تفسير سورة سورة الفجر من كتاب تنوير المقباس من تفسير ابن عباس
المعروف بـتفسير ابن عباس
.
لمؤلفه
الفيروزآبادي
.
المتوفي سنة 817 هـ
ﰡ
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَالْفَجْر﴾ يَقُول أقسم الله بِالْفَجْرِ وَهُوَ صبح النَّهَار وَيُقَال هُوَ النَّهَار كُله وَيُقَال الْفجْر فجر السّنة
﴿وَلَيالٍ عَشْرٍ﴾ من أول ذِي الْحجَّة
﴿وَالشَّفْع﴾ يَوْم عَرَفَة وَيَوْم النَّحْر ﴿وَالْوتر﴾ ثَلَاثَة أَيَّام بعد يَوْم النَّحْر وَيُقَال الشفع كل صَلَاة تصلى رَكْعَتَيْنِ أَو أَرْبَعَة من صَلَاة الْغَدَاة وَالظّهْر وَالْعصر وَالْعشَاء وَالْوتر وَهِي كل صَلَاة تصلى ثَلَاثَة وَهِي صَلَاة الْمغرب وَالْوتر وَيُقَال الشفع السَّمَاء وَالْأَرْض وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالْجنَّة وَالنَّار وَالْعرش والكرسي وَالشَّمْس وَالْقَمَر كل هَذَا شفع وَالْوتر مَا يكون فَردا وَيُقَال الشفع الذّكر وَالْأُنْثَى وَالْكَافِر وَالْمُؤمن والمخلص وَالْمُنَافِق والصالح والطالح وَالْوتر هُوَ الله
﴿وَاللَّيْل إِذَا يَسْرِ﴾ يذهب وَهِي لَيْلَة الْمزْدَلِفَة وَيُقَال يذهب وَيَجِيء فِيهِ النَّاس أقسم الله بهؤلاء الْأَشْيَاء إِن رَبك يَا مُحَمَّد لبالمرصاد يَقُول على الطَّرِيق وَالطَّرِيق عَلَيْهِ
﴿هَلْ فِي ذَلِك﴾ يَقُول فِيمَا ذكرت ﴿قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ﴾ لذِي عقل
﴿أَلَمْ تَرَ﴾ ألم تخبر يَا مُحَمَّد فِي الْقُرْآن ﴿كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ﴾ صنع رَبك ﴿بِعَادٍ﴾ قوم هود كَيفَ أهلكهم الله تَعَالَى عِنْد التَّكْذِيب
﴿إِرَمَ﴾ ابْن إرم وإرم هُوَ سَام بن نوح وَكَانَ ابْن سَام شيم وَابْن شيم هام وَابْن هام عَاد ﴿ذَاتِ الْعِمَاد﴾ عماد السارية وَيُقَال ذَات الْقُوَّة
﴿الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَاد﴾ بِالْقُوَّةِ والطول وَيُقَال إرم هُوَ اسْم الْمَدِينَة الَّتِي بناها شَدِيد وَشَدَّاد ذَات الْعِمَاد عماد الذَّهَب وَالْفِضَّة الَّتِي لم يخلق مثلهَا فِي الْبِلَاد بالْحسنِ وَالْجمال
﴿وَثَمُودَ﴾ يَقُول كَيفَ أهلك ثَمُود قوم صَالح ﴿الَّذين جَابُواْ الصخر بالواد﴾ نقبوا الصخر بوادي الْقرى
﴿وَفِرْعَوْنَ﴾ وَكَيف أهلك فِرْعَوْن ﴿ذِى الْأَوْتَاد﴾ وَإِنَّمَا سمي ذِي الْأَوْتَاد لِأَنَّهُ جعل أَرْبَعَة أوتاد فَإِذا غضب على أحد مده بَين الْأَوْتَاد فيعذبه حَتَّى يَمُوت كَمَا عذب امْرَأَته آسِيَة بنت مُزَاحم
﴿الَّذين طَغَوْاْ فِي الْبِلَاد﴾ عصوا وَكَفرُوا فِي أَرض مصر وَيُقَال طغيانهم حملهمْ على ذَلِك
﴿فَأَكْثَرُواْ فِيهَا﴾ فِي أَرض مصر ﴿الْفساد﴾ بِالْقَتْلِ وَعبادَة الْأَوْثَان
﴿فَصَبَّ﴾ فَأنْزل ﴿عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ﴾ عذَابا شَدِيدا
﴿إِن رَبك﴾ يَا مُحَمَّد ﴿لبالمرصاد﴾ يَقُول عَلَيْهِم ممرهم وممر سَائِر الْخلق وَيُقَال إِن مَلَائِكَة رَبك على الصِّرَاط يحبسون الْعباد فِي سبع مَوَاطِن ويسألونهم عَن سبع خِصَال
