ﰡ
نزولها
قال البخاري: حدثني محمد بن عبد الرحيم، حدثنا سعيد بن سليمان، أخبرنا هُشيم، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير قال: قلتُ لابن عباس رضي الله عنهما: سورة الأنفال؟ قال: نزلت في بدر.
(صحيح البخاري ٨/١٥٦ ح ٤٦٤٥ -ك التفسير- سورة الأنفال، ب الآية)، أخرجه مسلم (الصحيح - ك التفسير ح ٣٠٣١، ب في سورة براءة والأنفال).
قوله تعالى (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم)
قال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك، عن نافع، عن ابن عمر، قال: بعث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سرية، وأنا فيهم قبل نجد فغنموا إبلاً كثيرة، فكانت سُهمانهم اثنا عشر بعيراً، أو أحد عشر بعيراً، ونُفَلوا بعيراً بعيراً.
(الصحيح ٣/١٣٦٨ ح ١٧٤٩ - ك الجهاد والسير، ب الأنفال).
وانظر حديث البخاري: "أعطيت خمساً... " المتقدم تحت الآية رقم (١٥١) من سورة آل عمران، وحديث مسلم المتقدم تحت الآية رقم (٩٠) من سورة المائدة.
قال البخاري: حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن ابن أفلح، عن أبي محمد مولى أبي قتادة، عن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، فرأيت رجلاً من المشركين علا رجلاً من المسلمين، فاستدبرت حتى أتيته من ورائه حتى ضربته بالسيف على حبل عاتقه، فأقبل على فضمّني ضمَة وجدتُ منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني، فلحقتُ عمر بن الخطاب فقلت: ما بال الناس؟ قال: أمر الله، ثم إن الناس رجعوا، وجلس النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال:
فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صدق"، فأعطاه، فابتعت مخْرفاً في بني سلمة، فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام.
(صحيح البخاري ٦/٢٨٤ ح ٣١٤٢ - ك فرض الخمس، ب من لم يخمس الأسلاب)، وأخرجه مسلم في (صحيحه ٣/١٣٧١-١٣٧٢ - ك فرض الخمس، ب استحقاق القاتل سلب القتيل).
قال مسلم: حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار (واللفظ لابن المثنى). قالا: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن سماك بن حرب، عن مصعب بن سعد، عن أبيه. قال: نزلت في أربع آيات. أصبت سيفاً فأتى به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فقال: يا رسول الله! نفِّلنيه. فقال: "ضعه" ثم قام. فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ضعه من حيث أخذته". ثم قام فقال: نفلنيه يا رسول الله! فقال: "ضعه" فقام فقال يارسول الله! نفلنيه. أأجعل كمن لا غناء له؟ فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ضعه من حيث أخذته" قال: فنزلت هذه الآية: (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول).
(الصحيح ٣/١٣٦٧-١٣٦٨ ح بعد رقم ١٧٤٨ - ك الجهاد والسير، ب الأنفال).
قال مسلم: حدثنا زهير بن حرب. حدثنا عمر بن يونس. حدثنا عكرمة بن عمار. حدثني إياس بن سلمة. حدثني أبي قال: غزونا فزارة وعلينا أبو بكر.
أثَره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علينا. فلما كان بيننا وبين الماء ساعة، أمرنا أبو بكر فعرسنا. ثم شن الغارة. فورد الماء. فقتل من قتل عليه، وسبى. وأنظر إلى عنق الناس. فيهم الذراري. فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل. فرميت بسهم بينهم
لله أبوك! فقلت: هي لك. يا رسول الله! فوالله! ما كشفت لها ثوباً. فبعث بها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى أهل مكة ففدى بها ناساً من المسلمين، كانوا أسروا بمكة.
(الصحيح ٣/١٣٧٥، ١٣٧٦ ح ١٧٥٥ - ك الجهاد والسير، ب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى).
قال أبو داود: حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى، أخبرنا أبو إسحاق الفزاري، عن عاصم بن كليب، عن أبي الجويرية الجرمي، قال: أصبت بأرض الروم جرَّة حمراء فيها دنانير في إمرة معاوية وعلينا رجل من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من بني سليم يقال له معن بن يزيد، فأتيته بها فقسمها بين المسلمين وأعطاني منها مثل ما أعطى رجلاً منهم، ثم قال: لولا أني سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "لا نفل إلا بعد الخمس" لأعطيتك، ثم أخذ يعرض علي من نصيبه فأبيت.
(السنن ٣/٨١-٨٢ ح ٢٧٥٣ - ك الجهاد، ب في النفل من الذهب والفضة... )، وأخرجه أحمد (المسند ٣/٤٧٠) من طريق عفان. وابن أبي حاتم (التفسير - سورة الأنفال/١، ح ١٣) من طريق عون بن الحكم، ومحمد بن أبى نعيم، وعبيد بن محمد، كلهم عن أبي عوانة، عن عاصم بن كليب به، وليس عند ابن أبي حاتم ذكر القصة. قال الألباني: صحيح (صحيح أبي داودح ٢٣٩٢).
وقال محقق ابن أبى حاتم: إسناده صحيح.
قال الحاكم: حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، ثنا أبو المثنى، ثنا مسدد، ثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت داود بن أبي هند يحدث عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "من فعل كذا وكذا أو أتى مكان كذا وكذا فله كذا وكذا" فتسارع الشبان إلى ذلك وثبت الشيوخ تحت
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(المستدرك ٢/٣٢٦-٣٢٧) وصححه الذهبي وابن الملقن، وأخرجه أبو داوود (السنن - الجهاد، ب النفل ح ٢٧٣٧)، والطبري (التفسير ١٣/٣٦٧ ح ١٥٦٥٠-١٥٥٢)، وابن حبان (الإحسان ١١/٤٩٠ ح ٥٠٩٣) من طرق عن عكرمة به، قال الشيخ أحمد شاكر: صحيح الإسناد، وذلك في حاشية تفسير الطبري وصححه الألباني في (صحيح سنن أبى داوود ح ٢٣٧٦).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (يسألونك عن الأنفال)، قال (الأنفال) الغنائم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) أي لا تستبوا.
قوله تعالى (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) قال: المنافقون، لا يدخل قلوبهم شيء من ذكر الله عند أداء فرائضه، ولايؤمنون بشيء من آيات الله، ولا يتوكلون على الله، ولايصلون إذا غابوا ولايؤدون زكاة أموالهم. فأخبر الله سبحانه أنهم ليسوا بمؤمنين، ثم وصف المؤمنين فقال: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) فأدوا فرائضه (وإذا تليت عليهم آياته زادتهم ايمانا) يقول: تصديقا (وعلى ربهم يتوكلون)، يقول: لا يرجون غيره.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) قال: فرقا من الله تبارك وتعالى، ووجلاً من الله، وخوفاً من الله تبارك وتعالى.
وقوله (ليستيقين الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا ايماناً) الآية. وقوله (والذين اهتدوا زادهم هدى) الآية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون) قال: هذا نعت أهل الإيمان، فأثبت نعتهم ووصفهم، فأثبت صفتهم.
قوله تعالى (الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (الذين يقيمون الصلاة) يقول: الصلوات الخمس (ومما رزقناهم ينفقون) يقول: زكاة أموالهم (أولئك هم المؤمنون حقا) يقول: برئوا من الكفر. ثم وصف الله النفاق وأهله فقال (إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله) إلى قوله (أولئك هم الكافرون حقا) سورة النساء: ١٥٠، ١٥١.
فجعل الله المؤمن مؤمنا حقا، وجعل الكافر كافراً حقا، وهو قوله (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن) سورة التغابن: ٢.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (أولئك هم المؤمنون حقا)، استحقوا الايمان بحق، فأحقه الله لهم.
انظر سورة آل عمران آية (١٦٣) والأنعام آية (٨٣) لبيان درجات.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (ومغفرة) قال: لذنوبهم (ورزق كريم) قال: الجنة.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق) قال: كذلك يجادلونك في الحق.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي قال: أنزل الله في خروجه يعني خروج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى بدر، ومجادلتهم إياه فقال: (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون) لطلب المشركين (يجادلونك في الحق بعد ما تبين).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (يجادلونك في الحق) قال: القتال.
قوله تعالى (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين)، قال: أقبلت عير أهل مكة يريد من الشام فبلغ أهل المدينة ذلك، فخرجوا ومعهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يريدون العير. فبلغ ذلك أهل مكة، فسارعوا السير إليها، لا يغلب عليها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه فسبقت العير رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان الله وعدهم إحدى الطائفتين، فكانوا أن يلقوا العير أحب إليهم، وأيسر شوكة، وأحضر مغنما فلما سبقت العير وفاتت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، سار رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمسلمين يريد القوم، فكره القوم مسيرهم لشوكة في القوم.
قال الترمذي: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا عبد الرزاق، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لمّا فرغ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من بدر قِيل له: عليك العِير ليس دونها شيء، قال: فناداه العباس وهو في وثاقه: لا يصلحُ، وقال: "إن الله وعدك إحدى الطائفتين وقد أعطاك ما وعدك".
