تفسير سورة الأحزاب

أحكام القرآن
تفسير سورة سورة الأحزاب من كتاب أحكام القرآن .
لمؤلفه البيهقي . المتوفي سنة 458 هـ

وَفِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (إجَازَةً) : عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ الرَّبِيعِ، عَنْ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ «١» :«زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ:
(مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ: مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ: ٣٣- ٤) -: مَا جَعَلَ «٢»
لِرَجُلٍ: مِنْ أَبَوَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَاسْتَدَلَّ «٣» بِسِيَاقِ الْآيَةِ: قَوْله تَعَالَى: (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ: أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ: ٣٣- ٥) «٤».».
قَالَ الشَّيْخُ: قَدْ رَوَيْنَا هَذَا «٥» عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ وَرُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ «٦».
(١) كَمَا فى الْأُم (ج ٦ ص ٢٦٥) : فى أَوَاخِر مناقشة قيمَة يرد فِيهَا على من خَالفه:
فى إِثْبَات دَعْوَى الْوَلَد بِشَهَادَة الْقَافة. وَمن الْوَاجِب: أَن تراجعها كلّها (ص ٢٦٣- ٢٦٦) وَانْظُر الْمُخْتَصر (ج ٥ ص ٢٦٥) وراجع فى ذَلِك وَبَعض مَا يتَّصل بِهِ، السّنَن الْكُبْرَى (ج ١٠ ص ٢٦٢- ٢٦٧)، ومعالم السّنَن (ج ٣ ص ٢٧٥- ٢٧٦)، وَالْفَتْح (ج ٦ ص ٣٦٩- ٣٧٠ وَج ١٢ ص ٢٥- ٢٦ و٤٤- ٤٥). وفى شرح عُمْدَة الْأَحْكَام (ج ٤ ص ٧٢- ٧٣)، كَلَام جيد: فى تَحْقِيق مَذْهَب الشَّافِعِي.
(٢) فى الْأُم زِيَادَة: «الله». [.....]
(٣) أَي: هَذَا الْبَعْض.
(٤) انْظُر مَا سيأتى فى بحث الْوَلَاء.
(٥) فى كتاب آخر غير السّنَن الْكُبْرَى: كالمعرفة، والمبسوط.
(٦) بِمَعْنَاهُ: كَمَا فى تَفْسِير الطَّبَرِيّ (ج ٢١ ص ٧٥)، وَتَفْسِير الْقُرْطُبِيّ (ج ٤ ص ١١٧).
وَرَوَاهُ الْقُرْطُبِيّ عَن مقَاتل أَيْضا. وَقد ضعفه الطَّبَرِيّ وَكَذَلِكَ النّحاس كَمَا فى تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ.
وَانْظُر تَفْسِير الْفَخر (ج ٦ ص ٥١٧). وراجع فِيهِ وفى غَيره، آراء الْأَئِمَّة الْأُخْرَى فى ذَلِك، وَانْظُر طَبَقَات الشَّافِعِيَّة (ج ١ ص ٢٥١).
«مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِي النِّكَاحِ، وَالصَّدَاقِ» «وَغَيْرِ ذَلِكَ»
(أَنْبَأَنِي) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ (إجَازَةً)، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَكَانَ مِمَّا خَصَّ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، قَوْلُهُ: (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ: ٣٣- ٦).»
«وَقَالَ تَعَالَى: (وَما كانَ لَكُمْ: أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً «١» : ٣٣- ٥٣) فَحَرَّمَ نِكَاحَ نِسَائِهِ- مِنْ بَعْدِهِ- عَلَى الْعَالَمِينَ وَلَيْسَ هَكَذَا نِسَاءُ أَحَدٍ غَيْرِهِ.».
«وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (يَا نِساءَ النَّبِيِّ: لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ: ٣٣- ٣٢) فَأَبَانَهُنَّ «٢» بِهِ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ.»
«وَقَوْلُهُ «٣» :(وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) مِثْلُ مَا وَصَفْتُ: مِنْ اتِّسَاعِ لِسَانِ الْعَرَبِ، وَأَنَّ الْكَلِمَةَ الْوَاحِدَةَ تَجْمَعُ مَعَانِيَ مُخْتَلِفَةً. وَمِمَّا «٤» وَصَفْتُ:
(١) انْظُر سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٦٩).
