تفسير سورة الإنفطار

تفسير الماتريدي
تفسير سورة سورة الإنفطار من كتاب تأويلات أهل السنة المعروف بـتفسير الماتريدي .
لمؤلفه أبو منصور المَاتُرِيدي . المتوفي سنة 333 هـ
سورة الانفطار [ وهي مكية ]١
١ من م، ساقطة من الأصل..

سُورَةُ الانْفِطَارِ، وهي مَكِّيَّة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى: (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (١) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (٢) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (٤) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (٥).
قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ) قد ذكرنا أن هذا جواب عن سؤال تقدم، لم يبين السؤال عند ذكر الجواب؛ لأن (إِذَا) جواب عن سؤال " متى "؟ فجائز أن يكون سؤالهم ما ذكر في إتمام الجواب، وهو قوله: (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) فكأن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - سئل: متى تعلم النفس ما قدمت وأخرت؟ فنزل قوله: (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ) الآية إلى آخرها.
ثم ذكر الانفطار هاهنا وهو الشق، وذكر الفتح في موضع آخر، وهو قوله - تعالى -: (وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا)، وقال في موضع آخر: و (وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ)، و (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ)، فمنهم من ذكر أن شقها وانفطارها أن تفتح أبوابها.
ومنهم من حمله على الشق الذي يعرف من شق الأشياء، وهذا أقرب؛ لأن الآية في موضع التخويف والتهويل، وليس في فتح أبوابها تخويف، وإنما التخويف في انشقاقها بنفسها.
ثم السؤال عن ملاقاة الأعمال وعن علم الأنفس بها سؤال عن الساعة، وفي ذكر انفطار السماء، وانتثار الكواكب، وتفجير البحار، وتسيير الجبال، وجعل الأرض قاعا صفصفا، وصفُ أحوال الساعة وآثارها، وليس فيه إشارة إلى وقت كونها؛ لأنه ليس في التوقف على حقيقة وقتها تخويف وتهويل، وفي ذكر آثارها تخويف، وهو أنه عظم هول ذلك اليوم، واشتد حتى لا تقوم له الأشياء القوية العلية في أنفسها، وهي الجبال، والسماوات والأرضون، بل يؤثر فيها هذا التأثير، حتى تصير الجبال كالعهن المنفوش، وتصير كثيبا مهيلا، وتنشق السماء، وتصير الأرض قاعا صفصفًا، فكيف يقوم لها الإنسان الضعيف المهين؟!.
أو إذا كانت السماوات والأرضون والجبال مع طواعيتها لربها لا تقوم لها وأفزاعها بل تتقطع، فكيف يقوم لها الآدمي الضعيف مع خبث عمله، وكثرة مساوئه مع ربه؟!.
فيذكرهم هذه الأحوال؛ ليخافوه، ويهابوه؛ فيستعدوا له؛ فلهذا - واللَّه أعلم - ذكرت الأحوال التي عليها حال ذلك اليوم، ولم يبين متى وقته؛ ولهذا ما لم يبين منتهى عمر الإنسان؛ ليكون أبدا على خوف ووجل من حلول الموت به؛ فيأخذ أهبته، ويشمر له، ولو بين له كان يقع له الأمن بذلك؛ فيترك التزود إلى دنو ذلك الوقت، ثم يتأهب له إذا دنا انقضاء عمره.
ثم إن اللَّه - تعالى - ذكر أحوال القيامة في غير موضع، وجعل ذلك مترادفا متتابعا في القرآن؛ فيكون في ذلك معنيان:
أحدهما: أن للقلوب تغيرًا وتقلبا في أوقات، فرب قلب لا يلين لحادثة أول مرة حتى يعاد عليه ذكرها مرة بعد مرة، وحالا بعد حال، ثم تلين؛ فيكون في تتابع ذكر البعث والقيامة مرة بعد مرة إبلاع في النذارة وقطع عذر المعتذرين يوم القيامة.
والثاني: أن القوم كانوا حديثي العهد بالإسلام، وقد وقع الإسلام في قلوبهم موقعا؛ فيكون في تكرار المواعظ تلقيح لعقولهم، وتليين لقلوبهم على ما أكرمهم اللَّه - نعالى - من الإيمان، ونصرة رسول رب العالمين؛ كقوله: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا).
وقوله - تعالى -: (وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (٢) إما أن يكون انتثارها؛ لأنها مجعولة لمنافع الخلق، فإذا استغنى عنها أهلها فلا معنى لبقائها.
أو لما جعلت زينة للسماء، فإذا انفطرت السماء، لم تحتج إلى زينة بعدها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (٣) قال قائلون: أي يفجر ماؤها في بحر واحد، ثم يغور ماء ذلك البحر الذي اجتمعت فيه المياه؛ إما بما تنشفها الأرض، أو تجعل في بطن الحوت الذي ذكر أن الأرضين قرارها على ظهره، أو في بطن الثور، ثم يسوي اللَّه - تعالى - الأرض كلها؛ حتى لا يبقى فيها عوج، ولا قعر؛ فيبس البحار بما شاء: إما بالجبال، أو بغيرها.
الآية ٣ : وقوله تعالى :﴿ وإذا البحار فجرت ﴾ قال قائلون : أي يفجر ماؤها في بحر واحد، ثم يفوز ماء ذلك البحر الذي اجتمع فيه المياه إما بما تنشّفها الأرض [ وإما بجعلها ] ١ في بطن الحوت التي ذكر أن الأرضين، قرارها على ظهره، أو في بطن الثور. ثم يسوي الله تعالى الأرض كلها حتى لا يبقى فيها عوج ولا قعر. فتيبس البحار بما شاء إما٢ بالجبال [ وإما بغيرها ]٣ وقال بعضهم : بل يفوز ماء كل بحر في مكانه لا أن تجمع المياه كلها في مكان واحد وبحر واحد.