(السنن ٥/٢٦٩ ح ٣٠٨٠ - ك لتفسير، ب ومن سورة الأنفال)، وأخرجه أحمد في (المسند ح ٢٠٢٢ وح ٢٨٧٥)، والحاكم (المستدرك ٢/٣٢٧)، من طريق أبي نعيم عن إسرائيل به. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال ابن كثير: إسناد جيد (التفسير ٣/٥٥٦)، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه للمسند.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون) هم المشركون.
قوله تعالى (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين)
قال مسلم: حدثنا هناد بن السري، حدثنا ابن المبارك، عن عكرمة بن عمار، حدثني سماك الحنفي قال: سمعت ابن عباس يقول: حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر. ح وحدثنا زهير بن حرب (واللفظ له). حدثنا عمر بن يونس الحنفي، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثني أبو زميل (هو سماك الحنفي). حدثني عبد الله بن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر، نظر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً.
فاستقبل نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - القبلة. ثم مدّ يديه فجعل يهتف بربّه: "اللهم أنجز لي ما وعدتني. اللهم! أت ما وعدتنى، اللهم! إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض". فما زال يهتف بربه، مادا يديه، مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه. فأتاه أبو بكر. فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه.
ثم التزمه من ورائه. وقال: يا نبي الله! كذاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك. فأنزل الله عز وجل: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم إني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) فأمده الله بالملائكة.
قال أبو زميل: فحدثني ابن عباس قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتدّ في أثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه. وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم. فنظر إلى المشرك أمامه فخرّ مستلقياً. فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه، وشُق وجهه كضربة السوط. فاخضر ذلك أجمع. فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فقال: "صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثه" فقتلوا يومئذ سبعين، وأسروا سبعين.
لقد عُرض علىّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة" (شجرة قريبة من نبي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وأنزل الله عز وجل (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) إلى قوله (فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً) فأحل الله الغنيمة لهم.
(الصحيح ٣/١٣٨٣-١٣٨٥ - ك الجهاد والسير، ب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم).
قال الضياء المقدسي: أخبرنا زاهر بن أحمد بن حامد الثقفي، أن أبا عبد الله الحسين بن عبد الملك الأديب أخبرهم -قراءة عليه- أنا إبراهيم سبط بحرويه، أنا محمد بن إبراهيم بن المقريء أنا أحمد بن علي، ثنا عبد الله -هو القواريري- ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا مسعر عن أبي عون، عن أبى صالح الحنفي، عن علي قال: قال لي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم بدر ولأبى بكر: "مع أحدكما جبريل ومع الآخر ميكائيل وإسرافيل عليهم السلام، ملك عظيم يشهد القتال أو يكون في القتال".
(المختارة ٢/٢٥٧-٢٥٩ ح ٦٣٣-٦٣٦)، وأخرجه أحمد (المسند ٢/٣٠٨ ح ١٢٥٦)، وأبو يعلى (المسند ١/٢٨٣-٢٨٤ ح ٣٤٠)، والبزار في (البحر الزخار ٢/٣٣ ح ٧٢٩)، والحاكم في (المستدرك ٣/٦٨) كلهم من طريق مسعر به. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وعزاه الهيثمي إلى أحمد والبزار وقال: ورجالهما رجال الصحيح (المجمع ٦/٨٢). وصحح إسناده أحمد شاكر ومحقق مسند أبي يعلى ومحقق المختارة.
قوله تعالى (وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم)
قال ابن كثير: أي وما جعل الله بعث الملائكة وإعلامه إياكم بهم إلا بشرى (لتطمئن به قلوبكم) وإلا فهو تعالى قادر على نصركم على اعدائكم ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله أي بدون ذلك ولهذا قال (وما النصر إلا من عند الله) كما قال تعالى (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك لو يشاء الله لا تنصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم).
قوله تعالى (إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويُذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام)
قال ابن كثير: يذكرهم الله تعالى بما أنعم به عليهم من إلقائه النعاس عليهم أماناً أمنهم به من خوفهم الذي حصل لهم من كثرة عدوهم وقلة عددهم، وكذلك فعل تعالى بهم يوم أحد كما قال تعالى (ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاساً يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم) الآية. قال أبو طلحة: كنت ممن أصابه النعاس يوم أحد، ولقد سقط السيف من يدي مراراً يسقط وأخذه، ويسقط وآخذه ولقد نظرت إليهم يميدون وهم تحت الجحف...
وأحسن ما في هذا ما رواه الإمام محمد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي رحمه الله حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قال: بعث الله السماء وكان الوادي دهساً فأصاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه ما لبد لهم الأرض ولم يمنعهم من المسير وأصاب قريشاً ما لم يقدروا على أن يرحلوا معه وقال مجاهد: أنزل الله عليهم المطر قبل النعاس فأطفأ بالمطر الغبار وتلبدت به الأرض وطابت نفوسهم وثبت به أقدامهم.
وأخرجه من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري به. وسنده صحيح.
انظر حديث مسلم السابق تحت الآية (٩) من السورة نفسها.
وأخرجه مسلم بسنده الصحيح عن أبي هريرة مرفوعاً: "اجتنبوا السبع الموبقات... ومنها... التولى يوم الزحف".
(الصحيح ١/٩٢ ح ٨٩ -الأيمان- ب الكبائر).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: نزل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعني: حين سار إلى بدر والمسلمون بينهم وبين الماء رملة دعصة، فأصاب المسلمين ضعف شديد، وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ، فوسوس بينهم: تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله، وقد غلبكم المشركون على الماء، وأنتم تصلون مجنبين! فأمطر الله عليهم مطراً شديدا، فشرب المسلمون وتطهروا وأذهب الله عنهم رجز الشيطان، وثبت الرمل حين أصابه المطر، ومشى الناس عليه والدواب، فساروا إلى القوم، وأمد الله نبيه بألف من الملائكة، فكان جبريل عليه السلام في خمسمئة من الملائكة مجنّبة، وميكائيل في خمسمئة مجنّبة.
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (إذ يغشيكم النعاس أمنة منه) ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه ألقى النعاس على المؤمنين ليجعل قلوبهم آمنة غير خائفة من عدوها، لأن الخائف الفزع لا يغشاه النعاس، وظاهر سياق هذه الآية أن النعاس ألقي عليهم يوم بدر، لأن الكلام هنا في وقعة بدر، كما لا يخفى.
وذكر في سورة آل عمران أن النعاس غشيهم أيضاً يوم أحد وذلك في قوله تعالى في وقعة أحد (ثم أنزل على من بعد الغم أمنة نعاساً) الآية.
انظر سورة آل عمران آية (١٥١) لبيان: في قلوب الذين كفروا الرعب.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (واضربوا منهم كل بنان)، يعني: بالبنان، الأطراف.
قوله تعالى (ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار)
انظر سورة البقرة آية (٢٤).
قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار)
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا حسان بن عبد الله المصري، حدثنا خلاد بن سليمان الحضرمي، حدثنا نافع أنه سأل ابن عمر، قلت: إنا قوم لا نثبت عند قتال عدونا، ولاندري من الفئة: إمامنا أوعسكرنا؟ فقال لي: الفئة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقلت: إن الله يقول (إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار)، قال: إنما أنزلت هذه الآية لأهل بدر، لا قبلها ولا بعدها.
(التفسير - سورة الأنفال ح ١٦٤)، وأخرجه البخاري معلقاً في التاريخ الكبير (٣/١٨٨) وفيه تحريف في السياق، والنسائي في تفسيره (١/٥١٧، رقم ٢٢٠) كلاهما من طريق حسان بن عبد الله بإسناده، وإسناده حسن.
انظر حديث أبي هريرة: "اجتنبوا السبع الموبقات عند الآية (١٢) من السورة نفسها.
قوله تعالى (ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة لقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي: (ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة)، أما المتحرف، يقول: إلا مستطرداً يريد العودة (أو متحيزا إلى فئة) قال: المتحيز، إلى الإمام وجنده إن هو كر فلم يكن له بهم طاقة، ولا يعذر الناس وإن كثروا أن يولوا عن الإمام.
(التفسير: ١/٥٢١ و ٥٢٢، ح ٢٢٣ و ٢٢٤) واللفظ للأول. وأخرجه أيضاً أبو داود في (سننه ح ٢٦٤٨ - ك الجهاد، ب في التولي يوم الزحف)، والطبري في تفسيره (١٣/٤٣٦ و ٤٣٧، ح ١٥٧٩٨-١٥٨٠١)، وابن أبن حاتم في تفسيره (سورة الأنفال ح ١٤٧)، والحاكم في (المستدرك ٢/٣٢٧) من طرق عن داود بن أبي هند به، ولفظ ابن أبي حاتم: "كانت لأهل بدر خاصة". وزاد في رواية الطبري رقم ١٥٨٠١: "لم يكن للمسلمين فئة إلا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأما بعد ذلك فإن المسلمين بعضهم فئة لبعض". وفى إسنادها علي بن عاصم وهو صدوق يخطئ كما في (التقريب)، وفي أخرى للطبري (رقم ١٥٧٩٨) :"... ولو انحازوا انحازوا إلى المشركين، ولم يكن يومئذ مسلم في الأرض غيرهم". وقد قال الحاكم: "صحيح علي شرط مسلم". وأقره الذهبي، وصححه أيضاً الألباني في (صحيح أبى داود ٢/٥٠٢ رقم ٢٤٠٦)، ومحققا النسائي وابن أبي حاتم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (ومن يولهم يومئذ دبره)، قال: ذلكم يوم بدر.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: أكبر الكبائر الشرك بالله، والفرار من الزحف، لأن الله عز وجل يقول: (ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير).
