ﰡ
﴿ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ ﴾ إلى ثوابهِ وجنَّتهِ.
﴿ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾؛ ثوابَ الله، لأن تلك التجارةِ تؤدِّي إلى ربحٍ لا يزولُ ولا يَبيدُ بخلافِ التجارة في الأموالِ في أمُور الدُّنيا.
﴿ فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ﴾؛ أي في بساتينِ إقامةٍ، يقالُ: عَدَنَ بالمكانِ إذا أقامَ به. وقولهُ تعالى: ﴿ ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ ﴾؛ أي ذلك الذي ذكرتُ لكم هو التجارةُ العظيمة، والنعيمُ المقيم.
﴿ نَصْرٌ مِّن ٱللَّهِ ﴾؛ على أعدائِكم.
﴿ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ﴾؛ أي عاجلٌ يعني فتحَ مكَّة، وَقِيْلَ: فتحُ عامَّة البلادِ. وقَوْلُهُ تَعَـالَى: ﴿ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾؛ أي بشِّرهم بهاتَين النِّعمَتين: نعمةَ العاجلِ ونعمةَ الآجلِ، ومعناهُ: بشِّرِ المؤمنين يا مُحَمَّدُ بالنصرِ في الدُّنيا والجنَّة في الآخرةِ.
وقولهُ تعالى: ﴿ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ﴾؛ أي صدَّقت جماعةٌ منهم بعيسى.
﴿ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ ﴾؛ وذلك أنه لَمَّا رُفِعَ عيسى عليه السلام تفرَّقَ قومهُ ثلاثَ فرقٍ: فرقةٌ قالوا كان اللهَ فارتفعَ، وفرقةٌ قالوا كان ابنَ اللهِ فرفعَهُ اللهُ، وفرقةٌ قالوا: كان عبدَ اللهِ ورسولَهُ فرفعَهُ الله إليه وهم المؤمنون. فاتَّبعَ كلَّ فريق منهم طائفةٌ من الناسِ، فاقتَتَلوا فظهرَ الفرقتان الكافرتان على المؤمنين حتى بُعِثَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فظهرت الفرقةُ المؤمنة على الكافرةِ، فذلك قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَأَيَّدْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ ﴾؛ أي غالِبين، والمعنى: فاصبحت حُجَّةُ مَن آمنَ بعيسى ظاهرةً بتصديقِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أنَّ عيسى عبدُ اللهِ، وكلمتهُ وروحَهُ والتأييد. وعن الحسنِ قال: (سَأَلْتُ عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ وَأبَا هُرَيْرَةَ عَنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ﴾، فَقَالَ أبُو هُرَيْرَة:" سَأَلْتُ عَنْ ذلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " قَصْرٌ مِنْ لُؤلُؤَةٍ فِي الْجَنَّةِ، فِي ذلِكَ الْقَصْرِ سَبْعُونَ دَاراً مِنْ يَاقُوتٍ أحْمَرَ، فِي كُلِّ دَارٍ سَبْعُونَ بَيْتاً مِنْ زُمُرُّدٍ أخْضَر، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ سَرِيراً وَسَبْعُون فِرَاشاً، عَلَى كُلِّ فِرَاشٍ امْرَأةٌ مِنَ الْحُور الْعِين، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ مَائِدَةً، عَلَى كُلِّ مَائِدَةٍ سَبْعُونَ لَوْناً مِنْ طَعَامٍ، يُعْطِي اللهُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْقُوَّةِ مَا يَأْتِي عَلَى ذلِكَ كُلِّهِ " ".