تفسير سورة سورة يوسف من كتاب تفسير ابن عرفة
المعروف بـتفسير ابن عرفة - النسخة الكاملة
.
لمؤلفه
ابن عرفة
.
المتوفي سنة 803 هـ
ﰡ
سُورَةُ يُوسُفَ - عَلَيهِ السَّلَامُ -
قوله تعالى: ﴿تِلْكَ آيَاتُ... (١)﴾
الزمخشري: تلك الآيات التي أنزلت عليه في هذه السورة.
الطيبي: سورة يوسف عليه السلام
إشارة إلى أن (تِلْكَ) مبتدأ والمشار إليه ما [في*] ذهن المخاطب.
قال ابن الحاجب: المشار إليه لَا يشترط أن يكون موجودا حاضرا؛ بل يكفي أن يكون موجود هنا.
(لَمِنَ الْغَافِلِينَ (٣)
الزمخشري: من الجاهلين به.
الطيبي: هذه كبيرة منه توهم أن الغافل عن الشيء هو الجاهل به، ولم يكن رسول الله ﷺ ممن يطلق عليه اسم الجاهل ويخاطب به أبدا.
قال القاضي: (لمن الغافلين) عن هذه القصة لم يخطر ببالك ولم يفزع سمعك قط؛ وهو تعليل لكونه موحى.
قلت: ويمكن أن يقال: إن الشيء إذا كان بديعا وفيه نوع غرابة إذا وقف عليه، قيل للمخاطب: كنت عن هذا غافلا؛ أي كان يجب عليك أن تفتش عنه وأن تستوفي في تحصيله. الراغب: الغَفْلَةُ سهو [يعتري*] الإنسان من قلة التحفظ [واليقظ*]، [وأرض غُفْلٌ: لا منار بها*]، وإغفال الكتاب]؛ أي تركه غير معجم، قوله تعالى (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا) أي جعلناه غافلا عن الحقائق وتركناه غير مكتوب فيه الإيمان، كما قال تعالى (أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ)، وحديث الكريم ابن الكريم الذي ذكره الزمخشري، رواه البخاري، ومسلم، والترمذي، عن أبي هريرة.
(أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ... (٤)
الطيبي: كان من حق الظاهر تقديم الشمس والقمر على الكوكب بعد إخراجهما من الجنس تقديما للفاضل على المفضول؛ كقوله تعالى (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ) لكن خولف هذا الاعتبار بتأخيرهما قصدا؛
قوله تعالى: ﴿تِلْكَ آيَاتُ... (١)﴾
الزمخشري: تلك الآيات التي أنزلت عليه في هذه السورة.
الطيبي: سورة يوسف عليه السلام
إشارة إلى أن (تِلْكَ) مبتدأ والمشار إليه ما [في*] ذهن المخاطب.
قال ابن الحاجب: المشار إليه لَا يشترط أن يكون موجودا حاضرا؛ بل يكفي أن يكون موجود هنا.
(لَمِنَ الْغَافِلِينَ (٣)
الزمخشري: من الجاهلين به.
الطيبي: هذه كبيرة منه توهم أن الغافل عن الشيء هو الجاهل به، ولم يكن رسول الله ﷺ ممن يطلق عليه اسم الجاهل ويخاطب به أبدا.
قال القاضي: (لمن الغافلين) عن هذه القصة لم يخطر ببالك ولم يفزع سمعك قط؛ وهو تعليل لكونه موحى.
قلت: ويمكن أن يقال: إن الشيء إذا كان بديعا وفيه نوع غرابة إذا وقف عليه، قيل للمخاطب: كنت عن هذا غافلا؛ أي كان يجب عليك أن تفتش عنه وأن تستوفي في تحصيله. الراغب: الغَفْلَةُ سهو [يعتري*] الإنسان من قلة التحفظ [واليقظ*]، [وأرض غُفْلٌ: لا منار بها*]، وإغفال الكتاب]؛ أي تركه غير معجم، قوله تعالى (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا) أي جعلناه غافلا عن الحقائق وتركناه غير مكتوب فيه الإيمان، كما قال تعالى (أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ)، وحديث الكريم ابن الكريم الذي ذكره الزمخشري، رواه البخاري، ومسلم، والترمذي، عن أبي هريرة.
(أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ... (٤)
الطيبي: كان من حق الظاهر تقديم الشمس والقمر على الكوكب بعد إخراجهما من الجنس تقديما للفاضل على المفضول؛ كقوله تعالى (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ) لكن خولف هذا الاعتبار بتأخيرهما قصدا؛
372
أي تغايرهما مطلقا بإخراجهما من الجنس رأسا بحيث لَا مناسبة بينهما؛ فيقدم الفاضل على المفضول.
فإن قلت: ما نحن بصدده ليس من قبيل (وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ)؛ لأنه من عطف الخاص على العام لأنهما داخلان في الملائكة بخلافه هنا.
قلت: يكفى في الشبه إخراجهما من جنس الكواكب وجعلهما مغايرين لها بالعطف.
فإِن قلت: لم لم يقل: إني رأيت الكواكب والشمس والقمر ليوازي تلك الآيات؟ قلت: القصد الأول في تلك الآية ذكر جبريل وميكائيل، كما دل عليه بسبب النزول، وذكر الملائكة، [للترقية والتمهيد*] بخلافه هنا؛ فسلك به مسلكا علم منه المقصود وأدمج التفضيل والاختصاص، وفيه أمثال؛ قال: إن الآخرة مع تلك البينة ما سلب عليهم نور الولاية والنبوة.
والزمخشري: ويجوز أن تكون الواو بمعنى مع.
قال صاحب التقريب: وفيه نظر لاتفاقهم على أن عمرا في: ضربت زيدا وعمرا ليس مفعولا معه.
ويجاب أن المعنى ليس أنه مفعول معه؛ فإن سؤاله لم أخر الشمس والقمر؟
ومعناه كيف أخرهما وموضعهما التقديم؟ وأجاب بجوابين:
أحدهما: فيه التزام التأخير لإفادة المبالغة في التغاير.
وثانيهما: أن الواو لَا توجب الترتيب لأن مقتضاها الجمعية؛ لأنها بمعنى مع؛ كأنه قيل: رأيت الشمس والقمر والكواكب دفعة واحدة.
يؤيده قوله في تفسير قوله تعالى (لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ) وإنما وجد الراجع في به؛ لأن الواو بمعنى مع فيتوحد المرجوع إليه.
وقوله بعد ذلك (يَخْلُ لَكُمْ... (٩)
إما مجرور بإضمار أن والواو بمعنى مع؛ كقوله تعالى (وَتَكْتُمُونَ الحَقَّ).
فإن قلت: ما نحن بصدده ليس من قبيل (وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ)؛ لأنه من عطف الخاص على العام لأنهما داخلان في الملائكة بخلافه هنا.
قلت: يكفى في الشبه إخراجهما من جنس الكواكب وجعلهما مغايرين لها بالعطف.
فإِن قلت: لم لم يقل: إني رأيت الكواكب والشمس والقمر ليوازي تلك الآيات؟ قلت: القصد الأول في تلك الآية ذكر جبريل وميكائيل، كما دل عليه بسبب النزول، وذكر الملائكة، [للترقية والتمهيد*] بخلافه هنا؛ فسلك به مسلكا علم منه المقصود وأدمج التفضيل والاختصاص، وفيه أمثال؛ قال: إن الآخرة مع تلك البينة ما سلب عليهم نور الولاية والنبوة.
والزمخشري: ويجوز أن تكون الواو بمعنى مع.
قال صاحب التقريب: وفيه نظر لاتفاقهم على أن عمرا في: ضربت زيدا وعمرا ليس مفعولا معه.
ويجاب أن المعنى ليس أنه مفعول معه؛ فإن سؤاله لم أخر الشمس والقمر؟
ومعناه كيف أخرهما وموضعهما التقديم؟ وأجاب بجوابين:
أحدهما: فيه التزام التأخير لإفادة المبالغة في التغاير.
وثانيهما: أن الواو لَا توجب الترتيب لأن مقتضاها الجمعية؛ لأنها بمعنى مع؛ كأنه قيل: رأيت الشمس والقمر والكواكب دفعة واحدة.
يؤيده قوله في تفسير قوله تعالى (لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ) وإنما وجد الراجع في به؛ لأن الواو بمعنى مع فيتوحد المرجوع إليه.
وقوله بعد ذلك (يَخْلُ لَكُمْ... (٩)
إما مجرور بإضمار أن والواو بمعنى مع؛ كقوله تعالى (وَتَكْتُمُونَ الحَقَّ).
373
قال شارح المبادئ: نزل على الجمع المطلق، ودلالتها على الجمع أقوى من دلالتها على العطف؛ فإِنها قد تعدى من معنى العطف ولا تعدى من معنى الجمع.
فإِن واو القسم وواو الحال بمعنى مع لَا تقيد العطف وتفيد الجمع لأنها في القسم نائبة عن التاء والباء للإلصاق، والحال مصاحبة لذي الحال، والواو في المختلفين بمنزلة التثنية، والجمع في المتفقين، وتلخيص الجواب يرجع إلى ما قال في سورة النمل.
فإِن قلت: ما الفرق بين هذا؛ أي بين تلك آيات القرآن وكتاب مبين، وبين قوله: تلك آيات الكتاب وقرآن مبين؟ قلت: لَا فرق بينهما إلا ما بين المعطوف والمعطوف عليه من التقديم والتأخير؛ وذلك على ضربين: ضرب جار مجرى التثنية لَا يترجح جانب عن جانب، وضرب فيه يترجح.
والأول نحو قوله تعالى (وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا).
والثاني نحو قوله تعالى (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ).
ونقل عن تلميذ ابن الحاجب، أنه قال: ظاهر كلام الزمخشري لَا يشترط في المفعول معه مصاحبة الفاعل، والحد المذكور في الكافية لَا يمنع من مصاحبة المفعول.
ونقل المالكي عن سيبويه، أنه قال: بعد تمثيله بما صنعت وأباك، ولو تركت الناقة وفصيلها لرضعها؛ فالفصيل مفعول معه، والأب كذلك.
وقال المالكي أيضا: ويترجح العطف إن كان بلا تكلف ولا مانع ولا موهن؛ فإِن خفت به فوات ما يضر فواته رجح النصب على المعية، كذلك هنا رجحنا المعية على العطف؛ لتوخي حصول الأفضلية؛ ليرجع معنى الآية إلى معنى قوله تعالى (مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ).
(سَاجِدِينَ).
الزجاج: إذا جعل الله غير المميز كالمميز؛ كذلك تكون أفعالنا وأنباؤنا.
وأما ساجدين فحقيقته فعل كل من يعقل؛ فإِذا وصف به غيرهم فقد دخل في المميزين وجاز الإخبار عنه كالإخبار عنهم.
فإِن واو القسم وواو الحال بمعنى مع لَا تقيد العطف وتفيد الجمع لأنها في القسم نائبة عن التاء والباء للإلصاق، والحال مصاحبة لذي الحال، والواو في المختلفين بمنزلة التثنية، والجمع في المتفقين، وتلخيص الجواب يرجع إلى ما قال في سورة النمل.
فإِن قلت: ما الفرق بين هذا؛ أي بين تلك آيات القرآن وكتاب مبين، وبين قوله: تلك آيات الكتاب وقرآن مبين؟ قلت: لَا فرق بينهما إلا ما بين المعطوف والمعطوف عليه من التقديم والتأخير؛ وذلك على ضربين: ضرب جار مجرى التثنية لَا يترجح جانب عن جانب، وضرب فيه يترجح.
والأول نحو قوله تعالى (وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا).
والثاني نحو قوله تعالى (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ).
ونقل عن تلميذ ابن الحاجب، أنه قال: ظاهر كلام الزمخشري لَا يشترط في المفعول معه مصاحبة الفاعل، والحد المذكور في الكافية لَا يمنع من مصاحبة المفعول.
ونقل المالكي عن سيبويه، أنه قال: بعد تمثيله بما صنعت وأباك، ولو تركت الناقة وفصيلها لرضعها؛ فالفصيل مفعول معه، والأب كذلك.
وقال المالكي أيضا: ويترجح العطف إن كان بلا تكلف ولا مانع ولا موهن؛ فإِن خفت به فوات ما يضر فواته رجح النصب على المعية، كذلك هنا رجحنا المعية على العطف؛ لتوخي حصول الأفضلية؛ ليرجع معنى الآية إلى معنى قوله تعالى (مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ).
(سَاجِدِينَ).
الزجاج: إذا جعل الله غير المميز كالمميز؛ كذلك تكون أفعالنا وأنباؤنا.
وأما ساجدين فحقيقته فعل كل من يعقل؛ فإِذا وصف به غيرهم فقد دخل في المميزين وجاز الإخبار عنه كالإخبار عنهم.
374
(وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ... (٦)
يحتمل كون الكاف للتعليل. أي ولأجل رؤياك ذلك يجتبك ربك.
وقال ابن العريف: إن الكات إنما ترد لتعليل مع ما.
(وَيُعَلِّمُكَ).
قول ابن بزيزة: هو داخل في التشبيه؛ يرد بأنه؛ إما أن يشبه بالاحتمال، وبالرؤية؛ والأول باطل لأن العطف يقتضي المغايرة؛ فلا يصح أن يكون التقدير: وكاجتبائك يجتبيك بتعلم تأويل الأحاديث، والثاني باطل لأنه إنما يشبه الأخفى بالأجلى والرؤية هنا أخفى وأدون رتبة من النبوة؛ فهو العكس سواء، فالظاهر أنه استئناف كلام.
(مِنْ تَأوِيلِ الأَحَادِيثِ).