﴿فَأَمَّا الْإِنْسَان﴾ وَهُوَ الْكَافِر أبي بن خلف وَيُقَال أُميَّة بن خلف ﴿إِذَا مَا ابتلاه﴾ إِذا اختبره ﴿رَبُّهُ﴾ بِالْمَالِ والغنى والعيش ﴿فَأَكْرَمَهُ﴾ كثر مَاله ﴿وَنَعَّمَهُ﴾ وسع عَلَيْهِ معيشته ﴿فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ﴾ بِالْمَالِ والمعيشة
﴿وَأَمَّآ إِذَا مَا ابتلاه﴾ اختبره بالفقر ﴿فَقَدَرَ عَلَيْهِ﴾ فقتر عَلَيْهِ ﴿رِزْقَهُ﴾ معيشته ﴿فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ﴾ بالفقر وضيق الْمَعيشَة
﴿كَلاَّ﴾ وَهُوَ رد عَلَيْهِ لَيْسَ إكرامي بِالْمَالِ والغنى وإهانتي بالفقر وَقلة المَال وَلَكِن إكرامي بالمعرفة والتوفيق وإهانتي بالنكرة والخذلان ﴿بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيم﴾ لَا تعرفُون حق الْيَتِيم كَانَ فِي حجره يَتِيم لم يعرف حَقه وَلم يحسن إِلَيْهِ
﴿وَلاَ تَحَاضُّونَ﴾ وَلَا تحثون أَنفسكُم وَغَيرهَا ﴿على طَعَامِ الْمِسْكِين﴾ على صَدَقَة الْمَسَاكِين
﴿وَتَأْكُلُونَ التراث﴾ الْمِيرَاث ﴿أَكْلاً لَّمّاً﴾ شَدِيدا
﴿وَتُحِبُّونَ المَال حُبّاً جَمّاً﴾
510
﴿كَلاَّ﴾ وَهُوَ رد عَلَيْهِ ﴿إِذَا دُكَّتِ الأَرْض دَكّاً دَكّاً﴾ يَقُول إِذا زلزلت الأَرْض زَلْزَلَة بعد زلَّة
﴿وَجَآءَ رَبُّكَ﴾ وَيَجِيء رَبك بِلَا كَيفَ ﴿وَالْملك﴾ وَيَجِيء الْمَلَائِكَة ﴿صَفّاً صَفّاً﴾ كصف أهل الدُّنْيَا فى الصَّلَاة
﴿وَجِيء يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ﴾ مَعَ سبعين ألف زِمَام مَعَ كل زِمَام سَبْعُونَ ألف ملك يَقُودُونَهَا إِلَى الْمَحْشَر ويكشف عَنْهَا ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَان﴾ يتعظ الْكَافِر أبي بن خلف وَأُميَّة بن خلف ﴿وأنى لَهُ الذكرى﴾ من أَيْن لَهُ العظة وَقد فَاتَتْهُ العظة
﴿يَقُول يَا لَيْتَني﴾ يتَمَنَّى ﴿قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾ الْبَاقِيَة من حَياتِي الفانية يَقُول يَا لَيْتَني عملت فِي حَياتِي الفانية لحياتى الْبَاقِيَة
﴿فَيَوْمَئِذٍ﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ﴾ كعذابه ﴿أحد﴾
﴿وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ﴾ كوثاقه وَله وَجه آخر إِن قَرَأت بِكَسْر الذَّال والثاء يَقُول لَا يعذب عَذَابه كعذاب الله أحد وَلَا يوثق وثَاقه كوثاق الله أحد أَي لَا يبلغ أحد فِي الْعَذَاب كَمَا يبلغ الله فى عَذَاب الْخلق
﴿يَا أيتها النَّفس المطمئنة﴾ الآمنة من عَذَاب الله الصادقة بتوحيد الله الشاكرة بنعماء الله الصابرة ببلاء الله الراضية بِقَضَاء الله القانعة بعطاء الله
﴿ارجعي إِلَى رَبِّكِ﴾ إِلَى مَا أعد الله لَك فِي الْجنَّة وَيُقَال إِلَى سيدك يَعْنِي الْجَسَد ﴿رَاضِيَةً﴾ بِثَوَاب الله ﴿مَّرْضِيَّةً﴾ عَنْك بِالتَّوْحِيدِ
﴿فادخلي فِي عِبَادِي﴾ فِي زمرة أوليائي
﴿وادخلي جنتي﴾ الَّتِى أعدت لَك
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الْبَلَد وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها عشرُون وكلماتها اثْنَتَانِ وَثَمَانُونَ وحروفها ثلثمِائة وَعِشْرُونَ حرفا
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