تفسير سورة الأحزاب

الدر المنثور
تفسير سورة سورة الأحزاب من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور .
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ

أخرج ابن جرير من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : إن أهل مكة منهم الوليد بن المغيرة، وشيبة بن ربيعة، دعوا النبي ﷺ إلى أن يرجع عن قوله على أن يعطوه شطر أموالهم، وخوفه المنافقون واليهود بالمدينة إن لم يرجع قتلوه، فأنزل الله ﴿ يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين ﴾.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ﴿ ولا تطع الكافرين ﴾ أبي بن خلف ﴿ والمنافقين ﴾ أبو عامر الراهب، وعبد الله بن أُبي بن سلول، والجد بن قيس.
أخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال : قام النبي ﷺ يوماً يصلي، فخطر خطرة فقال المنافقون الذين يصلون معه : ألا ترى أن له قلبين؟ قلباً معكم، وقلباً معهم. فأنزل الله ﴿ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق خصيف عن سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة قالوا : كان رجل يدعى ذا القلبين، فأنزل الله ﴿ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : كان رجل من قريش يسمى من دهائه ذا القلبين، فأنزل الله هذا في شأنه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن قال : كان رجل على عهد رسول الله ﷺ يسمى ذا القلبين. كان يقول : لي نفس تأمرني، ونفس تنهاني، فأنزل الله فيه ما تسمعون.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : إن رجلاً من بني فهر قال : إن في جوفي قلبين، اعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد، فنزلت.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي : أنها نزلت في رجل من قريش من بني جمح، يقال له : جميل بن معمر.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال « صلى رسول الله ﷺ صلاة فسها فيها، فخطرت منه كلمة، فسمعها المنافقون، فأكثروا فقالوا : إن له قلبين. ألم تسمعوا إلى قوله وكلامه في الصلاة؟ إن له قلباً معكم، وقلباً مع أصحابه، فنزلت ﴿ يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين ﴾ إلى قوله ﴿ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ﴾ ».
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الزهري في قوله ﴿ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ﴾ قال : بلغنا أن ذلك كان في زيد بن حارثة، ضرب له مثلاً يقول : ليس ابن رجل آخر ابنك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان الرجل يقول لامرأته : أنت عليَّ كظهر أمي. فقال الله ﴿ وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم ﴾ وكان يقال : زيد بن محمد. فقال الله ﴿ وما جعل أدعياءكم أبناءكم ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم ﴾ أي ما جعلها أمك، وإذا ظاهر الرجل من امرأته فإن الله لم يجعلها أمه، ولكن جعل فيها الكفارة ﴿ وما جعل أدعياءكم أبناءكم ﴾ يقول : ما جعل دعيك ابنك. يقول : إن ادعى رجل رجلاً فليس بابنه. ذكر لنا أن نبي الله ﷺ كان يقول « من ادعى إلى غير أبيه متعمداً حرم الله عليه الجنة ».
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ وما جعل أدعياءكم أبناءكم ﴾ قال : نزلت في زيد بن حارثة رضي الله عنه.
أخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عمر :« أن زيد بن حارثة مولى رسول الله ﷺ ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد. حتى نزل القرآن ﴿ ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ﴾ فقال النبي ﷺ : أنت زيد بن حارثة بن شراحيل ».
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن عائشة « أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وكان ممن شهد بدراً تبنى سالماً، وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهو مولى لامرأة من الأنصار، كما تبنى النبي ﷺ زيداً، وكان من تبنى رجلاً في الجاهلية دعاه الناس إليه وورثه من ميراثه حتى أنزل الله في ذلك ﴿ ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ﴾ فردوا إلى آبائهم، فمن لم يعلم له أب كان مولى وأخاً في الدين، فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو إلى النبي ﷺ فقالت : إن سالماً كان يدعى لأبي حذيفة رضي الله عنه، وإن الله قد أنزل في كتابه ﴿ ادعوهم لآبائهم ﴾ وكان يدخل عليَّ، وأنا وحدي، ونحن في منزل ضيق، فقال النبي ﷺ : ارضعي سالماً تحرمي عليه ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان من أمر زيد بن حارثة رضي الله عنه أنه كان في أخواله بني معن من بني ثعل من طيء، فأصيب في غلمة من طيء، فقدم به سوق عكاظ، وانطلق حكيم بن حزام بن خويلد إلى عكاظ يتسوق بها، فأوصته عمته خديجة رضي الله عنها أن يبتاع لها غلاماً ظريفاً عربياً ان قدر عليه، فلما جاء وجد زيداً يباع فيها، فأعجبه ظرفه، فابتاعه فقدم به عليها وقال لها : إني قد ابتعت لك غلاماً ظريفاً عربياً، فإن أعجبك فخذيه وإلا فدعيه، فإنه قد أعجبني، فلما رأته خديجة اعجبها، فأخذته فتزوّجها رسول الله ﷺ وهو عندها، فأعجب النبي ﷺ ظرفه، فاستوهبه منها فقالت : هو لك فإن أردت عتقه فالولاء لي، فأبى عليها فوهبته له إن شاء أعتق وإن شاء أمسك قال : فشب عند النبي ﷺ.
ثم إنه خرج في إبل طالب إلى الشام، فمر بأرض قومه. فعرفه عمه، فقام إليه فقال : من أنت يا غلام؟ قال : غلام من أهل مكة. قال : من أنفسهم؟ قال : لا. فحر أنت أم مملوك؟ قال : بل مملوك قال : لمن؟ قال : لمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب فقال له : أعربي أنت أم عجمي؟ قال : بل عربي قال : ممن أهلك؟ قال : من كلب قال : من أي كلب؟ قال : من بني عبدود قال : ويحك.
123
. ! ابن من أنت؟ قال : ابن حارثة بن شراحيل قال : وأين أصبت؟ قال : في أخوالي قال : ومن أخوالك؟ قال : طي قال : ما اسم أمك؟ قال : سعدي. فالتزمه وقال ابن حارثة : ودعا أباه وقال : يا حارثة هذا ابنك. فأتاه حارثة، فلما نظر إليه عرفه قال : كيف صنع مولاك إليك؟ قال : يؤثرني على أهله وولده، ورزقت منه حباً، فلا أصنع إلا ما شئت.
فركب معه وأبوه وعمه وأخوه حتى قدموا مكة، فلقوا رسول الله ﷺ فقال له حارثة : يا محمد أنتم أهل حرم الله وجيرانه، وعند بيته. تفكون العاني، وتطعمون الأسير. ابني عبدك، فامنن علينا، وأحسن إلينا في فدائه، فإنك ابن سيد قومه فإنا سنرفع لك في الفداء ما أحببت. فقال له رسول الله ﷺ :« أعطيكم خيراً من ذلك قالوا : وما هو؟ قال : أخيره فإن اختاركم فخذوه بغير فداء، وإن اختارني فكفوا عنه قالوا : جزاك الله خيراً فقد أحسنت، فدعاه رسول الله ﷺ فقال : يا زيد اتعرف هؤلاء؟ قال : نعم. هذا أبي وعمي وأخي فقال رسول الله ﷺ : فأنا من قد عرفته، فإن اخترتهم فأذهب معهم، وإن اخترتني فأنا من تعلم فقال زيد : ما أنا بمختار عليك أحداً أبداً، أنت مني بمكان الوالد والعم قال له أبوه وعمه : يا زيد تختار العبودية على الربوبية؟ قال : ما أنا بمفارق هذا الرجل.
فلما رأى رسول الله ﷺ حرصه عليه قال : اشهدوا أنه حر، وإنه ابني يرثني وأرثه، فطابت نفس أبيه وعمه، لما رأوا من كرامته عليه، فلم يزل زيد في الجاهلية يدعى : زيد بن محمد. حتى نزل القرآن ﴿ ادعوهم لآبائهم ﴾ فدعي زيد بن حارثة »
.
وأخرج ابن عساكر من طريق زيد بن شيبة عن الحسن بن عثمان رضي الله عنه قال : حدثني عدة من الفقهاء وأهل العلم قالوا : كان عامر بن ربيعة يقال له : عامر بن الخطاب وإليه كان ينسب، فأنزل الله فيه، وفي زيد بن حارثة، وسالم مولى أبي حذيفة، والمقداد بن عمرو ﴿ ادعوهم لآبائهم.. ﴾.
وأخرج ابن جرير عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه قال : قال الله ﴿ ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ﴾ فإنا ممن لا يعلم أبوه، وأنا من اخوانكم في الدين.
وأخرج ابن جرير عن قتادة ﴿ ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ﴾ أعدل عند الله ﴿ فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ﴾ فإذا لم تعلم من أبوه فإنما هو أخوك في الدين ومولاك.
124
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ﴾ قال : إن لم تعرف أباه فأخوك في الدين ومولاك مولى فلان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في الآية يقول : إن لم تعلموا لهم آباء تدعوهم إليهم فانسبوهم اخوانكم في الدين إذ تقول : عبد الله، وعبد الرحمن، وعبيد الله، وأشباههم من الأسماء، وأن يدعى إلى اسم مولاه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ﴾ يقول : أخوك في الدين ومولاك مولى بني فلان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سالم بن أبي الجعد قال : لما نزلت ﴿ ادعوهم لآبائهم ﴾ لم يعرفوا لسالم أباً ولكن مولى أبي حذيفة إنما كان حليفاً لهم.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ﴾ قال : هذا من قبل النهي في هذا وغيره ﴿ ولكن ما تعمدت قلوبكم ﴾ بعد ما أمرتم وبعد النهي.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به... ﴾ قال : لو دعوت رجلاً لغير أبيه وأنت ترى أنه أبوه لم يكن عليك بأس، ولكن ما أردت به العمد.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة يرفعه إلى النبي ﷺ قال « والله ما أخشى عليك الخطأ، ولكن أخشى عليك العمد ».
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ﷺ « إني لست أخاف عليكم الخطأ، ولكن أخاف عليكم العمد ».
125
أخرج البخاري وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :« ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة، اقرأوا إن شئتم ﴿ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ﴾ فأيما مؤمن ترك مالاً فليرثه عصبته من كانوا فإن ترك ديناً، أو ضياعاً، فليأتني فأنا مولاه ».
وأخرج الطيالسي وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :« كان المؤمن إذا توفي في عهد رسول الله ﷺ فأتي به النبي ﷺ سأل هل عليه دين؟ فإن قالوا : نعم. قال : هل ترك وفاء لدينه؟ فإن قالوا : نعم. صلى عليه، وإن قالوا : لا. قال : صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله علينا الفتوح قال : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن ترك ديناً فإليّ، ومن ترك مالاً فللوارث ».
وأخرج أحمد وأبو داود وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه عن النبي ﷺ انه كان يقول :« أنا أولى بكل مؤمن من نفسه. فأيما رجل مات وترك ديناً فإليّ، ومن ترك مالاً فهو لورثته ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي عن بريدة رضي الله عنه قال : غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله ﷺ ذكرت علياً، فتنقصته فرأيت وجه رسول الله ﷺ تغير وقال :« يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت : بلى يا رسول الله. قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ».
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وأزواجه أمهاتهم ﴾ قال : يعظم بذلك حقهن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وأزواجه أمهاتهم ﴾ يقول : أمهاتهم في الحرمة، لا يحل لمؤمن أن ينكح امرأة من نساء النبي ﷺ في حياته ان طلق، ولا بعد موته. هي حرام على كل مؤمن مثل حرمة أمه.
وأخرج ابن سعد وابن المنذر والبيهقي في سننه عن عائشة أن امرأة قالت لها : يا أمي فقالت : أنا أم رجالكم ولست أم نسائكم.
وأخرج ابن سعد عن أم سلمة قالت : أنا أم الرجال منكم والنساء.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وإسحاق بن راهويه وابن المنذر والبيهقي عن بجالة قال : مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بغلام وهو يقرأ في المصحف « النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم » فقال : يا غلام حكها فقال : هذا مصحف أبي فذهب إليه فسأله فقال : إنه كان يلهيني القرآن، ويلهيك الصفق بالأسواق.
126
وأخرج الفريابي وابن مردويه والحاكم والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ هذه الآية « النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهم ».
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه أنه قرأ « النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان في الحرف الأول « النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم ».
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : في القراءة الأولى « النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم ».
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ﴿ وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين ﴾ قال : لبث المسلمون زماناً يتوارثون بالهجرة، والاعرابي المسلم لا يرث من المهاجر شيئاً. فأنزل الله هذه الآية، فخلط المؤمنين بعضهم ببعض، فصارت المواريث بالملل.
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً ﴾ قال : توصون لحلفائكم الذين والى بينهم النبي ﷺ من المهاجرين والأنصار.
وأخرج ابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم عن محمد بن علي بن الحنفية رضي الله عنه في قوله ﴿ إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً ﴾ قال : نزلت هذه الآية في جواز وصية المسلم لليهودي والنصراني.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم ﴾ قال : القرابه من أهل الشرك ﴿ معروفاً ﴾ قال : وصية ولا ميراث لهم ﴿ كان ذلك في الكتاب مسطوراً ﴾ قال : وفي بعض القراءات « كان ذلك عند الله مكتوباً » أن لا يرث المشرك المؤمن.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة والحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً ﴾ قالا : إلا أن يكون لك ذو قرابة على دينك فتوصي له بالشيء، وهو وليك في النسب، وليس وليك في الدين.
127
أخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ﴾ قال : في ظهر آدم ﴿ وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً ﴾ قال : أغلظ مما أخذه من الناس ﴿ ليسأل الصادقين عن صدقهم ﴾ قال : المبلغين من الرسل المؤدين.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم... ﴾ الآية. قال : أخذ الله على النبيين خصوصاً أن يصدق بعضهم بعضاً، وأن يتبع بعضهم بعضاً.
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن أبي مريم الغساني رضي الله عنه :« أن أعرابياً قال : يا رسول الله ما أول نبوّتك؟ قال : أخذ الله مني الميثاق كما أخذ من النبيين ميثاقهم، ثم تلا ﴿ وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً ﴾ ودعوة أبي إبراهيم قال ﴿ وابعث فيهم رسولاً منهم ﴾ [ البقرة : ١٢٩ ] وبشارة المسيح ابن مريم، ورأت أم رسول الله ﷺ في منامها : أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور الشام ».
وأخرج الطيالسي والطبراني وابن مردويه عن أبي العالية رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « خلق الله الخلق، وقضى القضية، وأخذ ميثاق النبيين، وعرشه على الماء، فأخذ أهل اليمين بيمينه، وأخذ أهل الشمال بيده الأخرى، وكلتا يدي الرحمن يمين، فأما أصحاب اليمين فاستجابوا إليه فقالوا : لبيك ربنا وسعديك قال ﴿ ألست بربكم؟ قالوا : بلى ﴾ [ الأعراف : ١٧٢ ] فخلط بعضهم ببعض فقال قائل منهم : يا رب لم خلطت بيننا فإن ﴿ لهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ﴾ [ المؤمنون : ٦٣ ] قال : أن يقولوا يوم القيامة ﴿ إنا كنا عن هذا غافلين ﴾ [ الأعراف : ١٧٢ ] ثم ردهم في صلب آدم عليه السلام فأهل الجنة أهلها، وأهل النار أهلها، فقال قائل : فما العمل إذاً؟ فقال رسول الله ﷺ : يعمل كل قوم لمنزلتهم، فقال : ابن الخطاب رضي الله عنه : إذن نجتهد يا رسول الله ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :« قيل يا رسول الله متى أخذ ميثاقك؟ قال :» وآدم بين الروح والجسد « ».
وأخرج ابن سعد رضي الله عنه قال :« قال رجل للنبي ﷺ : متى استنبئت؟ قال :» وآدم بين الروح والجسد حين أخذ مني الميثاق « ».
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :« قيل يا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال : وآدم بين الروح والجسد ».
128
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه والطبراني والحاكم وصححه وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل عن ميسرة الفخر رضي الله عنه قال :« قلت يا رسول الله متى كنت نبياً؟ قال : وآدم بين الروح والجسد ».
وأخرج الحاكم وأبو نعيم والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :« قيل للنبي ﷺ متى وجبت لك النبوّة؟ قال : بين خلق آدم ونفخ الروح فيه ».
وأخرج أبو نعيم عن الصنابحي قال :« قال عمر رضي الله عنه : متى جعلت نبياً؟ قال :» وآدم منجدل في الطين « ».
وأخرج ابن سعد عن ابن أبي الجدعاء رضي الله عنه قال :« قلت يا رسول الله متى جعلت نبيا؟ قال : وآدم بين الروح والجسد ».
وأخرج ابن سعد عن مطرف بن الشخير رضي الله عنه « أن رجلاً سأل رسول الله ﷺ متى كنت نبياً؟ قال : وآدم بين الروح والطين ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة رضي الله عنه قال :« كان النبي ﷺ إذا قرأ ﴿ وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح ﴾. قال :» بدىء بي في الخير. وكنت آخرهم في البعث «. وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ﴿ وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح ﴾ قال : ذكر لنا أن نبي الله ﷺ كان يقول » كنت أول الأنبياء في الخلق، وآخرهم في البعث «.
وأخرج ابن أبي عاصم والضياء في المختارة عن أبي بن كعب ﴿ وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح ﴾ قال : قال رسول الله ﷺ »
أولهم نوح، ثم الأول فالأول «.
وأخرج الحسن بن سفيان وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل والديلمي وابن عساكر من طريق قتادة عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ في قول الله ﴿ وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم... ﴾ قال »
كنت أول النبيين في الخلق، وآخرهم في البعث، فبدئ به قبلهم «.
وأخرج البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : خيار ولد آدم خمسة : نوح. وإبراهيم. وموسى. وعيسى. ومحمد، وخيرهم محمد ﷺ.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ ميثاقهم ﴾ عهدهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس ﴿ وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ﴾ قال : إنما أخذ الله ميثاق النبيين على قومهم.
وأخرج أبو نعيم والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله ﷺ »
ليس من عالم إلا وقد أخذ الله ميثاقه يوم أخذ ميثاق النبيين، يدفع عنه مساوىء عمله لمحاسن عمله، إلا أنه لا يوحي إليه «.
129
أخرج الحاكم وصححه وابن مردويه وابن عساكر وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل من طرق عن حذيفة قال « لقد رأيتنا ليلة الأحزاب، ونحن صافون قعود، وأبو سفيان ومن معه من الأحزاب فوقنا، وقريظة اليهود أسفل نخافهم على ذرارينا، وما أتت علينا ليلة قط أشد ظلمة، ولا أشد ريحاً منها، أصوات ريحها أمثال الصواعق، وهي ظلمة ما يرى أحد منا اصبعه، فجعل المنافقون يستأذنون النبي ﷺ ويقولون ﴿ إن بيوتنا عورة وما هي بعورة ﴾ فما يستأذنه أحد منهم إلا أذن له، يتسللون ونحن ثلثمائة أو نحو ذلك، إذ استقبلنا رسول الله ﷺ رجلاً رجلاً حتى مر علي، وما علي جنة من العدو، ولا من البرد إلا مرط لامرأتي، ما يجاوز ركبتي، فأتاني وأنا جاث على ركبتي فقال : من هذا؟ قلت : حذيفة فتقاصرت إلى الأرض فقلت : بلى يا رسول الله كراهية أن أقوم فقال : قم. فقمت فقال : إنه كان في القوم خبر، فأتني بخبر القوم قال : وأنا من أشد الناس فزعاً، وأشدهم قراً، فخرجت فقال رسول الله ﷺ : اللهم احفظه من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، ومن فوقه، ومن تحته، قال : فو الله ما خلق الله فزعاً ولا قراً في جوف إلا خرج من جوفي، فما أجد منه شيئاً، فلما وليت قال : يا حذيفة لا تحدث في القوم شيئاً حتى تأتيني، فخرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم، نظرت في ضوء نار لهم توقد، واذا برجل أدهم ضخم يقول بيده على النار، ويمسح خاصرته ويقول : الرحيل... الرحيل... ثم دخل العسكر فإذا في الناس رجال من بني عامر يقولون : الرحيل... الرحيل يا آل عامر لا مقام لكم، وإذا الرحيل في عسكرهم ما يجاوز عسكرهم شبراً فوالله أني لأسمع صوت الحجارة في رحالهم، ومن بينهم الريح يضربهم بها، ثم خرجت نحو النبي ﷺ، فلما انتصفت في الطريق أو نحو ذلك، إذا أنا بنحو من عشرين فارساً متعممين، فقالوا : اخبر صاحبك أن الله كفاه القوم، فرجعت إلى رسول الله ﷺ وهو يشتمل في شملة يصلي، وكان إذا حز به أمر صلى، فأخبرته خبر القوم أني تركتهم يرتحلون. فأنزل الله ﴿ يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذا جاءتكم جنود... ﴾ ».
وأخرج الفريابي وابن عساكر عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : قال رجل : لو أدركت رسول الله ﷺ لحملته ولفعلت. فقال حذيفة : لقد رأيتني ليلة الأحزاب ونحن مع رسول الله ﷺ، فكان رسول الله ﷺ يصلي من الليل في ليلة باردة ما قبله ولا بعده برد كان أشد منه، فحانت مني التفاتة، فقال
130
« ألا رجل يذهب إلى هؤلاء فيأتينا بخبرهم - جعله الله معي يوم القيامة - قال : فما قام منه انسان قال : فسكتوا، ثم عاد... فسكتوا، ثم قال : يا أبا بكر، ثم قال : استغفر الله رسوله، ثم قال : إن شئت ذهبت فقال : يا عمر فقال : استغفر الله رسوله، ثم قال : يا حذيفة فقلت : لبيك. فقمت حتى أتيت، وإن جنبي ليضربان من البرد، فمسح رأسي ووجهي، ثم قال : ائت هؤلاء القوم حتى تأتينا بخبرهم، ولا تحدث حدثاً حتى ترجع، ثم قال : اللهم احفظه من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، ومن فوقه، ومن تحته، حتى يرجع. قال فلان : يكون أرسلها كان أحب إلي من الدنيا وما فيها. قال : فانطلقت، فأخذت أمشي نحوهم كأني أمشي في حمام قال : فوجدتهم قد أرسل الله عليهم ريحاً، فقطعت أطنابهم، وذهبت بخيولهم، ولم تدع شيئاً إلا أهلكته، قال : وأبو سفيان قاعد يصطلي عند نار له، قال فنظرت إليه، فأخذت سهماً، فوضعته في كبد قوسي قال :- وكان حذيفة رامياً - فذكرت قول رسول الله ﷺ » لا تحدثن حدثاً حتى ترجع « قال : فرددت سهمي في كنانتي قال : فقال رجل من القوم : الا فيكم عين للقوم؟ فأخذ كل بيد جليسه، فأخذت بيده جليسي فقلت : من أنت؟ قال : سبحان الله! أما تعرفني؟ أنا فلان ابن فلان فإذا رجل من هوازن، فرجعت إلى رسول الله ﷺ فأخبرته الخبر، فلما أخبرته ضحك حتى بدت أنيابه في سواد الليل، وذهب عني الدفء فأدناني رسول الله ﷺ فأنامني عند رجليه، وألقى علي طرف ثوبه، فإن كنت لألزق بطني وصدري ببطن قدميه، فلما أصبحوا هزم الله الأحزاب، وهو قول ﴿ فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها ﴾ ».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود ﴾ قال : كان يوم أبي سفيان يوم الأحزاب.
وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قلنا يوم الخندق : يا رسول الله هل من شيء نقول : فقد بلغت القلوب الحناجر؟ قال :« نعم. قولوا : اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، قال : فضرب الله وجوه أعدائه بالريح فهزمهم الله بالريح ».
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي عن مجاهد ﴿ إذ جاءتكم جنود ﴾ قال : الأحزاب. عيينة بن بدر، وأبو سفيان، وقريظة.
131
﴿ فأرسلنا عليهم ريحاً ﴾ قال : يعني ريح الصبا أرسلت على الأحزاب يوم الخندق حتى كفأت قدورهم على أفواهها، ونزعت فساطيطهم حتى اظعنتهم ﴿ وجنوداً لم تروها ﴾ يعني الملائكة قال : ولم تقاتل الملائكة يومئذ.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم في الكنى وابن مردويه وأبو الشيخ في العظمة وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما كانت ليلة الأحزاب جاءت الشمال إلى الجنوب قالت : انطلقي فانصري الله ورسوله، فقالت الجنوب : إن الحرة لا تسري بالليل، فغضب الله عليها وجعلها عقيماً، فأرسل الله عليهم الصبا، فأطفأت نيرانهم، وقطعت أطنابهم فقال رسول الله ﷺ « نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور، فذلك قوله ﴿ فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها ﴾ ».
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ « إذا لم يقاتل من أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس، وتهب الرياح ».
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عائشة في قوله ﴿ إذ جاءُوكم من فوقكم ومن أسفل منكم ﴾ قالت : كان ذلك يوم الخندق.
