تفسير سورة الشمس

تفسير القرآن الكريم
تفسير سورة سورة الشمس من كتاب تفسير القرآن الكريم .
لمؤلفه شحاته . المتوفي سنة 1423 هـ
تفسير سورة الشمس
( سورة الشمس مكية، وآياتها ١٥ آية، نزلت بعد سورة القدر )
وهي سورة قصيرة ذات قافية واحدة، وإيقاع موسيقي واحد، تتضمن عدة لمسات وجدانية تنبثق من مشاهد الكون وظواهره التي تبدأ بها السورة، والتي تظهر كأنها إطار للحقيقة الكبيرة التي تتضمنها السورة، حقيقة النفس الإنسانية واستعدادها الفطري، ودور الإنسان في شأن نفسه، وتبعته في مصيرها... هذه الحقيقة التي تربطها سياق السورة بحقائق الكون ومشاهده الثابتة.
( كذلك تتضمن قصة ثمود وتكذيبها بإنذار رسولها، وعقرها للناقة، ومصرعها بعد ذلك وزوالها، وهي نموذج من الخيبة التي تصيب من لا يزكى نفسه، فيدعها للفجور )i، ولا يلزمها تقواها، كما جاء في الفقرة الأولى من السورة : قد أفلح من زكّاها* وقد خاب من دسّاها. ( الشمس : ٩، ١٠ ).
مع آيات السورة
لله تعالى كتابان : كتاب مقروء وهو القرآن الكريم، وكتاب مفتوح وهذا هو الكون العظيم، ومشاهد الكون تأسر القلب، وتبهج النفس، وتوقظ الحس، وتنبّه المشاعر.
( ومن ثم يكثر القرآن من توجيه القلب إلى مشاهد الكون بشتى الأساليب في شتى المواضع، تارة بالتوجيهات المباشرة، وتارة باللمسات الجانبية، كهذا القسم بتلك الخلائق والمشاهد، ووضعها إطارا لما يليها من الحقائق )ii.
١- أقسم الله بالشمس، وبنورها الساطع في وقت الضحى، وهو الوقت الذي يظهر فيه ضوء النهار، ويتجلى نور الشمس، ويعم الدفء في الشتاء، والضياء في الصيف، قبل حر الظهيرة وقيظها.
٢- وأقسم الله بالقمر إذا جاء بعد الشمس، بنوره اللطيف الهادئ الذي يغمر الكون بالضياء والأنس والجمال.
٣- وأقسم بالنهار إذا أظهر الشمس وأتم وضوحها، وللنهار في حياة الإنسان آثار جليلة، ففيه السعي والحركة والنشاط.
٤- وأقسم الله بالليل إذا غشي الكون، فغطى ظلامه الكائنات، وحجب نور الشمس وأخفاه.
٥- وأقسم الله بالسماء ومن قدّر خلقها، وأحكم صنعها على النحو الذي نشاهده.
٦- وأقسم الله بالأرض، والذي بسطها ومهّدها للسكنى.
لقد جمع القسم بين ضياء الشمس ونور القمر، وضوء النهار وظلام الليل، وارتفاع السماء وبسط الأرض، ونلحظ في هذا القسم المقابلة بين النور والظلام، وبين السماء والأرض، مما يلفت النظر إلى بديع صنع الله، وجليل وحيه وإعجاز كتابه.
٧-١٠- ونفس وما سوّاها* فألهمها فجورها وتقواها* قد أفلح من زكّاها* وقد خاب من دسّاها.
خلق الله الإنسان مزودا باستعدادات متساوية للخير والشر والهدى والضلال، فهو قادر على توجيه نفسه إلى الخير وإلى الشر.
لقد خلق الله الإنسان بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، وزوده بالعقل والإرادة، والحرية والاختيار. وقد بين الله للإنسان طريق الهدى وطرق الضلال، وأودع في النفس البشرية أصول المعرفة، والتمييز بين الحق والباطل، فمن حمل نفسه على الاستقامة وصانها عن الشر فقد رزق الفلاح والسداد، ومن أهمل نفسه واتبع شهواته، وأرخى العنان لنزواته فقد خاب، لأنه هوى بنفسه من سمو الطاعة إلى حضيض المعصية.