وقال بعضهم : بل يمتزج بعضها ببعض، فتصير نارا، يعذب بها أهلها، وكذلك قوله عز وجل :﴿ وإذا البحار سجرت ﴾ [ التكوير : ٦ ] وقوله٤ :﴿ والبحر المسجور ﴾ [ الطور : ٦ ] والله أعلم أي ذلك يكون.
١ في الأصل وم: أو تجعل..
٢ من م، في الأصل: أو..
٣ في الأصل وم: أو بغير..
٤ في الأصل وم: وقال..
وقَالَ بَعْضُهُمْ: بل يغور ماء كل بحر في مكانه، لا أن تجتمع المياه كلها في مكان واحد وبحر واحد.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: بل يمتزج بعضها ببعض؛ فتصير نارا يعذب بها أهلها، وكذلك قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ)، وقال: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ)، واللَّه أعلم أي ذلك يكون؟.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (٤) أي: بعث مَن فيها، وتقذف القبور مَن فيها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (٥) أي: تعلم الأنفس ما عملت، إلى آخر ما انتهى إليه عملها فلا يخفى عليها شيء من أمرها.
ومنهم من يقول: ما قدمت من خير وأخرت من شر فستعرفه في ذلك اليوم.
ومنهم من يقول: علمت ما قدمت من العمل؛ أي: بما عملت بنفسها، (وما أخرت) أي: ما سنت من السنة فعمل بها بعدها.
وهذا الذي ذكروه داخل في تفسير الجملة التي ذكرنا أنها تعلم من أول ما عملت إلى آخر ما انتهى إليه عملها.
* * *
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨) كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (١٢).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) يحتمل: عن ربك؛ فيكون تأويله: أي شيء غرك عن ربك الكريم؛ حتى اغتررت به؟! واغتراره عن ربه الإعراض عن طاعته وعبادته، وقد تستعمل الباء في موضع " عن "؛ قال اللَّه - تعالى -: (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ)، ومعناها: يشرب عنها، لا أن يشربوا فيها كرعا، أو تجعل العين آنية لهم.
ثم وجه الجواب للمغتر باللَّه - تعالى - في قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) هو أن كرمه دعا الإنسان إلى ركوب المعاصي؛ لأنه لم يأخذه بالعقوبة وقت
الآية ٥ : وقوله تعالى :﴿ علمت نفس ما قدمت وأخرت ﴾ أي تعلم الأنفس ما عملت إلى آخر ما انتهى عملها، فلا يخفى عليها شيء من أمرها.
ومنهم من يقول : ما قدمت من خير وأخرت من شر فستعرفه في ذلك اليوم.
ومنهم من يقول :﴿ علمت نفس ما قدمت ﴾ من العمل أي ما عملت بنفسها ﴿ وأخرت ﴾ أي ما سنت من السنة، فعمل بها بعدها. وهذا الذي ذكروه داخل في تفسير الجملة التي ذكرنا أنها تعلم من أول ما عملت إلى آخر ما انتهى عملها.
الآية ٦ : وقوله تعالى :﴿ يا أيها الإنسان ما غرّك/ ٦٢٩ – ب/ بربك الكريم ﴾ يحتمل من ربك، فيكون تأويله أي شيء غرك من ربك الكريم حتى اغتررت به، واغتراره بربه١ الإعراض عن طاعته وعبادته، وقد تستعمل الباء في موضع من، قال الله تعالى :﴿ عينا يشرب بها عباد الله ﴾[ الإنسان : ٦ ] ومعناه : يشرب منها، لا أن يشرب٢ منها كرعا، أو يجعل العين آنية لهم.
ثم وجه الجواب للمغتر بالله تعالى في قوله عز وجل :﴿ ما غرك بربك الكريم ﴾ وهو أن كرمه دعا الإنسان إلى ركوب المعاصي لأنه لم يأخذه بالعقوبة وقت جريمته، فتجاوز عنه، أو تأخيره العقوبة حمله على الاغترار ؛ إذ ظن أنه يعفى عنه أبدا [ لذلك أقدم ]٣ عليها، وإلا لو حلت به العقوبة وقت ارتكاب المعصية لكان لا يتعاطى المعاصي، ولا يرتكبها، فعذره أن يقول : الذي حملني على الإغفال والاغترار كرمك أو حمقى كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عليه حين تلا هذه الآية : الحمق يا رب.
أو يكون قوله تعالى :﴿ ما غرك بربك الكريم ﴾ أي أي شيء غرك حتى ادعيت على الله تعالى أنه أمرك باتباع آبائك، أو تشهد عليه إذا ارتكبت الفحشاء أن الله تعالى أمرك به على ما قال :﴿ وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها ﴾ [ الأعراف : ٢٨ ] ألم أبعث إليك الرسول ؟ ألم أنزل إليك الكتاب، فيتبين لك ما أمرت به عما نهيت عنه ؟
وقيل : نزلت الآية في شأن كلدة [ بن أسيد الجمحي حين ]٤ ضرب النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعاقبه الله تعالى، فأسلم حمزة حمية لقومه، فهم كلدة أن يضربه ثانيا، فنزلت الآية :﴿ يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ﴾ ؟ [ حين لم يهلكك ]٥ عند تناول رسول الله.
لكن لو كانت الآية فيه، [ لكان كل ]٦ الناس في معنى الخطاب على السواء، والله أعلم.
١ في الأصل وم: عن ربه..
٢ في الأصل وم: يشربوا..
