تفسير سورة سورة الليل من كتاب مراح لبيد لكشف معنى القرآن المجيد
المعروف بـمراح لبيد
.
لمؤلفه
نووي الجاوي
.
المتوفي سنة 1316 هـ
ﰡ
سورة والليل
مكية، إحدى وعشرون آية، إحدى وسبعون كلمة، ثلاثمائة وعشرون حرفا، قال القفال رحمه الله: نزلت هذه السورة في أبي بكر وإنفاقه على المسلمين وفي أمية ابن خلف وبخله وكفره بالله، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى (١) أي حين يغشى الشمس وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى (٢) أي ظهر بزوال ظلمة الليل وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣) أي والذي خلق صنفي الذكر والأنثى من كل ما له توالد. قرأ النبي صلّى الله عليه وسلّم «والذكر والأنثى»، وقرأ ابن مسعود «والذي خلق الذكر والأنثى»، وعن الكسائي «وما خلق الذكر» بالجر والمعنى: وما خلقه الله تعالى أي ومخلوق الله، ثم يجعل الذكر بدلا منه أي ومخلوق الله الذكر والأنثى. إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤) أي أن عملكم لمختلف في الجزاء لأن بعضه ضلال يوجب النيران وبعضه هدى يوجب الجنان، فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (٧) أي فأما من أعطى من ماله في سبيل الله واجتنب المحارم وصدق بالشرائع فسنهيئه للخصلة التي تؤدي إلى راحة، كدخول الجنة، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (١٠) أي وأما من بخل بماله فلم يبذله في سبيل الخير واستغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الآخرة، وكذب بعدة الله من الخلف الحسن، فسنهيئه للخصلة المؤدية إلى الشدة كدخول النار،
وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى (١١) أي ولا ينفعه ماله الذي جمعه في الدنيا إذا مات، أو أي شيء ينفعه ماله الذي بخل به، ولم يصحبه معه إلى آخرته إذا سقط في حفرة قبر أو في جهنم. إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى (١٢) أي إن الذي يجب علينا في الحكمة إذ خلقنا الخلق للعبادة أن نبين لهم وجوه التعبد فقد فعلنا ما كان فعله واجبا علينا في الحكمة، وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى (١٣) أي إن لنا ملك الدارين نعطي من نشاء ما نشاء فمن طلبهما من غيرنا فقد أخطأ الطريق فليطلب سعادتهما منا فَأَنْذَرْتُكُمْ أي خوفتكم يا أهل مكة ناراً
تَلَظَّى
(١٤) أي تتوقد.
وقرئ شاذا بالتاءين لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) أي لا يدخلها دخولا لازما مؤبدا إلا الكافر الذي هو شقي لأنه كذب بآيات الله، وأعرض عن طاعة الله. قال ابن عباس:
نزلت هذه الآية في أمية بن خلف، وأمثاله الذين كذبوا محمدا والأنبياء قبله وَسَيُجَنَّبُهَا
مكية، إحدى وعشرون آية، إحدى وسبعون كلمة، ثلاثمائة وعشرون حرفا، قال القفال رحمه الله: نزلت هذه السورة في أبي بكر وإنفاقه على المسلمين وفي أمية ابن خلف وبخله وكفره بالله، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى (١) أي حين يغشى الشمس وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى (٢) أي ظهر بزوال ظلمة الليل وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣) أي والذي خلق صنفي الذكر والأنثى من كل ما له توالد. قرأ النبي صلّى الله عليه وسلّم «والذكر والأنثى»، وقرأ ابن مسعود «والذي خلق الذكر والأنثى»، وعن الكسائي «وما خلق الذكر» بالجر والمعنى: وما خلقه الله تعالى أي ومخلوق الله، ثم يجعل الذكر بدلا منه أي ومخلوق الله الذكر والأنثى. إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤) أي أن عملكم لمختلف في الجزاء لأن بعضه ضلال يوجب النيران وبعضه هدى يوجب الجنان، فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (٧) أي فأما من أعطى من ماله في سبيل الله واجتنب المحارم وصدق بالشرائع فسنهيئه للخصلة التي تؤدي إلى راحة، كدخول الجنة، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (١٠) أي وأما من بخل بماله فلم يبذله في سبيل الخير واستغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الآخرة، وكذب بعدة الله من الخلف الحسن، فسنهيئه للخصلة المؤدية إلى الشدة كدخول النار،
وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى (١١) أي ولا ينفعه ماله الذي جمعه في الدنيا إذا مات، أو أي شيء ينفعه ماله الذي بخل به، ولم يصحبه معه إلى آخرته إذا سقط في حفرة قبر أو في جهنم. إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى (١٢) أي إن الذي يجب علينا في الحكمة إذ خلقنا الخلق للعبادة أن نبين لهم وجوه التعبد فقد فعلنا ما كان فعله واجبا علينا في الحكمة، وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى (١٣) أي إن لنا ملك الدارين نعطي من نشاء ما نشاء فمن طلبهما من غيرنا فقد أخطأ الطريق فليطلب سعادتهما منا فَأَنْذَرْتُكُمْ أي خوفتكم يا أهل مكة ناراً
تَلَظَّى
(١٤) أي تتوقد.
