرى أَن جَمِيع الْأَشْيَاء قد أَثْبَتَت لَهُ كَمَا ترَوْنَ أَنْتُم علماءكم فَلَمَّا انْتهى إِلَى سَاحل الْبَحْر لَقِي الْعَالم فاستنطقه فَأقر لَهُ بِفضل علمه وَلم يحسده الحَدِيث
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس
أَن مُوسَى لما كربه الْمَوْت قَالَ: هَذَا من أجل آدم قد كَانَ الله جعلنَا فِي دَار مثوى لَا نموت فخطا آدم انزلنا هُنَا
فَقَالَ الله لمُوسَى: أبْعث لَك آدم فتخاصمه قَالَ: نعم
فَلَمَّا بعث الله آدم سَأَلَهُ مُوسَى فَقَالَ: لَوْلَا أَنْت لم نَكُنْ هَهُنَا
فَقَالَ لَهُ آدم: قد أَتَاك الله من كل شَيْء موعظة وتفصيلاً أفلست تعلم أَنه ﴿مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب من قبل أَن نبرأها﴾ الْحَدِيد الْآيَة ٢٢ قَالَ مُوسَى: بلَى فخصمه آدم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الله عز وَجل كتب فِي الألواح ذكر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر أمته وَمَا ذخر لَهُم من عِنْده وَمَا يسر عَلَيْهِم فِي دينهم وَمَا وسع عَلَيْهِم فِيمَا أحل لَهُم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: فِيمَا كتب الله لمُوسَى فِي الألواح: يَا مُوسَى لَا تحلف بِي كَاذِبًا فَإِنِّي لَا أزكي عمل من حلف بِي كذبا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن وهب بن مُنَبّه فِي قَوْله ﴿وكتبنا لَهُ فِي الألواح من كل شَيْء﴾ قَالَ: كتب لَهُ اعبدني وَلَا تشرك بِي شَيْئا من أهل السَّمَاء وَلَا من أهل الأَرْض فَإِن كل ذَلِك خلقي فَإِذا أشرك بِي غضِبت وَإِذا غضِبت لعنت وَإِن لَعْنَتِي تدْرك الرَّابِع من الْوَلَد وَإِنِّي إِذا أَطَعْت رضيت وَإِذا رضيت باركت وَالْبركَة مني تدْرك الْأمة بعد الْأمة وَلَا تحلف باسمي كَاذِبًا فَإِنِّي
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي حزرة الْقَاص ان الْعشْر الْآيَات الَّتِي كتب الله تَعَالَى لمُوسَى فِي الألواح: أَن اعبدني وَلَا تشرك بِي شَيْئا وَلَا تحلف باسمي كَاذِبًا فَإِنِّي لَا أزكي وَلَا أطهر من حلف باسمي كَاذِبًا واشكر لي ولوالديك أنسأ لَك فِي أَجلك وأقيك المتالف وَلَا تسرق وَلَا تزن فأحجب عَنْك نور وَجْهي وَلَا تغلق عَن دعائك أَبْوَاب سماواتي وَلَا تغدر بحليل جَارك واحب للنَّاس مَا تحب لنَفسك وَلَا تشهد بِمَا لم يعِ سَمعك ويفقه قَلْبك فَإِنِّي وَاقِف أهل الشَّهَادَات على شَهَادَتهم يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ سائلهم عَنْهَا وَلَا تذبح لغيري وَلَا يَصعد إِلَى من قرْبَان أهل الأَرْض إِلَّا مَا ذكر عَلَيْهِ اسْمِي
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَطاء قَالَ: بَلغنِي أَن فِيمَا أنزل الله على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: لَا تجالسوا أهل الاهواء فيحدثوا فِي قَلْبك مَا لم يكن
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية وَابْن لال فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول كَانَ فِيمَا أعْطى الله مُوسَى فِي الألواح الأول فِي أول مَا كتب عشرَة أَبْوَاب: يَا مُوسَى لَا تشرك بِي شَيْئا فقد حق القَوْل مني لتلفحن وُجُوه الْمُشْركين النَّار واشكر لي ولوالديك أقك المتالف وانسأ فِي عمرك وأحييك حَيَاة طيبَة وأقلبك إِلَى خير مِنْهَا وَلَا تقتل النَّفس الَّتِي حرمت إِلَّا بِالْحَقِّ فتضيق عَلَيْك الأَرْض برحبها وَالسَّمَاء باقطارها وتبوء بسخطي وَالنَّار وَلَا تحلف باسمي كَاذِبًا وَلَا آثِما فَإِنِّي لَا أطهر وَلَا أزكي من لم ينزهني ويعظم أسمائي وَلَا تحسد النَّاس على مَا أَعطيتهم من فضلي وَلَا تنفس عَلَيْهِم نعمتي ورزقي فَإِن الْحَاسِد عَدو نعمتي راد لقضائي ساخط لقسمتي الَّتِي أقسم بَين عبَادي وَمن لم يكن كَذَلِك فلست مِنْهُ وَلَيْسَ مني وَلَا تشهد بِمَا لم يع سَمعك ويحفظ عقلك وتعقد عَلَيْهِ قَلْبك فَإِنِّي وَاقِف أهل الشَّهَادَات على شَهَادَتهم يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ سائلهم عَنْهَا سؤالا حثيثاً وَلَا تزن وَلَا تسرق وَلَا تزن بحليلة جَارك فأحجب عَنْك وَجْهي وَلَا تغلق عَنْك أَبْوَاب السَّمَاء
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله جعل السبت لمُوسَى عيداً وَاخْتَارَ لنا الْجُمُعَة فَجَعلهَا لنا عيداً
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: مِمَّا كتب الله لمُوسَى فِي الألواح لَا تتمن مَال أَخِيك وَلَا أمراة أَخِيك
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة: شوقناكم فَلم تشتاقوا ونُحْنَا لكم فَلم تبكوا أَلا وان لله ملكا يُنَادي فِي السَّمَاء كل لَيْلَة: بشر القتَّالين بِأَن لَهُم عِنْد الله سَيْفا لَا ينَام وَهُوَ نَار جَهَنَّم أَبنَاء الْأَرْبَعين زرع قددنا حَصَاده أَبنَاء الْخمسين هلموا إِلَى الْحساب لَا عذر لكم أَبنَاء السِّتين مَاذَا قدمتم وماذا أخرتم أَبنَاء السّبْعين مَا تنْظرُون أَلا لَيْت الْخلق لم يخلقوا فَإِذا خلقُوا علمُوا لما خلقُوا أَلا أتتكم السَّاعَة فَخُذُوا حذركُمْ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَ مُوسَى: رب إِنِّي أجد فِي الألواح أمة هم الْآخرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة الْآخرُونَ فِي الْخلق وَالسَّابِقُونَ فِي دُخُول الْجنَّة فاجعلهم أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: رب إِنِّي أجد فِي الألواح أمة خير أمة أخرجت للنَّاس يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر ويؤمنون بِاللَّه فاجعلهم أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: رب أَنِّي أجد فِي الألواح أمة يُؤمنُونَ بِالْكتاب الأول وَالْكتاب الآخر ويقاتلون فضول الضَّلَالَة حَتَّى يقاتلوا الْأَعْوَر الْكذَّاب فاجعلهم أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: رب أَنِّي أجد فِي الألواح أمة أَنَاجِيلهمْ فِي قُلُوبهم يقرأونها - قَالَ قَتَادَة: وَكَانَ من قبلكُمْ إِنَّمَا يقرأون كِتَابهمْ نظرا فَإِذا رفعوها لم يحفظوا مِنْهُ شَيْئا وَلم يعوه وَإِن الله اعطاكم ايتها الْأمة من الْحِفْظ شَيْئا لم يُعْطه أحدا من الْأُمَم قبلكُمْ فَالله خصكم بهَا وكرامة أكْرمكُم بهَا - قَالَ: فاجعلهم أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: رب أَنِّي أجد فِي الألواح أمة صَدَقَاتهمْ يأكلونها فِي بطونهم ويؤجرون عَلَيْهَا - قَالَ قَتَادَة: وَكَانَ من قبلكُمْ إِذا تصدق بِصَدقَة فَقبلت مِنْهُ بعث الله عَلَيْهَا نَارا فَأَكَلتهَا وَإِن ردَّتْ تركت فَأَكَلتهَا السبَاع وَالطير وَإِن الله أَخذ صَدقَاتكُمْ من غنيكم لفقيركم رَحْمَة رحمكم بهَا وتخفيفاً خفف بِهِ عَنْكُم - فاجعلهم أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: رب
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: رب أَنِّي أجد فِي الألواح أمة إِذا همَّ أحدهم بسيئة لم تكْتب عَلَيْهِ حَتَّى يعملها فَإِن عَملهَا كتبت سَيِّئَة وَاحِدَة فاجعلهم أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: رب إِنِّي أجد فِي الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لَهُم فاجعلهم أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ قَتَادَة: فَذكر لنا أَن نَبِي الله مُوسَى نبذ الألواح وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِذا فَاجْعَلْنِي من أمة أَحْمد
قَالَ: فاعطى اثْنَتَيْنِ لم يعطهما ﴿قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصطفيتك على النَّاس برسالاتي وبكلامي﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ١٤٤ قَالَ: فَرضِي نَبِي الله ثمَّ أعْطى الثَّانِيَة ﴿وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ﴾ قَالَ: فَرضِي نَبِي الله مُوسَى كل الرِّضَا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ مُوسَى: يَا رب أجد فِي الألواح أمة خير أمة أخرجت للنَّاس يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر فاجعلهم أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: رب أجد فِي الألواح أمة إِذا هم أحدهم بِالْحَسَنَة كتبت لَهُ حَسَنَة وَإِذا عَملهَا كتبت لَهُ عشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف فاجعلهم أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: رب أجد فِي الألواح أمة إِذا هم أحدهم بِالسَّيِّئَةِ فَلم يعملها لم تكْتب عَلَيْهِ وَإِذا عَملهَا كتبت سَيِّئَة وَاحِدَة فاجعلهم أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: رب أجد فِي الألواح أمة أَنَاجِيلهمْ فِي صُدُورهمْ فاجعلهم أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: رب أجد فِي الألواح أمة هم المشفعون والمشفع لَهُم فاجعلهم أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: رب أجد فِي الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لَهُم يَوْم الْقِيَامَة فاجعلهم أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: رب أجد فِي الألواح أمة ينْصرُونَ على من ناوأهم حَتَّى يقاتلوا الْأَعْوَر الدَّجَّال فاجعلهم أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: فانتبذ الألواح من يَده وَقَالَ: رب فَاجْعَلْنِي من أمة أَحْمد
فَأنْزل الله ﴿وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ١٥٩ فَرضِي نَبِي الله مُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فِيمَا ناجى مُوسَى ربه فِيمَا وهب الله لمُحَمد وَأمته حَيْثُ قَرَأَ التَّوْرَاة وَأصَاب فِيهَا نعت النَّبِي وَأمته قَالَ: يَا رب من هَذَا النَّبِي
قَالَ: يَا رب إِنَّك اصطفيتني وكلمتني قَالَ: يَا مُوسَى إِنَّك صفيّ وَهُوَ حَبِيبِي أبعثه يَوْم الْقِيَامَة على كوم أجعَل حَوْضه أعرض الْحِيَاض وَأَكْثَرهم وارداً وَأَكْثَرهم تبعا قَالَ: رب لقد كرمته وشرفته
قَالَ: يَا مُوسَى حق لي أَن أكْرمه وأفضله وَأفضل أمته لأَنهم يُؤمنُونَ بِي وبرسلي كلهم وبكلمتي كلهَا وبغيبي كُله مَا كَانَ فيهم شَاهدا - يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - وَمن بعد مَوته إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
قَالَ: يَا رب هَذَا نعتهم قَالَ: نعم
قَالَ: يَا رب وهبت لَهُم الْجُمُعَة أَو لأمتي قَالَ: بل لَهُم الْجُمُعَة دون أمتك
قَالَ: رب إِنِّي نظرت فِي التَّوْرَاة إِلَى نعت قوم غر محجلين فَمن هم أَمن بني إِسْرَائِيل هم أم من غَيرهم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد الغر المحجلون من آثَار الْوضُوء
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة قوما يَمرونَ على الصِّرَاط كالبرق وَالرِّيح فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة قوما يصلونَ الصَّلَوَات الْخمس فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة قوما يتزرون إِلَى أَنْصَافهمْ فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت قوما يراعون الشَّمْس مناديهم فِي جوّ السَّمَاء فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: رب أَنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة قوما الْحَسَنَة مِنْهُم بِعشْرَة والسيئة بِوَاحِدَة فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم شاهرين سيوفهم لَا ترد لَهُم حَاجَة قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة قوما إِذا أَرَادوا أمرا استخاروك ثمَّ ركبوه فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة نعت قوم يشفع محسنهم فِي مسيئهم فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم يحجون الْبَيْت الْحَرَام لَا ينأون عَنهُ أبدا لَا يقضون مِنْهُ وطراً ابداً فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم قُرْبَانهمْ دِمَاؤُهُمْ فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم يُقَاتلُون فِي سَبِيلك صُفُوفا زحوفاً يفرغ عَلَيْهِم الصَّبْر افراغاً فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم يشْهدُونَ لرسلك بِمَا بلغُوا فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم يجْعَلُونَ الصَّدَقَة فِي بطونهم فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم الْغَنَائِم لَهُم حَلَال وَهِي مُحرمَة على الْأُمَم فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم جعلت الأَرْض لَهُم طهُورا ومسجداً فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت نعت قوم الرجل مِنْهُم خير من ثَلَاثِينَ مِمَّن كَانَ قبلهم فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد يَا مُوسَى الرجل من الْأُمَم السالفة أعبد من الرجل من أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثَلَاثِينَ ضعفا وهم خير بِثَلَاثِينَ ضعفا بايمانه بالكتب كلهَا
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت نعت قوم يأوون إِلَى ذكرك ويتحابون عَلَيْهِ كَمَا تأوي النسور إِلَى وكورها فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم إِذا غضبوا هللوك وَإِذا تنازعوا سبحوك فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم يغضبون لَك كَمَا يغْضب النمر الْحَرْب لنَفسِهِ فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم تفتح أَبْوَاب السَّمَاء لأعمالهم وأرواحهم وتباشر بهم الْمَلَائِكَة فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم تتباشر بهم الْأَشْجَار وَالْجِبَال بممرهم عَلَيْهَا لتسبيحهم لَك وتقديسهم لَك فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم وهبت لَهُم الاسترجاع عِنْد الْمُصِيبَة ووهبت لَهُم عِنْد الْمُصِيبَة الصَّلَاة وَالرَّحْمَة وَالْهدى فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم تصلي عَلَيْهِم أَنْت وملائكتك فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم يدْخل محسنهم الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب ومقتصدهم يُحَاسب حسابا يَسِيرا وظالمهم يغْفر لَهُ فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب فَاجْعَلْنِي مِنْهُم
قَالَ: يَا مُوسَى أَنْت مِنْهُم وهم مِنْك لِأَنَّك على ديني وهم على ديني وَلَكِن قد فضلتك برسالاتي وبكلامي فَكُن من الشَّاكِرِينَ
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم تقبضهم على فرشهم وهم شُهَدَاء عنْدك فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم لَا يخَافُونَ فِيك لومة لائم فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ أعزة على الْكَافرين فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم صديقهم أفضل الصديقين فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب لقد كرمته وفضلتهُ
قَالَ: يَا مُوسَى هُوَ كَذَلِك نَبِي وصفي وحبيبي وَأمته خير أمة
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم مُحرمَة على الْأُمَم الْجنَّة إِن يدخلوها حَتَّى يدخلهَا نَبِيّهم وَأمته فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب لبني إِسْرَائِيل مَا بالهم قَالَ: يَا مُوسَى إِن قَوْمك من بني إِسْرَائِيل يبدلون دينك من بعْدك ويغيرون كتابك الَّذِي أنزلت عَلَيْك وَأَن أمة مُحَمَّد لَا يغيرون سنته وَلَا يبطلون الْكتاب الَّذِي أنزلت عَلَيْهِ إِلَى أَن تقوم السَّاعَة فَلذَلِك بلغتهم سَنَام كَرَامَتِي وفضلتهم على الْأُمَم وَجعلت نَبِيّهم أفضل الْأَنْبِيَاء
أَوَّلهمْ فِي الْحَشْر وأوّلهم فِي انْشِقَاق الأَرْض وأولهم شافعاً وأوّلهم مشفعاً
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم حلماء عُلَمَاء كَادُوا أَن يبلغُوا بفقههم حَتَّى يَكُونُوا أَنْبيَاء فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد يَا مُوسَى أعْطوا الْعلم الأول الآخر
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة قوما تُوضَع الْمَائِدَة بَين أَيْديهم فَمَا يرفعونها حَتَّى يغْفر لَهُم فَمن هم قَالَ: أُولَئِكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي التَّوْرَاة نعت قوم يلبس أحدهم الثَّوْب فَمَا ينفضه حَتَّى يغْفر لَهُم فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة نعت قوم إِذا اسْتَووا على ظُهُور دوابهم حمدوك فَيغْفر لَهُم فَمن هم قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد أوليائي يَا مُوسَى الَّذين انتقم بهم من عَبدة النيرَان والأوثان
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن مُوسَى لما نزلت عَلَيْهِ التَّوْرَاة وَقرأَهَا فَوجدَ فِيهَا ذكر هَذِه الْأمة قَالَ: يَا رب إِنِّي أجد فِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي أجد فِي الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لَهُم فاجعلها أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي أجد فِي الألواح أمة أَنَاجِيلهمْ فِي صُدُورهمْ يقرأونه ظَاهرا فاجعلها أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي أجد فِي الألواح أمة يَأْكُلُون الْفَيْء فاجعلها أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي أجد فِي الألواح أمة يجْعَلُونَ الصَّدَقَة فِي بطونهم يؤجرون عَلَيْهَا فاجعلها أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي أجد فِي الألواح أمة إِذا هم أحدهم بحسنة فَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة وَإِن عَملهَا كتبت لَهُ عشر حَسَنَات فاجعلها أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب إِنِّي وجدت فِي الألواح أمة يُؤْتونَ الْعلم الأول وَالْعلم الآخر فيقتلون قُرُون الضَّلَالَة والمسيح الدَّجَّال فاجعلها أمتِي
قَالَ: تِلْكَ أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب فَاجْعَلْنِي من أمة أَحْمد فاعطي عِنْد ذَلِك خَصْلَتَيْنِ ﴿قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصطفيتك على النَّاس برسالاتي وبكلامي فَخذ مَا آتيتك وَكن من الشَّاكِرِينَ﴾ قَالَ: قد رضيت يارب
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن عبد الرَّحْمَن المغافري أَن كَعْب الْأَحْبَار رأى حبر الْيَهُود يبكي فَقَالَ لَهُ: مَا يبكيك قَالَ: ذكرت بعض الْأَمر فَقَالَ لَهُ كَعْب: أنْشدك بِاللَّه لَئِن أَخْبَرتك مَا أبكاك لتصدقني قَالَ: نعم
قَالَ: أنْشدك بِاللَّه هَل تَجِد فِي كتاب الله الْمنزل أَن مُوسَى نظر فِي التَّوْرَاة فَقَالَ: رب إِنِّي أجد أمة فِي التَّوْرَاة خير أمة أخرجت للنَّاس يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر ويؤمنون بِالْكتاب الأول وَالْكتاب الآخر ويقاتلون أهل الضَّلَالَة حَتَّى يقاتلوا الْأَعْوَر الدَّجَّال فَقَالَ مُوسَى: رب أجعلهم أمتِي
قَالَ: هم أمة أَحْمد قَالَ الحبر: نعم
قَالَ كَعْب: فأنشدك بِاللَّه هَل تَجِد فِي كتاب الله الْمنزل أَن مُوسَى نظر فِي التَّوْرَاة فَقَالَ: رب إِنِّي أجد أمة هم الْحَمَّادُونَ رُعَاة الشَّمْس المحكمون إِذا أَرَادوا أمرا قَالَ افعله إِن شَاءَ الله فاجعلهم أمتِي
قَالَ: هم أمة أَحْمد قَالَ الحبر: نعم
قَالَ كَعْب: أنْشدك بِاللَّه هَل تَجِد فِي كتاب الله الْمنزل أَن مُوسَى نظر فِي التَّوْرَاة فَقَالَ: يَا رب إِنِّي أجد أمة إِذا أشرف أحدهم على شرف كبر الله وَإِذا هَبَط وَاديا حمد الله الصَّعِيد لَهُم طهُور وَالْأَرْض لَهُم مَسْجِد حَيْثُمَا كَانُوا يتطهرون من الْجَنَابَة طهورهم بالصعيد كطهورهم بِالْمَاءِ حَيْثُ لَا يَجدونَ المَاء غر محجلون من
قَالَ: هم أمة أَحْمد قَالَ الحبر: نعم
قَالَ كَعْب: انشدك بِاللَّه هَل تَجِد فِي كتاب الله الْمنزل أَن مُوسَى نظر فِي التَّوْرَاة فَقَالَ: رب إِنِّي أجد أمة مَرْحُومَة ضعفاء يَرِثُونَ الْكتاب واصطفيتهم ﴿فَمنهمْ ظَالِم لنَفسِهِ وَمِنْهُم مقتصد وَمِنْهُم سَابق بالخيرات﴾ فاطر الْآيَة ٣٢ وَلَا أجد أحدا مِنْهُم إِلَّا مرحوماً فاجعلهم أمتِي
قَالَ: هم أمة أَحْمد قَالَ الحبر: نعم
قَالَ كَعْب: انشدك بِاللَّه هَل تَجِد فِي كتاب الله الْمنزل أَن مُوسَى نظر فِي التَّوْرَاة فَقَالَ: يَا رب إِنِّي أجد فِي التَّوْرَاة أمة مصاحفهم فِي صُدُورهمْ يلبسُونَ الوان ثِيَاب أهل الْجنَّة يصفّون فِي صلَاتهم كَصُفُوف الْمَلَائِكَة أَصْوَاتهم فِي مَسَاجِدهمْ كَدَوِيِّ النَّحْل لَا يدْخل النَّار مِنْهُم أحدا إِلَّا من بري من الْحَسَنَات مثل مَا بري الْحجر من ورق الشّجر فاجعلهم أمتِي
قَالَ: هم أمة أَحْمد قَالَ الحبر: نعم
فَلَمَّا عجب مُوسَى من الْخَيْر الَّذِي أعطَاهُ الله مُحَمَّدًا وَأمته قَالَ: يَا لَيْتَني من أمة أَحْمد فَأوحى الله إِلَيْهِ ثَلَاث آيَات يرضيه بِهن ﴿يَا مُوسَى إِنِّي اصطفيتك على النَّاس برسالاتي وبكلامي﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ١٤٤ الْآيَة فَرضِي مُوسَى كل الرِّضَا
وَأخرج أَبُو نعيم عَن سعيد بن أبي هِلَال أَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ لكعب: أَخْبرنِي عَن صفة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمته قَالَ: أجدهم فِي كتاب الله: أَن أَحْمد وَأمته حمَّادون يحْمَدُونَ الله على كل خير وَشر يكبرُونَ الله على كل شرف يسبحون الله فِي كل منزل نداؤهم فِي جو السَّمَاء لَهُم دوِي فِي صلَاتهم كَدَوِيِّ النَّحْل على الصخر يصفونَ فِي صلَاتهم كَصُفُوف الْمَلَائِكَة ويصفون فِي الْقِتَال كصفوفهم فِي الصَّلَاة إِذا غزوا فِي سَبِيل الله كَانَت الْمَلَائِكَة بَين أَيْديهم وَمن خَلفهم برماح شَدَّاد إِذا حَضَرُوا الصفّ فِي سَبِيل الله كَانَ الله عَلَيْهِم مظلاً كَمَا تظل النسور على وكورها لَا يتأخرون زحفاً أبدا حَتَّى يحضرهم جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن مُحَمَّد بن يزِيد الثَّقَفِيّ قَالَ: اصطحب قيس بن خَرشَة وَكَعب الْأَحْبَار حَتَّى إِذا بلغا صفّين وقف كَعْب ثمَّ نظر سَاعَة ثمَّ قَالَ: ليهراقن بِهَذِهِ الْبقْعَة من دِمَاء الْمُسلمين شَيْء لَا يهراق ببقعة من الأَرْض مثله فَقَالَ قيس: مَا يدْريك فَإِن هَذَا من الْغَيْب الَّذِي اسْتَأْثر الله بِهِ فَقَالَ كَعْب: مَا
وَأخرج عبد الله بن أَحْمد فِي زَوَائِد الزّهْد عَن خَالِد الربعِي قَالَ: قَرَأت فِي كتاب الله الْمنزل أَن عُثْمَان بن عَفَّان رَافع يَدَيْهِ إِلَى الله يَقُول: يَا رب قتلني عِبَادك الْمُؤْمِنُونَ
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن خَالِد الربعِي قَالَ: قَرَأت فِي التَّوْرَاة إتق الله يَا ابْن آدم وَإِذا شبعت فاذكر الجائع
وَأخرج أَحْمد عَن قَتَادَة قَالَ: بلغنَا أَنه مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة ابْن آدم ارْحَمْ ترحم إِنَّه من لَا يَرحم لَا يُرحم كَيفَ ترجو أَن ارحمك وَأَنت لَا ترحم عبَادي وَأخرج أَحْمد وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: قَرَأت فِي التَّوْرَاة يَا ابْن آدم لَا تعجز أَن تقوم بَين يَدي فِي صَلَاتك باكياً فَإِنِّي أَنا الله الَّذِي إقتربت لقلبك وبالغيب رَأَيْت نوري
قَالَ مَالك: يَعْنِي الْحَلَاوَة وَالسُّرُور الَّذِي يجد الْمُؤمن
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: أَرْبَعَة أحرف فِي التَّوْرَاة مَكْتُوب من لم يشاور ينْدَم وَمن اسْتغنى اسْتَأْثر والفقر الْمَوْت الْأَحْمَر وكما تدين تدان
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو نعيم عَن خَيْثَمَة قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة ابْن آدم تفرغ لعبادتي أملأ قَلْبك غنى وأسدّ فقرك وَإِن لَا تفعل املأ قَلْبك شغلاً وَلَا أَسد فقرك
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن بَيَان قَالَ: بَلغنِي أَن فِي التَّوْرَاة مَكْتُوب ابْن آدم كسيرة تكفيك وخرقة تواريك وَحجر يأويك
وَأخرج أَحْمد عَن وهيب الْمَكِّيّ قَالَ: بَلغنِي أَنه مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة يَا ابْن آدم اذْكُرْنِي إِذا غضِبت أذكرك إِذا غضِبت فَلَا أمحقك مَعَ من أمحق وَإِذا ظلمت فارض بنصرتي لَك فَإِن نصرتي لَك خير من نصرتك لنَفسك
وَأخرج أَحْمد عَن الْحسن بن أبي الْحسن قَالَ: انْتَهَت بَنو اسرائيل إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالُوا: إِن التَّوْرَاة تكبر علينا فأنبئنا بجماع من الْأَمر فِيهِ تَخْفيف
فاوحى الله إِلَيْهِ: مَا سَأَلَك قَوْمك قَالَ: يَا رب أَنْت أعلم
قَالَ: إِنَّمَا بَعَثْتُك لتبلغني عَنْهُم وتبلغهم عني
قَالَ: فَإِنَّهُم سَأَلُونِي جماعاً من الْأَمر فِيهِ تَخْفيف ويزعمون أَن التَّوْرَاة تكبر عَلَيْهِم فَقَالَ الله عز وَجل: قل لَهُم لَا تظالموا فِي الْمَوَارِيث وَلَا يدخلن عَلَيْكُم عبد بَيْتا حَتَّى يسْتَأْذن وليتوضأ من الطَّعَام مَا يتَوَضَّأ للصَّلَاة فاستخفوها يَسِيرا ثمَّ إِنَّهُم لم يقومُوا بهَا
قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد ذَلِك تقبلُوا إِلَيّ بستٍ أتقبل لكم
وَأخرج أَحْمد عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: قَرَأت فِي التَّوْرَاة من يَزْدَدْ علما يَزْدَدْ وجفاً
وَقَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة من كَانَ لَهُ جَار يعْمل بِالْمَعَاصِي فَلم يَنْهَهُ فَهُوَ شَرِيكه
وَأخرج أَحْمد عَن قَتَادَة قَالَ: أَن فِي التَّوْرَاة مَكْتُوبًا يَا ابْن آدم تذكرني وتنساني وَتَدْعُو إِلَيّ وتفر مني وأرزقك وَتعبد غَيْرِي
وَأخرج عبد الله وَابْنه عَن الْوَلِيد بن عمر قَالَ: بَلغنِي أَنه مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة ابْن آدم حرك يَديك افْتَحْ لَك بَابا من الرزق وأطعني فِيمَا آمُرك فَمَا أعلمني بِمَا يصلحك
وَأخرج عبد الله عَن عقبَة بن زَيْنَب قَالَ: فِي التَّوْرَاة مَكْتُوب لَا تتوكل على ابْن آدم فَإِن ابْن آدم لليس وَلَكِن توكل على الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت وَفِي التَّوْرَاة مَكْتُوب مَاتَ مُوسَى كليم الله فَمن ذَا الَّذِي لَا يَمُوت
وَأخرج أَحْمد عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: وجدت فِيمَا أنزل الله على مُوسَى أَن من أحب الدُّنْيَا أبغضه الله وَمن أبْغض الدُّنْيَا أحبه الله وَمن أكْرم الدُّنْيَا أهانه الله وَمن أهان الدُّنْيَا أكْرمه الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عُرْوَة قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة ليكن وَجهك بسطاً وكلمتك طيبَة تكن أحب إِلَى النَّاس من الَّذين يعطونهم الْعَطاء
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عُرْوَة قَالَ: بَلغنِي أَنه مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة كَمَا تَرحمون تُرحمون
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كَعْب قَالَ: وَالَّذِي فلق الْبَحْر لبني إِسْرَائِيل فِي التَّوْرَاة مَكْتُوب: يَا ابْن آدم اتَّقِ رَبك وابرر والديك وصل رَحِمك أمدَّ لَك فِي عمرك وأيسر لَك يَسُرك واصرف عَنْك عسرك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن كرْدُوس الثَّعْلَبِيّ قَالَ: مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة اتَّقِ توقه إِنَّمَا التوقي فِي التَّقْوَى ارحموا ترحموا تُوبُوا يُتَاب عَلَيْكُم
وَأخرج الْحَكِيم فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن أبي الجوزاء قَالَ: قَرَأت فِي التَّوْرَاة أَن سرَّك أَن تحيا وتبلغ علم الْيَقِين فَاحْتمل فِي كل حِين أَن تغلب شهوات الدُّنْيَا فَإِن من يغلب شهوات الدُّنْيَا يفرق الشَّيْطَان من ظله
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن كَعْب الْأَحْبَار
إِن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَقُول فِي دُعَائِهِ: اللهمَّ ليّن قلبِي بِالتَّوْرَاةِ وَلَا تجْعَل قلبِي قاسياً كالحجر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن قَالَ: سَأَلَ مُوسَى جماعاً من الْعَمَل فَقيل لَهُ: انْظُر مَا تُرِيدُ أَن يصاحبك بِهِ النَّاس فَصَاحب النَّاس بِهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس ﴿فَخذهَا بقوّة﴾ قَالَ: بجد وحزم ﴿سأريكم دَار الْفَاسِقين﴾ قَالَ: دَار الْكفَّار
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس ﴿فَخذهَا بقوّة﴾ قَالَ: بجد ﴿وَأمر قَوْمك يَأْخُذُوا بأحسنها﴾ قَالَ: أَمر مُوسَى أَن يَأْخُذهَا بأشد مِمَّا أَمر بِهِ قومه
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿فَخذهَا بِقُوَّة﴾ قَالَ: إِن الله تَعَالَى يحب أَن يُؤْخَذ أمره بِقُوَّة وجد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع بن أنس فِي قَوْله ﴿فَخذهَا بِقُوَّة﴾ قَالَ: بِطَاعَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿فَخذهَا بِقُوَّة﴾ يَعْنِي بجد واجتهاد ﴿وَأمر قَوْمك يَأْخُذُوا بأحسنها﴾ قَالَ: بِأَحْسَن مَا يَجدونَ مِنْهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿دَار الْفَاسِقين﴾ قَالَ: مَنَازِلهمْ فِي الدُّنْيَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿سأريكم دَار الْفَاسِقين﴾ قَالَ: جَهَنَّم
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿سأريكم دَار الْفَاسِقين﴾ قَالَ: رفعت لمُوسَى حَتَّى نظر إِلَيْهَا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿سأريكم دَار الْفَاسِقين﴾ قَالَ: مصر
- الْآيَة (١٤٦ - ١٤٧)
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : كتبت التوراة بأقلام من ذهب.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن علي بن أبي طالب قال : كتب الله الألواح لموسى وهو يسمع صريف الأقلام في الألواح.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « الألواح التي أنزلت على موسى كانت من سدر الجنة، كان طول اللوح اثني عشر ذراعاً ».
وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج قال : أخبرت أن الألواح من زبرجد ومن زمرد الجنة، أمر الرب تعالى جبريل فجاء بها من عدن، وكتبها بيده بالقلم الذي كتب به الذكر، واستمد الرب من نهر النور وكتب به الألواح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : كانوا يقولون : كانت الألواح من ياقوتة، وأنا أقول : إنما كانت من زبرجد وكتابها الذهب، كتبها الله بيده فسمع أهل السماوات صريف القلم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي العالية قال : كانت ألواح موسى من برد.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : كانت الألواح من زمرد أخضر، أمر الرب تعالى جبريل فجاء بها من عدن، فكتب الرب بيده بالقلم الذي كتب به الذكر، واستمد الرب من نهر النور وكتب به الألواح.
وأخرج أبو الشيخ عن عطاء قال : كتب الله التوراة لموسى بيده وهو مسند ظهره إلى الصخرة يسمع صريف القلم، في ألواح من زمرد ليس بينه وبينه إلا الحجاب.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : إن الله لم يمس شيئاً إلا ثلاثة : خلق آدم بيده، وغرس الجنة بيده، وكتب التوراة بيده.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن حكيم بن جابر قال : أخبرت أن الله تبارك وتعالى لم يمس من خلقه بيده شيئاً إلا ثلاثة : غرس الجنة بيده وجعل ترابها الورس والزعفران وجبالها المسك، وخلق آدم بيده، وكتب التوراة لموسى بيده.
وأخرج عبد بن حميد عن وردان بن خالد قال خلق الله آدم بيده، وخلق جبريل بيده، وخلق القلم بيده، وخلق عرشه بيده، وكتب الكتاب الذي عنده لا يطلع عليه غيره بيده، وكتب التوراة بيده.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أعطيَ موسى التوراة في سبعة ألواح من زبرجد، فيها تبيان لكل شيء وموعظة، فلما جاء بها فرأى بن إسرائيل عكوفاً على عبادة العجل، رمى بالتوراة من يده فتحطمت، فرفع الله منها ستة أسباع وبقي سبع.
وأخرج عبد بن حميد عن مغيث الشامي قال : بلغني أن الله تعالى لم يخلق بيده إلا ثلاثة أشياء : الجنة غرسها بيده، وآدم خلقه بيده، والتوراة كتبها بيده.
وأخرج الطبراني في السنة عن ابن عمر قال : خلق الله آدم بيده، وخلق جنة عدن بيده، وكتب التوراة بيده، ثم قال لسائر الأشياء : كن فكان.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي ﴿ وكتبنا له في الألواح من كل شيء ﴾ أمروا به ونهوا عنه.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء ﴾ قال : مما أمروا به ونهوا عنه.
وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه وضعفه الذهبي عن ابن عباس قال : إن الله يقول في كتابه لموسى ﴿ إني اصطفيتك على الناس ﴾ [ الأعراف : ١٤٤ ]. ﴿ وكتبنا له في الألواح من كل شيء ﴾ قال : فكان يرى أن جميع الأشياء قد أثبتت له كما ترون أنتم علماءكم، فلما انتهى إلى ساحل البحر لقي العالم فاستنطقه، فأقر له بفضل علمه ولم يحسده الحديث.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس. أن موسى لما كربه الموت قال : هذا من أجل آدم قد كان الله جعلنا في دار مثوى لا نموت فخطا آدم أنزلنا هنا. فقال الله لموسى : ابعث إليك آدم فتخاصمه ؟ قال : نعم. فلما بعث الله آدم سأله موسى فقال : لولا أنت لم نكن ههنا. فقال له آدم : قد أتاك الله من كل شيء موعظة وتفصيلاً أفلست تعلم أنه ﴿ ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ﴾ [ الحديد : ٢٢ ] قال : موسى بلى فخصمه آدم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان الله عز وجل كتب في الألواح ذكر محمد صلى الله عليه وسلم، وذكر أمته وما ذخر لهم عنده، وما يسر عليهم في دينهم وما وسع عليهم فيما أحل لهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران قال : فيما كتب الله لموسى في الألواح : يا موسى لا تحلف بي كاذباً فإني لا أزكي عمل من حلف بي كاذباً.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه في قوله ﴿ وكتبنا له في الألواح من كل شيء ﴾ قال : كتب له اعبدني ولا تشرك بي شيئاً من أهل السماء ولا من أهل الأرض فإن كل ذلك خلقي، فإذا أشرك بي غضبت، وإذا غضبت لعنت، وإن لعنتي تدرك الرابع من الولد، وإني إذا أطعت رضيت، وإذا رضيت باركت والبركة مني تدرك الأمة بعد الأمة، ولا تحلف باسمي كاذباً فإني لا أزكي من حلف باسمي كاذباً، ووقر والديك فإنه من وقر والديه مددت له عمره ووهبت له ولداً يبره، ومن عق والديه قصرت له في عمره ووهب له ولداً يعقه، واحفظ السبت فإنه آخر يوم فرغت فيه من خلقي، ولا تزن، ولا تسرق، ولا تولّ وجهك عن عدوي، ولا تزن بامرأة جارك الذي يأمنك، ولا تغلب جارك على ماله، ولا تخلفه على امرأته.
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي حرزة القاص، أن العشر الآيات التي كتب الله تعالى لموسى في الألواح : أن اعبدني ولا تشرك بي شيئاً، ولا تحلف باسمي كاذباً فإني لا أزكي ولا أطهر من حلف باسمي كاذباً، واشكر لي ولوالديك أنسألك في أجلك وأقيك المتالف، ولا تسرق ولا تزن فأحجب عنك نور وجهي، وتغلق عن دعائك أبواب سماواتي، ولا تغدر بحليل جارك، وأحب للناس ما تحب لنفسك، ولا تشهد بما لم يعِ سمعك ويفقه قلبك، فإني واقف أهل الشهادات على شهادتهم يوم القيامة ثم سائلهم عنها، ولا تذبح لغيري لا يَصعد إلى من قربان أهل الأرض إلا ما ذكر عليه اسمي.
وأخرج البيهقي عن عطاء قال : بلغني أن فيما أنزل الله على موسى عليه السلام : لا تجالسوا أهل الأهواء فيحدثوا في قلبك ما لم يكن.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية وابن لال في مكارم الأخلاق عن جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول « كان فيما أعطى الله موسى في الألواح الأول في أول ما كتب عشرة أبواب : يا موسى لا تشرك بي شيئاً فقد حق القول مني لتلفحن وجوه المشركين النار، واشكر لي ولوالديك أقك المتالف وأنسأ في عمرك وأحييك حياة طيبة وأقلبك إلى خير منها، ولا تقتل النفس التي حرمت إلا بالحق فتضيق عليك الأرض برحبها والسماء بأقطارها وتبوء بسخطي والنار، ولا تحلف باسمي كذباً ولا آثماً فإني لا أطهر ولا أركي من لم ينزهني ويعظم أسمائي، ولا تحسد الناس على ما أعطيتهم من فضيلي، ولا تنفس عليهم نعمتي ورزقي فإن الحاسد عدو نعمتي راد لقضائي ساخط لقسمتي التي أقسم بين عبادي، ومن لم يكن كذلك فلست منه وليس مني، ولا تشهد بما لم يع سمعك ويحفظ عقلك وتعقد عليه قلبك، فإني واقف أهل الشهادات على شهادتهم يوم القيامة ثم سائلهم عنها سؤلاً حثيثاً، ولا تزن، ولا تسرق، ولا تزن بحليلة جارك فأحجب عنك وجهي، وتغلق عنك أبواب السماء، وأحبب للناس ما تحب لنفسك، ولا تذبحن لغيري فإني لا أقبل من القربان إلا ما ذكر عليه اسمي وكان لخالصاً لوجهي، وتفرغ لي يوم السبت وفرغ لي نفسك وجميع أهل بيتك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله جعل السبت لموسى عيداً، واختار لنا الجمعة فجعلها لنا عيداً ».
وأخرج أبو الشيخ عن ميمون بن مهران قال : مما كتب الله لموسى في الألواح لا تتمن مال أخيك ولا امرأة أخيك.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن وهب بن منبه قال : مكتوب في التوراة : شوّقناكم فلم تشتافوا، ونُحْنَا لكم فلم تبكوا، ألا وان لله ملكاً ينادي في السماء كل ليلة : بشر القتَّالين بأن لهم عند الله سيفاً لا ينام وهو نار جهنم، أبناء الأربعين رزع قددنا حصاده، أبناء الخمسين هلموا إلى الحساب لا عذر لكم، أبناء الستين ماذا قدمتم وماذا أخرتم، أبناء السبعين ما تنتظرون ألا ليت الخلق لم يخلقوا فإذا خلقوا علموا لما خلقوا، ألا أتتكم الساعة فخذوا حذركم.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال : قال موسى : رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون يوم القيامة، الآخرون في الخلق والسابقون في دخول الجنة فاجعلهم أمتي : قال : تلك أمة أحمد. قال : رب أني أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله فاجعلهم أمتي. قال : تلك أمة أحمد. قال : رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر ويقاتلون فضول الضلالة حتى يقاتلوا الأعور والكذاب فاجعلهم أمتي. قال : تلك أمة أحمد. قال : رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في قلوبهم يقرأونها قال قتادة : وكان من قبلكم إنما يقرأون كتابهم نظراً، فإذا رفعوها لم يحفظوا منها شيئاً ولم يعوه، وإن الله أعطاكم أيتها الأمة من الحفظ شيئاً لم يعطه أحداً من الأمم قبلكم، فالله خصكم بها وكرامة أكرمكم بها قال : فاجعلهم أمتي. قال : تلك أمة أحمد.
قال : رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم ويؤجرون عليها قال قتادة : وكان من قبلكم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه بعث الله عليها ناراً فأكلتها وإن ردت تركت فأكلتها السباع والطير، وإن الله أخذ صدقاتكم من غنيكم لفقيركم رحمة رحمكم بها وتخفيفاً خفف به عنكم فاجعلهم أمتي. قال : تلك أمة أحمد. قال : رب أني أجد في الألواح أمة إذا همَّ أحد بحسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف فاجعلهم أمتي. قالت تلك أمة أحمد. قال : رب إني أجد في الألواح أمة إذا همَّ أحدهم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها فإن عملها كتبت سيئة واحدة فاجعلهم أمتي. قال تلك أمة أحمد. قال : رب إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون والمستجاب لهم فاجعلهم أمتي. قال تلك أمة أحمد. قال قتادة : فذكر لنا أن نبي الله موسى نبذ الألواح وقال : اللهم إذاً فاجعلني من أمة أحمد. قال فأعطى اثنتين لم يعطهما ﴿ قال : يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي ﴾ [ الأعراف : ١٤٤ ] قال : فرضي نبي الله، ثم أعطى الثانية ﴿ ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ﴾ [ الأعراف : ١٥٩ ] قال : فرضي نبي الله موسى كل الرضا.
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة قال موسى : يا رب أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فاجعلهم أمتي. قال تلك أمة أحمد. قال : رب أجد في الألواح أمة إذا همَّ بالحسنة كتبت له حسنة وإذا عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف فاجعلهم أمتي. قال : تلك أمة أحمد. قال : رب أجد في الألواح أمة إذا هم أحدهم بالسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه وإذا عملها كتبت سيئة واحدة فاجعلهم أمتي. قال : تلك أمة أحمد. قال : رب أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم فاجعلهم أمتي. قال : تلك أمة أحمد. قال : رب أجد في الألواح أمة هم المشفعون والمشفع لهم فاجعلهم أمتي. قال : تلك أمة أحمد. قال رب أجد في الألواح أمة هم المست
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿سأصرف عَن آياتي﴾ قَالَ: عَن خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض والآيات الَّتِي فِيهَا سأصرفهم عَن أَن يتفكروا فِيهَا أَو يعتبروا فِيهَا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي قَوْله ﴿سأصرف عَن آياتي الَّذين يتكبرون فِي الأَرْض بِغَيْر الْحق﴾ يَقُول: أنزع عَنْهُم فهم الْقُرْآن
- الْآيَة (١٤٨)
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿من حليهم عجلاً جسداً لَهُ خوار﴾ قَالَ: استعاروا حليا من آل فِرْعَوْن فَجَمعه السامري فصاغ مِنْهُ عجلاً فَجعله الله جسداً لَحْمًا ودماً لَهُ خوار
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عز وَجل ﴿عجلاً جسداً لَهُ خوار﴾ قَالَ: يَعْنِي لَهُ صياح
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر وَهُوَ يَقُول: كَانَ بني مُعَاوِيَة بن بكر إِلَى الإِسلام ضاحية تخور وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: خار الْعجل خورة لم يثن ألم تَرَ أَن الله قَالَ ﴿ألم يرَوا أَنه لَا يكلمهم﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿لَهُ خوار﴾ قَالَ: الصَّوْت
- الْآيَة (١٤٩)
- الْآيَة (١٥٠ - ١٥١)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَلما رَجَعَ مُوسَى إِلَى قومه غَضْبَان أسفا﴾ قَالَ: حَزينًا على مَا صنع قومه من بعده
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿غَضْبَان اسفاً﴾ قَالَ: حَزينًا وَفِي الزخرف ﴿فَلَمَّا آسفونا﴾ الزخرف الْآيَة ٥٥ يَقُول: اغضبونا
والأسف على وَجْهَيْن: الْغَضَب والحزن
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿أسفا﴾ قَالَ: جزعاً
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: الأسف: منزلَة وَرَاء الْغَضَب أَشد من ذَلِك
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: الأسف: الْغَضَب الشَّديد
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد وَالْبَزَّار وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان وَالطَّبَرَانِيّ وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ايزحم الله مُوسَى لَيْسَ المعاين كالمخبر أخبرهُ ربه تبَارك وَتَعَالَى أَن قومه فتنُوا بعده فَلم يلق الألواح فَلَمَّا رَآهُمْ وعاينهم ألْقى الألواح فتكسر مَا تكسر
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن زيد بن أسلم قَالَ: كَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام إِذا غضب اشتعلت قلنسوته نَارا
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما ألْقى مُوسَى الألواح تَكَسَّرَتْ فَرفعت إِلَّا سدسها
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كتب الله لمُوسَى فِي الألواح فِيهَا ﴿موعظة وتفصيلاً لكل شَيْء﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ١٤٥ فَلَمَّا أَلْقَاهَا رفع الله مِنْهَا سِتَّة أسباعها وَبَقِي سبع يَقُول الله ﴿وَفِي نسختها هدى وَرَحْمَة﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ١٥٤ يَقُول: فِيمَا بَقِي مِنْهَا
وَأخرج ابْن مردوية عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أُوتِيَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم السَّبع المثاني وَهِي الطوَال وأوتي مُوسَى سِتا فَلَمَّا ألْقى الألواح رفعت أثنتان وَبقيت أَربع
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير قَالَ: كَانَت الألوح من زمرد فَلَمَّا أَلْقَاهَا مُوسَى ذهب التَّفْصِيل وَبَقِي الْهدى
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن جريج قَالَ: اخبرت أَن الواح مُوسَى كَانَت تِسْعَة فَرفع مِنْهَا لوحان وَبَقِي سَبْعَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَلَا تجعلني مَعَ الْقَوْم الظَّالِمين﴾ قَالَ: مَعَ أَصْحَاب الْعجل
- الْآيَة (١٥٢)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان فِي قَوْله ﴿وَكَذَلِكَ نجزي المفترين﴾ قَالَ: كل صَاحب بِدعَة ذليل
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: لَا تَجِد مبتدعاً إِلَّا وجدته ذليلاً ألم تسمع إِلَى قَول الله ﴿إِن الَّذين اتَّخذُوا الْعجل سينالهم غضب من رَبهم وذلة فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: لَيْسَ فِي الأَرْض صَاحب بِدعَة إِلَّا وَهُوَ يجد ذلة تغشاه وَهُوَ فِي كتاب الله
قَالُوا: أَيْن هِيَ قَالَ: أما سَمِعْتُمْ إِلَى قَوْله ﴿إِن الَّذين اتَّخذُوا الْعجل﴾ الْآيَة قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّد هَذِه لأَصْحَاب الْعجل
قَالَ: كلا اقْرَأ مَا بعْدهَا ﴿وَكَذَلِكَ نجزي المفترين﴾ فَهِيَ لكل مفتر ومبتدع إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
- الْآيَة (١٥٣)
أَنه سُئِلَ عَن الرجل يَزْنِي بِالْمَرْأَةِ ثمَّ يَتَزَوَّجهَا فَتلا ﴿وَالَّذين عمِلُوا السَّيِّئَات ثمَّ تَابُوا من بعْدهَا وآمنوا إِن رَبك من بعْدهَا لغَفُور رَحِيم﴾
- الْآيَة (١٥٤)
وَأخرج أَبُو عبيد وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد
إِن سعيد بن جُبَير قَالَ: كَانَت الألواح من زمرد فَلَمَّا أَلْقَاهَا مُوسَى ذهب التَّفْصِيل وَبَقِي الْهدى وَالرَّحْمَة وَقَرَأَ ﴿وكتبنا لَهُ فِي الألواح من كل شَيْء موعظة وتفصيلا لكل شَيْء﴾ الْأَعْرَاف آيَة ١٤٥ وقرا / وَلما ذهب عَن مُوسَى الْغَضَب أَخذ الألواح وَفِي نسختها هدى وَرَحْمَة / قَالَ: وَلم يذكر التَّفْصِيل هَهُنَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا لِمِيقَاتِنَا﴾ قَالَ: اخْتَارَهُمْ ليقوموا مَعَ هرون على قومه بِأَمْر الله ﴿فَلَمَّا أخذتهم الرجفة﴾ تناولتهم الصاعقة حِين أخذت قَومهمْ
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْفضل بن عِيسَى بن أخي الرقاشِي
إِن بني إِسْرَائِيل قَالُوا ذَات يَوْم لمُوسَى: أَلَسْت ابْن عمنَا وَمنا وتزعم أَنَّك كلمت رب الْعِزَّة فانا لن نؤمن لَك حَتَّى نرى الله جهرة فَلَمَّا أَن أَبَوا إِلَّا ذَلِك أوحى الله إِلَى مُوسَى: أَن اختر من قَوْمك سبعين رجلا
فَاخْتَارَ مُوسَى من قومه سبعين رجلا خيرة ثمَّ قَالَ لَهُم: اخْرُجُوا
فَلَمَّا برزوا جَاءَهُم مَا لَا قبل لَهُم بِهِ فَأَخَذتهم الرجفة قَالُوا: يَا مُوسَى ردنا
فَقَالَ لَهُم مُوسَى: لَيْسَ لي من الْأَمر شَيْء سَأَلْتُم شَيْئا فجاءكم فماتوا جَمِيعًا قيل: يَا مُوسَى ارْجع
قَالَ: رب إِلَى أَيْن الرّجْعَة ﴿قَالَ رب لَو شِئْت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بِمَا فعل السُّفَهَاء منا﴾ الْأَعْرَاف آيَة ١٥٥ إِلَى قَوْله ﴿فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ﴾ الْآيَة
قَالَ عِكْرِمَة
كتبت الرَّحْمَة يَوْمئِذٍ لهَذِهِ الْأمة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب من عَاشَ بعد الْمَوْت وَابْن جرير ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما حضر أجل هرون أوحى الله إِلَى مُوسَى: أَن انْطلق أَنْت وهرون وَابْن هرون إِلَى غَار فِي الْجَبَل فَأَنا قَابض روحه فَانْطَلق مُوسَى وهرون وَابْن هرون فَلَمَّا انْتَهوا إِلَى الْغَار دخلُوا فَإِذا سَرِير فاضطجع عَلَيْهِ مُوسَى ثمَّ قَامَ عَنهُ فَقَالَ: مَا أحسن هَذَا الْمَكَان يَا هرون فاضطجع هرون فَقبض روحه فَرجع مُوسَى وَابْن هرون إِلَى بني إِسْرَائِيل حزينين
فَقَالُوا لَهُ: ايْنَ هرون قَالَ: مَاتَ
قَالُوا: بل قتلته كنت تعلم أَنا نحبه
فَقَالَ لَهُم مُوسَى: وَيْلكُمْ أقتل أخي وَقد سَأَلته الله وزيراً وَلَو أَنِّي أردْت قَتله أَكَانَ ابْنه يدعني قَالُوا لَهُ: بلَى قتلته حسدتناه
قَالَ: فَاخْتَارُوا سبعين رجلا فَانْطَلق بهم فَمَرض رجلَانِ فِي الطَّرِيق فَخط عَلَيْهِمَا خطا فَانْطَلق مُوسَى وَابْن هرون وَبَنُو إِسْرَائِيل حَتَّى انْتَهوا إِلَى هرون فَقَالَ: يَا هرون من قَتلك قَالَ: لم يقتلني أحد وَلَكِنِّي مت قَالُوا: مَا
قَالَ: فَأَخَذتهم الرجفة فصعقوا وصعق الرّجلَانِ اللَّذَان خلفوا وَقَامَ مُوسَى يدعوا ربه ﴿لَو شِئْت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بِمَا فعل السُّفَهَاء منا﴾ فأحياهم الله فَرَجَعُوا إِلَى قَومهمْ أَنْبيَاء
- الْآيَة (١٥٥)
قَالَ: كَانَ الله أمره أَن يخْتَار من قومه سبعين رجلا فَاخْتَارَ سبعين رجلا فبرز بهم فَكَانَ ليدعوا ربكُم فِيمَا دعوا الله أَن قَالُوا: اللهمَّ اعطنا مَا لم تعطه أحدا بَعدنَا فكره الله ذَلِك من دُعَائِهِمْ فَأَخَذتهم الرجفة قَالَ مُوسَى ﴿لَو شِئْت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بِمَا فعل السُّفَهَاء منا إِن هِيَ إِلَّا فتنتك﴾ يَقُول: إِن هُوَ إِلَّا عذابك تصيب بِهِ من تشَاء وتصرفه عَمَّن تشَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن نوف الْحِمْيَرِي قَالَ: لما اخْتَار مُوسَى قومه سبعين رجلا لميقات ربه قَالَ الله لمُوسَى: أجعَل لكم الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَأَجْعَل لكم السكينَة مَعكُمْ فِي بُيُوتكُمْ واجعلكم تقرأون التَّوْرَاة من ظُهُور قُلُوبكُمْ فيقرأها الرجل مِنْكُم وَالْمَرْأَة وَالْحر وَالْعَبْد وَالصَّغِير وَالْكَبِير
فَقَالَ مُوسَى: أَن الله قد جعل لكم الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا
قَالُوا: لَا نُرِيد أَن نصلي إِلَّا فِي الْكَنَائِس
قَالَ: وَيجْعَل السكينَة مَعكُمْ فِي بُيُوتكُمْ
قَالُوا: لَا نُرِيد إِلَّا كَمَا كَانَت فِي التابوت
قَالَ: ويجعلكم تقرأون التَّوْرَاة عَن ظُهُور قُلُوبكُمْ فيقرأها الرجل مِنْكُم وَالْمَرْأَة وَالْحر وَالْعَبْد وَالصَّغِير وَالْكَبِير
قَالُوا: لَا نُرِيد أَن نقرأها إِلَّا نظرا
قَالَ الله ﴿فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ وَيُؤْتونَ الزَّكَاة﴾ إِلَى قَوْله ﴿المفلحون﴾ قَالَ مُوسَى: أَتَيْتُك بوفد قومِي فَجعلت وفادتهم لغَيرهم اجْعَلنِي نَبِي هَذِه الْأمة
قَالَ: إِن نَبِيّهم مِنْهُم
قَالَ: اجْعَلنِي من هَذِه الْأمة
قَالَ: إِنَّك لن تُدْرِكهُمْ
قَالَ: رب أَتَيْتُك بوفد قومِي فَجعلت وفادتهم لغَيرهم
قَالَ: فَأوحى الله إِلَيْهِ ﴿وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ﴾
قَالَ نوف: أَلا تحمدون رَبًّا شهد غيبتكم وَأخذ لكم بسمعكم وَجعل وفادة غَيْركُمْ لكم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن نوف الْبكالِي
أَن مُوسَى لما اخْتَار من قومه سبعين رجلا قَالَ لَهُم: فِدوا الى الله وَسَلُوهُ فَكَانَت لمُوسَى مَسْأَلَة وَلَهُم مَسْأَلَة فَلَمَّا انْتهى إِلَى الطّور - الْمَكَان الَّذِي وعده الله بِهِ - قَالَ لَهُم مُوسَى: سلوا الله
قَالُوا ﴿أرنا الله جهرة﴾ النِّسَاء الْآيَة ١٥٣ قَالَ: وَيحكم
تسْأَلُون الله هَذَا مرَّتَيْنِ قَالَ: هِيَ مَسْأَلَتنَا أرنا الله جهرة فَأَخَذتهم الرجفة فصعقوا فَقَالَ مُوسَى: أَي رب جئْتُك بسبعين من خِيَار بني إِسْرَائِيل فأرجع إِلَيْهِم وَلَيْسَ معي مِنْهُم أحد فَكيف أصنع ببني إِسْرَائِيل أَلَيْسَ يقتلونني فَقيل لَهُ: سل مسألتك
قَالَ: أَي رب إِنِّي أَسأَلك أَن تبعثهم
فبعثهم الله فَذَهَبت مسألتهم ومسألته وَجعلت تِلْكَ الدعْوَة لهَذِهِ الْأمة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي سعيد الرقاشِي فِي قَوْله ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا﴾ قَالَ: كَانُوا قد جاوزوا الثَّلَاثِينَ وَلم يبلغُوا الْأَرْبَعين وَذَلِكَ أَن من جَاوز الثَّلَاثِينَ فقد ذهب جَهله وصباه وَمن بلغ الْأَرْبَعين لم يفقد من عقله شَيْئا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا لِمِيقَاتِنَا﴾ قَالَ: لتَمام الْموعد
وَفِي قَوْله ﴿فَلَمَّا أخذتهم الرجفة﴾ قَالَ: مَاتُوا ثمَّ أحياهم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة فِي قَوْله ﴿إِن هِيَ إِلَّا فتنتك﴾ قَالَ: بليتك
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِن هِيَ إِلَّا فتنتك﴾ قَالَ: مشيئتك
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ قَالَ: قَالَ مُوسَى: يَا رب إِن هَذَا السامري أَمرهم أَن يتخذوا الْعجل أَرَأَيْت الرّوح من نفخها فِيهِ قَالَ الرب: أَنا
قَالَ: رب فَأَنت إِذا أضللتهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن رَاشد بن سعد
أَن مُوسَى لما أَتَى ربه لموعده قَالَ:
قَالَ: يَا رب وَكَيف يفتنون وَقد أنجيتهم من فِرْعَوْن ونجيتهم من الْبَحْر وأنعمت عَلَيْهِم قَالَ: يَا مُوسَى إِنَّهُم اتَّخذُوا من بعْدك عجلاً جسداً لَهُ خوار
قَالَ: يَا رب فَمن جعل فِيهِ الرّوح قَالَ: أَنا
قَالَ: فَأَنت أضللتهم يَا رب
قَالَ: يَا مُوسَى يَا رَأس النَّبِيين يَا أَبَا الْحُكَمَاء إِنِّي رَأَيْت ذَلِك فِي قُلُوبهم فيسرته لَهُم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي عمر الْعَدنِي فِي مُسْنده وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن السّبْعين الَّذين اخْتَارَهُمْ مُوسَى من قومه إِنَّمَا أخذتهم الرجفة لأَنهم لم يرْضوا بالعجل وَلم ينهوا عَنهُ
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: ذكر لنا أَن أُولَئِكَ السّبْعين كَانُوا يلبسُونَ ثِيَاب الطهرة ثِيَاب يغزله وينسجه العذارى ثمَّ يتبرزون صَبِيحَة لَيْلَة الْمَطَر إِلَى الْبَريَّة فَيدعونَ الله فِيهَا فو الله مَا سَأَلَ الْقَوْم يَوْمئِذٍ شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ الله هَذِه الْأمة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْأسود مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن
أَن السّبْعين الَّذين اخْتَار مُوسَى من قومه كَانُوا يعْرفُونَ بخضاب السوَاد
- الْآيَة (١٥٦ - ١٥٧)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿واكتب لنا فِي هَذِه الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة﴾ قَالَ: فَكتب الرَّحْمَة يَوْمئِذٍ لهَذِهِ الْأمة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج ﴿واكتب لنا فِي هَذِه الدُّنْيَا حسنه﴾ قَالَ: مغْفرَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِنَّا هدنا إِلَيْك﴾ قَالَ: تبنا إِلَيْك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سعيد ين جُبَير فِي قَوْله ﴿إِنَّا هدنا إِلَيْك﴾ قَالَ: تبنا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي وجرة السَّعْدِيّ - وَكَانَ من أعلم النَّاس بِالْعَرَبِيَّةِ - قَالَ: لَا وَالله لَا أعلمها فِي كَلَام أحد من الْعَرَب (هدنا) قيل: فَكيف قَالَ: هدنا بِكَسْر الْهَاء يَقُول: ملنا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن وَقَتَادَة فِي قَوْله ﴿ورحمتي وسعت كل شَيْء﴾ قَالَا: وسعت فِي الدُّنْيَا الْبر والفاجر وَهِي يَوْم الْقِيَامَة للَّذين اتَّقوا خَاصَّة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء فِي قَوْله ﴿ورحمتي وسعت كل شَيْء﴾ قَالَ: رَحمته فِي الدُّنْيَا على خلقه كلهم يَتَقَلَّبُونَ فِيهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سماك بن الْفضل
أَنه ذكر عِنْده أَي شَيْء أعظم فَذكرُوا السَّمَوَات وَالْأَرْض وَهُوَ سَاكِت فَقَالُوا: مَا تَقول يَا أَبَا الْفضل فَقَالَ: مَا من شَيْء أعظم من رَحمته قَالَ الله تَعَالَى ﴿ورحمتي وسعت كل شَيْء﴾
وَأخرج أَحْمد وَأَبُو دَاوُد عَن جُنْدُب بن عبد الله البَجلِيّ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِي فَأَنَاخَ رَاحِلَته ثمَّ عقلهَا ثمَّ صلى خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ نَادَى: اللهمَّ ارْحَمْنِي ومحمداً وَلَا تشرك فِي رَحْمَتنَا أحدا
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقد حظرت رَحْمَة وَاسِعَة أَن الله خلق مائَة رَحْمَة فَأنْزل رَحْمَة يتعاطف بهَا الْخلق جنّها وإنسها وبهائمها وَعِنْده تِسْعَة وَتسْعُونَ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن سلمَان مَوْقُوفا وَابْن مرْدَوَيْه عَن سلمَان قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الله خلق مائَة رَحْمَة يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض كل رَحْمَة مِنْهَا طباق مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فأهبط مِنْهَا رَحْمَة إِلَى الأَرْض فِيهَا تراحم الْخَلَائق وَبهَا تعطف الوالدة على وَلَدهَا وَبهَا يشرب الطير والوحوش من المَاء وَبهَا تعيش الْخَلَائق فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة انتزعها من خلقه ثمَّ أفاضها على الْمُتَّقِينَ وَزَاد تسعا وَتِسْعين رَحْمَة ثمَّ قَرَأَ ﴿ورحمتي وسعت كل شَيْء فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ﴾ ٠ وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليدخلن الْجنَّة الْفَاجِر فِي دينه الأحمق فِي معيشته وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليدخلن الْجنَّة الَّذِي قد محشته النَّار بِذَنبِهِ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليغفرن الله يَوْم الْقِيَامَة مغْفرَة يَتَطَاوَل لَهَا إِبْلِيس رَجَاء أَن تصيبه
وَأخرج أَحْمد وَعبد بن حميد فِي مُسْنده وَأَبُو يعلى وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ افتخرت الْجنَّة وَالنَّار فَقَالَت النَّار: يَا رب يدخلني الْجَبَابِرَة والملوك والأشراف
وَقَالَت الْجنَّة: يَا رب
يدخلني الْفُقَرَاء والضعفاء وَالْمَسَاكِين
فَقَالَ الله للنار: أَنْت عَذَابي أُصِيب بك من أَشَاء وَقَالَ للجنة: أَنْت رَحْمَتي وسعت كل شَيْء وَلكُل وَاحِدَة مِنْكُمَا ملؤُهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي بكر الْهُذلِيّ قَالَ: لما نزلت ﴿ورحمتي وسعت كل شَيْء﴾ قَالَ إِبْلِيس: يَا رب وَأَنا من الشَّيْء
فَنزلت ﴿فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ﴾ الْآيَة