٣ في الأصل وم: كذلك فأقدم..
٤ في الأصل وم: وقال..
٥ في الأصل ومّ: حيث لم تهلك..
٦ في الأصل وم: فكل..
جريرته، فتجاوزه عنه أو تأخيره العقوبة، حَمَله على الاغترار؛ إذ ظن أنه يعفى عنه أبدا كذلك؛ فأقدم عليها، وإلا لو حلت به العقوبة وقت ارتكابه المعصية، لكان لا يتعاطى المعاصي، ولا يرتكبها، فعذره أن يقول: الذي حملني على الإغفال والاغترار كرمك أو حمقي، كما قال عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين تلا هذه الآية: " الحمق يا رب.
أو يكون قوله: (مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) أي: أي شيء غرك حتى ادعيت على الله تعالى أنه أمرك باتباع آبائك؟! أو تشهد عليه إذا ارتكبت الفحشاء أن اللَّه تعالى أمرك به؛ على ما قال: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا)، ألم أبعث إليك الرسول؟! ألم أنزل إليك الكتاب فتبين لك ما أمرت به عما نهيت عنه؟!.
وقيل: نزلت الآية في شأن كلدة؛ حيث ضرب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ فلم يعاقبه اللَّه - تعالى - فأسلم حمزة حمية لقومه؛ فَهَمَّ كلدة أن يضربه ثانية؛ فنزلت الآية: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) حيث لم يهلكك عند تناولك رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.
لكن لو كانت الآية فيه فكل الناس في معنى الخطاب على السواء، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) ففي ذكر هذا تعريف المنة؛ ليستأدي منه الشكر.
وفيه ذكر قوته وسلطانه حيث قدر على تسويته في تلك الظلمات الثلاث التي لا ينتهي إليها تدبير البشر، ولا يجري عليها سلطانهم؛ ليهابوه ويحذروا مخالفته.
وفيه ذكر حكمته وعلمه؛ ليعلموا أنهم لم يخلقوا عبثا ولا سدى؛ لأن الذي بلغت حكمته ما ذكر من إنشائه في تلك الظلمات الثلاث من وجوه لا يعرفها الخلق، لا يجوز أن يخرج خلقه عبثا باطلا؛ بل خلقهم ليأمرهم وينهاهم، ويرسل إليهم الرسل، وينزل عليهم الكتب؛ فيلزمهم اتباعها، ويعاقبهم إذا أعرضوا عنها، وتركوا اتباعها، وسنذكر وجه التسوية في قوله: (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى): أنه سواه على ما توجبه الحكمة.
أو سواه بما به مصالحه.
أو سواه من وجه الدلالة على معرفة الصانع.
أو سواه فيما خلق له من اليدين، والرجلين، والسمع، والبصر.
وقوله: (فَعَدَلَكَ) أي: سواك.
ووجه التسوية: أن جعل له يدين مستويتين، لم يجعل إحداهما أطول من الأخرى، وكذلك سوى بين رجليه.
وقرئ بالتخفيف والتشديد.
قال أبو عبيد: معنى قوله: (فَعَدَلَكَ) بالتخفيف، أي: أمالك، وليس في ذكره كثير حكمة، واختار التشديد فيه.
وليس كما ذكر، بل في ذكر هذا من الأعجوبة ما في ذكر الآخر؛ فقوله: (عدلك)، أي: صرفك من حال إلى حال، ووجه صرفه - واللَّه أعلم -: أنه كان في الأصل ماء مهينا في صلب الأب، فصرف ذلك الماء إلى رحم الأم، ثم أنشأه نطفة، ثم صرفها إلى العلقة، وإلى المضغة إلى أن أنشأه خلقا سويا.
أو صرفه على ما عليه من الحال من الصحة إلى السقم، ومن السقم إلى البرء؛ فيكون في ذكر هذا تعريف المنة والقدرة والحكمة، كما في الأول، ففيه أعظم الفوائد.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - -: (فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨):
منهم من جعل (مَا) هاهنا صلة زائدة، ومعناه: في أي صورة شاء ركبك.
ومنهم من جعل (مَا) هاهنا بمعنى الذي.
ثم قوله: (شَاءَ رَكَّبَكَ) يحتمل أن يكون هذا عبارة عما تقدم من الأوقات، وهو أنه قد شاء تركيبك على الصورة التي أنت عليها، لا على صورة البهائم وغيرها؛ فيكون في ذكره تذكير المنن والنعم؛ ليستأدي منه الشكر.
ووجه التذكير أنه أنشأه على صورة يرضاها، ولا يتمنى أن يكون بغير هذه الصورة من الجواهر، وأنشأه على صورة يعرف المحاسن والمساوئ، ويعرف الحكمة والسفه، ويميز بينهما، ويميز بين المضار والمنافع، وأنشأه على صورة سخر له السماوات والأرضين والأنعام، كما قال اللَّه تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ...) الآية، وقال - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ...) الآية، ولم يسخره لغيره؛ فثبت أن فيه تذكير النعم؛ ليشكروه، ويقوموا
بحمده.
وجائز أن يكون هذا على الاستئناف في أن يركبه على ما هو عليه، على أي صورة شاء من الصور التي يستقذرها؛ ويمسخه قردا أو خنزيرا؛ لمكان ما يتعاطى من المعاصي؛ فيكون في ذكره تذكير القدرة والقوة؛ ليراقب اللَّه - تعالى - ويهابه؛ فيترك معاصيه، ويتسارع إلى طاعته.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩) فإن حملت قوله: (كَلَّا) على التنبيه والردع فممكن أن يعطف على ما قبله وعلى ما بعده، وكذلك إذا حملته على القسم بمعنى: حقا؛ فإنه يستقيم عطفه على الأمرين جميعا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بِالدِّينِ) يحتمل أن يكون أريد به دين الإسلام.