قوله تعالى (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسناً إن الله سميع عليم)
قال الحاكم: أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني، ثنا جدى ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، ثنا محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبيه قال: أقبل أبي بن خلف يوم أحد إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يريده، فاعترض رجال من المؤمنين، فأمرهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فخلوا سبيله، فاستقبله مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار، ورأى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ترقوة أبي من فرجة بين سابغة الدرع والبيضة، فطعنه بحريته فسقط أبي عن فرسه، ولم يخرج من طعنته دم، فكسر ضلعاً من أضلاعه، فأتاه أصحابه وهو يخور خوار الثور
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. (المستدرك ٢/٣٢٧ - ك التفسير، سورة الأنفال وصححه الذهبي وابن الملقن).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: رفع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يده يوم بدر فقال: يارب إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدا! فقال له جبريل: خذ قبضة من التراب! فأخذ قبضة من التراب، فرمى بها في وجوههم، فما من المشركين من أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه تراب من تلك القبضة، فولوا مدبرين.
(التفسير ١٣/٤٤٥ ح ١٥٨٢٧)، وأخرجه ابن أبي حاتم (التفسير - سورة الأنفال/١٧ ح ١٧٤) من طريق أبيه، عن أبي صالح به. وهذا الإسناد جيد محتج به، وتقدم الكلام عليه عند الآية (٢٩) من سورة النساء. والحديث أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد ٦/٧٤) وعزاه للطبراني ثم قال: إسناده حسن.
قوله تعالى (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئاً ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين)
قال النسائي: أنا عبيد بن سعيد بن إبراهيم بن سعد، نا عمي، نا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب قال: حدثني عبد الله بن ثعلبة بن صعير قال: كان المستفتح يوم بدر أبو جهل، وإنه قال حين التقى القوم: اللهم أينا كان أقطع للرحم، وأتى لما لا نعرف فافتح الغد، وكان ذلك استفتاحه، فأنزل الله (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح).
(التفسير ١/٥١٨ ح ٢٢١)، وأخرجه أحمد (المسند ٥/٤٣١)، والطبري (التفسير ١٣/٤٥٢ ح ١٥٨٣٩)، وابن أبي حاتم (التفسير الأنفال/١٩ ح ١٨٣)، والحاكم (المستدرك ٢/٣٢٨) من طرق عن ابن شهاب به. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وعند هؤلاء جميعاً: "فأحسنه الغداة". وفي إسناده عبد الله بن ثعلبة له رؤية ولم يثبت له سماع، وله شاهد أخرجه الطبري بسنده الحسن من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: لما اصطف القوم قال أبو جهل: الله أولانا بالحق فانصره.
وانظر سورة البقرة آية (٨٩) وفيها يستفتحون: يستنصرون.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن مجاهد قوله: (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح) قال: كفار قريش في قولهم: ربنا افتح بيننا وبين محمد وأصحابه!.
ففتح بينهم يوم بدر.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي: (وإن تعودوا نعد) إن تستفتحوا الثانية، نفتح لمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين)، محمد وأصحابه.
قوله تعالى (ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله: (وهم لا يسمعون) قال: عاصون.
قوله تعالى (إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون)
قال البخاري: حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد عن ابن عباس (إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون) قال: هم نفر من بني عبد الدار.
(الصحيح ٨/١٥٨ ح ٤٦٤٦ -ك التفسير- سورة الأنعام).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (الصم البكم الذين لا يعقلون) قال: الذين لا يتبعون الحق.
وانظر سورة البقرة آية (١٨).
قال البخاري: حدثني إسحاق قال: أخبرنا رَوح، حدثنا شعبة، عن خبيْب ابن عبد الرحمن، سمعت حفص بن عاصم يُحدّث عن أبي سعيد بن المعلى - رضي الله عنه - قال: كنت أصلي، فمر بي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فدعاني، فلم آته حتى صليت، ثم أتيته فقال: "ما منعك أن تأتي؟ ألم يقل الله (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم) "ثم قال: "لأعلّمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج". فذهب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليخرج، فذكرت له. وقال معاذ: حدثنا شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، سمع حفصاً، سمع أبا سعيد رجلاً من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بهذا، وقال: "هي الحمد لله رب العالمين، السبع المثاني".
(الصحيح ٨/١٥٨ ح ٤٦٤٧ -ك التفسير- سورة الأنعام، ب الآية).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله: (لما يحييكم) قال: الحق.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)، قال: هو هذا القرآن، فيه الحياة والثقة والنجاة والعصمة في الدنيا والآخرة.
قوله تعالى (واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه)
قال البخاري: حدثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن، أخبرنا عبد الله، أخبرنا موسى بن عقبة، عن سالم، عن عبد الله قال: كثيراً ما كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحلف: "لا ومقلب القلوب".
(الصحيح ١١/٥٢١ ح ٦٦١٧ - ك القدر، ب يحول بين المرء وقلبه).
وانظر الأحاديث المتقدمة عند آية (٨) من سورة آل عمران.
قوله تعالى (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة... )
قال البخاري: حدثنا أبو نعيم، حدثنا زكريا قال: سمعت عامراً يقول: سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "مَثَل القائم على حدود الله والواقع فيها كَمَثَلِ قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجَوا ونجَوا جميعاً"،
(الصحيح ٥/١٥٧ ح ٢٤٩٣ - ك الشركة، ب هل يقرع في القسمة).
قال أحمد: ثنا حسين، قال: ثنا خلف -يعني ابن خليفة- عن ليث، عن علقمة بن مرتد، عن المعرور بن سويد، عن أم سلمة زوج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالت: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمّهم الله عز وجل بعذاب من عنده"، فقلت: يا رسول الله أما فيهم يومئذ أناس صالحون، قال: "بلى"، قالت: فكيف يمنع أولئك؟ قال: "يصيبهم ما أصاب الناس ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان".
(المسند ٦/٣٠٤) وقال الهيثمي: رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح (مجمع الزوائد ٧/٢٦٨)، وللحديث شواهد أخرى استوفاها الهيثمي في الموضع المشار إليه. منها ما أخرجه الحاكم بسنده عن مولاه لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنحوه، وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٤/٥٢٣)، وصحح إسناده الألباني (السلسلة الصحيحة ٣/٣٦٠).
أخرج مسلم بسنده عن زينب بنت جحش أنها سألت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث".
(صحيح مسلم - كتاب الفتن ح ٢٨٨٠).
(المسند ح ١٤١٤)، وقال محققه: إسناده صحيح. وقال الهيثمي: رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح (مجمع الزوائد ٧/٢٧). وأخرجه الضياء المقدسي (المختارة ٣/٦٦ ح ٨٧٢) من طريق الإمام أحمد به وقال محققه: إسناده حسن.
وانظر حديث أبي بكر وجرير عند تفسير الآية (١٠٥) من سورة المائدة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة)، قال: أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم، فيعمهم الله بالعذاب.
قوله تعالى (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي: (فآواكم)، قال: إلى الأنصار بالمدينة (وأيدكم بنصره) وهولاء أصحاب محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أيدهم بنصره يوم بدر.
قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وتخونوا أماناتكم) والأمانة، الأعمال التي أمن الله عليها العباد يعني الفريضة.
يقول: (لا تخونوا) يعني: لا تنقصوها.
قوله تعالى (واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم)
قال الشيخ الشنقيطي: أمر تعالى الناس في هذه الآية الكريمة أن يعلموا: أن أموالهم وأولادهم فتنة يختبرون بها، هل يكون المال والولد سبباً للوقوع فيما
وصرح في موضع آخر بنهي المؤمنين عن أن تلهيهم الأموال والأولاد عن ذكره جل وعلا، وأن من وقع في ذلك فهو الخاسر المغبون في حظوظه، وهو قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون). والمراد بالفتنة في الآيات: الاختبار والابتلاء، وهو أحد معاني الفتنة في القرآن.
قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويُكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم)
قال البخاري: حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة عن أنس عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "ثلاث مَن كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يُحبَّ المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يُقذف في النار".
(الصحيح ١/٧٧ ح ١٦ - ك الأيمان، ب حلاوة الإيمان) وأخرجه مسلم (الصحيح ١/٦٦ ح ٤٣ - ك الإيمان، ب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (فرقانا)، قال: مخرجا في الدنيا والآخرة.
