تفسير سورة المجادلة

أحكام القرآن
تفسير سورة سورة المجادلة من كتاب أحكام القرآن .
لمؤلفه إلكيا الهراسي . المتوفي سنة 504 هـ

قوله تعالى :﴿ قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الّتي تُجَادِلُكَ في زَوْجِهَا ﴾، الآية :[ ١ ] :
وهي مفتتحة بذكر الظهار، وكان طلاقاً جاهلياً، فجعله الشرع على حكم آخر.
وروى أصحاب الأخبار : جاءت خولة بنت ثعلبة إلى النبي وزوجها أوس بن الصامت فقالت : إن زوجها جعلها عليه كظهر أمه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام :“ما أراك إلا حرمت عليه”، وهو حينئذ يغسل رأسه فقالت : أنظر جعلني الله فداك يا رسول الله، فقال :“ما أراك إلا حرمت عليه، فكرر ذلك مراراً” فأنزل الله تعالى :﴿ قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الّتي تُجَادِلُكَ في زَوْجِهَا ﴾١.
وقوله عليه الصلاة والسلام :" حرمت عليه "، ظاهره يعني به تحريم الطلاق، وإلا فحكم الظهار بينه الله تعالى من بعد، وهذا يحتج به من يجوز رفع الحكم بعد ثبوته في الشيء الواحد في الوقت الواحد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها :" حرمت عليه "، ثم حكم فيها بعينها بالظهار بعد حكمه بالطلاق، وذلك القول بعينه في شخص واحد بعينه، والنسخ عند من يخالف هؤلاء، يوجب الحكم في المستقبل بخلاف الأول في الماضي.
وغاية جواب المخالف، أن من الممكن أن الله تعالى وعد رسوله بذلك، فلم يحكم بالطلاق جزماً، وإنما ذكره معلقاً.
١ - أخرجه الحافظ ابن كثير في تفسيره، والواحدي النيسابوري في أسباب النزول، والسيوطي في الدر المنثور، ج ٦..
قوله تعالى :﴿ وإنّهُم لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ القَوْلِ ﴾، الآية :[ ٢ ] : يدل على أن ذلك منكرٌ لأنه كذب.
قوله تعالى :﴿ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا ﴾، الآية :[ ٣ ] :
اعتبر العود، وقد اختلف الناس فيه، وأبو حنيفة يقول : هو استباحة الوطء، فعليه الكفارة قبل الاستباحة، ومعنى الاستباحة العزم على الوطء١.
والشافعي يقول : هو أن يمسكها بعد الظهار مدة يمكنه أن يطلقها فيه فلا تطلق، ورأى الشافعي أن ذلك أشبه بالعود، لأنه إذا رآها كالأم فلم يمسكها، فإن الأم لا تمسك بالنكاح، وأما العزم على الفعل، فهو عزم على محرم، فلا أثر له قبل مواقعة المحرم٢.
١ - أحكام القرآن للجصاص، ج ٥..
٢ - راجع أحكام القرآن للقرطبي تفسير سورة المجادلة..
Icon