(٢) كَذَا بالمختصر (ج ٣ ص ٢٥٥)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٧٣). وفى الأَصْل: «فأباهن» وفى الْأُم (ج ٥ ص ١٢٥) :«فأثابهن». وَكِلَاهُمَا خطأ وتحريف.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الأَصْل: «وَمن قَوْله» وَالزِّيَادَة من النَّاسِخ.
(٤) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالأُم وَهُوَ مَعْطُوف على «مثل»، أَي: وَنَوع من ذَلِك. وَلَو عبر بِمَا لَكَانَ أظهر.
167
مِنْ [أَنَّ «١» ] اللَّهَ أَحْكَمَ كَثِيرًا-: مِنْ فَرَائِضِهِ.- بِوَحْيِهِ وَسَنَّ شَرَائِعَ وَاخْتِلَافَهَا، عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَفِي فِعْلِهِ.»
«فَقَوْلُهُ: (أُمَّهَاتُهُمْ) يَعْنِي «٢» : فِي مَعْنًى دُونَ مَعْنًى وَذَلِكَ: أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُمْ نِكَاحُهُنَّ بِحَالٍ، وَلَا يَحْرُمُ «٣» عَلَيْهِمْ نِكَاحُ بَنَاتٍ: لَوْ كُنَّ لَهُنَّ «٤» كَمَا يَحْرُمُ «٥» عَلَيْهِمْ نِكَاحُ بَنَاتِ أُمَّهَاتِهِمْ: اللَّاتِي وَلَدْنَهُمْ، [أَ «٦» ] وأَرْضَعْنَهُمْ.».
وَذَكَرَ «٧» الْحُجَّةَ فِي هَذَا «٨» ثُمَّ قَالَ: «وَقَدْ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ فِي النَّازِلَةِ:
يَنْزِلُ عَلَى مَا يَفْهَمُهُ مِنْ أُنْزِلَتْ فِيهِ كَالْعَامَّةِ فِي الظَّاهِرِ: وَهِيَ يُرَادُ بِهَا الْخَاصُّ وَالْمَعْنَى دُونَ مَا سِوَاهُ.
«وَالْعَرَبُ تَقُولُ- لِلْمَرْأَةِ: تَرُبُّ أَمْرَهُمْ «٩»
.-: أُمُّنَا وَأُمُّ الْعِيَالِ «١٠»
(١) زِيَادَة متعينة، عَن الْأُم.
(٢) هَذَا غير مَوْجُود فى الْمُخْتَصر.
(٣) قَالَ فى الْمُخْتَصر: «وَلم تحرم بَنَات لَو كن لَهُنَّ: لِأَن النَّبِي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) زوج بَنَاته وَهن أَخَوَات الْمُؤمنِينَ.».
(٤) فى الأَصْل: «لَهُم» وَهُوَ خطأ وتحريف. والتصحيح من الْمُخْتَصر، وَالأُم (ج ٥ ص ١٢٦)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٧٠).
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ وَالسّنَن الْكُبْرَى وفى الأَصْل: «تحرم» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٦) زِيَادَة إِثْبَاتهَا أولى من حذفهَا، عَن الْأُم وَالسّنَن الْكُبْرَى.
(٧) فى الأَصْل: «وَذَلِكَ» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٨) انْظُر الام (ج ٥ ص ١٢٦)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٧٠- ٧١).
(٩) انْظُر الام (ج ٥ ص ١٢٦)، وَالسّنَن الْكُبْرَى (ج ٧ ص ٧٠- ٧١).
(١٠) أَي: تسوسه وتدبره. [.....]