فنزعها الله من إِبْلِيس
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: لما نزلت ﴿ورحمتي وسعت كل شَيْء﴾ قَالَ إِبْلِيس: وَأَنا من الشَّيْء
فنسخها الله فَأنْزل ﴿فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ﴾ إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج قَالَ: لما نزلت ﴿ورحمتي وسعت كل شَيْء﴾ قَالَ إِبْلِيس: أَنا من كل شَيْء
قَالَ الله ﴿فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ وَيُؤْتونَ الزَّكَاة﴾ قَالَت يهود: فَنحْن نتقي ونؤتي الزَّكَاة
قَالَ الله ﴿الَّذين يتبعُون الرَّسُول النَّبِي الْأُمِّي﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة نَحوه
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة ﴿ورحمتي وسعت كل شَيْء﴾ مد إِبْلِيس عُنُقه فَقَالَ: أَنا من الشَّيْء
فَنزلت ﴿فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وَالَّذين هم بِآيَاتِنَا يُؤمنُونَ﴾ فمدت الْيَهُود وَالنَّصَارَى أعناقها فَقَالُوا: نَحن نؤمن بِالتَّوْرَاةِ والإِنجيل ونؤدي الزَّكَاة
فاختلسها الله من إِبْلِيس وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى فَجَعلهَا لهَذِهِ الْأمة خَاصَّة فَقَالَ ﴿الَّذين يتبعُون﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَزَّار فِي مُسْنده وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَأَلَ مُوسَى ربه مَسْأَلَة فَأَعْطَاهَا مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَوْله ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قومه﴾ إِلَى قَوْله ﴿فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ﴾ فَأعْطى مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل شَيْء
سَأَلَ مُوسَى ربه فِي هَذِه الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي شيبَة وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ﴾ قَالَ: كتبهَا الله لهَذِهِ الْأمة
وَأخرج الْحَاكِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: دَعَا مُوسَى فَبعث الله سبعين فَجعل دعاءه حِين دَعَاهُ لمن آمن بِمُحَمد وَاتبعهُ قَوْله ﴿فَاغْفِر لنا وارحمنا وَأَنت خير الغافرين﴾ ﴿فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ وَيُؤْتونَ الزَّكَاة﴾ وَالَّذين يتبعُون مُحَمَّدًا وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ﴾ قَالَ: يَتَّقُونَ الشّرك
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير ﴿فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ﴾ أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مُوسَى: يَا لَيْتَني أخرت فِي أمة مُحَمَّد
فَقَالَت الْيَهُود لمُوسَى: أيخلق رَبك خلقا ثمَّ يعذبهم فَأوحى الله إِلَيْهِ: يَا مُوسَى ازرع
قَالَ: قد زرعت
قَالَ: أحصد
قَالَ: قد حصدت
قَالَ: دس
قَالَ: قد دست
قَالَ: ذَر
قَالَ: قد ذريت
قَالَ: فَمَا بَقِي قَالَ: مَا بَقِي شَيْء فِيهِ خير
قَالَ: كَذَلِك لَا أعذب من خلقي إِلَّا من لَا خير فِيهِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ
أَنه سُئِلَ عَن أبي بكر وَعمر فَقَالَ: إنَّهُمَا من السّبْعين الَّذين سَأَلَهُمْ مُوسَى بن
قَالَ: وتلا هَذِه الْآيَة ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قومه سبعين رجلا لِمِيقَاتِنَا﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن مردوية عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة نزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام فَرَكزَ لِوَاءُهُ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَغدا بِسَائِر الْمَلَائِكَة إِلَى الْمَسَاجِد الَّتِي يجمع فِيهَا يَوْم الْجُمُعَة فركزوا أَلْوِيَتهم وراياتهم بِأَبْوَاب الْمَسَاجِد ثمَّ نشرُوا قَرَاطِيس من فضَّة وأقلاماً من ذهب ثمَّ كتبُوا الأول فَالْأول من بكَّر إِلَى الْجُمُعَة فَإِذا بلغ من فِي الْمَسْجِد سبعين رجلا قد بَكرُوا طَوَوْا الْقَرَاطِيس فَكَانَ أُولَئِكَ السبعون كَالَّذِين اخْتَارَهُمْ مُوسَى من قومه وَالَّذين اخْتَارَهُمْ مُوسَى من قومه كَانُوا أَنْبيَاء
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رَاح منا إِلَى الْجُمُعَة سَبْعُونَ رجلا كَانُوا كسبعين مُوسَى الَّذين وفدوا إِلَى رَبهم أَو أفضل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ فِي قَوْله ﴿النَّبِي الْأُمِّي﴾ قَالَ: كَانَ لَا يكْتب وَلَا يقْرَأ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿الرَّسُول النَّبِي الْأُمِّي﴾ قَالَ: هُوَ نَبِيكُم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أُمِّيا لَا يكْتب
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي قَالَ خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا كَالْمُودعِ فَقَالَ: أَنا مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي أَنا مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي أَنا مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وَلَا نَبِي بعدِي أُوتيت فواتح الْكَلم وخواتمه وجوامعه وَعلمت خَزَنَة النَّار وَحَملَة الْعَرْش فَاسْمَعُوا وَأَطيعُوا مَا دمت فِيكُم فَإِذا ذهب بِي فَعَلَيْكُم كتاب الله أحلُّوا حَلَاله وحرِّموا حرَامه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّا أمة أُميَّة لَا تكْتب وَلَا تحسب وان الشَّهْر كَذَا وَكَذَا وَضرب بِيَدِهِ سِتّ مَرَّات وَقبض وَاحِدَة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ من طَرِيق مجَالد
قَالَ: حَدثنِي عون بن عبد الله بن عتبَة عَن أَبِيه قَالَ: مَا مَاتَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى قَرَأَ وَكتب فَذكرت هَذَا الحَدِيث لِلشَّعْبِيِّ فَقَالَ: صدق سَمِعت أَصْحَابنَا يَقُولُونَ ذَلِك
قَوْله تَعَالَى ﴿الَّذِي يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة والإِنجيل﴾
وَأخرج ابْن سعد عَن قَتَادَة قَالَ: بلغنَا أَن نعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض الْكتب مُحَمَّد رَسُول الله لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخوب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ مثلهَا وَلَكِن يعْفُو ويصفح أمته الْحَمَّادُونَ على كل حَال
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد عَن رجل من الْأَعْرَاب قَالَ: جلبت حلوية إِلَى الْمَدِينَة فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا فرغت من بيعتي قلت: لألقين هَذَا الرجل ولأسمعن مِنْهُ
فتلقاني بَين أبي بكر وَعمر يمشيان فتبعتهما حَتَّى أَتَيَا على رجل من الْيَهُود ناشر التَّوْرَاة يقْرؤهَا يعزي بهَا نَفسه عَن ابْن لَهُ فِي الْمَوْت كأحسن الفتيان وأجمله فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْشدك بِالَّذِي أنزل التَّوْرَاة هَل تجدني فِي كتابك ذَا صِفَتي ومخرجي فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا أَي لَا
فَقَالَ ابْنه: أَي وَالَّذِي أنزل التَّوْرَاة إِنَّا لنجد فِي كتَابنَا صِفَتك ومخرجك وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّد رَسُول الله
فَقَالَ: أقِيمُوا الْيَهُودِيّ عَن أخيكم ثمَّ ولي كَفنه وَالصَّلَاة عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن سعد وَالْبُخَارِيّ وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: لقِيت عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي قلت: أَخْبرنِي عَن صفة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ: أجل - وَالله - انه لموصوف فِي التَّوْرَاة بِبَعْض صفته فِي الْقُرْآن ﴿يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا﴾ الْأَحْزَاب الْآيَة ٤٥ وحرزاً للأميين أَنْت عَبدِي ورسولي سميتك المتَوَكل لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يعْفُو ويصفح وَلنْ يقبضهُ الله حَتَّى يُقيم بِهِ الْملَّة العوجاء بِأَن يَقُولُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله
وَيفتح بِهِ أعينا عميا وآذانا صمًّا وَقُلُوبًا غلفًا
وَأخرج ابْن سعد والدارمي فِي مُسْنده وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وَابْن عَسَاكِر عَن عبد الله بن سَلام قَالَ: صفة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّوْرَاة ﴿يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا﴾ الْأَحْزَاب الْآيَة ٤٥ وحرزاً للأميين أَنْت عَبدِي ورسولي سميتك المتَوَكل لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ مثلهَا وَلَكِن يعْفُو
وَيفتح أعينا عميا وآذاناً صمًّا وَقُلُوبًا غلفًا
وَأخرج الدَّارمِيّ عَن كَعْب قَالَ: فِي السطر الأول: مُحَمَّد رَسُول الله عَبدِي الْمُخْتَار لَا فظ وَلَا غليظ وَلَا سخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يعْفُو وَيغْفر مولده بِمَكَّة وهجرته بِطيبَة وَملكه بِالشَّام
وَفِي السطر الثَّانِي: مُحَمَّد رَسُول الله أمته الْحَمَّادُونَ يحْمَدُونَ الله فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء يحْمَدُونَ الله فِي كل منزلَة ويكبرونه على كل شرف رُعَاة الشَّمْس يصلونَ الصَّلَاة إِذا جَاءَ وَقتهَا وَلَو كَانُوا على رَأس كناسَة ويأتزرون على أوساطهم ويوضئون أَطْرَافهم وأصواتهم بِاللَّيْلِ فِي جوّ السَّمَاء كأصوات النَّحْل
وَأخرج ابْن سعد والدارمي وَابْن عَسَاكِر عَن أبي فَرْوَة عَن ابْن عَبَّاس
أَنه سَأَلَ كَعْب الْأَحْبَار كَيفَ قد نعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّوْرَاة فَقَالَ كَعْب: نجده مُحَمَّد بن عبد الله يُولد بِمَكَّة ويهاجر إِلَى طابة وَيكون ملكه بِالشَّام وَلَيْسَ بفاحش وَلَا سخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يكافىء بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يعْفُو وَيغْفر أمته الْحَمَّادُونَ يحْمَدُونَ الله فِي كل سراء وَيُكَبِّرُونَ الله على كل نجد ويوضئون أَطْرَافهم ويأتزرون فِي أوساطهم يصفونَ فِي صلَاتهم كَمَا يصفونَ فِي قِتَالهمْ دويهم فِي مَسَاجِدهمْ كَدَوِيِّ النَّحْل يسمع مناديهم فِي جوّ السَّمَاء
وَأخرج أَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن أم الدراداء قَالَت: قلت لكعب: كَيفَ تَجِدُونَ صفة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّوْرَاة قَالَ: نجده مَوْصُوفا فِيهَا مُحَمَّد رَسُول الله اسْمه المتَوَكل لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَأعْطى المفاتيح ليبصر الله بِهِ أعيناً عورا وَيسمع بِهِ الله آذَانا صمًّا وَيُقِيم بِهِ السّنة المعوجة حَتَّى يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ يعين الْمَظْلُوم ويمنعه من أَن يستضعف
وَأخرج الزبير بن بكار فِي أَخْبَار الْمَدِينَة وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صِفَتي أَحْمد المتَوَكل مولده بِمَكَّة وَمُهَاجره إِلَى طيبَة لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ يَجْزِي بِالْحَسَنَة الْحَسَنَة وَلَا يكافىء بِالسَّيِّئَةِ أمته الْحَمَّادُونَ يَأْتَزِرُونَ على أَنْصَافهمْ ويوضئون أَطْرَافهم أَنَاجِيلهمْ فِي صُدُورهمْ يصفونَ للصَّلَاة كَمَا يصفونَ لِلْقِتَالِ قُرْبَانهمْ الَّذِي يَتَقَرَّبُون بِهِ إِلَيّ دِمَاؤُهُمْ رُهْبَان بِاللَّيْلِ لُيُوث بِالنَّهَارِ
وَأخرج أَبُو نعيم عَن كَعْب قَالَ: إِن أبي كَانَ من أعلم النَّاس بِمَا أنزل الله على
فَمَكثَ مَا شَاءَ الله ثمَّ بَلغنِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد خرج بِمَكَّة فأخرت حَتَّى استثبت ثمَّ بَلغنِي أَنه توفّي وَأَن خَلِيفَته قد قَامَ مقَامه وجاءتنا جُنُوده فَقلت: لَا أَدخل فِي هَذَا الدّين حَتَّى أنظر سيرتهم وأعمالهم فَلم أزل أدافع ذَلِك وأؤخره لأستثبت حَتَّى قدمت علينا عُمَّال عمر بن الْخطاب فَلَمَّا رَأَيْت وفاءهم بالعهد وَمَا صنع الله لَهُم على الْأَعْدَاء علمت أَنهم هم الَّذين كنت أنْتَظر فو الله إِنِّي لذات لَيْلَة فَوق سطحي فَإِذا رجل من الْمُسلمين يَتْلُو قَول الله ﴿يَا أَيهَا الَّذين أُوتُوا الْكتاب آمنُوا بِمَا نزلنَا مُصدقا لما مَعكُمْ من قبل أَن نطمس وُجُوهًا﴾ النِّسَاء الْآيَة ٤٧ الْآيَة
فَلَمَّا سَمِعت هَذِه الْآيَة خشيت أَن لَا أصبح حَتَّى يحول وَجْهي فِي قفاي فَمَا كَانَ شَيْء أحب إليّ من الصَّباح فَغَدَوْت على مُسلمين
وَأخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن عَليّ بن أبي طَالب أَن يَهُودِيّا كَانَ لَهُ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دَنَانِير فتقاضى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ: ماعندي مَا أُعْطِيك
قَالَ: فَإِنِّي لَا أُفَارِقك يَا مُحَمَّد حَتَّى تُعْطِينِي
قَالَ: إِذن أَجْلِس مَعَك يَا مُحَمَّد
فَجَلَسَ مَعَه فصلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء والغداة وَكَانَ أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتهددون الْيَهُودِيّ ويتوعدونه فَقَالُوا: يَا رَسُول الله يَهُودِيّ
وَأخرج ابْن سعد عَن الزُّهْرِيّ
أَن يَهُودِيّا قَالَ: مَا كَانَ بَقِي شَيْء من نعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي التَّوْرَاة إِلَّا رَأَيْته إِلَّا الْحلم وَإِنِّي أسلفته ثَلَاثِينَ دِينَارا فِي ثَمَر إِلَى أجل مَعْلُوم فتركته حَتَّى إِذا بَقِي من الْأَجَل يَوْم أَتَيْته فَقلت: يَا مُحَمَّد اقضني حَقي فَإِنَّكُم معاشر بني عبد الْمطلب مطل
فَقَالَ عمر: يَا يَهُودِيّ الْخَبيث أما وَالله لَوْلَا مَكَانَهُ لضَرَبْت الَّذِي فِيهِ عَيْنَاك فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غفر الله لَك يَا أَبَا حَفْص نَحن كُنَّا إِلَى غير هَذَا مِنْك أحْوج إِلَى أَن تكون أَمرتنِي بِقَضَاء مَا عليّ وَهُوَ إِلَى أَن تكون أعنته على قَضَاء حَقه أحْوج فَلم يزده جهلي عَلَيْهِ إِلَّا حلماً
قَالَ: يَا يَهُودِيّ إِنَّمَا يحل حَقك غَدا ثمَّ قَالَ: يَا أَبَا حَفْص أذهب بِهِ إِلَى الْحَائِط الَّذِي كَانَ سَأَلَ أوّل يَوْم فَإِن رضيه فاعطه كَذَا وَكَذَا صَاعا وزده لما قلت لَهُ كَذَا وَكَذَا صَاعا وزده فَإِن لم يرض فاعط ذَلِك من حَائِط كَذَا وَكَذَا فَأتى بِي الْحَائِط فَرضِي تمره فَأعْطَاهُ مَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا أمره من الزِّيَادَة فَلَمَّا قبض الْيَهُودِيّ تمره قَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنه رَسُول الله وَأَنه وَالله مَا حَملَنِي على مَا رَأَيْتنِي صنعت يَا عمر إِلَّا أَنِّي قد كنت رَأَيْت فِي رَسُول الله صفته فِي التَّوْرَاة كلهَا إِلَّا الْحلم فاختبرت حلمه الْيَوْم فَوَجَدته على مَا وصف فِي التَّوْرَاة وَإِنِّي أشهدك أَن هَذَا التَّمْر وَشطر مَالِي فِي فُقَرَاء الْمُسلمين
فَقَالَ عمر: فَقلت: أَو بَعضهم فَقَالَ: أَو بَعضهم
قَالَ: وَأسلم أهل بَيت الْيَهُودِيّ كلهم إِلَّا شيخ كَانَ ابْن مائَة سنة فعسا على الْكفْر
وَأخرج ابْن سعد عَن كثيِّر بن مرّة قَالَ: إِن الله يَقُول: لقد جَاءَكُم رَسُول لَيْسَ بوهن وَلَا كسل يفتح أعيناً كَانَت عميا وَيسمع آذَانا صمًّا ويختن قلوباً كَانَت غلفًا وَيُقِيم سنة كَانَت عوجاء حَتَّى يُقَال: لَا إِلَه إِلَّا الله
وَأخرج ابْن سعد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَتَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيت الْمدَارِس فَقَالَ أخرجُوا إليَّ أعلمكُم فَقَالُوا: عبد الله ابْن صوريا
فَخَلا بِهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنَاشَدَهُ بِدِينِهِ وَبِمَا أنعم الله بِهِ عَلَيْهِم وأطعمهم من الْمَنّ والسلوى وظللهم بِهِ من الْغَمَام أتعلم أَنِّي رَسُول الله قَالَ: اللهمَّ نعم وَإِن الْقَوْم ليعرفون مَا أعرف وَإِن
قَالَ: فَمَا يمنعك أَنْت قَالَ: أكره خلاف قومِي وَعَسَى أَن يتبعوك ويسلموا فَأسلم
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن الفلتان بن عَاصِم قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجَاء رجل فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَقْرَأُ التَّوْرَاة قَالَ: نعم
قَالَ: والإِنجيل قَالَ: نعم
فَنَاشَدَهُ هَل تجدني فِي التَّوْرَاة والإِنجيل قَالَ: نجد نعتاً مثل نعتك وَمثل هيئتك ومخرجك وَكُنَّا نرجو أَن تكون منا فَلَمَّا خرجت تخوَّفنا أَن تكون هُوَ أَنْت فَنَظَرْنَا فَإِذا لَيْسَ أَنْت هُوَ
قَالَ: وَلم ذَاك قَالَ: إِن مَعَه من أمته سبعين ألفا لَيْسَ عَلَيْهِم حِسَاب وَلَا عَذَاب وَإِنَّمَا مَعَك نفر يسير
قَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأَنا هُوَ إِنَّهُم لأمتي وَأَنَّهُمْ لأكْثر من سبعين ألفا وَسبعين ألفا
وَأخرج ابْن سعد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: بعثت قُرَيْش النَّضر بن الْحَارِث وَعقبَة بن أبي معيط وَغَيرهمَا إِلَى يهود يثرب وَقَالُوا لَهُم: سلوهم عَن مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقدموا الْمَدِينَة فَقَالُوا: أَتَيْنَاكُم لأمر حدث فِينَا منا غُلَام يَتِيم يَقُول قولا عَظِيما يزْعم أَنه رَسُول الرَّحْمَن قَالُوا: صفوا لنا نَعته
فوصفوا لَهُم قَالُوا: فَمن تبعه مِنْكُم قَالُوا: سفلتنا
فَضَحِك حبر مِنْهُم فَقَالَ: هَذَا النَّبِي الَّذِي نجد نَعته ونجد قومه أَشد النَّاس لَهُ عَدَاوَة
وَأخرج أَبُو نعيم فِي الْحِلْية عَن وهب قَالَ: كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل رجل عصى الله تَعَالَى مِائَتي سنة ثمَّ مَاتَ فَأَخَذُوهُ فألقوه على مزبلة فَأوحى الله إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: أَن أخرج فصلِّ عَلَيْهِ قَالَ: يَا رب بَنو إِسْرَائِيل شهدُوا أَنه عصاك مِائَتي سنة فَأوحى الله إِلَيْهِ: هَكَذَا كَانَ لِأَنَّهُ كَانَ كلما نشر التَّوْرَاة وَنظر إِلَى اسْم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبله وَوَضعه على عَيْنَيْهِ وَصلى عَلَيْهِ فَشَكَرت لَهُ ذَلِك وغفرت ذنُوبه وزوّجته سبعين حوراء
وَأخرج ابْن سعد وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ مَعًا فِي الدَّلَائِل عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَكْتُوب فِي الإِنجيل لَا فظ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ مثلهَا وَلَكِن يعْفُو ويصفح
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قدم الْجَارُود بن عبد الله على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأسلم وَقَالَ: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لقد وجدت وصفك فِي الإِنجيل وَلَقَد بشَّر بك ابْن البتول
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو نعيم فِي الدَّلَائِل عَن وهب بن مُنَبّه رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أوحى الله يعالى إِلَى شُعَيْب إِنِّي باعث نَبيا أُمِّيا أفتح بِهِ آذَانا صمًّا وَقُلُوبًا غلفًا وَأَعْيُنًا عميا مولده بِمَكَّة وَمُهَاجره بِطيبَة وَملكه الشَّام عَبدِي المتَوَكل الْمُصْطَفى الْمَرْفُوع الحبيب المتحبب الْمُخْتَار لَا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيئَة وَلَكِن يعْفُو ويصفح رحِيما بِالْمُؤْمِنِينَ يبكي للبهيمة المثقلة ويبكي للْيَتِيم فِي حجر الأرملة لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا صخاب فِي الْأَسْوَاق وَلَا متزين بالفحش وَلَا قوّال للخنا يمر إِلَى جنب السراج لم يطفئه من سكينته وَلَو يمشي على الْقصب الرعراع - يَعْنِي الْيَابِس - لم يسمع من تَحت قَدَمَيْهِ أبعثه مبشراً وَنَذِيرا أسدده لكل جميل وَأهب لَهُ كل خلق كريم أجعَل السكينَة لِبَاسه والبرَّ شعاره وَالْمَغْفِرَة وَالْمَعْرُوف حليته وَالْحق شَرِيعَته وَالْهدى إِمَامه والإِسلام مِلَّته وَأحمد اسْمه أهدي بِهِ من بعد الضَّلَالَة وَأعلم بِهِ بعد الْجَهَالَة وَأَرْفَع بِهِ بعد الْخَمَالَة وَأُسَمِّي بِهِ بعد النكرَة وَأكْثر بِهِ بعد الْقلَّة وأغنى بِهِ بعد الْعيلَة وَأجْمع بِهِ بعد الْفرْقَة وَأُؤَلِّف بِهِ بَين قُلُوب وَأَهْوَاء مُتَشَتِّتَة وأمم مُخْتَلفَة وَأَجْعَل أمته خير أمة أخرجت للنَّاس آمراً بِالْمَعْرُوفِ ونهياً عَن الْمُنكر وتوحيداً لي وإيماناً بِي وإخلاصاً لي وَتَصْدِيقًا لما جَاءَت بِهِ رُسُلِي وهم رُعَاة الشَّمْس
طُوبَى لتِلْك الْقُلُوب وَالْوُجُوه والأرواح الَّتِي أخلصت لي أُلهمهم التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير والتمجيد والتوحيد فِي مَسَاجِدهمْ ومجالسهم ومضاجعهم ومنقلبهم ومثواهم ويصفُّون فِي مَسَاجِدهمْ كَمَا تصف الْمَلَائِكَة حول عَرْشِي هم أوليائي وأنصاري أنتقم بهم من أعدائي عَبدة الْأَوْثَان يصلونَ لي قيَاما وقعوداً وسجوداً وَيخرجُونَ من دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ ابْتِغَاء مرضاتي ألوفاً ويقاتلون فِي سبيلي صُفُوفا وزحوفاً اختم بكتبهم الْكتب وشريعتهم الشَّرَائِع وبدينهم الْأَدْيَان من أدركهم فَلم يُؤمن بِكِتَابِهِمْ وَيدخل فِي دينهم وشريعتهم فَلَيْسَ مني وَهُوَ مني بَرِيء واجعلهم أفضل
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: إِن الله أوحى فِي الزبُور ياداود إِنَّه سَيَأْتِي من بعْدك نَبِي اسْمه أَحْمد وَمُحَمّد صَادِقا نَبيا لَا أغضب عَلَيْهِ أبدا وَلَا يعصيني أبدا وَقد غفرت لَهُ أَن يعصيني مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر وَأمته مَرْحُومَة أَعطيتهم من النَّوَافِل مثل مَا أَعْطَيْت الْأَنْبِيَاء وافترضت عَلَيْهِم الْفَرَائِض الَّتِي افترضت على الْأَنْبِيَاء وَالرسل حَتَّى يأتوني يَوْم الْقِيَامَة ونورهم مثل نور الْأَنْبِيَاء وَذَلِكَ أَنِّي افترضت عَلَيْهِم أَن يَتَطَهَّرُوا لي لكل صَلَاة كَمَا افترضت على الْأَنْبِيَاء قبلهم وأمرتهم بِالْغسْلِ من الْجَنَابَة كَمَا أمرت الْأَنْبِيَاء قبلهم وأمرتهم بِالْحَجِّ كَمَا أمرت الْأَنْبِيَاء قبلهم وأمرتهم بِالْجِهَادِ كَمَا أمرت الرُّسُل قبلهم
يَا دَاوُد إِنِّي فضَّلت مُحَمَّدًا وَأمته على الْأُمَم أَعطيتهم سِتّ خِصَال لم أعطيها غَيرهم من الْأُمَم
لَا أؤاخذهم بالْخَطَأ وَالنِّسْيَان وكل ذَنْب ركبوه على غير عمد إِذا استغفروني مِنْهُ غفرته وَمَا قدمُوا لآخرتهم من شَيْء طيبَة بِهِ أنفسهم عجلته لَهُم أضعافاً مضاعفة وَلَهُم عِنْدِي أَضْعَاف مضاعفة وَأفضل من ذَلِك وأعطيتهم على المصائب فِي البلايا إِذا صَبَرُوا وَقَالُوا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون الصَّلَاة وَالرَّحْمَة وَالْهدى إِلَى جنَّات النَّعيم فَإِن دَعونِي استجبت لَهُم فإمَّا أَن يروه عَاجلا وَإِمَّا أَن أصرف عَنْهُم سوءا وَإِمَّا أَن أؤخره لَهُم فِي الْآخِرَة يَا دَاوُد من لَقِيَنِي من أمة مُحَمَّد يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنا وحدي لَا شريك لي صَادِقا بهَا فَهُوَ معي فِي جنتي وكرامتي وَمن لَقِيَنِي وَقد كذب مُحَمَّدًا وَكذب بِمَا جَاءَ بِهِ واستهزأ بكتابي صببت عَلَيْهِ فِي قَبره الْعَذَاب صبا وَضربت الْمَلَائِكَة وَجهه وَدبره عِنْد منشره من قَبره ثمَّ أدخلهُ فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: أجد فِي الْكتب أَن هَذِه الْأمة تحب ذكر الله كَمَا تحب الْحَمَامَة وَكرها وَلَهُم أسْرع إِلَى ذكر الله من الإِبل إِلَى وردهَا يَوْم ظمئها
أخرج الطَّبَرَانِيّ عَن حبيب بن سُلَيْمَان بن سَمُرَة عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَاهُ رجل من الْأَعْرَاب يستفتيه عَن الرجل مَا الَّذِي يحل لَهُ وَالَّذِي يحرم عَلَيْهِ فِي مَاله ونسكه وماشيته وعنزه وفرعه من نتاج إبِله وغنمه فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أحلَّ لَك الطَّيِّبَات وَحرم عَلَيْك الْخَبَائِث إِلَّا أَن تفْتَقر إِلَى طَعَام فتأكل مِنْهُ حَتَّى تَسْتَغْنِي عَنهُ
قَالَ: مَا فقري الَّذِي آكل ذَلِك إِذا بلغته أمْ مَا غناي الَّذِي يغنيني عَنهُ قَالَ: إِذا كنت ترجو نتاجاً فتبلغ بلحوم ماشيتك إِلَى نتاجك أَو كنت ترجو عشَاء تصيبه مدْركا فتبلغ إِلَيْهِ بلحوم ماشيتك وَإِذا كنت لَا ترجو من ذَلِك شَيْئا فاطعم أهلك مَا بدا لَك حَتَّى تَسْتَغْنِي عَنهُ
قَالَ الْأَعرَابِي: وَمَا عشائي الَّذِي أَدَعهُ إِذا وجدته قَالَ: إِذا رويت أهلك غبوقاً من اللَّبن فاجتنب مَا حرم عَلَيْك من الطَّعَام وَأما مَالك فَإِنَّهُ ميسور كُله لَيْسَ مِنْهُ حرَام غير أَن نتاجك من إبلك فرعا وَفِي نتاجك من غنمك فرعا تغذوه ماشيتك حَتَّى تَسْتَغْنِي ثمَّ إِن شِئْت فاطعمه أهلك وَإِن شِئْت تصدَّق بِلَحْمِهِ وَأمره أَن يعقر من الْغنم فِي كل مائَة عشرا
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿وَيحل لَهُم الطَّيِّبَات﴾ قَالَ: الْحَلَال ﴿وَيَضَع عَنْهُم إصرهم والأغلال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم﴾ قَالَ: الثقيل الَّذِي كَانَ فِي دينهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَيحرم عَلَيْهِم الْخَبَائِث﴾ قَالَ: كلحم الْخِنْزِير والربا وَمَا كَانُوا يسْتَحلُّونَ من الْمُحرمَات من المآكل الَّتِي حرَّمها الله
وَفِي قَوْله ﴿وَيَضَع عَنْهُم إصرهم والأغلال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم﴾ قَالَ: هُوَ مَا كَانَ أَخذ الله عَلَيْهِم من الْمِيثَاق فِيمَا حرم عَلَيْهِم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَيَضَع عَنْهُم إصرهم﴾ قَالَ: عَهدهم ومواثيقهم فِي تَحْرِيم مَا أحلَّ الله لَهُم
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ ﴿وَيَضَع عَنْهُم إصرهم والأغلال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم﴾ يَقُول: يضع عَنْهُم عهودهم ومواثيقهم الَّتِي أخذت عَلَيْهِم فِي التَّوْرَاة والإِنجيل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن صَعِيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿وَيَضَع عَنْهُم إصرهم﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿وَيَضَع عَنْهُم إصرهم﴾ قَالَ: مَا غلظ على بني إِسْرَائِيل من قرض الْبَوْل من جُلُودهمْ إِذا أَصَابَهُم وَنَحْوه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شودب فِي قَوْله ﴿والأغلال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم﴾ قَالَ: الشدائد الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَيَضَع عَنْهُم إصرهم والأغلال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم﴾ قَالَ: تَشْدِيد شدد على الْقَوْم فجَاء مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالتجاوز عَنْهُم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير ﴿وَيَضَع عَنْهُم إصرهم﴾ قَالَ: مَا غلظوا على أنفسهم من قطع أثر الْبَوْل وتتبع الْعُرُوق فِي اللَّحْم وَشبهه
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد ﴿وَيَضَع عَنْهُم إصرهم﴾ قَالَ: عَهدهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وعزروه﴾ يَعْنِي عَظَّموه وَوَقَّروه
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وعزَّروه ونصروه﴾ قَالَ: بِالسَّيْفِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وعزَّروه﴾ يَقُول: نصروه
قَالَ: فَأَما نَصره وتعزيره قد سبقتم بِهِ وَلَكِن خَيركُمْ من آمن وَاتبع النُّور الَّذِي أنزل مَعَه
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد ﴿وعزروه﴾ قَالَ: شدوا أمره وأعانوا رَسُوله ونصروه
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (وعزروه) مثقلة
- الْآيَة (١٥٨)
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله ﴿ الرسول النبي الأمي ﴾ قال : هو نبيكم صلى الله عليه وسلم كان أمياً لا يكتب.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال « خرج علينا رسول الله صلى عليه وسلم يوماً كالمودع فقال : أنا محمد النبي الأمي، أنا محمد النبي الأمي، أنا محمد النبي الأمي، ولا نبي بعدي، أوتيت فواتح الكلم وخواتمه وجوامعه، وعلمت خزنة النار وحملة العرش، فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم، فإذا ذهب بي فعليكم كتاب الله، أحلوا حلاله وحرِّموا حرامه ».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، وان الشهر كذا وكذا، وضرب بيده ست مرات وقبض واحدة ».