١١-١٥- كذّبت ثمود بطغواها* إذ انبعث أشقاها* فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها* فكذّبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسوّاها* ولا يخاف عقباها.
ذكرت قصة ثمود في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، وقد ذكر هنا طغيانها وعتوّها على أمر الله، وقد أعطى الله نبيهم صالحا الناقة آية مبصرة، فكانت تشرب وحدها من الماء في يوم، وتحلب لهم لبنا يكفيهم جميعا في ذلك اليوم، ثم يشربون من الماء في اليوم التالي، وقد حذرهم رسول الله صالح من الإساءة إلى الناقة، ولكنهم خالفوا أمره، وذهب شقي منهم فعقر الناقة، ولما سكتوا عنه صاروا كأنهم قد اشتركوا معه، لأنهم أهملوا التناصح، ولم يأخذوا على يد الظالم : فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسوّاها. فأطبق عليهم العذاب، وسوّى الله القبيلة بالأرض، أي دمر مساكنها على ساكنيها.
ولا يخاف عقباها. أي أن الله أهلك القبيلة دون أن يخشى عاقبة ما فعل، لأنه عادل لا يخاف عاقبة ما يفعل، قويّ لا يخاف أن يناله مكروه من أحد، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
مقاصد السورة
١- القسم بالشمس والقمر، والنهار والليل، والسماء والأرض والنفس، على أن من طهّر نفسه بالأخلاق الفاضلة فقد أفلح وفاز، ومن سلك طريق الهوى والغواية فقد خاب وشقى.
٢- ذكر ثمود مثلا لمن دسى نفسه فاستحق عقاب الله.

جزاء إصلاح النفس وإهمالها
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ والشمس وضحاها ١ والقمر إذا تلاها ٢ والنهار إذا جلاّها ٣ والليل إذا يغشاها ٤ والسماء وما بناها ٥ والأرض وما طحاها ٦ ونفس وما سوّاها ٧ فألهمها فجورها وتقواها ٨ قد أفلح من زكّاها ٩ وقد خاب من دسّاها ١٠ ﴾
المفردات :
ضحاها : ضحى الشمس ضوءها.
التفسير :
١- والشمس وضحاها.
أقسم بالشمس التي تملأ الكون بالنور والضياء والدفء، وتمدّ الكون بأشعتها، وتساعد في نمو الإنسان والحيوان والنبات والمخلوقات، وأقسم بالضحى حيث تكون الشمس مشرقة دافئة في الشتاء، متوسطة الحرارة في الصيف، فهما قسمان :
الأول : قسم بالشمس.
الثاني : قسم بالضحى.
وقد شرعت صلاة الضحى كشكر لله على نعمه، في إمداد الكون بالنور والضوء ليعمل الناس ويبحثوا عن أسباب الرزق.
المفردات :
تلاها : جاء بعدها.
التفسير :
٢- والقمر إذا تلاها.
وأقسم بالقمر إذا جاء بعد الشمس، خصوصا عندما يكون بدرا كاملا، في الليالي البيض التي يشتد نور القمر فيها، حتى يصبح الليل نورا أبيض، وهي ليالي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من الشهر العربي، ومن السنة صيام الأيام البيض كشكر الله على هذه النعمة، نعمة اكتمال القمر، واتساع نوره، وقوة ضيائه، وجمال لونه، وقوة إضاءته، وعظيم مناجاته، كأنما القمر دليل لعشاق الكون وعشاق الطبيعة، حيث يتأملون في هذا الجمال الذي لا نهاية له، فسبحان الخلاّق العظيم.
قال تعالى : والليل وما وسق* والقمر إذا اتّسق. ( الانشقاق : ١٧، ١٨ ).
أي : وأقسم بالقمر إذا تكامل نوره وصار بدرا كاملا.
المفردات :
جلاها : أظهرها.
التفسير :
٣- والنهار إذا جلاّها.
وأقسم بالنهار إذا طلع، وملأ النور الكون، وجلّى الشمس وأظهرها كالعروس في السماء، حيث تظهر الشمس ما في هذا الكون من نبات وحيوان وإنسان، وبحر ونهر وظل، لتكون عونا للإنسان في التعرف على ما في الكون العظيم.
المفردات :
يغشاها : يغطيها ويحجب نورها.
التفسير :
٤- والليل إذا يغشاها.