168
وَتَقُولُ كَذَلِكَ «١» لِلرَّجُلِ: [يَتَوَلَّى «٢» ] أَنْ يَقُوتَهُمْ «٣».-: أُمُّ الْعِيَالِ بِمَعْنَى «٤» : أَنَّهُ وَضَعَ نَفْسَهُ مَوْضِعَ الْأُمِّ الَّتِي تَرُبُّ [أَمْرَ «٥» ] الْعِيَالِ. قَالَ:
تَأَبَّطَ شَرًّا «٦» - وَهُوَ يَذْكُرُ غَزَاةً غَزَاهَا: وَرَجُلٌ «٧» مِنْ أَصْحَابِهِ وَلِيَ قُوتَهُمْ.-: وَأُمُّ «٨» عِيَالٍ قَدْ شَهِدْت تَقُوتُهُمْ.-:». وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْبَيْتِ، وَبَيْتَيْنِ «٩» أَخَوَيْنِ مَعَهُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) :«قُلْتُ «١٠» : الرَّجُلُ يُسَمَّى أُمًّا وَقَدْ تَقُولُ الْعَرَبُ لِلنَّاقَةِ، وَالْبَقَرَةِ، وَالشَّاةِ، وَالْأَرْضِ-: هَذِهِ أُمُّ عِيَالِنَا عَلَى مَعْنَى:
(١) فى الأَصْل وَالأُم (ج ٥ ص ١٢٦) :«ذَلِك» وَلَعَلَّ الظَّاهِر مَا أثبتنا.
(٢) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «تقوتهم» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٤) كَذَا بِالْأُمِّ، وَهُوَ الظَّاهِر. وفى الأَصْل: «يعْنى».
(٥) الزِّيَادَة عَن الْأُم.
(٦) كَذَا بِالْأَصْلِ والام، ذكر فى الصِّحَاح والمحكم وَاللِّسَان (مَادَّة: حتر) أَنه الشنفري، وَذكر ابْن بَرى: أَن الرجل الْمشَار إِلَيْهِ هُوَ تأبط شرا.
(٧) هَذِه الْجُمْلَة حَالية، وَإِلَّا: تعين النصب.
(٨) كَذَا بِالْأُمِّ والصحاح وَاللِّسَان، وفى الأَصْل: «فَأم». وَهُوَ بِالنّصب على الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة، والناصب: شهِدت. وروى بالخفض على وَاو رب.
(٩) فى الأَصْل: «وَذكر فى الْبَيْت وبنتين»، وَهُوَ تَحْرِيف ظَاهر. وَبَقِيَّة الشّعْر- على مَا فى الام مَعَ تَغْيِير طفيف عَن اللِّسَان والصحاح-: إِذا أطعمتهم أحترت وأقلت تخَاف علينا العيل إِن هى أكثرت وَنحن جِيَاع أَي أول تألت وَمَا إِن بهَا ضن بِمَا فى وعائها وَلكنهَا، من خشيَة الْجُوع، أبقت
(١٠) كَذَا بِالْأُمِّ، وفى الأَصْل: «وقلب»، وَفِيه تَحْرِيف وَزِيَادَة لَا دَاعِي لَهَا.
169
فَصَاعِدًا.-: «إنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَوِيَّ السَّالِمَ الْبَدَنِ كُلِّهِ: إذَا لَمْ يَجِدْ «١» مَرْكَبًا وَسِلَاحًا وَنَفَقَةً وَيَدَعُ لِمَنْ يَلْزَمُهُ «٢» نَفَقَتُهُ «٣»، قُوتَهُ: إلَى «٤» قَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهُ يَلْبَثُ فِي غَزْوِهِ «٥». وَهُوَ «٦» : مِمَّنْ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ. قَالَ «٧» اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
(وَلا عَلَى الَّذِينَ-: إِذا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ، قُلْتَ: لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ.-: تَوَلَّوْا: وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ، حَزَناً: أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ: ٩- ٩٢) «٨».».
(أَنَا) أَبُو سَعِيدٍ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ «٩»
(١) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «تَجِد» وَهُوَ تَصْحِيف.
(٢) فى الْأُم: «تلْزمهُ».
(٣) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «نَفَقَة» وَهُوَ تَحْرِيف.
(٤) كَذَا بِالْأَصْلِ وَهُوَ الظَّاهِر. أَي: إِلَى نِهَايَة الزَّمن الَّذِي قدر أَن يمكته فى غَزوه.
وَعبارَة الْأُم: «إِذن» وهى إِمَّا محرفة، أَو زَائِدَة. فَتَأمل.
(٥) كَذَا بِالْأُمِّ. وفى الأَصْل: «غَزْوَة» وَهُوَ تَصْحِيف.
(٦) عبارَة الْأُم: «وَإِن وجد بعض هَذَا، دون بعض: فَهُوَ» إِلَخ. وهى أَكثر فَائِدَة
(٧) كَذَا بِالْأَصْلِ وَهُوَ ظَاهر. وَعبارَة الْأُم: «قَالَ الشَّافِعِي: نزلت: (وَلَا على الَّذين) » إِلَخ وَلَعَلَّ بهَا سقطا.