قال أحمد: حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر قال: وأخبرني عثمان الجزري أن مقسماً مولى ابن عباس أخبره عن ابن عباس في قوله (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك) قال: تشاورت قريش ليلة بمكة، فقال بعضهم: إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال بعضهم: بل اقتلوه وقال بعضهم: بل أخرجوه فأطلع الله عز وجل نبيه على ذلك فبات عليٌّ على فراش النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تلك الليلة وخرج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى لحق بالغار وبات المشركون يحرسون علياً يحسبونه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلما أصبحوا ثاروا إليه، فلما رأوا علياً رد الله مكرهم فقالوا: أين صاحبك هذا؟ قال: لا أدري فاقتصوا أثره فلما بلغوا الجبل خلط عليهم فصعدوا في الجبل فمروا بالغار فرأوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا: لو دخل هاهنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه فمكث فيه ثلاث ليال.
(المسند ح ٣٢٥١)، قال الحافظ ابن كثير: إسناده حسن، وهو أجود ما روي في قصة نسج العنكبوت على فم الغار (البداية والنهاية ٣/١٨١). وحسن إسناده الحافظ ابن حجر (الفتح ٧/٢٣٦).
وقصة مكر قريش بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رواها بطولها: الطبري (التفسير ح ١٥٩٦٥)، وأبو نعيم (دلائل النبوة ١/٦٣)، والبيهقى (دلائل النبوة ٢/٤٦٨-٤٦٩) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس، وكذلك أخرجها ابن سعد (الطبقات ١/٢٢٧) من حديث عائشه وابن عباس وعلى وسراقة بن جعشم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك)، يعني ليوثقوك.
وانظر سورة الإسراء آية (٧٣ و٧٦).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (ليثبتوك أو يقتلوك)، قال: كفار قريش، أرادوا ذلك بمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل أن يخرج من مكة.
قوله تعالى (وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (إن هذا إلا أساطير الأولين) رد الله عليهم كذبهم وافتراءهم هذا في آيات كثيرة؛ كقوله تعالى (وقالوا أساطير
إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى (وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون)
قال البخاري: حدثني أحمد، حدثنا عبد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن عبد الحميد -هو ابن كرديد صاحب الزيادي- سمع أنس بن مالك - رضي الله عنه -: قال أبو جهل (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب إليم) فنزلت (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام) الآية.
(الصحيح ٨/١٥٨ ح ٤٦٤٨ -ك التفسير- سورة الأنفال، ب الآية)، وأخرجه مسلم (الصحيح ٤/٢١٥٤ - ك صفات المنافقين وأحكامهم، ب قوله (إن الإنسان ليطغى)).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله: (إن كان هذا هو الحق من عندك) قال: قول النضر بن الحارث أو: ابن الحارث بن كلدة. ا. هـ.
وأخرجه من طرق صحيحه مرسلة أخرى، عن سعيد بن جبير وعطاء والسدي، وهي مراسيل يقوي بعضها بعضاً.
قال الحاكم: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا الأسود بن عامر شاذان، ثنا حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي، عن محمد ابن كعب القرظي، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان فيكم أمانان مضت إحداهما وبقيت الأخرى (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون).
(المستدرك ١/٥٤٢ - ك الدعاء)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي).
(المسند ٣/٢٩)، وأخرجه أيضاً عن يونس عن ليث به (المسند ٣/٤١)، وعزاه الهيثمي لأحمد وأبي يعلى والطبراني في الأوسط ثم قال: أحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح، وكذلك أحد إسنادي أبى يعلى (مجمع الزوائد ١٠/٢٠٧)، وأخرجه الحاكم (المستدرك ٤/٢٦١) من طريق دراج عن أبى الهيثم عن أبي سعيد به.
وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في (السلسله الصحيحة ح ١٠٤).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وماكان الله ليعذبهم وأنت فيهم) يقول: ماكان الله سبحانه يعذب قوما وأنبياؤهم بين أظهرهم حتى يخرجهم ثم قال: (وما كان الله معذبهم وهم بستغفرون) يقول: ومنهم من قد سبق له من الله الدخول في الإيمان، وهو الاستغفار.
ثم قال. (وما لهم ألا يعذبهم الله)، فعذبهم يوم بدر بالسيف.
قوله تعالى (وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون)
قال الشيخ الشنقيطي: صرح تعالى في هذه الآية الكريمة بنفي ولاية الكفار على المسجد الحرام، وأثبتها لخصوص المتقين، وأوضح هذا المعنى في قوله (ماكان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون. إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك إن يكونوا من المهتدين).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله: (إن أولياؤه إلا المتقون)، من كانوا، وحيث كانوا.
قوله تعالى (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية) المكاء: التصفير، والتصدية: التصفيق.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله (ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله) الآية حتى قوله (أولئك هم الخاسرون) قال: في نفقة أبي سفيان على الكفار يوم أحد.
ورواه الطبري بسنده الحسن عن السدي ورواه عن غير السدي فهذه مراسيل يقوي بعضها بعضاً.
قوله تعالى (ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعاً فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (ليميز الله الخبيث من الطيب)، فميز أهل السعادة من أهل الشقاوة.
قوله تعالى (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين)
قال البخاري: حدثنا خلاد بن يحيى، حدثنا سفيان، عن منصور والأعمش، عن أبي وائل، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رجل: يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال: "من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر".
(الصحيح ١٢/٢٧٧ ح ٦٩٢١ - ك استتابة المرتدين، ب إثم من أشرك بالله)، وأخرجه مسلم في (الصحيح ١/١١١ ح ١٢٠ - ك الأيمان، ب هل يؤاخذ بأعمال الجاهلية).
قال مسلم: حدثنا محمد بن المثنى العنزي وأبو معن الرقاشي وإسحاق ابن منصور كلهم عن أبى عاصم واللفظ لابن المثنى: حدثنا الضحاك (يعني أبا عاصم) قال: أخبرنا حيوة بن شريح، قال. حدثني يزيد بن أبى حبيب، عن ابن شُماسة المهري، قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت، فبكى طويلاً وحول وجهه إلى الجدار، فجعل ابنه يقول: يا أبتاه أما بشرك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكذا؟ أما بشرك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكذا؟ قال فأقبل بوجهه فقال: إن أفضل ما نعِد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. إني قد كنت على أطباق ثلاث. لقد رأيتني وما أحد أشدّ بُغضاً لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منى، ولا أحب إليّ أن أكون قد استمكنت منه فقتلته، فلو مُتُّ على
(الصحيح ١/١١٢-١١٣ ح ١٢١ - ك الايمان، ب كون الإسلام يهدم ما قبله... ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (فقد مضت سنة الأولين) في قريش يوم بدر وغيرها من الأمم قبل ذلك.
قوله تعالى (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) يعني: حتى لا يكون شرك.
قال البخاري: حدثنا الحسن بن عبد العزيز، حدثنا عبد الله بن يحيى، حدثنا حَيوة، عن بكر بن عمرو، عن بُكير، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلاً جاءه فقال: يا أبا عبد الرحمن، ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) إلى آخر الآية، فما يمنعك أن لا تقاتل كما ذكر الله في كتابه؟ فقال: يا ابن أخي أعَير بهذه الآية ولا أقاتل أحبَّ إليّ من أن أعيَّر بهذه الآية التي يقول الله تعالى: (ومن يقتل مومناً متعمداً) إلى آخرها. قال: فإن الله يقول: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) قال ابن عمر: قد فعلنا على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ كان الإسلام قليلا، فكان الرجل يُفتن في دينه: إما يقتلوه، وإما يوثقوه، حتى كثر الإسلام فلم تكن قتنة. فلما رأى أنه لا يوافقه فيما يريد قال: فما قولك
(الصحيح ٨/١٦٠ ح ٤٦٥٠ -ك التفسير- سورة الأنفال، ب الآية).
وقال البخاري: حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا بيان: أنّ وبرة حدثه قال: حدثني سعيد بن جبير قال: خرج علينا -أو إلينا- ابنُ عمر، فقال رجل: كيف ترى في قتال الفتنة؟ فقال: وهل تدري ما الفتنة؟ كان محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقاتل المشركين، وكان الدخول عليهم فتنة، وليس كقتالكم على الملك.
(الصحيح ٨/١٦٠ ح ٤٦٥١ -ك التفسير- سورة الأنفال).
وانظر حديث: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله.." في سورة التوبة آية (٥).
قال البخاري: حدثنا عثمان، قال: أخبرنا جرير، عن منصور، عن أبي وائل، عن أبي موسى قال: جاء رجل إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله، ما القتال في سبيل الله؟ فإن أحدنا يقاتل غضباً ويقاتل حمية. فرفع إليه رأسه -قال: وما رفع إليه رأسه إلا أنه كان قائماً- فقال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل".
(الصحيح ١/٢٦٨ ح ١٢٣ - ك العلم، ب من سأل وهو قائم عالماً جالساً).