وأخرج ابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده قال :« خط رسول الله ﷺ الخندق عام الأحزاب، فخرجت لنا من الخندق صخرة بيضاء مدوّرة، فكسرت حديدنا وشقت علينا، فشكونا إلى رسول الله ﷺ، فأخذ المعول من سلمان، فضرب الصخر ضربة صدعها، وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لابتي المدينة، حتى لكأن مصباحاً في جوف ليل مظلم، فكبر رسول الله ﷺ، وكبر المسلمون، ثم ضربها الثانية، فصدعها وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها، فكبر وكبر المسلمون، ثم ضربها الثالثة، فصدعها وبرق منها برقة أضاء ما بين لابتيها، وكبر وكبر المسلمون، فسألناه فقال : أضاء لي في الأولى قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، وأضاء لي في الثانية قصور الحمر من أرض الروم كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، وأضاء لي في الثالثة قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها، فابشروا بالنصر. فاستبشر المسلمون وقالوا : الحمد لله موعد صادق بأن وعدنا النصر بعد الحصر، فطلعت الأحزاب فقال المسلمون :﴿ هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً ﴾ وقال المنافقون : الا تعجبون! يحدثكم ويعدكم ويمنيكم الباطل، يخبر أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة، ومدائن كسرى، وإنها تفتح لكم، وإنكم تحفرون الخندق ولا تستطيعون أن تبرزوا، وأنزل القرآن ﴿ وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً ﴾ ».
132
وأخرج ابن إسحاق وابن مردويه عن ابن عباس قال : أنزل الله في شأن الخندق، وذكر نعمه عليهم، وكفايته إياهم عدوهم بعد سوء الظن، ومقالة من تكلم من أهل النفاق ﴿ يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها ﴾ وكانت الجنود التي أتت المسلمين. أسد. وغطفان. وسليما. وكانت الجنود التي بعث الله عليهم من الريح الملائكة فقال ﴿ إذ جاءُوكم من فوقكم ومن أسفل منكم ﴾ فكان الذين جاؤوهم من أسفل منهم قريشاً، وأسداً، وغطفان فقال :﴿ هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً، وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً ﴾ يقول : معتب بن قشير ومن كان معه على رأيه ﴿ وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي ﴾ يقول أوس بن قيظي ومن كان معه على مثل رأيه ﴿ ولو دخلت عليهم من أقطارها ﴾ إلى ﴿ وإذاً لا تمتعون إلا قليلاً ﴾ ثم ذكر يقين أهل الايمان حين أتاهم الأحزاب فحصروهم وظاهرهم بنو قريظة، فاشتد عليهم البلاء، فقال :﴿ ولما رأى المؤمنون الأحزاب ﴾ إلى ﴿ إن الله كان غفوراً رحيماً ﴾ قال : وذكر الله هزيمة المشركين، وكفايته المؤمنين، فقال :﴿ ورد الله الذين كفروا بغيظهم... ﴾.
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن عروة بن الزبير ومحمد بن كعب القرظي قالا : قال معتب بن قشير : كان محمداً يرى أن يأكل من كنز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يأمن أن يذهب إلى الغائط، وقال أوس بن قيظي في ملأ من قومه من بني حارثة ﴿ إن بيوتنا عورة ﴾ وهي خارجة من المدينة : إئذن لنا فنرجع إلى نسائنا وأبنائنا وذرارينا، فأنزل الله على رسوله حين فرغ منهم ما كانوا فيه من البلاء يذكر نعمته عليهم، وكفايته إياهم بعد سوء الظن منهم، ومقالة من قال من أهل النفاق، ﴿ يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها ﴾ فكانت الجنود : قريشاً، وغطفان، وبني قريظة. وكانت الجنود التي أرسل عليهم مع الريح الملائكة ﴿ إذ جاءُوكم من فوقكم ﴾ بنو قريظة ﴿ ومن أسفل منكم ﴾ قريش، وغطفان. إلى قوله ﴿ ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً ﴾ يقول : معتب بن قشير وأصحابه ﴿ وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب ﴾ يقول : أوس بن قيظي ومن كان معه على ذلك من قومه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن البراء بن عازب قال : لما كان حيث أمرنا رسول الله ﷺ أن نحفر الخندق، عرض لنا في بعض الجبل صخرة عظيمة شديدة لا تدخل فيها المعاول، فاشتكينا ذلك إلى رسول الله ﷺ، فجاء رسول الله ﷺ، فلما رآها أخذ المعول، وألقى ثوبه وقال :
133
« بسم الله، ثم ضرب ضربة فكسر ثلثها، وقال : الله أكبر. أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية، فقطع ثلثاً آخر فقال : الله أكبر. أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصور المدائن البيض، ثم ضرب الثالثة فقال : بسم الله. فقطع بقية الحجر وقال : الله أكبر. أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله ﴿ إذ جاءُوكم من فوقكم ﴾ قال عيينة بن حصن ﴿ ومن أسفل منكم ﴾ قال : سفيان بن حرب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة في قوله ﴿ إذ جاءُوكم من فوقكم ومن أسفل منكم ﴾ قال : كان ذلك يوم الخندق.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ إذ جاءُوكم من فوقكم ومن أسفل منكم ﴾ قال : نزلت هذه الآية يوم الأحزاب، وقد حصر رسول الله ﷺ شهراً فخندق رسول الله ﷺ، وأقبل أبو سفيان بقريش ومن معه من الناس حتى نزلوا بعفوة رسول الله ﷺ، وأقبل عيينة بن حصن أخو بني بدر بغطفان ومن تبعه حتى نزلوا بعفوة رسول الله ﷺ، وكاتبت اليهود أبا سفيان فظاهروه، فبعث الله عليهم الرعب والريح. فذكر أنهم كانوا كلما بنوا بناء قطع الله أطنابه، وكلما ربطوا دابة قطع الله رباطها، وكلما أوقدوا ناراً أطفأها الله، حتى لقد ذكر لنا أن سيد كل حي يقول : يا بني فلان هلم إلي. حتى إذا اجتمعوا عنده قال : النجاة... النجاة... أتيتم لما بعث الله عليهم الرعب.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ إذ جاءُوكم من فوقكم ﴾ قال : عيينة بن حصن في أهل نجد ﴿ ومن أسفل منكم ﴾ قال : أبو سفيان بن حرب في أهل تهامة، ومواجهتهم قريظة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ وإذ زاغت الأبصار ﴾ قال : شخصت الأبصار.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ وبلغت القلوب الحناجر ﴾ قال : شخصت من مكانها فلولا أنه ضاق الحلقوم عنها أن تخرج لخرجت.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في قوله ﴿ وبلغت القلوب الحناجر ﴾ قال : فزعها ولفظ ابن أبي شيبة قال : إن القلوب لو تحركت أو زالت خرجت نفسه، ولكن إنما هو الفزع.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ﴿ وتظنون بالله الظنونا ﴾ قال : ظنون مختلفة ظن المنافقون أن محمداً وأصحابه يستأصلون، وأيقن المؤمنون أن ما وعدهم الله ورسوله حق أنه سيظهر على الدين كله.
134
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ وتظنون بالله الظنونا ﴾ قال : هم المنافقون يظنون بالله ظنوناً مختلفة. وفي قوله ﴿ هنالك ابتلي المؤمنون ﴾ قال : محصوا. وفي قوله ﴿ وإذ يقول المنافقون ﴾ تكلموا بما في أنفسهم من النفاق، وتكلم المؤمنون بالحق والإِيمان ﴿ قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في الدلائل عن جابر بن عبد الله قال : لما حفر النبي ﷺ وأصحابه الخندق، وأصاب النبي ﷺ والمسلمين جهد شديد، فمكثوا ثلاثاً لا يجدون طعاماً حتى ربط النبي ﷺ على بطنه حجراً من الجوع.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : قال المنافقون يوم الأحزاب حين رأوا الأحزاب قد اكتنفوهم من كل جانب، فكانوا في شك وريبة من أمر الله قالوا : إن محمداً كان يعدنا فتح فارس والروم، وقد حصرنا ههنا حتى ما يستطيع يبرز أحدنا لحاجته. فأنزل الله ﴿ وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : حفر رسول الله ﷺ الخندق، واجتمعت قريش، وكنانة، وغطفان، فاستأجرهم أبو سفيان بلطيمة قريش، فاقبلوا حتى نزلوا بفنائه، فنزلت قريش أسفل الوادي، ونزلت غطفان عن يمين ذلك، وطليحة الأسدي في بني أسد يسار ذلك، وظاهرهم بنو قريظة من اليهود على قتال النبي ﷺ، فلما نزلوا بالنبي ﷺ تحصن بالمدينة، وحفر النبي ﷺ الخندق، فبينما هو يضرب فيه بمعوله إذ وقع المعول في صفا، فطارت منه كهيئة الشهاب من النار في السماء، وضرب الثاني فخرج مثل ذلك، فرأى ذلك سلمان رضي الله عنه فقال : يا رسول الله قد رأيت خرج من كل ضربة كهيئة الشهاب، فسطع إلى السماء فقال : لقد رأيت ذلك؟ فقال : نعم يا رسول الله قال : تفتح لكم أبواب المدائن، وقصور الروم، ومدائن اليمن، ففشا ذلك في أصحاب النبي ﷺ، فتحدثوا به، فقال رجل من الأنصار يدعى قشير بن معتب : أيعدنا محمد صلى الله عليه و سلم أن يفتح لنا مدائن اليمن، وبيض المدائن، وقصور الروم وأحدنا لا يستطيع أن يقضي حاجته إلا قتل، هذا والله الغرور. فأنزل الله تعالى في هذا ﴿ وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً ﴾.
135
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ وإذ قالت طائفة منهم ﴾ قال : من المنافقين.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن المبارك عن هارون بن موسى قال : أمرت رجلاً فسأل الحسن رضي الله عنه ﴿ لا مُقام لكم ﴾ أو ﴿ لا مَقام لكم ﴾ قال : كلتاهما عربية قال ابن المبارك رضي الله عنه : المقام : المنزل حيث هو قائم. والمقام : الاقامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ لا مقام لكم ﴾ قال : لا مقاتل لكم ههنا، ففروا ودعوا هذا الرجل.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ لا مقام لكم فارجعوا ﴾ فروا ودعوا محمداً ﷺ.
وأخرج مالك وأحمد وعبد الرزاق والبخاري ومسلم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « أمرت بقرية تأكل القرى يقولون : يثرب. وهي المدينة. تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديدة ».
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله، هي طابة. هي طابة. هي طابة ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله ﷺ قال :« لا تدعونها يثرب، فإنها طيبة يعني المدينة، ومن قال : يثرب، فليستغفر الله ثلاث مرات. هي طيبة. هي طيبة. هي طيبة ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ﴾ قال : إلى المدينة عن قتال أبي سفيان ﴿ ويستأذن فريق منهم النبي ﴾ قال : جاءه رجلان من الأنصار ومن بني حارثة، أحدهما يدعى أبا عرابة بن أوس، والآخر يدعى أوس بن قيظي، فقالا : يا رسول الله ﴿ إن بيوتنا عورة ﴾ يعنون أنها ذليلة الحيطان، وهي في أقصى المدينة، ونحن نخاف السرق فائذن لنا فقال الله ﴿ ما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله ﴿ ويستأذن فريق منهم النبي ﴾ قال : هم بنو حارثة قالوا : بيوتنا مخلية نخشى عليها السرق.
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : إن الذين قالوا بيوتنا عورة يوم الخندق : بنو حارثة بن الحارث.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ إن بيوتنا عورة ﴾ نخاف عليها السرق.
أخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء تأويل هذه الآية على رأس ستين سنة ﴿ ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها ﴾ قال : لأعطوها يعني إدخال بني حارثة أهل الشام على المدينة.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ ولو دخلت عليهم من أقطارها ﴾ قال : من نواحيها ﴿ ثم سئلوا الفتنة لآتوها ﴾ قال : لو دعوا إلى الشرك لأجابوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ ولو دخلت عليهم من أقطارها ﴾ قال : من أطرافها ﴿ ثم سئلوا الفتنة ﴾ يعني الشرك.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ ولو دخلت عليهم من أقطارها ﴾ أي لو دخل عليهم من نواحي المدينة ﴿ ثم سئلوا الفتنة ﴾ قال : الشرك ﴿ لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيراً ﴾ يقول : لأعطوه طيبة به أنفسهم ﴿ وما تلبثوا بها إلا يسيراً ﴾ ﴿ ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل ﴾ قال : كان ناس غابوا عن وقعة بدر ورأوا ما أعطى الله سبحانه أهل بدر من الفضيلة والكرامة قالوا : لئن أشهدنا الله قتالاً لنقاتلن، فساق الله إليهم ذلك حتى كان في ناحية المدينة. فصنعوا ما قص الله عليكم. وفي قوله ﴿ قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم.... ﴾ قال : لن تزدادوا على آجالكم التي أجلكم الله، وذلك قليل وإنما الدنيا كلها قليل.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الربيع بن خثيم رضي الله عنه في قوله ﴿ وإذاً لا تمتعون إلا قليلاً ﴾ قال : ما بينهم وبين الأجل.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ قد يعلم الله المعوقين منكم ﴾ قال : المنافقين يعوقون الناس عن محمد ﷺ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ﴿ قد يعلم الله المعوقين منكم... ﴾ قال : هذا يوم الأحزاب، انصرف رجل من عند النبي ﷺ، فوجد أخاه بين يديه شواء ورغيف فقال له : أنت ههنا في الشواء والرغيف والنبيذ ورسول الله ﷺ بين الرماح والسيوف. قال : هلم الي لقد بلغ بك وبصاحبك - والذي يحلف به - لا يستقي لها محمد أبداً قال : كذبت - والذي يحلف به - وكان أخاه من أبيه وأمه، والله لأخبرن النبي ﷺ بأمرك، وذهبت إلى النبي ﷺ يخبره، فوجده قد نزل جبريل عليه السلام بخبره، ﴿ قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلاً ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ﴿ قد يعلم الله المعوقين منكم ﴾ قال : هؤلاء أناس من المنافقين كانوا يقولون : لاخوانهم : ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس، ولو كانوا لحماً لالتهمهم أبو سفيان وأصحابه، دعوا هذا الرجل فإنه هالك ﴿ والقائلين لإخوانهم ﴾ أي من المؤمنين ﴿ هلم إلينا ﴾ أي دعوا محمداً وأصحابه فإنه هالك ومقتول ﴿ ولا يأتون البأس إلا قليلاً ﴾ قال : لا يحضرون القتال إلا كارهين. وان حضروه كانت أيديهم من المسلمين، وقلوبهم من المشركين.
أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ أشحة عليكم ﴾ بالخير المنافقون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ أشحة عليكم ﴾ قال : في الغنائم، إذا أصابها المسملون شاحوهم عليها قالوا بألسنتهم : لستم باحق بها منا قد شهدنا وقاتلنا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك ﴾ قال : إذا حضروا القتال والعدو ﴿ رأيتهم ينظرون إليك ﴾ أجبن قوم، وأخذله للحق ﴿ تدور أعينهم ﴾ قال : من الخوف.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ تدور أعينهم ﴾ قال : فرقا من الموت.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ سلقوكم ﴾ قال : استقبلوكم.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى ﴿ سلقوكم بألسنة حداد ﴾ قال : الطعن باللسان قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم. أما سمعت الأعشى وهو يقول :
فيهم الخصب والسماحة والنج دة فيهم والخاطب المسلاق
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد ﴾ قال : أما عند الغنيمة فأشح قوم وأسوأه مقاسمة. أعطونا... أعطونا... إنا قد شهدنا معكم، وأما عند البأس فأجبن قوم وأخذله للحق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ أشحة على الخير ﴾ قال : على المال.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وكان ذلك على الله يسيراً ﴾ يعني هيناً. والله أعلم.
أخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ يحسبون الأحزاب لم يذهبوا ﴾ قال : يحسبونهم قريباً لم يبعدوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ يحسبون الأحزاب لم يذهبوا ﴾ قال : كانوا يتحدثون بمجيء أبي سفيان وأصحابه، وإنما سموا الأحزاب لأنهم حزبوا من قبائل الأعراب على النبي ﷺ ﴿ وإن يأت الأحزاب ﴾ قال : أبو سفيان وأصحابه ﴿ يودوا لو أنهم بادون في الأعراب ﴾ يقول : يود المنافقون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وإن يأت الأحزاب ﴾ قال : أبو سفيان وأصحابه ﴿ يودوا لو أنهم بادون ﴾ يقول : يود المنافقون.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب ﴾ قال : هم المنافقون بناحية المدينة، كانوا يتحدثون بنبي الله ﷺ وأصحابه، ويقولون : أما هلكوا بعد، ولم يعلموا بذهاب الأحزاب، قد سرهم أن جاءهم الأحزاب أنهم بادون في الاعراب مخافة القتال.
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ يسألون عن أنبائكم ﴾ قال : عن أخبار النبي ﷺ وأصحابه وما فعلوا.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف والخطيب في تالي التلخيص عن أسد بن يزيد أن في مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه ﴿ يسألون عن أنبائكم ﴾ السؤال بغير ألف.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ﴾ قال : مواساة عند القتال.
وأخرج ابن مردويه والخطيب في رواة مالك وابن عساكر وابن النجار عن ابن عمر رضي الله عنه في قوله ﴿ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ﴾ قال : في جوع رسول الله ﷺ.
وأخرج مالك والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة عن سعيد بن يسار قال : كنت مع ابن عمر رضي الله عنهما في طريق مكة، فلما خشيت الصبح نزلت فأوترت، فقال ابن عمر رضي الله عنه : أليس لك في رسول الله اسوة حسنة؟ قلت : بلى. قال : فإنه كان يوتر على البعير.
وأخرج ابن ماجة وابن أبي حاتم عن حفص بن عاصم رضي الله عنه قال : قلت لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما : رأيتك في السفر لا تصلي قبل الصلاة ولا بعدها فقال : يا ابن أخي صحبت رسول الله ﷺ كذا..... وكذا... فلم أره يصلي قبل الصلاة ولا بعدها، ويقول الله تعالى ﴿ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ﴾.
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه سئل عن رجل معتمر طاف بالبيت : أيقع على امرأته قبل أن يطوف بالصفا والمروة؟ فقال : قدم رسول الله ﷺ، فطاف بالبيت، وصلى خلف المقام ركعتين، وسعى بين الصفا والمروة، ثم قرأ ﴿ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه أن رجلاً أتى ابن عباس رضي الله عنهما فقال : إني نذرت أن أنحر نفسي. فقال ابن عباس ﴿ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ﴾ ﴿ وفديناه بذبح عظيم ﴾ فأمره بكبش.
وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق والبخاري ومسلم وابن ماجة وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا حرم الرجل عليه امرأته فهو يمين يكفرها، وقال ﴿ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ﴾.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أهلّ وقال : إن حيل بيني وبينه فعلت كما فعل النبي ﷺ وأنا معه، ثم تلا ﴿ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ﴾.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن قتادة رضي الله عنه قال : هم عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن ينهي عن الحبرة من صباغ البول، فقال له رجل : أليس قد رأيت رسول الله ﷺ يلبسها؟ قال عمر رضي الله عنه : بلى.
140
قال الرجل : ألم يقل الله ﴿ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ﴾ ؟ فتركها عمر.
وأخرج أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه أكب على الركن فقال : إني لا علم أنك حجر، ولو لم أرَ رسول الله ﷺ قبلك، واستلمك، ما استلمتك. ولا قبلتك ﴿ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ﴾.
وأخرج أحمد وأبو يعلى عن يعلى بن أمية رضي الله عنه قال : طفت مع عمر رضي الله عنه، فلما كنت عند الركن الذي يلي الباب مما يلي الحجر، أخذت بيده ليستلم فقال : ما طفت مع رسول الله ﷺ ؟ قلت : بلى. قال : فهل رأيته يستلمه؟ قلت : لا. قال : ما بعد عنك فإن لك في رسول الله أسوة حسنة.
وأخرج عبد الرزاق عن عيسى بن عاصم عن أبيه قال : صلى ابن عمر رضي الله عنهما صلاة من صلاة النهار في السفر، فرأى بعضهم يسبح، فقال ابن عمر رضي الله عنهما : لو كنت مسبحاً لأتممت الصلاة، حججت مع رسول الله ﷺ، فكان لا يسبح بالنهار، وحججت مع أبي بكر، فكان لا يسبح بالنهار، وحججت مع عمر، فكان لا يسبح بالنهار، وحججت مع عثمان رضي الله عنه، فكان لا يسبح بالنهار، ثم قال ابن عمر رضي الله عنه ﴿ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ﴾.
141
أخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ ولما رأى المؤمنون الأحزاب... ﴾ إلى آخر الآية قال إن الله تعالى قال لهم في سورة البقرة ﴿ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء ﴾ [ البقرة : ٢١٤ ] فلما مسهم البلاء حيث رابطوا الأحزاب في الخندق ﴿ قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله ﴾ فتأول المؤمنون ذلك فلم يزدهم إلا إيماناً وتسليماً.
وأخرج جويبر عن الضحاك رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت هذه الآية قبل تحوّل ﴿ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم... ﴾. وصدق الله ورسوله فيما أخبرا به من الوحي قبل أن يكون.
وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن قتادة رضي الله عنه قال : أنزل الله في سورة البقرة ﴿ أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً ﴾ قال : ما زادهم البلاء إلا إيماناً بالرب، وتسليماً للقضاء.
أخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن أبي داود في المصاحف والبغوي وابن مردويه والبيهقي في سننه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : لما نسخنا المصحف في المصاحف فقدت آية من سورة الأحزاب، كنت أسمع رسول الله ﷺ يقرأها لم أجدها مع أحد إلا مع خزيمة بن ثابت الأنصاري، الذي جعل رسول الله ﷺ شهادته بشهادة رجلين :﴿ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ﴾ فألحقتها في سورتها في المصحف.
وأخرج البخاري وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن أنس رضي الله عنه قال : نرى هذه الآية نزلت في أنس بن النضر رضي الله عنه ﴿ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ﴾.
وأخرج ابن سعد وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي والبغوي في معجمه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الدلائل عن أنس رضي الله عنه قال : غاب عمي أنس بن النضر عن بدر فشق عليه وقال : أول مشهد شهده رسول الله ﷺ غبت عنه، لئن أراني الله مشهداً مع رسول الله ﷺ فيما بعد ليرين الله ما أصنع، فشهد يوم أحد فاستقبله سعد بن معاذ رضي الله عنه، فقال : يا أبا عمرو إلى أين؟ قال : واهاً لريح الجنة أجدها دون أحد، فقاتل حتى قتل، فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة بسيف، وطعنة برمح، ورمية بسهم، ونزلت هذه الآية ﴿ رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ﴾ وكانوا يرون أنها نزلت فيه وفي أصحابه.
وأخرج الحاكم وصححه والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن أنس رضي الله عنه أن عمه غاب عن قتال بدر فقال : غبت عن أول قتال قاتله النبي ﷺ المشركين، لئن أشهدني الله تعالى قتالاً للمشركين ليرين الله كيف أصنع، فلما كان يوم أحد انكشف المشركون، فقال : اللهم إني ابرأ إليك مما جاء به هؤلاء - يعني المشركون - واعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني أصحابه - ثم تقدم فلقيه سعد رضي الله عنه فقال : يا أخي ما فعلت فأنا معك، فلم أستطع أن أصنع ما صنع، فوجد فيه بضعاً وثمانين من ضربة بسيف، وطعنة برمح، ورمية بسهم، فكنا نقول : فيه وفي أصحابه نزلت ﴿ فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ﴾.
وأخرج الحاكم وصححه وتعقبه الذهبي والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه « أن رسول الله ﷺ حين انصرف من أحد مر على مصعب بن عمير رضي الله عنه وهو مقتول، فوقف عليه ودعا له، ثم قرأ ﴿ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.... ﴾ ثم قال أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة، فائتوهم وزوروهم، فوالذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه ».
143
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن أبي ذر رضي الله عنه قال :« لما فرغ رسول الله ﷺ يوم أحد، مر على مصعب بن عمير رضي الله عنه مقتولاً على طريقه، فقرأ ﴿ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه... ﴾ ».
وأخرج ابن مردويه من طريق خباب رضي الله عنه، مثله.
وأخرج ابن أبي عاصم والترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن طلحة رضي الله عنه « أن أصحاب النبي ﷺ قالوا لأعرابي جاهل : سله عمن قضى نحبه من هو؟ وكانوا لا يجترؤون على مسألته، يوقرونه ويهابونه، فسأله الأعرابي فأعرض عنه، ثم سأله، فأعرض عنه، ثم إني انطلقت من باب المسجد فقال : أين السائل عمن قضى نحبه؟ قال الأعرابي : أنا. قال : هذا ممن قضى نحبه ».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال « لما رجع النبي ﷺ من أحد، صعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قرأ هذه الآية ﴿ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه... ﴾ كلها. فقام إليه رجل، فقال : يا رسول الله من هؤلاء؟ فأقبلت فقال : أيها السائل هذا منهم ».
وأخرج الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن معاوية رضي الله عنه « سمعت رسول الله ﷺ يقول طلحة ممن قضى نحبه ».
وأخرج الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت دخل طلحة رضي الله عنه على النبي ﷺ فقال :« يا طلحة أنت ممن قضى نحبه ».
وأخرج سعيد بن منصور وأبو يعلى وابن المنذر وأبو نعيم وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال :« من سره أن ينظر إلى رجل يمشي على الأرض قد قضى نحبه فلينظر إلى طلحة ».
