ﰡ
﴿ يسبح لله ﴾ أي يقدس لله وينزهه عن صفات النقص.
تفسير المعاني :
يقدس الله وينزهه عن النقائص كل ما في السماوات وما في الأرض من الكائنات العاقلة بلسان المقال، وسائر الكائنات الأخرى بلسان الحال. له الملك المطلق على جميع ما خلق، يفيض عليه من تدبيره ورحمته ما يحفظها من التلاشي ويحميها من الاختلال، وله الحمد على توالي ألطافه، وهو على كل شيء قدير.
هو الذي خلقكم فمنكم كافر بالله مطموس القلب، ومنكم مؤمن قد شرح الله صدره لدينه، والله بما تعملون بصير يجازي كلا بما يستحق.
﴿ خلق السماوات والأرض بالحق ﴾ أي ملتبسة بالحق على مقتضى الحكمة العالية.
تفسير المعاني :
خلق السماوات والأرض بالحق ؛ لأنه منزه عن الباطل. وصوركم فأحسن صوركم حيث متعكم بجميع ما تحتاجون إليه من الآلات الجسدية لتحصيل معاشكم، ومن المواهب المعنوية بما يوصلكم إلى سعادتكم... وإليه المصير.
﴿ ما تسرون ﴾ أي ما تخفون. يقال أسرّ الحديث يسره إسرارا أي أخفاه. ﴿ عليم بذات الصدور ﴾ أي عليم بما يضطرب فيها من خواطر.
تفسير المعاني :
يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون.
﴿ نبأ ﴾ أي خبر. ﴿ وبال أمرهم ﴾ أي وخامة عاقبة أمرهم. يقال وبل المكان يوبل وبولا، وخم.
تفسير المعاني :
ألم يأتكم خبر الذين كفروا من قبلكم، فذاقوا وخامة عاقبة أمرهم، ولهم عذاب أليم ؟
﴿ بالبينات ﴾ أي بالآيات الواضحات. ﴿ وتولوا ﴾ أي وأعرضوا.
تفسير المعاني :
ذلك بأنه كانت تجيئهم رسلهم بالآيات الواضحات، فقالوا : أبشر مثلنا يتولون هدايتنا ؟ فكفروا بهم وأعرضوا عنهم، واستغنى الله عنهم، وهو الغني بذاته المحمود من كل كائن.
﴿ أن لن يبعثوا ﴾ أي لن يحيوا بعد الموت للحساب.
تفسير المعاني :
زعم الذين كفروا أن لن يعادوا إلى الحياة بعد موتهم. قل : بلى وحق ربي لتعادن إلى الحياة، ثم لتخبرن بما عملتم، وذلك على الله سهل لا عناء فيه.
فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلناه إليه والله خبير بما تعملون.
﴿ ليوم الجمع ﴾ يوم القيامة الذي يجتمع فيه الخلائق. ﴿ يوم التغابن ﴾ أي يوم يغبن فيه الناس بعضهم بعضا لنزول سعداء الدنيا منازل أشقيائها إن كانوا عصاة، ونزول الأشقياء في الدنيا منازل سعدائها إن كانوا طائعين. ﴿ يكفر عنه سيئاته ﴾ أي يمح عنه سيئاته. ومنه الكفارة وهي أعمال البر التي تمحو الذنوب. والسيئات جمع سيئة أي الأعمال السيئات وهي من الصفات التي تجري مجرى الأسماء.
تفسير المعاني :
يوم يجمعكم في يوم القيامة حيث تجتمع الخلائق والملائكة ذلك يوم يغبن الناس فيه بعضهم بعضا، فينزل المحتقرين في الدنيا منازل السادة، وينزل السادة منازل المحتقرين. ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه أعماله السيئة ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم.
والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير.
﴿ يهد قلبه ﴾ أي يهده للثبات والاسترجاع.
تفسير المعاني :
ما أصاب الإنسان من مصيبة إلا بتقدير من الله، ومن يؤمن بالله يهد قلبه إلى الثبات على الشدائد والصبر على الكوارث، والله بكل شيء عليم.
﴿ البلاغ المبين ﴾ أي التبليغ الواضح الظاهر.
تفسير المعاني :
وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول، فإن توليتم وأعرضتم فإنما على رسولنا التبليغ الظاهر الذي لا لبس فيه،
الله لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون.
﴿ وإن تعفوا ﴾ العفو هو ترك المعاقبة على الذنب. ﴿ وتصفحوا ﴾ الصفح أبلغ من العفو وفيه معنى الإعراض. ﴿ وتغفروا ﴾ غفران الذنب ستره.
تفسير المعاني :
يا أيها الذين آمنوا إن بعض زوجاتكم وأولادكم أعداء لكم يشغلونكم عن طاعة الله، ويحرضونكم على معصيته فاحذروهم ولا تأمنوا شرهم... وإن تعفوا عن ذنوبهم بترك المعاقبة، وتصفحوا عنهم طلبا لاستصلاحهم من طريق اللين، وتستروا مخازيهم استبقاء لخصلة الحياة في نفوسهم، فإن الله غفور رحيم.
﴿ فتنة ﴾ أي اختبار لكم.
تفسير المعاني :
إنما أموالكم وأولادكم فتنة لكم، أي امتحان، ليعلم من منكم يؤثر طاعة الله على محبة أولاده وأمواله، والله عنده أجر عظيم.
﴿ وأنفقوا خيرا لأنفسكم ﴾ أي افعلوا ما هو خير لها، وهو تأكيد للحث على امتثال هذه الأوامر، ويجوز أن يكون صفة مصدر محذوف، أي أنفقوا إنفاقا خيرا. ﴿ ومن يوق شح نفسه ﴾ أي ومن يحفظ من شح نفسه، والشح أشد البخل. يقال شح يشح شحا، أي بخل.
تفسير المعاني :
فاتقوا الله أيها المؤمنون على قدر طاقتكم، واسمعوا ما يتلى عليكم من مواعظه، وأطيعوا أوامره، وأنفقوا أموالكم في وجوه البر خالصة لوجهه، فافعلوا بذلك ما هو خير لأنفسكم، ومن يحفظ من شح نفسه فأولئك هم الفائزون.
﴿ إن تقرضوا ﴾ أي عن تسلفوا. ﴿ يضاعفه لكم ﴾ أي يزد عليه أمثاله مرارا.
تفسير المعاني :
إن تنفقوا في سبيل الله بعض أموالكم بنية إقراضها لله، يردها عليكم أضعافا مضاعفة في الدنيا، ويدخر لكم منها من ثواب الآخرة، ويغفر لكم ذنوبكم والله شكور حليم.
عالم الغيب والشهادة، أي عالم ما غاب عن مشاعرنا من الموجودات وما ظهر منها وشهدته حواسنا، فلا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء وهو العزيز الحكيم.