(٨) رَاجع مَا قَالَه بعد ذَلِك: فَهُوَ مُفِيد.
(٩) كَمَا فى الْأُم (ج ٤ ص ٨٩). وَقد ذكره فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٩ ص ٣١ ٣٣ و٣٦) مُتَفَرقًا: ضمن مَا يلائمه وَيُؤَيِّدهُ: من الْأَحَادِيث والْآثَار الَّتِي يحسن الرُّجُوع إِلَيْهَا: لكبير فائدتها.
«مَا يُؤْثَرُ عَنْهُ فِي الْخُلْعِ، وَالطَّلَاقِ، وَالرَّجْعَةِ»
قَرَأْتُ فِي كِتَابِ أَبِي الْحَسَنِ الْعَاصِمِيِّ:
« (أَخْبَرَنَا) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ الشَّافِعِيُّ- قَرَأْتُ عَلَيْهِ بِمِصْرَ- قَالَ: سَمِعْت يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا، يَقُولُ: قَرَأَ عَلَيَّ يُونُسُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ-: فِي الرَّجُلِ: يَحْلِفُ بِطَلَاقِ الْمَرْأَةِ، قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا «١».- قَالَ: «لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) ذَكَر الطَّلَاقَ بَعْدَ النِّكَاحِ.» وَقَرَأَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ، ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ: ٣٣- ٤٩ «٢» ).».
(١) رَاجع شَيْئا من تَفْصِيل ذَلِك، فى كتاب: (اخْتِلَاف أَبى حنيفَة وَابْن أَبى ليلى) الملحق بِالْأُمِّ (ج ٧ ص ١٤٧ و١٤٩). وَمن الْغَرِيب المؤسف: أَن يطبع هَذَا الْكتاب بِالْقَاهِرَةِ: خَالِيا من تعقيبات الشَّافِعِي النفيسة وَلَا يشار إِلَى أَنه قد طبع مَعَ الْأُم. وَمثل هَذَا قد حدث فى كتاب: (سير الأوزاعى).
(٢) قَالَ الشَّافِعِي (كَمَا فى الْمُخْتَصر: ج ٤ ص ٥٦) :«وَلَو قَالَ: كل امْرَأَة أَتَزَوَّجهَا طَالِق، أَو امْرَأَة بِعَينهَا أَو لعبد: إِن مَلكتك فَأَنت حر.- فَتزَوج، أَو ملك-: لم يلْزمه شىء لِأَن الْكَلَام- الَّذِي لَهُ الحكم- كَانَ: وَهُوَ غير مَالك فَبَطل.». وَقَالَ الْمُزنِيّ:
«وَلَو قَالَ لامْرَأَة لَا يملكهَا: أَنْت طَالِق السَّاعَة لم تطلق. فهى- بعد مُدَّة-: أبعد فَإِذا لم يعْمل القوى: فالضعيف أولى أَن لَا يعْمل.» ثمَّ قَالَ (ص ٥٧) :«وَأَجْمعُوا:
أَنه لَا سَبِيل إِلَى طَلَاق من لم يملك للسّنة الْمجمع عَلَيْهَا. فهى- من أَن تطلق ببدعة، أَو على صفة-: أبعد.»
اهـ.
هَذَا وَقد ذكر الشَّافِعِي فى بحث من يَقع عَلَيْهِ الطَّلَاق من النِّسَاء (كَمَا فى الْأُم: ج ٥ ص ٢٣٢) : أَنه لَا يعلم مُخَالفا فى أَن أَحْكَام الله تَعَالَى- فى الطَّلَاق وَالظِّهَار وَالْإِيلَاء- لَا تقع إِلَّا على زَوْجَة: ثَابِتَة النِّكَاح، يحل للزَّوْج جِمَاعهَا. وَمرَاده: إِمْكَان ثُبُوت نِكَاحهَا، وَصِحَّة العقد عَلَيْهَا. ليَكُون كَلَامه مُتَّفقا مَعَ اعترافه بِخِلَاف أَبى حنيفَة وَابْن أَبى ليلى فى أصل الْمَسْأَلَة، فتامل.