وأخرج ابن مردويه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، مثله.
وأخرج ابن منده وابن عساكر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت « دخل طلحة بن عبيد الله على النبي ﷺ فقال : يا طلحة. أنت ممن قضى نحبه ».
وأخرج أبو الشيخ وابن عساكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنهم قالوا : حدثنا عن طلحة قال : ذاك امرؤ نزل فيه آية من كتاب الله ﴿ فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ﴾ طلحة ممن قضى نحبه لا حساب عليه فيما يستقبل.
144
وأخرج سعيد بن منصور وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس أنه كان يقرأ ﴿ فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ﴾ وآخرون ﴿ ما بدلوا تبديلاً ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ فمنهم من قضى نحبه ﴾ قال : الموت على ما عاهدوا الله عليه ﴿ ومنهم من ينتظر ﴾ على ذلك.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ﴿ قضى نحبه ﴾ قال : أجله الذي قدر له. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم. أما سمعت قول لبيد :
ألا تسألان المرء ماذا يحاول أنحب فيقضى أم ضلال وباطل
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ فمنهم من قضى نحبه ﴾ قال : عهده ﴿ ومنهم من ينتظر ﴾ يوماً فيه جهاد، فيقضي نحبه يعني عهده بقتال أو صدق في لقاء.
وأخرج أحمد والبخاري وابن مردويه عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « يوم الأحزاب الآن نغزوهم ولا يغزونا ».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال « حبسنا يوم الخندق عن الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، حتى كان بعد العشاء بهك كفينا ذلك. فأنزل الله ﴿ وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً ﴾ فأمر رسول الله ﷺ بلالاً فأقام، ثم صلى الظهر كما كان يصليها قبل ذلك، ثم أقام فصلى العصر كما كان يصليها قبل ذلك، ثم أقام المغرب فصلاها كما كان يصليها قبل ذلك، ثم أقام العشاء فصلاها كما كان يصليها قبل ذلك. وذلك قبل أن تنزل صلاة الخوف ﴿ فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً ﴾ [ البقرة : ٢٣٩ ].
وأخرج الحاكم وصححه عن عيسى بن طلحة قال :»
دخلت على أم المؤمنين وعائشة بنت طلحة وهي تقول لأمها أسماء : أنا خير منك، وأبي خير من أبيك، فجعلت أسماء تشتمها وتقول : أنت خير مني فقالت عائشة رضي الله عنها : ألا أقضين بينكما؟ قالت : بلى. قالت : فإن أبا بكر رضي الله عنه دخل على رسول الله ﷺ، فقال له :« أنت عتيق من النار قالت : فمن يومئذ سمى عتيقاً، ثم دخل طلحة رضي الله عنه فقال : أنت يا طلحة ممن قضى نحبه » «.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن اللهف عن أبيه رضي الله عنه في قوله ﴿ فمنهم من قضى نحبه ﴾ قال : نذره وقال الشاعر :
145
قضت من يثرب نحبها فاستمرت... وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله ﴿ فمنهم من قضى نحبه ﴾ قال : مات على ما هو عليه من التصديق والإِيمان ﴿ ومنهم من ينتظر ﴾ ذلك ﴿ وما بدلوا تبديلاً ﴾ ولم يغيروا كما غير المنافقون.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ﴿ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ﴾ على الصدق والوفاء ﴿ ومنهم من ينتظر ﴾ من نفسه الصدق والوفاء ﴿ وما بدلوا تبديلاً ﴾ يقول : ما شكوا ولا ترددوا في دينهم، ولا استبدلوا به غيره ﴿ ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم ﴾ قال : يخرجهم من النفاق بالتوبة حتى يموتوا وهم تائبون من النفاق، فيغفر لهم.
146
أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ ورد الله الذين كفروا بغيظهم ﴾ قال : الأحزاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله تعالى عنه في قوله ﴿ ورد الله الذين كفروا بغيظهم ﴾ قال : أبو سفيان وأصحابه ﴿ لم ينالوا خيراً ﴾ قال : لم يصيبوا من محمد ﷺ ظفراً ﴿ وكفى الله المؤمنين القتال ﴾ انهزموا بالريح من غير قتال.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وكفى الله المؤمنين القتال ﴾ قال : بالجنود من عنده، والريح التي بعث عليهم ﴿ وكان الله قوياً ﴾ في أمره ﴿ عزيزاً ﴾ في نقمته.
وأخرج ابن سعد عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال :« لما كان يوم الأحزاب حصر النبي ﷺ وأصحابه بضع عشرة ليلة حتى خلص إلى كل امرىء منهم الكرب، وحتى قال النبي ﷺ » اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم أنك إن تشأ لا تعبد « فبينما هم على ذلك إذ جاءهم نعيم بن مسعود الأشجعي، وكان يأمنه الفريقان جميعاً، فخذل بين الناس، فانطلق الأحزاب منهزمين من غير قتال. فذلك قوله ﴿ وكفى الله المؤمنين القتال ﴾ ».
وأخرج ابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال : لما كان يوم الأحزاب ردهم الله ﴿ بغيظهم لم ينالوا خيراً ﴾ فقال النبي ﷺ « من يحمي أعراض المسلمين؟ قال كعب رضي الله عنه : أنا يا رسول الله. قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه : أنا يا رسول الله. فقال : إنك تحسن الشعر. فقال حسان : أنا يا رسول الله فقال : نعم. اهجهم أنت، فإنه سيعينك عليهم روح القدس ».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ هذا الحرف ﴿ وكفى الله المؤمنين القتال ﴾ بعلي بن أبي طالب.
أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب ﴾ قال : قريظة ﴿ من صياصيهم ﴾ قال : قصورهم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ من صياصيهم ﴾ قال : حصونهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب ﴾ قال « هم بنو قريظة ظاهروا أبا سفيان، وراسلوه، ونكثوا العهد الذي بينهم وبين النبي ﷺ، فبينما النبي ﷺ عند زينب بنت جحش يغسل رأسه وقد غسلت شقه، إذ أتاه جبريل عليه السلام، فقال : عفا الله عنك. ما وضعت الملائكة عليهم السلام سلاحها منذ أربعين ليلة، فانهض إلى بني قريظة فإني قد قطعت أوتادهم، وفتحت أبوابهم، وتركتهم في زلزال وبلبال.
فأرسل رسول الله ﷺ فحاصرهم، وناداهم : يا اخوة القردة فقالوا يا أبا القاسم ما كنت فحاشا! فنزلوا على حكم سعد بن معاذ وكان بينهم وبين قومه حلف، فرجوا أن تأخذه فيهم مودة، فأومأ إليهم أبو لبابة، فأنزل الله ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول.... ﴾ [ الأنفال : ٢٧ ]. فحكم فيهم : أن تقتل مقاتلتهم، وأن تسبى ذراريهم، وأن عقارهم للمهاجرين دون الأنصار، فقال قومه وعشيرته : آثر المهاجرين بالأعقار علينا، فقال إنكم كنتم ذوي أعقار، وأن المهاجرين كانوا لا أعقار لهم. فذكر لنا : أن رسول الله ﷺ كبر، وقال : مضى فيكم بحكم الله »
.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وقذف في قلوبهم الرعب ﴾ قال : بصنيع جبريل عليه السلام ﴿ فريقاً تقتلون ﴾ قال : الذين ضربت أعناقهم وكانوا أربعمائة مقاتل، فقتلوا حتى أتوا على آخرهم ﴿ وتأسرون فريقاً ﴾ قال : الذين سبوا وكانوا فيها سبعمائة سبي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ﴿ وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم ﴾ قال : قريظة، والنضير أهل الكتاب ﴿ وأرضاً لم تطئوها ﴾ قال : خيبر. فتحت بعد قريظة.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وأرضاً لم تطئوها ﴾ قال : كنا نحدث أنها مكة، وقال الحسن رضي الله عنه : هي أرض الروم وفارس، وما فتح عليهم.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ﴿ وأرضاً لم تطئوها ﴾ قال : يزعمون أنها خيبر، ولا أحسبها إلا كل أرض فتحها الله على المسلمين، أو هو فاتحها إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن سعد عن سعيد بن جبير قال : كان يوم الخندق بالمدينة فجاء أبو سفيان بن حرب ومن تبعه من قريش، ومن تبعه من كنانة، وعيينة بن حصن ومن تبعه من غطفان، وطليحة ومن تبعه من بني أسد، وأبو الأعور ومن تبعه من بني سليم وقريظة، كان بينهم وبين رسول الله ﷺ عهد فنقضوا ذلك، وظاهروا المشركين، فأنزل الله فيهم ﴿ وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم ﴾ فأتى جبريل عليه السلام ومعه الريح، فقال حين سرى جبريل عليه السلام : ألا أبشروا ثلاثاً.
148
فأرسل الله عليهم، فهتكت القباب، وكفأت القدور، ودفنت الرجال، وقطعت الأوتاد، فانطلقوا لا يلوي أحد على أحد، فأنزل الله ﴿ إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها ﴾.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت :« خرجت يوم الخندق أقفو الناس فإذا أنا بسعد بن معاذ ورماه رجل من قريش يقال له ابن العرقة بسهم، فأصاب أكحله، فقطعه، فدعا الله سعد، فقال : اللهم لا تمتني حتى تقرعيني من قريظة، وبعث الله الريح على المشركين ﴿ وكفى الله المؤمنين القتال ﴾ ولحق أبو سفيان ومن معه بتهامة، ولحق عيينة بن بدر ومن معه بنجد، ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم، ورجع رسول الله ﷺ إلى المدينة، وأمر بقبة من أدم، فضربت على سعد رضي الله عنه في المسجد قالت : فجاء جبريل عليه السلام - وإن على ثناياه نقع الغبار - فقال : أو قد وضعت السلاح؟ لا والله ما وضعت الملائكة السلاح بعد، أخرج إلى بني قريظة فقاتلهم، فلبس رسول الله ﷺ لامته، وأذن في الناس بالرحيل : أن يخرجوا، فأتاهم فحاصرهم خمساً وعشرين ليلة، فلما اشتد حصرهم، واشتد البلاء عليهم فقيل لهم : انزلوا على حكم رسول الله ﷺ قالوا : ننزل على حكم سعد بن معاذ، فنزلوا وبعث رسول الله ﷺ إلى سعد بن معاذ، فأتي به على حمار، فقال رسول الله ﷺ : احكم فيهم فقال : إني أحكم فيهم؛ أن تقتل مقاتليهم، وتسبى ذراريهم، وتقسم أموالهم، قال : فلقد حكمت فيهم بحكم الله وحكم رسوله ».
وأخرج البيهقي عن موسى بن عقبة رضي الله عنه قال : أنزل الله في قصة الخندق، وبني قريظة تسعاً وعشرين آية فاتحتها ﴿ يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود ﴾ والله تعالى أعلم.
149
أخرج أحمد ومسلم والنسائي وابن مردويه من طريق أبي الزبير عن جابر قال :« أقبل أبو بكر رضي الله عنه يستأذن على رسول الله ﷺ، والناس ببابه جلوس، والنبي ﷺ جالس، فلم يؤذن له، ثم أذن لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فدخلا والنبي ﷺ جالس وحوله نساؤه وهو ساكت فقال عمر رضي الله عنه : لأكلمن رسول الله ﷺ لعله يضحك، فقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله لو رأيت ابنة زيد امرأة عمر سألتني النفقة آنفاً فوجأت عنقها، فضحك النبي ﷺ حتى بدا ناجذه، وقال : هن حولي يسألنني النفقة. فقام أبو بكر رضي الله عنه إلى عائشة رضي الله عنها ليضربها، وقام عمر إلى حفصة كلاهما يقولان : تسألان النبي ﷺ ما ليس عنده. فنهاهما رسول الله ﷺ عن هذا، فقلن نساؤه : والله لا نسأل رسول الله ﷺ بعد هذا المجلس ما ليس عنده. وأنزل الله الخيار فبدأ بعائشة رضي الله عنها فقال » إني ذاكر لك أمراً ما أحب أن تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك. قالت : ما هو؟ فتلا عليها ﴿ يا أيها النبي قل لأزواجك... ﴾. قالت عائشة رضي الله عنها : أفيك استأمر أبوي؟! بل اختار الله ورسوله، وأسألك أن لا تذكر إلى امرأة من نسائك امرأة ما اخترت، فقال : إن الله لم يبعثني متعنتاً، وإنما بعثني معلماً مبشراً، لا تسألني امرأة منهن عما اخترت إلا أخبرتها « ».
وأخرج ابن سعد عن أبي سلمة الحضرمي قال « جلست مع أبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وهما يتحدثان وقد ذهب بصر جابر رضي الله عنه، فجاء رجل فجلس، ثم قال : يا أبا عبد الله أرسلني إليك عروة بن الزبير، أسألك فيم هجر رسول الله ﷺ نساءه؟، فقال جابر رضي الله عنه : تركنا رسول الله ﷺ ليلة لم يخرج إلى الصلاة، فأخذنا ما تقدم وما تأخر، فاجتمعنا ببابه يسمع كلامنا ويعلم مكاننا، فأطلنا الوقوف، فلم يأذن لنا، ولم يخرج إلينا، فقلنا : قد علم رسول الله ﷺ مكانكم، ولو أراد أن يأذن لكم لأذن فتفرقوا لا تؤذوه، فتفرقوا غير عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتنحنح ويتكلم ويستأذن حتى أذن له رسول الله ﷺ. قال عمر رضي الله عنه : فدخلت عليه وهو واضع يده على خده أعرف به الكآبة، فقلت له : أي نبي الله - بأبي أنت وأمي يا رسول الله - ما الذي رابك؟ وما الذي لقي الناس بعدكم من فقدهم لرؤيتك؟ فقال : يا عمر سألتني الاماء ما ليس عندي - يعني نساءه - فذاك الذي بلغ بي ما ترى. فقلت : يا نبي الله قد صككت جميلة بنت ثابت صكة ألصقت خدها منها بالأرض لأنها سألتني ما ليس عندي، وأنت يا رسول الله على موعد من ربك، وهو جاعل بعد العسر يسراً قال : فلم أزل أكلمه حتى رأيت رسول الله ﷺ قد تحلل عنه بعض ذلك، فخرجت، فلقيت أبا بكر الصديق رضي الله عنه، فحدثته الحديث، فدخل أبو بكر على عائشة رضي الله عنها، قد علمت أن رسول الله ﷺ لا يدخر عنكن شيئاً، فلا تسأليه ما لا يجد، انظري حاجتك فاطلبيها إلي، وانطلق عمر رضي الله عنه إلى حفصة، فذكر لها مثل ذلك، ثم اتبعا أمهات المؤمنين، فجعلا يذكران لهن مثل ذلك، فأنزل الله تعالى في ذلك ﴿ يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً ﴾ يعني متعة الطلاق ويعني بتسريحهن : تطليقهن طلاقاً جميلاً ﴿ وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً ﴾.
فانطلق رسول الله ﷺ، فبدأ بعائشة رضي الله عنها فقال : إن الله قد أمرني أن أخيركن بين أن تخترن الله ورسوله والدار الآخرة، وبين أن تخترن الدنيا وزينتها، وقد بدأت بك وأنا أخيرك قالت : وهل بدأت بأحد قبلي منهن؟ قال : لا. قالت : فإني أختار الله ورسوله والدار الآخرة، فاكتم علي ولا تخبر بذاك نساءك قال رسول الله ﷺ : بل أخبرهن به، فأخبرهن رسول الله ﷺ جميعاً، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة، فكان خياره بين الدنيا والآخرة. اتخترن الآخرة أو الدنيا؟ قال ﴿ وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً ﴾ فاخترن أن لا يتزوجن بعده، ثم قال ﴿ يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة ﴾ يعني الزنا ﴿ يضاعف لها العذاب ضعفين ﴾ يعني في الآخرة ﴿ وكان ذلك على الله يسيراً، ومن يقنت منكن لله ورسوله ﴾ يعني تطيع الله ورسوله ﴿ وتعمل صالحاً نؤتها أجرها مرتين ﴾ مضاعفاً لها في الآخرة ﴿ وأعتدنا لها رزقاً كريماً ﴾ ﴿ يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ﴾ يقول فجور ﴿ وقلن قولاً معروفاً، وقرن في بيوتكن ﴾ يقول لا تخرجن من بيوتكن ﴿ ولا تبرجن ﴾ يعني إلقاء القناع فعل الجاهلية الأولى، ثم قال جابر رضي الله عنه : ألم يكن الحديث هكذا؟ قال : بلى »
.
150
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها
151
« أن رسول الله ﷺ جاءها حين أمره الله أن يخير أزواجه قالت : فبدأ بي فقال : إني ذاكر لك أمراً فلا عليك أن تستعجلي حتى تستأمري أبويك، قد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه، فقال : إن الله قال ﴿ يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها ﴾ إلى تمام الآيتين. فقلت له : ففي أي هذا استأمر أبوي، فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، وفعل أزواج النبي ﷺ مثل ما فعلت ».
وأخرج ابن سعد عن عمرو بن سعيد عن أبيه عن جده قال « لما خير رسول الله ﷺ نساءه بدأ بعائشة رضي الله عنها قال : إن الله خيرك فقالت : اخترت الله ورسوله، ثم خير حفصة رضي الله عنها فقلن جميعاً : اخترنا الله ورسوله، غير العامرية اختارت قومها، فكانت بعد تقول : أنا الشقية، وكانت تلقط البعر وتبيعه، وتستأذن على أزواج النبي ﷺ وتقول : أنا الشقية ».
وأخرج ابن سعد عن أبي جعفر رضي الله عنه قال : قال نساء رسول الله ﷺ : ما نساء أغلى مهوراً منا، فغار الله لنبيه ﷺ، فأمره أن يعتزلهن، فاعتزلهن تسعة وعشرين يوماً، ثم أمره أن يخيرهن فخيرهن.
وأخرج ابن سعد عن أبي صالح قال : اخترنه ﷺ جميعاً غير العامرية، كانت ذاهبة العقل حتى ماتت.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت « حلف رسول الله ﷺ ليهجرنا شهراً، فدخل عليَّ صبيحة تسعة وعشرين، فقلت : يا رسول الله ألم تكن حلفت لتهجرنا شهراً، قال : إن الشهر هكذا وهكذا وهكذا. وضرب بيده جميعاً، وخنس يقبض أصبعاً في الثالثة ثم قال : يا عائشة إني ذاكر لك أمراً، فلا عليك أن تعجلي حتى تستشيري أبويك، وخشي رسول الله ﷺ حداثة سني قلت : وما ذاك يا رسول الله؟ قال : إني أمرت أن أخيركن، ثم تلا هذه الآية ﴿ يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها ﴾ إلى قوله ﴿ أجراً عظيماً ﴾ قالت : فيم استشير أبوي يا رسول الله؟ بل اختار الله ورسوله، فسر رسول الله ﷺ بذلك، وسمع نساؤه فتواترن عليه ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إنما خير رسول الله ﷺ أزواجه بين الدنيا والآخرة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة والحسن رضي الله عنهما قالا : أمره الله أن يخيرهن بين الدنيا والآخرة، والجنة والنار، قال الحسن رضي الله عنه : في شيء كن أردنه من الدنيا.
152
وقال قتادة رضي الله عنه : في غيرة كانت غارتها عائشة رضي الله عنها، وكان تحته يومئذ تسع نسوة، خمس من قريش. عائشة. وحفصة. وأم حبيبة بنت أبي سفيان. وسودة بنت زمعة. وأم سلمة بنت أبي أمية. وكانت تحته صفية بنت حيي الخيبرية. وميمونة بنت الحارث الهلالية. وزينب بنت جحش الأسدية. وجويرية بنت الحارث من بني المصطلق. وبدأ بعائشة رضي الله عنها، فلما اختارت الله ورسوله والدار الآخرة رؤي الفرح في وجه رسول الله ﷺ، فتتابعن كلهن على ذلك، فلما خيرهن واخترن الله ورسوله والدار الآخرة، شكرهن الله تعالى على ذلك إذ قال ﴿ لا تحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن ﴾ فقصره الله تعالى عليهن، وهن التسع اللاتي اخترن الله ورسوله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ﴿ يا أيها النبي قل لأزواجك... ﴾. قال أمر الله تعالى نبيه ﷺ أن يخبر نساءه في هذه الآية فلم تختر واحدة منهن نفسها غير الحميرية.
وأخرج البيهقي في السنن عن مقاتل بن سليمان رضي الله عنه في قوله ﴿ يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة ﴾ يعني العصيان للنبي ﷺ ﴿ يضاعف لها العذاب ضعفين ﴾ في الآخرة ﴿ وكان ذلك على الله يسيراً ﴾ يقول : وكان عذابها عند الله هيناً ﴿ ومن يقنت ﴾ يعني من يطع منكن الله ورسوله ﴿ وتعمل صالحاً نؤتها أجرها مرتين ﴾ في الآخرة بكل صلاة أو صيام أو صدقة أو تكبيرة أو تسبيحة باللسان، مكان كل حسنة تكتب عشرين حسنة ﴿ واعتدنا لها رزقاً كريماً ﴾ يعني حسناً. وهي الجنة.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ يضاعف لها العذاب ضعفين ﴾ قال : عذاب الدنيا وعذاب الآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ﴿ يضاعف لها العذاب ضعفين ﴾ قال : يجعل عذابهن ضعفين، ويجعل على من قذفهن الحد ضعفين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله ﴿ يا نساء النبي... ﴾. قال : إن الحجة على الأنبياء أشد منها على الأتباع في الخطيئة، وإن الحجة على العلماء أشد منها على غيرهم، فإن الحجة على نساء النبي ﷺ أشد منها على غيرهن، فقال : إنه من عصى منكن فإنه يكون عليها العذاب الضعف منه على سائر نساء المؤمنين، ومن عمل صالحاً فإن الأجر لها الضعف على سائر نساء المسلمين.
153
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحاً ﴾ قال : يقول من يطع الله منكن، وتعمل صالحاً لله ورسوله بطاعته.
وأخرج ابن سعد عن عطاء بن يسار رضي الله عنه في قوله ﴿ ومن يقنت منكن لله ورسوله ﴾ يعني تطيع الله ورسوله ﴿ وتعمل صالحاً ﴾ تصوم وتصلي.
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « أربعة يؤتون أجرهم مرتين. منهم أزواج رسول الله ﷺ ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن جعفر بن محمد رضي الله عنه يجري أزواجه مجرانا في الثواب والعقاب.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ لستن كأحد من النساء ﴾ قال : كأحد من نساء هذه الأمة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ يا نساء النبي لَسْتُنَّ كأحد.... ﴾ الآية. يقول : أنتن أزواج النبي ﷺ، ومعه تنظرن إلى النبي ﷺ، وإلى الوحي الذي يأتيه من السماء، وأنتن أحق بالتقوى من سائر النساء، ﴿ فلا تخضعن بالقول ﴾ يعني الرفث من الكلام. أمرهن أن لا يَرْفِثْنَ بالكلام ﴿ فيطمع الذي في قلبه مرض ﴾ يعني الزنا.
قال : مقاربة الرجل في القول حتى ﴿ يطمع الذي في قلبه مرض ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ فلا تخضعن بالقول ﴾ قال : لا ترفثن بالقول.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ فلا تخضعن بالقول ﴾ يقول : لا ترخصن بالقول، ولا تخضعن بالكلام.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ﴿ فيطمع الذي في قلبه مرض ﴾ قال : شهوة الزنا.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله ﴿ فيطمع الذي في قلبه مرض ﴾ قال : الفجور والزنا. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم. أما سمعت الأعشى وهو يقول :
حافظ للفرج راضٍ بالتقى ليس ممن قلبه فيه مرض
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن علي رضي الله عنه قال : المرض مرضان. فمرض زنا، ومرض نفاق.
وأخرج ابن سعد عن عطاء بن يسار رضي الله عنه في قوله ﴿ فيطمع الذي في قلبه مرض ﴾ يعني الزنا ﴿ وقلن قولاً معروفاً ﴾ يعني كلاماً ظاهراً ليس فيه طمع لأحد.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله ﴿ وقلن قولاً معروفاً ﴾ يعني كلاماً ليس فيه طمع لأحد.
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن محمد بن سيرين قال : نبئت أنه قيل لسودة زوج النبي ﷺ رضي الله عنها : ما لك لا تَحُجِّين، ولا تعتمرين كما يفعل أخواتك؟! فقالت : قد حججت، واعتمرت، وأمرني الله أن أقر في بيتي، فوالله لا أخرج من بيتي حتى أموت قال : فوالله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت بجنازتها.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن سعد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر عن مسروق رضي الله عنه قال : كانت عائشة رضي الله عنها إذا قرأت ﴿ وقرن في بيوتكن ﴾ بكت حتى تبل خمارها.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه « أن النبي ﷺ قال لنسائه عام حجة الوداع هذه، ثم ظهور الحصر قال : فكان كلهن يحجن إلا زينب بنت جحش، وسودة بنت زمعة، وكانتا تقولان : والله لا تحركنا دابة بعد أن سمعنا ذلك من رسول الله ﷺ ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن أم نائلة رضي الله عنها قالت : جاء أبو برزة فلم يجد أم ولده في البيت، وقالوا ذهبت إلى المسجد، فلما جاءت صاح بها فقال : ان الله نهى النساء أن يخرجن، وأمرهن يقرن في بيوتهن، ولا يتبعن جنازة، ولا يأتين مسجداً، ولا يشهدن جمعة.