قال ابن ماجة: حدثنا سويد بن سعيد، ثنا على بن مسهر، عن عاصم، عن السميط بن السمير، عن عمران بن الحصين، قال: أتى نافع بن الأزرق وأصحابه. فقالوا: هلكتَ يا عمران! قال: ما هلكتُ؟ قالوا: بلى. قال: ما الذي أهلكني؟ قالوا: قال الله: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) قال: قد قاتلناهم حتى نفيناهم، فكان الدين كله الله، إن شئتم حدّثتكم حديثاً سمعته من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قالوا: وأنت سمعته من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال: نعم، شهدت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد بعث جيشا من المسلمين إلى
(سنن ابن ماجة ٢/١٢٩٦ ح ٣٩٣٠ - ك الفتن، ب الكف عمن قال لا إله إلا الله)، قال البوصيرى: هذا إسناد حسن، عاصم هو الأحول روى له مسلم. والسميط: وثقه العجلي وروى له مسلم في صحيحه، وسويد بن سعيد مختلف فيه (مصباح الزجاحة ٣/٢٢٢)، وقد أخرجه أيضاً ابن ماجة من غير طريق سويد من طريق حفص بن غياث عن عاصم به رقم ٣٩٣١. ولذا حسنه الألباني (انظر صحيح ابن ماجه ٢/٣٤٨).
قوله تعالى (واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير)
قال الشيخ الشنقيطي: ظاهر هذه الآية الكريمة أن كل شيء حواه المسلمون من أموال الكفار فإنه يخمس حسبما نص عليه في الآية، سواء أوجفوا عليه الخيل والركاب أولا، ولكنه تعالى بين في سورة "الحشر" أن ما أفاء الله على رسوله من غير إيجاف المسلمين عليه الخيل والركاب، أنه لا يخمس ومصارفه التي بين أنه يصرف فيها كمصارف خمس الغنيمة المذكورة هنا، وذلك في قوله تعالى في فيء بني النضير: (وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب) الآية، ثم بين شمول الحكم لكل ما أفاء الله على رسوله من جميع القرى بقوله (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول) الآية.
فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع: أمرهم بالإيمان بالله وحده، قال: "أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخُمس". ونهاهم عن أربع: عن الحنتم، والدبّاء، والنقير، والمزفت -وربما قال: المقيَّر- وقال: "احفظوهن، وأخبروا بهن مَن وراءكم".
(الصحيح ١/١٥٧ ح ٥٣ - ك الإيمان، ب أداء الخمس من الإيمان).
وقال البخاري: حدثنا يحيى بن بُكير، حدثنا الليث عن عُقيل، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن جُبير بن مطعم قال: مَشَيت أنا وعثمان بن عفان فقال: يا رسول الله أعطيتَ بني المطلب وتركتنا، وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة. فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد".
(الصحيح ٦/٦١٦ ح ٣٥٠٢ - ك المناقب، ب مناقب قريش).
وقال: حدثني محمد بن بشار، حدثنا روح بن عُبادة، حدثنا علي بن سويد ابن منجوف، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال: بعث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علياً إلى خالد ليقبض الخمس، وكنتُ أبغض علياً وقد اغتسل، فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا؟ فلما قدمنا على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذكرت ذلك له، فقال: "يا بُريدة أتبغض علياً؟ ". فقلت: نعم. قال: "لا تُبغضه، فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك".
(الصحيح ٧/٦٦٤ ح ٤٣٥٠ - ك المغازي، ب بعث علي بن أبي طالب عليه السلام وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع).
(الصحيح ٣/١٤٤٤-١٤٤٥ ح ١٨١٢ - ك الجهاد والسير، ب النساء الغازيات يرضخ لهن ولا بسهم).
قال الترمذي: حدثنا هناد، حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة عن ابن عباس: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تنفّل سيفه ذا الفقار يوم بدر، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد.
(السن ٤/١٣٠ ح ١٥٦١ - ك السير، ب في النفل. قال الترمذي: حديث حسن غريب.
وأخرجه الحاكم من طريق ابن أبي الزناد وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/١٢٨-١٢٩ و٣/٣٩).
وقال الألباني: حسن (صحيح الترمذي ح ١٢٦٦)، وأخرجه أحمد (المسند ح ٢٤٤٥) عن سريج عن ابن أبي الزناد بأطول منه. قال محققه: إسناده صحيح).
قال أبو داود حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا قرة، قال: سمعت يزيد بن عبد الله قال: كنا بالمربد فجاء رجل أشعث الرأس بيده قطعة أديم أحمر، فقلنا: كأنك من أهل البادية، فقال: أجل، قلنا: ناولنا هذه القطعة الأديم التي في يدك، فناولناها، فقرأناها، فإذا فيها: "من محمد رسول الله إلى بني زهير بن أُقيش إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأقمتم الصلاة، وآتيتم
(السنن ٣/١٥٣-١٥٤ ح ٢٩٩٩ - ك الخراج والإمارة والفيء، ب ما جاء في سهم الصفي)، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان ١٤/٤٩٧ ح ٦٥٥٧) عن الفضل بن الحباب عن مسلم بن إبراهيم به. قال محققه: إسناده صحيح.. وأخرجه النسائي (السنن ٧/١٣٤ - ك قسم الفيء)، وأحمد (المسند ٥/٧٧، ٧٨) من طرق عن الجريري عن يزيد به. وذكره ابن كثير في جملة من الأحاديث ثم قال: هذه أحاديث جيدة). وصححه الألباني في (صحيح سنن أبي داود ٢/٥٨١ ح ٢٥٩٢).
قال النسائي: أخبرنا عمرو بن يحيى بن الحارث قال، حدثنا محبوب يعني ابن موسى قال، أنبأنا أبو إسحاق وهو الفزاري، عن عبد الرحمن بن عياش عن سليمان بن موسى عن مكحول، عن أبي سلام عن أبي أمامة الباهلي، عن عبادة ابن الصامت قال أخذ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم حنين وبرة من جنب بعير فقال: "يا أيها الناس إنه لا يحل لي مما أفاء الله عليكم قدر هذه إلا الخمس والخمس مردود عليكم". قال أبو عبد الرحمن: اسم أبي سلام ممطور وهو حبشي، واسم أبي أمامة: صدي بن عجلان.
(السنن ٧/١٣١ - ك قسم الفيء)، وأخرجه ابن حبان (الإحسان ١١/١٩٣-١٩٤ ح ٤٨٥٥)، وأخرجه الحاكم (المستدرك ٣/٤٩) من طريق عبد الرحمن بن الحارث عن سليمان بن موسى به بأطول منه. قال الألباني: حسن صحيح (صحيح النسائي ح ٣٨٥٨) وللحديث شاهد عن عمرو بن عبسة.
أخرجه أبو داود (السنن ٣/٨٢ - ك الجهاد، ب في الإمام يستأثر بشيء من الفيء لنفسه من طريق أبي سلام عنه به). قال الألباني: وهذا سند صحيح رجاله رجال الصحيح غير الوليد بن عتبة وهو ثقة.
(الصحيحة ٢/٧١٨ ح ٩٨٥) و (صحح أبي داود ح ٢٣٩٣).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) قال: كان الفىء في هؤلاء، ثم نسخ في ذلك سورة الأنفال فقال (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن بالله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل)، فنسخت هذه ما كان قبلها في سورة الأنفال، وجعل الخمس لمن كان له الفىء في سورة الحشر، وسائر ذلك لمن قاتل عليه.
وانظر سورة البقرة آية (١٧٧) لبيان: اليتامى والمساكين وابن السبيل.
(المستدرك ٣/٢٣ - ك المغازي) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه ووافقه الذهبي).
انظر حديث أحمد عن واثلة بن الأسقع المتقدم عند الآية (٣-٤) من سورة آل عمران.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (يوم الفرقان)، يعنى: بـ (الفرقان)، يوم بدر، فرق الله فيه بين الحق والباطل.
قوله تعالى (إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم)
أخرج الطبري عن قتادة قوله (إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى) وهما شفير الوادي كان نبي الله أعلى الوادي والمشركون أسفله.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله: (والركب أسفل منكم)، قال: أبو سفيان وأصحابه، مقبلون من الشام تجارا، لم يشعروا بأصحاب بدر، ولم يشعر محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكفار قريش، ولا كفار قريش بمحمد وأصحابه حتى التقى على ماء بدر من يسقي لهم كلهم. فاقتتلوا، فغلبهم أصحاب محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأسروهم.
قال ابن كثير وقوله (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة) قال محمد بن إسحاق: أي ليكفر من كفر بعد الحجة، لما رأى من الآية والعبرة، ويؤمن من آمن على مثل ذلك. وهذا تفسير جيد، وبسط ذلك أنه تعالى يقول: إنما جمعكم مع عدوكم في مكان واحد على غير ميعاد، لينصركم عليهم، ويرفع كلمة الحق على الباطل ليصير الأمر ظاهراً، والحجة قاطعة، والبراهين ساطعة، ولا يبقى لأحد حجة ولا شبهة، فحينئذ (يهلك من هلك) أي يستمر في الكفر من استمر
قوله تعالى (إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيراً لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور)
أخرج الطبري بسند صحيح عن مجاهد (إذ يريكهم الله في منامك قليلا) قال: أراه الله إياهم في منامه قليلا، فأخبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابه بذلك، فكان تثبيتا لهم.