والأصل: أن الدِّين إذا أطلق أريد به الدِّين الحق، وهو الإسلام، وكذلك الكتاب المطلق كتاب اللَّه تعالى.
ويجوز أن يكون أريد به: البعث والجزاء، وسمي: يوم الدِّين؛ لما ذكرنا أن الناس يدانون بأعمالهم.
والحكمة فيه - واللَّه أعلم -: أنهم قد أقروا بأن اللَّه - تعالى - أحكم الحاكمين، وتكذيبهم بيوم الدِّين يوجب أن يكون أسفه السفهاء، لا أن يكون أحكم الحاكمين؛ لأن الدنيا عواقبها الفناء والهلاك، فهم إذا كذبوا بالبعث فقد زعموا: أنهم ما أنشئوا إلا للهلاك والفناء، ومَن بنى بناء، ولم يقصد ببنائه سوى أن ينقضه ويهدمه، فهو سفيه، عابث في الفعل؛ فلم يحصلوا من تكذيبهم إلا على نفي الحكمة من الصانع، وتثبيت السفه لله تعالى، تعالى اللَّه عما يقول الظالمون علوا كبيرإ، وهو قوله: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا)، وهم لم يكونوا يدعون أنهما خلقتا باطلا، ولا كانوا يظنون ذلك، ولكن الإنكار الذي وجد منهم بالبعث والجزاء يقتضي خلقهما بالطلا؛ فعلى ذلك إنكارهم بالبعث يزيل عنه القول بأنه أحكم الحاكمين، ويثبت ما ذكرنا من السفه، سبحانه وتعالى عما يصفون.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) وهم لم يكونوا يقبلون الأخبار، ولا كانوا
الآية ١٠ : وقوله تعالى :﴿ وإن عليكم لحافظين ﴾ وهم لم يكونوا يقبلون الأخبار، ولا كانوا يؤمنون بها، ثم أخبرهم أن عليهم حفّاظا لأن الذي حملهم على الجهل تركهم الإنصاف من أنفسهم، وإلا لو أنصفوا من أنفسهم لكان إعطاؤهم النّصفة يوصلهم إلى تدارك الحق ومعرفة ما عليهم من الواجب.
ثم قد ذكرنا أن المرء إذا كان عليه حافظ أداه ذلك إلى المراقبة، فيرتدع عن تعاطي ما يؤخذ عليه، فنبهنا أن علينا حفّاظا لنحتشم عنهم، ولا نأتي من الأمور ما يسومهم، ووصفهم أنهم كرام لنصحبهم صحبة الكرام، ومن صحبة الكرام أن نحترمهم، ونتقي مخالفتهم، ولا نتعاطى ما يسومهم.
الآية ١١ : وذلك قوله تعالى :﴿ كراما كاتبين ﴾ وفي ذكر الكرام فائدة أخرى، وذلك أن قوله :﴿ كراما كاتبين ﴾ هم١ على الله تعالى، والكريم على الله تعالى هو المتقي. قال الله تعالى :﴿ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾ [ الحجرات : ١٣ ] فيكون فيه أمان لهم أنهم لا يزيدون، ولا ينقصون في الكتابة، وإنما يكتبون قدر عملهم ذكرنا من الفائدة في وصف جبرائيل/٦٣٠ – أ/عليه السلام، بالقوة والأمانة.
١ في الأصل وم: أي..
يؤمنون بها، ثم أخبرهم أن عليهم حفاظا؛ لأن الذي حملهم على الجهل تركهم الإنصاف من أنفسهم، وإلا لو أنصفوا من أنفسهم، لكان إعطاؤهم النصفة يوصلهم إلى تدارك الحق ومعرفة ما عليهم من الواجب.
ثم قد ذكرنا أن المرء إذا كان عليه حافظٌ، أداه ذلك إلى المراقبة؛ فيرتدع عن تعاطي ما يؤخذ عليه، فنبهنا أن علينا حفاظا؛ ليحتشم عنهم، ولا يأتي من الأمور ما يسوءهم، ووصف أنهم كرام؛ ليصحبهم صحبة الكرام، ومن صحبة الكرام أن يحترمهم، ويتقي مخالفتهم، ولا يتعاطى ما يسوءهم، وذلك قوله: (كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١).
وفي ذكر الكرام فائدة أخرى، وذلك أن قوله: (كِرَامًا كَاتِبِينَ)، أي: كرام على الله تعالى، والكريم على اللَّه - تعالى - هو المتقي؛ قال اللَّه - تعالى -: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)؛ فيكون فيه أمان لهم: أنهم لا يزيدون، ولا ينقصون في الكتابة، وإنما يكتبون على قدر أعمالهم، كما ذكرنا من الفائدة في وصف جبريل - عليه السلام - بالقوة والأمانة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (١٢) فهو يحتمل وجهين:
أحدهما: أنهم يعلمون ما نفعله قبل أن نفعل بما عرفهم اللَّه - تعالى - فيكون في تعريفه إياهم إلزام الحجة عليهم، ويكون الذي يكتبون امتحانا امتحنوا به؛ إذ قد فوض إلى بعضهم أمر كتابة الأعمال، وإلى البعض إرسال الأمطار، ونحو ذلك.
أو (يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) وقت فعلكم جهة الفعل من خير أو شر؛ فيكون لفعل الخير آثار بها يعرفون أن الفاعل قصد به جهة الخير، ويكون لفعل الشر آثار بها يعرفون ذلك أيضا.