وأقسم بالليل الذي يغطّي الكون، ويغشى ظلامه الكائنات فيسترها ويغطيها، ويغشاها فيمتد الظلم، ويهجد الناس، وتسكن الجوارح، وتنام العيون، ويكون الليل فرصة للهدوء والسكن، والنوم وراحة الأعصاب، ولو استمر النهار لتعب الناس وكلّت الجوارح، وصعب النوم المريح المستقر، ولو استمر الليل لتعطلت المصالح وملّ الناس من الظلام.
قال تعالى : ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون. ( القصص : ٧٣ ).
ومن رحمة الله أنه لم يجعل الليل دائما، ولم يجعل النهار دائما، بل جعل الليل ليسكن فيه الناس، وجعل النهار ليعمل الناس ويبحثوا عن أسباب الرزق، ولعل الناس أن تدرك فضل الله عليها في تعاقب الليل والنهار، والشمس والقمر، والظلام والنور، فيشكروا الله على تسخير هذا الكون بهذا الجمال وذلك الإبداع.
التفسير :
٥- والسماء وما بناها.
أي : وأقسم بالسماء وبالله الذي رفعها وأحكم بناءها، وجعلها سقفا محفوظا، مرتفعا ممتدا، ليس به خلل ولا اضطراب، بل به الإحكام وقوة البناء والتماسك، في نظام الشمس والقمر والكواكب والبروج، وحركة النجوم ومواقعها، بحيث لا يحدث اضطراب أو خلل، بل كل في فلك يسبحون، كل ذرة ومجرة، كل موجود قد أخذ طريقه، فالشمس والقمر والفضاء والهواء، والملائكة والنجوم والكواكب والمجرات والبروج، وكل كائن قد عرف طريقه، وأحكم الله خلقه، وقدّره تقديرا وأبدعه إبداعا، ما ترى في خلق الرحمان من تفاوت... ( الملك : ٣ ).
المفردات :
طحاها : وطّأها وجعلها فراشا.
التفسير :
٦- والأرض وما طحاها.
وأقسم بالأرض والله الذي طحاها، أي بسطها وذلّلها، ويسّر فيها أرزاقها، سواء كان ذلك بالزراعة أو التجارة أو الصناعة أو السياحة، وغير ذلك مما فيه استغلال ظاهر الأرض، أو باستخراج المياه الجوفية، والبترول والكنوز والحديد، وسائر ما يستفاد به من باطن الأرض، فالله يقسم بالأرض، وبالله الذي خلقها وذللها، وقدّر فيها أقواتها وأرزاقها، فتبارك الله أحسن الخالقين.
التفسير :
٧- ونفس وما سوّاها.
وأقسم بالنفس البشرية، وهي نفس آدم عليه السلام، وبالله تعالى الذي خلقه وسواه، أو أقسم بكل نفس مخلوقة، وبالله الخالق الذي أبدع النفس البشرية على غير مثال سابق، فزوّد الإنسان بالعقل والإرادة والاختيار، والقدرة على اختيار طريق الخير أو طريق الشر.
كما قال سبحانه : وهديناه النجدين. ( البلد : ١٠ ).
وقال عز شأنه : إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا. ( الإنسان : ٣ ).
التفسير :
٨- فألهمها فجورها وتقواها.
فأودع فيها أسباب الفجور وأسباب التقوى، بأن خلق الإنسان مزوّدا بالقوة والطاقة، والقدرة على اختيار الفجور، أو اختيار التقوى ومراقبة الله، وطاعة أمره واجتناب نواهيه.
المفردات :
دساها : التدسية : النقص والإخفاء.
التفسير :
٩، ١٠- قد أفلح من زكّاها* وقد خاب من دسّاها.
هناك رأيان في تفسير هذه الآية :
الرأي الأول : إنها جواب القسم، أي : أقسم بالشمس والقمر، والنهار والليل، والسماء والأرض والنفس، لقد أفلح من زكّى نفسه وطهّرها، وسما بها إلى الخير، وحبسها عن الشر، فأطاع الله والتزم بالصيام والصلاة وسائر الطاعات، وابتعد عن الخمر والربا والزنا وسائر المحرمات، ولقد خاب من غمس نفسه في الشهوات والملذات وسائر المعاصي، فهبط بنفسه إلى الحضيض.