من ليست لبيان الجنس لأن مفسرها ما بعدها، والتي لبيان الجنس إنما يكون مفسرها قبلها؛ كقوله (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ) والمراد بالتأويل التفسير؛ وهي عبارة المتقدمين، وأما المتأخرين فيريدون بالتأويل حمل اللفظ على غير ظاهره.
الطيبي: التأويل من الأول؛ وهو الرجوع إلى الأصل، ومنه الموصل للموضع الذي يرجع إليه، وذلك هو رد الشيء إلى الغاية المرادة منه علما كان أو فعلا؛ ففي العلم، قوله تعالى (وَمَا يَعلَمُ تَأوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ).
وفي الفعل قول الشاعر:
وللقوي قبل يوم البين تأويل
وقوله تعالى (هَل يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأوِيلَهُ يَومَ يَأتي تَأوِيلُهُ) أي بيانه الذي هو غايته المقصودة منه.
الزمخشري: الأحاديث جمع للحديث وليس بجمع أحدوثة.
الطيبي: وقال في موضع آخر: الأحاديث تكون جمعا للحديث، ومنه أحاديث الرسول، ويكون جمع للأحدوثة التي هي مثل الأضحوكة، والأعجوبة، وهي ما يتحدث به النَّاس تلهيا وتعجبا، وقد يظن أنه تناقض لأنه في المفصل، وقد يجيء الجمع مبينا على غير واحده المستعمل، وذلك نحو: أراهط، وأباطيل، وأحاديث.
قال الفراء: يرى أن واحد الأحاديث أحدوثة؛ ثم جعلوه جمعا للحديث.
يحتمل كون الكاف للتعليل. أي ولأجل رؤياك ذلك يجتبك ربك.
وقال ابن العريف: إن الكات إنما ترد لتعليل مع ما.
(وَيُعَلِّمُكَ).
قول ابن بزيزة: هو داخل في التشبيه؛ يرد بأنه؛ إما أن يشبه بالاحتمال، وبالرؤية؛ والأول باطل لأن العطف يقتضي المغايرة؛ فلا يصح أن يكون التقدير: وكاجتبائك يجتبيك بتعلم تأويل الأحاديث، والثاني باطل لأنه إنما يشبه الأخفى بالأجلى والرؤية هنا أخفى وأدون رتبة من النبوة؛ فهو العكس سواء، فالظاهر أنه استئناف كلام.
(مِنْ تَأوِيلِ الأَحَادِيثِ).
من ليست لبيان الجنس لأن مفسرها ما بعدها، والتي لبيان الجنس إنما يكون مفسرها قبلها؛ كقوله (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ) والمراد بالتأويل التفسير؛ وهي عبارة المتقدمين، وأما المتأخرين فيريدون بالتأويل حمل اللفظ على غير ظاهره.
الطيبي: التأويل من الأول؛ وهو الرجوع إلى الأصل، ومنه الموصل للموضع الذي يرجع إليه، وذلك هو رد الشيء إلى الغاية المرادة منه علما كان أو فعلا؛ ففي العلم، قوله تعالى (وَمَا يَعلَمُ تَأوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ).
وفي الفعل قول الشاعر:
وللقوي قبل يوم البين تأويل
وقوله تعالى (هَل يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأوِيلَهُ يَومَ يَأتي تَأوِيلُهُ) أي بيانه الذي هو غايته المقصودة منه.
الزمخشري: الأحاديث جمع للحديث وليس بجمع أحدوثة.
الطيبي: وقال في موضع آخر: الأحاديث تكون جمعا للحديث، ومنه أحاديث الرسول، ويكون جمع للأحدوثة التي هي مثل الأضحوكة، والأعجوبة، وهي ما يتحدث به النَّاس تلهيا وتعجبا، وقد يظن أنه تناقض لأنه في المفصل، وقد يجيء الجمع مبينا على غير واحده المستعمل، وذلك نحو: أراهط، وأباطيل، وأحاديث.
قال الفراء: يرى أن واحد الأحاديث أحدوثة؛ ثم جعلوه جمعا للحديث.
وقال علم الدين السخاوي في شرح المفصل: كأنهم جمعوا حديثا على أحدوثة، ثم جمعوا الجمع على أحاديث؛ كقطيع، وأقطعة، وأقاطيع؛ فعلى هذا يصح أن يقال: هو مبني على واحدة المستعمل، ورؤياه تدل على تشتت أمره أولا، ثم يجمع الله من شتاته بعد دهر طويل، وذلك أن سجود إخوته مع بعضهم إياه وحسدهم أمر بعيد، وسجود أبويه له أبعد وذلك لَا يحصل إلا بعد ضربات الدهر، وشتات الأمر، وتقلبات الأحوال.
(عَلَى أَبَوَيْكَ).
قال اللخمي: اختلف في قوله تعالى (وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ) هل تدخل زوجة الجد وأبيه بالنص فهو حقيقة مشتركة أو بالقياس، أو بالإجماع.
(عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
الفخر: (عَلِيمٌ) إشارة لقوله (عَلِيمٌ) انتهى؛ فيكون معنى (حَكِيمٌ) أنه عليم بالوقت الذي يرسل فيه الرسول باعتبار الزمان، وباعتبار عمره، ولمن يرسله.
(لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٨)
الزمخشري: أي في ذهاب عن طريق الصواب في ذلك.
الطيبي: يعني أن نسبة الضلال إلى أبيهم إن كان مطلق يوهم سوء أدب؛ فهو مقيد [بقرينة*] الأحوال؛ كقوله تعالى (وَمَا كَانُوا مُهتَدِينَ)، أي في التجارة، وقوله تعالى (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا) أي رشدا في طريق التجارة.
(وَجْهُ أَبِيكُمْ... (٩)
أضاف الأب إلى المخاطبين، وقال أمور: أولا (أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا).
فأضافه إلى المتكلمين جميعهم، والجواب: أنهم أولا أخبروا أنه أبو جميعهم، فأضافوا الأب إلى المتكلم ومعه غيره، فعبروا بـ أبانا عنهم وعن يوسف وأخيه، ثم لما قالوا (يَخْلُ لَكُم وَجْهُ أَبِيكُم)، أضافوه إلى المخاطب؛ لأنهم إذا أذهبوا يوسف صار يعقوب أبا لهم فقط، وهو خطاب للحاضرين.
(قَوْمًا صَالِحِينَ).
(عَلَى أَبَوَيْكَ).
قال اللخمي: اختلف في قوله تعالى (وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ) هل تدخل زوجة الجد وأبيه بالنص فهو حقيقة مشتركة أو بالقياس، أو بالإجماع.
(عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
الفخر: (عَلِيمٌ) إشارة لقوله (عَلِيمٌ) انتهى؛ فيكون معنى (حَكِيمٌ) أنه عليم بالوقت الذي يرسل فيه الرسول باعتبار الزمان، وباعتبار عمره، ولمن يرسله.
(لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٨)
الزمخشري: أي في ذهاب عن طريق الصواب في ذلك.
الطيبي: يعني أن نسبة الضلال إلى أبيهم إن كان مطلق يوهم سوء أدب؛ فهو مقيد [بقرينة*] الأحوال؛ كقوله تعالى (وَمَا كَانُوا مُهتَدِينَ)، أي في التجارة، وقوله تعالى (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا) أي رشدا في طريق التجارة.
(وَجْهُ أَبِيكُمْ... (٩)
أضاف الأب إلى المخاطبين، وقال أمور: أولا (أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا).
فأضافه إلى المتكلمين جميعهم، والجواب: أنهم أولا أخبروا أنه أبو جميعهم، فأضافوا الأب إلى المتكلم ومعه غيره، فعبروا بـ أبانا عنهم وعن يوسف وأخيه، ثم لما قالوا (يَخْلُ لَكُم وَجْهُ أَبِيكُم)، أضافوه إلى المخاطب؛ لأنهم إذا أذهبوا يوسف صار يعقوب أبا لهم فقط، وهو خطاب للحاضرين.
(قَوْمًا صَالِحِينَ).
إذا وذكر قوم أنهم إذا تابوا يكونون كقومهم في ابتداء أمرهم صالحون، لم تصدر منهم معصية؛ لأن التوبة تجب ما قبلها.
(قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ... (١٠)
لم يقل: قال بعضهم إشارة إلى أنه لم يقل إلا واحد منهم، ولفظ بعض يصدق على الواحد وعلى أكثر منه.
الزمخشري: (الْجُبِّ) البئر، [لم تطو*] لأن الأرض تجب جبا.
الطيبي: يعني أنما سمي البئر غير المطوي جبا إذ ليس فيه غير جب الأرض؛ فإِنه لم يطو بعد الأساس طوي البناء باللبن، والبئر بالحجارة، وهو الطوي، والإطواء.
(مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا... (١١)
لك خبر ما، ولا تأمنا حال، كقولك ما لك ضاحكا، ما لك باكيا.
الطيبي: قال صاحب التفسير كلهم، قرأ [(مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا) *] بإدغام النون الأولى في الثانية، وإشمامها بالضم، وحقيقة الإشمام في ذلك أن يشار بالحركة إلى النون لا بالعضو إليها، فيكون ذلك أخفاء لَا إدغاما صحيحا؛ لأن الحركة لَا تسكن رأسا بل يضعف الصوت، فيفصل بين المدغم والمدغم فيه، لذلك هذا قول عامة، وهو الصواب لتأكيد دلالته وصحته في القياس.
وقال الجعبري: شارح القصيدة في قوله: وتأمننا للكل يخفي مفصلا، وقوله: وإدغام من إشمامها لبعض عنهم يريد بقوله إخفاء الحركة اختلاسها، ومعنى مفصلا؛ فصل إحدى النونين عن الأخرى وهي حقيقة الإظهار، وهذا معنى قول أبي علي الفارسي: ويجوز أن يبين ولا يدغم، ويخفي الحركة، وهو أن يختلسها، ومفهوم إطلاق السبب إلى أن كلا من النقلة رووه عن السبعة، وليس كذلك لإطباق العراقيين على خلافه، وقوله: التشديد من غير حركة النون، وبهذا قطع ابن مجاهد في قوله: وكلهم قرأ تأمنا بفتح الميم، وضم النون وإدغام النون الأولى في الثانية، والإشارة إلى إعراب النون المدغمة بالضم ونبه بقوله: وضم النون على أن الفعل مرفوع ليفهم علة الأسماء.
(وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ).
تمويه وتورية، أي وإنا لأجله لناصحون أنفسنا، وهذا لأنهم أنبياء يستحيل عليهم الكذب.
(قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ... (١٠)
لم يقل: قال بعضهم إشارة إلى أنه لم يقل إلا واحد منهم، ولفظ بعض يصدق على الواحد وعلى أكثر منه.
الزمخشري: (الْجُبِّ) البئر، [لم تطو*] لأن الأرض تجب جبا.
الطيبي: يعني أنما سمي البئر غير المطوي جبا إذ ليس فيه غير جب الأرض؛ فإِنه لم يطو بعد الأساس طوي البناء باللبن، والبئر بالحجارة، وهو الطوي، والإطواء.
(مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا... (١١)
لك خبر ما، ولا تأمنا حال، كقولك ما لك ضاحكا، ما لك باكيا.
الطيبي: قال صاحب التفسير كلهم، قرأ [(مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا) *] بإدغام النون الأولى في الثانية، وإشمامها بالضم، وحقيقة الإشمام في ذلك أن يشار بالحركة إلى النون لا بالعضو إليها، فيكون ذلك أخفاء لَا إدغاما صحيحا؛ لأن الحركة لَا تسكن رأسا بل يضعف الصوت، فيفصل بين المدغم والمدغم فيه، لذلك هذا قول عامة، وهو الصواب لتأكيد دلالته وصحته في القياس.
وقال الجعبري: شارح القصيدة في قوله: وتأمننا للكل يخفي مفصلا، وقوله: وإدغام من إشمامها لبعض عنهم يريد بقوله إخفاء الحركة اختلاسها، ومعنى مفصلا؛ فصل إحدى النونين عن الأخرى وهي حقيقة الإظهار، وهذا معنى قول أبي علي الفارسي: ويجوز أن يبين ولا يدغم، ويخفي الحركة، وهو أن يختلسها، ومفهوم إطلاق السبب إلى أن كلا من النقلة رووه عن السبعة، وليس كذلك لإطباق العراقيين على خلافه، وقوله: التشديد من غير حركة النون، وبهذا قطع ابن مجاهد في قوله: وكلهم قرأ تأمنا بفتح الميم، وضم النون وإدغام النون الأولى في الثانية، والإشارة إلى إعراب النون المدغمة بالضم ونبه بقوله: وضم النون على أن الفعل مرفوع ليفهم علة الأسماء.
(وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ).
تمويه وتورية، أي وإنا لأجله لناصحون أنفسنا، وهذا لأنهم أنبياء يستحيل عليهم الكذب.
(لَيَحْزُنُنِي... (١٣)
قيل: متعلق الحزن ماض، والخوف مستقبل، فكيف يفهم هنا، أجيب بوجهين:
الأول: أن يحزنني مستقبل، وذهابهم به كذلك، فمعناه إن قدرت وجود ذهابكم به فالحزن مبني موجود بلا شك، لوقوع موجبه، (وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ)، إن قدرت ذهابكم به ولا يحزن عليه، لأني لَا أدري لعله يسلم لام الابتداء الداخلة على خبري تخلصه للحال، قيل في ذلك قولان والصحيح أنها للاستقبال، وإن كان ابن مالك في التسهيل جعلها من المخلصات للحال فقد صح غيره أنها للاستقبال الثاني؛ أن الحزن واقع منه، لأنه لما آتوه عصبة واجتمعوا وتظافروا على طلبه الذهاب به علم يعقوب أنه لَا بد له من إسعافهم بمطلوبهم، فكان موجب الحزن، وهو الذهاب واقعا في الوجود، فوقع الحزن لأجل ذلك بخلاف سبب الخوف، وهو أكل الذئب إياه.
(وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١٥)
الزمخشري: متعلق بـ (أَوْحَينَا)، لَا غير.
الطيبي: أي قراءة النون يعني أوحينا إلى يوسف هذا التهديد والوعيد في حقهم، والحال أنهم لَا يشعرون بهذا الوحي، لأن إنباء الله إياهم لَا يجتمع مع عدم شعورهم به بخلاف إنباء يوسف، لأنه حصل مع عدم شعورهم، وفيه نظر بجواز أن يتعلق بقوله (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ)، وأن يريد بأنباء الله أيضا جزاء فعلهم لهم وهم لَا يشعرون بذلك، والظاهر أن هذا الإنباء هو قوله (هَلْ عَلِمْتُم مَا فَعَلتُم بِيُوسُفَ).
(عِشَاءً... (١٦)
الزمخشري: رواه ابن جني [عُشى*] العين والقصر.
الطيبي: قال ابن جني: رواه عيسى بن ميمون، فيكون عشوا من البكاء، وطريق ذلك أنه جمع عاش وكان قياسه عشاة كعاش وعشاة؛ إلا أنه حذف الهاء تخفيفا، وهو يريدها، وفيه ضعف؛ لأنه قدر ما يكون هي ذلك اليوم لَا يعشو منه الإنسان، ويجوز أن يكون جمع عشوة أي ظلاما، وجمعه لتفرق أجزائه.
(بِدَمٍ... (١٨)
قال المفسرون: أن يعقوب لوث وجهه بذلك الدم.
فإِن قلت: كيف فعل هذا والدم نجس؟ قلت: ملاقاة النجس إنما هي مكروهة، وهذا محل حزن وذهول.
قيل: متعلق الحزن ماض، والخوف مستقبل، فكيف يفهم هنا، أجيب بوجهين:
الأول: أن يحزنني مستقبل، وذهابهم به كذلك، فمعناه إن قدرت وجود ذهابكم به فالحزن مبني موجود بلا شك، لوقوع موجبه، (وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ)، إن قدرت ذهابكم به ولا يحزن عليه، لأني لَا أدري لعله يسلم لام الابتداء الداخلة على خبري تخلصه للحال، قيل في ذلك قولان والصحيح أنها للاستقبال، وإن كان ابن مالك في التسهيل جعلها من المخلصات للحال فقد صح غيره أنها للاستقبال الثاني؛ أن الحزن واقع منه، لأنه لما آتوه عصبة واجتمعوا وتظافروا على طلبه الذهاب به علم يعقوب أنه لَا بد له من إسعافهم بمطلوبهم، فكان موجب الحزن، وهو الذهاب واقعا في الوجود، فوقع الحزن لأجل ذلك بخلاف سبب الخوف، وهو أكل الذئب إياه.
(وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١٥)
الزمخشري: متعلق بـ (أَوْحَينَا)، لَا غير.
الطيبي: أي قراءة النون يعني أوحينا إلى يوسف هذا التهديد والوعيد في حقهم، والحال أنهم لَا يشعرون بهذا الوحي، لأن إنباء الله إياهم لَا يجتمع مع عدم شعورهم به بخلاف إنباء يوسف، لأنه حصل مع عدم شعورهم، وفيه نظر بجواز أن يتعلق بقوله (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ)، وأن يريد بأنباء الله أيضا جزاء فعلهم لهم وهم لَا يشعرون بذلك، والظاهر أن هذا الإنباء هو قوله (هَلْ عَلِمْتُم مَا فَعَلتُم بِيُوسُفَ).
(عِشَاءً... (١٦)
الزمخشري: رواه ابن جني [عُشى*] العين والقصر.
الطيبي: قال ابن جني: رواه عيسى بن ميمون، فيكون عشوا من البكاء، وطريق ذلك أنه جمع عاش وكان قياسه عشاة كعاش وعشاة؛ إلا أنه حذف الهاء تخفيفا، وهو يريدها، وفيه ضعف؛ لأنه قدر ما يكون هي ذلك اليوم لَا يعشو منه الإنسان، ويجوز أن يكون جمع عشوة أي ظلاما، وجمعه لتفرق أجزائه.
(بِدَمٍ... (١٨)
قال المفسرون: أن يعقوب لوث وجهه بذلك الدم.
فإِن قلت: كيف فعل هذا والدم نجس؟ قلت: ملاقاة النجس إنما هي مكروهة، وهذا محل حزن وذهول.
(فَصَبْرٌ جَمِيلٌ).
لما ذكر ابن عصفور ما يلزم فيه حذف المبتدأ وما يلزم فيه حذف الخبر، قال: وقسم يجوز فيه الأمران، وهو ما عدا ذلك، ومثله هذه الآية.
وقال ابن هشام في شرح "الإيضاح"، وابن مالك: لَا خلاف أن المصدر المنصوب على إضمار الفعل المتروك إظهاره، إذا ارتفع على الابتداء، يجب حذف خبره، وإذا ارتفع على الخبر يجب حذف مبتدئه كقوله:
شكى إلي جملي طول السُّرى... صبرا جميلا فكلنا مبتلى
على رواية من رواه صبر جميل بالرفع، وهذا خلاف ورجح بعضهم الأول؛ لأنه على الثاني يكون مجرد دعوى، وكان الشيخ ابنِ عبد السلام يرجح الأول أيضا؛ لأن الثاني يخالف قوله بعد هذا (يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُف)، فليس صبره صبرا جميلا.
(وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ).
على سبب وصفكم وهو الصبر.
(بِضَاعَةً... (١٩)
الزمخشري: نصب على الحالة، أي أخفوه متاعا للتجارة.
الطيبي: كذا عن أبي البقاء، قال صاحب "الفرائد": ويمكن أن يضمن (وَأَسَرُّوهُ) معنى جعلوه، أي جعلوه ميسرين، فهو مفعول ثان.
قال ابن الحاجب: يحتمل أن يكون مفعولا من أجله، أي كتموه لأجل تحصيل المال فيه، لأنه كان على حال تقتضي التجارة، وكتمانه خوفا من أن تمتد الأطماع من غيرهم، ولا يجوز أن يكون تمييز الماوردي إليه من أن الإسرار كان للبضاعة لَا له، وهو خلاف المعنى، وليس هو من باب عشرين درهما، ولا من باب حسن زيد وجها الراغب البضاعة قطعة وافرة من المال، يعني للتجارة، يقال: بضع بضاعة وابتضعها، والبضع بالكسر المقتطع من العشرة.
(وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠)
الطيبي: قال صاحب "الفرائد": يمكن أن نقول تقديره، وكانوا من الزاهدين فيه، (مِنَ الزَّاهِدِينَ)، من قبيل الإضمار على شريطة التفسير، وقلت: الظاهر أنه ليس منه؛ لأنه ليس بمشتغل عنه بل لضمير، وإن الأصل كانوا من الزاهدين فيه على أن فيه ليس صلته؛ بل متعلق بجملة محذوفة على السؤال، كقوله تعالى (هَيْتَ
لما ذكر ابن عصفور ما يلزم فيه حذف المبتدأ وما يلزم فيه حذف الخبر، قال: وقسم يجوز فيه الأمران، وهو ما عدا ذلك، ومثله هذه الآية.
وقال ابن هشام في شرح "الإيضاح"، وابن مالك: لَا خلاف أن المصدر المنصوب على إضمار الفعل المتروك إظهاره، إذا ارتفع على الابتداء، يجب حذف خبره، وإذا ارتفع على الخبر يجب حذف مبتدئه كقوله:
شكى إلي جملي طول السُّرى... صبرا جميلا فكلنا مبتلى
على رواية من رواه صبر جميل بالرفع، وهذا خلاف ورجح بعضهم الأول؛ لأنه على الثاني يكون مجرد دعوى، وكان الشيخ ابنِ عبد السلام يرجح الأول أيضا؛ لأن الثاني يخالف قوله بعد هذا (يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُف)، فليس صبره صبرا جميلا.
(وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ).
على سبب وصفكم وهو الصبر.
(بِضَاعَةً... (١٩)
الزمخشري: نصب على الحالة، أي أخفوه متاعا للتجارة.
الطيبي: كذا عن أبي البقاء، قال صاحب "الفرائد": ويمكن أن يضمن (وَأَسَرُّوهُ) معنى جعلوه، أي جعلوه ميسرين، فهو مفعول ثان.
قال ابن الحاجب: يحتمل أن يكون مفعولا من أجله، أي كتموه لأجل تحصيل المال فيه، لأنه كان على حال تقتضي التجارة، وكتمانه خوفا من أن تمتد الأطماع من غيرهم، ولا يجوز أن يكون تمييز الماوردي إليه من أن الإسرار كان للبضاعة لَا له، وهو خلاف المعنى، وليس هو من باب عشرين درهما، ولا من باب حسن زيد وجها الراغب البضاعة قطعة وافرة من المال، يعني للتجارة، يقال: بضع بضاعة وابتضعها، والبضع بالكسر المقتطع من العشرة.
(وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠)
الطيبي: قال صاحب "الفرائد": يمكن أن نقول تقديره، وكانوا من الزاهدين فيه، (مِنَ الزَّاهِدِينَ)، من قبيل الإضمار على شريطة التفسير، وقلت: الظاهر أنه ليس منه؛ لأنه ليس بمشتغل عنه بل لضمير، وإن الأصل كانوا من الزاهدين فيه على أن فيه ليس صلته؛ بل متعلق بجملة محذوفة على السؤال، كقوله تعالى (هَيْتَ
لَكَ)، كأنه لما قيل: كانوا من الزاهدين لم يعلم في أي شيء اتجه لسائل أن يقول في أي شيء زهدوا، فقيل: زهدوا فيه، وهو من قول الزجاج فيه ليس بصلة الزاهدين؛ المعنى وكانوا من الزاهدين؛ ثم بين في أي شيء زهدوا؛ فإنه قال: زهدوا فيه وهذا في الظروف جائز، وإمَّا في المعقولات؛ فلا يجوز فيها؛ لَا يجوز كنت زيدا من الضاربين؛ لأن زيدا من صلة الضاربين، فلا يتقدم الوصول صلته.
وذهب ابن الحاجب إلى الجواز قائلا في قوله تعالى: (إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ)، الظاهر أن لكما في مثل هذا ونحوه، متعلق بالناصحين؛ لأن المعنى عليه، فإن [اللام*] إنما جيء بها لتخصيص معنى النصح بالمخاطبين، وإنَّمَا قرأ الأكثرون من هذا لأن صلة الموصول لَا تعمل فيما قبل الموصول، والفرق عندنا أن الألف واللام لما كانت صورتها صورة الحرف المنزل جزءا من الكلمة صارت كغيرها من الأجزاء التي لَا يمنع التقدم، ولذا لم يوصل بجملة اسمية لتعذر ذلك فيها، وهذا واضح فلا حاجة إلى التعسف.
(أَكْرِمِي مَثْوَاهُ... (٢١)
الفخر: هذا تعظيم؛ لأن المشارقة عادتهم يقولون: السلام على المقام العلي، تنزيها بالاسم المكتوب إليه أن يذكر، وتعظيما له، وكذلك هذا لأن مثواه موضع إقامته.
(أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا).
إن قلت: اتخاذهم إياه ولدا محقق، فكيف فيه معنى الترجي، قلت: إنما يتخذونه ولدا إذا ظهر) لهم نجابته ومنفعته.
(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ).
الطيبي: الضمير إما لله عز وجل، فالجملة تذييل، أي لَا أحد فوقه فيفعل ما شاء لا [رادَّ*] لما أراده، وهذا صريح في مذهب أهل السنة، ولكن أهل الاعتزال لَا يعلمون، وأما ليوسف فيكون تتميما لما دبره الله فيه، أن العاقبة له ومعنى مغلوبية الأمر على التمثيل فإن المغلوب تذلل للغالب فيتصرف فيه من غير مانع.
(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ... (٢٢)
اختلفوا في حد بلوغ الأشد، فقيل: ثلاثون، [وقيل*] ستة وثلاثون، وقيل: عشرون، ويدل على أنه ستة وثلاثون، قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً)، لأن العطف يقتضي المغايرة، واتفق الأطباء على أن بدن
وذهب ابن الحاجب إلى الجواز قائلا في قوله تعالى: (إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ)، الظاهر أن لكما في مثل هذا ونحوه، متعلق بالناصحين؛ لأن المعنى عليه، فإن [اللام*] إنما جيء بها لتخصيص معنى النصح بالمخاطبين، وإنَّمَا قرأ الأكثرون من هذا لأن صلة الموصول لَا تعمل فيما قبل الموصول، والفرق عندنا أن الألف واللام لما كانت صورتها صورة الحرف المنزل جزءا من الكلمة صارت كغيرها من الأجزاء التي لَا يمنع التقدم، ولذا لم يوصل بجملة اسمية لتعذر ذلك فيها، وهذا واضح فلا حاجة إلى التعسف.
(أَكْرِمِي مَثْوَاهُ... (٢١)
الفخر: هذا تعظيم؛ لأن المشارقة عادتهم يقولون: السلام على المقام العلي، تنزيها بالاسم المكتوب إليه أن يذكر، وتعظيما له، وكذلك هذا لأن مثواه موضع إقامته.
(أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا).
إن قلت: اتخاذهم إياه ولدا محقق، فكيف فيه معنى الترجي، قلت: إنما يتخذونه ولدا إذا ظهر) لهم نجابته ومنفعته.
(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ).
الطيبي: الضمير إما لله عز وجل، فالجملة تذييل، أي لَا أحد فوقه فيفعل ما شاء لا [رادَّ*] لما أراده، وهذا صريح في مذهب أهل السنة، ولكن أهل الاعتزال لَا يعلمون، وأما ليوسف فيكون تتميما لما دبره الله فيه، أن العاقبة له ومعنى مغلوبية الأمر على التمثيل فإن المغلوب تذلل للغالب فيتصرف فيه من غير مانع.