قوله تعالى (وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمراً كان مفعولاً وإلى الله ترجع الأمور)
قال الطبري: حدثنى ابن بزيع البغدادي قال، حدثنا إسحاق بن منصور، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله قال: لقد قُلِّلوا في أعيننا يوم بدر، حتى قلت لرجل إلى جنبي: تراهم سبعين؟ قال: أراهم مئة! قال: فأسرنا رجلا منهم فقلنا: كم هم؟ قال: ألفاً.
وابن بزيع هو: محمد بن عبد الله بن بزيع. وسنده صحيح.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن الزبير ابن الخريت، عن عكرمة (وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم) قال: حضض بعضهم على بعض.
وصححه ابن كثير.
قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون)
قال الشيخ الشنقيطي: أمر الله تعالى المؤمنين في هذه الآية الكريمة بالثبات عند لقاء العدو، وذكر الله كثيراً مشيراً إلى أن ذلك سبب للفلاح، والأمر بالشيء نهي عن ضده، أو مستلزم للنهي عن ضده، كما علم في الأصول، فتدل
قال البخاري: وقال أبو عامر: حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا تمنّوا لقاء العدو، فإذا لقيتموهم فاصبروا".
(الصحيح ٦/١٨١ ح ٣٠٢٦ - ك الجهاد والسير، ب لا تمنوا لقاء العدو)، وأخرجه مسلم في (الصحيح ح ١٧٤٢ - ك الجهاد، ب كراهة تمني لقاء العدو والأمر بالصبر عند اللقاء).
قال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا أبو إسحاق -هو الفزاري- عن موسى بن عقبة، عن سالم أبي النخير مولى عمر بن عبيد الله وكان كاتبا له قال: كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما فقرأته: إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بعض أيامه التى لقي فيها انتظر حتى مالت الشمس.
ثم قام في الناس خطيباً قال: أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف. ثم قال: اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم".
(الصحيح ٦/١٤٠ ح ٢٩٦٥-٢٩٦٦ - ك الجهاد والسير، ب كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس)، وأخرجه مسلم (الصحيح - ك الجهاد، ب كراهية تمني لقاء العدو).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون)، افترض الله ذكره عند أشغل ما تكونون، عند الضراب بالسيوف.
قال أبو داود: حدثنا حيوة بن شريح الحضرمي، ثنا بقية، حدثني بحير، عن خالد بن معدان، عن أبي بحرية، عن معاذ بن جبل، عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه
(السنن ٣/١٣-١٤ ح ٢٥١٥ - ك الجهاد، ب في من يغزو ويلتمس الدنيا)، وأخرجه النسائي (٦/٤٩ - ك الجهاد، في فضل الصدقة في سبيل الله)، والدارمي في (السنن ٢/٢٠٨-٢٠٩ - ك الجهاد، ب الغزو غزوان)، وأحمد في مسنده (٥/٢٣٤) من طرق عن بقية به. حسنه الألباني في (صحيح سنن أبي داود ٢/٤٧٨ ح ٢١٩٥). وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات ليس فيه إلا ما يخشى من تدليس بقية، وقد صرح بالتحديث كما في رواية أبي داود (انظر مرويات الدارمي في التفسير ص٢٥٢).
قوله تعالى (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) الآية
قال الشيخ الشنقيطي: نهى الله جل وعلا المؤمنين في هذه الآية الكريمة عن التنازع، مبيناً أنه سبب الفشل، وذهاب القوة، ونهى عن الفرقة أيضاً في مواضع أخر؛ كقوله (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) ونحوها من الآيات.
وقوله في هذه الآية (وتذهب ريحكم) أي قوتكم.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله: (وتذهب ريحكم) قال: نصركم. قال: وذهبت ريح أصحاب محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين نازعوه يوم أحد.
قوله تعالى (ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله: (بطرا ورئاء الناس) قال: أبو جهل وأصحابه يوم بدر. وأخرجه بنحوه بسند صحيح عن قتادة.
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن الشيطان غر الكفار، وخدعهم، وقال لهم: لا غالب لكم وأنا جار لكم. وذكر المفسرون: أنه تمثل لهم في صورة (سراقة بن مالك بن جعشم) سيد بني مدلج بن بكر بن كنانة، وقال لهم ما ذكر الله عنه، وأنه يجيرهم من بني كنانة، وكانت بينهم عداوة
وكقوله (يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: جاء إبليس يوم بدر في جند من الشياطين، معه رايته في صورة رجل من بني مدلج، والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، فقال الشيطان للمشركين: (لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى جار لكم). فلما اصطف الناس، أخذ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبضة من التراب فرمى به في وجوه المشركين، فولوا مدبرين. وأقبل جبريل إلى إبليس، فلما رآه، وكانت يده في يد رجل المشركين، انتزع إبليس يده فولى مدبرا هو وشيعته فقال الرجل: يا سراقة، تزعم أنك لنا جار؟ قال: (إني أرى ما لا
ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب)، وذلك حين رأى الملائكة.
قوله تعالى (إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض) قال لما دنا القوم بعضهم من بعض قلل الله المسلمين في أعين المشركين، وقلل المشركين في أعين المسلمين، فقال المشركون: وما هؤلاء؟ غر هولاء دينهم، وإنما قالوا ذلك من قلتهم في أعينهم، وظنوا أنهم سيهزمونهم لا يشكون في أنفسهم في ذلك، فقال الله تعالى (ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم).
(التفسير - سورة الأنفال ح ٥٢١)، وأخرجه أيضاً البيهقي في الدلائل ٣/١٢٠-١٢١) من طريق علي بن أبي طلحة به.
وانظر سورة البقرة آية (١٠) في قلوبهم مرض أي شك.
وسنده صحيح.
قوله تعالى (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله: (إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم)، قال: يوم بدر.
انظر سورة الأنعام آية (٩٣).
قوله تعالى (كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب)
انظر سورة آل عمران آية (١١).
قوله تعالى (ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم) ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه لا يغير نعمة أنعمها على أحد إلا بسبب ذنب ارتكبه، وأوضح هذا المعنى في آيات أخر؛ كقوله (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له وما لهم من دونه من وال). وقوله (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير). وقوله (وما أصابك من سيئة فمن نفسك) إلى غير ذلك من الآيات.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي: (ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، يقول: نعمة الله محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنعم به على قريش، وكفروا، فنقله إلى الأنصار.
انظر سورة البقرة عن اغراق آل فرعون آية (٥٠) وسورة آل عمران آية (١١) في تفسير بقية الآية.
قوله تعالى (إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون)
انظر سورة الفرقان آية (٤٤) وفيها بيان شر الدواب قال تعالى: (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً).
قوله تعالى (الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله: (الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم) قال: قريظة، ما لأوا على محمد يوم الخندق أعداءه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم) يعنى: نكل بهم من بعدهم.
انظر سورة النساء آية (٨٩).
قوله تعالى (وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين)
قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمر النمري، قال: ثنا شعبة، عن أبي الفيض، عن سليم بن عامر -رحل من حمير-، قال: كان بين معاوية وبين الروم عهد، وكان يسير نحو بلادهم، حتى إذا انقضى العهد غزاهم، فجاء رجل على فرس أو بِرذون وهو يقول: الله أكبر، الله أكبر، وفاء لا غدر، فنظروا فإذا عمرو ابن عبسة، فأرسل إليه معاوية، فسأله، فقال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "من كان بينه وبين قوم عهد لا يَشُدُّ عقدة ولا يحلها حتى يقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء"
فرجع معاوية.
(السنن ٣/٨٣ ح ٢٧٥٩ - ك الجهاد، ب في الإمام يكون بينه وبين العدو عهد فيسير إليه)، وأخرجه الترمذي (السنن ٤/١٤٣ ح ١٥٨٠ - ك السير، ب ما جاء في الغدر) من طريق: أبي داود الطيالسي. وأحمد (المسند ٤/١١١) من طريق: محمد بن جعفر، كلاهما عن شعبة به. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال الألباني: صحيح (صحيح الترمذي ح ١٢٨٥).
وانظر آية (٧١) من السورة نفسها.
قوله تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة... )
قال مسلم: حدثنا هارون بن معروف، أخبرنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي علي، ثُمامة بن شُفيٍّ؛ أنه عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو على المنبر، يقول: " (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي".
(الصحيح ٣/١٥٢٢ ح ١٩١٧ - ك الإمارة، ب فضل الرمي والحث عليه وذم من علمه ثم نسبه).
قوله تعالى (ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم)
قال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة".
(الصحيح ٣/١٤٩٢ ح ١٨٧١ - ك الإمارة، ب الخيل في نواصيها الخير)، وأخرجه البخاري ٦/٦٤ - ك الجهاد، ب الخيل معقودة في نواصيها الخير إلى يوم القيامة).
قال البخاري: حدثنا علي بن حفص، حدثنا ابن المبارك، أخبرنا طلحة بن أبي سعيد قال: سمعت سعيداً المقبري يُحدث أنه سمع أبا هريرة - رضي الله عنه - يقول: قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَنْ احتبس فرساً في سبيل الله، إيماناً بالله وتصديقاً بوعده، فإنّ شِبعه وريّه ورَوْثه وبوله في ميزانه يوم القيامة".
