بسم الله الرحمن الرحيم
سورة قريش( ١ ). مكية( ٢ ).٢ في قول الأكثرين في تفسير الماوردي: ٤/٥٢٣ وقول الجمهور في البحر: ٨/٥١٣. وذكر الماوردي عن الضحاك أنها مدينة، وهو قول ابن السائب في البحر..
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة قريشمكية
قوله تعالى: ﴿لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ * إِيلاَفِهِمْ﴾ إلى آخرها.
قال الأخفش: اللام متعلقة بمعنى سورة ألم تر يا محمد كيف فعل ربك بأصحاب الفيل لتألف قريش.
وقيل: التقدير: فعلنا بأصحاب الفيل هذا [منا] على أهل البيت وإحساناً إليهم إلى نعمتنا عليهم في رحلتهم الشتاء والصيف، (فتكون اللام في ﴿لإِيلاَفِ﴾ بمعنى " إلى ".
وقيل: التقدير: اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف)، وتركهم عبادة رب هذا البيت. وهذا مذهب الفراء.
وعن ابن عباس أنه قال في تفسير ﴿لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ﴾ معناه: نعمتي على قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف. قال: كانوا يشتون بمكة ويصيفون بالطائف.
وقوله: ﴿إِيلاَفِهِمْ﴾، [بدل] من الأول.
وقرأ يزيد بن القعقاع/ " إلفهم " جعله مصدر " ألفه إلفاً ". وكذلك ذكرت أسماء بنت يزيد أنها سمعت رسول الله ﷺ يقرأ.
وعن أبي أنه قرأ: [" إلافهم "]، وهما مصدران للثلاثي على فِعْل وفِعال،
وأجاز الفراء " إيلافَهم " بالنصب على المصدر.
وروي عن أبي بكر عن عاصم أنه قرأ " لإئلفِ " بهمزتين مكسورة وساكنة، " إئْلفم " كذلك [أيضاً]، أتى بهما على الأصل، وهو بعيد لا يجوز عند كثير من النحويين، وهي لغة شاذة، وهما مصدران لاَلَفَ يُؤلِفُ.
وقد قرأ [ابن عامر] " لإلف "، جعله مصدر ألِفَ إلافاً، مثل: كتب كتاباً، وصام صياماً.
وقوله: ﴿رِحْلَةَ الشتآء والصيف﴾ منصوب " بإيلاف ".
وأجاز الفراء الخفض في ﴿رِحْلَةَ﴾ على البدل من ﴿إِيلاَفِهِمْ﴾.
[وتقديره]: إيلافِهم إيلافَ رحلةِ.
وقال ابن عباس ﴿لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ﴾، أي: " نعمتي على قريش ". وقيل: معناه أن الله عجب نبيه من ذلك، فالمعنى: اعجَب - يا محمد - لنعم الله على قريش في إيلافهم رحلة الشتاء والصيف، ثم يتشاغلون بذلك عن الإيمان بالله واتباعك.
ودل على هذا المعنى قوله: ﴿فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت﴾.
قال ابن زيد: معناه: صنعت بأصحاب الفيل ما صنعت لإلفة قريش، أي: لئلا أفرقها، وهذا (هو) قول الأخفش المتقدم. وقال ابن عباس: ﴿إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشتآء والصيف﴾، أي: " لزومهم ". وعنه أيضاً (أنه قال): [نهاهم] الله عن الرحلة وأمرهم أن يعبدوا رب هذا البيْت وكفاهم المؤنة، وكانت رحلتهم في
فكان ذلك من نعمة الله عليهم.
قال عكرمة: كانت قريش قد ألفوا بصرى واليمن، يختلفون إلى هذا في الشتاء، وإلى هذه في الصيف، قال: فقوله: ﴿فَلْيَعْبُدُواْ﴾ رب هذا البيت، أمرهم أن يقيموا [بمكة].
قال الضحاك: كانوا ألفوا الارتحال في الغيظ والشتاء: إلى الشام في الغيظ، وإلى اليمن في الشتا. وهذا قول ابن زيد أيضاً.
وقال ابن عباس: " كانوا يشتون بمكة، [ويصيفون] بالطائف ".
قيل: معناه: فليقيموا بمواضعهم ووَطَنهم، فليعبدوا رب هذا البيت وهو الكعبة.
وقيل: معناه أنهم أمرو أن يألفوا عبادة رب مكة كإلفهم الرحتلين، وهو قول عكرمة.
وقوله: ﴿الذي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ﴾ يعني قريش.
قال ابن عباس: أطعم قريشاً بدعوة إبراهيم عليه السلام (حيث قال): ﴿وارزقهم مِّنَ الثمرات﴾ [ابراهيم: ٣٧].
وقوله: ﴿وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ أي: وآمنهم مما يخاف غيرهم من العرب من [الغارات] والحروب والقتال، فلا يخافون ذلك في الحرم.
وقال ابن عباس: آمنهم من خوف بدعوة إبراهيم عليه السلام حيث قال: ﴿رَبِّ اجعل هذا بَلَداً آمِناً﴾ [البقرة: ١٢٦].
قال قتادة: كان أهل مكة تجاراً يعتادون ذلك شتاء وصيفاً آمنين من العرب، وكانت العرب يغير بعضهم على بعض لا يقدرون على التجارة ولا يستطيعونها من الخوف حتى إن كان الرجل من أهل الحرم ليُصاب في حي من أحياء العرب، فإذا قيل حَزمي خُلّيَ عنه وعن ماله تعظيماً لذلك.
قال: وكانوا يقولون: نحن من [حرم] الله، فلا يعرض لهم أحد في حرم الله جل وعز وكان غيرهم من قبائل العرب إذا خرج إغير عليه، وهو معنى قول ابن زيد.
وقال الضحاك ومجاهد: ﴿وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ أي: من الجذام.
وقاله ابن عباس، ولذلك [لا ترى] بمكة ذا جُذَام البتّة.