(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ... (٢٢)
اختلفوا في حد بلوغ الأشد، فقيل: ثلاثون، [وقيل*] ستة وثلاثون، وقيل: عشرون، ويدل على أنه ستة وثلاثون، قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً)، لأن العطف يقتضي المغايرة، واتفق الأطباء على أن بدن
الآدمي لَا يزال فيه النمو والزيادة إلى أن يبلغ ستة وثلاثين سنة، لكنه نمو خفي لَا يظهر وأما النمو الظاهر فحده عند ابن سينا عشرون سنة خلافا للفارابي.
ابن عطية: وقيل: كان في الأسبوع الخامس وهو ثلاثة وثلاثون، لأن الأسبوع الرابع هو ثمانية وعشرون لاجتماعها في ضرب أربعة في سبعة، والخامس هو خمسة وثلاثون.
(وَرَاوَدَتْهُ... (٢٣)
الطيبي: عن الراغب: الرَّوْدُ: التردد في طلب الشيء برفق، يقال: [رَادَ وارْتَادَ، ومنه:*] [الرَّائِدُ، لطالب الكلإ*]، وباعتبار الرفق، قيل: [رَادَتِ الإبلُ*] في مشيها تَرُودُ رَوَدَاناً [ومنه بني المرْوَدُ*] والإرادة منقولة [من رَادَ يَرُودُ*]، إذا سعى في طلب شيء، وتارة يستعمل في [المبدإ*]، وهو نزوع النفس إلى الشيء، وتارة في المنتهى، وأنه تعالى يتعالى عن معنى النزوع فمعنى أراد الله كذا، [حكم فيه*] أنه كذا، وليس بكذا، وقد يراد بها معنى الأمر نحو أريد منك كذا؛ أي آمرك بكذا نحو تعالى (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)، والمراودة أن تنازع غيرك في الإرادة فتريد غير ما يريده، أو يريد غير ما تريده.
الزمخشري: خادعته في نفسه أي فعل ما يفعل المخادع لصاحبه، الطيبي: قال صاحب "الفرائد": مراده تضمين راودت معنى خادعت، لأن في المخادعة معنى التبعيد، وهو متعد بعن، كأنه قال: بالتضمين، لأن التضمين هو أن يضمن فعل معنى فعل، ويعدي تعديته مع إرادة معناها، فلا بد من ذكرهما في التفسير معا.
قال الزمخشري في الكهف: الغرض في هذا الأسلوب إعطاء مجموع معنيين، وذلك أقوى من إعطاء معنى واحد، وأما التعدي فإن خدع ورد في الأساس على استعمالات شتى، وليس فيها تعدية بعن، وأما هذا فليس على حقيقته، لقوله: فعلت ما يفعل المخادع بصاحبه، لأنه وارد على التشبيه، وتمثيل حاله أيضا ما أتى به في هذا التركيب بلفظ المراودة، وقد مر أن شرحه أن يذكر معنى المضمن فيه، وذكر في الأساس أيضا راود رودانا جاء وذهب، وما لي أراك ترود منذ اليوم، وذكر في قسم المجاز، وراوده عن نفسه، خادعه عنها ثم مجموع التمثيل كناية عن التمحيل لمدافعته إياها.
(وَلَقَدْ هَمَّتْ... (٢٤)
ابن عطية: وقيل: كان في الأسبوع الخامس وهو ثلاثة وثلاثون، لأن الأسبوع الرابع هو ثمانية وعشرون لاجتماعها في ضرب أربعة في سبعة، والخامس هو خمسة وثلاثون.
(وَرَاوَدَتْهُ... (٢٣)
الطيبي: عن الراغب: الرَّوْدُ: التردد في طلب الشيء برفق، يقال: [رَادَ وارْتَادَ، ومنه:*] [الرَّائِدُ، لطالب الكلإ*]، وباعتبار الرفق، قيل: [رَادَتِ الإبلُ*] في مشيها تَرُودُ رَوَدَاناً [ومنه بني المرْوَدُ*] والإرادة منقولة [من رَادَ يَرُودُ*]، إذا سعى في طلب شيء، وتارة يستعمل في [المبدإ*]، وهو نزوع النفس إلى الشيء، وتارة في المنتهى، وأنه تعالى يتعالى عن معنى النزوع فمعنى أراد الله كذا، [حكم فيه*] أنه كذا، وليس بكذا، وقد يراد بها معنى الأمر نحو أريد منك كذا؛ أي آمرك بكذا نحو تعالى (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)، والمراودة أن تنازع غيرك في الإرادة فتريد غير ما يريده، أو يريد غير ما تريده.
الزمخشري: خادعته في نفسه أي فعل ما يفعل المخادع لصاحبه، الطيبي: قال صاحب "الفرائد": مراده تضمين راودت معنى خادعت، لأن في المخادعة معنى التبعيد، وهو متعد بعن، كأنه قال: بالتضمين، لأن التضمين هو أن يضمن فعل معنى فعل، ويعدي تعديته مع إرادة معناها، فلا بد من ذكرهما في التفسير معا.
قال الزمخشري في الكهف: الغرض في هذا الأسلوب إعطاء مجموع معنيين، وذلك أقوى من إعطاء معنى واحد، وأما التعدي فإن خدع ورد في الأساس على استعمالات شتى، وليس فيها تعدية بعن، وأما هذا فليس على حقيقته، لقوله: فعلت ما يفعل المخادع بصاحبه، لأنه وارد على التشبيه، وتمثيل حاله أيضا ما أتى به في هذا التركيب بلفظ المراودة، وقد مر أن شرحه أن يذكر معنى المضمن فيه، وذكر في الأساس أيضا راود رودانا جاء وذهب، وما لي أراك ترود منذ اليوم، وذكر في قسم المجاز، وراوده عن نفسه، خادعه عنها ثم مجموع التمثيل كناية عن التمحيل لمدافعته إياها.
(وَلَقَدْ هَمَّتْ... (٢٤)
381
قال صاحب "المرشد": أن وقف عند قوله (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ)، ثم يبتدئ (وَهَمَّ بِهَا)، ليفرق بين ما كان منها وما كان منه، كان صالحا ليعلمَ أن المرأة همت على صفة، ويوسف على صفة أخرى.
وقال بعضهم: معناه اشتهته، واشتهاها، لأن الشهوة قد تجري مجرى الهم في سعة اللغة، واحتج بقولهم هذا أهم الأشياء إلي، أي أشهاها، وهذا أحسن الوجوه، قال صاحب "الفرائد": لولا مقدم بالطبع على الجواب؛ لأنه هو الذي يوجب الجواب، والموجب مقدم بالطبع على الموجب بالضرورة؛ فتقديمه عليه إخراج له من الأصل، والإخراج من الأصل لَا يجوز إلا لموجب راجح على ما يوجب الإبقاء على الأصل، وهو كونه أنهم بالذكر منه، ولما كان الاهتمام بذكره بعد لولا؛ لأنه هو الذي يقتضي ذكره ويوجبه، لم يوجد الموجب الراجح لتقديمه فوجب تأخيره عملا بالموجب السالم عن المعارض، هذا اختيار الإمام في تفسيره.
وأورد الزمخشري سؤالا، الطيبي حاصله لم علقت أولا بالجملة الثانية، ولم يعلق بالجملتين معاً؛ لأن الهم لَا يتعلق بالذوات، وإنما يتعلق بالمعاني كالمخالطة والمعانقة والملامسة والمباشرة ونحوها، وهذا المعنى فما لَا يحصل إلا من الجانبين، فينتزع من مجموع قوله تعالى (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ) بها معنى المخالطة ثم يقيدهم يوسف، وقال الآخرون أنها معلومة بالسياق، فالسياق يبين المحرم وهو نكاحهن واختلفوا هل كان حينئذ نبيا أو لَا؟ فعلى تقدير كونه نبيا لَا يجوز صدور هذا منه لأنه نبي معصوم فلابد من تأويله، وأحسن التأويلات ما قاله الزمخشري وهو إما حضور ذلك بالبال أو مروره به كمن رأى البرق الخاطف ثم يذهل عنه يريد في الحال، وإما أن هم بمعنى قارب الفعل ولم يخطر بباله شيء، وقال ابن عطية: إن هذا من الصغائر المستهلة، ابن عرفة، وهذا خطأ لأنهم أجمعوا أن الأشياء المباحة في حق الأنبياء أن ذكرت على معنى النقيض، قيل: قابلها وإن ذكرت على معنى التسلية أدب قائلها وهذا كمن يقول إنه ﷺ رعى الغنم، وقال الفخر: [وَهَمَّ بِهَا] أي وهم بطريقها وبمدافعتها بالأمر الخفي، أو بما لَا يصح توجب فيه [ضعفا*]، لأنه لَا يجوز أن يقول هممت بقتل زيد، وهم هؤلاء وأنت تريد وهمَّ هو بقتلي، قال: أردت وهم هو بالعفو عني لم يجز حذف ذلك، وقال [ابن زيتون*]: وهم بها أي [... ].
ابن عرفة: [وهذا*] كله لَا يصح منه شيء، وأطنب الزمخشري هنا في الرد على الحشوية وغيرهم لأنه [معتزلي*] ومن قواعدهم التحسين والتقبيح فصدور الصغائر من النبي قبيح عندهم عقلا، وعندنا جائز عقلا لَا شرعا؛ لأن الشرع أخبر بعدم وقوع ذلك
وقال بعضهم: معناه اشتهته، واشتهاها، لأن الشهوة قد تجري مجرى الهم في سعة اللغة، واحتج بقولهم هذا أهم الأشياء إلي، أي أشهاها، وهذا أحسن الوجوه، قال صاحب "الفرائد": لولا مقدم بالطبع على الجواب؛ لأنه هو الذي يوجب الجواب، والموجب مقدم بالطبع على الموجب بالضرورة؛ فتقديمه عليه إخراج له من الأصل، والإخراج من الأصل لَا يجوز إلا لموجب راجح على ما يوجب الإبقاء على الأصل، وهو كونه أنهم بالذكر منه، ولما كان الاهتمام بذكره بعد لولا؛ لأنه هو الذي يقتضي ذكره ويوجبه، لم يوجد الموجب الراجح لتقديمه فوجب تأخيره عملا بالموجب السالم عن المعارض، هذا اختيار الإمام في تفسيره.
وأورد الزمخشري سؤالا، الطيبي حاصله لم علقت أولا بالجملة الثانية، ولم يعلق بالجملتين معاً؛ لأن الهم لَا يتعلق بالذوات، وإنما يتعلق بالمعاني كالمخالطة والمعانقة والملامسة والمباشرة ونحوها، وهذا المعنى فما لَا يحصل إلا من الجانبين، فينتزع من مجموع قوله تعالى (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ) بها معنى المخالطة ثم يقيدهم يوسف، وقال الآخرون أنها معلومة بالسياق، فالسياق يبين المحرم وهو نكاحهن واختلفوا هل كان حينئذ نبيا أو لَا؟ فعلى تقدير كونه نبيا لَا يجوز صدور هذا منه لأنه نبي معصوم فلابد من تأويله، وأحسن التأويلات ما قاله الزمخشري وهو إما حضور ذلك بالبال أو مروره به كمن رأى البرق الخاطف ثم يذهل عنه يريد في الحال، وإما أن هم بمعنى قارب الفعل ولم يخطر بباله شيء، وقال ابن عطية: إن هذا من الصغائر المستهلة، ابن عرفة، وهذا خطأ لأنهم أجمعوا أن الأشياء المباحة في حق الأنبياء أن ذكرت على معنى النقيض، قيل: قابلها وإن ذكرت على معنى التسلية أدب قائلها وهذا كمن يقول إنه ﷺ رعى الغنم، وقال الفخر: [وَهَمَّ بِهَا] أي وهم بطريقها وبمدافعتها بالأمر الخفي، أو بما لَا يصح توجب فيه [ضعفا*]، لأنه لَا يجوز أن يقول هممت بقتل زيد، وهم هؤلاء وأنت تريد وهمَّ هو بقتلي، قال: أردت وهم هو بالعفو عني لم يجز حذف ذلك، وقال [ابن زيتون*]: وهم بها أي [... ].
ابن عرفة: [وهذا*] كله لَا يصح منه شيء، وأطنب الزمخشري هنا في الرد على الحشوية وغيرهم لأنه [معتزلي*] ومن قواعدهم التحسين والتقبيح فصدور الصغائر من النبي قبيح عندهم عقلا، وعندنا جائز عقلا لَا شرعا؛ لأن الشرع أخبر بعدم وقوع ذلك
382
فهذه الآية قوية في الرد عليهم. وقال الفخر: في غير هذا الموضع اختلفوا هل يصح صدور المعصية من العالم أم لَا؟ واحتج من منع صدورها منه بأن الفعل متوقف على القدرة والإرادة والداعي، وقالوا: في أصول الدين أن الداعي هو العالم بما في الفعل من مصلحة أو مفسدة كالمكلف لَا بد له من مرجح يترجح به عنده الفعل أو عدمه وهو الداعي، قال المعصية عنده راجعة للفعل فهو جاهل أعماه الشيطان وأشغل فكره حتى ظهر له أن مصلحة المعصية أرجح وإن كانت عنده مرجوحة فهو عالم فيستحيل صدور المعصية منه حينئذ، ابن عرفة: وفي الآية سؤال وهو أن همها هي بمعمول من قوله (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ).