ثم عُذْر المسلمين في ترك المراقبة أقل من عذر المكذبين بالدِّين؛ لأن المسلمين علموا أن عليهم حفاظا يحفظون عليهم أعمالهم، ويكتبونها عليهم، ثم هم مع ذلك يغفلون، ولا يصحبونهم صحبة الكرام، ويتركون التيقظ والتبصر، والكفرة ينكرون أن يكون عليهم حفاظ، ومن كان هذا حاله فالإغفال من مثله غير مستبعد.
قوله تعالى: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤) يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (١٥) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (١٦) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٨) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (١٩).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ): قد ذكرنا أن البر هو الذي ما طلب منه، والذي طلب منه ما ذكر في قوله: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ...) إلى قوله: (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)، وفي هذه الآية دلالة على ما ذكرنا أن البر إذا ذكر دون التقوى، اقتضى المعنى الذي يراد بالتقوى؛ لأنه أخبر أن البر هو الإيمان باللَّه - تعالى - واليوم الآخر، ثم ذكر أن الذي جمع بين هذه الأشياء، فهو المتقي.
ثم احتجت المعتزلة لقولهم بالتخليد في النار لمن ارتكب الكبيرة بقوله تعالى: (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) إلى قوله: (وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ)؛ لأن مرتكب الكبيرة فاجر، وقد وصف اللَّه - تعالى -: أن الفجار لفي جحيم، ولا يغيب عنها، وزعموا أنه ما لم يأت بالشرائط التي ذكر في قوله: (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)، فهو غير داخل في قوله: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ).
والأصل عندنا ما ذكرنا: أن كل وعيد مذكور مقابل الوعد فهو في أهل التكذيب؛ لما ذكر من التكذيب عند التفسير بقوله: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ)، إلى قوله: (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)، وقال: (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ) إلى قوله: (فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ) وإذا كان كذلك، لم يجب قطع القول بالتخليد في النار لمن ارتكب الكبيرة، بل وجب القول بالوقف فيهم.
ثم إن اللَّه - تعالى - جعل لأهل النار يوم البعث أعلاما ثلاثة، بها يعرفون، وتبين أنهم من أهل النار، لم يجعل شيئا من تلك الأعلام في أهل السعادة:
أحدها: اسوداد الوجوه بقوله: (وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ).
والثاني: بما يدفع إليهم كتابهم بشمالهم، ومن وراء ظهورهم، ويدفع إلى أهل الجنة كتبهم بأيمانهم.
والثالث: في أن تخف موازينهم، وتثقل موازين أهل الحق.
449
فهذه أعلام أهل الشقاء، وفيما ذكر اسوداد الوجوه قرن به التكذيب بقوله: (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ)، وفيما ذكر دفع الكتاب بالشمال ومن وراء الظهور، قال فيه: (فَاسْلُكُوهُ)، ، وقال: (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ) إلى قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ. بَلَى...) الآية، وقال - تعالى - عندما ذكر خفة الميزان: (أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ)، ولم يذكر عند ذكر شيء من هذه الأعلام غير المكذبين، فثبت أن الوعيد في المكذبين لا في غيرهم؛ لذلك لم يسع لنا أن نشرك أهل الكبائر مع أهل التكذيب في استيجاب العقاب، وقطع القول بالتخليد، بل وجب الوقف في حالهم والإرجاء في أمرهم.
والثاني: ذكر في مواضع الإيمان باللَّه - تعالى - أدنى مراتب أهل الإيمان، ووعد عليه الجنة، فقال: (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ)، وقال في موضع آخر: (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ)، وقال: (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ...) الآية، فذكر في هذه الآيات التي تلوناها أدنى منازل أهل الإيمان، وذكر في موضع آخر أعلى مراتب أهل الإيمان، ووعد عليها الجنة بقوله: (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ...) الآية، وقال: (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ...) الآية؛ فجائز أن يكون ذكر الجميع على المبالغة لا على جعله شرطا؛ فيجب القول باستيجاب الوعد بأدنى مراتبه، على ما ذكر في الآيات الأخر.
وجائز أن يكون الجميع فيما ذكر فيه الإيمان باللَّه ورسله مضمرا، ويكون ذكر طرفًا منه على الإيجاز؛ ألا ترى أنه ذكر الكفر في بعض المواضع، وأوعد عليه النار، وذكر في بعض المواضع الكفر مع أسباب أخر، وأوعد عليه النار بعد ذلك بقوله: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ...) الآية، وقال في موضع آخر: (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ...) الآية، ثم لم يصر جميع ما ذكر من السيئات مع الكفر شرطا، بل وجب القول بالتخليد لمن اقتصر على الكفر خاصة؛ فثبت أن ليس في ذكر المبالغة دلالة جعل المبالغة شرطا، بل جائز أن يستوجب الوعيد بدونه؛ فلذلك لم يقطع القول في أصحاب الكبائر بالتخليد في النار، ولا بأنهم مستوجبون للوعد، بل قيل فيهم بالإرجاء.
450
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٣:الآيتان ١٣ و١٤ : وقوله تعالى :﴿ إن الأبرار لفي نعيم ﴾ ﴿ وإن الفجار لفي جحيم ﴾ قد ذكر أن البر أعطى ما طلب منه ما ذكر في قوله :﴿ ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر ﴾ إلى قوله :﴿ وأولئك هم المتقون ﴾ [ البقرة : ١٧٧ ].
وفي هذه الآية دلالة على ما ذكرنا أن البر إذا ذكر دون التقوى اقتضى المعنى الذي يراد بالتقوى لأنه أخبر أن البر، هو الإيمان بالله واليوم الآخر، ثم ذكر أن الذي جمع بين هذه الأشياء، هو المتقي.