(الصحيح ٦/٦٧ ح ٢٨٥٣ - ك الجهاد، ب من احتبس فرسا في سبيل الله).
قال البخاري: حدثنا إسماعيل بن عبد الله، حدثنا مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح السمّان، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "الخيل لثلاثة: لرجل أجرٌ، ولرجل سِترٌ، وعلى رجل وِزر. فأما الذي له أجر، فرجل ربطها في سبيل الله، فأطال لها في مَرْج أو روضة، فما أصابت في طِيَلها ذلك في المرج
(الصحيح ٨/٥٩٨ ح ٤٩٦٢ - ك التفسير - سورة الزلزلة، ب قوله (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره). و (٦/٧٥ ح ٢٨٦٠ - ك الجهاد والسير، ب الخيل لثلاثة)، وأخرجه مسلم (٢/٦٨٢ ح ٩٨٧ - ك الزكاة، ب إثم مانع الزكاة نحوه).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (وآخرين من دونهم)، قال: قريظة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي: (وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم)، هؤلاء أهل فارس.
ويمكن الجمع بين القولين.
قوله تعالى (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين)
قال ابن الجوزي: وأخبرنا ابن ناصر، قال أنبا ابن أيوب قال: أنبا ابن شاذان قال: أنبا أبو بكر النجار قال: أنبا أبو داود السجستاني قال: أنبا أحمد بن محمد قال: أنبا علي بن الحسين، عن أبيه، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) نسختها (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله).
(نواسخ القرآن ص٣٤٨). وقد تقدم مثل هذا الإسناد عند أبي داود في (السنن رقم٢٨١٧)، عند قوله تعالى (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه) الأنعام/١١٨. وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
وانظر سورة البقرة آية (٢٠٨).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن السدي: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) وإن أرادوا الصلح فأرده.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (وان يريدوا أن يخدعوك) قال: قريظة.
انظر سورة البقرة آية (٩) لبيان الخداع.
قوله تعالى (وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم)
قال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب عن عمرو بن يحيى عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد بن عاصم قال: لما أفاء الله على رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم حنين قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم ولم يُعط الأنصار شيئا، فكأنهم وجدوا إذ لم يُصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: يا معشر الأنصار، ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي؟ كلّما قال شيئاً قالوا: الله ورسوله أمنُّ. قال: ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال: كلما قال شيئاً قالوا: الله ورسوله أمنُّ. قال: لو شئتم قلتم: جئتنا كذا وكذا. ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتذهبون بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى رحالكم؟ لولا الهجرة، لكنت امرءاً من الأنصار. ولو سلك الناس وادياً وشعباً لسلكت وادى الأنصار وشعبها. الأنصار شعار، والناس دثار. إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض".
(الصحيح ٧/ ٦٤٤ ح ٤٣٣٠ - ك المغازي، ب غزوة الطائف)، وأخرجه مسلم (الصحيح - ك الزكاة، ب إعطاء المؤلفة قلوبهم).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي: (وألف بين قلوبهم)، قال: هؤلاء الأنصار، ألف بين قلوبهم من بعد حرب، فيما كان بينهم.
فقال فضيل: نعم! لولا الحياء منك لقبلتك حدثني أبو الأحوص، عن عبد الله قال: نزلت هذه الآية في المتحابين في الله: (لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم).
(أبو الأحوص هو عوف بن مالك بن نضلة، وأخرجه الحاكم من طريق علي بن عبيد عن فضيل به، وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/٣٢٩) وذكره الهيثمي وقال: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير جنادة بن سلم وهو ثقة. (مجمع الزوائد ٧/٢٧).
قوله تعالى (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين)
انظر سورة آل عمران آية (١٧٣-١٧٤).
قوله تعالى (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون)
قال البخاري: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن ابن عباس رضي الله عنهما: لما نزلت (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين) فكتب عليهم أن لا يفرّ واحدٌ من عشرة، فقال سفيان غير مرة: أن لا يفرّ عشرون من مائتين، ثم نزلت (الآن خفف الله عنكم) الآية، فكتب أن لا يفر مائة من مائتين، وزاد سفيان مرة: نزلت (حرّض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون) قال سفيان وقال ابن شبرمة: وأرى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل هذا.
(الصحيح ٨/١٦١-١٦٢ ح ٤٦٥٢ -ك التفسير- سورة الأنفال، ب الآية)، وأخرجه مسلم (الصحيح ٣/١٤٣١ ح ١٨٠٥ - ك الجهاد، ب غزوة الأحزاب).
وقال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا أبو إسحاق، عن حُميد قال: سمعت أنساً - رضي الله عنه - يقول: خرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى
نحن الذين بايعوا محمداً | على الجهاد ما بقينا أبداً |
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن النضر بن أبي النضر وهارون بن عبد الله ومحمد ابن رافع وعبد بن حميد -وألفاظهم متقاربة- قالوا: حدثنا هاشم بن القاسم: حدثنا سليمان -وهو ابن المغيرة- عن ثابت، عن أنس بن مالك.
قال: بعث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُسَيْسَةَ عينا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان. فجاء وما في البيت أحد غيري وغير رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (قال: لا أدري ما استثنى بعض نسائه) قال: فحدثه الحديث. قال: فخرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فتكلم. فقال: "إن لنا طَلِبَةً، فمن كان ظهره حاضرا فليركب معنا" فجعل رجال يستأذنونه في ظهرانهم في علو المدينة. فقال: "لا، إلا من كان ظهره حاضراً".
فانطلق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه. حتى سبقوا المشركين إلى بدر. وجاء المشركون، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا يُقدّمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه" فدنا المشركون. فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض" قال: يقول عُمير بن الحمام الأنصاري: يارسول الله! جنة عرضها السموات والأرض؟ قال: "نعم" قال: بخ بخ. فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما يحملك على قولك بخ بخ" قال: لا. والله! يارسول الله! إلا رجاءة أن أكون من أهلها. قال: "فإنك من أهلها" فأخرج تمرات من قرنه. فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة. قال: فرمى بما كان معه من التمر. ثم قاتلهم حتى قتل.
(الصحيح ٣/١٥٠٩-١٥١١ ح ١٩٠١ - ك الإمارة، ب ثبوت الجنة للشهيد).
قال البخاري: حدثنا يحيي بن عبد الله السلمي، أخبرنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا جرير بن حازم، قال: أخبرني الزبير بن الخريت، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين) شق ذلك على المسلمين حين فرِضَ عليهم أن لا يفرّ واحد من عشرة، فجاء التخفيف فقال (الآن خفّف الله عنكم وعلم أنّ فيكم ضعفا، فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين) قال: فلما خَفّف الله عنهم من العدة نَقَص من الصبر بقدر ما خُفّف عنهم.
(الصحيح ٨/١٦٣ ح ٤٦٥٣ -ك التفسير- سورة الأنفال، ب الآية).
قوله تعالى (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم)
انظر حديث مسلم المتقدم تحت الآية رقم (١٢٥) من سورة البقرة.
وانظر حديث مسلم الطويل تحت الآية رقم (٩) من سورة الأنفال.
قال الحاكم: أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، ثنا سعيد ابن مسعود، ثنا عبيد الله بن موسى، ثنا إسرائيل، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: استشار رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الأسارى أبا بكر، فقال: قومك وعشيرتك فخل سبيلهم فاستشار عمر، فقال: اقتلهم، قال: ففداهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأنزل الله عز وجل (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) إلى قوله (فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً) قال: فلقي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عمر قال: "كاد أن يصيبنا في خلافك بلاء".
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (المستدرك ٢/٣٢٩ - ك التفسير، سورة الأنفال) وصححه الذهبي).
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي، حدثنا عبيد الله ابن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو بن مرة عن خيثمة قال: كان سعد جالساً ذات يوم وعنده نفر من أصحابه، إذ ذكر رجلاً، فنالوا منه، فقال: مهلاً عن أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإنا أذنبنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذنباً، فأنزل الله عز وجل (لولا كتاب من الله سبق) الآية. فكنا نرى، أنها رحمة من الله سبقت. (التفسير - سورة الأنفال ح ٦٦٠)، وأخرجه أيضاً إسحاق في مسنده (انظر المطالب العالية المسنده (ق ١٦٦/أ)، والحاكم في (المستدرك (٢/٣٢٩-٣٣٠) من طريق عبد الله بن عمر بإسناده مطولاً، وفى لفظ الحاكم. "فأرجو أن تكون رحمة من عند الله سبقت لنا". ولفظ إسحاق بنحوه، وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط الشيخين. وأقره الذهبي. وصحح الحافظ إسناده في المطالب العالية.
وحكى محقق (المطالب المجردة ٤/١٥١) : عن البوصيري أنه قال: رواه إسحاق بإسناد حسن.
قال الترمذي: حدثنا عبد بن حميد، أخبرني معاوية بن عمرو، عن زائدة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لمْ تحلَّ الغنائم لأحد سُود الرءوس من قبلكم، كانت تنزل نار من السماء فتأكلها"، قال سليمان الأعمش: فمن يقول هذا إلا أبو هريرة الآن، فلما كان يوم بدر وقعوا في الغنائم قبل أن تحل لهم، فأنزل الله تعالى: (لولا كتاب من الله سبق لمسّكم فيما أخذتم عذاب عظيم).