ومعنى : دسّاها. نقصها وغمسها وأخفاها بالفجور، لقد أذل نفسه بالفجور، وسترها بالمعاصي، فعجزت عن التّطلع إلى الملأ الأعلى، وارتكست في أنواع الشهوة والشرور، أي أن بيد الإنسان أن يسمو بنفسه إلى الخير، وأن يهبط بها في مستنقع الرذيلة، والله تعالى يقسم بمخلوقاته وبمن خلقها وهو الله عز وجل، على أن الفلاح لمن زكّى نفسه وطهرها، وأن الخيبة لمن دسّى نفسه، وحجبها عن الطهر والنور والتعلق بجلال الله العلي الكبير.
الرأي الثاني : هذه الآية ليست جواب القسم، وإنما ذكرت استطرادا للقسم بالنفس وبمن سوّاها، وجواب القسم محذوف، دل عليه ما بعده وهو : كذّبت ثمود بطغواها. إلى آخر السورة.
وتقدير الجواب : لتبعثنّ، أو لتكافؤنّ على الإحسان إحسانا، وعلى السوء سوءا، أو ليدمدمنّ الله على الظالمين في الدنيا، وليعاقبنّهم يوم القيامة، كما فعل بثمود حين عقرت الناقة وعتت عن أمر ربها.
قال المفسرون :
وفي القسم بهذه الكائنات حثّ للإنسان على التأمل في هذا الكون، والتطلع إلى بديع صنع الله في خلق الشمس والقمر، والليل والنهار، والسماء والأرض والنفس.
قصة ثمود
﴿ كذّبت ثمود بطغواها ١١ إذ انبعث أشقاها ١٢ فقال لم رسول الله ناقة الله وسقياها ١٣ فكذّبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسوّاها ١٤ ولا يخاف عقباها ١٥ ﴾
المفردات :
ثمود : قوم من العرب البائدة، بعث الله إليهم نبيه صالحا عليه السلام.
بطغواها : بطغيانها.
التفسير :
تمهيد :
ثمود هم قوم نبيّ الله صالح عليه السلام، من العرب البائدة، أعطاهم الله الناقة آية مبصرة، تشرب في يوم وحدها، فترويهم جميعا باللبن، ويشربون هم ماء النهير في يوم آخر، وقد حذّرهم نبي الله صالح من العدوان على الناقة، أو على الماء الذي خصّص لها في يوم معين، وحذّرهم أن العذاب سينزل بهم إذا خالفوا أمر الله.
التفسير :
١١- كذّبت ثمود بطغواها.
هذا ملخص لقصة ثمود، ذكرها القرآن بمناسبة أن الله ألهم كل نفس فجورها وتقواها، وأن ثمود قد اختارت الفجور فأهلكها الله، وفي هذا تحذير لأهل مكة ولكل باغ إلى يوم الدّين.
ومعنى الآية :
كذّبت ثمود نبيها، وعصت ربها بسبب طغيانها وعتوّها، وأنهم تجاوزوا الحد في الطغيان والكفر، فطغيانهم حملهم على تكذيب رسولهم، وتفضيل الكفر على الإيمان، والضال على الهداية، وقد يسّر الله لهم أسباب الهداية على لسان نبيهم، وأكّد ذلك بمعجزة الناقة، حيث تحلب لبنا سائغا للشاربين، يكفي قبيلة ثمود من أولها إلى آخرها، لكنهم بدل أن يشكروا هذه النعمة، حملهم الطغيان على الكفر وقتل الناقة.
تمهيد :
ثمود هم قوم نبيّ الله صالح عليه السلام، من العرب البائدة، أعطاهم الله الناقة آية مبصرة، تشرب في يوم وحدها، فترويهم جميعا باللبن، ويشربون هم ماء النهير في يوم آخر، وقد حذّرهم نبي الله صالح من العدوان على الناقة، أو على الماء الذي خصّص لها في يوم معين، وحذّرهم أن العذاب سينزل بهم إذا خالفوا أمر الله.
المفردات :
انبعث : قام بعقر الناقة.
أشقاها : أشقى رجل في قوم ثمود، وهو قدار بن سالف.
التفسير :
١٢- إذ انبعث أشقاها.
سار رجل من ثمود، عزيز فيهم منيع، متفرق في منزلته الاجتماعية، وفي قدرته على الشر والإثم، فحرّضوه على الشر.
قال تعالى : فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر. القمر : ٢٩ ).
تمهيد :
ثمود هم قوم نبيّ الله صالح عليه السلام، من العرب البائدة، أعطاهم الله الناقة آية مبصرة، تشرب في يوم وحدها، فترويهم جميعا باللبن، ويشربون هم ماء النهير في يوم آخر، وقد حذّرهم نبي الله صالح من العدوان على الناقة، أو على الماء الذي خصّص لها في يوم معين، وحذّرهم أن العذاب سينزل بهم إذا خالفوا أمر الله.
المفردات :
سقياها : شرابها الذي اختصها به في يومها.
التفسير :
١٣- فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها.
أي : قال لهم رسول الله صالح : هذه ناقة الله، أي معجزة من الله لكم، فحافظوا عليها وعلى نصيبها من الماء، فلها يوم تشرب فيه وحدها ماء النهير، ولكم يوم ثان تشربون فيه ماء النهير وحدكم، واليوم الذي تشرب فيه الناقة تعطيكم جميعا لبنا يكفيكم من أوّلكم إلى آخركم، ونصحهم النبي صالح بالمحافظة على الناقة، وعلى حقها في شرب ماء النهير في يوم، ونصحهم بألا يتعرضوا للناقة بأيّ أذى حتى لا يصيبهم العذاب الأليم.
قال تعالى : ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسّوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب. ( هود : ٦٤ ).
وقال عز شأنه : قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم* ولا تمسّوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم. ( الشعراء : ١٥٥، ١٥٦ ).
تمهيد :
ثمود هم قوم نبيّ الله صالح عليه السلام، من العرب البائدة، أعطاهم الله الناقة آية مبصرة، تشرب في يوم وحدها، فترويهم جميعا باللبن، ويشربون هم ماء النهير في يوم آخر، وقد حذّرهم نبي الله صالح من العدوان على الناقة، أو على الماء الذي خصّص لها في يوم معين، وحذّرهم أن العذاب سينزل بهم إذا خالفوا أمر الله.
المفردات :
فعقروها : فذبحوها، والعاقر واحد ونسب إليهم جميعهم لرضاهم به.
دمدم عليهم : أطبق عليهم بالعذاب.
سواها : فسوى القبيلة في العقوبة، فلم يفلت منها أحد.
التفسير :
١٤- فكذّبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسوّاها.
لقد كذّبوا نبيهم، وعقروا الناقة بدون أن يحسّوا بأي ندم أو تأنيب ضمير، فعاقبهم الله وسوّى عليهم الأرض، وكلمة دمدم كلمة معبرة حيث سوّى الله بهم الأرض، ورفع عليهم الهدم والتراب، حين صاح بهم الملك صيحة أهلكتهم، فماتوا تحت التراب والهدم، وسوّيت بهم الأرض.
تمهيد :
ثمود هم قوم نبيّ الله صالح عليه السلام، من العرب البائدة، أعطاهم الله الناقة آية مبصرة، تشرب في يوم وحدها، فترويهم جميعا باللبن، ويشربون هم ماء النهير في يوم آخر، وقد حذّرهم نبي الله صالح من العدوان على الناقة، أو على الماء الذي خصّص لها في يوم معين، وحذّرهم أن العذاب سينزل بهم إذا خالفوا أمر الله.
المفردات :
عقباها : عاقبة الدمدمة وتبعتها.
التفسير :
١٥- ولا يخاف عقباها.
إنه إله قادر عادل، قوي متين، فعّال لما يريد، فحين يعاقب ظالما ويسوّي به الأرض، ويجعله هالكا تحت التراب، فإن الله تعالى لا يخاف عاقبة ذلك.
أولا : لأنه عادل غير ظالم، وما ربك بظلاّم للعبيد. ( فصلت : ٤٦ ).
ثانيا : لأنه قوي غالب لا يغلبه غالب، وهو عزيز ذو انتقام.
قال تعالى : إن بطش ربك لشديد. ( البروج : ١٢ ).
i في ظلال القرآن للأستاذ سيد قطب ٣٠/١٧٠.
ii في ظلال القرآن ٣٠/١٧٠.
Icon