وقرئ شاذا بالتاءين لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) أي لا يدخلها دخولا لازما مؤبدا إلا الكافر الذي هو شقي لأنه كذب بآيات الله، وأعرض عن طاعة الله. قال ابن عباس:
نزلت هذه الآية في أمية بن خلف، وأمثاله الذين كذبوا محمدا والأنبياء قبله وَسَيُجَنَّبُهَا
ﮆﮇ
ﰔ
الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى
(١٨) أي وسيبعد عنها المبالغ في اتقاء المعاصي الذي يعطي ماله ويصرفه في وجوه الحسنات طالبا أن يكون ناميا عند الله تعالى لا يريد بذلك رياء ولا سمعة،
وروى الضحاك عن ابن عباس: عذب المشركون بلال بن رباح واسم أمه حمامة، وبلال يقول:
أحد أحد، فمر النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أحد ينجيك»، ثم قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لأبي بكر: «يا أبا بكر إن بلالا يعذب في الله» «١» فعرف أبو بكر ما يريده رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فانصرف إلى منزله فأخذ رطلا من ذهب ومضى به إلى أمية بن خلف، فقال له: أتبيعني بلالا قال: نعم، فاشتراه، فأعتقه، فقال المشركون ما فعل ذلك أبو بكر ببلال إلا ليد كانت لبلال عنده فأنزل الله تعالى قوله:
وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ أي الأتقى مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (٢٠) أي لم يفعل أبو بكر ذلك مجازاة لأحد بيد كانت له عنده، لكن فعله ابتغاء وجه الله تعالى.
وقرأ يحيى بن وثاب برفع «الابتغاء» على البدل من محل «نعمة»، فإنه رفع إما على الفاعلية، أو على الابتداء و «من» مزيدة، ويجوز أن يكون مفعولا له لأن المعنى لا يؤتي ماله إلا ابتغاء وجه ربه لا لمكافأة نعمة،
وَلَسَوْفَ يَرْضى (٢١) أي ما أنفق أبو بكر إلا لطلب رضوان الله، وبالله لسوف يرضى الله عنه، ولم يكن للنبي ولا لغيره عليه نعمة دنيوية، بل كان أبو بكر هو الذي ينفق على رسول الله، وإنما كان للنبي عليه نعمة الهداية إلى الدين إلا أن هذه نعمة لا يجزى الإنسان بها قال ابن الزبير: كان أبو بكر يشتري الضعفة من العبيد فيعتقهم، فقال له أبوه: يا بني لو كنت تشتري من يمنع ظهرك، فقال: منع ظهري أريد، فأنزل الله تعالى: وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى إلى آخر السورة، وقرئ «يرضى» مبنيا للمفعول.
(١٨) أي وسيبعد عنها المبالغ في اتقاء المعاصي الذي يعطي ماله ويصرفه في وجوه الحسنات طالبا أن يكون ناميا عند الله تعالى لا يريد بذلك رياء ولا سمعة،
وروى الضحاك عن ابن عباس: عذب المشركون بلال بن رباح واسم أمه حمامة، وبلال يقول:
أحد أحد، فمر النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أحد ينجيك»، ثم قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لأبي بكر: «يا أبا بكر إن بلالا يعذب في الله» «١» فعرف أبو بكر ما يريده رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فانصرف إلى منزله فأخذ رطلا من ذهب ومضى به إلى أمية بن خلف، فقال له: أتبيعني بلالا قال: نعم، فاشتراه، فأعتقه، فقال المشركون ما فعل ذلك أبو بكر ببلال إلا ليد كانت لبلال عنده فأنزل الله تعالى قوله:
وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ أي الأتقى مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (٢٠) أي لم يفعل أبو بكر ذلك مجازاة لأحد بيد كانت له عنده، لكن فعله ابتغاء وجه الله تعالى.
وقرأ يحيى بن وثاب برفع «الابتغاء» على البدل من محل «نعمة»، فإنه رفع إما على الفاعلية، أو على الابتداء و «من» مزيدة، ويجوز أن يكون مفعولا له لأن المعنى لا يؤتي ماله إلا ابتغاء وجه ربه لا لمكافأة نعمة،
وَلَسَوْفَ يَرْضى (٢١) أي ما أنفق أبو بكر إلا لطلب رضوان الله، وبالله لسوف يرضى الله عنه، ولم يكن للنبي ولا لغيره عليه نعمة دنيوية، بل كان أبو بكر هو الذي ينفق على رسول الله، وإنما كان للنبي عليه نعمة الهداية إلى الدين إلا أن هذه نعمة لا يجزى الإنسان بها قال ابن الزبير: كان أبو بكر يشتري الضعفة من العبيد فيعتقهم، فقال له أبوه: يا بني لو كنت تشتري من يمنع ظهرك، فقال: منع ظهري أريد، فأنزل الله تعالى: وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى إلى آخر السورة، وقرئ «يرضى» مبنيا للمفعول.
(١) رواه السيوطي في الدر المنثور (٦: ٣٦١)، والقرطبي في التفسير (٢٠: ٩٣) وفيه: «في بيت رسول الله».