تفسير سورة الكافرون

التفسير الشامل
تفسير سورة سورة الكافرون من كتاب التفسير الشامل .
لمؤلفه أمير عبد العزيز . المتوفي سنة 2005 هـ
هذه السورة مكية. وقيل : مدنية. وآياتها ست.

بسم الله الرحمان الرحيم
قل ياأيها الكافرون ١ لا أعبد ما تعبدون ٢ ولا أنتم عابدون ما أعبد ٣ ولا أنا عابد ما عبدتم ٤ ولا أنتم عابدون ما أعبد ٥ لكم دينكم ولي دين }.
هذه السورة تدعو إلى البراءة من الشرك، ومما يقوله المشركون أو يدعون إليه من كفر وباطل. وهي آمرة بتوحيد الله، وإخلاص العبادة والطاعة له وحده، دون أحد من خلقه.
وذكر في سبب نزول هذه السورة أن نفرا من المشركين فيهم الوليد بن المغيرة والعاص ابن وائل وأمية بن خلف، لقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد، هلمّ فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، ونشترك نحن وأنت في أمرنا كله. فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا كنا قد شاركناك فيه، وأخذنا بحظنا منه. وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما بيدك كنت قد شركتنا في أمرنا، وأخذت بحظك منه، فأنزل الله ﴿ قل ياأيها الكافرون ﴾. وقيل : إن المشركين الجهلة دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة أوثانهم سنة، ويعبدون معبوده سنة، فأنزل الله هذه السورة، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فيها أن يتبرأ من دينهم بالكلية١.
قوله :﴿ قل ياأيها الكافرون ﴾ الخطاب من الله لرسوله في أشخاص بأعيانهم من المشركين، قد علم الله أنهم لا يؤمنون أبدا. أي إن المخاطبين هنا كفرة مخصوصون، علم الله منهم الكفر، وأنهم لا يؤمنون.
١ تفسير القرطبي جـ ٣٠ ص ٢٢٥ وتفسير ابن كثير جـ ٤ ص ٥٦٠ وأسباب النزول للنيسابوري ص ٣٠٧..
قوله :﴿ لا أعبد ما تعبدون ﴾ يعني قل لهؤلاء المشركين : لا أعبد ما تعبدونه من الآلهة والأنداد.
قوله :﴿ ولا أنتم عابدون ما أعبد ﴾ يعني إنكم لا تعبدون الذي أعبد وهو الله وحده لا شريك له. بل إنكم تعبدون آلهة مفتراة من دون الله، وهي الأوثان على اختلاف صورها ومسمياتها. وإنما أنا أعبد الله ربي لا إله غيره، ولا رب سواه.
قوله :﴿ ولا أنا عابد ما عبدتم ﴾ يعني لا أفعل في المستقبل ما تطلبونه مني من عبادة آلهتكم.
قوله :﴿ ولا أنتم عابدون ما أعبد ﴾ يعني ولا أنتم فاعلون في المستقبل ما أطلبه منكم من عبادة الله وحده. وقيل : وجه التكرار هنا للتأكيد في قطع أطماعهم فيما راموه. وذلك كالتكرير في قوله :﴿ فإن مع العسر يسرا ٥ إن مع العسر يسرا ﴾.
قوله :﴿ لكم دينكم ولي دين ﴾ أي لكم شرككم وضلالكم ولي توحيدي وإخلاصي وهداي. أو لكم دينكم فلستم بتاركيه ؛ لأنه قد ختم على قلوبكم فلا تؤمنون أبدا. ولي أنا ديني، دين التوحيد لا أتركه أبدا١.
١ تفسير الطبري جـ ٣٠ ص ٢١٤ والكشاف جـ ٤ ص ٢٩٢، ٢٩٣ وتفسير ابن كثير جـ ٤ ص ٥٦٠..
Icon