ﰡ
قوله تعالى: ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ... (٥)﴾
الزمخشري: (بَلْ يُرِيدُ) عطف على (أَيَحْسَبُ) فهو إما مثله استفهام، وإما أن [يكون إيجابا*] على أن يضرب عن مستفهم عنه إلى آخر، أو يضرب عن مستفهم عنه إلى موجب، انتهى.
[قيل*]: المعنى بل أيريد أو بل يريد، ويتعقب بأنه جعلها عاطفة مع مماثلة ما بعدها لما قبلها في الاستفهام، وقد نصوا على أن بل من الحروف [المشتركة*] في [اللفظ*]. لا في المعنى، فإن قلت: هو استفهام في معنى النفي فيرجع إلى مسألة سيبويه والمبرد وهي: ما قام زيد بل عمرو، معناه عند سيبويه: بل قام عمرو، وعند المبرد: بل قام عمرو، قلت: ما معنى التشريك إلا أن الحكم المسند للأول أبطل عنه، وحكم به للثاني من نفي أو إثبات، وهذه الآية ليس المراد فيها إبطال الأول؛ مثل الجمع بين الاستفهام عن الأول والثاني في الاستفهام.
قوله تعالى: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤)﴾
أي شاهد عليها، وهو من باب التجريد، أو يراد بالإنسان العقل، يعني أن العقل يشهد على النفس، ويصح كون (بَصِيرَةٌ) مبتدأ، و (عَلَى نَفْسِهِ) خبر إلا أن (بَصِيرَةٌ) خبر الإنسان كما جعله الزمخشري، لكن يرد على ما قلناه أن يكون مدلول هذه الجملة كمدلول التي قبلها؛ لأن يعني كون على نفس الإنسان بصيرة رقيب، فلابد أن [يُنَبَّأَ*] بما عمل، وعلى قول الزمخشري يكون تأسيسا، وهو أولى.
قوله تعالى: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ... (١٦)﴾
فيه دليل على أن القول بأن النهي عن الشيء أمر [بضدِّه*]، وأن السكون أمر عدمي مما لَا يجتمعان، فإِنهم اختلفوا [هل*] السكون عدمي أو وجودي، وهل متعلق النهي الترك أو فعل الصلاة، فإن قلت: هلا قيل: لَا تحرك به شفتيك كما في أول البخاري، عن ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، فالجواب أن [اللسان*] أكثر [ترادفًا*] من الشفتين، قال تعالى (وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ).
قوله تعالى: (لِتَعْجَلَ بِهِ).
قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ... (١٨)﴾
أي قرأه جبريل.
قوله تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (٢٠)﴾
فإن قلت: ما ضد المحبة إلا الكراهة، وما ضد الترك إلا الفعل، فالجواب أنه من حذف التقابل أي تحبون العاجلة وتقبلون عليها، وتكرهون الآخرة وتذرونها.
قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ... (٢٢)﴾
فسر الزمخشري الوجه هنا بالذات، وهو من مجاز تسمية الكل باسم الجزء، ويدل على ذلك قوله (تَظُنُّ) لأن الظن من أعمال القلوب.
قوله تعالى: (يَوْمَئِذٍ).
أي يوم إذ تحضر الآخرة، أو يوم ينبأ الإنسان.
قوله تعالى: ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)﴾
إن قلت: يرد على قولهم: الوجود مصحح للرؤية أن الوجود، إن قلنا: إنه نفس الموجود لزم إيجاب الشيء لنفسه وتصحيحه [لنفسه*]، وهو باطل، وإن قلنا: إنه غيره فيرجع إلى القول بالحال، والحال لَا توجب بغيرها حكما بوجه، فالجواب من وجهين:
الأول: جدلي من باب المعارضة، وهو أنه يلزم مثله في الإمكان، فإنه إذا قام بشيء وجب له التسمية، فيمكن فيلزم إيجاب الشيء لنفسه؛ لأن الإمكان للجوهر صفة نفيسة.
الثاني: حقيقي، وهو أن الوجود دليل على صحة الرؤية لَا أنه موجب لصحتها، فإن قلت: لَا معنى لمعارضة هذا بالإمكان؛ لأنا كذلك نعارضه بالتخيير للجوهر فإنه صفة نفسية له، قلت: الإمكان علة في وجود الممكن؛ بخلاف التخيير فإِنه ليس علة فما كل الصفات يعلل بها.