وأخرج الترمذي والبزار عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال « إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنها قال : احبسوا النساء في البيوت، فإن النساء عورة، وإن المرأة إذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان، وقال لها : إنك لا تمرين بأحد إلا أعجب بك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر رضي الله عنه قال : استعينوا على النساء بالعري، أن أحداهن إذا كثرت ثيابها، وحسنت زينتها أعجبها الخروج.
وأخرج البزار عن أنس رضي الله عنه قال :« جئن النساء إلى رسول الله ﷺ فقلن : يا رسول الله ذهب الرجال بالفضل والجهاد في سبيل الله، فما لنا عمل ندرك فضل المجاهدين في سبيل الله؟ فقال » من قعدت منكن في بيتها فإنها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله « ».
أما قوله تعالى :﴿ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ﴾.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت الجاهلية الأولى فيما بين نوح وادريس عليهما السلام، وكانت ألف سنة، وإن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل، والآخر يسكن الجبال، فكان رجال الجبال صباحاً وفي النساء دمامة، وكان نساء السهل صباحاً وفي الرجال دمامة، وإن إبليس أتى رجلاً من أهل السهل في صورة غلام، فأجر نفسه فكان يخدمه، واتخذ إبليس شبابة مثل الذي يزمر فيه الرعاء، فجاء بصوت لم يسمع الناس مثله، فبلغ ذلك من حوله، فانتابوهم يسمعون إليه، واتخذوا عيداً يجتمعون إليه في السنة، فتتبرج النساء للرجال، وتتبرج الرجال لهن، وإن رجلاً من أهل الجبل هجم عليهم في عيدهم ذلك، فرأى النساء وصباحتهن فأتى أصحابه، فأخبرهم بذلك، فتحوّلوا إليهن، فنزلوا معهن وظهرت الفاحشة فيهن، فهو قول الله ﴿ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ﴾.
155
وأخرج ابن جرير عن الحكم رضي الله عنه ﴿ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ﴾ قال : كان بين آدم ونوح عليهما السلام ثمانمائة سنة، فكان نساؤهم من أقبح ما يكون من النساء ورجالهم حسان، وكانت المرأة تريد الرجل على نفسه، فأنزلت هذه الآية.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأله فقال : أرأيت قول الله تعالى لأزواج النبي ﷺ ﴿ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ﴾ هل كانت الجاهلية غير واحدة؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما : ما سمعت بأولى إلا ولها آخرة. فقال : له عمر رضي الله عنه : فأنبئني من كتاب الله ما يصدق ذلك قال : إن الله يقول ﴿ وجاهدوا في الله حق جهاده ﴾ [ الحج : ٧٨ ] فقال عمر رضي الله عنه : من أمرنا أن نجاهد؟ قال : بني مخزوم، وعبد شمس.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ﴾ قال : تكون جاهلية أخرى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة رضي الله عنها أنها تلت هذه الآية فقالت : الجاهلية الأولى كانت على عهد إبراهيم عليه السلام.
وأخرج ابن سعد عن عكرمة رضي الله عنه قال :﴿ الجاهلية الأولى ﴾ التي ولد فيها إبراهيم عليه السلام، والجاهلية الآخرة : التي ولد فيها محمد ﷺ.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ﴿ الجاهلية الأولى ﴾ بين عيسى ومحمد ﷺ.
وأخرج ابن جرير عن الشعبيّ رضي الله عنه، مثله.
وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : كانت المرأة تخرج فتمشي بين الرجال، فذلك ﴿ تبرج الجاهلية الأولى ﴾.
وأخرج البيهقي في سننه عن أبي أذينة الصدفي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال « شر النساء المتبرجات وهن المنافقات، لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم ».
156
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ﴾ يقول : إذا خرجتن من بيوتكن، وكانت لهن مشية فيها تكسير وتغنج، فنهاهن الله عن ذلك.
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن أبي نجيح رضي الله عنه في قوله ﴿ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ﴾ قال : التبختر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه في قوله ﴿ ولا تبرجن... ﴾ قال : التبرج إنها تلقي الخمار على رأسها ولا تشده، فيواري قلائدها وقرطها وعنقها، ويبدو ذلك كله منها، وذلك التبرج، ثم عمت نساء المؤمنين في التبرج.
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما بايع النبي ﷺ النساء قال « ﴿ لا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ﴾ قالت امرأة : يا رسول الله أراك تشترط علينا أن لا نتبرج، وأن فلانة قد أسعدتني، وقد مات أخوها فقال رسول الله ﷺ : اذهبي فاستعديها ثم تعالي فبايعيني ».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر من طريق عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس، أهل البيت ﴾ قال : نزلت في نساء النبي ﷺ خاصة. وقال عكرمة رضي الله عنه : من شاء بأهلته أنها نزلت في أزواج النبي ﷺ.
وأخرج ابن مردويه من طريق سعيد بن جبير رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت في نساء النبي ﷺ.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ﴾ قال : ليس بالذي تذهبون إليه، إنما هو نساء النبي ﷺ.
وأخرج ابن سعد عن عروة رضي الله عنه ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ﴾ قال : يعني أزواج النبي ﷺ نزلت في بيت عائشة رضي الله عنها.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي ﷺ :« أن رسول الله ﷺ كان ببيتها على منامة له عليه كساء خيبري، فجاءت فاطمة رضي الله عنها ببرمة فيها خزيرة فقال رسول الله ﷺ » ادعي زوجك، وابنيك، حسناً، وحسيناً، فدعتهم فبينما هم يأكلون إذ نزلت على رسول الله ﷺ ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ﴾ فأخذ النبي ﷺ بفضلة ازاره، فغشاهم إياها، ثم أخرج يده من الكساء وأومأ بها إلى السماء، ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، فاذهب عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً، قالها ثلاث مرات. قالت أم سلمة رضي الله عنها : فادخلت رأسي في الستر فقلت : يا رسول الله وأنا معكم فقال : إنك إلى خير مرتين « ».
157
وأخرج الطبراني عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : جاءت فاطمة رضي الله عنها إلى أبيها بثريدة لها، تحملها في طبق لها حتى وضعتها بين يديه. فقال لها « أين ابن عمك؟ قالت : هو في البيت. قال : اذهبي فادعيه وابنيك، فجاءت تقود ابنيها كل واحد منهما في يد وعلي رضي الله عنه يمشي في أثرهما حتى دخلوا على رسول الله ﷺ، فأجلسهما في حجره، وجلس علي رضي الله عنه عن يمينه، وجلست فاطمة رضي الله عنها عن يساره، قالت أم سلمة رضي الله عنها : فأخذت من تحتي كساء كان بساطنا على المنامة في البيت ».
وأخرج الطبراني عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال لفاطمة رضي الله عنها « ائتني بزوجك وابنيه، فجاءت بهم، فألقى رسول الله ﷺ عليهم كساء فدكيا، ثم وضع يده عليهم، ثم قال : اللهم إن هؤلاء أهل محمد - وفي لفظ آل محمد - فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. قالت أم سلمة رضي الله عنها : فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي وقال إنك على خير ».
وأخرج ابن مردويه عن أم سلمة قالت « نزلت هذه الآية في بيتي ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ﴾ وفي البيت سبعة : جبريل، وميكائيل عليهما السلام، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، رضي الله عنهم، وأنا على باب البيت، قلت : يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال : إنك إلى خير، إنك من أزواج النبي ﷺ ».
وأخرج ابن مردويه والخطيب عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :« كان يوم أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها، فنزل جبريل عليه السلام على رسول الله ﷺ بهذه الآية ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ﴾ قال : فدعا رسول الله ﷺ بحسن، وحسين، وفاطمة، وعلي، فضمهم إليه، ونشر عليهم الثوب. والحجاب على أم سلمة مضروب، ثم قال » اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. قالت أم سلمة رضي الله عنها : فانا معهم يا نبي الله؟ قالت : أنت على مكانك، وإنك على خير « ».
وأخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه من طرق عن أم سلمة رضي الله عنها قالت :
158
« في بيتي نزلت ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ﴾ وفي البيت فاطمة، وعلي، والحسن، والحسين. فجللهم رسول الله ﷺ بكساء كان عليه، ثم قال » هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً « ».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « نزلت هذه الآية في خمسة : فيّ، وفي علي، وفاطمة، وحسن، وحسين، ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ﴾ ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت : خرج رسول الله ﷺ غداة، وعليه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما، فأدخلهما معه، ثم جاء علي فادخله معه، ثم قال ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ﴾.
وأخرج ابن جرير والحاكم وابن مردويه عن سعد قال « نزل على رسول الله ﷺ الوحي، فادخل علياً، وفاطمة، وابنيهما تحت ثوبه، ثم قال اللهم هؤلاء أهلي، وأهل بيتي ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال « جاء رسول الله ﷺ إلى فاطمة، ومعه حسن، وحسين، وعلي، حتى دخل، فأدنى علياً، وفاطمة. فاجلسهما بين يديه، وأجلس حسناً، وحسيناً. كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه وأنا مستدبرهم، ثم تلا هذه الآية ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ﴾ ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ كان يمر بباب فاطمة رضي الله عنها إذا خرج إلى صلاة الفجر ويقول « الصلاة يا أهل البيت الصلاة ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ﴾ ».
وأخرج مسلم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال « أذكركم الله في أهل بيتي، فقيل : لزيد رضي الله عنه : ومن أهل بيته، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس ».
وأخرج الحكيم والترمذي والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ
159
« إن الله قسم الخلق قسمين، فجعلني في خيرهما قسماً. فذلك قوله ﴿ وأصحاب اليمين ﴾ [ الواقعة : ٢٧ ] و ﴿ أصحاب الشمال ﴾ [ الواقعة : ٤١ ] فأنا من أصحاب اليمين، وأنا خير أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثاً، فجعلني في خيرها ثلثاً، فذلك قوله ﴿ وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون ﴾ [ الواقعة : ٨-١٠ ] فأنا من السابقين، وأنا خير السابقين، ثم جعل الأثلاث قبائل، فجعلني في خيرها قبيلة، وذلك قوله ﴿ وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾ [ الحجرات : ١٣ ] وأنا أتقى ولد آدم، وأكرمهم على الله تعالى ولا فخر. ثم جعل القبائل بيوتاً، فجعلني في خيرها بيتاً، فذلك قوله ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ﴾ فأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب ».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ﴾ قال : هم أهل بيت طهرهم الله من السوء، واختصم برحمته قال : وحدث الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه، أن نبي الله ﷺ كان يقول « نحن أهل بيت طهرهم الله من شجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، وبيت الرحمة، ومعدن العلم ».
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : لما دخل علي رضي الله عنه بفاطمة رضي الله عنها. جاء النبي ﷺ أربعين صباحاً إلى بابها يقول « السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، الصلاة رحمكم الله ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ﴾ انا حرب لمن حاربتم، أنا سلم لمن سالمتم ».
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أبي الحمراء رضي الله عنه قال « حفظت من رسول الله ﷺ ثمانية أشهر بالمدينة. ليس من مرة يخرج إلى صلاة الغداة إلا أتى إلى باب علي رضي الله عنه، فوضع يده على جنبتي الباب، ثم قال : الصلاة... الصلاة... ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ﴾ ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال « شهدنا رسول الله ﷺ تسعة أشهر، يأتي كل يوم باب علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند وقت كل صلاة فيقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ﴾ الصلاة رحمكم الله، كل يوم خمس مرات ».
وأخرج الطبراني عن أبي الحمراء رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله ﷺ يأتي باب علي، وفاطمة ستة أشهر فيقول ﴿ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ﴾.
160
أخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة ﴾ قال : القرآن، والسنة، عتب عليهن بذلك.
وأخرج ابن سعد عن أبي امامة بن سهل رضي الله عنه في قوله ﴿ واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة ﴾ قال : كان رسول الله ﷺ يصلي عند بيوت أزواجه النوافل بالليل والنهار.
أخرج أحمد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والطبراني عن أم سلمة رضي الله عنها قالت « قلت للنبي ﷺ : ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال؟ فلم يرعني منه ذات يوم إلا نداؤه على المنبر وهو يقول : يا أيها الناس إن الله يقول ﴿ إن المسلمين والمسلمات ﴾ إلى آخر الآية ».
وأخرج الفريابي وابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أم سلمة. رضي الله عنها أنها قالت للنبي ﷺ : ما لي أسمع الرجال يذكرون في القرآن والنساء لا يُذْكَرْنَ؟ فأنزل الله ﴿ إن المسلمين والمسلمات.... ﴾.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والترمذي وحسنه والطبراني وابن مردويه عن أم عمارة الأنصارية رضي الله عنها : أنها أتت النبي ﷺ فقالت : ما أرى كل شيء إلا للرجال، وما أرى النساء يذكرن بشيء! فنزلت هذه الآية ﴿ إن المسلمين والمسلمات ﴾.
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه بسند حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قالت النساء : يا رسول الله ما باله يذكر المؤمنون ولم يذكر المؤمنات؟! فنزل ﴿ إن المسلمين والمسلمات.... ﴾.
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه بسند حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قالت النساء : يا رسول الله ما باله يذكر المؤمنون ولم يذكر المؤمنات؟! فنزل ﴿ إن المسلمين والمسلمات.... ﴾.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : دخل نساء على نساء النبي ﷺ فقلن : قد ذكركن الله في القرآن، ولم نذكر بشيء أما فينا ما يذكر؟ فأنزل الله ﴿ إن المسلمين والمسلمات.... ﴾.
وأخرج ابن سعد عن عكرمة ومن وجه آخر عن قتادة رضي الله عنه قال : لما ذكر أزواج النبي ﷺ قال النساء : لو كان فينا خير لذكرن. فأنزل الله ﴿ إن المسلمين والمسلمات.... ﴾.
وأخرج ابن سعد عن عكرمة رضي الله عنه قال : قال النساء للرجال : أسلمنا كما أسلمتم، وفعلنا كما فعلتم، فتذكرون في القرآن ولا نذكر، وكان الناس يسمون المسلمين، فلما هاجروا سموا المؤمنين، فأنزل الله ﴿ إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات ﴾ يعني المطيعين والمطيعات، ﴿ والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات ﴾ شهر رمضان ﴿ والحافظين فروجهم والحافظات ﴾ يعني من النساء ﴿ والذاكرين الله كثيراً والذاكرات ﴾ يعني ذكر الله، وذكر نعمه ﴿ أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ﴿ إن المسلمين والمسلمات ﴾ يعني المخلصين لله من الرجال، والمخلصات من النساء ﴿ والمؤمنين والمؤمنات ﴾ يعني المصدقين والمصدقات ﴿ والقانتين والقانتات ﴾ يعني المطيعين والمطيعات ﴿ والصادقين والصادقات ﴾ يعني الصادقين في ايمانهم ﴿ والصابرين والصابرات ﴾ يعني على أمر الله ﴿ والخاشعين ﴾ يعني المتواضعين لله في الصلاة من لا يعرف عن يمينه ولا من عن يساره، ولا يلتفت من الخضوع لله ﴿ والخاشعات ﴾ يعني المتواضعات من النساء ﴿ والصائمين والصائمات ﴾ قال : من صام شهر رمضان وثلاثة أيام من كل شهر، فهو من أهل هذه الآية ﴿ والحافظين فروجهم والحافظات ﴾ قال : يعني فروجهم عن الفواحش، ثم أخبر بثوابهم فقال ﴿ أعد الله لهم مغفرة ﴾ يعني لذنوبهم و ﴿ أجراً عظيماً ﴾ يعني جزاء وافر في الجنة.
162
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال :« إذا أيقظ الرجل امرأته من الليل فصليا ركعتين كانا تلك الليلة من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات ».
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : لا يكتب الرجل من الذاكرين الله كثيراً حتى يذكر الله قائماً، وقاعداً، ومضطجعاً.
163
أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال « أن رسول الله ﷺ انطلق ليخطب على فتاة زيد بن حارثة، فدخل على زينب بنت جحش الأسدية، فخطبها قالت : لست بناكحته قال : بلى. فانكحيه قالت : يا رسول الله أوامر في نفسي. فبينما هما يتحدثان أنزل الله هذه الآية على رسوله ﷺ ﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً.... ﴾ قالت : قد رضيته لي يا رسول الله منكحاً قال : نعم. قالت : إذن لا أعصي رسول الله، قد أنكحته نفسي ».
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال :« خطب رسول الله ﷺ زينب بنت جحش لزيد بن حارثة، فاستنكفت منه وقالت : أنا خير منه حسباً، وكانت امرأة فيها حدة. فأنزل الله ﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة.... ﴾ ».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن قتادة رضي الله عنه قال : خطب النبي ﷺ زينب وهو يريدها لزيد رضي الله عنه، فظنت أنه يريدها لنفسه، فلما علمت أنه يريدها لزيد أبت، فأنزل الله ﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً.... ﴾. فرضيت وسلمت.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً.... ﴾ قال : زينب بنت جحش، وكراهتها زيد بن حارثة حين أمرها به محمد ﷺ.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ لزينب رضي الله عنها « إني أريد أن أزوجك زيد بن حارثة، فإني قد رضيته لك. قالت : يا رسول الله لكني لا أرضاه لنفسي، وأنا أيم قومي وبنت عمتك، فلم أكن لأفعل. فنزلت هذه الآية ﴿ وما كان لمؤمن ﴾ يعني زيداً ﴿ ولا مؤمنة ﴾ يعني زينب ﴿ إذا قضى الله ورسوله أمراً ﴾ يعني النكاح في هذا الموضع ﴿ أن تكون لهم الخيرة من أمرهم ﴾ يقول : ليس لهم الخيرة من أمرهم خلاف ما أمر الله به ﴿ ومن يَعْصِ الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً ﴾ قالت : قد أطعتك فاصنع ما شئت، فزوجها زيداً ودخل عليها ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وكانت أول امرأة هاجرت من النساء، فوهبت نفسها للنبي ﷺ، فزوجها زيد بن حارثة، فسخطت هي وأخوها وقالت : إنما أردنا رسول الله ﷺ فزوجها عبده، فنزلت.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن طاوس، أنه سأل ابن عباس رضي الله عنهما عن ركعتين بعد العصر فنهاه. وقال ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن تكون لهم الخيرة من أمرهم ﴾.
أخرج البزار وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال : جاء العباس، وعلي بن أبي طالب إلى رسول الله ﷺ فقالا « يا رسول الله جئناك لتخبرنا أي أهلك أحب إليك؟ قال : أحب أهلي إليَّ فاطمة. قالا : ما نسألك عن فاطمة قال : فاسامة بن زيد الذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه. قال علي رضي الله عنه : ثم من يا رسول الله؟ قال : ثم أنت، ثم العباس. فقال العباس رضي الله عنه : يا رسول الله جعلت عمك آخراً قال : إن علياً سبقك بالهجرة ».
وأخرج عبد بن حميد والبخاري والترمذي والنسائي وابن ابي حاتم وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه. أن هذه الآية ﴿ وتخفي في نفسك ما الله مبديه ﴾ نزلت في شأن زينب بنت جحش، وزيد بن حارثة.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري والترمذي وابن المنذر والحاكم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أنس رضي الله عنه قال « جاء زيد بن حارثة رضي الله عنه يشكو زينب إلى رسول الله ﷺ، فجعل رسول الله ﷺ يقول : اتق الله وامسك عليك زوجك فنزلت ﴿ وتخفي في نفسك ما الله مبديه ﴾ قال : أنس رضي الله عنه فلو كان رسول الله ﷺ كاتماً شيئاً لكتم هذه الآية. فتزوّجها رسول الله ﷺ، فما أولم على امرأة من نسائه ما أولم عليها. ذبح شاة ﴿ فلما قضى زيد منها وطرا زوّجناكها ﴾ فكانت تفخر على أزواج النبي ﷺ تقول : زوّجكن أهاليكن، وزوّجني الله من فوق سبع سموات ».
وأخرج ابن سعد وأحمد والنسائي وأبو يعلى وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : لما انقضت عدة زينب قال رسول الله ﷺ لزيد « اذهب فاذكرها عليَّ فانطلق قال : فلما رأيتها عظمت في صدري، فقلت : يا زينب أبشري أرسلني رسول الله ﷺ يذكرك قالت : ما أنا بصانعة شيئاً حتى أوامر ربي، فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن، وجاء رسول الله ﷺ ودخل عليها بغير إذن، ولقد رأيتنا حين دخلت على رسول الله ﷺ أطعمنا عليها الخبز واللحم، فخرج الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام، فخرج رسول الله ﷺ واتبعته، فجعل يتبع حُجَرَ نسائه يسلم عليهن ويقلن : يا رسول الله كيف وجدت أهلك؟ فما أدري أنا أخبرته أن القوم قد خرجوا أو أخبر، فانطلق حتى دخل البيت، فذهبت ادخل معه، فألقى الستر بيني وبينه، فنزل الحجاب ووعظ القوم بما وعظوا به ﴿ لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم... ﴾ ».
165
وأخرج ابن سعد والحاكم عن محمد بن يحيى بن حيان رضي الله عنه قال « جاء رسول الله ﷺ بيت زيد بن حارثة يطلبه، وكان زيد إنما يقال له زيد بن محمد، فربما فقده رسول الله ﷺ، فيجيء لبيت زيد بن حارثة يطلبه فلم يجده، وتقوم إليه زينب بنت جحش زوجته، فاعرض رسول الله ﷺ عنها فقالت : ليس هو ههنا يا رسول الله فادخل، فأبى أن يدخل، فأعجبت رسول الله ﷺ، فولى وهو يهمهم بشيء لا يكاد يفهم منه إلا ربما أعلن، سبحان الله العظيم، سبحان مصرف القلوب، فجاء زيد رضي الله عنه إلى منزله، فأخبرته امرأته أن رسول الله ﷺ أتى منزله فقال زيد رضي الله عنه : إلا قلت له أن يدخل قالت : قد عرضت ذلك عليه فأبى قال : فسمعت شيئاً قالت : سمعته حين ولى تكلم بكلام ولا أفهمه، وسمعته يقول : سبحان الله، سبحان مصرف القلوب، فجاء زيد رضي الله عنه حتى أتى رسول الله ﷺ فقال : يا رسول الله بلغني أنك جئت منزلي فهلا دخلت يا رسول الله، لعل زينب أعجبتك فأفارقها فيقول رسول الله ﷺ ﴿ أمسك عليك زوجك ﴾ فما استطاع زيد إليها سبيلاً بعد ذلك اليوم، فيأتي لرسول الله ﷺ فيخبره، فيقول :﴿ أمسك عليك زوجك ﴾ ففارقها زيد واعتزلها، وانقضت عدتها، فبينا رسول الله ﷺ جالس يتحدث مع عائشة رضي الله عنها إذ أخذته غشية، فسرى عنه وهو يتبسم ويقول : من يذهب إلى زينب، فيبشرها أن الله زوجنيها من السماء، وتلا رسول الله ﷺ ﴿ وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك ﴾ القصة كلها قالت عائشة رضي الله عنها : فأخذني ما قرب وما بعد لما يبلغنا من جمالها. وأخرى هي أعظم الأمور وأشرفها زوجها الله من السماء وقلت : هي تفخر علينا بهذه ».
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : لو كان النبي ﷺ كاتماً شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية ﴿ وإذ تقول للذي أنعم الله عليه ﴾ يعني بالإِسلام ﴿ وأنعمت عليه ﴾ بالعتق ﴿ أمسك عليك زوجك ﴾ إلى قوله ﴿ وكان أمر الله مفعولاً ﴾ وأن رسول الله ﷺ لما تزوّجها قالوا : تزوج حليلة ابنه. فأنزل الله تعالى ﴿ ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ﴾ وكان رسول الله ﷺ تبناه وهو صغير، فلبث حتى صار رجلاً يقال له : زيد بن محمد.
166
فأنزل الله ﴿ ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ﴾ يعني أعدل عند الله.
وأخرج الحاكم عن الشعبي رضي الله عنه قال : كانت زينب رضي الله عنها تقول للنبي ﷺ : أنا أعظم نسائك عليك حقاً، أنا خيرهن منكحاً، وأكرمهن ستراً، وأقربهن رحماً، وزوّجنيك الرحمن من فوق عرشه، وكان جبريل عليه السلام هو السفير بذلك، وأنا بنت عمتك، ليس لك من نسائك قريبة غيري.
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه قال : كانت زينب تقول للنبي ﷺ : إني لأدل عليك بثلاث، ما من نسائك امرأة تدل بهن. إن جدي وجدك واحد. وإني أنكحنيك الله من السماء. وان السفير لجبريل عليه السلام.
وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن أم سلمة رضي الله عنها عن زينب رضي الله عنها قالت : إني والله ما أنا كأحد من نساء رسول الله ﷺ، إنهن زوّجن بالمهور، وزوّجهن الأولياء، وزوّجني الله ورسوله، وأنزل في الكتاب يقرأه المسلمون، لا يغير ولا يبدل ﴿ وإذ تقول للذين أنعم الله عليه.... ﴾..
وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها قالت : يرحم الله زينب بنت جحش، لقد نالت في هذه الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شريف. ان الله زوجها نبيه ﷺ في الدنيا، ونطق به القرآن.
وأخرج ابن سعد عن عاصم الأحول أن رجلاً من بني أسد فاخر رجلاً فقال الأسدي : هل منكم امرأة زوجها الله من فوق سبع سموات؟ يعني زينب بنت جحش.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ إذ تقول للذي أنعم الله عليه ﴾ قال :« زيد بن حارثة أنعم الله عليه بالإِسلام ﴿ وأنعمت عليه ﴾ أعتقه رسول الله ﷺ ﴿ أمسك عليك زوجك واتق الله ﴾ يا زيد بن حارثة قال : جاء إلى النبي ﷺ فقال : يا نبي الله إن زينب قد اشتد عليّ لسانها، وأنا أريد أن أطلقها فقال له النبي ﷺ : اتق الله وامسك عليك زوجك قال : والنبي ﷺ يحب أن يطلقها، ويخشى قالة الناس إن أمره بطلاقها. فأنزل الله ﴿ وتخفي في نفسك ما الله مبديه ﴾ قال : كان يخفي في نفسه وذاته طلاقها قال : قال الحسن رضي الله عنه : ما أنزلت عليه آية كانت أشد عليه منها، ولو كان كاتماً شيئاً من الوحي لكتمها ﴿ وتخشى الناس ﴾ قال : خشي النبي ﷺ قالة الناس ﴿ فلما قضى زيد منها وطراً ﴾ قال : طلقها زيد ﴿ زوّجناكها ﴾ فكانت تفخر على أزواج النبي ﷺ تقول : أما أنتن زوّجكن آباؤكن، وأما أنا فزوّجني ذو العرش ﴿ لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهن إذا قضوا منهن وطراً ﴾ قال : إذا طلقوهن، وكان رسول الله ﷺ تبنى زيد بن حارثة رضي الله عنه ﴿ ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل ﴾ يقول : كما هوى داود النبي عليه السلام المرأة التي نظر إليها فهواها فتزوّجها، فكذلك قضى الله لمحمد ﷺ فتزوّج زينب، كما كان سنة الله في داود أن يزوّجه تلك المرأة ﴿ وكان أمر الله قدراً مقدوراً ﴾ في أمر زينب ».
167
وأخرج الحكيم الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن علي بن زيد بن جدعان قال : قال لي علي بن الحسين : ما يقول الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ وتخفي في نفسك ما الله مبديه ﴾ ؟ فقلت له.... فقال : لا. ولكن الله أعلم نبيه ﷺ أن زينب رضي الله عنها ستكون من أزواجه قبل أن يتزوّجها، فلما أتاه زيد يشكو إليه قال : اتق الله وامسك عليك زوجك فقال : قد أخبرتك أني مزوّجكها ﴿ وتخفي في نفسك ما الله مبديه ﴾.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه في قوله ﴿ ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلو من قبل ﴾ قال : يتزوّج من النساء ما شاء هذا فريضة وكان من الأنبياء عليهم السلام هذا سنتهم، قد كان لسليمان عليه السلام ألف امرأة، وكان لداود عليه السلام مائة امرأة.
وأخرج ابن المنذر والطبراني عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ سنة الله في الذين خلوا من قبل ﴾ قال : داود والمرأة التي نكحها، واسمها اليسعية فذلك سنة الله في محمد وزينب ﴿ وكان أمر الله قدراً مقدوراً ﴾ كذلك في سنته في داود والمرأة، والنبي ﷺ وزينب.
وأخرج البيهقي في سننه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : لا نكاح إلا بوليّ، وشهود، ومهر، إلا ما كان للنبي ﷺ.
وأخرج الطبراني في سننه وابن عساكر من طريق الكميت بن يزيد الأسدي قال : حدثني مذكور مولى زينب بنت جحش قالت « خطبني عدة من أصحاب النبي ﷺ، فأرسلت إليه أخي يشاوره في ذلك قال : فأين هي ممن يعلمها كتاب ربها وسنة نبيها! قالت : من؟ قال زيد بن حارثة. فغضبت وقالت : تزوّج بنت عمتك مولاك؛ ثم أتتني فأخبرتني بذلك فقلت : أشد من قولها، وغضبت أشد من غضبها، فأنزل الله تعالى ﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن تكون لهم الخيرة من أمرهم ﴾ فأرسلت إليه زوجني من شئت، فزوّجني منه، فأخذته بلساني، فشكاني إلى النبي ﷺ فقال له : اذن طلقها، فطلقني فبت طلاقي، فلما انقضت عدتي لم أشعر إلا والنبي ﷺ وأنا مكشوفة الشعر فقلت : هذا أمر من السماء دخلت يا رسول الله بلا خطبة ولا شهادة قال : الله المزوّج، وجبريل الشاهد ».
168
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت.... ﴾ قال : بلغنا أن هذه الآية أنزلت في زينب بنت جحش رضي الله عنها، وكانت امها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله ﷺ، فأراد أن يزوّجها زيد بن حارثة رضي الله عنه، فكرهت ذلك ثم إنها رضيت بما صنع رسول الله ﷺ، فزوّجها إياه، ثم أعلم الله نبيه ﷺ بعد أنها من أزواجه، فكان يستحي أن يأمر زيد بن حارثة بطلاقها، وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب بعض ما يكون بين الناس، فيأمره رسول الله ﷺ أن يمسك عليه زوجه، وأن يتقي الله، وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه، أن يقولوا : تزوّج امرأة ابنه، وكان رسول الله ﷺ قد تبنى زيداً.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أن النبي ﷺ اشترى زيد بن حارثة في الجاهلية من عكاظ بحلى امرأته خديجة ولداً، فلما بعث الله نبيه ﷺ، مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم أراد أن يزوّجه زينب بنت جحش، فكرهت ذلك فأنزل الله ﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن تكون لهم الخيرة من أمرهم... ﴾ فقيل لها : إن شئت الله ورسوله، وإن شئت ضلالاً مبيناً فقالت : بل الله ورسوله. فزوّجه رسول الله إياها، فمكثت ما شاء الله أن تمكث، ثم إن النبي ﷺ دخل يوماً بيت زيد فرآها وهي بنت عمته، فكأنها وقعت في نفسه قال عكرمة : رضي الله عنه فأنزل الله ﴿ وإذ تقول للذي أنعم الله عليه ﴾ يعني زيداً بالإِسلام ﴿ وأنعمت عليه ﴾ يا محمد بالعتق ﴿ أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ﴾ قال : عكرمة رضي الله عنه فكان النساء يقولون : من شدة ما يرون من حب النبي ﷺ لزيد رضي الله عنه أنه ابنه، فأراد الله أمراً قال الله ﴿ فلما قضى زيد منها وطراً زوَّجناكها ﴾ يا محمد ﴿ لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم ﴾ وأنزل الله ﴿ ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين ﴾ فلما طلقها زيد تزوجها النبي ﷺ فعذرها قالوا : لو كان زيد بن رسول الله ﷺ ما تزوّج امرأة ابنه.
169
وأخرج الحكيم الترمذي وابن جرير عن محمد بن عبد الله بن جحش قال : تفاخرت زينب وعائشة رضي الله عنهما فقالت زينب رضي الله عنها : أنا الذي نزل تزويجي من السماء. وقالت عائشة رضي الله عنها : أنا نزل عذري من السماء في كتابه حين حملني ابن المعطل على الراحلة. فقالت لها زينب رضي الله عنها : ما قلت حين ركبتيها؟ قالت : قلت حسبي الله ونعم الوكيل قال : قلت كلمة المؤمنين.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ﴾ قال : نزلت في زيد بن حارثة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن علي بن الحسين رضي الله عنه في قوله ﴿ ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله ﴾ قال : نزلت في زيد بن حارثة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ﴾ قال : نزلت في زيد رضي الله عنه، أي أنه لم يكن بابنه ولعمري لقد ولد له ذكور، وإنه لأبو القاسم وإبراهيم والطيب والمطهر.
وأخرج الترمذي عن الشعبي في قوله ﴿ ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ﴾ قال : ما كان ليعيش له فيكم ولد ذكر.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ ولكن رسول الله وخاتم النبيين ﴾ قال : آخر نبي.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله ﴿ وخاتم النبيين ﴾ قال : ختم الله النبيين بمحمد ﷺ، وكان آخر من بعث.
وأخرج أحمد ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « مثلي ومثل النبيين كمثل رجل بنى داراً فأتمها إلا لبنة واحدة، فجئت أنا فأتممت تلك اللبنة ».
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل ابتنى داراً فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة، فكان من دخلها فنظر إليها قال : ما أحسنها! إلا موضع اللبنة، فأنا موضع اللبنة فختم بي الأنبياء ».
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال
170
« مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى داراً بناء فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها، فجعل الناس يطوفون به ويتعجبون له، ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة؟ فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين ».
وأخرج أحمد والترمذي وصححه عن أبي بن كعب رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال « مثلي في النبيين كمثل رجل بنى داراً فأحسنها وأكملها وأجملها وترك فيها موضع هذه اللبنة لم يضعها، فجعل الناس يطوفون بالبنيان ويعجبون منه، ويقولون : لو تم موضع هذه اللبنة، فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة ».
وأخرج ابن مردويه عن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « إنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي ».
وأخرج أحمد عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال « في أمتي كذابون ودجالون سبعة وعشرون، منهم أربع نسوة وإني خاتم النبيين لا نبي بعدي ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة رضي الله عنها قالت :« قولوا خاتم النبيين، ولا تقولوا لا نبي بعده ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي رضي الله عنه قال : قال رجل عند المغيرة بن أبي شعبة صلى الله على محمد خاتم الأنبياء لا نبي بعده فقال المغيرة : حسبك إذا قلت خاتم الأنبياء، فإنا كنا نحدث أن عيسى عليه السلام خارج، فإن هو خرج فقد كان قبله وبعده.
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : كنت اقرىء الحسن والحسين، فمر بي علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأنا اقرئهما فقال لي : اقرئهما وخاتم النبيين بفتح التاء. والله الموفق.
171
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ اذكروا الله ذكراً كثيراً ﴾ يقول : لا يفرض على عبادة فريضة إلا جعل لها حداً معلوماً، ثم عذر أهلها في حال عذر غير الذكر، فإن الله تعالى لم يجعل له حداً ينتهي إليه، ولم يعذر أحداً في تركه إلا مغلوباً على عقله فقال : اذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم، بالليل والنهار، في البر والبحر، في السفر والحضر، في الغنى والفقر، والصحة والسقم، والسر والعلانية، وعلى كل حال، وقد سبحوه بكرة وأصيلاً، فإذا فعلتم ذلك صلى عليكم وهو وملائكته. قال الله تعالى ﴿ هو الذي يصلي عليكم وملائكته ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله ﴿ اذكروا الله ذكراً كثيراً ﴾ قال : باللسان، بالتسبيح، والتكبير، والتهليل، والتحميد، واذكروه على كل حال ﴿ وسبحوه بكرة وأصيلاً ﴾ يقول : صلوا لله بكرة بالغداة، وأصيلاً بالعشي.
وأخرج أحمد والترمذي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ سئل « أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة؟ قال : الذاكرون الله كثيراً قلت يا رسول الله : ومن الغازي في سبيل الله؟ قال : لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى ينكسر ويختضب دماً لكان الذاكرون الله أفضل منه درجة ».
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « سبق المفردون قالوا : وما المفردون يا رسول الله؟ قال : الذاكرون الله كثيراً ».
وأخرج أحمد والطبراني عن معاذ رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ « أن رجلاً سأله فقال : أي المجاهدين أعظم أجراً؟ قال : أكثرهم لله ذكراً قال : فأي الصائمين أعظم أجراً؟ قال : أكثرهم لله ذكراً. والصلاة، والزكاة، والحج، والصدقة. كل ذلك ورسول الله ﷺ يقول : أكثرهم لله ذكراً فقال أبو بكر لعمر رضي الله عنهما : يا أبا حفص ذهب الذاكرون بكل خير فقال رسول الله ﷺ : أجل ».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : بينما نحن نسير مع رسول الله ﷺ بالدف بين حمدان قال « يا معاذ أين السابقون؟ قلت مضى ناس قال : أين السابقون الذين يستهترون بذكر الله؟ من أحب أن يرتع في رياض الجنة فليكثر ذكر الله ».
وأخرج الطبراني عن أم أنس رضي الله عنها قالت « يا رسول الله أوصني قال : اهجري المعاصي فإنها أفضل الهجرة، وحافظي على الفرائض فإنها أفضل الجهاد، واكثري من ذكر الله فإنك لا تأتين الله بشيء أحب إليه من كثرة ذكره ».
172
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « من لم يكثر ذكر الله فقد برىء من الايمان ».
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال « أكثروا ذكر الله حتى يقولوا : مجنون ».
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ﷺ « اذكروا الله حتى يقول المنافقون : إنكم مراؤون ».
وأخرج عبدالله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي الجوزاء رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « اكثروا من ذكر الله حتى يقول المنافقون : إنكم مراؤون ».
173
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ وسبحوه بكرة وأصيلاً ﴾ قال : صلاة الصبح، وصلاة العصر.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « فيما يذكر عن ربه تبارك وتعالى اذكرني بعد الفجر، وبعد العصر ساعة، أكفك ما بينهما ».
وأخرج أحمد عن أبي امامة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال « لأن أقعد أذكر الله، وأكبره، وأحمده، وأسبحه، وأهلله، حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق رقبتين أو أكثر من ولد إسماعيل، ومن بعد العصر حتى تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب من ولد إسماعيل ».
وأخرج أحمد عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال « لا يدع رجل منكم أن يعمل لله ألف حسنة حين يصبح يقول : سبحان الله وبحمده مائة مرة، فإنها ألف حسنة فإنه لن يعمل إن شاء الله مثل ذلك في يومه من الذنوب، ويكون ما عمل من خير سوى ذلك وافراً ».
وأخرج أحمد عن معاذ بن أنس رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ قال « من قال سبحان الله العظيم نبت له غرس في الجنة ».
وأخرج ابن مردويه عن رسول الله ﷺ قال « من قال سبحان الله العظيم نبت له غرس في الجنة ».
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « عليكم بقول سبحان الله وبحمده انهما القربتان ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « من قال سبحان الله العظيم غرس له نخلة، أو شجرة في الجنة ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « من قال في يوم مائة مرة سبحان الله وبحمده حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن هلال بن يسار رضي الله عنه قال : كانت امرأة من همدان تسبح وتحصيه بالحصى أو النوى فقال لها عبدالله : ألا أدلك على خير من ذلك؟ تقولين : الله أكبر كبيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعد رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله ﷺ فقال لنا « يعجز أحدكم أن يكسب في اليوم ألف حسنة؟ فقال رجل كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال : يسبح الله مائة تسبيحة، فتكتب له ألف حسنة، وتحط عنه ألف خطيئة ».
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال : لما نزلت ﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي ﴾ قال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله ما أنزل الله عليك خيراً إلا أشركنا فيه، فنزلت ﴿ هو الذي يصلي عليكم وملائكته ﴾.
وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل عن سليم بن عامر رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى أبي أمامة فقال : إني رأيت في منامي أن الملائكة تصلي عليك كلما دخلت، وكلما خرجت، وكلما قمت، وكلما جلست، قال : وأنتم لو شئتم صلت عليكم الملائكة، ثم قرأ ﴿ يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلاً.. ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله ﴿ هو الذي يصلي عليكم وملائكته ﴾ قال : صلاة الله : ثناؤه. وصلاة الملائكة عليهم : السلام الدعاء.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : صلاة الرب : الرحمة. وصلاة الملائكة : الاستغفار.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ﴿ هو الذي يصلي عليكم وملائكته ﴾ قال : الله يغفر لكم، وتستغفر لكم ملائكته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه أنه سئل عن قوله « اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم » قال : أكرم الله أمة محمد ﷺ، فصلى عليهم كما صلى على الأنبياء فقال ﴿ هو الذي يصلي عليكم وملائكته ﴾.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ هو الذي يصلي عليكم ﴾ قال : إن بني إسرائيل سألوا موسى عليه السلام هل يصلي ربك؟ فكان ذلك كبر في صدر موسى عليه السلام، فأوحى الله إليه أخبرهم اني أصلي، وأن صلاتي ان رحمتي سبقت غضبي.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مصعب بن سعد رضي الله عنه قال : إذا قال العبد : سبحان الله. قالت الملائكة : وبحمده. وإذ قال : سبحان الله وبحمده. صلوا عليه.
وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب رضي الله عنه في الآية قال : قال بنو اسرائيل : يا موسى سل لنا ربك هل يصلي؟ فتعاظم عليه ذلك فقال « يا موسى ما يسألك قومك؟ فأخبره قال : نعم. أخبرهم اني أصلي، وإن صلاتي ان رحمتي سبقت غضبي، ولولا ذلك لهلكوا ».
وأخرج ابن مردويه عن عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه في قوله ﴿ هو الذي يصلي عليكم وملائكته ﴾ قال : صلاته على عباده « سبوح قدوس تغلب رحمتي غضبي ».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « قلت لجبريل عليه السلام : هل يصلي ربك؟ قال : نعم. قلت : وما صلاته؟ قال : سبوح قدوس سبقت رحمتي غضبي ».
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ تحيتهم يوم يلقونه سلام ﴾ تحية أهل الجنة : السلام ﴿ وأعد لهم أجراً كريماً ﴾ أي الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن أبي الدنيا في ذكر الموت وعبد بن حميد وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن البراء بن عازب رضي الله عنه في قوله ﴿ تحيتهم يوم يلقونه سلام ﴾ قال : يوم يلقون ملك الموت، ليس من مؤمن يقبض روحه إلا سلم عليه.
وأخرج المروزي في الجنائز وابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إذا جاء ملك الموت ليقبض روح المؤمن قال : ربك يقرئك السلام.
أخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والخطيب وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت ﴿ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً ﴾ وقد كان أمر علياً ومعاذ أن يسيرا إلى اليمن، فقال « انطلقا فَبَشِّرا ولا تُنَفِّرا، ويَسِّرا ولا تُعَسِّرا، فإنه قد أنزل عليَّ ﴿ يا أيها النبي أنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً ﴾ قال : شاهداً على أمتك، ومبشراً بالجنة، ونذيراً من النار، وداعياً إلى شهادة لا إله إلا الله ﴿ بإذنه وسراجاً منيراً ﴾ بالقرآن ».
وأخرج أحمد والبخاري وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال : لقيت عبدالله بن عمرو بن العاص فقلت : أخبرني عن صفة رسول الله ﷺ في التوراة قال : أجل والله انه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن ﴿ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً ﴾ وحرزاً للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل ليس بفظ، ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا تجزىء بالسيئة السيئة، ولكن تعفو وتصفح.
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن العرباض بن سارية رضي الله عنه سمعت رسول الله ﷺ يقول « إني عبدالله، وخاتم النبيين، وأبي منجدل في طينته، وأخبركم عن ذلك أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يرين، وإن أم رسول الله ﷺ رأت حين وضعته نوراً أضاءت لها قصور الشام. ثم تلا ﴿ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً ﴾ إلى قوله ﴿ منيراً ﴾ ».
وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن البصري قالا :« لما نزلت ﴿ ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ﴾ [ الفتح : ٢ ] قالوا : يا رسول الله قد علمنا ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فأنزل الله ﴿ وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً ﴾ قال : الفضل الكبير : الجنة ».
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :« اجتمع عتبة. وشيبة. وأبو جهل. وغيرهم فقالوا : أسقط السماء علينا كسفا، أو ائتنا بعذاب أو امطر علينا حجارة من السماء. فقال رسول الله ﷺ » ما ذاك إلي. إنما بعثت إليكم داعياً ومبشراً ونذيراً « ».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ﴾ قال : على أمتك بالبلاغ ﴿ ومبشراً ﴾ بالجنة ﴿ ونذيراً ﴾ من النار ﴿ وداعياً إلى الله ﴾ إلى شهادة أن لا إله إلا الله ﴿ بإذنه ﴾ قال : بأمره ﴿ وسراجاً منيراً ﴾ قال : كتاب الله يدعوهم إليه ﴿ وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيراً ﴾ وهي الجنة ﴿ ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم ﴾ قال : اصبر على أذاهم.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ ودع أذاهم ﴾ قال : اعرض عنهم.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ﴿ إذا نكحتم المؤمنات... ﴾ الآية. قال : هذا في الرجل. يتزوج المرأة ثم يطلقها من قبل أن يمسها، فإذا طلقها واحدة بانت منه لا عدة عليها تتزوج من شاءت، ثم قال ﴿ فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلاً ﴾ يقول : ان كان سمي لها صداقاً فليس لها إلا النصف، وإن لم يكن سمي لها صداقاً متعها على قدر عسره ويسره، وهو السراح الجميل.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : التي نكحت ولم يَبْنِ بها، ولم يفرض لها فليس لها صداق، وليس عليها عدة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله ﴿ إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن... ﴾ قال : هي منسوخة نسختها الآية التي في البقرة ﴿ فنصف ما فرضتم ﴾ [ البقرة : ٢٣٧ ].
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ﴾ إلى قوله ﴿ فمتعوهن ﴾ قال : هي منسوخة. نسختها الآية التي في البقرة ﴿ وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ﴾ [ البقرة : ٢٣٧ ] فصار لها نصف الصداق، ولا متاع لها.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه عن أبي العالية رضي الله عنه قالا : ليست بمنسوخة، لها نصف الصداق، ولها المتاع.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : لكل مطلقة متاع. دخل أو لم يدخل بها، فرض لها أو لم يفرض لها.
وأخرج عبد بن حميد عن حسين بن ثابت رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى علي بن حسين فسأله عن رجل قال : ان تزوجت فلانة فهي طالق قال : ليس بشيء. بدأ الله بالنكاح قبل الطلاق فقال ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن ﴾.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن رجل يقول : ان تزوجت فلانة فهي طالق. قال : ليس بشيء. إنما الطلاق لمن يملك. قال ابن مسعود رضي الله عنه : كان يقول : إذا وقت وقتاً فهو كما قال. قال : رحم الله أبا عبد الرحمن لو كان كما قال : لقال الله ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا طلقتم النساء ثم نكحتموهن ﴾ ولكن إنما قال ﴿ إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن ﴾.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن جريج رضي الله عنه قال : بلغ ابن عباس رضي الله عنهما : أن ابن مسعود يقول : إن طلق ما لم ينكح فهو جائز فقال ابن عباس رضي الله عنهما : أخطأ في هذا. إن الله تعالى يقول ﴿ إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن ﴾ ولم يقل ﴿ إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن ﴾.
178
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه تلا ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن ﴾ قال : فلا يكون طلاق حتى يكون نكاح.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : إذا قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق، أو إن تزوجت فلانة فهي طالق فليس لشيء، إنما الطلاق لمن يملك من أجل أن الله يقول ﴿ إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن ﴾.
وأخرج البيهقي في السنن من طريق عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما قالها ابن مسعود، وإن يكن قالها فزلة من عالم في الرجل يقول : إن تزوجت فلانة فهي طالق. قال الله تعالى ﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ﴾ ولم يقل ﴿ إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن ﴾.
وأخرج الحاكم وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ قال :« لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك ».
وأخرج عبد الرزاق وأبو داود والنسائي وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله ﷺ « لا طلاق فيما لا تملك، ولا بيع فيما لا تملك، ولا وفاء نذر فيما لا تملك، ولا نذر إلا فيما ابتغى وجه الله تعالى، ومن حلف على معصية فلا يمين له، ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين له ».
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله ﷺ يقول « لا طلاق فيما لا تملك، ولا عتق فيما لا تملك ».
وأخرج ابن ماجة وابن مردوية عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال « لا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل ملك ».
179
أخرج ابن سعد وابن راهويه وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت : خطبني رسول الله ﷺ فاعتذرت إليه فعذرني، فأنزل الله ﴿ يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك ﴾ إلى قوله ﴿ هاجرن معك ﴾ قالت : فلم أكن أحل له لأني لم أهاجر معه، كنت من الطلقاء.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من وجه آخر عن أم هانىء رضي الله عنها قالت نزلت فيَّ هذه الآية ﴿ وبنات عماتك اللاتي هاجرن معك ﴾ فأراد النبي ﷺ أن يتزوجني، فنهى عني إذ لم أهاجر.
وأخرج ابن سعد عن أبي صالح مولى أم هانىء قال :« خطب رسول الله ﷺ أم هانىء بنت أبي طالب فقالت : يا رسول الله إني مؤتمة، وبني صغار، فلما أدرك بنوها عرضت عليه نفسها فقال : الآن فلا. إن الله تعالى أنزل عليَّ ﴿ يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك ﴾ إلى ﴿ هاجرن معك ﴾ ولم تكن من المهاجرات ».