فلم احتيج إلى أن القسم عليه، ويؤكد السؤال على ما قال الزمخشري: من أنه يحسن الوقف عليه (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ) لأن همها هي به دائم لَا ينقطع إلا إضرارا من غير اختيارها [وهمه هو بها خطر بباله*] مرة ثم زال [فهو مباين لهمها*]، والجواب: عن السؤال من وجوه، الأول: لما كان نبيا معصوما [ومن حاله هذه يجب أن لا يظن بباله معصية الله تعالى*] فقد يقال إنها يستبعد منه الموافقة على ذلك فلا تهم بذلك، فكذلك أقسم على همها به، الثاني: أنها أنزلته منزلة الولد [بقول*] العزيز لها (عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا)، ورده ابن عرفة: بأنه من قول العزيز لَا من قولها.
قوله تعالى: (لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ).
اختلف فيه المفسرون عامله يرجع لثلاثة أحوال: إما أنه رأى البرهان بالقول، أو بالفعل، أو بالفكر وهو أنها سترت الصنم منه فتذكر هو وخاف من رؤية الله له.
قوله تعالى: ﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ... (٢٥)﴾
قال الزمخشري: أفرد الباب هنا لأن المراد الباب البراني، ابن عرفة: إنما أفرده هنا وجمعه في قوله: (وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ) لوجهين الأول أن قوله: (وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ) اختياري وهو من مختار تعلق الجميع ليتمكن من غرضه [... ] نعت، وأما قوله (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ) فخروج يوسف اضطرارا والمضطر يتشبث بأدنى سبب فأفرد الباب إشارة إلى أن يوسف أراد أن [يهرب منها*] بأول ما تلقاه من الأبواب خوف أنه إن فر إلى غيره لحقته ولم يقصد الخروج للعزيز لأنه لم يعلم أنه عند الباب ولكنها اضطرته ولحقته حتى خرج من باب إلى باب إلى أن فتح الباب البراني فوجد العزيز هناك مصادفة، الجواب الثاني: أنه أتى به مفردا لأنه أبلغ كقول الزمخشري في (وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) أن عموم المفرد المحلى بالألف واللام أقوى من عموم الجمع.
فلم احتيج إلى أن القسم عليه، ويؤكد السؤال على ما قال الزمخشري: من أنه يحسن الوقف عليه (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ) لأن همها هي به دائم لَا ينقطع إلا إضرارا من غير اختيارها [وهمه هو بها خطر بباله*] مرة ثم زال [فهو مباين لهمها*]، والجواب: عن السؤال من وجوه، الأول: لما كان نبيا معصوما [ومن حاله هذه يجب أن لا يظن بباله معصية الله تعالى*] فقد يقال إنها يستبعد منه الموافقة على ذلك فلا تهم بذلك، فكذلك أقسم على همها به، الثاني: أنها أنزلته منزلة الولد [بقول*] العزيز لها (عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا)، ورده ابن عرفة: بأنه من قول العزيز لَا من قولها.
قوله تعالى: (لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ).
اختلف فيه المفسرون عامله يرجع لثلاثة أحوال: إما أنه رأى البرهان بالقول، أو بالفعل، أو بالفكر وهو أنها سترت الصنم منه فتذكر هو وخاف من رؤية الله له.
قوله تعالى: ﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ... (٢٥)﴾
قال الزمخشري: أفرد الباب هنا لأن المراد الباب البراني، ابن عرفة: إنما أفرده هنا وجمعه في قوله: (وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ) لوجهين الأول أن قوله: (وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ) اختياري وهو من مختار تعلق الجميع ليتمكن من غرضه [... ] نعت، وأما قوله (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ) فخروج يوسف اضطرارا والمضطر يتشبث بأدنى سبب فأفرد الباب إشارة إلى أن يوسف أراد أن [يهرب منها*] بأول ما تلقاه من الأبواب خوف أنه إن فر إلى غيره لحقته ولم يقصد الخروج للعزيز لأنه لم يعلم أنه عند الباب ولكنها اضطرته ولحقته حتى خرج من باب إلى باب إلى أن فتح الباب البراني فوجد العزيز هناك مصادفة، الجواب الثاني: أنه أتى به مفردا لأنه أبلغ كقول الزمخشري في (وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي) أن عموم المفرد المحلى بالألف واللام أقوى من عموم الجمع.
قوله تعالى: (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا الْبَابِ).
ولم يقل: [سيدهما*] لوجهين، أحدهما: أنه لو قال كذلك للزم منه استعمال اللفظ المشترك في مفهومه معا أو استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه لأنه مجاز في الزوجة، فإِن قلت: البادئ بالمسابقة إنما هو يوسف فلم قال استبقا وهي إنما خرجت تتبعه؟ فالجواب: أنه إشارة إلى أنها سبقته بالجري لترده وتعارضه وقد قميصه، قيل: كان [طُولًا*]، وقيل: كان عرضا، والمناسب قوله [طُولًا*] لأنه إن كان عرضا فيحتمل أن يكون [يقطع بجره هو فيتعثر فيه*].
قوله تعالى: (قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا).
قال الزمخشري: أتت باللفظ العام وهو أبلغ من الخاص، ابن عرفة: بل الخاص أبلغ لأن العام يقبل التخصيص فقد تكون تلك الصورة المفهومة من العام فخرجه مخصصة غير مرادة بدلالة قولك أكرم زيد العالم، فالدلالة على إكرامه أقوى لأنه قولك أكرم العلماء على إكرام زيد، وقولها: (مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ) هو مغالطة منها لأن المنازع قد يستدل [بمقدمتين*] وتكون الصغرى منها ضعيفة [حيث إذا ذكرها يتأملها خصمه*] أو يبطلها، فيترك ذكرها حكما لَا على فهم السامع وكذلك فعلت هي لأن الأمثل أن يقول يوسف أراد بأهلك سوءا ولو قالت كذلك لوقعت ريبة في كذبها.
قال تعالى: (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٦).. إن قلت: فهلا قال [لم أردها بسوء، فيجد من كلامها مطابقة*]، فالجواب بوجهين الأول: قال ابن عرفة: لما ظهرت عليه مخائل تهمته بأحد أمرين إما أنها بدأته بالسوء ووافقها أو العكس فتوهم بدايته هو لها [... ] مما رآه منها وخروجه قبلها فلم يبق إلا توهم موافقته لها أن كانت هي البادئة فلذلك: (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) الثانية: قال بعض الطلبة إنه تقدم في قوله: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا) أن ذلك مر بفكره كمرور البرق الخاطف، فلو قال: لم أراودها بسوء لوقع في الكذب المستحيل على الأنبياء.
قوله تعالى: (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا).
إن قلت: كيف [سُمِّيَ شاهدًا*] وأصل الشهادة أن يقول كان ذلك أو لم يكن، فأجاب ابن عرفة: إنه مجاز والمعنى وذكر إنسان قام يفصل عنهما كما يفصل الشاهد بشهادته بين الخصمين، فقال كذا وكذا.
قوله تعالى: ﴿فَصَدَقَتْ وَهُوَ... (٢٦)﴾
ولم يقل: [سيدهما*] لوجهين، أحدهما: أنه لو قال كذلك للزم منه استعمال اللفظ المشترك في مفهومه معا أو استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه لأنه مجاز في الزوجة، فإِن قلت: البادئ بالمسابقة إنما هو يوسف فلم قال استبقا وهي إنما خرجت تتبعه؟ فالجواب: أنه إشارة إلى أنها سبقته بالجري لترده وتعارضه وقد قميصه، قيل: كان [طُولًا*]، وقيل: كان عرضا، والمناسب قوله [طُولًا*] لأنه إن كان عرضا فيحتمل أن يكون [يقطع بجره هو فيتعثر فيه*].
قوله تعالى: (قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا).
قال الزمخشري: أتت باللفظ العام وهو أبلغ من الخاص، ابن عرفة: بل الخاص أبلغ لأن العام يقبل التخصيص فقد تكون تلك الصورة المفهومة من العام فخرجه مخصصة غير مرادة بدلالة قولك أكرم زيد العالم، فالدلالة على إكرامه أقوى لأنه قولك أكرم العلماء على إكرام زيد، وقولها: (مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ) هو مغالطة منها لأن المنازع قد يستدل [بمقدمتين*] وتكون الصغرى منها ضعيفة [حيث إذا ذكرها يتأملها خصمه*] أو يبطلها، فيترك ذكرها حكما لَا على فهم السامع وكذلك فعلت هي لأن الأمثل أن يقول يوسف أراد بأهلك سوءا ولو قالت كذلك لوقعت ريبة في كذبها.
قال تعالى: (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٦).. إن قلت: فهلا قال [لم أردها بسوء، فيجد من كلامها مطابقة*]، فالجواب بوجهين الأول: قال ابن عرفة: لما ظهرت عليه مخائل تهمته بأحد أمرين إما أنها بدأته بالسوء ووافقها أو العكس فتوهم بدايته هو لها [... ] مما رآه منها وخروجه قبلها فلم يبق إلا توهم موافقته لها أن كانت هي البادئة فلذلك: (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي) الثانية: قال بعض الطلبة إنه تقدم في قوله: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا) أن ذلك مر بفكره كمرور البرق الخاطف، فلو قال: لم أراودها بسوء لوقع في الكذب المستحيل على الأنبياء.
قوله تعالى: (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا).
إن قلت: كيف [سُمِّيَ شاهدًا*] وأصل الشهادة أن يقول كان ذلك أو لم يكن، فأجاب ابن عرفة: إنه مجاز والمعنى وذكر إنسان قام يفصل عنهما كما يفصل الشاهد بشهادته بين الخصمين، فقال كذا وكذا.
قوله تعالى: ﴿فَصَدَقَتْ وَهُوَ... (٢٦)﴾
إن قلت: لم دخلت الفاء؟ فالجواب: بوجهين الأول: قال ابن عرفة: عن بعض المتأخرين أن الفاء تلزم في جواب الشرط إذا كان ماضيا لفظا ومعنى وهذا كذلك، قلت: وذكره الجزولي، قال: ومع الماضي لفظا ومعنى ولا بد معه من قد ظاهرة أو مقدرة، التالي قلت: أن لما كان المراد أنه يعلم أن قميصه قُدَّ من دبر يعلم إنها صدقت أتى بالفاء لثبوت مناسب يعلم واستدل المبرد بهذه الآية على أن إرادة الشرط لَا تخلص كان للاستقبال، فأجابه [الآبذي] والزمخشري: بأن التقدير أن يعلم أنه كان. قال الزمخشري: وعن النبي ﷺ "تكلم أربعة وهم صغار: ابن ماشطة فرعون وشاهد يوسف وصاحب جريج وعيسى"، قال ابن عرفة: الذي في مسلم "تكلم ثلاثة ابن ماشطة فرعون، وعيسى وصاحب جريج"، قال ابن عرفة: فإِن قلت: لم [عبّر*] في جهتها بالفعل، فقال: صدقت فكذبت وفي حق يوسف بالاسم، فقال (مِنَ الصَّادِقِينَ) من الكاذبين، فأجيب من وجهين الأول قال ابن عرفة: لأن صدق زليخا [... ] غير محقق عند العزيز فأخبر فيه بالفعل لكنه إذا ثبت صدقها فالمخالف لها من الكاذبين وكذلك المخالف لم يثبت كذبه من الصادقين لأنه لَا يتجرأ على هذا وينازع فيه إلا من أولع به وأما من جُرّب ذلك منه مرة فإِنه يخاف ويستريب. الجواب الثاني: لأجل رؤوس الآي، فإن قلت: [لم بدأ بها*]، فقال: (فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) قلنا: [**لأنها من دم عليه المبادئة] في قوله (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ)، ولأنها البادئة بالشكوى.
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ... (٢٨)﴾
إن قلت: لم أسند القول الواحد والأصل في مثل هذا ما يقع به التبكيت أن يسند القول فيه إلى كل من حضر؛ ولأنه مرئي مشاهد رآه الشاهد والعزيز لأنهم ذكروا أن الشاهد كان حاضراً، فالجواب: أن الأمور قسمان ضرورية ونظرية، فالأمور الضرورية لا يحتاج الإنسان فيها إلى غاية ولا إلى تأمل، فلو قيل: (فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ) قالا يتوهم أن قطع القميص كان من جهة يمكن أن تضاف [إلى*] القبل وإلى الدبر بحيث لا يقطع الرأي الواحد بإضافتها إلى أحد الجهتين حتى يشترك في ذلك مع غيره ويتدابرا فيعلما، أسند ما إلى [**الواجد إفاداته] من جهة الدبر صرفا بحيث لَا يحتاج فيه إلى تأمل لا إلى مشاركة الغير.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ... (٣٠)﴾
قال المفسرون: كن جيرانها، فإن قلت: تجريح الأقارب والجيران أو من يقرب لهم أقوى من تجريح الأجانب فهلا قال، وقال نسوة في حارتها أو في جيرانها، [فأجيب*]: بأنه إشارة إلى اشتهار هذا الأمر وانتشاره في المدينة ورد أنه يقال قلتم
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ... (٢٨)﴾
إن قلت: لم أسند القول الواحد والأصل في مثل هذا ما يقع به التبكيت أن يسند القول فيه إلى كل من حضر؛ ولأنه مرئي مشاهد رآه الشاهد والعزيز لأنهم ذكروا أن الشاهد كان حاضراً، فالجواب: أن الأمور قسمان ضرورية ونظرية، فالأمور الضرورية لا يحتاج الإنسان فيها إلى غاية ولا إلى تأمل، فلو قيل: (فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ) قالا يتوهم أن قطع القميص كان من جهة يمكن أن تضاف [إلى*] القبل وإلى الدبر بحيث لا يقطع الرأي الواحد بإضافتها إلى أحد الجهتين حتى يشترك في ذلك مع غيره ويتدابرا فيعلما، أسند ما إلى [**الواجد إفاداته] من جهة الدبر صرفا بحيث لَا يحتاج فيه إلى تأمل لا إلى مشاركة الغير.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ... (٣٠)﴾
قال المفسرون: كن جيرانها، فإن قلت: تجريح الأقارب والجيران أو من يقرب لهم أقوى من تجريح الأجانب فهلا قال، وقال نسوة في حارتها أو في جيرانها، [فأجيب*]: بأنه إشارة إلى اشتهار هذا الأمر وانتشاره في المدينة ورد أنه يقال قلتم
أنه شاع هل قالت هؤلاء خمس فممنوع وإن كان بعد مقالتهم فمسلم ولا يتناول محل النزل لأنه حين مقالته من لم يوجد يكن ذلك غيرهن، وأجيب: بأنه شاع واشتهر إشهارا كان ابتداوه من أولئك النسوة، واتساع الظرف يدل على اتساع المظروف فأشار إلى كثرة القائلين في المدينة.