وأخرج أبو الشيخ من طريق مجالد. قال حدثني عون بن عبد الله بن عتبة عن أبيه قال : ما مات النبي صلى الله عليه وسلم حتى قرأ وكتب، فذكرت هذا الحديث للشعبي فقال : صدق، سمعت أصحابنا يقولون ذلك.
قوله تعالى :﴿ الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإِنجيل ﴾.
أخرج ابن سعد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله ﴿ الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإِنجيل ﴾ قال : يجدون نعته وأمره ونبوّته مكتوباً عندهم.
وأخرج ابن سعد عن قتادة قال : بلغنا أن نعت رسول الله صلى عليه وسلم في بعض الكتب محمد رسول الله ليس بفظ ولا غليظ ولا صخوب في الأسواق، ولا يجزى بالسيئة مثلها ولكن يعفو ويصفح، أمته الحمادون على كل حال.
وأخرج ابن سعد وأحمد عن رجل من الأعراب قال : جلبت حلوية إلى المدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغت من بيعتي قلت : لألقين هذا الرجل ولأسمعن منه. فتلقاني بين أبي بكر وعمر يمشيان، فتبعتهما حتى أتيا على رجل من اليهود ناشر التوراة يقرؤها يعزي بها نفسه عن ابن له في الموت كأحسن الفتيان وأجمله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أنشدك بالذي أنزل التوراة، هل تجدني في كتابك ذا صفتي ومخرجي ؟ فقال برأسه هكذا ؛ أي لا. فقال ابنه : أي والذي أنزل التوراة إن لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فقال : أقيموا اليهودي عن أخيكم، ثم ولي كفنه والصلاة عليه ».
وأخرج ابن سعد والبخاري وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن عطاء بن يسار قال : لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص قلت : أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال : أجل والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن ﴿ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً ﴾ [ الأحزاب : ٤٥ ] وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا : لا إله إلا الله. ويفتح به أعينا عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً.
وأخرج ابن سعد والدارمي في مسنده والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن عبد الله بن سلام قال : صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة ﴿ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً ﴾ [ الأحزاب : ٤٥ ] وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة مثلها ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا : لا إله إلا الله. ويفتح به أعينا عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفا.
وأخرج الدارمي عن كعب قال : في السطر الأول : محمد رسول الله عبدي المختار، لا فظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، مولده بمكة وهجرته بطيبة وملكه بالشام. وفي السطر الثاني : محمد رسوله الله أمته الحمادون، يحمدون الله في السراء والضراء، يحمدون الله في كل منزلة ويكبرونه على كل شرف، رعاة الشمس يصلون الصلاة إذا جاء وقتها ولو كانوا على رأس كناسة، ويأتزرون على أوساطهم، ويوضئون أطرافهم، وأصواتهم بالليل في جوّ السماء كأصوات النحل.
وأخرج ابن سعد والدارمي وابن عساكر عن أبي فروة عن ابن عباس. إنه سأل كعب الأحبار كيف قد نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، فقال كعب : نجده محمد بن عبد الله، يولد بمكة ويهاجر إلى طابة، ويكون ملكه بالشام، وليس بفحاش ولا سخاب في الأسواق، ولا يكافئ بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، أمته الحمادون يحمدون الله في كل سراء، ويكبرون الله على كل نجد، ويوضئون أطرافهم، ويأتزرون في أوساطهم، يصفون في صلاتهم كما يصفون في قتالهم، دويهم في مساجدهم كدوي النحل، يسمع مناديهم في جوّ السماء.
وأخرج أبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل عن أم الدرداء قالت : قلت لكعب : كيف تجدون صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة ؟ قال : نجده موصوفاً فيها محمد رسول الله اسمه المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، وأعطى المفاتيح ليبصر الله به أعيناً عوراً، ويسمع به آذاناً صماً، ويقيم به السنة معوجة حتى يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يعين المظلوم ويمنعه من أن يستضعف.
وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة وأبو نعيم في الدلائل عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « صفتي أحمد المتوكل مولده بمكة ومهاجره إلى طيبة، ليس بفظ ولا غليظ، يجزي بالحسنة الحسنة ولا يكافئ بالسيئة، أمته الحمادون يأتزرون على أنصافهم، ويوضئون أطرافهم، أناجيلهم في صدورهم، يصفون للصلاة كما يصفون للقتال، قربانهم الذي يتقربون به إلى دمائهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار ».
وأخرج أبو نعيم عن كعب قال : إن أبي كان من أعلم الناس بما أنزل الله على موسى، وكان لم يدخر عني شيئاً مما كان يعلم، فلما حضره الموت دعاني فقال لي : يا بني، إنك قد علمت أني لم أدخر عنك شيئاً مما كنت أعلمه، إلا أني قد حبست عنك ورقتين فيهما : نبي يبعث قد أظل زمانه فكرهت أن أخبرك بذلك، فلا آمن عليك أن يخرج بعض هؤلاء الكذابين فتطيعه، وقد جعلتهما في هذه الكوة التي ترى وطينت عليهما، فلا تعرضن لهما ولا تنظرن فيهما حينك هذا، فإن الله إن يرد بك خيراً ويخرج ذلك النبي تتبعه، ثم أنه مات فدفناه فلم يكن شيء أحب إليّ من أن أنظر في الورقتين، ففتحت الكوة ثم استخرجت الورقتين ؟ فإذا فيهما : محمد رسول الله خاتم النبيين لا نبي بعده، مولده بمكة ومهاجره بطيبة، لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ويجزي بالسيئة الحسنة ويعفو ويصفح، وأمته الحمادون الذين يحمدون الله على كل حال، تذلل ألسنتهم بالتكبير وينصر نبيهم على كل من ناوأه، يغسلون فروجهم ويأتزرون على أوساطهم، أناجيلهم في صدروهم وتراحمهم بينهم تراحم بني الأم، وهم أول من يدخل الجنة يوم القيامة من الأمم.
فمكث ما شاء الله ثم بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج بمكة، فأخرت حتى استثبت، ثم بلغني أنه توفي وأن خليفته قد قام مقامه، وجاءتنا جنوده فقلت : لا أدخل في هذا الدين حتى أنظر سيرتهم وأعمالهم، فلم أزل أدافع ذلك وأؤخره لأستثبت حتى قدمت علينا عمال عمر بن الخطاب، فلما رأيت وفاءهم بالعهد وما صنع الله لهم على الأعداء علمت أنهم هم الذين كنت أنتظر، فوالله إني لذات ليلة فوق سطحي، فإذا رجل من المسلمين يتلو قول الله ﴿ يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم من قبل أن نطمس وجوهاً. . . ﴾ [ النساء : ٤٧ ] الآية. فلما سمعت هذه الآية خشيت أن لا أصبح حتى يحول وجهي في قفاي، فما كان شيء أحب إليّ من الصباح فغدوت على المسلمين.
وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل عن علي بن أبي طالب « أن يهودياً كان له على رسول الله صلى الله عليه وسلم دنانير، فتقاضى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : ما عندي ما أعطيك. قال : فإني لا أفارقك يا محمد حتى تعطيني. قال : إذن أجلس معك يا محمد فجلس معه فصلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر والمغرب والعشاء والغداة، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتهددون اليهودي ويتوعدونه، فقالوا : يا رسول الله، يهودي يحبسك ؟ قال : منعني ربي أن أظلم معاهداً ولا غيره، فلما ترحل النهار أسلم اليهودي وقال : شطر مالي في سبيل الله، أما ولله ما فعلت الذي فعلت بك إلا لأنظر إلى نعتك في التوراة : محمد بن عبد الله مولده بمكة ومهاجره بطيبة وملكه بالشام، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا متزين بالفحشاء ولا قوّال للخنا ».
وأخرج ابن سعد عن الزهري. « أن يهودياً قال : ما كان بقي شيء من نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة إلا رأيته إلا الحلم، وإني أسلفته ثلاثين ديناراً في ثمر إلى أجل معلوم، فتركته حتى إذا بقي من الأجل يوم أتيته فقلت : يا محمد، اقضني حقي فإنكم معاشر بني عبد المطلب مطل. فقال عمر : يا يهودي الخبيث، أما والله لولا مكانه لضربت الذي فيه عيناك، فقال رسول الله صلى عليه وسلم » غفر الله لك يا أبا حفص، نحن كنا إلى غير هذا منك أحوج إلى أن تكون أمرتني بقضاء ما عليّ، وهو إلى أن تكون أعنته على قضاء حقه أحوج فلم يزده جهلي عليه إلا حلماً. قال : يا يهودي، إنما يحل حقك غداً، ثم قال : يا أبا حفص، أذهب به إلى الحائط الذي كان سأل أوّل يوم، فإن رضيه فاعطه كذا وكذا صاعاً وزده لما قلت له كذا وكذا صاعاً وزده، فإن لم يرض فاعط ذلك من حائط كذا وكذا، فأتى بي الحائط فرضي تمره فأعطاه ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أمره من الزيادة، فلما قبض اليهودي تمره قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنه رسول الله، وأنه والله ما حملني على ما رأيتني صنعت يا عمر إلا أني قد كنت رأيت في رسول الله صفته في التوراة كلها إلا الحلم، فاختبرت حلمه اليوم فوجدته على ما وصف في التوراة، وإني أشهدك أن هذا التمر وشطر مالي في فقراء المسلمين. فقال عمر : فقلت : أو بعضهم ؟ فقال : أو بعضهم. قال : وأسلم أهل بيت اليهودي كلهم إلا شيخ كان بان مائة سنة فعسا على الكفر « ».
وأخرج ابن سعد عن كثيِّر بن مرة قال : إن الله يقول : لقد جاءكم رسول ليس بوهن ولا كسل، يفتح أعيناً كانت عمياً، ويسمع آذاناً كانت صماً، ويختن قلوباً كانت غلفاً، ويقيم سنة كانت عوجاء، حتى يقال : لا إله إلا الله.
وأخرج ابن سعد عن أبي هريرة قال :« أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المدارس فقال » أخرجوا إليَّ أعلمكم فقالوا : عبد الله بن صوريا. فخلا به رسول الله صلى عليه وسلم، فناشده بدينه وبما أنعم به عليهم، وأطعمهم من المن والسلوى، وظللهم به من الغمام، أتعلم أني رسول الله ؟ قال : اللهمَّ نعم، وإن القوم ليعرفون ما أعرف، وإن صفتك ونعتك المبين في التوراة ولكنهم حسدوك. قال : فما يمنعك أنت ؟ قال : أكره خلاف قومي، وعسى أن يتبعوك ويسلموا فأسلم ».
وأخرج الطبراني وأبو نعيم والبيهقي عن الفلت
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: كَانَت بَين أبي بكر وَعمر محاورة فاغضب أَبُو بكر عمر فَانْصَرف عمر عَنهُ مغضباً فَأتبعهُ أَبُو بكر فَسَأَلَهُ أَن يسْتَغْفر لَهُ فَلم يفعل حَتَّى أغلق بَابه فِي وَجهه فَأقبل أَبُو بكر إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنَدم عمر على مَا كَانَ مِنْهُ فَأقبل حَتَّى سلَّم وَجلسَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقصَّ الْخَبَر فَغَضب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل أَنْتُم تاركو لي صَاحِبي إِنِّي قلت ﴿يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي رَسُول الله إِلَيْكُم جَمِيعًا﴾ فقلتم: كذبت
وَقَالَ أَبُو بكر: صدقت
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿يُؤمن بِاللَّه وكلماته﴾ قَالَ: عِيسَى
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (يُؤمن بِاللَّه وكلماته) على الْجِمَاع
- الْآيَة (١٥٩ - ١٦٢)
قَالَ: يَا رب أجد أمة يصلونَ الْخمس تكون كَفَّارَة لما بَينهُنَّ قَالَ: تِلْكَ أمة تكون بعْدك أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب أجد أمة يُعْطون صدقَات أَمْوَالهم ثمَّ ترجع فيهم فَيَأْكُلُونَ قَالَ: تِلْكَ أمة تكون بعْدك أمة أَحْمد
قَالَ: يَا رب اجْعَلنِي من أمة أَحْمد
فَأنْزل الله كَهَيئَةِ المرضية لمُوسَى ﴿وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي ليلى الْكِنْدِيّ قَالَ: قَرَأَ عبد الله بن مَسْعُود ﴿وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ﴾ فَقَالَ رجل: مَا أحب إِنِّي مِنْهُم
فَقَالَ عبد الله: لم مَا يزِيد صالحوكم على أَن يَكُونُوا مثلهم وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿وَمن قوم مُوسَى أمة﴾ الْآيَة
قَالَ: بَلغنِي أَن بني إِسْرَائِيل لما قتلوا أنبياءهم وَكَفرُوا وَكَانُوا اثْنَي عشر سبطاً تَبرأ سبط مِنْهُم مِمَّا صَنَعُوا وَاعْتَذَرُوا وسألوا الله أَن يفرق بَينهم وَبينهمْ فَفتح الله لَهُم نفقاً فِي الأَرْض فَسَارُوا فِيهِ حَتَّى خَرجُوا من وَرَاء الصين فهم هُنَالك حنفَاء مستقلين يستقبلون قبلتنا
قَالَ ابْن جريج: قَالَ ابْن عَبَّاس: فَذَلِك قَوْله ﴿وَقُلْنَا من بعده لبني إِسْرَائِيل اسكنوا الأَرْض فَإِذا جَاءَ وعد الْآخِرَة جِئْنَا بكم لفيفاً﴾ الإِسراء الْآيَة ١٠٤ ووعد الْآخِرَة عِيسَى بن مَرْيَم
قَالَ ابْن عَبَّاس: سَارُوا فِي السرب سنة وَنصفا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: افْتَرَقت بَنو إِسْرَائِيل بعد مُوسَى إِحْدَى وَسبعين فرقة كلهَا فِي النَّار إِلَّا فرقة وافترقت النَّصَارَى بعد عِيسَى على اثْنَتَيْنِ وَسبعين فرقة كلهَا فِي النَّار إِلَّا فرقة وتفترق هَذِه الْأمة على ثَلَاث وَسبعين فرقة كلهَا فِي النَّار إِلَّا فرقة فَأَما الْيَهُود فَإِن الله يَقُول ﴿وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ﴾ وَأما النَّصَارَى فَإِن الله يَقُول ﴿مِنْهُم أمة مقتصدة﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٦٦ فَهَذِهِ الَّتِي تنجو وَأما نَحن فَيَقُول ﴿وَمِمَّنْ خلقنَا أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ١٨١ فَهَذِهِ الَّتِي تنجو من هَذِه الْأمة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ﴾ قَالَ: بَيْنكُم وَبينهمْ نهر من سهل يَعْنِي من رمل يجْرِي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن صَفْوَان بن عَمْرو قَالَ: هم الَّذين قَالَ الله ﴿وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ﴾ يَعْنِي سبطان من أَسْبَاط بني إِسْرَائِيل يَوْم الملحمة الْعُظْمَى ينْصرُونَ الإِسلام وَأَهله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الشّعبِيّ قَالَ: إِن لله عباداً من وَرَاء الأندلس كَمَا بَيْننَا وَبَين الأندلس لَا يرَوْنَ أَن الله عَصَاهُ مَخْلُوق رضراضهم الدّرّ والياقوت وجبالهم الذَّهَب وَالْفِضَّة لَا يزرعون وَلَا يحصدون وَلَا يعْملُونَ عملا لَهُم شجر على أَبْوَابهم لَهَا أوراق عراض هِيَ لبوسهم وَلَهُم شجر على أَبْوَابهم لَهَا ثَمَر فَمِنْهَا يَأْكُلُون
قَوْله تَعَالَى: ﴿فانبجست مِنْهُ اثْنَتَا عشرَة عينا﴾
أخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فانبجست﴾ قَالَ: فانفجرت
وَأخرج الطستي عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله عزَّ وجلَّ ﴿فانبجست مِنْهُ اثْنَتَا عشرَة عينا﴾ قَالَ: أجْرى الله من الصَّخْرَة اثْنَتَيْ عشرَة عينا لكل عين يشربون مِنْهَا
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت بشر بن أبي حَازِم يَقُول: فاسلبت العينان مني بواكف كَمَا انهل من واهي الكلى المتبجس
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله ﴿ فانبجست ﴾ قال : انفجرت.
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عزَّ وجلَّ ﴿ فانبجست منه اثنتا عشرة عيناً ﴾ قال : أجرى الله من الصخرة اثنتي عشرة عيناً، لكل سبط عين يشربون منها. قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال نعم. أما سمعت بشر بن أبي حازم يقول :
فاسلبت العينان مني بواكف | كما انهل من واهي الكلى المتبجس |
قَالَ: هِيَ أَيْلَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن شهَاب ﴿واسألهم عَن الْقرْيَة﴾ هِيَ طبرية
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد ﴿واسألهم عَن الْقرْيَة﴾ قَالَ: هِيَ قَرْيَة يُقَال لَهَا مقنا بَين مَدين وعينونا
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير ﴿واسألهم عَن الْقرْيَة﴾ هِيَ مَدين
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿إِذْ يعدون فِي السبت﴾ قَالَ: يظْلمُونَ
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿شرعا﴾ يَقُول: من كل مَكَان
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿شرعا﴾ قَالَ: ظَاهِرَة على المَاء
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿شرعا﴾ قَالَ: وَارِدَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿واسألهم عَن الْقرْيَة الَّتِي كَانَت حَاضِرَة الْبَحْر﴾ قَالَ: هِيَ قَرْيَة على شاطىء الْبَحْر بَين مصر
فَقَالَت طَائِفَة من النهاة: تعلمُونَ أَن هَؤُلَاءِ قوم قد حق عَلَيْهِم الْعَذَاب ﴿لم تعظون قوما الله مهلكهم﴾ وَكَانُوا أَشد غَضبا من الطَّائِفَة الْأُخْرَى وكل قد كَانُوا ينهون فَلَمَّا وَقع عَلَيْهِم غضب الله نجت الطائفتان اللَّتَان قَالَتَا: لم تعظون وَالَّذين ﴿قَالُوا معذرة إِلَى ربكُم﴾ وَأهْلك الله أهل مَعْصِيَته الَّذين أخذُوا الْحيتَان فجعلهم قردة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿واسألهم عَن الْقرْيَة﴾ الْآيَة
قَالَ: إِن الله إِنَّمَا افْترض على بني إِسْرَائِيل الْيَوْم الَّذِي افْترض عَلَيْكُم يَوْم الْجُمُعَة فخالفوا إِلَى يَوْم السبت فعظَّموه وَتركُوا مَا أمروا بِهِ فَلَمَّا ابتدعوا السبت ابتلوا فِيهِ فَحرمت عَلَيْهِم الْحيتَان وَهِي قَرْيَة يُقَال لَهَا مَدين أَيْلَة وَالطور فَكَانُوا إِذا كَانَ يَوْم السبت شرعت لَهُم الْحيتَان ينظرُونَ إِلَيْهَا فِي الْبَحْر فَإِذا انْقَضى السبت ذهبت فَلم تَرَ حَتَّى مثله من السبت الْمقبل فَإِذا جَاءَ السبت عَادَتْ شرعا ثمَّ إِن رجلا مِنْهُم أَخذ حوتاً فحزمه بخيط ثمَّ ضرب لَهُ وتداً فِي السَّاحِل وربطه وَتَركه فِي المَاء فَلَمَّا كَانَ الْغَد جَاءَ فَأَخذه فَأَكله سرا فَفَعَلُوا ذَلِك وهم ينظرُونَ وَلَا يتناهون إِلَّا بَقِيَّة مِنْهُم فنهوهم حَتَّى إِذا ظهر ذَلِك فِي الْأَسْوَاق عَلَانيَة قَالَت طَائِفَة للَّذين ينهونهم ﴿لم تعظون قوما الله مهلكهم أَو معذبهم عذَابا شَدِيدا﴾ قَالُوا ﴿معذرة إِلَى ربكُم﴾ فِي سخطنا أَعْمَالهم ﴿ولعلهم يَتَّقُونَ﴾ فَكَانُوا أَثلَاثًا
ثلثا نهى وَثلثا قَالُوا ﴿لم تعظون﴾ وَثلثا أَصْحَاب الْخَطِيئَة فَمَا نجا إِلَّا الَّذين نهوا وَهلك سَائِرهمْ فَأصْبح الَّذين نهوا ذَات غَدَاة فِي مجَالِسهمْ يتفقدون النَّاس لَا يرونهم وَقد باتوا من ليلتهم وغلقوا عَلَيْهِم دُورهمْ فَجعلُوا يَقُولُونَ: إِن للنَّاس شَأْنًا فانظروا مَا شَأْنهمْ فَاطَّلَعُوا فِي دُورهمْ فَإِذا الْقَوْم قد مسخوا يعْرفُونَ الرجل بِعَيْنِه وَأَنه لقرد وَالْمَرْأَة بِعَينهَا وانها لقردة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عِكْرِمَة قَالَ: جِئْت ابْن عَبَّاس يَوْمًا وَهُوَ يبكي وَإِذا الْمُصحف فِي حجره فَقلت: مَا يبكيك يَا ابْن عَبَّاس فَقَالَ: هَؤُلَاءِ الورقات
وَإِذا فِي سُورَة الْأَعْرَاف قَالَ: تعرف أَيْلَة قلت: نعم
قَالَ: فَإِنَّهُ كَانَ بهَا حَيّ من يهود سيقت الْحيتَان إِلَيْهِم يَوْم السبت
فَقَالَت: ذَلِك طَائِفَة مِنْهُم وَقَالَت طَائِفَة: بل نهيتم عَن أكلهَا وَأَخذهَا وصيدها فِي يَوْم السبت فعدت طَائِفَة بأنفسها وأبنائها ونسائها واعتزلت طَائِفَة ذَات الْيَمين وتنحَّت واعتزلت طَائِفَة ذَات الْيَسَار وسكتت وَقَالَ الأيمنون: وَيْلكُمْ
لَا تتعرضوا لعقوبة الله وَقَالَ الأيسرون ﴿لم تعظون قوما الله مهلكهم أَو معذبهم عذَابا شَدِيدا﴾ قَالَ الأيمنون: ﴿معذرة إِلَى ربكُم ولعلهم يَتَّقُونَ﴾ ان ينْتَهوا فَهُوَ أحب إِلَيْنَا أَن لَا يصابوا وَلَا يهْلكُوا وَأَن لم ينْتَهوا فمعذرة إِلَى ربكُم
فَمَضَوْا على الْخَطِيئَة وَقَالَ الأيمنون: قد فَعلْتُمْ يَا أَعدَاء الله وَالله لنبايننَّكم اللَّيْلَة فِي مدينتكم وَالله مَا أَرَاكُم تُصبحُونَ حَتَّى يصبحكم الله بخسف أَو قذف أَو بعض مَا عِنْده من الْعَذَاب فَلَمَّا أَصْبحُوا ضربوا عَلَيْهِم الْبَاب وَنَادَوْا فَلم يجابوا فوضعوا سلما وعلوا سور الْمَدِينَة رجلا فَالْتَفت إِلَيْهِم فَقَالَ: أَي عباد الله قردة - وَالله - تعاوى لَهَا أَذْنَاب
ففتحوا فَدَخَلُوا عَلَيْهِم فَعرفت القردة أنسابها من الانس وَلَا تعرف الانس أنسابها من القردة فَجعلت القرود تَأتي نسيبها من الانس فتشم ثِيَابه وتبكي فَيَقُول: ألم ننهكم فَتَقول برأسها: أَي نعم
ثمَّ قَرَأَ ابْن عَبَّاس ﴿فَلَمَّا نسوا مَا ذكرُوا بِهِ أنجينا الَّذين ينهون عَن السوء وأخذنا الَّذين ظلمُوا بِعَذَاب بئيس﴾ قَالَ: أَلِيم وجيع
قَالَ: فارى الَّذين نهوا قد نَجوا وَلَا أرى الآخرين ذكرُوا وَنحن نرى أَشْيَاء ننكرها وَلَا نقُول فِيهَا
قلت: أَي جعلني الله فدَاك أَلا ترى أَنهم كَرهُوا مَا هم عَلَيْهِ وخالفوهم وَقَالُوا ﴿لم تعظون قوما الله مهلكهم﴾ قَالَ: فَأمر بِي فكسيت ثَوْبَيْنِ غليظين
وَأخرج عبد بن حميد عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَت قَرْيَة على سَاحل الْبَحْر يُقَال لَهَا ايلة وَكَانَ على سَاحل الْبَحْر صنمان من حِجَارَة مستقبلان المَاء يُقَال لأَحَدهمَا لقيم وَالْآخر لقمانة فَأوحى الله إِلَى السّمك: أَن حج يَوْم السبت إِلَى الصنمين وَأوحى إِلَى أهل الْقرْيَة: أَنِّي قد أمرت السّمك أَن يحجوا إِلَى الصنمين يَوْم السبت فَلَا تعرضوا للسمك يَوْم لَا يمْتَنع مِنْكُم فَإِذا ذهب السبت فشأنكم بِهِ فصيدوه فَكَانَ إِذا طلع الْفجْر يَوْم السبت أقبل السّمك شرعا إِلَى الصنمين لَا يمْتَنع من آخذ يَأْخُذهُ فَظهر
فَقَامَ آخَرُونَ فَقَالُوا ﴿لم تعظون قوما الله مهلكهم أَو معذبهم عذَابا شَدِيدا قَالُوا معذرة إِلَى ربكُم ولعلهم يَتَّقُونَ﴾ فَلَمَّا كَانَ سبت من تِلْكَ الأسبات فشى السّمك فِي الْقرْيَة فَقَامَ الَّذين نهوا عَن السوء فَقَالُوا: لَا نبيت مَعكُمْ اللَّيْلَة فِي هَذِه الْقرْيَة
فَقيل لَهُم: لَو أَصْبَحْتُم فانقلبتم بذراريكم ونسائكم
قَالُوا: لَا نبيت مَعكُمْ اللَّيْلَة فِي هَذِه الْقرْيَة فَإِن أَصْبَحْنَا غدونا فاخرجنا ذرارينا وأمتعتنا من بَين ظهرانيكم وَكَانَ الْقَوْم شَاتين فَلَمَّا أَمْسوا أغلقوا أَبْوَابهم فَلَمَّا أَصْبحُوا لم يسمع الْقَوْم لَهُم صَوتا وَلم يرَوا سرجاً خرج من الْقرْيَة
قَالُوا: قد أصَاب أهل الْقرْيَة شَرّ
فبعثوا رجلا مِنْهُم ينظر إِلَيْهِم فَلَمَّا أَتَى الْقرْيَة إِذا الْأَبْوَاب مغلقة عَلَيْهِم فَاطلع فِي دَار فَإِذا هم قرود كلهم الْمَرْأَة أُنْثَى وَالرجل ذكر ثمَّ اطلع فِي دَار أُخْرَى فَإِذا هم كَذَلِك الصَّغِير صَغِير وَالْكَبِير كَبِير وَرجع إِلَى الْقَوْم فَقَالَ: يَا قوم نزل بِأَهْل الْقرْيَة مَا كُنْتُم تحذرون أَصْبحُوا قردة كلهم لَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يفتحوا الْأَبْوَاب فَدَخَلُوا عَلَيْهِم فَإِذا هم قردة كلهم فَجعل الرجل يومىء إِلَى القرد مِنْهُم أَنْت فلَان فيومىء بِرَأْسِهِ: نعم
وهم يَبْكُونَ فَقَالُوا: أبعدكم الله قد حذرناكم هَذَا ففتحوا لَهُم الْأَبْوَاب فَخَرجُوا فَلَحقُوا بالبرية
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نجا الناهون وَهلك الفاعلون وَلَا أَدْرِي مَا صنع بالساكتين
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: وَالله لَئِن أكون علمت أَن الْقَوْم الَّذين قَالُوا ﴿لم تعظون قوما﴾ نَجوا مَعَ الَّذين نهوا عَن السوء أحب إِلَى مَا عدل بِهِ
وَفِي لفظ: من حمر النعم
وَلَكِنِّي أَخَاف أَن تكون الْعقُوبَة نزلت بهم جَمِيعًا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: مَا أَدْرِي انجا الَّذين قَالُوا لم تعظون قوما أم لَا قَالَ: فَمَا زلت أبصره حَتَّى عرف أَنهم قد نَجوا فكساني حلَّة
وَأخرج عبد بن حميد عَن لَيْث بن أبي سليم قَالَ: مسخوا حِجَارَة الَّذين قَالُوا ﴿لم تعظون قوما الله مهلكهم﴾
قَالَ: كَانَ حوتاً حرمه الله عَلَيْهِم فِي يَوْم وأحله لَهُم فِيمَا سوى ذَلِك فَكَانَ يَأْتِيهم فِي الْيَوْم الَّذِي حرَّمه الله عَلَيْهِم كَأَنَّهُ الْمَخَاض مَا يمْتَنع من أحد فَجعلُوا يهمون ويمسكون وقلما رَأَيْت أحدا أَكثر الأهتمام بالذنب إِلَّا واقعه فَجعلُوا يهمون ويمسكون حَتَّى أَخَذُوهُ فأكلو بهَا - وَالله - أوخم أَكلَة أكلهَا قوم قطّ أبقاه خزياً فِي الدُّنْيَا وأشده عُقُوبَة فِي الْآخِرَة وأيم الله لِلْمُؤمنِ أعظم حُرْمَة عِنْد الله من حوت وَلَكِن الله عز وَجل جعل موعد قوم السَّاعَة والساعة أدهى وَأمر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَخذ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام رجلا يحمل حطباً يَوْم السبت وَكَانَ مُوسَى يسبت فصلبه
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: احتطب رجل فِي السبت وَكَانَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام يسبت فصلبه
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي بكر بن عَيَّاش قَالَ: كَانَ حفظي عَن عَاصِم (بِعَذَاب بئيس) على معنى فعيل ثمَّ دخلني مِنْهَا شكّ فَتركت رِوَايَتهَا عَن عَاصِم وأخذتها عَن الْأَعْمَش (بِعَذَاب بئيس) على معنى فعيل
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿بِعَذَاب بئيس﴾ قَالَ: لَا رَحْمَة فِيهِ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة ﴿بِعَذَاب بئيس﴾ قَالَ: وجيع
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿بِعَذَاب بئيس﴾ قَالَ: أَلِيم بِشدَّة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: نُودي الَّذين اعتدوا فِي السبت ثَلَاثَة أصوات نُودُوا يَا أهل الْقرْيَة فانتبهت طَائِفَة ثمَّ نُودُوا يَا أهل الْقرْيَة فانتبهت طَائِفَة أَكثر من الأولى ثمَّ نُودُوا يَا أهل الْقرْيَة فانتبه الرِّجَال وَالنِّسَاء وَالصبيان فَقَالَ الله لَهُم ﴿كونُوا قردة خَاسِئِينَ﴾ الْبَقَرَة آيَة ٦٥ فَجعل الَّذين نهوهم يدْخلُونَ عَلَيْهِم فَيَقُولُونَ: يَا فلَان ألم ننهكم فَيَقُولُونَ برؤوسهم: أَي بلَى
فيومىء إِلَى يَدَيْهِ بِمَا كسبت يداي
وَأخرج ابْن بطة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا ترتكبوا مَا ارتكبت الْيَهُود فتستحلوا محارم الله بِأَدْنَى الْحِيَل
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سُفْيَان قَالَ: قَالُوا لعبد الله بن عبد الْعَزِيز الْعمريّ فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر: تَأمر من لَا يقبل مِنْك قَالَ: يكون معذرة وَقَرَأَ ﴿قَالُوا معذرة إِلَى ربكُم﴾
- الْآيَة (١٦٧ - ١٦٨)
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : نجا الناهون وهلك الفاعلون، ولا أدري ما صنع بالساكتين.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : والله لئن أكون علمت أن القوم الذين قالوا ﴿ لم تعظون قوماً ﴾ نجوا مع الذين نهوا عن السوء أحب إلى ما عدل به. وفي لفظ : من حمر النعم. ولكني أخاف أن تكون العقوبة نزلت بهم جميعاً.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال : قال ابن عباس : ما أدري أنجا الذين قالوا لم تعظون قوماً أم لا ؟ قال : فما زلت أبصره حتى عرف أنهم قد نجوا فكساني حلة.