ثم احتج المعتزلة بقولهم بالتخليد في النار لمن ارتكب الكبيرة بقوله تعالى :﴿ وإن الفجار لفي جحيم ﴾ إلى قوله :﴿ وما هم عنها بغائبين ﴾ لأن من ارتكب الكبيرة فاجر، وقد قال١ الله تعالى :﴿ وإن الفجار لفي جحيم ﴾ [ ﴿ وما هم عنها بغائبين ﴾ ]٢ وزعموا أنه ما لم يأت بالشرائط [ التي ]٣ ذكر في قوله :﴿ ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر ﴾ فهو غير داخل في قوله :﴿ إن الأبرار لفي نعيم ﴾.
والأصل عندنا ما ذكرنا أن كل وعيد مذكور مقابل الوعد فهو في أهل التكذيب [ لما ذكر من التكذيب ]٤ عند التفسير بقوله :﴿ كلا إن كتاب الفجار لفي سجين ﴾ إلى قوله :﴿ ويل يومئذ للمكذبين ﴾ [ المطففين : ٧ إلى ١٠ ] وقال :﴿ تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ﴾ إلى قوله :﴿ فكنتم بها تكذبون ﴾ [ المؤمنون : ١٠٤ و ١٠٥ ] وإذا كان كذلك لم يجب قطع [ القول ]٥ بالتخليد لمن ارتكب الكبيرة، بل وجب القول بالوقف فيهم.
ثم إن الله تعالى جعل لأهل النار يوم البعث أعلاما ثلاثة، بها يعرفون، وتبين أنهم من أهل النار، لم يجعل شيئا من تلك الأعلام في أهل السعادة :
أحدها : اسوداد الوجوه [ بقوله :﴿ وتسود وجوه ﴾ [ آل عمران : ١٠٦ ] ]٦.
والثاني : بما يدفع إليهم كتابهم بشمالهم ومن وراء ظهورهم، ويدفع إلى أهل الجنة كتبهم بأيمانهم.
والثالث : في أن تخف موازينهم، وتثقل موازين أهل الحق.
فهذه أعلام أهل الشقاء ؛ وفي ما ذكر : اسوداد الوجوه قرن به التكذيب ؛ قال٧ :﴿ فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ﴾ [ آل عمران : ١٠٦ ].
وفي ما ذكر دفع الكتاب بالشمال ومن وراء الظهور ؛ قال فيه :﴿ فاسلكوه ﴾ ﴿ إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ﴾ [ الحاقة : ٣٢ و٣٣ ] وقال :﴿ وأما من أوتى كتابه وراء ظهره ﴾ إلى قوله عز وجل :﴿ إنه ظن أن لن يحور ﴾ ﴿ بلى إن ربه كان به بصيرا ﴾ [ إلى قوله :﴿ إلا الذين آمنوا ﴾ ]٨ [ الانشقاق : ١٠ إلى ٢٥ ].
وقال تعالى عنه ما ذكر [ في خفه ]٩ الميزان :﴿ ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ﴾ [ المؤمنون : ١٠٥ ].
ولم يذكر شيئا١٠ من هذه الأعلام [ في ]١١ غير المكذبين، فثبت أن الوعيد في المكذبين لا في غيرهم. لذلك لم يسع لنا أن نشرك أهل الكبائر مع أهل التكذيب في استيجاب العقاب وقطع القول بالتخليد. بل وجب الوقف في حالهم والإرجاء في أمرهم.
وقد١٢ ذكر في مواضع الإيمان بالله تعالى أدنى مراتب أهل الإيمان، ووعد عليه الجنة، فقال :﴿ والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون ﴾ [ الحديد : ١٩ ] وقال في موضع آخر :﴿ وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ﴾ [ الحديد : ٢١ ] وقال :﴿ والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد بينهم ﴾ الآية [ النساء : ١٥٢ ] فذكر في هذه الآيات التي تلوناها أدنى منازل أهل الإيمان، ووعد عليها الجنة بقوله :﴿ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق ﴾ الآية [ العصر : ٣ ] وقوله١٣ :﴿ ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر ﴾ الآية [ البقرة : ١٧٧ ].
فجائز أن يكون ذكر الجميع على المبالغة لا على جعله شرطا، فيجب القول باستيجاب الوعد بأدنى مراتبه على ما ذكر في الآيات الأخر.
وجائز أن يكون [ ذكر ]١٤ الجميع في ما ذكر فيه ﴿ ورسله ﴾ الإيمان بالله ورسله مضمرا١٥، أو يكون ذكر طرف منه على الإيجاز.
ألا ترى أنه ذكر الكفر في بعض المواضع، وأوعد عليه النار، وذكر بعض المواضع الكفر مع أسباب أخر، وأوعد عليه النار بعد ذلك بقوله :﴿ إن الذين يكفرونه بآيات الله ويقتلون النبئين بغير حق ﴾ الآية [ آل عمران : ٢١ ] وقوله١٦ في موضع آخر :﴿ قالوا لم نك من المصلين ﴾ ﴿ ولم نك نطعم المسكين ﴾ ؟ [ المدثر : ٤٣ و٤٤ ].
ثم لم يعد جميع ما ذكر من السيئات مع الكفر شرطا، بل أوجب القول بالتخليد لمن اقتصر على الكفر خاصة، فثبت أن ليس في ذكر المبالغة دلالة جعل المبالغة شرطا، بل جائز أن يستوجب الوعيد بدونه ؟، فلذلك لم يقطع القول في أصحاب الكبائر بالتخليد في النار ولا بأنهم مستوجبون للوعد، بل قيل فيهم بالإرجاء.