الْعَبْدُ مِنْ «١» اللَّهِ: إذَا كَانَ سَاجِدًا أَلَمْ تَرَ إلَى قَوْلِهِ: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ: ٩٦- ١٩) ؟». يَعْنِي: افْعَلْ وَاقْرُبْ «٢». قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَيُشْبِهُ مَا قَالَ مُجَاهِدٌ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) مَا قَالَ «٣» ».
فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنْهُ- فِي قَوْله تَعَالَى: (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً: ١٧- ١٠٧).-: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَاحْتَمَلَ السُّجُودَ: أَنْ يَخِرَّ: وَذَقَنُهُ- إذَا خَرَّ- تَلِيَ الْأَرْضَ ثُمَّ يَكُونُ سُجُودُ [هـ] عَلَى غَيْرِ الذَّقَنِ».
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: «فَرَضَ اللَّهُ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً: ٣٣- ٥٦). فَلَمْ يَكُنْ فَرْضُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ، أَوْلَى مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ وَوَجَدْنَا الدَّلَالَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ
(١) كَذَا بِالْأُمِّ (ج ١ ص ١٠٠) ومسند الشَّافِعِي (ص ١٤) أَو بِهَامِش الْأُم (ج ٦ ص ٦٢) وترتيب مُسْند الشَّافِعِي (ج ١ ص ٩٣) وبالأصل: إِلَى».
(٢) كَذَا بِالْأُمِّ وفى الْمسند اقْتصر على كَلَام مُجَاهِد، وَلم يذكر تَفْسِير الشَّافِعِي للاية الْكَرِيمَة، الَّذِي أَرَادَ بِهِ أَن يبين: أَن الْقرب من الله لَازم للسُّجُود لَهُ. وَعبارَة الأَصْل وترتيب الْمسند: «ألم تَرَ إِلَى قَوْله: افْعَل واقترب يعْنى: اسجد واقترب.». وَلَعَلَّ الصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ: إِذْ يبعد أَن يكون مُجَاهِد قد تحاشى التَّلَفُّظ بِنَصّ الْآيَة الْكَرِيمَة لعذر مَا وَلَو سلمنَا ذَلِك لما كَانَ هُنَاكَ معنى لِأَن يتحاشاه من رووا كَلَامه.
(٣) يعْنى: مَا قَالَه النَّبِي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : مِمَّا أثْبته الشَّافِعِي- فى الْأُم- قبل أثر مُجَاهِد، وَلم يذكرهُ الْبَيْهَقِيّ هُنَا-: من قَوْله فى حَدِيث ابْن عَبَّاس: «وَأما السُّجُود فاجتهدوا فِيهِ من الدُّعَاء فقمن: أَن يُسْتَجَاب لكم.». وَقد أخرج الْبَيْهَقِيّ هَذَا الحَدِيث فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٢ ص ١١٠).
71
(صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، [بِمَا وَصَفْتُ: مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «١» ] فَرْضٌ فِي الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ». فَذَكَرَ حَدِيثَيْنِ: ذَكَرْنَاهُمَا فِي كِتَابِ (الْمَعْرِفَةِ).
(وَأَنَا) أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، أَنَا أَبُو سَعِيدِ ابْن الْأَعْرَابِيِّ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، نَا مُحَمَّدُ «٢» بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ قَالَ: «أَنَا مَالِكٌ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ-: أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ- وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ هُوَ: الَّذِي [كَانَ] «٣» أُرِيَ «٤» النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ.-
أَخْبَرَهُ «٥»، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ: أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نصلّى عَلَيْك بانبىّ اللَّهِ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟. فَسَكَتَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ. فَقَالَ «٦» رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :
قُولُوا: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتُ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتُ عَلَى إبْرَاهِيمَ «٧»، فِي الْعَالَمِينَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.».
(١) زِيَادَة لَا بُد مِنْهَا. عَن الْأُم (ج ١ ص ١٠٢).
(٢) فى السّنَن الْكُبْرَى للبيهقى (ج ٢ ص ١٤٦) :«عبد الله بن نَافِع»، وَلَا ذكر للشافعى فى الْإِسْنَاد. فَمَا هُنَا طَرِيق آخر للزعفرانى عَن الشَّافِعِي:
(٣) زِيَادَة عَن السّنَن الْكُبْرَى.