قوله تعالى: (فَتَاهَا).
ظاهره أنها إضافة ملك وتقدم لنا في قوله (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ) متعلق يقال هذا يدل على أن هناك متعلق بـ اشتراه، وقال الفخر: القطبي أنه اشتراه لنفسه ثم وهبه لامرأته، وقوله (تُرَاوِدُ) أتوا به مضارعا تشريفا عليها أي إنها مداومة على ذلك.
قوله تعالى: (إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).
فيه سؤالان الأول لم أكذبن رؤيتهن لها في ضلال، ولم يؤكدن مراوداتها له في نفسه؟ وجوابه: أنه لما يكنَّ من أقاربها وجيرانها تلطفن بحالها ولم يؤكدن وقوع ذلك منها لمعرفتهن الأسباب الحاملة لها على مستنكر ففيه ضرب من العذر لها بخلاف الأجانب فإنهن يأخذن بالظن إذا سمعن بالفعل القبيح عن غيرهن ينكرن عليه لجهلن بعذره فأكدن الكلام ليفيد أنهن مع قربهن لها يظهر لهن وجه قدرها ولا قلن لها موجبا يتلفظن به بحالها فأحرى الأجانب بخلاف مراوداتها إياه عن نفسه فإِنها واقعة لَا ينكرها أحد ولا يحتجن إلى تأكيدها لثبوت ذلك عندهن وتحققه وظاهره أنها لم تكن تظهره لهن وهو شأن المحب إذا غار على محبوبه ويحتاط عليه خيفة أن يتصل به غيره، السؤال الثاني: أنهن قلن: (إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) وأسندن رؤية ذلك إلى تفسيرين وهلا قلن أنها لفي ضلال مبين فهو أبلغ، وجوابه: أنه إنصاف منهن وإشارة إلى أنهن في اعتمادهن لم يعلمهن لذلك وجها ولعل له وجها في نفس الأمر، وانظر هل الرؤية بصرية أو علمية، فقيل علمية لأن الضلال معنى والبصر لَا يتعلق بالمعاني، ابن عرفة: مفعولها هو الضمير لَا غير فلم تتعلق الرؤية إلا بها فقط حالة كونها هي في ضلال مبين لَا أنها تعلقت بها وبالضلال.
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ... (٣١)﴾
أي فلما أُخبرت بمكرهن فلذلك [عديت هنا إلى*] حرف الجر؛ لأن (سمعت) من أخوات، (قلت) تتعدى إلى مفعولين بنفسها فهي متعلقة بالمسموع [**سائره مجيب بلو] قال الكلام الأول [... ] وهذه إنما عرضه ممن نقل له كلام النسوة.
قوله تعالى: (فَتَاهَا).
ظاهره أنها إضافة ملك وتقدم لنا في قوله (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ) متعلق يقال هذا يدل على أن هناك متعلق بـ اشتراه، وقال الفخر: القطبي أنه اشتراه لنفسه ثم وهبه لامرأته، وقوله (تُرَاوِدُ) أتوا به مضارعا تشريفا عليها أي إنها مداومة على ذلك.
قوله تعالى: (إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).
فيه سؤالان الأول لم أكذبن رؤيتهن لها في ضلال، ولم يؤكدن مراوداتها له في نفسه؟ وجوابه: أنه لما يكنَّ من أقاربها وجيرانها تلطفن بحالها ولم يؤكدن وقوع ذلك منها لمعرفتهن الأسباب الحاملة لها على مستنكر ففيه ضرب من العذر لها بخلاف الأجانب فإنهن يأخذن بالظن إذا سمعن بالفعل القبيح عن غيرهن ينكرن عليه لجهلن بعذره فأكدن الكلام ليفيد أنهن مع قربهن لها يظهر لهن وجه قدرها ولا قلن لها موجبا يتلفظن به بحالها فأحرى الأجانب بخلاف مراوداتها إياه عن نفسه فإِنها واقعة لَا ينكرها أحد ولا يحتجن إلى تأكيدها لثبوت ذلك عندهن وتحققه وظاهره أنها لم تكن تظهره لهن وهو شأن المحب إذا غار على محبوبه ويحتاط عليه خيفة أن يتصل به غيره، السؤال الثاني: أنهن قلن: (إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) وأسندن رؤية ذلك إلى تفسيرين وهلا قلن أنها لفي ضلال مبين فهو أبلغ، وجوابه: أنه إنصاف منهن وإشارة إلى أنهن في اعتمادهن لم يعلمهن لذلك وجها ولعل له وجها في نفس الأمر، وانظر هل الرؤية بصرية أو علمية، فقيل علمية لأن الضلال معنى والبصر لَا يتعلق بالمعاني، ابن عرفة: مفعولها هو الضمير لَا غير فلم تتعلق الرؤية إلا بها فقط حالة كونها هي في ضلال مبين لَا أنها تعلقت بها وبالضلال.
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ... (٣١)﴾
أي فلما أُخبرت بمكرهن فلذلك [عديت هنا إلى*] حرف الجر؛ لأن (سمعت) من أخوات، (قلت) تتعدى إلى مفعولين بنفسها فهي متعلقة بالمسموع [**سائره مجيب بلو] قال الكلام الأول [... ] وهذه إنما عرضه ممن نقل له كلام النسوة.
386
قوله تعالى: (كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا).
ابن عرفة: اختلف إذ قال لكل واحدة منهن [سِكِّينًا*] أو يعطي لكلهم درهماً واحدا يقسمونه بخلاف قولهم درهما درهما، هلا قال لكل واحدة منهن سكينا بأنه فعلهم من قولهم وكل واحدة أخذت سكينا؛ لأن قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ)، وهو أبلغ في حق يوسف؛ لأنه بنفس خروجه أكبرنه ولا يعدل عن ذلك إلا لنكتة [... ] والجواب أنه قد يخرج وتذهل إحداهن عن رؤيته وإنَّمَا يقع الإكبار بالرؤية أو يقع بنفس الرؤية، وإن لم يستوف الخروج عليهن فقد رأوه وهو في الغمامات أو من طاق أو من خلف حائل، وإن لم يخرج.
قوله تعالى: (مَا هَذَا بَشَرًا).
قال الأصوليون في الفرق بين الحقيقة والمجاز وهو ما صح بجهة وهو زيد أسد يقول زيد ليس بأسد ولا يقول ليس زيد رجل، وقول يوسف بشر [... ] وقال وأجيب الوجوه الأول قال عادتهم يقولون هو على حذف الصفة أي ما هذا بشر معمول الثاني أن هذا النفي مجاز ورده ابن عرفة: بأنه يلزم عليه الدور لأنه لم يكن مجازا إلا يكون إبانة حقيقة لكن الحقيقة لَا يعلمها إلا بعد معرفة كون نفيها مجازا الثالث أن النفي حقيقة لأنه في محل الدهش والغفلة والذهول لما جرت لهن من رؤيته.
قوله تعالى: (أَكْبَرْنَهُ).
ابن عطية عن الجمهور أي أعظمنه فاستهولن كماله، وقال عبد الصمد بن علي الإمام عن أبيه عن جده: أي حضن له، ابن عرفة: وهذا لَا يتم إلا بزيادة هاء السكت كما قال الزمخشري لأن حاض لَا يعدى، وأنشد الزمخشري شاهدا عليه بيت المتنبي، وهو:
[خفِ اللهَ واستُر ذا الجمالَ ببرقُعٍ... فإنْ لُحتَ حاضتْ في الخدور العواتقُ*]
وأنشد ابن عطية:
تَأْتِي النِّسَاءَ عَلَى أَطْهَارِهِنَّ وَلَا... تَأْتِي النِّسَاءَ إِذَا أَكْبَرْنَ إِكْبَارَا
ثم قال وهذا البيت مصنوع وليس عبد الصمد من ذوات العلم، قلت قال عبد الصمد لابن عباس ونسب البيت لأبي ذؤيب
ابن عرفة: اختلف إذ قال لكل واحدة منهن [سِكِّينًا*] أو يعطي لكلهم درهماً واحدا يقسمونه بخلاف قولهم درهما درهما، هلا قال لكل واحدة منهن سكينا بأنه فعلهم من قولهم وكل واحدة أخذت سكينا؛ لأن قوله تعالى: (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ)، وهو أبلغ في حق يوسف؛ لأنه بنفس خروجه أكبرنه ولا يعدل عن ذلك إلا لنكتة [... ] والجواب أنه قد يخرج وتذهل إحداهن عن رؤيته وإنَّمَا يقع الإكبار بالرؤية أو يقع بنفس الرؤية، وإن لم يستوف الخروج عليهن فقد رأوه وهو في الغمامات أو من طاق أو من خلف حائل، وإن لم يخرج.
قوله تعالى: (مَا هَذَا بَشَرًا).
قال الأصوليون في الفرق بين الحقيقة والمجاز وهو ما صح بجهة وهو زيد أسد يقول زيد ليس بأسد ولا يقول ليس زيد رجل، وقول يوسف بشر [... ] وقال وأجيب الوجوه الأول قال عادتهم يقولون هو على حذف الصفة أي ما هذا بشر معمول الثاني أن هذا النفي مجاز ورده ابن عرفة: بأنه يلزم عليه الدور لأنه لم يكن مجازا إلا يكون إبانة حقيقة لكن الحقيقة لَا يعلمها إلا بعد معرفة كون نفيها مجازا الثالث أن النفي حقيقة لأنه في محل الدهش والغفلة والذهول لما جرت لهن من رؤيته.
قوله تعالى: (أَكْبَرْنَهُ).
ابن عطية عن الجمهور أي أعظمنه فاستهولن كماله، وقال عبد الصمد بن علي الإمام عن أبيه عن جده: أي حضن له، ابن عرفة: وهذا لَا يتم إلا بزيادة هاء السكت كما قال الزمخشري لأن حاض لَا يعدى، وأنشد الزمخشري شاهدا عليه بيت المتنبي، وهو:
[خفِ اللهَ واستُر ذا الجمالَ ببرقُعٍ... فإنْ لُحتَ حاضتْ في الخدور العواتقُ*]
وأنشد ابن عطية:
تَأْتِي النِّسَاءَ عَلَى أَطْهَارِهِنَّ وَلَا... تَأْتِي النِّسَاءَ إِذَا أَكْبَرْنَ إِكْبَارَا
ثم قال وهذا البيت مصنوع وليس عبد الصمد من ذوات العلم، قلت قال عبد الصمد لابن عباس ونسب البيت لأبي ذؤيب
387
قال [... ]
يغشى النسا على أولادهن ولا... يغشى النسا إذا أكبرن إكبارا
وزاد عن بعضهم بيتا آخر:
إذا نظرت أم الحسين مجاشعا... ضحى أكبرن حتى نقضن المجاسدا
قوله تعالى: (إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) قال ابن عرفة: يؤخذ منه أن الملك أفضل من النبي قال السكاكي أتى بالجملة غير معطوف لَا في معنى أتى قبلها والعطف يقتضي المغايرة، ابن عرفة [... ]: معنوي والحسي بذل المال والمعنوي بذل العرض إشارة إلى عفوه عن زليخا، وصفحه وإعراضه.
قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ... (٣٢)﴾
قال ابن عرفة: لما أخبرت أن الأمر لَا يخلو من أحد شيئين إما أن يفعل ما تأمره به أو السجن. اختار هو السجن قال: وتقريره على [قاعدة*] المنطق إن هذه قضية شرطية متصلة تلزمنا منفصلة مركبة من غير [تاليها*] ونقيض مقدمها وهو إما أن يفعل ما آمره به، وإما أن يسجن، وقوله السجن (أحب إليَّ) إن قلنا إنها فعل وليست ما فعل من فلا إشكال وإن قلنا إنها على ما بها فتكون المحبة هنا الطبيعية لأنها بمعنى الإرادة ولا إرادة له فيما أرادت منه زليخا واكتفى يوسف بقوله السجن أحب إلي من أن يقول السجن والصغار أحب ولأنه خاطب به الله تعالى العالم بخفيات الأمور والأول من كلام زليخا تخويفا ليوسف وإنذارا فيه مبالغة وإطناب.
قوله تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ... (٣٤)﴾
قال ابن عرفة: اختلف في الخطاب وأجاب هل هما بمعنى واحد أو متغايران فأجاب بأمر الآيتان بآيتان الموافق للمقصود والمخالف، واستجاب خاص بالموافق والآية عندي حجة للقول بها وبما أن استجابة أعم بعطف قوله (فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ)، والعطف يقتضي المغايرة.
قوله تعالى: ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ... (٣٦)﴾
قال ابن عرفة: ودخل معه مستعمل في قطع المسافة بين الداخل والمدخول إليه، وفي دوام الاستقرار في الشيء عليهما من حلف ألَّا يدخل على فلان دارا تفضل عليه فلان وأقام معه هل حنث أم لَا فيها قولان بناء على أن الدوام [..... ] عدم الحث قال
يغشى النسا على أولادهن ولا... يغشى النسا إذا أكبرن إكبارا
وزاد عن بعضهم بيتا آخر:
إذا نظرت أم الحسين مجاشعا... ضحى أكبرن حتى نقضن المجاسدا
قوله تعالى: (إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) قال ابن عرفة: يؤخذ منه أن الملك أفضل من النبي قال السكاكي أتى بالجملة غير معطوف لَا في معنى أتى قبلها والعطف يقتضي المغايرة، ابن عرفة [... ]: معنوي والحسي بذل المال والمعنوي بذل العرض إشارة إلى عفوه عن زليخا، وصفحه وإعراضه.
قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ... (٣٢)﴾
قال ابن عرفة: لما أخبرت أن الأمر لَا يخلو من أحد شيئين إما أن يفعل ما تأمره به أو السجن. اختار هو السجن قال: وتقريره على [قاعدة*] المنطق إن هذه قضية شرطية متصلة تلزمنا منفصلة مركبة من غير [تاليها*] ونقيض مقدمها وهو إما أن يفعل ما آمره به، وإما أن يسجن، وقوله السجن (أحب إليَّ) إن قلنا إنها فعل وليست ما فعل من فلا إشكال وإن قلنا إنها على ما بها فتكون المحبة هنا الطبيعية لأنها بمعنى الإرادة ولا إرادة له فيما أرادت منه زليخا واكتفى يوسف بقوله السجن أحب إلي من أن يقول السجن والصغار أحب ولأنه خاطب به الله تعالى العالم بخفيات الأمور والأول من كلام زليخا تخويفا ليوسف وإنذارا فيه مبالغة وإطناب.
قوله تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ... (٣٤)﴾
قال ابن عرفة: اختلف في الخطاب وأجاب هل هما بمعنى واحد أو متغايران فأجاب بأمر الآيتان بآيتان الموافق للمقصود والمخالف، واستجاب خاص بالموافق والآية عندي حجة للقول بها وبما أن استجابة أعم بعطف قوله (فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ)، والعطف يقتضي المغايرة.
قوله تعالى: ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ... (٣٦)﴾
قال ابن عرفة: ودخل معه مستعمل في قطع المسافة بين الداخل والمدخول إليه، وفي دوام الاستقرار في الشيء عليهما من حلف ألَّا يدخل على فلان دارا تفضل عليه فلان وأقام معه هل حنث أم لَا فيها قولان بناء على أن الدوام [..... ] عدم الحث قال
لأن الدخول هو قطع المسافة من خارج الباب إلى داخله وأخوك لم [... ] إلا قبل دخول فلان عليه.
قوله تعالى: (أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا).
ابن عرفة: [... ] على المقالة.
قوله تعالى: (نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ).
قال طلب منه واحد أن ينبئه عن رؤياه بالذات، وعن رؤيا صاحبه بالعرض.
قوله تعالى: ﴿إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ... (٣٧)﴾
قال ابن عرفة: أطلق الملة هنا على الكفر، وكذا ما يطلق على دين الإسلام والشيوخ فيها اختلاف، والأكثر في كشف الحقائق يطلقها على الجماعة المستندين ما مذهبهم إلى السمع لأنه يقول ودليل الملتين وكان بعضهم يقول إنما يطلق على غيره من الإسلام ملة، وإن الملة هي العقدة يناسب قوله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ)، وتقدم الإشارة إلى بعضه في آخر سورة الأنعام، قوله تعالى: (أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ... (٣٩).. أي مختلفون إشارة إليه لأنه من المتمانع، وتقول إنهما لو كانا إلهين لم يخل من أن يتفقا [أو يختلفا*] فلذلك قال متفرقون ولم يقل مجتمعون لأنهما لو اتفقا لتجوز اختلافهما.
قوله تعالى: (أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ).
جرى مجرى التطبيق فقوله أم الله تتابع لقوله أرباب وقوله القهار راجع لقوله متفرقون لأن اختلافهم يؤذن بعجز من لم ينفد أمره منهم فجاء وصف القهر مقابله. ابن عرفة إن في الآية دليل على أن أول الواجبات النظر. في المسألة شبه أقوال منقولة في أول شرح الأوتار قيل النظر، وقيل المعرفة، وقيل القصد إلى النظر، وقيل غيره لك.
قوله تعالى: ﴿إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ... (٤٠)﴾
[... ] ثلاثة أوجه إما أن يراد ذوي أسماء فإما أن الاسم هو المسمى قل إن المراد الأسماء فقط وهو أنها لم تكن [آلهة*] إلا لمجرد قولهم وتسميتهم لها؛ لهذا فهم لا يعبدون إلا أسماء سموها فقط، ابن عرفة قال: قلت لو خاطب بالموعظة هذين الرجلين فقط ومعه في السجن كثير من النَّاس فأجيب باحتمال كونه رأى في هذين الرجلين من القول الهداية ما لم ير في غيرهما لأن غيرهما متعنت، وقد قال أبو المعالي في الإتيان، وانتظر في التي يعتاد العلم بالمتطور فيه ويعاد الجهل به والسبب
قوله تعالى: (أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا).
ابن عرفة: [... ] على المقالة.
قوله تعالى: (نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ).
قال طلب منه واحد أن ينبئه عن رؤياه بالذات، وعن رؤيا صاحبه بالعرض.
قوله تعالى: ﴿إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ... (٣٧)﴾
قال ابن عرفة: أطلق الملة هنا على الكفر، وكذا ما يطلق على دين الإسلام والشيوخ فيها اختلاف، والأكثر في كشف الحقائق يطلقها على الجماعة المستندين ما مذهبهم إلى السمع لأنه يقول ودليل الملتين وكان بعضهم يقول إنما يطلق على غيره من الإسلام ملة، وإن الملة هي العقدة يناسب قوله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ)، وتقدم الإشارة إلى بعضه في آخر سورة الأنعام، قوله تعالى: (أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ... (٣٩).. أي مختلفون إشارة إليه لأنه من المتمانع، وتقول إنهما لو كانا إلهين لم يخل من أن يتفقا [أو يختلفا*] فلذلك قال متفرقون ولم يقل مجتمعون لأنهما لو اتفقا لتجوز اختلافهما.
قوله تعالى: (أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ).
جرى مجرى التطبيق فقوله أم الله تتابع لقوله أرباب وقوله القهار راجع لقوله متفرقون لأن اختلافهم يؤذن بعجز من لم ينفد أمره منهم فجاء وصف القهر مقابله. ابن عرفة إن في الآية دليل على أن أول الواجبات النظر. في المسألة شبه أقوال منقولة في أول شرح الأوتار قيل النظر، وقيل المعرفة، وقيل القصد إلى النظر، وقيل غيره لك.
قوله تعالى: ﴿إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ... (٤٠)﴾
[... ] ثلاثة أوجه إما أن يراد ذوي أسماء فإما أن الاسم هو المسمى قل إن المراد الأسماء فقط وهو أنها لم تكن [آلهة*] إلا لمجرد قولهم وتسميتهم لها؛ لهذا فهم لا يعبدون إلا أسماء سموها فقط، ابن عرفة قال: قلت لو خاطب بالموعظة هذين الرجلين فقط ومعه في السجن كثير من النَّاس فأجيب باحتمال كونه رأى في هذين الرجلين من القول الهداية ما لم ير في غيرهما لأن غيرهما متعنت، وقد قال أبو المعالي في الإتيان، وانتظر في التي يعتاد العلم بالمتطور فيه ويعاد الجهل به والسبب
فيه يريد الجهل المركب لأن الناظر في التي يستحيل أن يكون جاهلا به الجهل المركب لأن الجاهل الجهل المركب لَا ننظر لاعتقاده أنه عالم فلذلك خاطب هذين دون غيرهما، وتكلم الزمخشري هنا بكلام سيئ، ابن عرفة: لكن هذه المتروكات هي عندهم أفقه من المفعولات.
قوله تعالى: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ... (٤١)﴾
ابن عرفة: اللذان حرصا على تنبيه المخاطب [... ] عنه لئلا يذهل عن سماع ما يلقى إليه. قلت له تقدم لك إنه ما خصهما بالخطاب إلا لصلتهما بذلك وأنه رأى فيهما القابلية إليه فهلا نادى لهما بالهمزة أو [الياء المشعرين*] بالقرب الحسي أو المعنوي فقال العبد مقول بالتشكيك في قرب بعيد وأبعد منه كما أن ثم جاهلا الجهل البسيط وأجهل منه، وهو من جهله مركب.
قوله تعالى: (قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ).
الضمير عائد على السجن الذي كان سببا في استفتائهما فقوله فيه أي بسببه قلت أو يعود على الأمر قوله تستفتيان حكاية حال مضت.
قوله تعالى: ﴿ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ... (٤٢)﴾
وُجّه بأن الظن بمعنى العلم، وقال ابن عطية في غير هذا الموضع إن الظن لا يجوز بأَن يجعل بمعنى اليقين إلا في الأمور الفردية قلت له بل هو نظري لأن الأولين لا يعلمون إلا من علمهم الله فقال وكذلك أنت لولا أن الله علمك أن الواحد نصف الاثنين ما علمته. قلت له الله خلق لي إدراكا أعلم به ذلك [ما*] علمته إلا بواسطة خلق الله لَا الإدراك ولا [... ] بالوحي لَا بالإدراك العقلي هذا نظري.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ... (٤٥)﴾
ابن عرفة: الأمثل تقديم السبب على مسببه والإدراك النجاة فهلا قدم علتها؟ فأجيب بأن السبب قسمان منه مقدم في زمانه كتقدم الأب على ولده، وسبب مقدم بالذات كحركة الخاتم بالنسبة إلى حركة الإصبع إذا لو كان متقدما في الزمان للزم عليه تداحل الإحساس لكن ورد في الآية الحث على المبادرة وأنه بادر إلى النجاة [عبر*] الإدراك حتى أنه فعلها قبله.
قوله تعالى: (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ).
قوله تعالى: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ... (٤١)﴾
ابن عرفة: اللذان حرصا على تنبيه المخاطب [... ] عنه لئلا يذهل عن سماع ما يلقى إليه. قلت له تقدم لك إنه ما خصهما بالخطاب إلا لصلتهما بذلك وأنه رأى فيهما القابلية إليه فهلا نادى لهما بالهمزة أو [الياء المشعرين*] بالقرب الحسي أو المعنوي فقال العبد مقول بالتشكيك في قرب بعيد وأبعد منه كما أن ثم جاهلا الجهل البسيط وأجهل منه، وهو من جهله مركب.
قوله تعالى: (قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ).
الضمير عائد على السجن الذي كان سببا في استفتائهما فقوله فيه أي بسببه قلت أو يعود على الأمر قوله تستفتيان حكاية حال مضت.
قوله تعالى: ﴿ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ... (٤٢)﴾
وُجّه بأن الظن بمعنى العلم، وقال ابن عطية في غير هذا الموضع إن الظن لا يجوز بأَن يجعل بمعنى اليقين إلا في الأمور الفردية قلت له بل هو نظري لأن الأولين لا يعلمون إلا من علمهم الله فقال وكذلك أنت لولا أن الله علمك أن الواحد نصف الاثنين ما علمته. قلت له الله خلق لي إدراكا أعلم به ذلك [ما*] علمته إلا بواسطة خلق الله لَا الإدراك ولا [... ] بالوحي لَا بالإدراك العقلي هذا نظري.
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ... (٤٥)﴾
ابن عرفة: الأمثل تقديم السبب على مسببه والإدراك النجاة فهلا قدم علتها؟ فأجيب بأن السبب قسمان منه مقدم في زمانه كتقدم الأب على ولده، وسبب مقدم بالذات كحركة الخاتم بالنسبة إلى حركة الإصبع إذا لو كان متقدما في الزمان للزم عليه تداحل الإحساس لكن ورد في الآية الحث على المبادرة وأنه بادر إلى النجاة [عبر*] الإدراك حتى أنه فعلها قبله.
قوله تعالى: (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ).
وفيه [نقول*] إن الملك عبر عن تعبير الرؤيا بالفتيا، والملأ عبروا عن ذلك بالتأويل والأصل [فيه*] مقاولة، وليس [للقوم أن يجيبوه*] على وفق ما تكلم به، فأجيب بأنه قصد الرد على الملأ في كونهم سبقوا على الملك وأخرجوا رؤياه عن التعبير في الأحكام [الفاسدة* فأجابوه*] على وفق قولهم (وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ) قوله تعالى: قبل هذا (بضع سنين) انظر ما قال ابن عطية. قال القاضي في الإكمال في كتاب الفضائل على حديث ابن مسعود وفيه [فَلَقَدْ قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً*] وذهب ابن ثابت في روايتان مع العلم أن [ابن عباس زاد*] أن في البضع قولين آخرين أحدهما أنه من الثلاثة إلى الخمسة، والثاني أنه من السبعة إلى التسعة.
قوله تعالى: ﴿أَيُّهَا الصِّدِّيقُ... (٤٦)﴾
ابن عرفة: إنما ينادى الشخص بالوصف المناسب لمقتضى الحال فلا يقال: للفارس في الحرب يا كريم يا حليم، وإنما يقال له: يا شجاع فلذلك قال أيها الصديق إشارة إلى ما قد علمنا منك الصدق في مقالتك. قال ابن عرفة: وفي الآية سؤالان الأول: عادتهم يقولون من القواعد المعرفة في كتب العبارة أن الرؤيا إذا قال المعبر إنها أضغاث أحلام فإنه لَا يقدر أحد على تعبيرها فلم فسرها يوسف، وجوابه أن قول الملأ لم يكن لديهم علم تام بالعبارة بل كانوا [يعرفون مبادئها*] بخلاف يوسف. السؤال الثاني: قال سبع بقرات سمان وسبع سنبلات وقال اكتفى بالبقرات عن السنبلات والعكس فأجيب بأنه لو قال سبع بقرات سمان لأفاد أنها سبع سنين خصبة وسبع مجدبة، وكلٌّ [يكون*] حصدها في الزرع أو في الغلة أو في [**اللبن]، فقال سبع سنبلات ليدل على أن خصبتها إنما هي في الزرع، ابن عرفة: لكن يرد على هذا أن يقال هلا اكتفى بذكر سبع بقرات لأنها تفيد سبع سنين خصبة في الزرع فأجبت بأنها إذا كان حصادها في السبع الأول وجوب الأخرى في الطعام فقالا وبذلك على حد قوله تعالى: (وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) قال المفسرون يعصرون الزيت.