١ في الأصل وم: وصف..
٢ في الأصل وم: ولا يغيب عنها..
٣ في م: الذي، ساقطة من الأصل..
٤ من م، ساقطة من الأصل..
٥ ساقطة من الأصل وم..
٦ من م، ساقطة من الأصل..
٧ في الأصل وم: بقوله..
٨ في الأصل وم: ﴿إلا﴾..
٩ في م: خفة، في الأصل: حفظة..
١٠ في الأصل وم: شيء..
١١ ساقطة من الأصل وم..
١٢ في الأصل وم..
١٣ في ا؟لأصل وم: وقال..
١٤ ساقطة من الأصل وم..
١٥ في الأصل وم: مضمر..
١٦ في الأصل وم: قال..

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ (١٥) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (١٦) قَالَ بَعْضُهُمْ: تأويله منصرف إلى أهل أن نار وأهل الجنة؛ فأهل الجنة لا يغيبون عن الجنة، ولا أهل النار عن النار.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: أريد بها أهل النار خاصة: أنهم لا يغيبون عنها.
وأنكر بعض الناس الخلود لأهل النار في النار، ولأهل الجنة في الجنة، وقالوا: لو لم يكن لنعيم الجنة انقضاء، ولا لعذاب الآخرة انتهاء، لكان يرتفع عن اللَّه - تعالى - الوصف بأنه أول وآخر؛ لأنهما يبقيان أبدا؛ فلا يكون هو آخر، وقد قال: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ)؛ فلا بد من أن يكون لهما انتهاء حتى يستقيم الوصف بأنه آخر.
ولأنهما لو لم يوصفا بالانتهاء لكان علم اللَّه - تعالى - غير محيط بنهايتهما، فتكون النهاية مجاوزة لعلمه، واللَّه - سبحانه وتعالى - محيط بالأشياء وعالم بمبادئها ومناهيها؛ فلا بد من القول بفنائهما حتى يكون علمه محيطا بهما.
ولأنهم إنما استوجبوا الجزاء بأعمالهم، وأهل النار استوجبوا العقاب بسيئاتهم، فإذا كانت لسيئاتهم نهاية، ولخيرات أُولَئِكَ نهاية، فكذلك يجب أن يكون للجزاء نهاية أيضا.
والأصل عندنا: أن كل من اعتقد مذهبا فهو يعتقد التدين به أبدا ما بقي، لا يتركه.
ثم العقاب جعل جزاء للكفر، والثواب جعل جزاء للاتقاء عن المهالك بقوله: (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ)، وقال: (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)، فإذا ثبت أن كل واحد منهما جزاء للمذهب، وكان الاعتقاد للأبد؛ فكذلك جزاؤه يقع للأبد والدوام، لا للزوال والانقطاع.
والثاني: أن العلم بزوال النعيم مما ينغص النعمة على أربابها، ويمرر عليهم لذاتها، ويكدر عليهم ما صفا منها، فإذا كان كذلك لم يتم لهم النعيم، وأهل النار إذا تذكروا الخلاص من العذاب، تلذذوا بها، وهان عليهم العذاب؛ فوجب القول بالخلود؛ ليتم النعيم على أهله والعذاب على أهله.
والجواب عن قوله: إنه يرتفع عنه الوصف؛ لأنه أخبر: أن اللَّه - تعالى - استوجب الوصف بأنه أول وآخر بذاته لا بغيره، وغيره يصير أولاً وآخراً بغيره، ثم ما من شيء إلا وله أول وآخر، ثم لا يوجب ذلك إسقاط الأولية والآخرية عنه.
وقوله بأن [الله]- عَزَّ وَجَلَّ - لا يوصف بالإحاطة بالأشياء لو وجب القول بالخلود، فنقول بأن العلم بما لا نهاية له هو أن يعلمه غير متناهٍ، والعلم بالتناهي بما لا نهاية له
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٥:الآيتان ١٥ و١٦ : وقوله تعالى :﴿ يصلونها يوم الدين ﴾ ﴿ وما هم عنها بغائبين ﴾ قال بعضهم : تأويله منصرف إلى أهل النار وأهل الجنة ؛ فأهل الجنة لا يغيبون عن الجنة، ولا أهل النار [ يغيبون ]١ عن النار.
وقال بعضهم : أريد بها أهل النار خاصة أنهم لا يغيبون عنها.
وأنكر بعض الناس الخلود لأهل النار في النار ولأهل الجنة في الجنة، وقالوا : لو لم يكن لنعيم الجنة انقضاء ولا لعذاب الآخرة انتهاء لكان يرتفع عن الله تعالى الوصف بأنه أول وآخر لأنهما تبقيان أبدا، فلا يكون هو آخرا، وقد قال :﴿ هو الأول والآخر ﴾ [ الحديد : ٣ ] فلا بد من أن يكون لهما انتهاء حتى يستقيم الوصف بأنه آخر.
ولأنهما لو لم يوصفا بالانتهاء لكان علم الله تعالى غير محيط بنهايتهما، فتكون النهاية مجاوزة لعلمه، والله سبحانه وتعالى محيط وعالم مبادئهما ومنتهاهما، فلا بد من القول بفنائهما حتى يكون علمه محيطا بهما.
ولأنهم إنما استوجبوا الجزاء بأعمالهم، وأهل النار استوجبوا العقاب بسيئاتهم، فإذا كان لسيئاتهم نهاية، ولخيرات أولئك نهاية، فكذلك يجب أن يكون للجزاء نهاية أيضا.