وأخرج عبد بن حميد عن ليث بن أبي سليم قال : مسخوا حجارة الذين قالوا ﴿ لم تعظون قوماً الله مهلكهم ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله ﴿ واسألهم عن القرية. . . ﴾ الآية. قال : كان حوتاً حرمه الله عليهم في يوم وأحله لهم فيما سوى ذلك، فكان يأتيهم في اليوم الذي حرَّمه الله عليهم كأنه المخاض ما يمتنع من أحد، فجعلوا يهمون ويمسكون وقلما رأيت أحداً أكثر الاهتمام بالذنب إلا واقعه، فجعلوا يهمون ويمسكون حتى أخذوه فأكلوا بها والله أوخم أكلة أكلها قوم قط أبقاه خزياً في الدنيا وأشده عقوبة في الآخرة، وأيم الله للمؤمن من أعظم حرمة عند الله من حوت، ولكن الله عز وجل جعل موعد قوم الساعة والساعة أدهى وأمر.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس قال : أخذ موسى عليه السلام رجلاً يحمل حطباً يوم السبت، وكان موسى يسبت فصلبه.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : احتطب رجل في السبت، وكان داود عليه السلام يسبت فصلبه.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي بكر بن عياش قال : كان حفظي عن عاصم « بعذاب بئيس » على معنى فعيل، ثم دخلني منها شك فتركت روايتها عن عاصم وأخذتها عن الأعمش « بعذاب بئيس » على معنى فعيل.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ﴿ بعذاب بئيس ﴾ قال : وجيع.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ بعذاب بئيس ﴾ قال : أليم بشدة.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير وماهان الحنفي قال : لما مسخوا جعل الرجل يشبه الرجل وهو قرد، فيقال : أنت فلان. . . ؟ ! فيومئ إلى يديه بما كسبت يداي.
وأخرج ابن بطة عن أبي هريرة رضي الله عنه « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل ».
وأخرج أبو الشيخ عن سفيان قال : قالوا لعبد الله بن عبد العزيز العمري في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : تأمر من لا يقبل منك ؟ قال : يكون معذرة، وقرأ ﴿ قالوا معذرة إلى ربكم ﴾.
قَالَ: الَّذين يسومونهم سوء الْعَذَاب مُحَمَّد وَأمته إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَسُوء الْعَذَاب الْجِزْيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِذ تَأذن رَبك﴾ الْآيَة
قَالَ: هم الْيَهُود بعث عَلَيْهِم الْعَرَب يجبونهم الْخراج فَهُوَ سوء الْعَذَاب وَلم يكن من نَبِي جبا الْخراج إِلَّا مُوسَى جباه ثَلَاث عشرَة سنة ثمَّ كفَّ عَنهُ وَلَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَفِي قَوْله ﴿وقطعناهم﴾ الْآيَة
قَالَ: هم الْيَهُود بسطهم الله فِي الأَرْض فَلَيْسَ فِي الأَرْض بقْعَة إِلَّا وفيهَا عِصَابَة مِنْهُم وَطَائِفَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَإِذ تَأذن رَبك﴾ يَقُول: قَالَ رَبك: ليبْعَثن عَلَيْهِم قَالَ: على الْيَهُود وَالنَّصَارَى إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ﴿من يسومهم سوء الْعَذَاب﴾ فَبعث الله عَلَيْهِم أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْخُذُونَ مِنْهُم الْجِزْيَة وهم صاغرون ﴿وقطعناهم فِي الأَرْض أمماً﴾ قَالَ:
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي فِي الْوَقْف والابتداء عَن ابْن عَبَّاس أَن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَول الله ﴿وقطعناهم فِي الأَرْض أمماً﴾ مَا الْأُمَم قَالَ: الْفرق وَقَالَ فِيهِ بشر بن أبي حَازِم: من قيس غيلَان فِي ذوائبها مِنْهُم وهم بعد قادة الْأُمَم وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس ﴿وبلوناهم بِالْحَسَنَاتِ والسيئات﴾ قَالَ: بِالْخصْبِ والجدب
- الْآيَة (١٦٩ - ١٧٠)
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قول الله ﴿ وقطعناهم في الأرض أمماً ﴾ ما الأمم ؟ قال : الفرق، وقال فيه بشر بن أبي حازم :
من قيس غيلان في ذوائبها. . . منهم وهم بعد قادة الأمم
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس ﴿ وبلوناهم بالحسنات والسيئات ﴾ قال : بالخصب والجدب.
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فخلف من بعدهمْ خلف﴾ قَالَ: النَّصَارَى ﴿يَأْخُذُونَ عرض هَذَا الْأَدْنَى﴾ قَالَ: مَا أشرف لَهُم شَيْء من الدُّنْيَا حَلَالا أَو حَرَامًا يشتهونه أَخَذُوهُ ويتمنون الْمَغْفِرَة وَإِن يَجدوا آخر مثله يأخذونه
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس ﴿فخلف من بعدهمْ خلف﴾ الْآيَة
يَقُول: يَأْخُذُونَ مَا أَصَابُوا ويتركون مَا شاؤوا من حَلَال أَو حرَام وَيَقُولُونَ سيغفر لنا
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿يَأْخُذُونَ عرض هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سيغفر لنا﴾ قَالَ: كَانُوا يعْملُونَ بِالذنُوبِ وَيَقُولُونَ: سيغفرلنا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء فِي قَوْله ﴿يَأْخُذُونَ عرض هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سيغفر لنا﴾ قَالَ: يَأْخُذُونَ مَا عرض لَهُم من الدُّنْيَا وَيَقُولُونَ: نَسْتَغْفِر الله ونتوب إِلَيْهِ
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: كَانَت بَنو إِسْرَائِيل لَا يستقضون قَاضِيا إِلَّا ارتشى فِي الحكم فَإِذا قيل لَهُ يَقُول: سيغفر لي
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْجلد قَالَ: يَأْتِي على النَّاس زمَان تخرب صُدُورهمْ من الْقُرْآن وتتهافت وتبلى كَمَا تبلى ثِيَابهمْ لَا يَجدونَ لَهُم حلاوة وَلَا لذاذة إِن قصروا عَمَّا أُمروا بِهِ قَالُوا: إِن الله غَفُور رَحِيم وَإِن عمِلُوا بِمَا نهوا عَنهُ قَالُوا: سيغفر لنا إِنَّا لَا نشْرك بِاللَّه شَيْئا أَمرهم كُله طمع لَيْسَ فِيهِ خوف لبسوا جُلُود الضان على قُلُوب الذئاب أفضلهم فِي نَفسه المدهن
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن قَالَ: الْمُؤمن يعلم أَن مَا قَالَ الله كَمَا قَالَ الله وَالْمُؤمن أحسن عملا وأشدَّ النَّاس خوفًا لَو أنْفق جبلا من مَال مَا أَمن دون أَن يعاين لَا يزْدَاد صلاحاً وبرّاً وَعبادَة إِلَّا ازْدَادَ فرقا يَقُول: أَلا أنجوه
وَالْمُنَافِق يَقُول: سَواد النَّاس كثير وسيغفر لي وَلَا بَأْس عليَّ فيسيء الْعَمَل ويتمنى على الله
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس ﴿ألم يُؤْخَذ عَلَيْهِم مِيثَاق الْكتاب أَن لَا يَقُولُوا على الله إِلَّا الْحق﴾ فِيمَا يوجهون على الله من غفران ذنوبهم الَّتِي لَا يزالون يعودون إِلَيْهَا وَلَا يتوبون مِنْهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿وَالَّذين يمسكون بِالْكتاب﴾ قَالَ: هِيَ لأهل الْأَيْمَان مِنْهُم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَالَّذين يمسكون بِالْكتاب﴾ قَالَ: من الْيَهُود وَالنَّصَارَى
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿وَالَّذين يمسكون بِالْكتاب﴾ قَالَ: الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام
- الْآيَة (١٧١)
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله ﴿ والذين يمسكون بالكتاب ﴾ قال : من اليهود والنصارى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله ﴿ والذين يمسكون بالكتاب ﴾ قال : الذي جاء به موسى عليه السلام.
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِذ نتقنا الْجَبَل﴾ قَالَ: رفعته الْمَلَائِكَة فَوق رؤوسهم فَقيل لَهُم ﴿خُذُوا مَا آتيناكم بِقُوَّة﴾ فَكَانُوا إِذا نظرُوا إِلَى الْجَبَل قَالُوا: سمعنَا وأطعنا وَإِذا نظرُوا إِلَى الْكتاب قَالُوا: سمعنَا وعصينا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنِّي لأعْلم لم تسْجد الْيَهُود على حرف قَالَ الله ﴿وَإِذ نتقنا الْجَبَل فَوْقهم كَأَنَّهُ ظلة وظنوا أَنه وَاقع بهم﴾ قَالَ: لتأخذن أَمْرِي أَو لأرمينكم بِهِ فسجدوا وهم ينظرُونَ إِلَيْهِ مَخَافَة أَن يسْقط عَلَيْهِم فَكَانَت سَجْدَة رضيها الله تَعَالَى فاتخذوها سنة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عِكْرِمَة قَالَ: أَتَى ابْن عَبَّاس يَهُودِيّ وَنَصْرَانِي فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: مَا دعَاكُمْ أَن تسجدوا بجباهكم فَلم يدر مَا يجِيبه فَقَالَ: سجدتم بجباهكم لقَوْل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء قَالَ: إِن هَذَا الْجَبَل جبل الطّور هُوَ الَّذِي رفع على بني إِسْرَائِيل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَإِذ نتقنا الْجَبَل﴾ قَالَ: كَمَا تنتق الزبدة أخرجنَا الْجَبَل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ثَابت بن الْحجَّاج قَالَ: جَاءَتْهُم التَّوْرَاة جملَة وَاحِدَة فَكبر عَلَيْهِم فَأَبَوا أَن يأخذوه حَتَّى ظلَّل الله عَلَيْهِم الْجَبَل فَأَخَذُوهُ عِنْد ذَلِك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة ﴿وَإِذ نتقنا الْجَبَل﴾ قَالَ: انتزعه الله من أَصله ثمَّ جعله فَوق رؤوسهم ثمَّ قَالَ: لتأخذن أَمْرِي أَو لأرمينكم بِهِ
وَأخرج الزبير بن بكار فِي الموفقيات عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: كتب هِرقل ملك الرّوم إِلَى مُعَاوِيَة يسْأَله عَن الشَّيْء وَلَا شَيْء وَعَن دين لَا يقبل الله غَيره وَعَن مِفْتَاح الصَّلَاة وَعَن غرس الْجنَّة وَعَن صلا ة كل شَيْء وَعَن أَرْبَعَة فيهم الرّوح وَلم يركضوا فِي اصلاب الرِّجَال وَلَا ارحام النِّسَاء وَعَن رجل لَا أَب لَهُ وَعَن رجل لَا قوم لَهُ وَعَن قبر جرى بِصَاحِبِهِ وَعَن قَوس قزَح وَعَن بقْعَة طلعت عَلَيْهَا الشَّمْس مرّة لم تطلع عَلَيْهَا قبلهَا وَلَا بعْدهَا وَعَن ظاعن ظعن مرّة لم يظعن قبلهَا وَلَا بعْدهَا وَعَن شَجَرَة نَبتَت بِغَيْر مَاء وَعَن شَيْء يتنفس لَا روح لَهُ وَعَن الْيَوْم وأمس وغد وَبعد غَد مَا أجزاؤها فِي الْكَلَام وَعَن الرَّعْد والبرق وصوته وَعَن المجرة وَعَن المحو الَّذِي فِي الْقَمَر فَقيل لَهُ: لست هُنَاكَ وَإنَّك مَتى تخطىء شَيْئا فِي كتابك إِلَيْهِ يغتمزه فِيك فَاكْتُبْ إِلَى ابْن عَبَّاس
فَكتب إِلَيْهِ فَأَجَابَهُ ابْن عَبَّاس: أما الشَّيْء: فالماء قَالَ الله ﴿وَجَعَلنَا من المَاء كل شَيْء حَيّ﴾ واما لَا شَيْء: فالدنيا تبيد وتفنى وَأما الدّين الَّذِي لَا يقبل الله غَيره: فَلَا إِلَه إِلَّا الله وَأما مِفْتَاح الصَّلَاة: فَالله أكبر وَأما غرس الْجنَّة
فَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَأما صَلَاة كل شَيْء: فسبحان الله وَبِحَمْدِهِ وَأما الْأَرْبَعَة الَّتِي فِيهَا الرّوح وَلم يرتكضوا فِي أصلاب الرِّجَال وَلَا أَرْحَام
قَالَ الله ﴿وَالصُّبْح إِذا تنفس﴾ التكوير الْآيَة ١٨ وَأما الْيَوْم: فَعمل وَأما أمس: فَمثل وَأما غَد: فأجل وَبعد غَد فأمل وَأما الْبَرْق: فمخاريق بأيدي الْمَلَائِكَة تضرب بهَا السَّحَاب وَأما الرَّعْد: فاسم الْملك الَّذِي يَسُوق السَّحَاب وصوته زَجره وَأما المجرة: فأبواب السَّمَاء وَمِنْهَا تفتح الْأَبْوَاب وَأما المحو الَّذِي فِي الْقَمَر فَقَوْل الله ﴿وَجَعَلنَا اللَّيْل وَالنَّهَار آيَتَيْنِ فمحونا آيَة اللَّيْل﴾ الاسراء الْآيَة ١٢ وَلَوْلَا ذَلِك المحو لم يعرف اللَّيْل من النَّهَار وَلَا النَّهَار من اللَّيْل
فَبعث بهَا مُعَاوِيَة إِلَى قَيْصر وَكتب إِلَيْهِ جَوَاب مسَائِله
فَقَالَ قَيْصر: مَا يعلم هَذَا إِلَّا نَبِي أَو رجل من أهل بَيت نَبِي
وَالله تَعَالَى أعلم
- الْآيَة (١٧٢ - ١٧٤)
قَالَ: خلق الله آدم وَأخذ ميثاقه أَنه ربه وَكتب أَجله ورزقه ومصيبته ثمَّ أخرج وَلَده من ظَهره كَهَيئَةِ الذَّر فَأخذ مواثيقهم أَنه رَبهم وَكتب آجالهم وأرزاقهم ومصائبهم
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم﴾ الْآيَة
قَالَ: لما خلق الله آدم أَخذ ذُريَّته من ظَهره كَهَيئَةِ الذَّر ثمَّ سماهم بِأَسْمَائِهِمْ فَقَالَ: هَذَا فلَان بن فلَان يعْمل كَذَا وَكَذَا وَهَذَا فلَان بن فلَان يعْمل كَذَا وَكَذَا ثمَّ أَخذ بِيَدِهِ قبضتين فَقَالَ: هَؤُلَاءِ فِي الْجنَّة وَهَؤُلَاء فِي النَّار
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم واللالكائي فِي السّنة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِذ أَخذ رَبك﴾ الْآيَة
قَالَ: إِن الله خلق آدم ثمَّ أخرج ذُريَّته من صلبه مثل الذَّر فَقَالَ لَهُم: من ربكُم فَقَالُوا: الله رَبنَا
ثمَّ أعادهم فِي صلبه حَتَّى يُولد كل من أَخذ ميثاقه لَا يُزَاد فيهم وَلَا ينقص مِنْهُم إِلَى أَن تقوم السَّاعَة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما أهبط آدم عَلَيْهِ السَّلَام حِين أهبط بدحناء فَمسح الله ظَهره فَأخْرج كل نسمَة هُوَ خَالِقهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ قَالَ: أَلَسْت بربكم قَالُوا: بلَى
فَيَوْمئِذٍ جف الْقَلَم بِمَا هُوَ كَائِن إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: مسح الله على صلب آدم فَأخْرج من صلبه مَا يكون من ذُريَّته إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأخذ ميثاقهم أَنه رَبهم وَأَعْطوهُ ذَلِك فَلَا يسْأَل أحد كَافِر وَلَا غَيره من رَبك إِلَّا قَالَ: الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ واللالكائي فِي السّنة عَن عبد الله بن عَمْرو فِي قَوْله ﴿وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ﴾ قَالَ: أَخذهم من ظهْرهمْ كَمَا يُؤْخَذ بالمشط من الرَّأْس
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مَنْدَه فِي كتاب الرَّد على الْجَهْمِية وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: أخرج ذُريَّته من صلبه كَأَنَّهُمْ الذَّر فِي آذىء من المَاء
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: إِن الله ضرب بِيَمِينِهِ على منْكب آدم فَخرج مِنْهُ مثل اللُّؤْلُؤ فِي كَفه فَقَالَ: هَذَا للجنة
وَضرب بِيَدِهِ
قَالَ: وَهِي هَذِه الْآيَة ﴿وَلَقَد ذرأنا لِجَهَنَّم كثيرا من الْجِنّ والإِنس﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ١٧٩
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: مسح الله ظهر آدم وَهُوَ بِبَطن نعْمَان - وَاد إِلَى جنب عَرَفَة - فَأخْرج مِنْهُ كل نسمَة هُوَ خَالِقهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ أَخذ عَلَيْهِم الْمِيثَاق وتلا (أَن يَقُولُوا يَوْم الْقِيَامَة) هَكَذَا قَرَأَهَا يَقُولُوا بِالْيَاءِ
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عبد الْكَرِيم بن أبي أُميَّة قَالَ: أخرجُوا من ظَهره مثل طَرِيق النَّمْل
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: أقرُّوا لَهُ بالإِيمان والمعرفة الْأَرْوَاح قبل أَن يخلق أجسادها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: خلق الله الْأَرْوَاح قبل أَن يخلق الأجساد فَأخذ ميثاقهم
وَأخرج ابْن عبد الْبر فِي التَّمْهِيد من طَرِيق السّديّ عَن أبي مَالك وَعَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس وَعَن مرّة الْهَمدَانِي عَن ابْن مَسْعُود وناس من الصَّحَابَة فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ﴾ قَالُوا: لما أخرج الله آدم من الْجنَّة قبل تهبيطه من السَّمَاء مسح صفحة ظَهره الْيُمْنَى فَأخْرج مِنْهُ ذُريَّته بَيْضَاء مثل اللُّؤْلُؤ كَهَيئَةِ الذَّر فَقَالَ لَهُم: ادخُلُوا الْجنَّة برحمتي
وَمسح صفحة ظَهره الْيُسْرَى فَأخْرج مِنْهُ ذُرِّيَّة سَوْدَاء كَهَيئَةِ الذَّر فَقَالَ: ادخُلُوا النَّار وَلَا أُبَالِي
فَذَلِك قَوْله: أَصْحَاب الْيَمين وَأَصْحَاب الشمَال ثمَّ أَخذ مِنْهُم الْمِيثَاق فَقَالَ ﴿أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى﴾ فَأعْطَاهُ طَائِفَة طائعين وَطَائِفَة كارهين على وَجه التقية فَقَالَ: هُوَ وَالْمَلَائِكَة ﴿شَهِدنَا أَن تَقولُوا يَوْم الْقِيَامَة انَّا كُنَّا عَن هَذَا غافلين أَو تَقولُوا إِنَّمَا أشرك آبَاؤُنَا من قبل﴾ قَالُوا: فَلَيْسَ أحد من ولد آدم إِلَّا وَهُوَ يعرف الله أَنه ربه وَذَلِكَ قَوْله عز وَجل ﴿وَله أسلم من فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض طَوْعًا وَكرها﴾ آل عمرَان الْآيَة ٨٣ وَذَلِكَ قَوْله ﴿فَللَّه الْحجَّة الْبَالِغَة فَلَو شَاءَ لهداكم أَجْمَعِينَ﴾ الْأَنْعَام الْآيَة ١٤٩ يَعْنِي يَوْم أَخذ الْمِيثَاق
وَأخرج عبد بن حميد وَعبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي زَوَائِد الْمسند وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مَنْدَه فِي كتاب الرَّد على الْجَهْمِية والالكائي وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن أبيّ بن كَعْب فِي قَوْله ﴿وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ﴾ قَالَ: إِلَى قَوْله ﴿بِمَا فعل المبطلون﴾ جَمِيعًا فجعلهم أرواحاً فِي صورهم ثمَّ استنطقهم فتكلموا ثمَّ أَخذ عَلَيْهِم الْعَهْد والميثاق ﴿وأشهدهم على أنفسهم أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى﴾ قَالَ: فَإِنِّي أشهد عَلَيْكُم السَّمَوَات السَّبع وَأشْهد عَلَيْكُم أَبَاكُم آدم ﴿أَن تَقولُوا يَوْم الْقِيَامَة﴾ انَّا لم نعلم بِهَذَا اعلموا أَنه لَا إِلَه غَيْرِي وَلَا رب غَيْرِي وَلَا تُشْرِكُوا بِي شَيْئا إِنِّي سأرسل إِلَيْكُم رُسُلِي يذكرونكم عهدي وميثاقي وَأنزل عَلَيْكُم كتبي قَالُوا: شَهِدنَا بأنك رَبنَا وإلهنا لَا رب لنا غَيْرك وَلَا إِلَه لنا غَيْرك فأقروا وَرفع عَلَيْهِم آدم ينظر إِلَيْهِم فَرَأى الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَحسن الصُّورَة وَدون ذَلِك فَقَالَ: يَا رب لَوْلَا سوّيت بَين عِبَادك قَالَ: إِنِّي أَحْبَبْت أَن أشكر
وَرَأى الْأَنْبِيَاء فيهم مثل السرج عَلَيْهِم النُّور وخصوا بميثاق آخر فِي الرسَالَة والنبوة أَن يبلغُوا وَهُوَ قَوْله ﴿وَإِذ أَخذنَا من النَّبِيين ميثاقهم﴾ الْأَحْزَاب الْآيَة ٧ الْآيَة وَهُوَ قَوْله ﴿فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا﴾ الرّوم الْآيَة ٣٠ وَفِي ذَلِك قَالَ ﴿وَمَا وجدنَا لأكثرهم من عهد وَإِن وجدنَا أَكْثَرهم لفاسقين﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ١٠٢ وَفِي ذَلِك قَالَ ﴿فَمَا كَانُوا ليؤمنوا بِمَا كذبُوا بِهِ من قبل﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ١٠١ قَالَ: فَكَانَ فِي علم الله يَوْمئِذٍ من يكذب بِهِ وَمن يصدق بِهِ فَكَانَ روح عِيسَى من تِلْكَ الْأَرْوَاح الَّتِي أَخذ عهدها وميثاقها فِي زمن آدم فَأرْسلهُ الله إِلَى مَرْيَم فِي صُورَة بشر فتمثل لَهَا بشرا سوياً
قَالَ: أبي فَدخل من فِيهَا
فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ أَن الله خلق آدم ثمَّ مسح ظَهره بِيَمِينِهِ فاستخرج مِنْهُ ذُرِّيَّة فَقَالَ: خلقت هَؤُلَاءِ للجنة وبعمل أهل الْجنَّة يعْملُونَ ثمَّ مسح ظَهره فاستخرج مِنْهُ ذُرِّيَّة فَقَالَ: خلقت هَؤُلَاءِ للنار وبعمل أهل النَّار يعْملُونَ
فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله فَفِيمَ الْعَمَل فَقَالَ: إِن الله إِذا خلق العَبْد للجنة اسْتَعْملهُ بِعَمَل أهل الْجنَّة حَتَّى يَمُوت على عمل من أَعمال أهل الْجنَّة فيدخله الله الْجنَّة وَإِذا خلق العَبْد للنار اسْتَعْملهُ بِعَمَل أهل النَّار حَتَّى يَمُوت على عمل من أَعمال أهل النَّار فيدخله الله النَّار
وَأخرج أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله أَخذ الْمِيثَاق من ظهر آدم بنعمان يَوْم عَرَفَة فَأخْرج من صلبه كل ذُرِّيَّة ذرأها فنثرها بَين يَدَيْهِ كالذر ثمَّ كَلمهمْ قبلا قَالَ ﴿أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى شَهِدنَا﴾ إِلَى قَوْله ﴿المبطلون﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مَنْدَه فِي كتاب الرَّد على الْجَهْمِية عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ﴾ قَالَ أَخذ من ظَهره كَمَا يُؤْخَذ بالمشط من الرَّأْس
فَقَالَ لَهُم ﴿أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى﴾ قَالَت الْمَلَائِكَة ﴿شَهِدنَا أَن تَقولُوا يَوْم الْقِيَامَة انَّا كُنَّا عَن هَذَا غافلين﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مَنْدَه وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله لما خلق آدم مسح ظَهره فخرت مِنْهُ كل نسمَة هُوَ خَالِقهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَنزع ضلعاً من أضلاعه فخلق مِنْهُ حَوَّاء ثمَّ أَخذ عَلَيْهِم الْعَهْد ﴿أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى﴾ ثمَّ اختلس كل نسمَة من بني آدم بنوره فِي وَجهه وَجعل فِيهِ الْبلوى الَّذِي كتب أَنه يَبْتَلِيه بهَا فِي الدُّنْيَا من الأسقام ثمَّ عرضهمْ على آدم فَقَالَ: يَا آدم هَؤُلَاءِ ذريتك
وَإِذا فيهم الأجذم والأبرص وَالْأَعْمَى وأنواع الأسقام فَقَالَ آدم: يَا رب لم فعلت هَذَا بذريتي قَالَ: كي
وَقَالَ آدم: يَا رب من هَؤُلَاءِ الَّذين أَرَاهُم أظهر النَّاس نورا قَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاء من ذريتك
قَالَ: من هَذَا الَّذِي أرَاهُ أظهرهم نورا قَالَ: هَذَا دَاوُد يكون فِي آخر الْأُمَم
قَالَ: يَا رب كم جعلت عمره قَالَ: سِتِّينَ سنة
قَالَ: يَا رب كم جعلت عمري قَالَ: كَذَا وَكَذَا
قَالَ: يَا رب فزده من عمري أَرْبَعِينَ سنة حَتَّى يكون عمره مائَة سنة
قَالَ: أتفعل يَا آدم قَالَ: نعم يَا رب
قَالَ: فَيكْتب وَيخْتم إنَّا كتبنَا وختمنا وَلم نغير
قَالَ: فافعل أَي رب
قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَلَمَّا جَاءَ ملك الْمَوْت إِلَى آدم ليقْبض روحه قَالَ: مَاذَا تُرِيدُ يَا ملك الْمَوْت قَالَ: أُرِيد قبض روحك
قَالَ: ألم يبْق من أَجلي أَرْبَعُونَ سنة قَالَ: أَو لم تعطها ابْنك دَاوُد قَالَ: لَا
قَالَ: فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَقُول: نسي آدم ونسيت ذُريَّته وَجحد آدم فَجحدت ذُريَّته
وَأخرج ابْن جرير عَن جُوَيْبِر قَالَ: مَاتَ ابْن الضَّحَّاك بن مُزَاحم ابْن سِتَّة أَيَّام فَقَالَ: إِذا وضعت ابْني فِي لحده فأبرز وَجهه وَحل عقده فَإِن ابْني مجْلِس ومسؤول