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك ﴾ إلى قوله ﴿ خالصة لك من دون المؤمنين ﴾ قال : فحرم الله عليه سوى ذلك من النساء، وكان قبل ذلك ينكح في أي النساء شاء، لم يحرم ذلك عليه، وكان نساؤه يجدن من ذلك وجداً شديداً أن ينكح في أي النساء أحب، فلما أنزل الله عليه. إني قد حرمت عليك من النساء سوى ما قصصت عليك أعجب ذلك نساءه.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ إنا أحللنا لك أزواجك ﴾ قال : هن أزواجه الأول اللاتي كن قبل أن تنزل هذه الآية في قوله ﴿ اللاتي آتيت أجورهن ﴾ قال : صدقاتهن ﴿ وما ملكت يمينك ﴾ قال : هي الاماء التي أفاء الله عليه.
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه في الآية قال : رخص له في بنات عمه، وبنات عماته، وبنات خاله، وبنات خالاته اللاتي هاجرن معه، أن يتزوّج منهن، ولا يتزوج من غيرهن، ورخص له في امرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي ﷺ.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ إن وهبت نفسها للنبي ﴾ قال : بغير صداق أحل له ذلك، ولم يكن ذلك أحل له إلا ﴿ خالصة لك من دون المؤمنين ﴾ قال : خاصة للنبي ﷺ.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردوية والبيهقي في السنن عن عائشة رضي الله عنها قالت : التي وهبت نفسها للنبي ﷺ، خولة بنت حكيم.
180
وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر والبيهقي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عروة رضي الله عنه : أن خولة بنت حكيم بن الأقوص كانت من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله ﷺ.
وأخرج ابن سعد عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ﴿ وامرأة مؤمنة... ﴾ قال : نزلت في أم شريك الدوسية.
وأخرج ابن سعد عن منير بن عبدالله الدوسي؛ أن أم شريك غزية بنت جابر بن حكيم الدوسية عرضت نفسها على النبي ﷺ وكانت جميلة فقبلها، فقالت عائشة رضي الله عنها : ما في امرأة حين وهبت نفسها لرجل خير قالت أم شريك رضي الله عنها : فأنا تلك فسماها الله تعالى ﴿ مؤمنة ﴾ فقال ﴿ وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي ﴾ فلما نزلت هذه الآية قالت عائشة رضي الله عنها : إن الله يسارع لك في هواك.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب وعمر بن الحكم وعبدالله بن عبيدة قالوا : تزوج رسول الله ﷺ ثلاث عشرة امرأة : ست من قريش خديجة. وعائشة. وحفصة. وأم حبيبة. وسودة. وأم سلمة، وثلاث من بني عامر بن صعصعة، وامرأتين من بني هلال. ميمونة بنت الحرث، وهي التي وهبت نفسها للنبي ﷺ. وزينب أم المساكين، وهي التي اختارت الدنيا. وامرأة من بني الحارث، وهي التي استعاذت منه. وزينب بنت جحش الأسدية. والسبيتين صفية بنت حيي. وجويرية بنت الحارث الخزاعية.
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن علي بن الحسين رضي الله عنه في قوله ﴿ وامرأة مؤمنة ﴾ هي أم شريك الأزدية التي وهبت نفسها للنبي ﷺ.
وأخرج ابن سعد عن ابن أبي عون : ان ليلى بنت الحطيم وهبت نفسها للنبي ﷺ، ووهبن نساء أنفسهن، فلم نسمع أن النبي ﷺ قبل منهن أحداً.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن الشعبي : إنها امرأة من الأنصار وهبت نفسها للنبي ﷺ، وهي ممن أرجا.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في السنن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لم يكن عند رسول الله ﷺ امرأة وهبت نفسها له.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : لا تحل الهبة لأحد بعد رسول الله ﷺ.
181
وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الزهري وإبراهيم النخعي رضي الله عنهما في قوله ﴿ خالصة لك من دون المؤمنين ﴾ قالا : لا تحل الهبة لأحد بعد رسول الله ﷺ.
وأخرج ابن أبي شيبة عن طاوس رضي الله عنه قال : لا يحل لأحد أن يهب ابنته بغير مهر إلا للنبي ﷺ.
وأخرج ابن أبي شيبة عن مكحول والزهري قالا : لم تحل الموهوبة لأحد بعد رسول الله ﷺ.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : لا يحل لرجل أن يهب ابنته بغير صداق، قد جعل الله ذلك للنبي ﷺ خاصة دون المؤمنين.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عطاء رضي الله عنه في امرأة وهبت نفسها لرجل قال : لا يصلح إلا بالصداق، لم يكن ذلك إلا للنبي ﷺ.
وأخرج البخاري وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال :« جاءت امرأة إلى النبي ﷺ فقالت : يا نبي الله هل لك في حاجة؟ فقالت ابنة أنس : ما كان أقل حياءها فقال » هي خير منك رغبت في النبي ﷺ، فعرضت نفسها عليه « ».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عروة رضي الله عنه قال : كنا نتحدث أن أم شريك رضي الله عنهما كانت ممن وهبت نفسها للنبي ﷺ، وكانت امرأة صالحة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي ﴾ قال : هي ميمونة بنت الحرث.
وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : وهبت ميمونة بنت الحرث نفسها للنبي ﷺ.
وأخرج مالك وعبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن مردويه عن سهل بن سعد الساعدي :« ان امرأة جاءت إلى النبي ﷺ، فوهبت نفسها له، فصمت فقال رجل : يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة قال » ما عندك تعطيها؟ قال : ما عندي إلا ازاري قال : ان أعطيتها ازارك جلست لا ازار لك، فالتمس شيئاً قال : ما أجد شيئاً فقال : قد زوّجناكها بما معك من القرآن « ».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ﴿ إن وهبت نفسها للنبي ﴾ قال : فعلت ولم يفعل.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ﴿ خالصة لك من دون المؤمنين ﴾ قال : لا تحل الموهوبة لغيرك، ولو ان امرأة وهبت نفسها لرجل لم تحل له حتى يعطيها شيئاً.
182
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ خالصة لك من دون المؤمنين ﴾ يقول : ليس لامرأة أن تهب نفسها لرجل بغير ولي، ولا مهر، إلا للنبي ﷺ كانت خاصة له ﷺ من دون الناس، يزعمون أنها نزلت في ميمونة بنت الحارث؛ هي التي وهبت نفسها للنبي ﷺ.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ قد علمنا ما فرضنا عليهم... ﴾ قال : فرض الله أن لا تنكح امرأة إلا بولي، وصداق، وشهداء، ولا ينكح الرجل إلا أربعاً.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم ﴾ قال : لا يجاوز الرجل أربع نسوة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله ﴿ قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم ﴾ قال : فرض عليهم أنه لا نكاح إلا بولي وشاهدين.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم ﴾ قال : فرض عليهم أن لا نكاح إلا بولي، وشاهدين، ومهر.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ لكيلا يكون عليك حرج ﴾ قال : جعله الله تعالى في حل من ذلك، وكان نبي الله ﷺ يقسم.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي أنه قيل له : ان أبا موسى نهى حين فتح تستر أن لا توطأ الحبالى، ولا يشارك المشركون في أولادهم، فإن الماء يزيد في الولد أشيء قاله برأيه، أو شيء رواه عن النبي ﷺ ؟ فقال : نهى رسول الله ﷺ يوم أوطاس أن توطأ حامل حتى تضع، أو حائل حتى تستبرأ.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال « ليس منا من وطىء حبلى ».
وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني وأبو داود وابن منيع والبغوي والباوردي وابن قانع والبيهقي والضياء عن أبي مورق مولى نجيب قال : غزونا مع رويفع بن ثابت الأنصاري نحو المغرب، ففتحنا قرية يقال لها : جربة. فقام فينا خطيباً فقال : إني لا أقول لكم إلا ما سمعت من رسول الله ﷺ، قام فينا يوم خيبر قال « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقين ماءه زرع غيره ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه قال : لما فتح تستر أصاب أبو موسى سبايا، فكتب إليه عمر رضي الله عنه : أن لا يقع أحد على امرأة حبلى حتى تضع، ولا تشاركوا المشركين في أولادهم، فإن الماء تمام الولد.
183
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه قال « نهى رسول الله ﷺ أن توطأ الحامل حتى تضع، والحائل حتى تستبرأ بحيضة ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن طاوس « أن رسول الله ﷺ أمر منادياً في غزوة غزاها : لا يطأ الرجل حاملاً حتى تضع، ولا حائلاً حتى تحيض ».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي أمامة رضي الله عنه « أن رسول الله ﷺ نهى يوم خيبر أن لا توطأ الحبالى حتى يضعن ».
184
أخرج ابن جرير عن ابن عباس ﴿ ترجي من تشاء ﴾ يقول : تؤخر.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله ﴿ ترجي من تشاء منهن ﴾ قال : أمهات المؤمنين ﴿ وتؤوي ﴾ يعني نساء النبي ﷺ، ويعني بالارجاء يقول : من شئت خليت سبيله منهن، ويعني بالايواء يقول : من أحببت أمسكت منهن. وقوله ﴿ ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن ﴾ يعني بذلك النساء اللاتي أحلهن الله له من بنات العمة، والخال، والخالة، وقوله ﴿ اللاتي هاجرن معك ﴾ يقول : إن مات من نسائك التي عندك أحد، أو خليت سبيلها، فقد أحللت لك مكان من مات من نسائك اللاتي كن عندك، أو خليت سبيلها، فقد أحللت لك أن تستبدل من اللاتي أحللت لك، ولا يصلح لك أن تزاد على عدة نسائك اللاتي عندك شيئاً.
وأخرج ابن مردويه عن مجاهد قال : كان للنبي ﷺ تسع نسوة فخشينا أن يطلقهن فقلن : يا رسول الله اقسم لنا من نفسك ومالك ما شئت، ولا تطلقنا فأنزل الله ﴿ ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ﴾ إلى آخر الآية. قال : وكان المؤويات خمسة : عائشة. وحفصة. وأم سلمة. وزينب. وأم حبيبة. والمرجآت أربعة : جويرية. وميمونة. وسودة. وصفية.
وأخرج ابن مردويه عن سعيد بن المسيب عن خولة بنت حكيم قال : وكان رسول الله ﷺ تزوّجها فارجأها فيمن أرجا من نسائه.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال : كان رسول الله ﷺ موسعاً عليه في قسم أزواجه، يقسم بينهن كيف شاء، وذلك قوله الله ﴿ ذلك أدنى أن تقر أعينهن ﴾ إذا علمن أن ذلك من الله.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان رسول الله ﷺ موسعاً عليه في قسم أزواجه أن يقسم بينهن كيف شاء، فلذلك قال الله ﴿ ذلك أدنى أن تقر أعينهن ﴾ إذا علمن أن ذلك من الله.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان رسول الله ﷺ موسعاً عليه في قسم أزواجه أن يقسم بينهن كيف شاء، فلذلك قال الله ﴿ ذلك أدنى أن تقر أعينهن ﴾ إذا علمن أن ذلك من الله.
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي. أن امرأة من الأنصار وهبت نفسها للنبي ﷺ، وكانت فيمن ارجىء.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن قال : كان النبي ﷺ إذا خطب امرأة، لم يكن لرجل أن يخطبها حتى يتزوّجها أو يتركها.
185
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن جرير عن الحسن وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة قالت : كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله ﷺ وأقول : كيف تهب نفسها؟ فلما أنزل الله ﴿ ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ﴾ قلت : ما أرى ربك الا يسارع في هواك.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول : أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل! فأنزل الله في نساء النبي ﷺ ﴿ ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ﴾ فقال عائشة رضي الله عنها : أرى ربك يسارع في هواك.
وأخرج ابن سعد عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما نزلت ﴿ ترجي من تشاء منهن ﴾ قلت : إن الله يسارع لك فيما تريد.
وأخرج ابن سعد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عن الشعبي رضي الله عنه قال : كن وهبن أنفسهن لرسول الله ﷺ، فدخل ببعضهن وارجأ بعضهن، فلم يقربن حتى توفي، ولم ينكحن بعده. منهن أم شريك فذلك قوله ﴿ ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ﴾.
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي زيد رضي الله عنه قال : همَّ رسول الله ﷺ أن يطلق من نسائه، فلما رأين ذلك أتينه فقلن : لا تخل سبيلنا وأنت في حل فيما بيننا وبينك، افرض لنا من نفسك ومالك ما شئت، فأنزل الله ﴿ ترجي من تشاء منهن ﴾ نسوة. يقول : تعزل من تشاء فارجأ منهن واوى نسوة، وكان ممن أرجىء ميمونة. وجويرية. وأم حبيبة. وصفية. وسودة. وكان يقسم بينهن من نفسه وماله ما شاء، وكان ممن آوى عائشة. وحفصة. وأم سلمة. وزينب. فكانت قسمته من نفسه وماله بينهن سواء.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب رضي الله عنه في قوله ﴿ ترجي من تشاء ﴾ قال : هذا أمر جعله الله إلى نبيه ﷺ في تأديبه نساءه، لكي يكون ذلك أقر لأعينهن، وأرضى في عيشتهن، ولم نعلم رسول الله ﷺ أرجأ منهن شيئاً، ولا عزله بعد أن خيرهن فاخترنه.
وأخرج ابن سعد عن ثعلبة بن مالك رضي الله عنه قال : هم رسول الله ﷺ أن يطلق بعض نسائه، فجعلنه في حل فنزلت ﴿ ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ﴾.
وأخرج الفريابي وابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ ترجي من تشاء منهن ﴾ قال : تعتزل من تشاء منهن لا تأتيه بغير طلاق ﴿ وتؤوي إليك من تشاء ﴾ قال : ترده إليك ﴿ ومن ابتغيت ممن عزلت ﴾ أن تؤويه إليك إن شئت.
186
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ ترجي ﴾ قال : تؤخر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : لم يكن النبي ﷺ يطلق، كان يعتزل.
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله ﷺ كان يستأذن في يوم المرأة منا بعد أن أنزلت هذه الآية ﴿ ترجي من تشاء منهن ﴾ فقلت لها : ما كنت تقولين؟ قالت : كنت أقول له : إن ذاك إلي فإني لا أريد أن أوثر عليك أحداً.
187
أخرج الفريابي والدارمي وابن سعد وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة عن زياد رضي الله عنه قال : قلت لأبي رضي الله عنه : أرأيت لو أن ازواج النبي ﷺ متن أما يحل له أن يتزوج؟ قال : وما يمنعه من ذلك! قلت : قوله ﴿ لا يحل لك النساء من بعد ﴾ فقال : إنما أحل له ضرباً من النساء، ووصف له صفة، فقال ﴿ يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك ﴾ [ الأحزاب : ٥٠ ] إلى قوله ﴿ وامرأة مؤمنة ﴾ ثم قال ﴿ لا تحل لك النساء من بعد ﴾ هذه الصفة.
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال « نهى رسول الله ﷺ عن أصناف النساء، إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات قال ﴿ لا تحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك ﴾ فأحل له الفتيات المؤمنات ﴿ وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي ﴾ [ الأحزاب : ٥٠ ] وحرم كل ذات دين إلا الإِسلام وقال ﴿ يا أيها النبي إنا أحللنا أزواجك ﴾ [ الأحزاب : ٥٠ ] إلى قوله ﴿ خالصة لك من دون المؤمنين ﴾ [ الأحزاب : ٥٠ ] وحرم ما سوى ذلك من أصناف النساء ».
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : كان عكرمة رضي الله عنه يقول ﴿ لا تحل لك النساء من بعد ﴾ هؤلاء التي سمى الله تعالى له إلا بنات عمك، وبنات عماتك، وبنات خالك، وبنات خالاتك.
وأخرج الفريابي وأبو داود وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ لا تحل لك النساء من بعد ﴾ ما بينت لك من هذه الأصناف بنات عمك، وبنات عماتك، وبنات خالك، وبنات خالاتك، وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي فأحل له من هذه الأصناف أن ينكح ما شاء.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ﴿ لا تحل لك النساء من بعد ﴾ يهوديات ولا نصرانيات لا ينبغي أن يكن أمهات المؤمنين ﴿ إلا ما ملكت يمينك ﴾ قال : هي اليهوديات والنصرانيات لا بأس أن يشتريها.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ﴿ لا تحل لك النساء من بعد ﴾ قال : يهودية ولا نصرانيه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ﴿ لا تحل لك النساء من بعد ﴾ قال :« نهي رسول الله ﷺ أن يتزوّج بعد نسائه الأول شيئاً ».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ لا تحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ﴾ قال : حبسه الله عليهن كما حبسهن عليه.
188
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أنس رضي الله عنه قال : لما خيرهن الله فاخترن الله ورسوله قصره عليهن فقال ﴿ لا تحل لك النساء من بعد ﴾.
وأخرج ابن سعد عن عكرمة قال : لما خير رسول الله ﷺ أزواجه اخترن الله ورسوله، فأنزل الله ﴿ لا تحل لك النساء من بعد ﴾ هؤلاء التسع التي اخترنك، فقد حرم عليك تزويج غيرهن.
وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : لم يمت رسول الله ﷺ حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم، وذلك قول الله ﴿ ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ﴾.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي من طريق عطاء عن عائشة رضي الله عنها قالت : لم يمت رسول الله ﷺ حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم لقوله ﴿ ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ﴾.
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس، مثله.
وأخرج ابن سعد عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام في قوله ﴿ لا تحل لك النساء من بعد ﴾ قال : حبس رسول الله ﷺ على نسائه، فلم يتزوج بعدهن.
وأخرج ابن سعد عن سليمان بن يسار رضي الله عنه قال : لما تزوّج رسول الله ﷺ الكندية، وبعث في العامريات، ووهبت له أم شريك رضي الله عنها نفسها قالت أزواجه : لئن تزوج النبي ﷺ الغرائب ما له فينا من حاجة، فأنزل الله تعالى حبس النبي ﷺ على أزواجه، وأحل له من بنات العم، والعمة، والخال، والخالة، ممن هاجر ما شاء، وحرم عليه ما سوى ذلك إلا ما ملكت اليمين غير المرأة المؤمنة التي وهبت نفسها للنبي ﷺ، وهي أم شريك.
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي ذر رضي الله عنه ﴿ لا تحل لك النساء من بعد ﴾ قال : من المشركات إلا ما سبيت فملكته يمينك.
وأخرج البزار وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل : تنزل لي عن امرأتك وأنزل لك من امرأتي؟ فأنزل الله ﴿ ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن ﴾ قال : فدخل عيينة بن حصن الفزاري على النبي ﷺ وعنده عائشة بلا اذن فقال رسول الله ﷺ
189
« أين الاستئذان؟ قال : يا رسول الله ما استأذنت على رجل من الأنصار منذ أدركت، ثم قال : من هذه الحميراء إلى جنبك؟ فقال رسول الله ﷺ : هذه عائشة أم المؤمنين قال : أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق؟ قال : يا عيينة : إن الله حرم ذلك. فلما ضن خرج قالت عائشة رضي الله عنها : من هذا؟ قال : أحمق مطاع، وأنه على ما ترين لسيد في قومه ».
وأخرج ابن المنذر عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله ﴿ ولا أن تبدل بهن من أزواج ﴾ قال : كانوا في الجاهلية يقول الرجل للرجل الآخر وله امرأة جميلة : تبادل امرأتي بامرأتك وأزيدك إلى ما ملكت يمينك؟
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه في قوله ﴿ ولا أن تبدل بهن من أزواج ﴾ قال : ذلك لو طلقهن لم يحل له أن يستبدل، وقد كان ينكح بعد ما نزلت هذه الآية ما شاء قال : ونزلت وتحته تسع نسوة، ثم تزوج بعد أم حبيبة رضي الله عنها بنت أبي سفيان، وجويرية بنت الحارث.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي بن زيد عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ ولا أن تبدل بهن من أزواج ﴾ قال : قصره الله على نسائه التسع اللاتي مات عنهن قال علي : فاخبرت علي بن الحسين رضي الله عنه فقال : لو شاء تزوج غيرهن، ولفظ عبد بن حميد فقال : بل كان له أيضاً أن يتزوج غيرهن.
وأخرج عبد بن حميد عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله ﷺ يوم نزلت هذه الآية ﴿ ولا أن تبدل بهن من أزواج ﴾ قال : كان يومئذ يتزوج ما شاء.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ﴿ وكان الله على كل شيء رقيباً ﴾ أي حفيظاً.
190
أخرج البخاري وابن جرير وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه من طرق عن أنس رضي الله عنه قال :« لما تزوج رسول الله ﷺ زينب بنت جحش رضي الله عنها دعا القوم، فطعموا ثم جلسوا يتحدثون، وإذا هو كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا، فلما رأى ذلك قام، فلما قام قام من قام، وقعد ثلاثة نفر، فجاء النبي ﷺ ليدخل، فإذا القوم جلوس، ثم إنهم قاموا، فانطلقت فجئت، فاخبرت النبي ﷺ أنهم قد انطلقوا، فجاء حتى دخل، فذهبت أدخل، فألقى الحجاب بيني وبينه، فأنزل الله تعالى ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي... ﴾ ».
وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال :« كنت مع النبي ﷺ فأتى باب امرأة عرس بها، فإذا عندها قوم، فانطلق فقضى حاجته، فرجع وقد خرجوا، فدخل وقد أرخى بيني وبينه ستراً، فذكرته لأبي طلحة فقال : لئن كان كما تقول لينزلن في هذا شيء. فنزلت آية الحجاب ».
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أنس رضي الله عنه قال « كنت أدخل على رسول الله ﷺ بغير إذن، فجئت يوماً لأدخل، فقال علي : مكانك يا بني إنه قد حدث بعدك أمر، لا تدخل علينا إلا بإذن ».
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال « دخل رجل على النبي ﷺ، فأطال الجلوس، فقام النبي ﷺ مراراً كي يتبعه ويقوم، فلم يفعل، فدخل عمر رضي الله عنه فرأى الرجل وعرف الكراهية في وجه رسول الله ﷺ، فنظر إلى الرجل المقعد فقال : لعلك آذيت النبي ﷺ، ففطن الرجل فقام، فقال النبي ﷺ : لقد قمت مراراً كي يتبعني فلم يفعل، فقال عمر رضي الله عنه : لو اتخذت حجاباً، فإن نساءك لسن كسائر النساء، وهو أطهر لقلوبهن. فأنزل الله تعالى ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي... ﴾. فأرسل إلى عمر رضي الله عنه فأخبره بذلك ».
وأخرج النسائي وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت : كنت آكل مع النبي ﷺ طعاماً في قعب، فمر عمر فدعاه فأكل، فاصابت أصبعه أصبعي فقال عمر : أوه لو أطاع فيكن ما رأتكن عين.
191
فنزلت آية الحجاب.
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال : نزل حجاب رسول الله في عمر. أكل مع النبي طعاماً، فاصاب يده بعض أيدي نساء النبي ﷺ، فأمر بالحجاب.
أخرج ابن سعد وابن جرير وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : ما بقي أحد أعلم بالحجاب مني، ولقد سألني أبي بن كعب رضي الله عنه فقلت : نزل في زينب.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي ﴾ إلى قوله ﴿ غير ناظرين إناه ﴾ قال : غير متحينين طعامه ﴿ ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ﴾ قال : كان هذا في بيت أم سلمة رضي الله عنها أكلوا ثم أطالوا الحديث، فجعل النبي ﷺ يخرج ويدخل. ويستحي منهم والله لا يستحي من الحق ﴿ وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ﴾ قال : بلغنا أنهم أمروا بالحجاب عند ذلك ﴿ لا جناح عليهن في آبائهن ﴾ قال : فرخص لهن أن لا يحتجبن من هؤلاء.
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال : كانوا يجيئون، فيدخلون بيت النبي ﷺ، فيجلسون، فيتحدثون ليدرك الطعام، فأنزل الله تعالى ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ﴾ ليدرك الطعام ﴿ ولا مستأنسين لحديث ﴾ ولا تجلسوا فتحدثوا.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله ﴿ غير ناظرين إناه ﴾ قال : الانا : النضيج. يعني إذا أدرك الطعام قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم. أما سمعت قول الشاعر :
ينعم ذاك الانا الغبيط كما ينعم غرب المحالة الجمل
وأخرج ابن جرير عن مجاهد « أن رسول الله ﷺ كان يطعم ومعه بعض أصحابه، فاصابت يد رجل منهم يد عائشة رضي الله عنها، فكره ذلك النبي ﷺ، فنزلت آية الحجاب ».
وأخرج ابن جرير عن عائشة رضي الله عنها، أن أزواج النبي ﷺ كن يخرجن بالليل إذا برزن إلى المناصع! وهو صعيداً فيح. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول للنبي ﷺ : أحجب نساءك، فلم يكن رسول الله ﷺ يفعل، فخرجت سودة رضي الله عنها بنت زمعة ليلة من الليالي عشاء، وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر رضي الله عنه بصوته ألا قد عرفناك يا سودة حرصاً على أن ينزل الحجاب، فأنزل الله تعالى الحجاب.
192
قال الله تعالى ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي... ﴾.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ غير ناظرين إناه ﴾ قال : غير متحينين نضجه ﴿ ولا مستأنسين لحديث ﴾ بعد أن تأكلوا.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ﴿ إناه ﴾ قال : نضجه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سليمان بن أرقم رضي الله عنه في قوله ﴿ ولا مستأنسين لحديث ﴾ قال : نزلت في الثقلاء.
