تفسير سورة يوسف

أحكام القرآن
تفسير سورة سورة يوسف من كتاب أحكام القرآن .
لمؤلفه إلكيا الهراسي . المتوفي سنة 504 هـ

قوله تعالى :﴿ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إخْوَتِكَ ﴾، الآية :[ ٥ ] :
وذلك يدل على جواز ترك إظهار النعمة، عند من يخشى غائلته حسداً وكيداً، وقال النبي عليه الصلاة والسلام :" استعينوا على حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود١ ".
١ - أخرجه الطبراني وذكره ابن الجوزي في الموضوعات..
قوله تعالى :﴿ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُم أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ﴾ الآية :[ ١٨ ] :
يدل صدر الآية : على جواز الحكم بالعلامة، فإنه لما رأى القميص صحيحاً قال : يا بني، ما عهدت والله الذئب حليماً.
وقوله :﴿ فصبر جميل ﴾ : يدل على أن من أدب الدين حسن الصبر والعزاء، وترك الشكوى، وهو مثل قوله تعالى :﴿ الّذِينَ إذَا أَصَابَتهُم مُصِيبَةٌ قَالُوا إنّا للهِ وإنّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ١.
١ - سورة البقرة، آية ١٥٦..
قوله تعالى :﴿ وأَسَرُّوهُ١ بِضَاعَةً ﴾، الآية :[ ١٩ ] : قال ابن عباس : أسرّه إخوته وكتموا أنه أخوهم، وبايعهم يوسف على ذلك الكتمان لئلا يقتلوه.
وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما، أنه قضى في اللقيط أنه حر، وقرأ :﴿ وشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيِه مِنَ الزَّاهِدِيِنَ ﴾، الآية :[ ٢٠ ].
وروى الزهري عن سفيان بن أبي جميل قال : وجدت منبوذاً على عهد عمر، فقال رحمه الله : عسى الغوير بؤساً، فقيل إنه لا يتهم، فقال : هو ذاك ولاه أبي ولايته إذ هو حر الأصل في الظاهر.
ومعنى قوله لعل الغوير بؤساً : الغوير تصغير غار، وهو مثل : معناه : عسى أن يكون البائس جاء من قبل الغار، فإنهم غمزوا الرجل. وقال : عسى أن يكون الأمر جاء من قبلك في هذا الصبي اللقيط، وأن يكون من مغالك، فلما شهد وآله بالستر أمره بإمساكه، وقال ولاؤه لك، أي إمساكه والولاية عليه.
قوله تعالى :﴿ وكَانُوا فِيِهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ﴾، الآية :[ ٢٠ ] : قيل إن إخوته كانوا في الثمن من الزاهدين، فإن ما كان من أبيهم ألا يغيبوه عن وجه أبيه.
١ - أسروه: أخفوه..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٩:قوله تعالى :﴿ وأَسَرُّوهُ١ بِضَاعَةً ﴾، الآية :[ ١٩ ] : قال ابن عباس : أسرّه إخوته وكتموا أنه أخوهم، وبايعهم يوسف على ذلك الكتمان لئلا يقتلوه.
وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما، أنه قضى في اللقيط أنه حر، وقرأ :﴿ وشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيِه مِنَ الزَّاهِدِيِنَ ﴾، الآية :[ ٢٠ ].
وروى الزهري عن سفيان بن أبي جميل قال : وجدت منبوذاً على عهد عمر، فقال رحمه الله : عسى الغوير بؤساً، فقيل إنه لا يتهم، فقال : هو ذاك ولاه أبي ولايته إذ هو حر الأصل في الظاهر.
ومعنى قوله لعل الغوير بؤساً : الغوير تصغير غار، وهو مثل : معناه : عسى أن يكون البائس جاء من قبل الغار، فإنهم غمزوا الرجل. وقال : عسى أن يكون الأمر جاء من قبلك في هذا الصبي اللقيط، وأن يكون من مغالك، فلما شهد وآله بالستر أمره بإمساكه، وقال ولاؤه لك، أي إمساكه والولاية عليه.
قوله تعالى :﴿ وكَانُوا فِيِهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ﴾، الآية :[ ٢٠ ] : قيل إن إخوته كانوا في الثمن من الزاهدين، فإن ما كان من أبيهم ألا يغيبوه عن وجه أبيه.
١ - أسروه: أخفوه..

قوله تعالى :﴿ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهلِهَا ﴾، الآية :[ ٢٦ ] : روى ابن عباس أنه صبي في المهد. وروى أيضاً أنه رجل، ومن الناس من يحتج بذلك في الحكم بالعلامة في اللقطة وكثير من المواضع، حتى قال مالك في اللصوص : إذا وجدت معهم أمتعة فجاء قوم فادعوها وليست لهم بينة، أن السلطان يتلوم في ذلك، فإن جاء غيرهم يطلبها، وإلا دفعها إليهم. وقال أبو حنيفة ومحمد في متاع البيت : إذا اختلف فيه الرجل والمرأة فهو للرجل.
ولا يحكم في كثير من المواضع بمثله، فإنه لو تنازع عطار وسقاء قربة وهما متعلقان بها، فهي بينهما، ولأن الأشبه في حديث يوسف، والعلامة أن ذلك كان آية من جهة الله تعالى، وإلا فما يدريهم أن امرأة ورجلا إذا تداعيا أمراً بينهما، فيكون قد قُدّ قميص أحدهما أو قميصها، أو من الممكن أن يقال إن الرجل هم بها فطلبته ممتعضة وقدت قميصه من دبر، وليس في ذلك دلالة إلا من جهة خرق الله عز وجل العادة، بانطلاق الصبي في المهد.
وكان شريح وإياس بن معاوية يعملان على العلامات في حكومات، وأصل ذلك على هذه الآية، ولعل ذلك فيما طريقه التهمة، لا على سبيل بت الحكم، وقد يستحي الإنسان إذا ظهر مثل هذا منه للإقامة على الدعوى فيقر، فيحكم عليه بالإقرار.
قوله تعالى :﴿ أَضْغَاثُ أَحلاَمٍ ﴾، الآية :[ ٤٤ ] : وقد كانت الرؤيا صحيحة، ولم تكن أضغاث أحلام، فإن يوسف عليه السلام عبرها على سني الخصب والجدب. وهذا يبطل قول من يقول : إن الرؤيا على أول ما تعبر، فإن الأقوام قالوا أضغاث أحلام، ولم تقع كذلك. ويدل على فساد الرواية : أن الرؤيا على رجل طائر، فإذا عبرت وقعت.
قوله تعالى :﴿ فَلَمّا جَاءَه الرَّسولُ قَالَ ارْجِعْ إلَى رَبِّكَ ﴾، الآية :[ ٥٠ ] :
يدل على ثبات النفس والصبر، وطلب براءة الساحة، ليكون أجل في صدره عند حضوره، وأقرب إلى أن يقبل منه ما دعاه إليه من التوحيد.
﴿ الأمّارة ﴾ : الكثيرة الأمر بالشيء، والنفس بهذه الصفة، لكثرة ما يشتبه، وتنازع إليه مما يقع الفعل من أجله.
قوله تعالى :﴿ اجعَلْني عَلَى خَزائِنِ الأَرْضِ إنّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾، الآية :[ ٥٥ ] :
وصف نفسه بالعلم والحفظ، فدل ذلك أنه جائز أن يصف الإنسان نفسه بالفضل عند من لا يعرفه، وأنه ليس من المحظور تزكية النفس لقوله :﴿ فَلاَ تُزَكّوُا أَنفُسَكُم١.
١ - سورة النجم، آية ٣٢..
قوله تعالى :﴿ لاَ تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وادْخُلُوا مِنْ أَبوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ ﴾، الآية :[ ٦٧ ] : ذهب به إلى حرف العين١.
١ - انظر تفسير القاسمي..
قوله تعالى :﴿ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِملُ بَعِيرٍ ﴾، الآية :[ ٧٢ ] : أصل في الجعالة، مثل أن يقول : من ردَّ إليّ عبدي الآبق فله كذا.
فقوله تعالى :﴿ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِملُ بَعِيرٍ وأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ﴾ : ظن ظانون أن ذلك كفالة، وليس بكفالة إنسان عن إنسان، وإنما كفل بذلك عن نفسه، وضمنه نعم هو جعالة.
قوله تعالى :﴿ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ﴾، الآية :[ ٧٦ ] : دليل على جواز الحيلة في التوصل إلى المباح، وما فيه من العظة والصلاح، واستخراج الحقوق، ومثله قوله تعالى :﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغثاً فاضرِب بهِ وَلاَ تَحْنَثْ١، وحديث أبي سعيد الخدري في عامل خيبر والذي أهداه من التمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وما قاله في ذلك، وقال عليه الصلاة والسلام لهند :" خذي من مال أبي سفيان ما يكفيك وولدك بالمعروف٢ "، وكان إذا أراد سفراً ورَّى بغيره.
وأرسلت بنو قريظة إلى أبي سفيان، أن ائتونا فإنا نستعين على بيضة المسلمين من ورائهم، فسمع ذلك نعيم بن مسعود، وكان موادعاً للنبي عليه الصلاة والسلام، وكان عند عينيه حين أرسلت بذلك بنو قريظة إلى الأحزاب، أبي سفيان بن حرب وأصحابه، فأقبل نعيم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره خبرها وما أرسلت به بنو قريظة إلى الأحزاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلنا أمرناهم بذلك، فقام نعيم بكلمة رسول الله من عند رسول الله، وكان نعيم رجلاً لا يكتم الحديث، قال : فلما ولى من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاهباً إلى غطفان، فقال عمر : يا رسول الله، ما هذا الذي قلت ؟ إن كان أمر من الله تعالى فامضه، وإن كان هذا رأياً رأيته من قبل نفسك، فإن شأن بني قريظة أهون من أن تقول شيء يؤثر عنك، فقال النبي عليه الصلاة والسلام :" إن هذا رأي، إن الحرب خدعة ".
وعن عمر أنه قال : إن لفي معاريض الكلام لمندوحة عن الكذب. وقال ابن عباس : ما سرني بمعاريض الكلام حمر النعم.
وقال إبراهيم حين سئل عن سارة من هي ؟ فقال هي أختي، لئلا يأخذوها، وإنما أراد به أختي في الدين٣. وقال إبراهيم حين تخلف ليكسر آلهتهم : إني سقيم، معناه إني سأسقم يعني أموت، كما قال تعالى إنك ميت، فعارض عن كلام مبهم سألوه عنه إلى غيره على وجه لا يلحقه في ذلك كذب٤.
١ - سورة ص، آية ٤٤..
٢ - أخرجه الإمام أحمد في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير، والبيهقي في الشعب..
٣ - انظر قصص الأنبياء لان كثير، ودلائل النبوة للبيهقي..
٤ - انظر محاسن التأويل في توضيح ذلك..
قوله تعالى :﴿ فَأَوْفِ لَنَا الكَيلَ ﴾، الآية :[ ٨٨ ] وقال :﴿ ألا ترون أني أوف الكيل ﴾ : هذا مما يحتج به في أجرة الكيال والوزن أنها على البائع، فإنه إذا كان عليه أن يوفيَ الكيل، فيتعين عليه أن يقوم بمثوبة ما يجب عليه١.
١ - انظر أيضا محاسن التأويل للقاسمي..
Icon