والأصل عندنا [ بوجهين :

أحدهما :]٢ أن كل من اعتقد مذهبا فهو يعتقد التدين به أبدا ما بقي، لا يتركه. ثم العقاب جعل جزاء للكفر، والثواب جعل جزاء للاتقاء من المهالك بقوله :﴿ واتقوا النار التي أعدت للكافرين ﴾ [ آل عمران : ١٣١ ] وقوله٣ :﴿ وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ﴾ [ آل عمران : ١٣٣ ].
وإذا ثبت أن لكل واحد منهما جزاء لمذهبه٤، وكان الاعتقاد للأبد، فكذلك جزاؤه يقع للأبد والدوام لا للزوال والانقطاع.
والثاني : أن العلم بزوال النعم مما ينغص النعيم على أربابها، ويمرر عليهم لذاتها، ويكدّر عليهم ما صفا منها.
فإذا كان كذلك لم يتم لهم النعيم. وأهل النار إذا تذكروا الخلاص من العذاب تلذذوا بها، وهان عليهم العذاب، فوجب القول بالخلود ليتم النعيم على أهله والعذاب على أهله.
والجواب عن قولهم٥ : إنه يرتفع عنه الوصف بأنه أول وآخر [ أنه أول وآخر ]٦ بذاته لا بغيره، وغيره يصير أولا وآخرا بغيره/٦٣٠ – ب/ ثم ما من شيء إلا وله أول وآخر، ثم لا يوجب ذلك إسقاط الأولية والأخروية. [ والجواب عن قولهم ]٧ : بأن الله عز وجل لا يوصف بالإحاطة بالأشياء لو وجب القول بالخلود، فنقول بأن العلم بما لا نهاية له يوجب الجهل لا العلم.
والجواب عن الفصل الثالث ما ذكرنا أنه يعتقد المذهب للأبد، كذلك الجزاء يتأبد، ولا ينقطع.
١ ساقطة من الأصل وم..
٢ ساقطة من الأصل وم..
٣ في الأصل وم: قال..
٤ في الأصل وم: للمذهب..
٥ في الأصل وم: قوله..
٦ ساقطة من الأصل وم..
٧ في الأصل وم: قوله..

يوجب الجهل لا أن علم.
والجواب عن الفصل الثالث: ما ذكرنا أنه يعتقد المذهب للأبد، فكذلك الجزاء يتأبد، ولا ينقطع.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٨) قَالَ بَعْضُهُمْ: إنك لم تكن تدري، فدراك اللَّه تعالى.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هذا على التعظيم لذلك اليوم، والتهويل عنه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا... (١٩) وذلك اليوم يوم تُجرى فيه الشفاعات، فيشفع الأنبياء لكثير من الخلق فَيُشْفَع لهم، وإذا كان كذلك فقد ملكت نفس لنفس شيئا، ولكن تأويله يخرج على أوجه ثلاثة:
أحدها: أن الكفرة كانوا يتوادون فيما بينهم؛ ليتناصر بعضهم بعضا في النوائب، فقال: (لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا)؛ قال اللَّه - تعالى -: (إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ).
أو لا تملك نفس لنفس شيئا إلا بعد أن يؤذن لها؛ كما قال - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا)، وقد يُجرى التشفع في الدنيا لا بالاستئذان من أحد.
أو يكون معناه: أن كل نفس سيتبين لها في ذلك اليوم أنها لم تكن تملك شيئا إلا بالتمليك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ)، أي: لا ينازع فيه، وهو في كل وقت لله - تعالى - لكن الظلمة ينازعونه في هذه الدنيا.
أو (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ)، أي: يتبين لكل أحد في ذلك اليوم بأن الأمر لله - عَزَّ وَجَلَّ - في ذلك اليوم وقبل ذلك اليوم، واللَّه المستعان، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم.
* * *
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ١٧:الآيتان ١٧ و١٨ : وقوله تعالى :﴿ وما أدراك ما يوم الدين ﴾ ﴿ ثم ما أدراك ما يوم الدين ﴾ قال بعضهم : إنك لم تكن تدري، فأدراك الله تعالى. وقال بعضهم : هذا على التعظيم لذلك اليوم والتهويل عنه.
الآية ١٩ : وقوله تعالى :﴿ يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ﴾ وذلك اليوم يوم تجزى فيه الشفاعات، فيشفع الأنبياء لكثير من الخلق، فيشفع بهم. وإذا كان كذلك فقد ملكت نفس لنفس شيئا. ولكن تأويله يخرج على أوجه ثلاثة :
أحدها : أن الكفرة كانوا يتوادون في ما بينهم ليناصر بعضهم بعضا في النوائب، فقال :﴿ يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ﴾ قال الله تعالى :﴿ إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من نّاصرين ﴾ [ العنكبوت : ٢٥ ].
[ الثاني :]١ لا تملك نفس لنفس شيئا إلا بعد أن يؤذن لها كما قال عز وجل :﴿ لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمان وقال صوابا ﴾ [ النبإ : ٣٨ ] وقد يجري التشفع في الدنيا لا بالاستئذان من أحد.
[ والثالث : أن ]٢ يكون معناه : أن كل نفس سيتبين لها في ذلك اليوم أنها لم تملك شيئا إلا بالتمليك.
وقوله تعالى :﴿ والأمر يومئذ لله ﴾ أي لا يتنازع فيه، وهو في كل وقت لله تعالى. لكن الظلمة يتنازعون في هذه الدنيا، أو ﴿ والأمر يومئذ لله ﴾ أي يتبين لكل أحد في ذلك اليوم أن الأمر لله تعالى في ذلك اليوم وقبل ذلك اليوم، والله المستعان. [ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ]٣.
١ في الأصل وم: أو..
٢ في الأصل وم: أو..
٣ من م، ساقطة من الأصل..
Icon