وأخرج الخطيب عن أنس رضي الله عنه قال : كانوا إذا طعموا جلسوا عند النبي ﷺ رجاء أن يجيء شيء، فنزلت ﴿ فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ وإذا سألتموهن متاعاً ﴾ قال : أزواج النبي ﷺ عليهن الحجاب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ وإذا سألتموهن متاعاً ﴾ قال : حاجة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : فضل الناس عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأربع : بذكره الاسارى يوم بدر أمر بقتلهم، فأنزل الله ﴿ لولا كتاب من الله سبق... ﴾ [ الأنفال : ٦٨ ]. وبذكره الحجاب أمر نساء النبي ﷺ أن يحتجبن فقالت له زينب رضي الله عنها : وانك لتغار علينا يا ابن الخطاب والوحي ينزل في بيوتنا؟ فأنزل الله ﴿ وإذا سألتموهن متاعاً ﴾. وبدعوة النبي ﷺ « اللهم أيد الإِسلام بعمر » وبرأيه في أبي بكر كان أول الناس بايعه.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب رضي الله عنه قال : كان رسول الله ﷺ إذا نهض إلى بيته بادروه، فأخذوا المجالس، فلا يعرف بذلك في وجه رسول الله ﷺ، ولا ببسط يده إلى الطعام مستحياً منهم، فعوتبوا في ذلك، فأنزل الله ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي... ﴾.
وأخرج ابن سعد عن أنس رضي الله عنه قال : نزل الحجاب مبتنى رسول الله ﷺ بزينب بنت جحش رضي الله عنها، وذلك سنة خمس من الهجرة، وحجب نساؤه من يومئذ وأنا ابن خمس عشرة.
وأخرج ابن سعد عن صالح بن كيسان قال : نزل حجاب رسول الله ﷺ على نسائه في ذي القعدة، سنة خمس من الهجرة.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردوية عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله... ﴾ قال : نزلت في رجل هم أن يتزوّج بعض نساء النبي ﷺ بعده قال سفيان : ذكروا أنها عائشة رضي الله عنها.
193
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رجل : لئن مات محمد ﷺ لأتزوجن عائشة. فأنزل الله ﴿ وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله... ﴾.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال : بلغ النبي ﷺ أن رجلاً يقول : إن توفي رسول الله ﷺ تزوجت فلانة من بعده، فكان ذلك يؤذي النبي ﷺ، فنزل القرآن ﴿ وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله... ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : بلغنا أن طلحة بن عبيد الله قال : أيحجبنا محمد عن بنات عمنا، ويتزوج نساءنا من بعدنا، لئن حدث به حدث لنتزوجن نساءه من بعده. فنزلت هذه الآية.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : قال طلحة بن عبيد الله : لو قبض النبي ﷺ تزوجت عائشة رضي الله عنها. فنزلت ﴿ وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله.. ﴾.
وأخرج ابن سعد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم في قوله ﴿ وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله... ﴾ قال : نزلت في طلحة بن عبيد الله لأنه قال : إذا توفي رسول الله ﷺ تزوجت عائشة رضي الله عنها.
وأخرج البيهقي في السنن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رجل من أصحاب النبي ﷺ : لو قد مات رسول الله ﷺ تزوجت عائشة. أو أم سلمة. فأنزل الله ﴿ وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله.. ﴾.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما « أن رجلاً أتى بعض أزواج النبي ﷺ، فكلمها وهو ابن عمها. فقال النبي ﷺ : لا تقومن هذا المقام بعد يومك هذا فقال : يا رسول الله إنها ابنة عمي، والله ما قلت لها منكراً، ولا قالت لي قال النبي ﷺ : قد عرفت ذلك أنه ليس أحد أغير من الله، وأنه ليس أحد أغير مني، فمضى ثم قال : يمنعني من كلام ابنة عمي لأَتَزَوَّجَنَّها من بعده. فأنزل الله هذه الآية، فاعتق ذلك الرجل رقبة، وحمل على عشرة ابعرة في سبيل الله، وحج ماشياً في كلمته ».
وأخرج ابن مردويه عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت :« خطبني علي رضي الله عنه، فبلغ ذلك فاطمة رضي الله عنها، فأتت النبي ﷺ فقالت : إن أسماء متزوجة علياً فقال لها النبي ﷺ » ما كان لها أن تؤذي الله ورسوله « ».
194
وأخرج البيهقي في السنن عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال لامرأته : إن سرك أن تكوني زوجتي في الجنة، فلا تتزوجي بعدي، فإن المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا، فلذلك حرم أزواج النبي ﷺ أن ينكحن بعده، لأنهن أزواجه في الجنة.
وأخرج ابن سعد عن أبي امامة بن سهل بن حنيف في قوله ﴿ إن تبدوا شيئاً أو تخفوه ﴾ قال : أن تتكلموا به فتقولون : نتزوج فلانة لبعض أزواج النبي ﷺ، أو تخفوا ذلك في أنفسكم، فلا تنطقوا به يعلمه الله.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : بلغنا أن العالية بنت ظبيان طلقها النبي ﷺ قبل أن يحرم نساؤه على الناس، فنكحت ابن عم لها وولدت فيهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه في قوله ﴿ إن تبدوا شيئاً ﴾ قال : مما يكرهه النبي ﷺ ﴿ أو تخفوه في أنفسكم فإن الله كان بكل شيء عليماً ﴾ يقول : فإن الله يعلمه.
195
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ لا جناح عليهن في آبائهن ﴾ حتى بلغ ﴿ ولا نسائهن ﴾ قال : أنزلت هذه الآية في نساء النبي ﷺ خاصة وقوله ﴿ نسائهن ﴾ يعني نساء المسلمات ﴿ أو ما ملكت أيمانهن ﴾ من المماليك والاماء، ورخص لهن أن يروهن بعد ما ضرب عليهن الحجاب.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ لا جناح عليهن في آبائهن ﴾ ومن ذكر معهن أن يروهن يعني أزواج النبي ﷺ.
وأخرج ابن سعد عن الزهري رضي الله عنه أنه قيل له : من كان يدخل على أزواج النبي ﷺ ؟ قال : كل ذي رحم محرم من نسب أو رضاع قيل : فسائر الناس؟ قال : كن يحتجبن منه، حتى إنهن ليكلمنه من وراء حجاب، وربما كان ستراً واحداً، إلا المملوكين والمكاتبين، فإنهن كن لا يحتجبن منهم.
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأبو داود في ناسخه عن أبي جعفر محمد بن علي أن الحسن والحسين رضي الله عنهما كان لا يريان أمهات المؤمنين فقال ابن عباس رضي الله عنهما : أن رؤيتهما لهن لحل.
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأبو داود في ناسخه عن عكرمة رضي الله عنه قال : بلغ ابن عباس رضي الله عنهما أن عائشة رضي الله عنها احتجبت من الحسن رضي الله عنه فقال : إن رؤيته لها لتحل.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ﴿ لا جناح عليهن... ﴾ الآية. قال : لم يذكر العم والخال لأنهما ينعتانها لابنائهما.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ يصلون ﴾ يتبركون.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه قال : صلاة الله عليه : ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة عليه : الدعاء له.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن بني إسرائيل قالوا لموسى عليه السلام : هل يصلي ربك؟ فناداه ربه « يا موسى إن سألوك هل يصلي ربك؟ فقل : نعم. أنا أصلي وملائكتي على أنبيائي ورسلي » فأنزل الله على نبيه ﷺ ﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي... ﴾ الآية.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ﴿ إن الله وملائكته... ﴾ الآية. قال : لما نزلت جعل الناس يهنئونه بهذه الآية، وقال أبي بن كعب : ما أنزل فيك خيراً إلا خلطنا به معك إلا هذه الآية. فنزلت ﴿ وبشر المؤمنين... ﴾ [ التوبة : ١١٢ ].
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : صلاة الله على النبي هي مغفرته. إن الله لا يصلي ولكن يغفر، وأما صلاة الناس على النبي ﷺ فهي الاستغفار.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ « صلوا عليه كما صلّى عليه وسلموا تسليماً ».
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال :« لما نزلت ﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ﴾ قلنا : يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك، قال » قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد « ».
وأخرج ابن جرير عن يونس بن خباب قال :« خطبنا بفارس فقال ﴿ إن الله وملائكته.. ﴾ الآية. قال : انبأني من سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول : هكذا انزل فقالوا : يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك؟ فقال » قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وارحم محمداً وآل محمد كما رحمت آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد « ».
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم رضي الله عنه في قوله { إن الله وملائكته.
197
. } قالوا :« يا رسول الله هذا السلام قد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟ فقال :» قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وأهل بيته كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل بيته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد « ».
وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن أبي كثير بن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال :« لما نزلت ﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي... ﴾ قالوا : يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟ وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال » قولوا اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم، اللهم بارك على محمد كما باركت على آل إبراهيم « ».
وأخرج عبد الرزاق من طريق أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن رجل من أصحاب النبي ﷺ كان يقول : اللهم صل على محمد وعلى أهل بيته وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى أهل بيته وأزواجه وذريته، كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن مردويه عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال :« قال رجل يا رسول الله أما السلام عليك فقد علمناه فكيف الصلاة عليك؟ قال » قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد « ».
وأخرج أبو داود وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال « من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل : اللهم صل على محمد النبي، وأزواجه وذريته، وأهل بيته، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ».
وأخرج ابن عدي عن علي رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال « من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على محمد، وأزواجه، وذريته، وأمهات المؤمنين، كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد ».
وأخرج الدارقطني في الأفراد وابن النجار في تاريخه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال :« كنت عند النبي ﷺ فجاءه رجل فسلم، فرد النبي ﷺ واطلق وجهه وأجلسه إلى جنبه، فلما قضى الرجل حاجته نهض، فقال النبي ﷺ » يا أبا بكر هذا رجل يرفع له كل يوم كعمل أهل الأرض قلت : ولم ذاك؟ قال : إنه كلما أصبح صلى علي عشر مرات كصلاة الخلق أجمع قلت : وما ذاك؟ قال : يقول : اللهم صل على محمد النبي عدد من صلى عليه من خلقك، وصل على محمد النبي كما ينبغي لنا أن نصلي عليه، وصل على محمد النبي كما أمرتنا أن نصلي عليه « ».
198
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والنسائي وابن أبي عاصم والهيثم بن كليب الشاشي وابن مردويه عن طلحة بن عبيدالله قال :« قلت يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ قال » قل اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد « ».
وأخرج ابن جرير عن طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه قال :« أتى رجل النبي ﷺ فقال : سمعت الله يقول ﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي ﴾ فكيف الصلاة عليك؟ قال » قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد « ».
وأخرج ابن جرير عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال :« لما نزلت ﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي... ﴾. قمت إليه فقلت : السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال » قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد « ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري والنسائي وابن ماجة وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :« قلنا يا رسول الله هذا السلام عليك قد علمناه فكيف الصلاة عليك؟ قال » قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم « ».
وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه، « أنهم سألوا رسول الله ﷺ كيف نصلي عليك؟ قال » قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. والسلام كما قد علمتم « ».
وأخرج مالك وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه، « أن بشير بن سعد قال : يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ فسكت حتى تمنينا أنا لم نسأله، ثم قال » قولوا الله صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. والسلام كما قد علمتم «.
199
وأخرج مالك وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن مردويه عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه، « أنهم قالوا : يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله ﷺ » قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد « ».
وأخرج ابن مردويه عن علي قال :« قلت يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال » قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد « ».
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :« قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف السلام عليك فكيف نصلي عليك؟ قال » قولوا اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد، كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد «.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه قال : إذا قال الرجل في الصلاة ﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي.. ﴾ فليصل عليه.
وأخرج ابن خزيمة والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن أبي مسعود عقبة بن عمرو، »
أن رجلاً قال : يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ فصمت النبي ﷺ ثم قال « إذا أنتم صليتم عليَّ فقولوا : اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد » «.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يتشهد الرجل، ثم يصلي على النبي ﷺ، ثم يدعو لنفسه.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال »
أيما رجل مسلم لم يكن عنده صدقة فليقل في دعائه، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، وصل على المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، فإنها له زكاة «.
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال »
من قال : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، وترحم على محمد وعلى آل محمد، كما ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم؛ شهدت له يوم القيامة بالشهادة وشفعت له «.
200
وأخرج البخاري في الأدب عن أنس ومالك بن أوس بن الحدثان، أن النبي ﷺ قال « إن جبريل عليه السلام جاءني فقال : من صلى عليك واحدة صلى الله عليه عشراً، ورفع له عشر درجات ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي ﷺ « من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات، وحط عنه عشر خطيآت ».
وأخرج البخاري في الأدب ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال « من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشراً ».
وأخرج البخاري في الأدب عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه، « أن النبي ﷺ رقي المنبر، فلما رقي الدرجة الأولى قال » آمين ثم رقي الثانية فقال : آمين ثم رقي الثالثة فقال : آمين. فقالوا : يا رسول الله سمعناك تقول آمين ثلاث مرات قال : لما رقيت الدرجة الأولى جاءني جبريل فقال شقي عبد أدرك رمضان فانسلخ منه ولم يغفر له، فقلت آمين. ثم قال : شقي عبد أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة، فقلت آمين. ثم قال : شقي عبد ذكرت عنده ولم يصل عليك، فقلت آمين « ».
وأخرج البخاري في الأدب عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي ﷺ رقي المنبر فقال « آمين. آمين. آمين. قيل له : يا رسول الله ما كنت تصنع هذا؟! فقال : قال جبريل : رغم أنف عبد أدرك أبويه أو أحدهما لم يدخله الجنة، قلت : آمين. ثم قال : رغم أنف رجل دخل عليه رمضان فلم يغفر له، فقلت : آمين. ثم قال : رغم أنف امرىء ذكرت عنده فلم يصل عليك، فقلت آمين
»
. وأخرج ابن سعد وأحمد والنسائي وابن مردويه عن زيد بن أبي خارجة رضي الله عنه قال :« قلت يا رسول الله قد علمنا كيف السلام عليك فكيف نصلي عليك؟ فقال » صلوا عليَّ واجتهدوا، ثم قولوا : اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد « ».
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه، « أن رهطاً من الأنصار قالوا : يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ قال : قولوا اللهم صل على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم. فقال فتى من الأنصار : يا رسول الله من آل محمد؟ قال : كل مؤمن ».
201
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن مردويه عن بريدة رضي الله عنه قال :« قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال » قولوا اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد، كما جعلتها على إبراهيم إنك حميد مجيد « ».
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « إنكم تعرضون عليَّ بأسمائكم ومسماكم، فاحسنوا الصلاة عليَّ ».
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد عن أبي طلحة رضي الله عنه قال :« دخلت على النبي ﷺ فوجدته مسروراً، فقلت : يا رسول الله ما أدري متى رأيتك أحسن بشراً، وأطيب نفساً من اليوم قال » وما يمنعني وجبريل خرج من عندي الساعة، فبشرني أن لكل عبد صلّى عليَّ صلاة يكتب له بها عشر حسنات ويمحى عنه عشر سيئات، ويرفع له بها عشر درجات، ويعرض علي كما قالها، ويرد عليه بمثل ما دعا « ».
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عيينة قال : أخبرني يعقوب بن زيد التيمي رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « أتاني آت من ربي فقال : لا يصلي عليك عبد صلاة إلا صلّى عليه عشراً. فقال رجل : يا رسول الله ألا أجعل نصف دعائي لك؟ قال : إن شئت قال : ألا أجعل كل دعائي لك؟ قال : إذن يكفيك الله هم الدنيا والآخرة ».
وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن النجار عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : قالوا يا رسول الله أرأيت قول الله ﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي ﴾ ؟ قال « إن هذا لمن المكتوم، ولولا أنكم سألتموني عنه ما أخبرتكم! إن الله وكل بي ملكين لا أذكر عند عبد مسلم فيصلي عليَّ إلا قال ذانك الملكان : غفر الله لك، وقال الله وملائكته جواباً لذينك الملكين : آمين. ولا أذكر عند عبد مسلم فلا يصلي عليّ إلا قال : ذلك الملكان لا غفر الله لك، وقال الله وملائكته لذينك الملكين : آمين ».
وأخرج مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « من صلّى عليَّ واحدة صلى الله عليه عشراً ».
وأخرج الترمذي وحسنه وابن حبان عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال « أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة ».
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن حبان عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال « أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة ».
202
وأخرج أحمد والترمذي عن الحسين بن علي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال « البخيل من ذكرت عنده فلم يصل عليَّ ».
وأخرج ابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة رضي الله عنه قالا : قال رسول الله ﷺ « من نسي الصلاة عليَّ اخطأ طريق الجنة ».
وأخرج الترمذي وحسنه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال « ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه، ولم يصلوا على نبيهم، إلا كان عليهم ترة، فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم ».
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « ما اجتمع قوم ثم تفرقوا عن غير ذكر الله، وصلاة على النبي ﷺ إلا قاموا عن أنتن جيفة ».
وأخرج النسائي وابن أبي عاصم وأبو بكر في الغيلانيات والبغوي في الجعديات والبيهقي في الشعب والضياء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال « لا يجلس قوم مجلساً لا يصلون فيه على النبي ﷺ إلا كان عليهم حسرة، وإن دخلوا الجنة، لما يرون من الثواب ».
وأخرج البيهقي في الشعب عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « أتاني جبريل فقال : رغم أنف امرىء ذكرت عنده فلم يصل عليك ».
وأخرج القاضي إسماعيل عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « كفى به شحاً أن يذكرني قوم فلا يصلون عليَّ ».
وأخرج الأصفهاني في الترغيب والديلمي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « إن أنجاكم يوم القيامة من أهوالها ومواطنها أكثركم عليَّ في دار الدنيا صلاة، إنه قد كان في الله وملائكته كفاية، ولكن خص المؤمنين بذلك ليثيبهم عليه ».
وأخرج الخطيب في تاريخه والأصفهاني عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال :« الصلاة على النبي ﷺ أمحق للخطايا من الماء البارد، والسلام على النبيّ ﷺ أفضل من عتق الرقاب، وحب النبي ﷺ أفضل من مهج الأنفس، أو قال من ضرب السيف في سبيل الله ».
وأخرج ابن عدي عن ابن عمر رضي الله عنهما وأبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ « صلوا عليَّ، صلى الله عليكم ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال :
203
« قال رجل يا رسول الله أرأيت ان جعلت صلاتي كلها عليك؟ قال » إذاً يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك « ».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه قال : أصبح رسول الله ﷺ يوماً طيب النفس، يرى في وجهه البشر، قالوا : يا رسول الله أصبحت اليوم طيباً يرى في وجهك البشر قال « أتاني آت من ربي فقال : من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئآت، ورفع له عشر درجات، ورد عليه مثلها » وفي لفظ فقال :« أتاني الملك فقال : يا محمد أما يرضيك أن ربك يقول : إنه لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشراً، ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشراً، قال : بلى ».
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان وابن عساكر وابن المنذر في تاريخه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « إن أقربكم مني يوم القيامة في كل موطن أكثركم عليَّ صلاة في الدنيا، من صلّى عليَّ يوم الجمعة وليلة الجمعة مائة مرة قضى الله له مائة حاجة، سبعين من حوائج الآخرة، وثلاثين من حوائج الدنيا، ثم يوكل الله بذلك ملكاً يدخله في قبري كما يدخل عليكم الهدايا، يخبرني بمن صلّى عليَّ باسمه ونسبه إلى عشرة، فأثبته عندي في صحيفة بيضاء ».
وأخرج البيهقي في الشعب والخطيب وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « من صلّى عليَّ عند قبري سمعته، ومن صلّى عليَّ نائياً كفى أمر دنياه وآخرته، وكنت له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة ».
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « أكثروا الصلاة عليَّ يوم الجمعة، فإنها معروضة عليّ ».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والطبراني والحاكم في الكنى عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « من صلّى عليَّ صلاة صلّى الله عليه عشراً، فأكثروا أو أقلوا ».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه كان إذا صلى على النبي ﷺ قال : اللهم تقبل شفاعة محمد الكبرى، وارفع درجته العليا، وأعطه سؤله في الآخرة والأولى، كما آتيت إبراهيم وموسى.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن ماجة وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إذا صليتم على النبي ﷺ فأحسنوا الصلاة عليه، فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه.
204
قالوا : فعلمنا. قال : قولوا اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين، محمد عبدك ورسولك، إمام الخير، وقائد الخير، ورسول الرحمة، اللهم ابعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأوّلون والآخرون، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :« قلنا يا رسول الله قد عرفنا كيف السلام عليك فكيف نصلي عليك؟ قال » قولوا اللهم صل على محمد وأبلغه درجة الوسيلة من الجنة، اللهم اجعل في المصطفين محبته، وفي المقربين مودته، وفي عليين ذكره وداره، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد « ».
وأخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة رضي الله عنها قالت : زينوا مجالسكم بالصلاة على النبي ﷺ.
وأخرج الشيرازي في الألقاب عن زيد بن وهب قال :« قال ابن مسعود رضي الله عنه : يا زيد بن وهب لا تدع إذا كان يوم الجمعة أن تصلي على النبي ألف مرة، تقول : اللهم صل على النبي الأمي ».
وأخرج عبد الرزاق والقاضي إسماعيل وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال « صلوا على أنبياء الله ورسله، فإن الله بعثهم كما بعثني ».
وأخرج ابن أبي شيبة والقاضي إسماعيل وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا تصلح الصلاة على أحد إلا النبي ﷺ، ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن حميدة قالت : أوصت لنا عائشة رضي الله عنها بمتاعها، فكان في مصحفها ﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي ﴾ والذين يصفون الصفوف الأول.
205
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ إن الذين يؤذون الله ورسوله ﴾ الآية. قال : نزلت في الذين طعنوا على النبي ﷺ حين أخذ صفية بنت حيي رضي الله عنها.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت في عبدالله بن أُبي، وناس معه قذفوا عائشة رضي الله عنها، فخطب النبي ﷺ وقال « من يعذرني في رجل يؤذيني، ويجمع في بيته من يؤذيني » فنزلت.
وأخرج الحاكم عن ابن أبي مليكة قال : جاء رجل من أهل الشام، فسب علياً رضي الله عنه عند ابن عباس رضي الله عنهما، فحصبه ابن عباس رضي الله عنهما وقال : يا عدوّ الله آذيت رسول الله ﴿ إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة ﴾ لو كان رسول الله ﷺ حياً لآذتيه.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة ﴾ قال : آذوا الله فيما يدعون معه، وآذوا رسول الله قالوا : إنه ساحر مجنون.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ﴿ إن الذين يؤذون الله ورسوله ﴾ قال : أصحاب التصاوير.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : ذكر لنا أن نبي الله ﷺ كان يقول فيما يروي عن ربه تعالى « شتمني ابن آدم ولم ينبغ له أن يشتمني، وكذبني ولم ينبغ له أن يكذبني، فأما شتمه إياي فقوله ﴿ اتخذ الله ولداً ﴾ [ البقرة : ١١٦ ] وأنا الأحد الصمد، وأما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني. قال قتادة : إن كعباً رضي الله عنه كان يقول : يخرج يوم القيامة عنق من النار فيقول : يا أيها الناس إني وكلت منكم بثلاث، بكل عزيز كريم، وبكل جبار عنيد، وبمن دعا مع الله إلهاً آخر، فيلتقطهم كما يلتقط الطير الحب من الأرض، فتنطوي عليهم فتدخل النار، فتخرج عنق أخرى فتقول : يا أيها الناس أني وكلت منكم بثلاثة : بمن كذب الله، وكذب على الله، وآذى الله، فأما من كذب الله، فمن زعم أن الله لا يبعثه بعد الموت، وأما من كذب على الله، فمن زعم أن الله يتخذ ولداً، وأما من آذى الله : فالذين يصورون ولا يحيون. فتلقطهم كما تلقط الطير الحب من الأرض، فتنطوي عليهم، فتدخل النار ».
أخرج الفريابي وابن سعد في الطبقات وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات ﴾ قال : يقعون ﴿ بغير ما اكتسبوا ﴾ يقول : بغير ما علموا ﴿ فقد احتملوا بهتاناً ﴾ قال : إثماً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : يلقى الجرب على أهل النار، فيحكون حتى تبدو العظام، فيقولون : ربنا بم أصابنا هذا؟ فيقال : بأذاكم المسلمين.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : إياكم وأذى المؤمنين فإن الله يحوطهم، ويغضب لهم، وقد زعموا أن عمر بن الخطاب قرأها ذات يوم، فأفزعه ذلك حتى ذهب إلى أُبي بن كعب رضي الله عنه، فدخل عليه فقال : يا أبا المنذر إني قرأت آية من كتاب الله تعالى فوقعت مني كل موقع ﴿ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات ﴾ والله إني لأعاقبهم وأضربهم فقال له : إنك لست منهم، إنما أنت معلم.