قوله تعالى: ﴿وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (٢٨)﴾
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ... (٣٣)﴾
يحتمل أن يريد عموم المقاربة والزوجة فقط، كما هو المراد في قول في المسافر: يمر ببلد فيها أهله أنه يقيم الصلاة ولا [يقصرها يخصص*] ذلك بالأهل؛ إشارة إلى تكرره [منه*].
قوله تعالى: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤)﴾
كان الفقيه أبو زكريا يحيى بن نوح [**البقريني] يقول: إن ذلك باعتبار الأزمنة، أي أولى الهلاك في الدنيا؛ فأولى لك الهلاك في القبر في زمن البرزخ، ثم أولى الهلاك يوم القيامة في الحشر؛ فأولى لك الهلاك حين [دخول*] النار، والأولان قرينتان متعاقبتان فعطفا بالفاء، ولما كان بين نزول القبر ويوم القيامة زمنا طويلا [أتى*] بقوله: (ثم)، وقيل: هو لف ونشر؛ لأنه تقدمت أربعة أمور، اثنان فيها في قوله تعالى: (فَلا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى) وهما متباينان فلذلك كرر فيها (لَا)، والثالث قوله (وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) وهما كالشيء الواحد، فلذلك عطفه بالواو فقط، والرابع (ثُمَّ ذهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى) فقابلنا بأربع بكل واحدة منها هلاك علتها يخصها، وعلى قول ابن حبيب في أن تارك الصلاة كافر يكون تولى فلا صدق ولا صلى شيئا واحدا، أي فلا صدق بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
قوله تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ... (٣٦)﴾
[... ] على الظن ليفيد التوبيخ على العلم من باب [أحرى*]، ولم يذكر الشك؛ لأن الأغلب في النَّاس هو ذلك لَا الشك، والإنسان إما للعهد، وهو أبو جهل أو للجليس المطلق، فلا يحتاج إلى التخصيص، أو للعموم، فيكون مخصوصا.
قوله تعالى: (أَنْ يُتْرَكَ سُدًى).
أن [يهمل*] في الدنيا من التكاليف، وفي الآخرة من المجازاة، قلنا: وفي الآية دليل على أصل ذلك، وهو جواز الإعادة مع المعجزات الواردة من الرسل واعتبارهم بوقوعها، فينتج [وجوبا*]، ولا يصح أن يكون ذلك على وجوب الإعادة على مذهب الحكماء، والمعتزلة القائلين بالتحسين والتقبيح، وأن ترك الإنسان سدى قبيح، ووجه الدليل منها أن خلقه وتطويره على هذه الحالة ينتج اعتقاد جواز إعادته، وهذه الآية ليست من أول ما نزل بل [إنما نزلت بعد ظهور*] المعجزات [وإخبار*] بالرسل بوقوع الإعادة في الدار الآخرة، فينتج القطع بوجوبها شرعا، في مذهب أهل السنة لَا عقلا.
قول ابن عطية في هذه القطعة من الدم خطأ؛ إذ لَا خلاف أن الأمة إذا وضعت منه دما [أَنَّهُ وَلَدٌ]، فقال ابن القاسم: تكون أم ولد، ولم يرد أشهب، والمسألة في كتاب الاستبراء من المدونة، وعطف هنا بـ ثم للمهلة المعنوية بين النطفة والعلقة، وفي (قَدْ أَفْلَحَ) عطفه بالفاء [نظرا*] إلى الحالة؛ إذ لَا صلة في ذلك، وآدم وغيره [**أخل في ذلك هو إما عيني فيحتمل الدخول وإما لَا]؛ لأن قوله تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ) حمله جماعه إما حال من عيسى، فيكون مخلوقا من التراب، أو من آدم، ويكون عيسى مخلوقا من نطفة، وخلقه الله تعالى في رحم مريم، كما خلقها في ظهر الرجال، ونقلها إلى أرحام النساء.
قوله تعالى: ﴿فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ... (٣٩)﴾
رد على [الطبائعيين*] إذ لو كان بالطبيعة لكان الخلق صنعا واحدا.
قوله تعالى: ﴿الْمَوْتَى (٤٠)﴾
الألف واللام إما للجنس، فتدخل البهائم والحشرات، وإما للعهد فلا تدخل.
* * *