(٤) أَي: أرَاهُ الله الْأَذَان- فى الْمَنَام- قبيل تشريعه، كَمَا هُوَ مَشْهُور.
(٥) هَذَا القَوْل كَانَ فى الأَصْل مُتَقَدما على قَوْله «وَعبد الله»، وَالتَّعْدِيل عَن السّنَن الْكُبْرَى.
(٦) عبارَة السّنَن الْكُبْرَى: «ثمَّ قَالَ» وهى أحسن.
(٧) فى الأَصْل: «على آل ابراهيم»، والتصحيح عَن السّنَن الْكُبْرَى، ثمَّ إِن فرق الْبَيْهَقِيّ فِيهَا- بَين هَذِه الرِّوَايَة وَرِوَايَة مُسلم الَّتِي أَثْبَتَت لفظ الْآل، يُؤَيّد هَذَا التَّصْحِيح.
72
وَرَوَاهُ الْمُزَنِيّ وَحَرْمَلَةُ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَزَادَ فِيهِ: «وَالسَّلَامُ كَمَا [قَدْ] عَلِمْتُمْ «١» ». وَفِي هَذَا: إشَارَةٌ إلَى السَّلَامِ الَّذِي فِي التَّشَهُّدِ، عَلَى النَّبِيِّ «٢» (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَذَلِكَ: فِي الصَّلَاةِ. فَيُشْبِهُ «٣» : أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ الَّتِي أَمَرَ بِهَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) - أَيْضًا- فِي الصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) - فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ-: «وَاَلَّذِي أَذْهَبُ إلَيْهِ- مِنْ هَذَا-: حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنْ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). وَإِنَّمَا ذَهَبْتُ إلَيْهِ: لِأَنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) ذَكَرَ ابْتِدَاءَ صَلَاتِهِ عَلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِهَا فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً: ٣٣- ٥٦) وَذَكَرَ صَفْوَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ، فَأَعْلَمَ: أَنَّهُمْ أَنْبِيَاؤُهُ ثُمَّ ذَكَرَ صَفْوَتَهُ مِنْ آلِهِمْ «٤» فَذَكَرَ: أَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ أَنْبِيَائِهِ فَقَالَ: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ: ٣- ٣٣). وَكَانَ حَدِيثُ أَبِي مَسْعُود-:
أَنَّ ذِكْرَ الصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ.- يُشْبِهُ عِنْدَنَا لِمَعْنَى الْكِتَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ» «قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنِّي لَأُحِبُّ: أَنْ يَدْخُلَ- مَعَ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) -
(١) الزِّيَادَة عَن السّنَن الْكُبْرَى وَالْمَجْمُوع للنووى (ج ٣ ص ٤٦٤).
(٢) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٢ ص ١٤٧).
(٣) فى الأَصْل: «فَيسنّ»
، وَهُوَ خطأ: كَمَا يدل عَلَيْهِ كَلَام الشَّافِعِي السَّابِق، وَكَلَامه الَّذِي ذكره بعد ذَلِك، وَلم يَنْقُلهُ الْبَيْهَقِيّ هُنَا. انْظُر الْأُم (ج ١ ص ١٠٢)، [.....]
(٤) فى الأَصْل: «ثمَّ ذكر صفوته قُلُوبهم»، وَهُوَ خطأ وَاضح.
73
أَزْوَاجُهُ وَذُرِّيَّتُهُ حَتَّى يَكُونَ قَدْ أَتَى مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «١»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ (رَحِمَهُ اللَّهُ) : وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «٢» ) فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ: آلُ مُحَمَّدٍ: أَهْلُ دِينِ مُحَمَّدٍ «٣». وَمَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ، أَشْبَهَ أَنْ يَقُولَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنُوحٍ: (احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ: ١١- ٤٠) وَحَكَى [فَقَالَ] «٤» (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ، وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ قالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) الْآيَةُ «٥». [فَأَخْرَجَهُ بِالشِّرْكِ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ نُوحٍ] «٦»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ «٧» : وَاَلَّذِي نَذْهَبُ إلَيْهِ فِي مَعْنَى [هَذِهِ «٨» ] الْآيَةِ: أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) :(إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ) يَعْنِي الَّذِينَ «٩» أَمَرْنَا [ك] «١٠» بِحَمْلِهِمْ مَعَكَ. (فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ) : وَمَا دَلَّ عَلَى مَا وَصَفْتُ؟. (قِيلَ) : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ: ١١- ٤٠) فَأَعْلَمَهُ «١١» أَنَّهُ أَمَرَهُ: بِأَنْ يَحْمِلَ مِنْ أَهْلِهِ، مَنْ لَمْ يَسْبِقْ عَلَيْهِ الْقَوْلُ: أَنَّهُ «١٢» أَهْلُ مَعْصِيَةٍ
(١) انْظُر فى ذَلِك السّنَن الْكُبْرَى (ج ٢ ص ١٥٠).