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : إني لأبغض فلاناً، فقيل للرجل : ما شأن عمر رضي الله عنه يبغضك! فلما أكثر القوم في الذكر جاء فقال : يا عمر أفتقت في الإِسلام فتقاً؟ قال : لا. قال : فجنيت جناية؟ قال : لا. قال : أحدثت حدثاً؟ قال : لا. قال : فعلام تبغضني وقد قال الله ﴿ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً ﴾ ؟! فقد آذيتني فلا غفرها الله لك. فقال عمر رضي الله عنه : صدق والله ما فتق فتقاً، ولا ولا فاغفرها لي، فلم يزل به حتى غفرها له.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عمر رضي الله عنهما ﴿ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات ﴾ إلى قوله ﴿ وإثماً مبيناً ﴾ قال : فكيف بمن أحسن إليهم يضاعف لهم الأجر.
وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن عبدالله بن يسر رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال « ليس منَّا ذو حسد، ولا نميمة، ولا خيانة، ولا إهانة، ثم تلا رسول الله ﷺ هذه الآية ﴿ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات... ﴾ ».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله ﷺ لأصحابه « أي الربا أربى عند الله؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : أربى الربا عند الله استحلال عرض امرىء مسلم، ثم قرأ ﴿ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا.. ﴾ ».
أخرج ابن سعد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت :« خرجت سودة رضي الله عنها بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها، وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر رضي الله عنه فقال : يا سودة إنك والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين، فانكفأت راجعة ورسول الله ﷺ في بيتي، وإنه ليتعشى، وفي يده عِرْقٌ فدخلت وقالت : يا رسول الله إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر رضي الله عنه : كذا.. كذا.. فأوحي إليه ثم رفع عنه وان العِرْقَ في يده فقال : إنه قد أذن لكن ان تخرجن لحاجتكن ».
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : كان نساء النبي ﷺ يخرجن بالليل لحاجتهن، وكان ناس من المنافقين يتعرضون لهن فيؤذين، فقيل ذلك للمنافقين فقالوا : إنما نفعله بالإِماء. فنزلت هذه الآية ﴿ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ﴾ فأمر بذلك حتى عرفوا من الأماء.
وأخرج ابن جرير عن أبي صالح رضي الله عنه قال : قدم النبي ﷺ المدينة على غير منزل، فكان نساء النبي ﷺ وغيرهن إذا كان الليل خرجن يقضين حوائجهن، وكان رجال يجلسون على الطريق للغزل، فأنزل الله ﴿ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك... ﴾. يعني بالجلباب حتى تعرف الأمة من الحرة.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : كان رجل من المنافقين يتعرض لنساء المؤمنين يؤذيهن، فإذا قيل له قال : كنت أحسبها أمة، فأمرهن الله تعالى أن يخالفن زي الأماء، ويدنين عليهن من جلابيبهن، تخمر وجهها إلا إحدى عينيها ﴿ ذلك أدنى أن يعرفن ﴾ يقول : ذلك أحرى أن يعرفن.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال : أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عيناً واحدة.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : لما نزلت هذه الآية ﴿ يدنين عليهن من جلابيبهن ﴾ خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان، من أكسيه سود يلبسنها.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي قلابة رضي الله عنه قال : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يدع في خلافته أمة تقنع ويقول : إنما القناع للحرائر لكيلا يؤذين.
208
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أنس رضي الله عنه قال : رأى عمر رضي الله عنه جارية مقنعة، فضربها بدرته وقال : القي القناع لا تشبهين بالحرائر.
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : رحم الله نساء الأنصار، لما نزلت ﴿ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين... ﴾. شققن مروطهن. فاعتجرن بها، فصلين خلف رسول الله ﷺ، كأنما على رؤوسهن الغربان.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن شهاب رضي الله عنه أنه قيل له : الأمة تزوج فتخمر قال ﴿ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ﴾ فنهى الله الاماء أن يتشبهن بالحرائر.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال : سألت عبيدة رضي الله عنه عن هذه الآية ﴿ يدنين عليهن من جلابيبهن ﴾ فرفع ملحفة كانت عليه فقنع بها، وغطى رأسه كله حتى بلغ الحاجبين، وغطى وجهه، وأخرج عينه اليسرى من شق وجهه الأيسر مما يلي العين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ﴿ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ﴾ قال : أخذ الله عليهن إذا خرجن أن يعدنها على الحواجب ﴿ ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ﴾ قال : قد كانت المملوكة يتناولونها، فنهى الله الحرائر أن يتشبهن بالاماء.
وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي في الآية قال : كن النساء يخرجن إلى الجبابين لقضاء حوائجهن، فكان الفساق يتعرضون لهن، فيؤذونهن فأمرهن الله أن يدنين عليهن من جلابيبهن، حتى تعلم الحرة من الأمة.
وأخرج عبد بن حميد عن معاوية بن قرة أن ذعارا من ذعار أهل المدينة كانوا يخرجون بالليل، فينظرون النساء ويغمزونهن، وكانوا لا يفعلون ذلك بالحرائر إنما يفعلون ذلك بالإِماء، فأنزل الله هذه الآية ﴿ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين ﴾ إلى آخر الآية.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : كانت الحرة تلبس لباس الأمة، فأمر الله نساء المؤمنين أن يدنين عليهم من جلابيبهن، وأدنى الجلباب : أن تقنع، وتشده على جبينها.
وأخرج ابن سعد عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعْرَفْنَ فلا يُؤْذَيْنَ ﴾ قال : أماؤكن بالمدينة يتعرض لهن السفهاء فيؤذين، فكانت الحرة تخرج، فيحسب أنها أمة فتؤذى، فأمرهن الله أن يدنين عليهن من جلابيبهن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في الآية قال : كان أناس من فساق أهل المدينة بالليل حين يختلط الظلام، يأتون إلى طرق المدينة فيتعرضون للنساء، وكانت مساكن أهل المدينة ضيقة، فإذا كان الليل خرج النساء إلى الطرق، فيقضين حاجتهن، فكان أولئك الفساق يتبعون ذلك منهن، فإذا رأوا امرأة عليها جلباب قالوا : هذه حرة فكفوا عنها، وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب قالوا : هذه أمة فوثبوا عليها.
209
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ﴿ يدنين عليهن من جلابيبهن ﴾ قال : يسدلن عليهن من جلابيبهن. وهو القناع فوق الخمار، ولا يحل لمسلمة أن يراها غريب إلا أن يكون عليها القناع فوق الخمار وقد شدت به رأسها ونحرها.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : تدني الجلباب حتى لا يرى ثغرة نحرها.
وأخرج ابن المنذر عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه في قوله ﴿ يدنين عليهن من جلابيبهن ﴾ قال : هو الرداء.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ يدنين عليهن من جلابيبهن ﴾ قال : يتجلببن بها فيعلمن أنهن حرائر، فلا يعرض لهن فاسق بأذى من قول ولا ريبه.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال : سألت عبيداً السلماني رضي الله عنه عن قول الله ﴿ يدنين عليهن من جلابيبهن ﴾ فتقنع بملحفة، فغطى رأسه ووجهه، وأخرج احدى عينيه.
210
أخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : إن أناساً من المنافقين أرادوا أن يظهروا نفاقهم، فنزلت فيهم ﴿ لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ﴾ لنحرشنك بهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال ( الارجاف ) الكذب الذي كان يذيعه أهل النفاق ويقولون : قد أتاكم عدد وعدة. وذكر لنا : إن المنافقين أرادوا أن يظهروا ما في قلوبهم من النفاق، فأوعدهم الله بهذه الآية ﴿ لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض... ﴾ إلى قوله ﴿ لنغرينك بهم ﴾ أي لنحملك عليهم، ولنحرشنك بهم، فلما أوعدهم الله بهذه الآية كتموا ذلك وأسروه ﴿ ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً ﴾ أي بالمدينة ﴿ ملعونين ﴾ قال : على كل حال ﴿ أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلاً ﴾ قال : إذا هم أظهروا النفاق ﴿ سنة الله في الذين خلوا من قبل ﴾ يقول : هكذا سنة الله فيهم إذا أظهروا النفاق.
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله ﴿ لئن لم ينته المنافقون ﴾ قال : يعني المنافقين بأعيانهم ﴿ والذين في قلوبهم مرض ﴾ شك. يعني المنافقين أيضاً.
وأخرج ابن سعد عن عبيد بن حنين رضي الله عنه في قوله ﴿ لئن لم ينته المنافقون ﴾ قال : عرف المنافقين بأعيانهم ﴿ والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة ﴾ هم المنافقون جميعاً.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن طاوس رضي الله عنه في الآية قال : نزلت في بعض أمور النساء.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال : سألت عكرمة رضي الله عنه عن قول الله ﴿ لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض ﴾ قال : أصحاب الفواحش.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله ﴿ والذين في قلوبهم مرض ﴾ قال : أصحاب الفواحش.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله ﴿ والذين في قلوبهم مرض ﴾ قال : كانوا مؤمنين، وكان في أنفسهم أن يزنوا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ﴿ لئن لم ينته المنافقون ﴾ قال : كان النفاق على ثلاثة وجوه : نفاق مثل نفاق عبدالله بن أبي بن سلول. ونفاق مثل نفاق عبدالله بن نبتل، ومالك بن داعس، فكان هؤلاء وجوهاً من وجوه الأنصار، فكانوا يستحبون أن يأتوا الزنا يصونون بذلك أنفسهم ﴿ والذين في قلوبهم مرض ﴾ قال : الزنا إن وجدوه عملوه، وإن لم يجدوه لم يبتغوه. ونفاق يكابرون النساء مكابرة، وهم هؤلاء الذين كانوا يكابرون النساء ﴿ لَنُغْرِيَنَّكَ بهم ﴾ يقول : لَنُعلِّمَنَّك بهم، ثم قال ﴿ ملعونين ﴾ ثم فصله في الآية ﴿ أينما ثقفوا ﴾ يعملون هذا العمل مكابرة النساء ﴿ أخذوا وقتلوا تقتيلاً ﴾ قال : السدي رضي الله عنه : هذا حكم في القرآن ليس يعمل به.
211
لو أن رجلاً أو أكثر من ذلك اقتصوا أثر امرأة، فغلبوها على نفسها، ففجروا بها كان الحكم فيهم غير الجلد والرجم. أن يؤاخذوا فتضرب أعناقهم ﴿ سنة الله في الذين خلوا من قبل ﴾ كذلك كان يفعل بمن مضى من الأمم ﴿ ولن تجد لسنة الله تبديلاً ﴾ قال : فمن كابر امرأة على نفسها فغلبها فقتل، فليس على قاتله دية لأنه مكابر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ لنغرينك بهم ﴾ قال : لنسلطنك عليهم.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والخطيب في تالي التلخيص عن محمد بن سيرين رضي الله عنه في قوله ﴿ لئن لم ينته المنافقون... ﴾ قال : لا أعلم أغري بهم حتى مات.
وأخرج ابن الأنباري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله ﴿ لنغرينك بهم ﴾ قال : لنولعنك قال الحارث بن حلزة :
212
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال : كل شيء في القرآن ﴿ وما يدريك ﴾ فلم يخبره به، وما كان « ما أدراك » فقد أخبره.
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا ﴾ أي رؤوسنا في الشر والشرك ﴿ ربنا آتهم ضعفين من العذاب ﴾ يعني بذلك جهنم.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ﴿ سادتنا وكبراءنا ﴾ قال : منهم أبو جهل بن هشام.
أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « إن موسى عليه السلام كان رجلاً حيياً ستيراً لا يرى من جلده شيء استحياء منه، فأذاه من أذاه من بني إسرائيل، وقالوا ما يستتر هذا الستر إلا من عيب بجلده. إما برص، وإما أدرة، وإما آفة، وإن الله أراد أن يبرئه مما قالوا، وان موسى عليه السلام خلا يوماً وحده، فوضع ثيابه على حجر، ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عدا بثوبه، فأخذ موسى عليه السلام عصاه، وطلب الحجر، فجعل يقول : ثوبي حجر ثوبي حجر! حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل، فرأوه عرياناً أحسن ما خلق الله، وأبرأه مما يقولون، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه، وطفق بالحجر ضرباً بعصاه، فوالله إن بالحجر لندباً من أثر ضربه. ثلاثاً. أو أربعاً أو خمساً. فذلك قوله ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا ﴾ ».
وأخرج البزار وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :« كان موسى رجلاً حيياً، وإنه أتى ليغتسل، فوضع ثيابه على صخرة، وكان لا يكاد تبدو عورته، فقالت بنو إسرائيل : إن موسى عليه السلام آدر به آفة - يعنون أنه لا يضع ثيابه - فاحتملت الصخرة ثيابه حتى صارت بحذاء مجالس بني إسرائيل، فنظروا إلى موسى عليه السلام كأحسن الرجال، فأنزل الله ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهاً ﴾ ».
وأخرج أحمد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « إن موسى بن عمران كان إذا أراد أن يدخل الماء لم يلق ثوبه حتى يواري عورته في الماء ».
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ لا تكونوا كالذين آذوا موسى ﴾ قال : قال له قومه : إنه آدر. فخرج ذات يوم يغتسل، فوضع ثيابه على صخرة، فخرجت الصخرة تشتد بثيابه، فخرج موسى عليه السلام يتبعها عرياناً حتى انتهت به إلى مجالس بني إسرائيل، فرأوه وليس بآدر، فذلك قوله ﴿ فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهاً ﴾.
وأخرج ابن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله ﴿ لا تكونوا كالذين آذوا موسى ﴾ قال : صعد موسى وهارون الجبل، فمات هارون عليه السلام فقالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام : أنت قتلته، كان أشد حباً لنا منك وألين، فآذوه من ذلك، فأمر الله الملائكة عليهم السلام، فحملته فمروا به على مجالس بني إسرائيل، وتكلمت الملائكة عليهم السلام بموته، فبرأه الله من ذلك، فانطلقوا به فدفنوه ولم يعرف قبره إلا الرُخَّم، وأن الله جعله أصم أبكم.
215
وأخرج الحاكم وصححه من طريق السدي رضي الله عنه عن أبي مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن مرة عن ابن مسعود رضي الله عنه وناس من الصحابة. أن الله أوحى إلى موسى عليه السلام : إني متوفِ هارون، فائت به جبل كذا وكذا.. فانطلقا نحو الجبل، فإذا هم بشجرة وبيت فيه سرير عليه فرش وريح طيب، فلما نظر هارون عليه السلام إلى ذلك الجبل والبيت وما فيه أعجبه قال : يا موسى إني أحب أن أنام على هذا السرير قال : نم عليه قال : نم معي. فلما ناما أخذ هارون عليه السلام الموت، فلما قبض رفع ذلك البيت، وذهبت تلك الشجرة، ورفع السرير إلى السماء، فلما رجع موسى عليه السلام إلى بني إسرائيل قالوا : قتل هارون عليه السلام وحسده حب بني إسرائيل له، وكان هارون عليه السلام أكف عنهم وألين لهم، وكان موسى عليه السلام فيه بعض الغلظة عليهم، فلما بلغه ذلك قال : ويحكم انه كان أخي أفتروني أقتله! فلما أكثروا عليه قام يصلي ركعتين، ثم دعا الله، فنزلت الملائكة بالسرير حتى نظروا إليه بين السماء والأرض فصدقوه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزل الله ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا ﴾ قال : لا تؤذوا محمداً، كما آذى قوم موسى. موسى.
وأخرج البخاري ومسلم وابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :« قسم رسول الله ﷺ قسماً فقال رجل : إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله، فذكر ذلك للنبي ﷺ، فاحمر وجهه ثم قال » رحمة الله على موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر « ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ وكان عند الله وجيهاً ﴾ قال : مستجاب الدعوة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سنان عمن حدثه في قوله ﴿ وكان عند الله وجيهاً ﴾ قال : ما سأل موسى عليه السلام ربه شيئاً قط إلا أعطاه إياه إلا النظر.
216
أخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : صلّى بنا رسول الله ﷺ صلاة الظهر، ثم قال « على مكانكم اثبتوا، ثم أتى الرجال فقال : إن الله أمرني أن آمركم أن تتقوا الله، وأن تقولوا قولاً سديداً، ثم أتى النساء فقال : إن الله أمرني أن آمركن أن تتقين الله، وأن تقلن قولاً سديداً ».
وأخرج أحمد في الزهد وأبو داود في المراسيل عن عروة رضي الله عنه قال : أكثر ما كان رسول الله ﷺ على المنبر يقول ﴿ اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ﴾.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما قام رسول الله ﷺ على المنبر إلا سمعته يقول ﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ﴾.
وأخرج سمويه في فوائده عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : كان رسول الله ﷺ إذا خطب الناس أو علمهم لا يدع هذه الآية أن يتلوها ﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ﴾ إلى قوله ﴿ فقد فاز فوزاً عظيماً ﴾.
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : ما جلس رسول الله ﷺ على هذا المنبر قط إلا تلا هذه الآية ﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ﴾.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ﴿ قولاً سديداً ﴾ قال : قولاً عدلاً حقاً. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم. أما سمعت قول حمزة بن عبد المطلب :
لا تخلنا على غرائك انا قلما قد رشى بنا الأعداء
أمين على ما استودع الله قلبه فإن قال قولاً كان فيه مسددا
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ وقولوا قولاً سديداً ﴾ قال : صدقاً.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ﴿ قولاً سديداً ﴾ قال : عدلاً.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ﴿ قولاً سديداً ﴾ قال : سداداً.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ﴿ وقولوا قولاً سديداً ﴾ قال : قولوا لا إله إلا الله.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ وقولوا قولاً سديداً ﴾ قال : قولوا لا إله إلا الله...
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب الأضداد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ إنا عرضنا الأمانة... ﴾ الآية. قال : الامانة الفرائض، عرضها الله على السموات والأرض والجبال إن أدُّوها أثابهم، وإن ضيعوها عذبهم، فكرهوا ذلك واشفقوا من غير معصية، ولكن تعظيماً لدين الله أن لا يقوموا بها، ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها. وهو قوله ﴿ وحملها الإِنسان إنه كان ظلوماً جهولاً ﴾ يعني غراً بأمر الله.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله ﴿ إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض ﴾ قال : الأمانة : ما أمروا به ونهوا عنه. وفي قوله ﴿ وحملها الإِنسان ﴾ قال : آدم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم قال : إن الله عرض الأمانة على السماء الدنيا فأبت، ثم التي تليها حتى فرغ منها، ثم الأرض، ثم الجبال، ثم عرضها على آدم عليه السلام فقال : نعم. بين أذني وعاتقي قال الله « فثلاث آمرك بهن فإنهن لك عون. إني جعلت لك بصراً، وجعلت لك شفرتين، ففضهما عن كل شيء نهيتك عنه، وجعلت لك لساناً بين لحيين، فكفه عن كل شيء نهيتك عنه، وجعلت لك فرجاً وواريته، فلا تكشفه إلى ما حرمت عليك ».
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري عن ابن جريج رضي الله عنه في الآية قال : بلغني أن الله تعالى لما خلق السموات والأرض والجبال قال « إني فارض فريضة، وخالق جنة وناراً، وثواباً لمن أطاعني وعقاباً لمن عصاني فقالت السماء : خلقتني فسخرت فيَّ الشمس والقمر، والنجوم والسحاب والريح والغيوم، فانا مسخرة على ما خلقتني، لا أتحمل فريضة، ولا أبغي ثواباً ولا عقاباً، وقالت الأرض، خلقتني وسخرتني فجرت فيَّ الأنهار، فأخرجت مني الثمار، وخلقتني لما شئت، فأنا مسخرة على ما خلقتني، لا أتحمل فريضة، ولا أبغي ثواباً ولا عقاباً، وقالت الجبال : خلقتني رواسي الأرض، فأنا على ما خلقتني، لا أتحمل فريضة، ولا أبغي ثواباً ولا عقاباً، فلما خلق الله آدم عرض عليه، فحمله ﴿ إنه كان ظلوماً ﴾ ظلمه نفسه في خطيئته ﴿ جهولاً ﴾ بعاقبة ما تحمل ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : لما خلق الله السموات والأرض والجبال، عرض الأمانة عليهن فلم يقبلوها، فلما خلق آدم عليه السلام عرضها عليه قال : يا رب وما هي؟ قال : هي إن أحسنت أجرتك، وإن أسأت عذبتك، قال : فقد تحملت يا رب قال : فما كان بين أن تحملها إلى أن أخرج إلا قدر ما بين الظهر والعصر.
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب الأضداد والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ﴿ إنا عرضنا الأمانة ﴾ قال : عرضت على آدم عليه السلام فقيل : خذها بما فيها، فإن أطعت غفرت لك، وإن عصيت عذبتك، قال : قبلتها بما فيها، فما كان إلا قدر ما بين الظهر إلى الليل من ذلك اليوم حتى أصاب الذنب.
218
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أشوع في الآية قال عرض عليهن العمل، وجعل لهن الثواب، فضججن إلى الله ثلاثة أيام ولياليهن، فقلن : ربنا لا طاقة لنا بالعمل، ولا نريد الثواب.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن الأوزاعي أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عرض العمل على محمد بن كعب فأبى، فقال له عمر رضي الله عنه : أتعصي؟ فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن الله تعالى حين عرض ﴿ الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها ﴾، هل كان ذلك منها معصية؟ قال : لا. فتركه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن الله قال لآدم عليه السلام « إني عرضت الأمانة على السموات والأرض والجبال فلم تطقها فهل أنت حاملها بما فيها؟ قال : أي رب وما فيها؟ قال : إن حملتها أجرت، وإن ضيعتها عذبت، قال : قد حملتها بما فيها قال : فما عبر في الجنة إلا قدر ما بين الأولى والعصر حتى أخرجه إبليس من الجنة » قيل للضحاك : وما الأمانة؟ قال : هي الفرائض، وحق على كل مؤمن أن لا يَغُشَّ مؤمناً، ولا معاهداً، في شيء قليل ولا كثير، فمن فعل فقد خان أمانته، ومن انتقص من الفرائض شيئاً فقد خان أمانته.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ﴿ إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال ﴾ قال : يعني به الدين، والفرائض، والحدود، ﴿ فأبين أن يحملنها وأشفقن منها ﴾ قيل لهن : أن تحملنها، وتؤدين حقها. فقلنا : لا نطيق ذلك ﴿ وحملها الإِنسان ﴾ قيل له : أتحملها؟ قال : نعم. قيل : أتؤدي حقها؟ فقال : أطيق ذلك قال الله ﴿ إنه كان ظلوماً جهولاً ﴾ أي ظلوماً بها، جهولاً عن حقها ﴿ ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ﴾ قال : هذان اللذان خاناها ﴿ ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات ﴾ قال : هذان اللذان أدياها ﴿ وكان الله غفوراً رحيماً ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه ﴿ إنا عرضنا الأمانة ﴾ قال : الفرائض.
وأخرج الفريابي عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ﴿ إنَّا عرضنا الأمانة ﴾ قال : الدين.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ
219
« الأمانة ثلاث : الصلاة، والصيام، والغسل من الجنابة ».
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في سننه عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : من الأمانة أن ائتمنت المرأة على فرجها.
وأخرج ابن أبي الدنيا في الورع والحكيم الترمذي عن عبدالله بن عمرو قال : أول ما خلق الله من الإِنسان فرجه، ثم قال : هذه أمانتي عندك فلا تضيعها إلا في حقها. فالفرج أمانة، والسمع أمانة، والبصر أمانة.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عمرو رضي الله عنه قال : من تضييع الأمانة : النظر في الحجرات والدور.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « الا ومن الأمانة، الا ومن الخيانة، أن يحدث الرجل أخاه بالحديث فيقول : اكتم عني. فيفشيه ».
وأخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ « إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها ».
وأخرج الطبراني وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه وأبو يعلى والبيهقي والضياء عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال « إذا حدث الرجل بالحديث، ثم التفت فهي أمانة ».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ ليعذب الله المنافقين... ﴾ قال : هما اللذان ظلماها واللذان خاناها : المنافق والمشرك.
وأخرج ابن جرير بسند ضعيف عن الحكم بن عمير وكان من أصحاب النبي ﷺ قال : قال النبي ﷺ « إن الأمانة والوفاء نزلا على ابن آدم مع الأنبياء، فأرسلوا به فمنهم رسول الله، ومنهم نبي، ومنهم نبي رسول الله، ونزل القرآن وهو كلام الله، ونزلت العربية والعجمية، فعلموا أمر القرآن، وعلموا أمر السنن بألسنتهم، ولن يدع الله شيئاً من أمره مما يأتون، ومما يجتنبون، وهي الحجج عليهم إلا بينت لهم، فليس أهل لسان إلا وهم يعرفون الحسن من القبيح، ثم الأمانة أول شيء يرفع، ويبقى أثرها في جذور قلوب الناس، ثم يرفع الوفاء والعهد والذمم، وتبقى الكتب لعالم يعلمها، وجاهل يعرفها وينكرها، ولا يحملها حتى وصل إليّ وإلى أمتي، فلا يهلك على الله إلا هالك، ولا يغفله إلا تارك، والحذر أيها الناس، وإياكم والوسواس الخناس، فإنما يبلوكم أيكم أحسن عملاً » والله أعلم...
220
Icon