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث الأعمش (السنن٥/٢٧١ - ك التفسير، ب سورة الأنفال)، وصححه الألباني في (صحيح سنن الترمذي ح ٣٠٨٥)، وأخرجه الطبري بنحوه من طريق: أبى معاوية عن الأعمش به، قال الشيخ أحمد شاكر: حديث صحيح الإسناد. (تفسير الطبري ١٤/٦٦ ح ١٦٣٠١، ١٦٣٠٢)، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان ١١/ ١٣٤ ح ٤٨٠٦) من طريق جرير، عن الأعمش به. قال محققه: إسناده على شرط الشيخين. وكذا قال الألباني في (السلسله الصحيحة ح ٢١٥٥) وكلامه أسبق.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (لولا كتاب من الله سبق)، لأهل بدر، ومشهدهم إياه.
قوله تعالى (فكلوا مما غنمتم حلالاً طيباً واتقوا الله إن الله غفور رحيم)
قال البخاري: حدثنا محمد بن سنان حدثنا هُشيم. ح. قال: وحدثني سعيد ابن النضر، قال: أخبرنا هشيم قال: أخبرنا سيار قال: حدثنا يزيد -هو ابن صهيب الفقير- قال: أخبرنا جابر بن عبد الله أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "أعطيتُ خمساً لم يُعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجُعلتْ لي الأرض مسجداً وطهوراً فأيمّا رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم ولم تحلّ لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصّة وبُعثت إلى الناس عامة".
(الصحيح ١/٥١٩ ح ٣٣٥ - ك التيمم)، وأخرجه مسلم (الصحيح ١/٣٧٠ ح ٥٢١ - ك المساجد).
قوله تعالى (يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم)
قال الحاكم: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق ثنا يحيى بن عباد بن عبد الله الزبير، عن أبيه، عن عائشة قالت: لما جاءت أهل مكة في فداء أساراهم، بعثت زينب بنت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في فداء أبي العاص، وبعثت فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بني عليها، فلما رأها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَق لها رقة شديدة وقال: "إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا" قالوا: نعم يا رسول الله، وردوا عليه الذي لها. قال: وقال العباس: يا رسول الله إني كنت مسلماً فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الله أعلم بإسلامك، فإن يكن كما
(المستدرك ٣/٣٢٤ - ك معرفة الصحابة) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وللحديث شاهد بنحوه مختصراً، أخرجه الطبراني (المعجم الكبير ١١/١٧١ ح ١١٣٩٨)، وابن أبي حاتم (التفسير - سورة الأنفال/٧٠ ح ٦٨٣) كلاهما من طريق ابن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن ابن عباس. وعزاه الهيثمي للطبراني في الأوسط والكبير، وقال: رجال الأوسط رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع (مجمع الزوائد ٧/٢٨)، وأخرجه الطبري بسنده الحسن من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وأصل الحديث في (سنن أبي داود ح ٢٦٩٢ - ك الجهاد، ب فداء الأسير بالمال)، وحسنه الألباني في (صحيح أبي داود ح ٢٣٤١).
قوله تعالى (وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي (وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم) يقول: قد كفروا بالله ونقضوا عهده، فأمكن منهم ببدر.
وانظر آية (٥٨) من السورة نفسها.
انظر حديث بريدة المتقدم عند مسلم، سورة البقرة (١٩٠).
قال أحمد: ثنا وكيع عن شريك، عن عاصم، عن أبي وائل، عن جرير قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "المهاجرون والأنصار أولياء بعضهم لبعض والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض إلى يوم القيامة".
قال شريك: فحدثنا الأعمش عن تميم بن سلمة عن عبد الرحمن بن هلال عن جرير عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مثله.
(المسند ٤/٣٦٣)، وأخرجه الطيالسى (المسند ح ٦٧١)، والطبراني (المعجم الكبير ح ٢٣١١)، وابن حبان في صحيحه (الإحسان ١٦/٢٥٠ ح ٧٢٦٠) من طرق عن عاصم به. وأخرجه الطبراني (ح ٢٤٣٨)، والحاكم (المستدرك ٤/٨٠-٨١) من طريق الأعمش عن موسى بن عبد الله بن يزيد الخطمي عن عبد الرحمن بن هلال، عن جرير به. قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وعزاه الهيثمي لأحمد والطبراني وقال:
وأحد أسانيد الطبراني رجاله رجال الصحيح | (مجمع الزوائد ١٠/١٥). |
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض)، يعنى: في الميراث، جعل الميراث للمهاجرين والأنصار دون ذوى الأرحام، قال الله: (والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا)، يقول: مالكم من ميراثهم من شيء، وكانوا يعملون بذلك حتى أنزل الله هذه الآية: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) سورة الأنفال: ٧٥، سورة الأحزاب: ٦، في الميراث، فنسخت التي قبلها، وصار الميراث لذوي الأرحام.
قوله تعالى (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) يعنى في الميراث (إلا تفعلوه) يقول: إلا تأخذوا في الميراث بما أمرتكم به (تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).
قوله تعالى (والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً لهم مغفرة ورزق كريم)
انظر آية (٧٢) من السورة نفسها.
قوله تعالى (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض)
قال الحاكم: حدثنا أبو العباس، ثنا الحسن بن عفان، ثنا يحيى بن آدم، ثنا الحسن بن صالح، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: هيهات هيهات أين ابن مسعود، إنما كان المهاجرون يتوارثون دون الأعراب فنزلت (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض).
(وصحح إسناده ووافقه الذهبي (المستدرك ٤/٣٤٤-٣٤٥) ومناسبة قول ابن عباس هذا رواه ابن أبي حاتم في تفسيره بلفظ: قيل لابن عباس أن ابن مسعود لايورث الموالي دون ذوي الأرحام ويقول: إن ذوي الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله فقال: ابن عباس: هيهات. هيهات...
قال الحاكم: أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا الحسن بن علي بن زياد، ثنا إبراهيم ابن المنذر الحزامي، ثنا محمد بن صدقة الفدكي، ثنا ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قال الزبير بن العوام - رضي الله عنه -: فينا نزلت هذه
(المستدرك ٤/٣٤٤-٣٤٥ - ك الفرائض وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي).
قال الترمذي: حدثنا علي بن حُجر وهناد قالا: حدثنا إسماعيل بن عياش، حدثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني، عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول في خطبته عام حجة الوداع: "إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث، والولد للفراش وللعاهر الحجر وحسابهم على الله، ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله التابعة إلى يوم القيامة. لا تنفِق امرأة من بيت زوجها" إلا بإذن زوجها. قيل: يا رسول الله ولا الطعام، قال: لذلك أفضل أموالنا"، ثم قال: "العارية مؤدّاة، والمنحة مردودة والدين مَقْضيّ، والزعيم غارم.
(السنن ٤/٤٣٣ ح ٢١٢٠ - ك الوصايا، ب ما جاء لا وصية لوارث)، وأخرجه أحمد (المسند ٥/٢٦٧) عن أبي المغيرة عن إسماعيل بن عياش به. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الألباني: صحيح (صحيح الترمذي ح ١٧٢١). وله شاهد من حديث عمرو بن خارجة. أخرجه الترمذي بعده (ح ٢١٢١) وقال: حسن صحيح...
أسماءها
قال البخاري: حدثنا محمد بن عبد الرحيم، حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا هشيم، أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: سورة التوبة؟ قال: التوبة هي الفاضحة، ما زالت تنزل: ومنهم، ومنهم، حتى ظنوا أنها لم تبق أحداً منهم إلا ذكر فيها. قال: قلت: سورة الأنفال؟ قال: نزلت في بدر. قال: قلت: سورة الحشر؟ قال: نزلت في بني النضير.
(الصحيح ح ٤٨٨٢ - ك التفسير، سورة الحشر)، وأخرجه أيضاً مسلم في (صحيحه ٤/٢٣٢٢ ح ٣٠٣١ - ك التفسير، في سورة براءة والأنفال والحشر) من طريق هشيم به.
وقال أبو عبيد: حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن حذيفة قال: يسمونها سورة التوبة، وهي سورة العذاب، يعني براءة.
(فضائل القرآن ح ٤٤٦)، وإسناده حسن. وأخرجه الطبراني في (الأوسط ٢/١٩٦ ح ١٣٥٢)، والحاكم في (المستدرك ٢/٣٣٠-٣٣١) من طريق عبد الله بن سلمة عن حذيفة، وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، وأقره الذهبي. وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات. (مجمع الزوائد ٧/٢٨).
نزولها
قال البخاري: حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت البراءه - رضي الله عنه - يقول لآخر آية نزلت (يستفتونك قل الله يُفتيكم في الكلالة) وآخر سورة نزلت براءة.
(الصحيح ٨/١٦٧ ح ٤٦٥٤ -ك التفسير- سورة التوبة، ب الآية).