(٢) انْظُر السّنَن الْكُبْرَى (ج ٢ ص ١٥١- ١٥٢) وَالْمَجْمُوع (ج ٣ ص ٤٦٦).
(٣) انْظُر فى الْمَجْمُوع (ج ٣ ص ٤٦٦) مَا احْتج بِهِ أَصْحَاب هَذَا الْمَذْهَب، غير مَا ذكر هُنَا.
(٤) زِيَادَة للايضاح، وَعبارَة السّنَن الْكُبْرَى (ج ٢ ص ١٥٢) وَالْمَجْمُوع (ج ٣ ص ٤٦٦) :«وَقَالَ إِن ابْني»، وَلَا ذكر فيهمَا لقَوْله: «وَحكى».
(٥) تَمامهَا: (فَلا تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) ١١- ٤٥- ٤٦).
(٦) الزِّيَادَة عَن السّنَن الْكُبْرَى وَالْمَجْمُوع.
(٧) أَي جَوَابا عَن ذَلِك، انْظُر السّنَن الْكُبْرَى وَالْمَجْمُوع.
(٨) زِيَادَة عَن السّنَن الْكُبْرَى
(٩) كَذَا بالسنن الْكُبْرَى وفى الأَصْل وَالْمَجْمُوع (ج ٣ ص ٤٦٧) :«الَّذِي».
(١٠) زِيَادَة عَن الْمَجْمُوع.
(١١) كَذَا بِالْأَصْلِ وَالْمَجْمُوع وفى السّنَن الْكُبْرَى «فأعلمهم» وَهُوَ تَحْرِيف.
(١٢) بِالْأَصْلِ وَالسّنَن الْكُبْرَى: «من» وَهُوَ خطأ ظَاهر، وَيدل على ذَلِك أَن عبارَة الْمَجْمُوع- وهى منقولة عَن السّنَن الْكُبْرَى- هَكَذَا: «أَنه أمره أَن لَا يحمل من أَهله من سبق عَلَيْهِ القَوْل من أهل مَعْصِيَته».
74
ثُمَّ بَيَّنَ لَهُ فَقَالَ: (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ.).»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَالَ قَائِلٌ: آلُ مُحَمَّدٍ: أَزْوَاجُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ «١» (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). فَكَأَنَّهُ ذَهَبَ: إلَى أَنَّ الرَّجُلَ يُقَالُ لَهُ: أَلَكَ أَهْلٌ؟ «٢» فَيَقُولُ:
لَا وَإِنَّمَا يَعْنِي: لَيْسَتْ لِي زَوْجَةٌ.»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ «٣» : وَهَذَا مَعْنًى يَحْتَمِلُهُ اللِّسَانُ وَلَكِنَّهُ مَعْنَى كَلَامٍ لَا يُعْرَفُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ سَبَبُ «٤» كَلَامٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَذَلِكَ: أَنْ يُقَالَ لِلرَّجُلِ: تَزَوَّجْتَ؟ فَيَقُولُ: مَا تَأَهَّلْتُ «٥» فَيُعْرَفُ- بِأَوَّلِ الْكَلَامِ- أَنَّهُ أَرَادَ: تَزَوَّجْتَ أَوْ يَقُولُ الرَّجُلُ: أَجْنَبْتُ مِنْ أَهْلِي فَيُعْرَفُ: أَنَّ الْجَنَابَةَ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ الزَّوْجَةِ. فَأَمَّا أَنْ يَبْدَأَ الرَّجُلُ- فَيَقُولُ: أَهْلِي بِبَلَدِ كَذَا، أَوْ أَنَا أَزُورُ أَهْلِي، وَأَنَا عَزِيزُ الْأَهْلِ، وَأَنَا كَرِيمُ الْأَهْلِ.-: فَإِنَّمَا يَذْهَبُ النَّاسُ فِي هَذَا: إلَى أَهْلِ الْبَيْتِ.»
«وَذَهَبَ ذَاهِبُونَ: إلَى أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : قَرَابَةُ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا «٦» دُونَ غَيْرِهَا: مِنْ قَرَابَتِهِ «٧»
«قَالَ الشَّافِعِيُّ «٨» (رَحِمَهُ اللَّهُ) : وَإِذَا عُدَّ [مِنْ «٩» ] آلِ الرَّجُلِ: وَلَدُهُ
(١) انْظُر مَا يدل لذَلِك فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٢ ص ١٥٠). [.....]
(٢) فى الأَصْل: «أَلَك أهلك».
(٣) أَي: جَوَابا عَن ذَلِك.
(٤) كَذَا بِالْأَصْلِ، وَلَعَلَّ الْأَصَح: «سَابق»، وعَلى كل فَالْمُرَاد:
أَن يكون لَهُ قرينَة تدل عَلَيْهِ.
(٥) فى الأَصْل: «أَن يَقُول الرجل: تزوجت، فَيُقَال: مَا تأهلت» وَلَعَلَّ الصَّوَاب مَا أَثْبَتْنَاهُ.
(٦) انْظُر الْمَجْمُوع (ج ٣ ص ٤٦٦)، وَمَا يدل لذَلِك فى السّنَن الْكُبْرَى (ج ٢ ص ١٤٨- ١٤٩).
(٧) أَي الَّتِي لَا ينْفَرد بهَا.
(٨) جَوَابا عَن ذَلِك، وبيانا للْمَذْهَب الْمُخْتَار عِنْده فى آل مُحَمَّد: من أَنهم بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب، انْظُر الْمَجْمُوع (ج ٣ ص ٤٦٦)، وَالأُم (ج ٢ ص ٦٩).
(٩) هَذِه الزِّيَادَة أولى من تَركهَا.
75
الَّذِينَ إلَيْهِ نَسَبُهُمْ وَمَنْ يَأْوِيه «١» بَيْتُهُ: مِنْ زَوْجِهِ أَوْ مَمْلُوكِهِ أَوْ مَوْلًى أَوْ أَحَدٍ ضَمَّهُ عِيَالُهُ وَكَانَ هَذَا فِي بَعْضِ قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ، دُونَ قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ وَكَانَ يَجْمَعُهُ قَرَابَةٌ فِي بَعْضِ «٢» قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ، دُونَ بَعْضٍ.-:
فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُسْتَعْمَلَ عَلَى مَا أَرَادَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) مِنْ هَذَا «٣»، ثُمَّ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إلَّا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :«إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ، وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ وَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْنَا الصَّدَقَةَ، وَعَوَّضَنَا مِنْهَا الْخُمْسَ» دَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ: الَّذِينَ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةَ، وَعَوَّضَهُمْ مِنْهَا الْخُمْسَ. «وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى: ٨- ٤١). فَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) :«إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ، وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» وَكَانَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ: أَنْ لَا يُوجَدَ أَمْرٌ يَقْطَعُ الْعَنَتَ، وَيَلْزَمُ أَهْلَ الْعِلْمِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إلَّا الْخَبَرَ «٤» عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَنْ يُؤْتِيَ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَأَعْلَمَهُ: أَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى فَأَعْطَى سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى، فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ-:
دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ أَعْطَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الْخُمْسَ، هُمْ:
(١) من «أَوَى» الثلاثي، وَهُوَ يسْتَعْمل لَازِما ومتعديا، أما «آوى» الرباعي:
فَلَا يسْتَعْمل إِلَّا مُتَعَدِّيا على الصَّحِيح، انْظُر الْمِصْبَاح (مَادَّة: أَوَى.).
(٢) فى الأَصْل: «وَكَانَ يجمعه قرَابَته وفى بعض»، وَلَعَلَّ مَا أثبتنا هُوَ الصَّحِيح فَلْيتَأَمَّل.
(٣) أَي: من لفظ «آل مُحَمَّد» الَّذِي ورد فى الحَدِيث الْمُتَقَدّم.
(٤) فى الأَصْل: «بالْخبر».
76
Icon