قوله تعالى: (لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ).
أي يعلمون الصدق في قول (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ) ابن عرفة: فيؤخذ منه أن غير الواحد يفيد العلم، وقال ابن العربي إن كان الَمراد لعلهم يعلمون مكانتك فالعلم عنها بدا وإن كان المراد لعلهم يعلمون صدقك فيكون بمعنى العلم، ورد ابن عرفة: بأنه لا يعلم مكانه حتى صدقه في الأمر، وفي تفسير الرؤيا.
قوله تعالى: ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ... (٥٣)﴾
قوله تعالى: ﴿أَيُّهَا الصِّدِّيقُ... (٤٦)﴾
ابن عرفة: إنما ينادى الشخص بالوصف المناسب لمقتضى الحال فلا يقال: للفارس في الحرب يا كريم يا حليم، وإنما يقال له: يا شجاع فلذلك قال أيها الصديق إشارة إلى ما قد علمنا منك الصدق في مقالتك. قال ابن عرفة: وفي الآية سؤالان الأول: عادتهم يقولون من القواعد المعرفة في كتب العبارة أن الرؤيا إذا قال المعبر إنها أضغاث أحلام فإنه لَا يقدر أحد على تعبيرها فلم فسرها يوسف، وجوابه أن قول الملأ لم يكن لديهم علم تام بالعبارة بل كانوا [يعرفون مبادئها*] بخلاف يوسف. السؤال الثاني: قال سبع بقرات سمان وسبع سنبلات وقال اكتفى بالبقرات عن السنبلات والعكس فأجيب بأنه لو قال سبع بقرات سمان لأفاد أنها سبع سنين خصبة وسبع مجدبة، وكلٌّ [يكون*] حصدها في الزرع أو في الغلة أو في [**اللبن]، فقال سبع سنبلات ليدل على أن خصبتها إنما هي في الزرع، ابن عرفة: لكن يرد على هذا أن يقال هلا اكتفى بذكر سبع بقرات لأنها تفيد سبع سنين خصبة في الزرع فأجبت بأنها إذا كان حصادها في السبع الأول وجوب الأخرى في الطعام فقالا وبذلك على حد قوله تعالى: (وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) قال المفسرون يعصرون الزيت.
قوله تعالى: (لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ).
أي يعلمون الصدق في قول (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ) ابن عرفة: فيؤخذ منه أن غير الواحد يفيد العلم، وقال ابن العربي إن كان الَمراد لعلهم يعلمون مكانتك فالعلم عنها بدا وإن كان المراد لعلهم يعلمون صدقك فيكون بمعنى العلم، ورد ابن عرفة: بأنه لا يعلم مكانه حتى صدقه في الأمر، وفي تفسير الرؤيا.
قوله تعالى: ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ... (٥٣)﴾
ابن عرفة: يؤخذ منها عندي شيئان أحدهما أنه لَا ترجيح بين البينتين بالكثرة، والثاني: أن الأصل الجرحة حتى تبين العدالة [... ] إخراج الأقل من الأكثر يدل على أن أكثر النفوس أمارة بالسوء.
قوله تعالى: ﴿مَكِينٌ أَمِينٌ (٥٤)﴾
أي ذو مكانة ومنزلة ابن مؤمن على كل شيء، ابن عرفة: حصول الفضيلة للإنسان والمزية على غيره بالعلم والعمل به فقوله (مَكِينٌ) ترجع للقوة العلمية كالصلاة والزكاة والصوم، وقوله (أَمِينٌ) ترجع للعلم أي عندك من العلم ما يتفضل لنا به والثقة بك واشتماله كل جميع الأمور، وذكر المفسرون أن ملك دخل عليه بالعبراني فلم يكن الملك يعرفها مع وجود أنه كان يعرف سبعين لسانا لم يكن هذا منها، ابن عرفة: ولا يؤخذ منها من الآية تعليم العجمية والألسن بمخاطبة العدو في الجهاد، وعند المقاومة ولا يجوز التكلم له بهذا مطلقا لأن فيه إجمالا وتدليل على من لا يعرفها.
قوله تعالى: ﴿إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (٥٥)﴾
يجوز للإنسان أن يقول أنا فقيه إذا علم أنه لَا يلزم العجب والرياء، وقوله: (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) قالوا إنه لَا يحمل على ظاهره منهم، ومن قال ما من علم ولو كان أعلم النَّاس إلا وقد يجد ما هو دونه يختص عنه ويمتاز بمثيلة لَا يعرفها هو، ابن عرفة: ولا يؤخذ من الآية جواز خدمة الكفار فإن الملك كان قد أسلم. كذا قال المفسرون. قال وعلى تقدير إذا لو كان كافراً قال النقص الذي يلبي المسلم في خدمته للكافر تقابله الزيادة في إسلام يوسف لأنه كان نبيا فقد يقال أنه يؤخذ عند الجواز، ولو كان أسلم فإن إسلامنا ليس كإسلامه.
قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ... (٥٦)﴾
ابن عرفة: [إنما يشبه الأخفى بالأخفى*]، والتمكين في الأرض ليوسف على ظاهر معرفة كل أحد، وهو أظهر من امتناعه من زليخا، وتنجيته من السجن، ابن عرفة: وعادتهم يجيبون بأن الامتناع من زليخا من باب حفظ الأعراض، والنجاة من السجن من باب رفع المؤلم وتمكينه في الأرض من باب حفظ جلب الملائم، ورفع المؤلم آكد من جلب الملائم فكذلك جعل الأصل، وشبه هذا أنه قيل لابن عرفة، وهل تكون الكاف في ذلك للتعليل أي ولأجل حفظ عموم عرضه وخوفه مكنا له في الأرض فقال: لَا يعرف أن الكاف ترد للتعليل إلا إذا لم يكن يحتمل أن يرجع هذا ليوسف
قوله تعالى: ﴿مَكِينٌ أَمِينٌ (٥٤)﴾
أي ذو مكانة ومنزلة ابن مؤمن على كل شيء، ابن عرفة: حصول الفضيلة للإنسان والمزية على غيره بالعلم والعمل به فقوله (مَكِينٌ) ترجع للقوة العلمية كالصلاة والزكاة والصوم، وقوله (أَمِينٌ) ترجع للعلم أي عندك من العلم ما يتفضل لنا به والثقة بك واشتماله كل جميع الأمور، وذكر المفسرون أن ملك دخل عليه بالعبراني فلم يكن الملك يعرفها مع وجود أنه كان يعرف سبعين لسانا لم يكن هذا منها، ابن عرفة: ولا يؤخذ منها من الآية تعليم العجمية والألسن بمخاطبة العدو في الجهاد، وعند المقاومة ولا يجوز التكلم له بهذا مطلقا لأن فيه إجمالا وتدليل على من لا يعرفها.
قوله تعالى: ﴿إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (٥٥)﴾
يجوز للإنسان أن يقول أنا فقيه إذا علم أنه لَا يلزم العجب والرياء، وقوله: (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) قالوا إنه لَا يحمل على ظاهره منهم، ومن قال ما من علم ولو كان أعلم النَّاس إلا وقد يجد ما هو دونه يختص عنه ويمتاز بمثيلة لَا يعرفها هو، ابن عرفة: ولا يؤخذ من الآية جواز خدمة الكفار فإن الملك كان قد أسلم. كذا قال المفسرون. قال وعلى تقدير إذا لو كان كافراً قال النقص الذي يلبي المسلم في خدمته للكافر تقابله الزيادة في إسلام يوسف لأنه كان نبيا فقد يقال أنه يؤخذ عند الجواز، ولو كان أسلم فإن إسلامنا ليس كإسلامه.
قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ... (٥٦)﴾
ابن عرفة: [إنما يشبه الأخفى بالأخفى*]، والتمكين في الأرض ليوسف على ظاهر معرفة كل أحد، وهو أظهر من امتناعه من زليخا، وتنجيته من السجن، ابن عرفة: وعادتهم يجيبون بأن الامتناع من زليخا من باب حفظ الأعراض، والنجاة من السجن من باب رفع المؤلم وتمكينه في الأرض من باب حفظ جلب الملائم، ورفع المؤلم آكد من جلب الملائم فكذلك جعل الأصل، وشبه هذا أنه قيل لابن عرفة، وهل تكون الكاف في ذلك للتعليل أي ولأجل حفظ عموم عرضه وخوفه مكنا له في الأرض فقال: لَا يعرف أن الكاف ترد للتعليل إلا إذا لم يكن يحتمل أن يرجع هذا ليوسف
392
والله تعالى لأن الخير من فعل الله والشر من فعل العبد، ابن عطية، وهذه نزعة اعتزالية، ابن عرفة: ليس باعتزال وإنَّمَا التفريق بينهما باعتبار الإرادة فالمعتزلة يقولون إن الله تعالى ما أراد الشر ولا قدره في الأزل ونحن نقول تعالى الله أن يكون في الله ما لا يريد، وأما باعتبار الفعل فلا فرق بين الخير والشر وهما من فعل الله عندنا ومن ثم من فعل العبد فإنما هذا كقوله (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ)، قلت: قال بعض الطلبة [... ] ابن عرفة: نجيب عن مثل هذا بأن من علم من حب الاعتزال إذا ذكره [... ] هو خلاف مذهبه بأنه يناول له ويرد إلى مذهبه والقاضي من كبار المعتزلة. قال ابن عرفة: والذي تعلقت به المسببة غير الذي تعلق به الأجر في قوله (أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) لأن إرادة الله كانت مرجح لما وجد ذلك المرجح إلا بإرادة، والإرادة الأخرى لَا بد لنا من مرجح بإرادة فيلزم التسلسل فإذا كانت الإرادة متساوية فالرحمة تصيب [الطائع والعاصي*] ولا تفاوت بينهما.
قوله تعالى: (وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).
فهو [... ] غير المحسن لَا أجر له فيلزم عليه تناقضه مع قوله (نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ) أما أن المراد به النور المشتملة على المؤمن والكافر وأن الكافر منعم عليه في الدنيا حسبما قال ﷺ في حديث الإفك لعمر "أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا"، وقال أيضا " [الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ، وَجَنَّةُ الْكَافِرِ*] ". قيل لابن عرفة: ليس هو منعما عليه لقوله تعالى: (إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا). قال ابن عرفة: وإمَّا أن المراد بالرحمة الإيمان والخلوص من الكفر. قال ابن عرفة: ومنهم من قال [المؤمن*] منعم عليه في الدنيا والآخرة لأنه ما من عذاب يصيبه إلا في علم الله وقدرته [... ] ومنه قول المحسنين. انظر هل المراد الإحسان المذكور وفي حديث القدرة وهو أن تعبد الله كأنك تراه. قال [... ]: إن لم تكن تراه فإنه يراك، والمراد به بحور الهداية وهو أصوب لعمومه في جميع المؤمنين فهو داخل في باب الطمع والرجاء ويكون العصاة محسنين لأنهم آمنوا فالإحسان مجرد الإيمان. قيل لابن عرفة: هلا قال أجر الصابرين فهو النسبة لسياق الآية. قال علي بن أبي طالب: الصبر أساس كل عبادة فأجاب ابن عرفة: بأن الإحسان يشمل الصبر وغيره واختلف هنا نقل الزمخشري، وابن عطية. فقال الزمخشري: إن يوسف عليه السلام باع من أهل مصر الطعام بكل شيء حتى برقابهم بابتياع [... ] أعني أهل مصر عن آخرهم ورد عليهم أملاكهم، وقال [لابن عطية:
قوله تعالى: (وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).
فهو [... ] غير المحسن لَا أجر له فيلزم عليه تناقضه مع قوله (نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ) أما أن المراد به النور المشتملة على المؤمن والكافر وأن الكافر منعم عليه في الدنيا حسبما قال ﷺ في حديث الإفك لعمر "أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا"، وقال أيضا " [الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ، وَجَنَّةُ الْكَافِرِ*] ". قيل لابن عرفة: ليس هو منعما عليه لقوله تعالى: (إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا). قال ابن عرفة: وإمَّا أن المراد بالرحمة الإيمان والخلوص من الكفر. قال ابن عرفة: ومنهم من قال [المؤمن*] منعم عليه في الدنيا والآخرة لأنه ما من عذاب يصيبه إلا في علم الله وقدرته [... ] ومنه قول المحسنين. انظر هل المراد الإحسان المذكور وفي حديث القدرة وهو أن تعبد الله كأنك تراه. قال [... ]: إن لم تكن تراه فإنه يراك، والمراد به بحور الهداية وهو أصوب لعمومه في جميع المؤمنين فهو داخل في باب الطمع والرجاء ويكون العصاة محسنين لأنهم آمنوا فالإحسان مجرد الإيمان. قيل لابن عرفة: هلا قال أجر الصابرين فهو النسبة لسياق الآية. قال علي بن أبي طالب: الصبر أساس كل عبادة فأجاب ابن عرفة: بأن الإحسان يشمل الصبر وغيره واختلف هنا نقل الزمخشري، وابن عطية. فقال الزمخشري: إن يوسف عليه السلام باع من أهل مصر الطعام بكل شيء حتى برقابهم بابتياع [... ] أعني أهل مصر عن آخرهم ورد عليهم أملاكهم، وقال [لابن عطية: