بسم الله الرحمن الرحيم
سورة التكاثر( ١ ).مكية( ٢ ).
٢ بالإجماع في البحر ٨/٥٠٧، وبلا خلاف في المحرر ١٦/٣٥٨، واستدل السيوطي بما رواه البخاري عن أبي بن كعب قال: كنا نرى هذا الحديث – من القرآن – يعني: "لو كان لابن آدم واد من ذهب... الحديث حتى نزلت: ألهاكم التكاثر. واستدل بغير أيضا على أنها مدنية، انظر: الفتح ١١/٢٥٣. والإتقان ١/١٤..
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة التكاثرمكية
قوله تعالى: ﴿أَلْهَاكُمُ التكاثر * حتى زُرْتُمُ المقابر﴾ إلى آخرها.
أي: ألهاكم أيها الناس المباهاة بكثرة المال والعدد (عن طاعة الله حتى).
تعاددتم وتفاخرتم بأهل المقابر.
روي أن بني عبد مناف وسهماً تكاثروا (بالأحياء، فكثر بنو عبد مناف سهماً، ثم تكاثروا) بالأموات، (فكثرتهم سهم)، فأنزل الله جل ذكره: ﴿أَلْهَاكُمُ التكاثر * حتى زُرْتُمُ المقابر﴾ [أي]: حتى تعاددتم وتكاثرتم بالموتى.
فالمعنى اشتغلتم بالدنيا والتكاثر من الأموالم فيها حتى متم ولم تقدموا لأنفسكم عملاً صالحاً.
وروى مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه أنه انتهى إلى النبي ﷺ وهو يقول: ﴿أَلْهَاكُمُ التكاثر * حتى زُرْتُمُ المقابر﴾: ابن آدم: ليس لك من مالك إلاَّ ما أكلت فأفنيْت، أو لبِست فأبليت، أو تصدقت فأمضيتَ.
وقال أبي بن كعب: كنا نرى أن هذا الحديث من القرآن " [لو أن] لابن آدم [واديين] من مال لتمنى ثالثاً، ولا يملأ جوفَ ابن آدم إلاّ التُّراب، ويتوب الله على
ثم قال تعالى: ﴿كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾.
هذا وعيد وتهدد من الله لهم، وفيه دليل على صحة القول بعذاب القبر، لأنه الله أخبر عن هؤلاء القوم أنهم سيعلمون ما يحل بهم إذا زاروا المقابر، أي: إذا ماتوا.
قال علي ابن أبي طالب عليه السلام: كنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت هذه السورة.
وقوله: " كلا ": أجاز قوم الوقف عليها على معنى: ما هكذا ينبغي أن يلهيكم التكاثر عن الآخرة! والوقف عند أبي حاتم على " المقابر " ويبتدأ " بكلا " على المعنى: " حقاً "، أو بمعنى: " ألا ". والوقف عند محمد بن عيسى على " كلا "، والمعنى عنده: لا ينفعكم التكاثر، ثم يبتدأ: ﴿سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ أي: سوف تعلمون عاقبة اشتغالكم ولهوكُم في الدنيا عن طاعة الله.
هذا تكرير فيه تأكيد التهدد والوعيد [والتخويف]، وهو قول الفراء.
والقول في " كلا " - في هذا - كالقول الأول.
وقال الضحاك: ﴿ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ للكفار، ﴿ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ للمؤمنين، [يعني] العصاة من المؤمنين.
ثم قال/ تعالى: ﴿كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ.
..﴾.
القول في " كلا " كالقول في الأول والاختلاف كالاختلاف. والمعنى: لو تعلمون أيها الناس علماً يقيناً أن الله باعثكم يوم القيامة ما ألهاكم التكاثر عن طاعة ربكم.
وجواب " لو " محذوف، والتقدير: لو تعلمون أنكم مبعوثون يوم القيامة [فمحاسبون]، لمات [تكاثرتم] في الدنيا بالأموال وغيرها.
قال الكسائي: جواب " لو " في أول (هذه) السورة: لو تعلمون علم اليقين أنكم مبعوثون لما ألهاكم التكاثر.
أي: لترون أيها المشركون نار جهنم يوم القيامة، واللام لام قَسَمٍ.
﴿ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليقين﴾.
أي: عياناً لا تغيبون عنها. قال ابن عباس: " يعني أهل الشرك ".
ثم قال تعالى ذكره: ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم﴾.
أي: ثم ليسألنكم الله عن النعيم الذي كنتم فيه في الدنيا ماذا عملتم فيه؟ من أين وصلتم إليه؟ وفيمَ أفنيتموه؟.
قال ابن مسعود ومجاهد والشعبي وسفيان: النعيم هو " الأمن " والصحة ".
[وقال] الحسن: النعيم: " السمع والبصر وصحة البدن ".
وقيل: هو العافية.
وقال [ابن جبير]: هو ما تلذذ به الإنسان من طعام وشراب.
وروي عنه أنه " [أتي] بشربة عسل فشربها وقال: هذا النعيم الذي تسألون عنه.
وقال جابر بن عبد الله: " أتانا النبي ﷺ وأبو بكر وعمر رضي الله عنهم، فأطعمناهم رُطَباً وسقيناهم ماءً، فقال رسول الله ﷺ: هذا من [النعيم] الذي تسألون عنه ".
وروى ثابت البناني أن النبي ﷺ قال: " النعيم المسؤول عنه يوم القيامة: (كسرة) تقوته، وماء يرويه، وثوب يواريه ".
وقال (أبو) أمامة " النعيم المسؤول عنه يوم القيامة خبز البُرِّ، والماء العذب ".
وقال مجاهد " هو كلّ شيء الْتَذَّ به الإنسان من لذة الدنيا.
وقال قتادة: إن الله جل ذكره (سائل) كل عبد عمّا استودعه من نعمته وحقه. فظاهر الآية العموم في كل ما تنعم به الإنسان.