ﰡ
٢٣١- ذكر محمد بن إسحاق، قال : حدثني عبد الرحمان بن الحارث وغيره من أصحابنا، عن سليمان بن موسى أبي الأشدق، عن مكحول، عن أبي أمامة الباهلي، قال : سالت عبادة بن الصامت عن الأنفال، فقال : فينا معشر أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا، فنزعه الله من أيدينا وجعله إلى الرسول، فقسمه رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عن بواء، يقول : على السواء، فكان في ذلك تقوى الله وطاعة رسوله، وإصلاح ذات البين٤. ( المصدر السابق : ١١٦-١١٧. وانظر س : ١٤/١٥١-١٥٢ )
٢٣٢- قال أبو عمر : النفل : الغنيمة، والأنفال : الغنائم، هذا ما لا خلاف فيه عند العلماء، ولا أهل اللغة.
قال صاحب " العين " : النفل : المغنم، والجميع الأنفال، والإمام ينفل الجيش إذا جعل لهم ما غنموا٥. وقال مجاهد : الأنفال : الغنائم، وقالته الجماعة.
وقد يكون النفل في اللغة أيضا العطية، والأنفال : العطايا من الله عز وجل- ومن العباد بعضهم لبعض.
وأجمع العلماء على أن قول الله- عز وجل- :﴿ واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه ﴾٦، نزلت عند قوله :﴿ يسألونك عن الأنفال ﴾، نزلت في حين تشاجر أهل بدر في غنائم بدر.
وروي عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والشعبي، وإسماعيل السدي في قوله-عز وجل- :﴿ يسألونك عن الأنفال ﴾. قال٧ : الأنفال لله وللرسول نسختها :﴿ واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه ﴾٨. ( س : ١٤/١٥٠-١٥١ )
٢ - سيأتي بيانه من قبل ابن عبد البر نفسه في النص رقم: ٢٣٢..
٣ - قال ابن عبد البر: يعني عن سرعة، قالوا: أي أهل العلم بلسان العرب: والفواق: ما بين حلبتي الناقة، يقال: انتظر فواق ناقة أي هذا المقدار. ويقولونها بالفتح والضم: فواق، فواق، الدرر: ١١٦..
٤ - أخرجه ابن جرير بسنده إلى عبادة بن الصامت، انظر جامع البيان: ٩/١٧٢-١٧٣..
٥ - الذي في معجمه المطبوع مادة "نفل" ٨/٣٢٥. النفل الغنم. والجميع: الأنفال، ونفلت فلانا: أعطيته نفلا وغنما، والإمام ينفل الجند. إذا جعل لهم ما غنموا..
٦ - سورة الأنفال: ٤١..
٧ -المفروض أن يكون "قالوا" لأن الضمير فيه يعود على كل المذكورين..
٨ - انظر جامع البيان: ٩/١٧٥-١٧٦..
وذكر بقي بن مخلد، قال : حدثنا هناد بن السري، قال : حدثنا يونس قال : حدثنا عنبسة بن الأزهر، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، قال : نزلت :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ﴾، في أبي لبابة، أشار إلى بني قريظة حيث قالوا ننزل على حكم سعد ؛ قال : لا تفعلوا، فإنه الذبح، وأمر يده على حلقه.
قال بقي : وحدثنا إبراهيم بن محمد الشافعي، قال : حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي خالد، قال : سمعت عبد الله بن أبي قتادة، قال : نزلت في أبي لبابة :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم ﴾، قال سفيان : هكذا قرأ.
قال أبو عمر : قد قرأ : " أماناتكم " على التوحيد جماعة. والصواب عندي – والله أعلم- في حديث سفيان بن عيينة هذا، عبد الله بن أبي قتادة٢، لا عبد الله بن أبي أوفى، وإن كان إسماعيل بن أبي خالد سمع من ابن أبي أوفى. ( ت : ٢٠/٨٥-٨٦. وانظر الدرر : ١٩٠ )
٢٣٥- ذكر علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله :﴿ وتخونوا أماناتكم ﴾، قال : ما افترض عليكم من الفرائض، وكذلك قال الضحاك بن مزاحم.
وقال يزيد بن أبي حبيب وغيره : وهو الإغلال بالسلاح في المغازي والبعوث. ( ت : ٢٠/٨٦ )
٢ - وهو كذلك عند ابن جرير، انظر جامع البيان: ٩/٢٢٢..
٢٣٧- في قول الله –عز وجل- :﴿ واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه ﴾ دليل على أن أربعة أخماس الغنائم لأهلها الغانمين لها والموجفين عليها الخيل والركاب والرجل ؛ لأن الله –عز وجل- لما أضاف الغنيمة إليهم بقوله :﴿ غنمتم ﴾، وأخبر أن الخمس خارج عنهم لمن سمى في الآية، علم العلماء استدلالا ونظرا صحيحا أن الأربعة الأخماس المسكوت عنها لهم مقسومة بينهم، وهذا ما لا خلاف فيه ؛ ألا ترى إلى قول الله – عز وجل- :﴿ وورثه أبواه فلأمه الثلث ﴾٢، فلما جعل الأبوين الوارثين وأخبر أن للأم الثلث، استغنى عن أن يقول وللأب الثلثان. ( ت : ١٤/٤٩ )
٢ - سورة النساء: ١١..