فَقلت: عمَّ يسْأَل قَالَ: عَن مِيثَاق الَّذِي أقرَّ بِهِ فِي صلب آدم حَدثنِي ابْن عَبَّاس: أَن الله مسح صلب آدم فاستخرج مِنْهُ كل نسمَة هُوَ خَالِقهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَأخذ مِنْهُم الْمِيثَاق أَن يعبدوه وَلَا يشركوا بِهِ شَيْئا وتكفل لَهُم بالأرزاق ثمَّ أعادهم فِي صلبه فَلَنْ تقوم السَّاعَة حَتَّى يُولد من أعطي الْمِيثَاق يَوْمئِذٍ فَمن أدْرك مِنْهُم الْمِيثَاق الآخر فوفى بِهِ نَفعه الْمِيثَاق الأوّل وَمن أدْرك الْمِيثَاق الآخر فَلم يقر بِهِ لم يَنْفَعهُ الْمِيثَاق الأول وَمن مَاتَ صَغِيرا قبل أَن يدْرك الْمِيثَاق الآخر مَاتَ على الْمِيثَاق الأول على الْفطْرَة
وَأخرج عبد بن حميد عَن سلمَان قَالَ: إِن الله لما خلق آدم مسح ظَهره فَأخْرج مِنْهُ مَا هُوَ ذارىء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَكتب الْآجَال والأرزاق والأعمال والشقوة والسعادة فَمن علم السَّعَادَة فعل الْخَيْر ومجالس الْخَيْر وَمن علم الشقاوة فعل الشَّرّ ومجالس الشَّرّ
وَأخرج عبد بن حميد والحكيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَأَبُو الشَّيْخ فِي العظمة وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خلق الله الْخلق وَقضى الْقَضِيَّة وَأخذ مِيثَاق النَّبِيين وعرشه على المَاء فَأخذ أهل الْيَمين بِيَمِينِهِ وَأخذ أهل الشمَال بِيَدِهِ الْأُخْرَى - وكلتا يَدي الرَّحْمَن يَمِين - فَقَالَ: يَا أَصْحَاب الْيَمين
قَالَ ﴿أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى﴾ قَالَ: يَا أَصْحَاب الشمَال
فاستجابوا لَهُ فَقَالُوا: لبيْك رَبنَا وَسَعْديك
قَالَ ﴿أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى﴾ فخلط بَعضهم بِبَعْض فَقَالَ قَائِل مِنْهُم: رب لم خلطت بَيْننَا قَالَ ﴿وَلَهُم أَعمال من دون ذَلِك هم لَهَا عاملون﴾ الْمُؤْمِنُونَ الْآيَة ٦٣
﴿أَن تَقولُوا يَوْم الْقِيَامَة انَّا كُنَّا عَن هَذَا غافلين﴾ ثمَّ ردهم فِي صلب آدم فَأهل الْجنَّة أَهلهَا وَأهل النَّار أَهلهَا فَقَالَ قَائِل: يَا رَسُول الله فَمَا الْأَعْمَال قَالَ: يعْمل كل قوم لمنازلهم
فَقَالَ عمر بن الْخطاب: إِذا نجتهد
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما خلق الله آدم مسح ظَهره فَسقط من ظَهره نسمَة هُوَ خَالِقهَا من ذُريَّته إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَجعل بَين عَيْني كل إِنْسَان مِنْهُم وبيصاً من نور ثمَّ عرضهمْ على آدم فَقَالَ: أَي رب من هَؤُلَاءِ قَالَ: هَؤُلَاءِ ذريتك
فَرَأى رجلا مِنْهُم فأعجبه وبيص مَا بَين عَيْنَيْهِ فَقَالَ: أَي رب من هَذَا فَقَالَ: رجل من آخر الْأُمَم من ذريتك يُقَال لَهُ دَاوُد
قَالَ: أَي رب وَكم جعلت عمره قَالَ: سِتِّينَ سنة قَالَ: أَي رب زده من عمري أَرْبَعِينَ سنة
فَلَمَّا انْقَضى عمر آدم جَاءَ ملك الْمَوْت فَقَالَ: أولم يبْق من عمري أَرْبَعُونَ سنة قَالَ: أولم تعطها ابْنك دَاوُد قَالَ: فَجحد فَجحدت ذُريَّته وَنسي فنسيت ذُريَّته
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الشُّكْر وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن الْحسن قَالَ: لما خلق الله آدم عَلَيْهِ السَّلَام وَأخرج أهل الْجنَّة من صفحته الْيُمْنَى وَأخرج أهل النَّار من صفحته الْيُسْرَى فدبوا على وَجه الأَرْض مِنْهُم الْأَعْمَى والأصم والأبرص والمقعد والمبتلى بأنواع الْبلَاء فَقَالَ آدم: يَا رب أَلا سويت بَين وَلَدي قَالَ: يَا آدم إِنِّي أردْت أَن أشكر ثمَّ ردهم فِي صلبه
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن قَتَادَة وَالْحسن قَالَا: لما عرضت على آدم ذُريَّته فَرَأى فضل بَعضهم على بعض قَالَ: أَي رب أفهلا سوّيت بَينهم قَالَ: إِنِّي أحب أَن أشكر يرى ذُو الْفضل فَضله فيحمدني ويشكرني
وَأخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن بكر
مثله
فَأهل الْجنَّة ميسرون لعمل أهل الْجنَّة وَأهل النَّار ميسرون لعمل أهل النَّار
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن مُعَاوِيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله أخرج ذُرِّيَّة آدم من صلبه حَتَّى ملؤوا الأَرْض وَكَانُوا هَكَذَا فضم إِحْدَى يَدَيْهِ على الْأُخْرَى
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر الْأُصُول وَابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَأَلت رَبِّي فَأَعْطَانِي أَوْلَاد الْمُشْركين خدماً لأهل الْجنَّة وَذَلِكَ أَنهم لم يدركوا مَا أدْرك آباؤهم من الشّرك وهم فِي الْمِيثَاق الأوّل
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يُقَال للرجل من أهل النَّار يَوْم الْقِيَامَة: أَرَأَيْت لَو كَانَ لَك مَا على الأَرْض من شَيْء أَكنت مفتدياً بِهِ فَيَقُول: نعم
فَيَقُول: قد أردْت مِنْك أَهْون من ذَلِك قد أخذت عَلَيْك فِي ظهر أَبِيك آدم أَن لَا تشرك بِي فأبيت إِلَّا أَن تشرك بِي
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عَليّ بن حُسَيْن
أَنه كَانَ يعْزل ويتأوّل هَذِه الْآيَة ﴿وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْعَزْل فَقَالَ لَا عَلَيْكُم أَن لَا تَفعلُوا إِن تكن مِمَّا أَخذ الله مِنْهَا الْمِيثَاق فَكَانَت على صَخْرَة نفخ فِيهَا الرّوح
وَأخرج أَحْمد وَابْن أبي حَاتِم عَن أنس قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْعَزْل فَقَالَ لَو أَن المَاء الَّذِي يكون مِنْهُ الْوَلَد صب على صَخْرَة لأخرج الله مِنْهَا مَا قدر ليخلق الله نفسا هُوَ خَالِقهَا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن ابْن مَسْعُود
أَنه سُئِلَ عَن الْعَزْل فَقَالَ: لَو أَخذ الله مِيثَاق نسمَة من صلب رجل ثمَّ أفرغه على صفا لأخرجه من ذَلِك الصَّفَا فَإِن شِئْت فأعزل وَإِن شِئْت فَلَا تعزل
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَأَبُو الشَّيْخ عَن فَاطِمَة بنت حُسَيْن قَالَت: لما أَخذ الله الْمِيثَاق من بني آدم جعله فِي الرُّكْن فَمن الْوَفَاء بِعَهْد الله استلام الْحجر
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ: كنت مَعَ أبي مُحَمَّد بن عَليّ فَقَالَ لَهُ رجل: يَا أَبَا جَعْفَر مَا بَدْء خلق هَذَا الرُّكْن فَقَالَ: إِن الله لما خلق الْخلق قَالَ لبني آدم ﴿أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى﴾ فأقروا وأجرى نَهرا أحلى من الْعَسَل وألين من الزّبد ثمَّ أَمر الْقَلَم فاستمد من ذَلِك النَّهر فَكتب إقرارهم وَمَا هُوَ كَائِن إِلَى الْيَوْم الْقِيَامَة ثمَّ ألقم ذَلِك الْكتاب هَذَا الْحجر فَهَذَا الإِستلام الَّذِي ترى إِنَّمَا هُوَ بَيْعه على إقرارهم الَّذِي كَانُوا أقرُّوا بِهِ
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ضرب الله متن آدم فَخرجت كل نفس مخلوقة للجنة بَيْضَاء نقية فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أهل الْجنَّة وَخرجت كل نفس مخلوقة للنار سَوْدَاء فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أهل النَّار أَمْثَال الْخَرْدَل فِي صور الذَّر فَقَالَ: يَا عباد الله أجِيبُوا الله: يَا عباد الله أطِيعُوا الله
قَالُوا: لبيْك اللَّهُمَّ أطعناك اللَّهُمَّ أطعناك اللَّهُمَّ أطعناك
وَهِي الَّتِي أعْطى الله إِبْرَاهِيم فِي الْمَنَاسِك: لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك
فَأخذ عَلَيْهِم الْعَهْد بالإِيمان بِهِ والإِقرار والمعرفة بِاللَّه وَأمره
وَأخرج الجندي فِي فَضَائِل مَكَّة وَأَبُو الْحسن الْقطَّان فِي الطوالات وَالْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان وَضَعفه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: حجَجنَا مَعَ عمر بن الْخطاب فَلَمَّا دخل الطّواف اسْتقْبل الْحجر فَقَالَ: إِنِّي أعلم أَنَّك حجر لَا تضر وَلَا تَنْفَع وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبلك مَا قبلتك ثمَّ قبله فَقَالَ لَهُ عَليّ بن أبي طَالب: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّه يضر وينفع قَالَ: بِمَ
قَالَ: بِكِتَاب الله عز وَجل قَالَ: وَأَيْنَ ذَلِك من كتاب الله قَالَ الله ﴿وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ﴾ إِلَى قَوْله ﴿بلَى﴾ خلق الله آدم وَمسح على ظَهره فقررهم بِأَنَّهُ الرب وَإِنَّهُم العبيد وَأخذ عهودهم ومواثيقهم وَكتب ذَلِك فِي رق وَكَانَ لهَذَا الْحجر عينان ولسان فَقَالَ لَهُ افْتَحْ فَاك
فَفتح فَاه فألقمه ذَلِك الرّقّ فَقَالَ: أشهد لمن وافاك بالموافاة يَوْم الْقِيَامَة وَإِنِّي أشهد لسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول يُؤْتى يَوْم الْقِيَامَة بِالْحجرِ الْأسود وَله لِسَان ذلق يشْهد لمن يستلمه بِالتَّوْحِيدِ فَهُوَ يَا أَمِير
فَقَالَ عمر: أعوذ بِاللَّه أَن أعيش فِي قوم لست فيهم يَا أَبَا حسن
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِذ أَخذ رَبك﴾ الْآيَة
قَالَ: أَخذهم فِي كَفه كَأَنَّهُمْ الْخَرْدَل الْأَوَّلين والآخرين فقلبهم فِي يَده مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا يرفع ويطأطئها مَا شَاءَ الله من ذَلِك ثمَّ ردههم فِي أصلاب آبَائِهِم حَتَّى أخرجهم قرنا بعد قرن ثمَّ قَالَ بعد ذَلِك ﴿وَمَا وجدنَا لأكثرهم من عهد﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ١٠٢ الْآيَة
ثمَّ نزل بعد ذَلِك ﴿واذْكُرُوا نعْمَة الله عَلَيْكُم وميثاقه الَّذِي واثقكم بِهِ﴾ الْمَائِدَة الْآيَة ٧
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبد الله بن عمر قَالَ: لما خلق الله آدم نفضه نفض المزود فَخر مِنْهُ مثل النغف فَقبض مِنْهُ قبضتين فَقَالَ لما فِي الْيَمين: فِي الْجنَّة وَقَالَ لما فِي الْأُخْرَى: فِي النَّار
وَأخرج ابْن سعد وَأحمد عَن عبد الرَّحْمَن بن قَتَادَة السّلمِيّ وَكَانَ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الله تبَارك وَتَعَالَى خلق آدم ثمَّ أَخذ الْخلق من ظَهره فَقَالَ: هَؤُلَاءِ فِي الْجنَّة وَلَا أُبَالِي وَهَؤُلَاء فِي النَّار وَلَا أُبَالِي
فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله فعلى مَاذَا نعمل قَالَ: على مواقع الْقدر
وَأخرج أَحْمد وَالْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: خلق الله آدم حِين خلقه فَضرب كتفه الْيُمْنَى فَأخْرج ذُرِّيَّة بَيْضَاء كَأَنَّهُمْ الذَّر وَضرب كتفه الْيُسْرَى فَأخْرج ذُرِّيَّة سَوْدَاء كَأَنَّهُمْ الحممة فَقَالَ للَّذي فِي يَمِينه: إِلَى الْجنَّة وَلَا أُبَالِي وَقَالَ للَّذي فِي كتفه الْيُسْرَى: إِلَى النَّار وَلَا أُبَالِي
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ والآجري وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله جلّ ذكره يَوْم خلق آدم قبض من صلبه قبضتين فَوَقع كل طيب فِي يَمِينه وكل خَبِيث بِيَدِهِ الْأُخْرَى فَقَالَ: هَؤُلَاءِ أَصْحَاب الْجنَّة وَلَا أُبَالِي وَهَؤُلَاء أَصْحَاب النَّار وَلَا أُبَالِي ثمَّ أعادهم فِي صلب آدم فهم يَنْسلونَ على ذَلِك إِلَى الْآن
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي القبضتين هَذِه فِي الْجنَّة وَلَا أُبَالِي
قَالَ: فَتفرق النَّاس وهم لَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْقدر
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نوادرالأصول والآجري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما خلق الله آدم ضرب بِيَدِهِ على شقّ آدم الْأَيْمن فَأخْرج ذَرأ كالذر فَقَالَ: يَا آدم هَؤُلَاءِ ذريتك من أهل الْجنَّة ثمَّ ضرب بِيَدِهِ على شقّ آدم الْأَيْسَر فَأخْرج ذَرأ كالحمم ثمَّ قَالَ: هَؤُلَاءِ ذريتك من أهل النَّار
وَأخرج أَحْمد عَن أبي نضر
فَإِن رجلا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُقَال لَهُ أَبُو عبد الله دخل عَلَيْهِ أَصْحَابه يعودونه وَهُوَ يبكي فَقَالُوا لَهُ: مَا يبكيك قَالَ: سَمِعت رَسُول الله يَقُول إِن الله قبض بِيَمِينِهِ قَبْضَة وَأُخْرَى بِالْيَدِ الْأُخْرَى فَقَالَ: هَذِه لهَذِهِ وَهَذِه لهَذِهِ وَلَا أُبَالِي فَلَا أَدْرِي فِي أَي القبضتين أَنا
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله قبض قَبْضَة فَقَالَ: للجنة برحمتي وَقبض قَبْضَة فَقَالَ: إِلَى النَّار وَلَا أُبَالِي
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك قَالَ: إِن الله أخرج من ظهر آدم يَوْم خلقه مَا يكون إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَأخْرجهُمْ مثل الذَّر ثمَّ قَالَ ﴿أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى﴾ قَالَت الْمَلَائِكَة: شَهِدنَا
ثمَّ قبض قَبْضَة بِيَمِينِهِ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ فِي الْجنَّة
ثمَّ قبض قَبْضَة أُخْرَى فَقَالَ: هَؤُلَاءِ فِي النَّار وَلَا أُبَالِي
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿إِن تَقولُوا يَوْم الْقِيَامَة انَّا كُنَّا عَن هَذَا غافلين﴾ قَالَ: عَن الْمِيثَاق الَّذِي أَخذ عَلَيْهِم ﴿أَو تَقولُوا إِنَّمَا أشرك آبَاؤُنَا من قبل﴾ فَلَا يَسْتَطِيع أحد من خلق الله من الذُّرِّيَّة ﴿أَو تَقولُوا إِنَّمَا أشرك آبَاؤُنَا﴾ وَنَقَضُوا الْمِيثَاق ﴿وَكُنَّا ذُرِّيَّة من بعدهمْ أفتهلكنا﴾ بذنوب آبَاؤُنَا وَبِمَا فعل المبطلون
وَالله تَعَالَى أعلم
- الْآيَة (١٧٥ - ١٧٧)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هُوَ بلعم بن باعوراء
وَفِي لفظ: بلعام بن عَامر الَّذِي أُوتِيَ الِاسْم كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا﴾ الْآيَة
قَالَ: هُوَ رجل من مَدِينَة الجبارين يُقَال لَهُ بلعم تعلم اسْم الله الْأَكْبَر فَلَمَّا نزل بهم مُوسَى أَتَاهُ بَنو عَمه وَقَومه فَقَالُوا: إِن مُوسَى رجل جَدِيد وَمَعَهُ جنود كَثِيرَة وَإنَّهُ إِن يظْهر علينا يُهْلِكنَا فَادع الله أَن يرد عَنَّا مُوسَى وَمن مَعَه
قَالَ: إِنِّي إِن دَعَوْت الله أَن يرد مُوسَى وَمن مَعَه مَضَت دنياي وآخرتي فَلم يزَالُوا بِهِ حَتَّى دَعَا عَلَيْهِم فسلخ مِمَّا كَانَ فِيهِ
وَفِي قَوْله ﴿إِن تحمل عَلَيْهِ يَلْهَث أَو تتركه يَلْهَث﴾ قَالَ: إِن حمل الْحِكْمَة لم يحملهَا وَإِن ترك لم يهتد لخير كَالْكَلْبِ إِن كَانَ رابضاً لهث وَإِن طرد لهث
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه﴾ الْآيَة
قَالَ: هُوَ رجل أعْطى ثَلَاث دعوات يُسْتَجَاب لَهُ فِيهِنَّ وَكَانَت لَهُ امْرَأَة لَهُ مِنْهَا ولد فَقَالَت: اجْعَل لي مِنْهَا وَاحِدَة
قَالَ: فلك وَاحِدَة فَمَا الَّذِي ترتدين قَالَت: ادْع الله أَن يَجْعَلنِي أجمل امْرَأَة فِي بني إِسْرَائِيل
فَدَعَا الله فَجَعلهَا أجمل امْرَأَة فِي بني إِسْرَائِيل فَلَمَّا علمت أَن لَيْسَ فيهم مثلهَا رغبت عَنهُ وأرادت شَيْئا آخر فَدَعَا الله أَن يَجْعَلهَا كلبة فَصَارَت كلبة فَذَهَبت دعوتان فجَاء بنوها فَقَالُوا: لَيْسَ بِنَا على هَذَا قَرَار قد صَارَت أمنا كلبة يعيرنا النَّاس بهَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هُوَ رجل يدعى بلعم من أهل الْيمن آتَاهُ الله آيَاته فَتَركهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عمر ﴿واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا﴾ قَالَ: هُوَ أُميَّة بن أبي الصَّلْت الثَّقَفِيّ
وَفِي لفظ: نزلت فِي صَاحبكُم أُميَّة بن أبي الصَّلْت
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: قدمت الفارعة أُخْت أُميَّة بن أبي الصَّلْت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد فتح مَكَّة فَقَالَ لَهَا هَل تحفظين من شعر أَخِيك شَيْئا قَالَت: نعم
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا فارعة إِن مثل أَخِيك كَمثل الَّذِي آتَاهُ الله آيَاته فانسلخ مِنْهَا
وَأخرج ابْن عَسَاكِر عَن ابْن شهَاب قَالَ: قَالَ أُميَّة بن أبي الصَّلْت: أَلا رَسُول لنا منا يخبرنا مَا بعد غايتنا من رَأس نجرانا قَالَ: ثمَّ خرج أُميَّة إِلَى الْبَحْرين وتنبأ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَقَامَ أُميَّة بِالْبَحْرَيْنِ ثَمَانِي سِنِين ثمَّ قدم فلقي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي جمَاعَة من أَصْحَابه فَدَعَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الإِسلام وَقَرَأَ عَلَيْهِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ﴿يس وَالْقُرْآن الْحَكِيم﴾ يس الْآيَتَانِ ١ - ٢ حَتَّى فرغ مِنْهَا وثب أُميَّة يجر رجلَيْهِ فتبعته قُرَيْش تَقول: مَا تَقول يَا أُميَّة قَالَ: أشهد أَنه على الْحق
قَالُوا: فَهَل تتبعه قَالَ: حَتَّى أنظر فِي أمره
ثمَّ خرج أُميَّة إِلَى الشَّام وَقدم بعد وقْعَة بدر يُرِيد أَن يسلم فَلَمَّا أخبر بقتلى بدر ترك الإِسلام وَرجع إِلَى الطَّائِف
فَمَاتَ بهَا قَالَ: فَفِيهِ أنزل الله ﴿واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر عَن نَافِع بن عَاصِم بن عُرْوَة ابْن مَسْعُود قَالَ: إِنِّي لفي حَلقَة فِيهَا عبد الله بن عمر فَقَرَأَ رجل من الْقَوْم الْآيَة الَّتِي فِي الْأَعْرَاف ﴿واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا﴾ فَقَالَ: أَتَدْرُونَ من هُوَ فَقَالَ بَعضهم: هُوَ صَيْفِي بن الراهب
وَقَالَ بَعضهم: هُوَ
فَقَالَ: لَا
فَقَالُوا: من هُوَ قَالَ: أُميَّة بن أبي الصَّلْت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن الشّعبِيّ فِي هَذِه الْآيَة ﴿واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا﴾ قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ رجل من بني إِسْرَائِيل يُقَال لَهُ بلعم بن باعورا وَكَانَت الْأَنْصَار تَقول: هُوَ ابْن الراهب الَّذِي بنى لَهُ مَسْجِد الشقاق وَكَانَت ثَقِيف تَقول: هُوَ أُميَّة بن أبي الصَّلْت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: هُوَ صَيْفِي بن الراهب
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ نَبِي فِي بني إِسْرَائِيل يَعْنِي بلعم أُوتِيَ النبوّة فرشاه قومه على أَن يسكت فَفعل وتركهم على مَا هم عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فانسلخ مِنْهَا﴾ قَالَ: نزع مِنْهُ الْعلم
وَفِي قَوْله ﴿وَلَو شِئْنَا لرفعناه بهَا﴾ قَالَ: رَفعه الله بِعِلْمِهِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مَالك بن دِينَار قَالَ: بعث نَبِي الله مُوسَى بلعام بن باعورا إِلَى ملك مَدين يَدعُوهُم إِلَى الله وَكَانَ مجاب الدعْوَة وَكَانَ من عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل فَكَانَ مُوسَى يقدمهُ فِي الشدائد فاقطعه وأرضاه فَترك دين مُوسَى وَتبع دينه فَأنْزل الله ﴿واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن كَعْب فِي قَوْله ﴿واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا﴾ قَالَ: كَانَ يعلم اسْم الله الْأَعْظَم الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا﴾ قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله لمن عرض عَلَيْهِ الْهدى فَأبى أَن يقبله وَتَركه ﴿وَلَو شِئْنَا لرفعناه بهَا﴾ قَالَ: لَو شِئْنَا لرفعناه بإيتائه الْهدى فَلم يكن للشَّيْطَان عَلَيْهِ سَبِيل وَلَكِن الله يَبْتَلِي من يَشَاء من عباده ﴿وَلكنه أخلد إِلَى الأَرْض وَاتبع هَوَاهُ﴾ قَالَ: أَبى أَن يصحب الْهدى ﴿فَمثله كَمثل الْكَلْب﴾ الْآيَة
قَالَ: هَذَا مثل الْكَافِر ميت الْفُؤَاد كَمَا أميت فؤاد الْكَلْب
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم فِي قَوْله ﴿واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا﴾ قَالَ: أنَاس من الْيَهُود وَالنَّصَارَى والحنفاء مِمَّن أَعْطَاهُم الله من آيَاته وَكتابه ﴿فانسلخ مِنْهَا﴾ فَجعله مثل الْكَلْب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿وَلكنه أخلد إِلَى الأَرْض﴾ قَالَ: ركن نزع
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿إِن تحمل عَلَيْهِ﴾ قَالَ: أَن تسع عَلَيْهِ
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿إِن تحمل عَلَيْهِ يَلْهَث﴾ قَالَ: الْكَلْب مُنْقَطع الْفُؤَاد لَا فؤاد لَهُ مثل الَّذِي يتْرك الْهدى لَا فؤاد لَهُ إِنَّمَا فُؤَاده مُنْقَطع كَانَ ضَالًّا قبل وَبعد
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْمُعْتَمِر قَالَ: سُئِلَ أَبُو الْمُعْتَمِر عَن هَذِه الْآيَة ﴿واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا﴾ فَحدث عَن سيار أَنه كَانَ رجلا يُقَال لَهُ بلعام وَكَانَ قد أُوتِيَ النبوّة وَكَانَ مجاب الدعْوَة ثمَّ أَن مُوسَى أقبل فِي بني إسرئيل يُرِيد الأَرْض الَّتِي فِيهَا بلعام فرعب النَّاس مِنْهُ رعْبًا شَدِيدا فَأتوا بلعام فَقَالُوا: ادْع الله على هَذَا الرجل قَالَ: حَتَّى أؤامر رَبِّي فوامر فِي الدُّعَاء عَلَيْهِم فَقيل لَهُ: لَا تدع عَلَيْهِم فَإِن فيهم عبَادي وَفِيهِمْ نَبِيّهم فَقَالَ لِقَوْمِهِ: قد وَأمرت فِي الدُّعَاء عَلَيْهِم وَإِنِّي قد نهيت
قَالَ: فاهدوا إِلَيْهِ هَدِيَّة فقبلها ثمَّ راجعوه فَقَالُوا: ادْع الله عَلَيْهِم
فَقَالَ: حَتَّى أوَامِر فوامر فَلم يحار إِلَيْهِ شَيْء
فَقَالَ: قد وَأمرت فَلم يحار إِلَى شَيْء
فَقَالُوا: لَو كره رَبك أَن تَدْعُو عَلَيْهِم لنهاك كَمَا نهاك الأولى فَأخذ يَدْعُو عَلَيْهِم فَإِذا دَعَا جرى على لِسَانه الدُّعَاء على قومه فَإِذا أرسل أَن يفتح على قومه جرى على لِسَانه أَن يفتح على مُوسَى وجيشه فَقَالُوا: مَا نرَاك إِلَّا تَدْعُو علينا
قَالَ: مَا يجْرِي على لساني إِلَّا هَكَذَا وَلَو دَعَوْت عَلَيْهِم مَا اسْتُجِيبَ لي وَلَكِن سأدلكم على أَمر عَسى أَن يكون فِيهِ هلاكهم إِن الله يبغض الزِّنَا وَإِن هم وَقَعُوا بِالزِّنَا هَلَكُوا فاخرِجُوا النِّسَاء فَإِنَّهُم قوم مسافرون فَعَسَى أَن يزنوا فيهلكوا فأخْرَجُوا النِّسَاء تستقبلهم فوقعوا بِالزِّنَا فَسلط الله عَلَيْهِم الطَّاعُون فَمَاتَ مِنْهُم سَبْعُونَ ألفا
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا﴾
- الْآيَة (١٧٨)
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ﴿ ولكنه أخلد إلى الأرض ﴾ قال : ركن نزع.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ﴿ إن تحمل عليه ﴾ قال : أن تسع عليه.
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله ﴿ إن تحمل عليه يلهث ﴾ قال : الكلب منقطع الفؤاد لا فؤاد له مثل الذي يترك الهدى لا فؤاد له، إنما فؤاده منقطع كان ضالاً قبل وبعد.
وَأخرج مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن جَابر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي خطبَته نحمد الله ونثني عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ يَقُول: من يهده الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ أصدق الحَدِيث كتاب الله وَأحسن الْهَدْي هدي مُحَمَّد وَشر الْأُمُور محدثاتها وكل محدثة بِدعَة وكل بِدعَة ضَلَالَة وكل ضَلَالَة فِي النَّار ثمَّ يَقُول: بعثت أَنا والساعة كهاتين
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبد الله بن عَمْرو بن العَاصِي قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: إِن الله خلق خلقه فِي ظلمَة ثمَّ ألْقى عَلَيْهِم من نوره فَمن أَصَابَهُ من ذَلِك النُّور يَوْمئِذٍ شَيْء اهْتَدَى وَمن اخطأه ضل فَلذَلِك أَقُول: جف الْقَلَم على علم الله
- الْآيَة (١٧٩)
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن ﴿وَلَقَد ذرأنا لِجَهَنَّم﴾ قَالَ: خلقنَا لِجَهَنَّم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله لما ذَرأ لِجَهَنَّم من ذَرأ كَانَ ولد الزِّنَا مِمَّن ذَرأ لِجَهَنَّم
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي مكايد الشَّيْطَان وَأَبُو يعلى وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خلق الله الْجِنّ ثَلَاثَة أَصْنَاف
صنف حيات وعقارب وخشاش الأَرْض وصنف كَالرِّيحِ فِي الْهَوَاء وصنف عَلَيْهِم الْحساب وَالْعِقَاب
وَخلق الله الإِنس ثَلَاثَة أَصْنَاف
صنف كَالْبَهَائِمِ قَالَ الله ﴿لَهُم قُلُوب لَا يفقهُونَ بهَا وَلَهُم أعين لَا يبصرون بهَا وَلَهُم آذان لَا يسمعُونَ بهَا أُولَئِكَ كالأنعام بل هم أضلّ﴾ وجنس أَجْسَادهم أجساد بني آدم وأرواحهم أَرْوَاح الشَّيَاطِين وصنف فِي ضل الله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَلَقَد ذرأنا لِجَهَنَّم﴾ قَالَ: لقد خلقنَا لِجَهَنَّم ﴿لَهُم قُلُوب لَا يفقهُونَ بهَا﴾ قَالَ: لَا يفقهُونَ شَيْئا من أَمر الْآخِرَة ﴿وَلَهُم أعين لَا يبصرون بهَا﴾ الْهدى ﴿وَلَهُم آذان لَا يسمعُونَ بهَا﴾ الْحق ثمَّ جعلهم كالأنعام ثمَّ جعلهم شرا من الْأَنْعَام فَقَالَ ﴿بل هم أضلّ﴾ ثمَّ أخبر أَنهم الغافلون
وَالله أعلم
- الْآيَة (١٨٠)
وَأخرج الدَّارقطني فِي الغرائب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: قَالَ الله عز وَجل: لي تِسْعَة وَتسْعُونَ اسْما من أحصاها دخل الْجنَّة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما مائَة إِلَّا وَاحِدًا من أحصاها دخل الْجنَّة
وَأخرج التِّرْمِذِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَابْن مَنْدَه وَالطَّبَرَانِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما مائَة إِلَّا وَاحِدًا من أحصاها دخل الْجنَّة إِنَّه وتر يحب الْوتر هُوَ الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم الْملك القدوس السَّلَام الْمُؤمن الْمُهَيْمِن الْعَزِيز الْجَبَّار المتكبر الْخَالِق البارىء المصور الغفّار القهّار الوهّاب الرزّاق الفتّاح الْعَلِيم الْقَابِض الباسط الْخَافِض الرافع الْمعز المذل السَّمِيع الْبَصِير الحكم الْعدْل اللَّطِيف الْخَبِير الْحَلِيم الْعَظِيم الغفور الشكُور الْعلي الْكَبِير الحفيظ المقيت الحسيب الْجَلِيل الْكَرِيم الرَّقِيب الْمُجيب الْوَاسِع الْحَكِيم الْوَدُود الْمجِيد الْبَاعِث الشَّهِيد الْحق الْوَكِيل الْقوي المتين الْوَلِيّ الحميد المحصي المبدىء المعيد المحيي المميت الْحَيّ القيوم الْوَاجِد الْمَاجِد الْوَاحِد الْأَحَد الصَّمد الْقَادِر المقتدر الْمُقدم الْمُؤخر الأول الآخر الظَّاهِر الْبَاطِن الْبر التواب المنتقم الْعَفو الرؤوف الْمَالِك الْملك ذُو الْجلَال والإِكرام الْوَالِي المتعال المقسط الْجَامِع الْغَنِيّ الْمُغنِي الْمَانِع الضار النافع النُّور الْهَادِي البديع الْبَاقِي الْوَارِث الرشيد الصبور
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي الدُّعَاء وَالطَّبَرَانِيّ كِلَاهُمَا وَأَبُو الشَّيْخ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما من أحصاها دخل الْجنَّة اسْأَل الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الإِله الرب الْملك القدوس السَّلَام الْمُؤمن الْمُهَيْمِن الْعَزِيز الْجَبَّار المتكبر الْخَالِق البارىء المصوّر الْحَلِيم الْعَلِيم السَّمِيع الْبَصِير الْحَيّ القيوم الْوَاسِع اللَّطِيف الْخَبِير الحنان المنان البديع الغفور الْوَدُود
وَأخرج أَبُو نعيم عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر قَالَا: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لله تِسْعَة وَتسْعُونَ اسْما من أحصاها دخل الْجنَّة وَهِي فِي الْقُرْآن
وَأخرج أَبُو نعيم عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر قَالَ: سَأَلت أبي جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق عَن الْأَسْمَاء التِّسْعَة وَالتسْعين الَّتِي من أحصاها دخل الْجنَّة فَقَالَ: هِيَ فِي الْقُرْآن فَفِي الْفَاتِحَة خَمْسَة أَسمَاء
يَا ألله يَا رب يَا رَحْمَن يَا رَحِيم يَا مَالك
وَفِي الْبَقَرَة ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ اسْما: يَا مُحِيط يَا قدير يَا عليم يَا حَكِيم يَا عَليّ يَا عَظِيم يَا تواب يَا بَصِير يَا ولي يَا وَاسع يَا كَافِي يَا رؤوف يَا بديع يَا شَاكر يَا وَاحِد يَا سميع يَا قَابض يَا باسط يَا حَيّ يَا قيوم يَا غَنِي يَا حميد يَا غَفُور يَا حَلِيم يَا إِلَه يَا قريب يَا مُجيب يَا عَزِيز يَا نصير يَا قوي يَا شَدِيد يَا سريع يَا خَبِير
وَفِي آل عمرَان: يَا وهَّاب يَا قَائِم يَا صَادِق يَا باعث يَا منعم يَا متفضل
وَفِي النِّسَاء: يَا رَقِيب يَا حسيب يَا شَهِيد يَا مقيت يَا وَكيل يَا عَليّ يَا كَبِير
وَفِي الْأَنْعَام: يَا فاطر يَا قاهر يَا لطيف يَا برهَان
وَفِي الْأَعْرَاف: يَا محيي يَا مميت
وَفِي الْأَنْفَال: يَا نعم الْمولى يَا نعم النصير
وَفِي هود: يَا حفيظ يَا مجيد يَا ودود يَا فعال لما يُرِيد
وَفِي الرَّعْد: يَا كَبِير يَا متعال
وَفِي إِبْرَاهِيم: يَا منَّان يَا وَارِث
وَفِي الْحجر: يَا خلاق
وَفِي مَرْيَم: يَا فَرد
وَفِي طه: يَا غفّار
وَفِي قد أَفْلح: يَا كريم
وَفِي النُّور: يَا حق يَا مُبين
وَفِي الْفرْقَان: يَا هادي
وَفِي سبأ: يَا فتَّاح
وَفِي الزمر:
وَفِي غَافِر: يَا غَافِر يَا قَابل التَّوْبَة يَا ذَا الطول يَا رفيع
وَفِي الذاريات: يَا رزاق يَا ذَا الْقُوَّة يَا متين
وَفِي الطّور: يَا بر
وَفِي اقْتَرَبت: يَا مليك يَا مقتدر
وَفِي الرَّحْمَن: يَاذَا الْجلَال والإِكرام يَا رب المشرقين يَا رب المغربين يَا بَاقِي يَا مهيمن
وَفِي الْحَدِيد: يَا أول يَا آخر يَا ظَاهر يَا بَاطِن
وَفِي الْحَشْر: يَا ملك يَا قدوس يَا سَلام يَا مُؤمن يَا مهيمن يَا عَزِيز يَا جَبَّار يَا متكبر يَا خَالق يَا بارىء يَا مُصَور
وَفِي البروج: يَا مبدئ يَا معيد
وَفِي الْفجْر: يَا وتر
وَفِي الإِخلاص: يَا أحد يَا صَمد
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَصَابَهُ هم أَو حزن فَلْيقل: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبدك وَابْن عَبدك وَابْن أمتك ناصيتي فِي يدك مَاض فيّ حكمك عدل فيّ قضاؤك أَسأَلك بِكُل اسْم هُوَ لَك سميت بِهِ نَفسك أَو أنزلته فِي كتابك أَو عَلمته أحدا من خلقك أَو استأثرت بِهِ فِي علم الْغَيْب عنْدك أَن تجْعَل الْقُرْآن الْعَظِيم ربيع قلبِي وَنور بَصرِي وَذَهَاب همي وجلاء حزني قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا قالهن مهموم قطّ إِلَّا أذهب الله همه وأبدله بهمه فرجا
قَالُوا: يَا رَسُول الله أَفلا نتعلم هَذِه الْكَلِمَات قَالَ: بلَى فتعلموهن وعلموهن
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة
أَنَّهَا قَالَت: يَا رَسُول الله عَلمنِي اسْم الله الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب
قَالَ لَهَا قومِي فتوضئي وادخلي الْمَسْجِد فَصلي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ادعِي حَتَّى أسمع
فَفعلت فَلَمَّا جَلَست للدُّعَاء قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ وفقها
فَقَالَت: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِجَمِيعِ أسمائك الْحسنى كلهَا مَا علمنَا مِنْهَا وَمَا لم نعلم وَأَسْأَلك بِاسْمِك الْعَظِيم الْأَعْظَم الْكَبِير الْأَكْبَر الَّذِي من دعَاك بِهِ أَجَبْته وَمن سَأَلَك بِهِ أَعْطيته
قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أصبته أصبته
قَوْله تَعَالَى: ﴿وذروا الَّذين يلحدون فِي أَسْمَائِهِ﴾
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الإِلحاد التَّكْذِيب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وذروا الَّذين يلحدون فِي أَسْمَائِهِ﴾ قَالَ: اشتقوا الْعُزَّى من الْعَزِيز واشتقوا اللات من الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء فِي الْآيَة قَالَ: الْإِلْحَاد الضاهاة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة ﴿وذروا الَّذين يلحدون فِي أَسْمَائِهِ﴾ قَالَ: يشركُونَ
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة ﴿يلحدون فِي أَسْمَائِهِ﴾ قَالَ: يكذبُون فِي أَسْمَائِهِ
- الْآيَة (١٨١)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَمِمَّنْ خلقنَا أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ﴾ قَالَ: بلغنَا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول إِذا قَرَأَهَا هَذِه لكم وَقد أعْطى الْقَوْم بَين أَيْدِيكُم مثلهَا ﴿وَمن قوم مُوسَى أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ١٥٩
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الرّبيع فِي قَوْله ﴿وَمِمَّنْ خلقنَا أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ﴾ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من أمتِي قوما على الْحق حَتَّى ينزل عِيسَى بن مَرْيَم مَتى مَا نزل
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: لتفترقن هَذِه الْأمة على ثَلَاث وَسبعين فرقة كلهَا فِي النَّار إِلَّا فرقة يَقُول الله ﴿وَمِمَّنْ خلقنَا أمة يهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِه يعدلُونَ﴾ فَهَذِهِ هِيَ الَّتِي تنجو من هَذِه الْأمة
- الْآيَة (١٨٢ - ١٨٣)
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن يحيى بن الْمثنى ﴿سنستدرجهم من حَيْثُ لَا يعلمُونَ﴾ قَالَ: كلما أَحْدَثُوا ذَنبا جددنا لَهُم نعْمَة تنسيهم الاسْتِغْفَار
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَأَبُو الشَّيْخ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات عَن سُفْيَان فِي قَوْله ﴿سنستدرجهم من حَيْثُ لَا يعلمُونَ﴾ قَالَ: نسبغ عَلَيْهِم النعم ونمنعهم شكرها
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ ﴿وأملي لَهُم إِن كيدي متين﴾ يَقُول: كف عَنْهُم وأخرجهم على رسلهم ان مكري شَدِيد ثمَّ نسخهَا الله فَأنْزل الله ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كيد الله الْعَذَاب والنقمة
- الْآيَة (١٨٤)
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كيد الله العذاب والنقمة.
- الْآيَة (١٨٥)
قَالَ: وأتيت على قوم بطونهم كالبيوت فِيهَا الْحَيَّات ترى من خَارج بطونهم قلت: من هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيل قَالَ هَؤُلَاءِ أَكلَة الرِّبَا فَلَمَّا نزلت إِلَى السَّمَاء
- الْآيَة (١٨٦)
أَنه خطب بالجابية فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: من يهده الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ
فَقَالَ لَهُ فَتى بَين يَدَيْهِ كلمة بِالْفَارِسِيَّةِ فَقَالَ عمر لمترجم يترجم لَهُ: مَا يَقُول قَالَ: يزْعم أَن الله لَا يضل أحدا
فَقَالَ عمر: كذبت يَا عَدو الله بل الله خلقك وَهُوَ أضلك وَهُوَ يدْخلك النَّار إِن شَاءَ الله وَلَوْلَا ولث عقد لضَرَبْت عُنُقك فَتفرق النَّاس وَمَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْقدر
وَالله أعلم
- الْآيَة (١٨٧)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة ﴿يَسْأَلُونَك عَن السَّاعَة أَيَّانَ مرْسَاها﴾ أَي مَتى قيامتها ﴿قل إِنَّمَا علمهَا عِنْد رَبِّي لَا يجليها لوَقْتهَا إِلَّا هُوَ﴾ قَالَ: قَالَت قُرَيْش: يَا مُحَمَّد أسر إِلَيْنَا السَّاعَة لما بَيْننَا وَبَيْنك من الْقَرَابَة
قَالَ: ﴿يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حفي عَنْهَا قل إِنَّمَا علمهَا عِنْد الله﴾ قَالَ: وَذكر لنا أَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُول تهج السَّاعَة بِالنَّاسِ: وَالرجل يسْقِي على مَاشِيَته وَالرجل يصلح حَوْضه وَالرجل يخْفض مِيزَانه وَيَرْفَعهُ وَالرجل يُقيم سلْعَته فِي السُّوق قَضَاء الله لَا تَأْتيكُمْ إِلَّا بَغْتَة
وَأخرج أَحْمد عَن حُذَيْفَة قَالَ سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السَّاعَة قَالَ ﴿علمهَا عِنْد رَبِّي لَا يجليها لوَقْتهَا إِلَّا هُوَ﴾ وَلَكِن أخْبركُم بمشاريطها وَمَا يكون بَين يَديهَا إِن بَين يَديهَا فتْنَة وهرجا
قَالُوا: يَا رَسُول الله الْفِتْنَة قد عرفناها الْهَرج مَا هُوَ قَالَ: بِلِسَان الْحَبَشَة الْقَتْل
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي مُوسَى الاشعري قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السَّاعَة وَأَنا شَاهد فَقَالَ لَا يعلمهَا إِلَّا الله وَلَا يجليها لوَقْتهَا إِلَّا هُوَ وَلَكِن سأخبركم بمشاريطها مَا بَين يَديهَا من الْفِتَن والهرج
فَقَالَ رجل: وَمَا الْهَرج يَا رَسُول الله قَالَ: بِلِسَان الْحَبَشَة الْقَتْل وَأَن تَجف قُلُوب النَّاس ويلقي بَينهم التناكر فَلَا يكَاد أحد يعرف أحدا وَيرْفَع ذُو الحجا وَيبقى رجراجة من النَّاس لَا يعْرفُونَ مَعْرُوفا وَلَا يُنكرُونَ مُنْكرا
وَأخرج مُسلم وَابْن أبي حَاتِم وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول قبل أَن يَمُوت بِشَهْر تَسْأَلُونِي عَن السَّاعَة وَإِنَّمَا علمهَا عِنْد الله وَأقسم بِاللَّه مَا على ظهر الأَرْض يَوْم من نفس منفوسة يَأْتِي عَلَيْهَا مائَة سنة
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ قَالَ: لَقِي عِيسَى جِبْرِيل فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا روح الله
قَالَ: وَعَلَيْك يَا روح الله
قَالَ: يَا جِبْرِيل مَتى السَّاعَة فانتفض جِبْرِيل فِي أجنحته ثمَّ قَالَ: مَا المسؤول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل ثقلت فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض لَا تَأْتيكُمْ إِلَّا بَغْتَة أَو قَالَ ﴿لَا يجليها لوَقْتهَا إِلَّا هُوَ﴾
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿لَا يجليها لوَقْتهَا إِلَّا هُوَ﴾ يَقُول: لَا يَأْتِي بهَا إِلَّا الله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي الْآيَة قَالَ: هُوَ يجليها لوَقْتهَا لَا يعلم ذَلِك إِلَّا الله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿ثقلت فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ قَالَ: لَيْسَ شَيْء من الْخلق إِلَّا يُصِيبهُ من ضَرَر يَوْم الْقِيَامَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿ثقلت فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ قَالَ: إِذا جَاءَت انشقت السَّمَاء وانتثرت النُّجُوم وكوّرت الشَّمْس وسيرت الْجبَال وَمَا يُصِيب الأَرْض وَكَانَ مَا قَالَ الله فَذَلِك ثقلهَا بهما
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿لَا تَأْتيكُمْ إِلَّا بَغْتَة﴾ قَالَ: فَجْأَة آمِنين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تقوم السَّاعَة على رجل أَكلته فِي فِيهِ فَلَا يلوكها وَلَا يسيغها وَلَا يلفظها وعَلى رجلَيْنِ قد نشرا بَينهمَا ثوبا يتبايعانه فَلَا يطويانه وَلَا يتبايعانه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يُنَادي مُنَاد: يَا أَيهَا النَّاس أتتكم السَّاعَة ثَلَاثًا
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿لَا يجليها لوَقْتهَا إِلَّا هُوَ﴾ يَقُول: لَا يرسلها لوَقْتهَا إِلَّا هُوَ ﴿ثقلت فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ يَقُول: خفيت فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض فَلم يعلم قِيَامهَا مَتى تقوم ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل ﴿لَا تَأْتيكُمْ إِلَّا بَغْتَة﴾ قَالَ: تبغتهم تأتيهم على غَفلَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿كَأَنَّك حفي عَنْهَا﴾ قَالَ: استحفيت عَنْهَا السُّؤَال حَتَّى علمتها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿كَأَنَّك حفي عَنْهَا﴾ قَالَ أَحدهمَا: عَالم بهَا وَقَالَ الآخر: يجب أَن يسْأَل عَنْهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿كَأَنَّك حفي عَنْهَا﴾ قَالَ: استحفيت عَنْهَا السُّؤَال حَتَّى علمتها
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿كَأَنَّك حفي عَنْهَا﴾ قَالَ أَحدهمَا: عَالم بهَا وَقَالَ الآخر: يجب أَن يسْأَل عَنْهَا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حفي عَنْهَا﴾ يَقُول: كَأَنَّك عَالم بهَا أَي لست تعلمهَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس ﴿يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حفي عَنْهَا﴾ يَقُول: كَانَ بَيْنك وَبينهمْ مَوَدَّة كَأَنَّك صديق لَهُم قَالَ ابْن عَبَّاس: لما سَأَلَ النَّاس مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن السَّاعَة سَأَلُوهُ سُؤال قوم كَأَنَّهُمْ يرَوْنَ أَن مُحَمَّدًا حفي بهم فَأوحى الله إِلَيْهِ: إِنَّمَا علمهَا عِنْده اسْتَأْثر بعلمها فَلم يطلع عَلَيْهَا ملكا وَلَا رَسُولا
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي مَالك ﴿يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حفي عَنْهَا﴾ قَالَ: كَأَنَّك حفي بهم حِين يأتونك يَسْأَلُونَك
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد ﴿يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حفي﴾ بسؤالهم قَالَ: كَأَنَّك تحب أَن يسألوك عَنْهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ (كَأَنَّك حفيء بهَا)
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن الضَّحَّاك فِي قَوْله ﴿يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حفي عَنْهَا﴾ قَالَ: كَأَنَّك يُعْجِبك أَن يسألوك عَنْهَا لنخبرك بهَا فأخفاها مِنْهُ فَلم يُخبرهُ فَقَالَ ﴿فيمَ أَنْت من ذكرَاهَا﴾ النازعات الْآيَة ٤٣ وَقَالَ ﴿أكاد أخفيها﴾ طه الْآيَة ١٥ وَقِرَاءَة أُبي (أكاد أخفيها من نَفسِي)
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ: قَالَت قُرَيْش لمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن بَيْننَا وَبَيْنك قرَابَة فَأسر إِلَيْنَا مَتى السَّاعَة فَقَالَ الله ﴿يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حفي عَنْهَا﴾
- الْآيَة (١٨٨)
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿وَمَا مسني السوء﴾ قَالَ: لاجتنبت مَا يكون من الشَّرّ قبل أَن يكون
- الْآيَة (١٨٩ - ١٩٣)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَمُرَة بن جُنْدُب فِي قَوْله ﴿فَلَمَّا آتاهما صَالحا جعلا لَهُ شُرَكَاء﴾ قَالَ: سمياه عبد الْحَارِث
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: لما حملت حَوَّاء وَكَانَ لَا يعِيش لَهَا ولد آتاها الشَّيْطَان فَقَالَ: سمياه عبد الْحَارِث يعِيش لَكمَا فسمياه عبد الْحَارِث فَكَانَ ذَلِك من وَحي الشَّيْطَان وَأمره
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبيّ بن كَعْب قَالَ: لما حملت حَوَّاء أَتَاهَا الشَّيْطَان فَقَالَ: أتطيعيني وَيسلم لَك ولدك سميه عبد الْحَارِث فَلم تفعل فَولدت فَمَاتَ ثمَّ حملت فَقَالَ لَهَا مثل ذَلِك: فَلم تفعل ثمَّ حملت
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن زيد قَالَ: ولد لآدَم ولد فَسَماهُ عبد الله فأتاهما إِبْلِيس فَقَالَ: مَا سميتا ابنكما هَذَا قَالَ: عبد الله وَكَانَ ولد لَهما قبل ذَلِك ولد فسمياه عبد الله
فَقَالَ إِبْلِيس: أتظنان أَن الله تَارِك عَبده عندكما وَوَاللَّه ليذهبن بِهِ كَمَا ذهب بِالْآخرِ وَلَكِن أدلكما على اسْم يبْقى لَكمَا مَا بقيتما فسمياه عبد شمس فسمياه فَذَلِك قَوْله تَعَالَى ﴿أيشركون مَا لَا يخلق شَيْئا﴾ الشَّمْس لَا تخلق شَيْئا إِنَّمَا هِيَ مخلوقة
قَالَ: وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خدعهما مرَّتَيْنِ
قَالَ زيد: خدعهما فِي الْجنَّة وخدعهما فِي الأَرْض
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: لما أهبط الله آدم وحواء ألْقى فِي نَفسه الشَّهْوَة لامْرَأَته فَتحَرك ذَلِك مِنْهُ فأصابها فَلَيْسَ إِلَّا أَن أَصَابَهَا حملت فَلَيْسَ إِلَّا أَن حملت تحرّك وَلَدهَا فِي بَطنهَا فَقَالَت: مَا هَذَا فَجَاءَهَا إِبْلِيس فَقَالَ لَهَا: إِنَّك حملت فتلدين
قَالَت: مَا أَلد قَالَ: مَا هَل تَرين إِلَّا نَاقَة أَو بقرة أَو ماعزة أَو ضانية هُوَ بعض ذَلِك وَيخرج من أَنْفك أوعينك أَو من اذنك
قَالَت: وَالله مَا مني من شَيْء إِلَّا وَهُوَ يضيق عَن ذَلِك قَالَ: فاطيعيني وسميه عبد الْحَارِث - وَكَانَ اسْمه فِي الْمَلَائِكَة الْحَارِث - تلدي مثلك فَذكرت ذَلِك لآدَم فَقَالَ: هُوَ صاحبنا الَّذِي قد علمت
فَمَاتَ ثمَّ حملت بآخر فَجَاءَهَا فَقَالَ: أطيعيني أَو قتلته فَإِنِّي أَنا قتلت الأول فَذكرت ذَلِك لآدَم فَقَالَ مثل قَوْله الأوّل ثمَّ حملت بالثالث فَجَاءَهَا فَقَالَ لَهَا مثل مَا قَالَ فَذكرت ذَلِك لآدَم فَكَأَنَّهُ لم يكره ذَلِك فَسَمتْهُ عبد الْحَارِث فَذَلِك قَوْله ﴿جعلا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتاهما﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حملت حَوَّاء فَأَتَاهَا إِبْلِيس فَقَالَ: إِنِّي صاحبكما الَّذِي أخرجتكم من الْجنَّة لتطيعيني أَو لأجعلن لَهُ قربى أيل فَيخرج من بَطْنك فيشقه وَلَأَفْعَلَن وَلَأَفْعَلَن - فخوّفهما - سمياه عبد الْحَارِث فأبيا أَن يطيعاه فَخرج مَيتا ثمَّ حملت فأتاهما أَيْضا فَقَالَ مثل ذَلِك فأبيا أَن يطيعاه فَخرج مَيتا ثمَّ حملت فأتاهما فَذكر لَهما فادركهما حب الْوَلَد فسمياه عبد الْحَارِث فَذَلِك قَوْله ﴿جعلا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتاهما﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت حَوَّاء تَلد لآدَم أَوْلَاد
فتعبدهم لله وتسميه عبد الله وَعبيد الله وَنَحْو ذَلِك فيصيبهم الْمَوْت فَأَتَاهَا إِبْلِيس وآدَم فَقَالَ: إنَّكُمَا لَو تسميانه بِغَيْر الَّذِي تسميانه لعاش فَولدت لَهُ رجلا فَسَماهُ عبد الْحَارِث فَفِيهِ أنزل الله ﴿هُوَ الَّذِي خَلقكُم من نفس وَاحِدَة﴾ إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ هَذَا فِي بعض أهل الْملَل وَلَيْسَ بِآدَم
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَهَا (حملت حملا خَفِيفا فمرت بِهِ)
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَمُرَة فِي قَوْله ﴿حملت حملا خَفِيفا﴾
قَالَ: خَفِيفا لم يستبن فمرت بِهِ لما استبان حملهَا
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فمرت بِهِ﴾ قَالَ: فشكت أحملت أم لَا
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن أَيُّوب قَالَ: سُئِلَ الْحسن عَن قَوْله ﴿حملت حملا خَفِيفا فمرت بِهِ﴾ قَالَ: فشكت أحملت أم لَا
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن أَيُّوب قَالَ: سُئِلَ الْحسن عَن قَوْله ﴿حملت حملا خَفِيفا فمرت بِهِ﴾ قَالَ: لَو كنت عَرَبيا لعرفتها إِنَّمَا هِيَ استمرت بِالْحملِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿حملت حملا خَفِيفا﴾ قَالَ: هِيَ من النُّطْفَة ﴿فمرت بِهِ﴾ يَقُول: استمرت
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فمرت بِهِ﴾ قَالَ: فاستمرت بِهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فمرت بِهِ﴾ قَالَ: فاستمرت بِحمْلِهِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فمرت بِهِ﴾ قَالَ: فاستمرت بِحمْلِهِ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مَيْمُون بن مهْرَان فِي قَوْله ﴿فمرت بِهِ﴾ قَالَ: استخفته
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي صَالح فِي قَوْله ﴿لَئِن آتيتنا﴾ قَالَ: أشفقا أَن يكون بَهِيمَة فَقَالَا: لَئِن آتيتنا بشرا سوياً
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد قَالَ: أشفقا أَن لَا يكون إنْسَانا
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿لَئِن آتيتنا صَالحا﴾ قَالَ: غُلَاما سوياً
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿جعلا لَهُ شُرَكَاء﴾ قَالَ: كَانَ شركا فِي طَاعَة وَلم يكن شركا فِي عباده
وَأخرج عبد بن حميد عَن عَاصِم أَنه قَرَأَ (فَجعلَا لَهُ شركا) بِكَسْر الشين
وَأخرج عبد بن حميد عَن سُفْيَان ﴿جعلا لَهُ شُرَكَاء﴾ قَالَ: أشركاه فِي الِاسْم قَالَ: وكنية إِبْلِيس أَبُو كدوس
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: هَذَا من الْمَوْصُول والمفصول قَوْله ﴿جعلا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتاهما﴾ فِي شَأْن آدم وحوّاء يَعْنِي فِي الْأَسْمَاء ﴿فتعالى الله عَمَّا يشركُونَ﴾ يَقُول: عَمَّا يُشْرك الْمُشْركُونَ وَلم يعيِّنهما
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا أشرك آدم أَن أَولهمَا شكر وآخرهما مثل ضربه لمن بعده
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿فتعالى الله عَمَّا يشركُونَ﴾ هَذِه فصل بَين آيَة آدم خَاصَّة فِي آلِهَة الْعَرَب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك فِي الْآيَة قَالَ: هَذِه مفصولة اطاعاه فِي الْوَلَد ﴿فتعالى الله عَمَّا يشركُونَ﴾ هَذِه لقوم مُحَمَّد
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿جعلا لَهُ شُرَكَاء﴾ قَالَ: كَانَ شركا فِي طَاعَته وَلم يكن شركا فِي عِبَادَته وَقَالَ: كَانَ الْحسن يَقُول: هم الْيَهُود وَالنَّصَارَى رزقهم الله أَوْلَاد فهوّدوا ونصروا
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿فتعالى الله عَمَّا يشركُونَ﴾ قَالَ: يَعْنِي بهَا ذُرِّيَّة آدم وَمن أشرك مِنْهُم بعده
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿فتعالى الله عَمَّا يشركُونَ﴾ قَالَ: هُوَ
وَأخرج ابْن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: هَذَا فِي الْكفَّار يدعونَ الله فَإِذا آتاهما صَالحا وهودا ونصرا ثمَّ قَالَ ﴿أيشركون مَا لَا يخلق شَيْئا وهم يخلقون﴾ يَقُول: يطيعون مَا لَا يخلق شَيْئا وَهِي الشَّيَاطِين لَا تخلق شَيْئا وَهِي تخلق ﴿وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُم نصرا﴾ يَقُول: لمن يَدعُوهُم
- الْآيَة (١٩٤ - ١٩٧)
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ﴿ فجعلا له شركاً ﴾ بكسر الشين.
وأخرج عبد بن حميد عن سفيان ﴿ جعلا له شركاء ﴾ قال : أشركاه في الاسم قال : وكنية إبليس أبو كدوس.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر وأبو الشيخ عن السدي قال : هذا من الموصل والمفصول قوله ﴿ جعلا له شركاء فيما آتاهما ﴾ في شأن آدم وحوّاء، يعني في الأسماء ﴿ فتعالى الله عما يشركون ﴾ يقول : عما يشرك المشركون ولم يعيِّنهما.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ما أشرك آدم أن أولها شكر وآخرها مثل ضربه لمن بعده.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ﴿ فتعالى الله عما يشركون ﴾ هذه فصل بين آية آدم خاصة في آلهة العرب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حاتم عن أبي مالك في الآية قال : هذه مفصولة أطاعاه في الولد ﴿ فتعالى الله عما يشركون ﴾ هذه لقوم محمد.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ جعلا له شركاء ﴾ قال : كان شركاً في طاعته ولم يكن شركاً في عبادته، وقال : كان الحسن يقول : هم اليهود والنصارى، رزقهم الله أولاداً فهوّدوا ونصروا.
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله ﴿ فتعالى الله عما يشركون ﴾ قال : يعني بها ذرية آدم ومن أشرك منهم بعده.
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله ﴿ فتعالى الله عما يشركون ﴾ قال : هو الانكاف أنكف نفسه يقول : عظم نفسه، وانكفته الملائكة وما سبح له.
- الْآيَة (١٩٨)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وتراهم ينظرُونَ إِلَيْك وهم لَا يبصرون﴾ مَا تدعوهم إِلَيْهِ من الْهدى
- الْآيَة (١٩٩)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عمر فِي قَوْله تَعَالَى ﴿خُذ الْعَفو﴾ قَالَ: أَمر الله نبيه أَن يَأْخُذ الْعَفو من أَخْلَاق النَّاس
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن إِبْرَاهِيم بن أدهم قَالَ: لما أنزل الله ﴿خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين﴾ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرت أَن آخذ الْعَفو من أَخْلَاق النَّاس
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن الشّعبِيّ قَالَ: لما أنزل الله ﴿خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين﴾ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا هَذَا يَا جِبْرِيل قَالَ: لَا أَدْرِي حَتَّى أسأَل الْعَالم
فَذهب ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ: إِن الله أَمرك أَن تَعْفُو عَمَّن ظلمك وَتُعْطِي من حَرمك وَتصل من قَطعك
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر قَالَ: لما نزلت هَذِه الْآيَة ﴿خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين﴾ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا جِبْرِيل مَا تَأْوِيل هَذِه الْآيَة قَالَ: حَتَّى أسأَل
فَصَعدَ ثمَّ نزل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن الله يَأْمُرك أَن تصفح عَمَّن ظلمك وَتُعْطِي من حَرمك وَتصل من قَطعك
فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا ادلكم على أشرف أَخْلَاق الدُّنْيَا وَالْآخِرَة قَالُوا: وَمَا ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ: تَعْفُو عَمَّن ظلمك وَتُعْطِي من حَرمك وَتصل من قَطعك
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن قيس بن سعد بن عبَادَة قَالَ: لما نظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى حَمْزَة بن عبد الْمطلب قَالَ وَالله لَأُمَثِّلَن بسبعين مِنْهُم
فَجَاءَهُ جِبْرِيل بِهَذِهِ الْآيَة ﴿خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين﴾ فَقَالَ: يَا جِبْرِيل مَا هَذَا قَالَ: لَا أَدْرِي
ثمَّ عَاد فَقَالَ: إِن الله يَأْمُرك أَن تَعْفُو عَمَّن ظلمك وَتصل من قَطعك وَتُعْطِي من حَرمك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿خُذ الْعَفو﴾ من أَخْلَاق النَّاس وأعمالهم بِغَيْر تجسيس ﴿وَأمر بِالْعرْفِ﴾ قَالَ: بِالْمَعْرُوفِ
وَأخرج البُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قدم عُيينة بن حصن بن بدر فَنزل على ابْن أَخِيه الْحر بن قيس - وَكَانَ من النَّفر الَّذين يدنيهم عمر وَكَانَ الْقُرَّاء أَصْحَاب مجَالِس عمر ومشاورته كهولا كَانُوا أَو شبَابًا - فَقَالَ عُيَيْنَة لِابْنِ أَخِيه: يَا ابْن أخي هَل لَك وَجه عِنْد هَذَا الْأَمِير فَاسْتَأْذن لي عَلَيْهِ قَالَ: سأستأذن لَك عَلَيْهِ
قَالَ ابْن عَبَّاس: فَاسْتَأْذن الْحر لعُيينة فَأذن لَهُ عمر فَلَمَّا دخل قَالَ: هِيَ يَا ابْن الْخطاب فو الله مَا تُعْطِينَا الجزل وَلَا تحكم بَيْننَا بِالْعَدْلِ فَغَضب عمر حَتَّى همَّ أَن يُوقع بِهِ فَقَالَ لَهُ الْحر: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن الله عز وَجل قَالَ لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين﴾ وَإِن هَذَا من الْجَاهِلين وَالله مَا جاوزنا عمر حِين تَلَاهَا عَلَيْهِ وَكَانَ وقافا عِنْد كتاب الله عز وَجل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن وهب عَن مَالك بن أنس عَن عبد الله بن نَافِع
أَن سَالم بن عبد الله مر على عير لأهل الشَّام وفيهَا جرس فَقَالَ: إِن هَذَا ينْهَى عَنهُ فَقَالُوا: نَحن أعلم بِهَذَا مِنْك إِنَّمَا يكره الجلجل الْكَبِير وَأما مثل هَذَا فَلَا بَأْس بِهِ فَبكى سَالم وَقَالَ ﴿وَأعْرض عَن الْجَاهِلين﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين﴾ قَالَ: خلق أَمر الله بِهِ نبيه ودله عَلَيْهِ
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن عَليّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أدلك على خير أَخْلَاق الأوّلين والآخرين قَالَ: قلت يَا رَسُول الله نعم
قَالَ: تُعْطِي من حَرمك وَتَعْفُو عَمَّن ظلمك وَتصل من قَطعك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عقبَة بن عَامر قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أخْبرك بِأَفْضَل أَخْلَاق أهل الدُّنْيَا وَالْآخِرَة تصل من قَطعك وَتُعْطِي من حَرمك وَتَعْفُو عَمَّن ظلمك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صل من قَطعك واعف عَمَّن ظلمك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة
أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَلا أدلكم على كرائم الْأَخْلَاق للدنيا وَالْآخِرَة أَن تصل من قَطعك وَتُعْطِي من حَرمك وَتجَاوز عَمَّن ظلمك
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أدلكم على مَكَارِم الْأَخْلَاق فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله
قَالَ: صل من قَطعك واعط من حَرمك واعف عَمَّن ظلمك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيقه عَن معمر عَن أبي إِسْحَق الْهَمدَانِي عَن ابْن أبي حُسَيْن قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أدلكم على خير أَخْلَاق أهل الدُّنْيَا وَالْآخِرَة أَن تصل من قَطعك وَتُعْطِي من حَرمك وَتَعْفُو عَمَّن ظلمك قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا مُرْسل حسن
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لن ينَال عبد صَرِيح الإِيمان حَتَّى يصل من قطعه وَيَعْفُو عَمَّن ظلمه وَيغْفر لمن شَتمه وَيحسن إِلَى من أَسَاءَ إِلَيْهِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن مَكَارِم الْأَخْلَاق عِنْد الله أَن تَعْفُو عَمَّن ظلمك وَتصل من قَطعك وَتُعْطِي من حَرمك ثمَّ تَلا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين﴾
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: رَضِي الله بِالْعَفو وَأمر بِهِ
وَأخرج أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَن معَاذ بن أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أفضل الْفَضَائِل أَن تصل من قَطعك وَتُعْطِي من حَرمك وتصفح عَمَّن شتمك
وَأخرج السلَفِي فِي الطيوريات عَن نَافِع أَن ابْن عمر
كَانَ إِذا سَافر أخرج مَعَه سَفِيها يرد عَنهُ سفاهة السُّفَهَاء
وَأخرج ابْن عدي وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن شَوْذَب قَالَ: كُنَّا عِنْد مَكْحُول ومعنا سُلَيْمَان بن مُوسَى فجَاء رجل واستطال على سُلَيْمَان وَسليمَان سَاكِت فجَاء أَخ لِسُلَيْمَان فَرد عَلَيْهِ فَقَالَ مَكْحُول: لقد ذل من لَا سَفِيه لَهُ
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿خُذ الْعَفو﴾ قَالَ: خُذ الْفضل أنْفق الْفضل ﴿وَأمر بِالْعرْفِ﴾ يَقُول بِالْمَعْرُوفِ
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الأرزق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي ﴿خُذ الْعَفو﴾ قَالَ: خُذ الْفضل من أَمْوَالهم أَمر الله النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْخُذ لَك
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت عبيد بن الأبرص وَهُوَ يَقُول: يعْفُو عَن الْجَهْل والسوآت كَمَا يدْرك غيث الرّبيع ذُو الطَّرْد وَأخرج ابْن جرير والنحاس فِي ناسخه عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿خُذ الْعَفو﴾ قَالَ: الْفضل من المَال نسخته الزَّكَاة
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة ﴿خُذ الْعَفو﴾ فَكَانَ الرجل يمسك من مَاله مَا يَكْفِيهِ وَيتَصَدَّق بِالْفَضْلِ فنسخها الله بِالزَّكَاةِ ﴿وَأمر بِالْعرْفِ﴾ قَالَ: بِالْمَعْرُوفِ ﴿وَأعْرض عَن الْجَاهِلين﴾ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة قبل أَن تفرض الصَّلَاة وَالزَّكَاة والقتال أمره الله بالكف ثمَّ نسخهَا الْقِتَال وَأنزل ﴿أُذن للَّذين يُقَاتلُون بِأَنَّهُم ظلمُوا﴾ الْحَج الْآيَة ٣٩ الْآيَة
- الْآيَة (٢٠٠)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿وَإِمَّا يَنْزغَنك من الشَّيْطَان نَزغ﴾ قَالَ: علم الله أَن هَذَا الْعَدو مبتغ ومريد
قَالَ: همزه الموتة ونفثه الشّعْر: ونفخه الْكِبْرِيَاء
- الْآيَة (٢٠١ - ٢٠٣)
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الْغَضَب وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿إِذا مسهم طائف من الشَّيْطَان﴾ قَالَ: الْغَضَب
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الطيف: الْغَضَب
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الضَّحَّاك أَنه قَرَأَ (إِذا مسهم طائف من الشَّيْطَان) بِالْألف ﴿تَذكرُوا﴾ قَالَ: هَم بِفَاحِشَة فَلم يعملها
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿إِذا مسهم طائف من الشَّيْطَان تَذكرُوا﴾ يَقُول: إِذا زلوا تَابُوا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان من طَرِيق وهب بن جرير عَن أَبِيه قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد الْحسن إِذْ جَاءَهُ رجل فَقَالَ: يَا أَبَا سعيد مَا تَقول فِي العَبْد يُذنب الذَّنب ثمَّ يَتُوب قَالَ: لم يَزْدَدْ بتوبته من الله إِلَّا دنواً
قَالَ: ثمَّ عَاد فِي ذَنبه ثمَّ تَابَ قَالَ: لم يَزْدَدْ بتوبته إِلَّا شرفاً عِنْد الله
قَالَ: ثمَّ قَالَ لي: ألم تسمع مَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت: وَمَا قَالَ قَالَ مثل الْمُؤمن مثل السنبلة تميل أَحْيَانًا وتستقيم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن مُحَمَّد بن كَعْب قَالَ: إِن الله لم يسم عَبده الْمُؤمن كَافِرًا ثمَّ قَرَأَ ﴿إِن الَّذين اتَّقوا إِذا مسهم طائف من الشَّيْطَان تَذكرُوا﴾ فَقَالَ: لم يسمه كَافِرًا وَلَكِن سَمَّاهُ متقياً
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ ﴿إِذا مسهم طائف﴾ بِالْألف
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم وَيحيى بن وثاب قَرَأَ أَحدهمَا طائف وَالْآخر طيف
وَأخرج عبد بن حميد عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَرَأَ (إِذا مسهم طائف) بِالْألف
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: الطَّائِف اللمة من الشَّيْطَان ﴿تَذكرُوا فَإِذا هم مبصرون﴾ يَقُول: إِذا هم مُنْتَهُونَ عَن الْمعْصِيَة آخذون بِأَمْر الله عاصون للشَّيْطَان وإخوانهم
قَالَ: إخْوَان الشَّيَاطِين ﴿يمدونهم فِي الغي ثمَّ لَا يقصرون﴾ قَالَ: لَا الإِنس عَمَّا يعْملُونَ السَّيِّئَات وَلَا الشَّيَاطِين تمسك عَنْهُم ﴿وَإِذا لم تأتهم بِآيَة قَالُوا لَوْلَا اجتبيتها﴾ يَقُول: لَوْلَا أحدثتها لَوْلَا تلقيتها فأنشأتها
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس ﴿وإخوانهم يمدونهم فِي الغي﴾ قَالَ: هم الْجِنّ يوحون إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ من الإِنس ﴿ثمَّ لَا يقصرون﴾ يَقُول: لَا يسامون ﴿وَإِذا لم تأتهم بِآيَة قَالُوا لَوْلَا اجتبيتها﴾ يَقُول: هلا افتعلتها من تِلْقَاء نَفسك
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد ﴿وإخوانهم من الشَّيَاطِين يمدونهم فِي الغي﴾ قَالَ: استجهالاً وَفِي قَوْله ﴿لَوْلَا اجتبيتها﴾ قَالَ: ابتدعتها
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن عمر بن الْخطاب قَالَ: أَتَانِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أعرف الْحزن فِي وَجهه فَأخذ بلحيتي فَقَالَ إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون أَتَانِي جِبْرِيل
قلت: أجل فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون فَمَا ذَاك يَا جِبْرِيل فَقَالَ: إِن أمتك مفتتنة بعْدك بِقَلِيل من الدَّهْر غير كثير قلت: فتْنَة كفر أَو فتْنَة ضَلَالَة قَالَ: كل ذَلِك سَيكون
قلت: وَمن أَيْن ذَاك وَأَنا تَارِك فيهم كتاب الله
قَالَ: بِكِتَاب الله يضلون وَأول ذَلِك من قبل قرائهم وأمرائهم يمْنَع الْأُمَرَاء النَّاس حُقُوقهم فَلَا يعطونها فيقتتلون وتتبع الْقُرَّاء أهواء الْأُمَرَاء فيمدونهم فِي الغي ثمَّ لَا يقصرون قلت: يَا جِبْرِيل فَبِمَ يسلم من سلم مِنْهُم قَالَ: بالكف وَالصَّبْر إِن أعْطوا الَّذِي لَهُم أَخَذُوهُ وَإِن منعُوهُ تَرَكُوهُ
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة ﴿قل إِنَّمَا أتبع مَا يُوحى إليَّ من رَبِّي﴾ قَالَ: هَذَا الْقُرْآن ﴿هَذَا بصائر من ربكُم﴾ أَي بَيِّنَات فاعقلوه ﴿وَهدى وَرَحْمَة﴾ لمن آمن بِهِ وَعمل بِهِ ثمَّ مَاتَ عَلَيْهِ
- الْآيَة (٢٠٤)
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد ﴿ وإخوانهم من الشياطين يمدونهم في الغي ﴾ قال : استجهالاً وفي قوله ﴿ لولا اجتبيتها ﴾ قال : ابتدعتها.
وأخرج الحكيم الترمذي عن عمر بن الخطاب قال :« أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أعرف الحزن في وجهه، فأخذ بلحيتي فقال «إنا لله وإنا إليه راجعون، أتاني جبريل آنفاً فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون. قلت : أجل، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فما ذاك يا جبريل ؟ ! فقال : إن أمتك مفتتنة بعدك بقليل من الدهر غير كثير، قلت : فتنة كفر أو فتنة ضلالة ؟ قال : كل ذلك سيكون. قلت : ومن أين ذاك وأنا تارك فيهم كتاب الله. . . ! قال : بكتاب الله يضلون، وأول ذلك من قبل قرائهم وأمرائهم، يمنع الأمراء الناس حقوقهم فلا يعطونها فيقتتلون، وتتبع القراء أهواء الأمراء فيمدونهم في الغي ثم لا يقصرون، قلت : يا جبريل فيم يسلم من سلم منهم ؟ قال : بالكف والصبر إن أعطوا الذي لهم أخذوه وإن منعوه تركوه ».
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة ﴿ قل إنما أتبع ما يوحى إليَّ من ربي ﴾ قال : هذا القرآن ﴿ هذا بصائر من ربكم ﴾ أي بينات فاعقلوه ﴿ وهدى ورحمة ﴾ لمن آمن به وعمل به ثم مات عليه.
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾ يَعْنِي فِي الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: صلى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَ خَلفه قوم فَنزلت ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي حَاتِم عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَرَأَ فِي الصَّلَاة أَجَابَهُ من وَرَاءه إِذا قَالَ: بِسم الله الرَّحْمَن [] قَالُوا مثل مَا يَقُول حَتَّى تَنْقَضِي فَاتِحَة الْكتاب وَالسورَة فَلبث مَا شَاءَ الله أَن يلبث ثمَّ نزلت ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾ الْآيَة
فَقَرَأَ وأنصتوا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد قَالَ: قرأرجل من الْأَنْصَار خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّلَاة فأنزلت ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾ الْآيَة
قَالَ: إِنَّمَا نزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾ فِي قِرَاءَة الإِمام إِذا قَرَأَ الإِمام فاستمع لَهُ وأنصت
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن مَسْعُود
أَنه صلى بِأَصْحَابِهِ فَسمع نَاسا يقرؤون خَلفه فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: أما آن لكم أَن تفهموا أما آن لكم أَن تعقلوا ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾ كَمَا أَمركُم الله
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي وَائِل عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ فِي الْقِرَاءَة خلف الإِمام: انصت لِلْقُرْآنِ كَمَا أُمرت فَإِن فِي الصَّلَاة شغلاً وسيكفيك ذَاك الإِمام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن عَليّ قَالَ: من قَرَأَ خلف الإِمام فقد أَخطَأ الْفطْرَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن زيد بن ثَابت قَالَ: لَا قِرَاءَة خلف الإِمام
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا جعل الإِمام ليؤتم بِهِ فَإِذا كبر فكبروا وَإِذا قَرَأَ فانصتوا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن جَابر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من كَانَ لَهُ إِمَام فقراءته لَهُ قِرَاءَة
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: أول مَا أَحْدَثُوا الْقِرَاءَة خلف الإِمام وَكَانُوا لَا يقرأون
وَأخرج ابْن جرير عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة فِي فَتى من الْأَنْصَار كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلما قَرَأَ شَيْئا قَرَأَهُ فَنزلت ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن أبي الْعَالِيَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا صلى بِأَصْحَابِهِ فَقَرَأَ قَرَأَ أَصْحَابه خَلفه فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾ فَسكت الْقَوْم وَقَرَأَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَت بَنو إِسْرَائِيل إِذا قَرَأت أئمتهم جاوبوهم فكره الله ذَلِك لهَذِهِ الْأمة قَالَ ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَأَبُو الشَّيْخ عَن طَلْحَة بن مصرف فِي قَوْله ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾ قَالَ: لَيْسَ هَؤُلَاءِ بالأئمة الَّذين أمرنَا بالإِنصات لَهُم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه من طَرِيق أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاة فَنزلت ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن مَسْعُود أَنه سلم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي فَلم يرد عَلَيْهِ - وَكَانَ الرجل قبل ذَلِك يتَكَلَّم فِي صلَاته وَيَأْمُر بحاجته - فَلَمَّا فرغ رد عَلَيْهِ وَقَالَ: غن الله يفعل مَا يَشَاء وَإِنَّهَا نزلت ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا لَعَلَّكُمْ ترحمون﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: كُنَّا يسلم بَعْضنَا على بعض فِي الصَّلَاة فجَاء الْقُرْآن ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عبد الله بن مُغفل قَالَ: كَانَ النَّاس يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاة فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا لَعَلَّكُمْ ترحمون﴾ فنهانا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْكَلَام فِي الصَّلَاة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن عَطاء قَالَ: بَلغنِي أَن الْمُسلمين كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاة كَمَا يتَكَلَّم الْيَهُود وَالنَّصَارَى حَتَّى نزلت ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا لَعَلَّكُمْ ترحمون﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة قَالَ: كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاة أول مَا أمروا بهَا كَانَ الرجل يَجِيء وهم فِي الصَّلَاة فَيَقُول لصَاحبه: كم صليتم فَيَقُول: كَذَا وَكَذَا فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾ فَأمروا بالاستماع والإِنصات علم أَن الإِنصات هُوَ أَحْرَى أَن يستمع العَبْد ويعيه ويحفظه علم أَن لن يفقهوا حَتَّى ينصتوا والإِنصات بِاللِّسَانِ وَالِاسْتِمَاع بالأذنين
وَأخرج عبد بن حميد عَن الضَّحَّاك قَالَ: كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاة فَأنْزل الله ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الْمُؤمن فِي سَعَة من الِاسْتِمَاع إِلَيْهِ إِلَّا فِي صَلَاة الْجُمُعَة وَفِي صَلَاة الْعِيدَيْنِ وَفِيمَا جهر بِهِ من الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾ قَالَ: نزلت فِي رفع الْأَصْوَات خلف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الصَّلَاة وَفِي الْخطْبَة لِأَنَّهَا صَلَاة وَقَالَ: من تكلم يَوْم الْجُمُعَة والإِمام يخْطب فَلَا صَلَاة لَهُ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد فِي هَذِه الْآيَة ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾ قَالَ: هَذَا فِي الصَّلَاة وَالْخطْبَة يَوْم الْجُمُعَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد قَالَ: وَجب الإِنصات فِي اثْنَتَيْنِ فِي الصَّلَاة والإِمام يقْرَأ وَيَوْم الْجُمُعَة والإِمام يخْطب
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن ابْن جريج قَالَ: قلت لعطاء: مَا أوجب الإِنصات يَوْم الْجُمُعَة قَالَ: قَوْله ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾ قَالَ: ذَاك زَعَمُوا فِي الصَّلَاة وَفِي الْجُمُعَة قلت: والإِنصات يَوْم الْجُمُعَة كالإِنصات فِي الْقِرَاءَة سَوَاء
قَالَ: نعم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الْحسن فِي قَوْله ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾ قَالَ: عِنْد الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة وَعند الذّكر
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: كَانُوا يرفعون أَصْوَاتهم فِي الصَّلَاة حِين يسمعُونَ ذكر الْجنَّة وَالنَّار فَأنْزل الله ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ﴾ الْآيَة
قَالَ: فِي الصَّلَاة وَحين ينزل الْوَحْي عَن الله عزَّ وجلَّ
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن مُجَاهِد
أَنه كره إِذا مر الإِمام بِآيَة خوف أَو آيَة رَحْمَة أَن يَقُول أحد من خَلفه شَيْئا قَالَ: السُّكُوت
أَنه كَانَ إِذا قرىء عَلَيْهِ الْقُرْآن غطى وَجهه بِثَوْبِهِ ويتأوّل من ذَلِك قَول الله ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾ فَيكْرَه أَن يشغل بَصَره وشيئاً من جواره بِغَيْر اسْتِمَاع
وَأخرج أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان بِسَنَد حسن عَن أبي هُرَيْرَة
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من اسْتمع إِلَى آيَة من كتاب الله كتبت لَهُ حَسَنَة مضاعفة وَمن تَلَاهَا كَانَت لَهُ نورا يَوْم الْقِيَامَة
- الْآيَة (٢٠٥)
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن أبي صَخْر قَالَ: الآصال: مَا بَين الظّهْر وَالْعصر
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن زيد فِي قَوْله ﴿وَإِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾ الْأَعْرَاف الْآيَة ٢٠٤ قَالَ: هَذَا إِذا أَقَامَ الإِمام الصَّلَاة ﴿فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا﴾ وَاذْكُر رَبك أَيهَا المنصت ﴿فِي نَفسك تضرعاً وخيفة وَدون الْجَهْر من القَوْل﴾ قَالَ: لَا تجْهر بِذَاكَ ﴿بالغدوّ وَالْآصَال﴾ بالبكر والعشي ﴿وَلَا تكن من الغافلين﴾
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن عبيد بن عُمَيْر فِي قَوْله ﴿وَاذْكُر رَبك فِي نَفسك﴾ قَالَ: يَقُول الله إِذا ذَكرنِي عَبدِي فِي نَفسه ذكرته فِي نَفسِي وَإِذا ذَكرنِي عَبدِي وحْده ذكرته وحدي وَإِذا ذَكرنِي فِي مَلأ ذكرته فِي مَلأ أحسن مِنْهُم وَأكْرم
وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد ﴿بالغدوّ﴾ قَالَ: آخر الْفجْر صَلَاة الصُّبْح ﴿وَالْآصَال﴾ آخر الْعشي صَلَاة الْعَصْر وكل ذَلِك لَهَا وَقت أول الْفجْر وَآخره وَذَلِكَ مثل قَوْله فِي سُورَة آل عمرَان ﴿بالْعَشي والإِبكار﴾ آل عمرَان الْآيَة ٤١ ميل الشَّمْس إِلَى أَن تغيب والإِبكار أول الْفجْر
أخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله ﴿وَلَا تكن من الغافلين﴾ قَالَ: ذَاكر الله فِي الغافلين كالمقاتل عَن الفارقين
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن بكير بن الْأَخْنَس قَالَ: مَا أَتَى يَوْم الْجُمُعَة على أحد وَهُوَ لَا يعلم أَنه يَوْم الْجُمُعَة إِلَّا كتب من الغافلين
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن عَمْرو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْغَفْلَة فِي ثَلَاث
عَن ذكر الله وَمن حِين يُصَلِّي الصُّبْح إِلَى طُلُوع الشَّمْس وَأَن يغْفل الرجل عَن نَفسه فِي الدّين حَتَّى يركبه
- الْآيَة (٢٠٦)
أَنه ذكر سُجُود الْقُرْآن فَقَالَ: الْأَعْرَاف والرعد والنحل وَبَنُو إِسْرَائِيل وَمَرْيَم وَالْحج سَجْدَة وَاحِدَة والنمل وَالْفرْقَان والم تَنْزِيل وحم تَنْزِيل وص وَلَيْسَ فِي الْمفصل سُجُود
وَأخرج أَبُو الشَّيْخ عَن عَطاء قَالَ: عد عَليّ بن الْعَبَّاس عشر سَجدَات فِي الْقُرْآن
الْأَعْرَاف والرعد والنحل وَبني إِسْرَائِيل وَمَرْيَم وَالْحج الأولى مِنْهَا وَالْفرْقَان والنمل وتنزيل السَّجْدَة وحم السَّجْدَة
وَأخرج ابْن ماجة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ سجدت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِحْدَى عشرَة سَجْدَة لَيْسَ فِيهَا من الْمفصل شَيْء
الْأَعْرَاف والرعد والنحل وَبني إِسْرَائِيل وَمَرْيَم وَالْحج سَجْدَة وَالْفرْقَان وَسليمَان سُورَة النَّمْل والسجدة وص وَسجْدَة الحواميم
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَابْن ماجة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عَمْرو بن الْعَاصِ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَقْرَأَهُ خَمْسَ عشرَة سَجْدَة فِي الْقُرْآن مِنْهَا ثَلَاث من الْمفصل وَفِي سُورَة الْحَج سَجْدَتَيْنِ
وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَمْرو قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ علينا الْقُرْآن فَيقْرَأ السُّورَة فِيهَا السَّجْدَة فَيسْجد ونسجد مَعَه حَتَّى لَا يجد أَحَدنَا مَكَانا لوضع جَبهته
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن سِيرِين قَالَ: سُئِلت عَائِشَة عَن سُجُود الْقُرْآن فَقَالَت: حق الله يُؤَدِّيه أَو تطوّع تطوّعه وَمَا من مُسلم سجد لله سَجْدَة إِلَّا رَفعه الله بهَا دَرَجَة أَو حط عَنهُ بهَا خَطِيئَة أَو جمعهَا لَهُ كلتيهما
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن مُسلم بن يسَار قَالَ: إِذا قَرَأَ الرجل السَّجْدَة فَلَا يسْجد حَتَّى يَأْتِي على الْآيَة كلهَا فَإِذا أَتَى عَلَيْهِ رفع يَدَيْهِ وَكبر وَسجد
وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقْرَأ علينا الْقُرْآن فَإِذا مر بِالسَّجْدَةِ كبَّر وَسجد وسجدنا مَعَه
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَأحمد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول فِي سُجُود الْقُرْآن بِاللَّيْلِ يَقُول فِي السَّجْدَة مرَارًا سَجَدَ وَجْهي للَّذي خلقه وشق سَمعه وبصره بحوله وقوته فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قيس بن السكن قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول سجد وَجْهي للَّذي خلقه وشق سَمعه وبصره قَالَ: وَبَلغنِي أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَقُول: سجد وَجْهي متعفراً فِي التُّرَاب لخالقي وَحقّ لَهُ ثمَّ قَالَ: سُبْحَانَ الله مَا أشبه كَلَام الْأَنْبِيَاء بَعضهم بِبَعْض
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول فِي سُجُوده: اللَّهُمَّ لَك سجد سوَادِي وَبِك آمن فُؤَادِي اللَّهُمَّ ارزفني علما يَنْفَعنِي وعلماً يرفعني
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن قَتَادَة أَنه كَانَ يَقُول إِذا قَرَأَ السَّجْدَة: سُبْحَانَ رَبنَا إِن كَانَ وعد رَبنَا لمفعولاً سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ ثَلَاثًا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر قَالَ: لَا يسْجد الرجل إِلَّا وَهُوَ طَاهِر
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانُوا يكْرهُونَ إِذا أَتَوا على السَّجْدَة أَن يجاوزوها حَتَّى يسجدوا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن يدع قِرَاءَة آخر سُورَة الْأَعْرَاف فِي كل جُمُعَة على الْمِنْبَر
(٨) سُورَة الْأَنْفَال مَدَنِيَّة وآياتها خمس وَسَبْعُونَ أخرج النّحاس فِي ناسخه وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه من طرق عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت سُورَة الْأَنْفَال بِالْمَدِينَةِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير قَالَ: نزلت بِالْمَدِينَةِ سُورَة الْأَنْفَال
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن زيد بن ثَابت قَالَ: نزلت الْأَنْفَال بِالْمَدِينَةِ
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَالْبُخَارِيّ وَابْن الْمُنْذر وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: سُورَة الْأَنْفَال قَالَ: نزلت فِي بدر
وَفِي لفظ: تِلْكَ سُورَة بدر
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْآيَة ١