تفسير سورة يونس

مجاز القرآن
تفسير سورة سورة يونس من كتاب مجاز القرآن المعروف بـمجاز القرآن .
لمؤلفه أبو عبيدة معمر بن المثنى . المتوفي سنة 209 هـ

(بسم الله الرّحمن الرّحيم)

«سورة يونس»
(١٠)
«الر» (١) ساكنة لأنها حروف جرت مجرى فواتح سائر السور اللواتى مجازهن مجاز حروف التهجي ومجاز موضعهن فى المعنى كمجاز ابتداء فواتح السور.
«تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ» (١) مجازها: هذه آيات الكتاب الحكيم، أي القرآن، قال الشاعر:
ما فهم من الكتاب أم آي القرآن «١»
والحكيم: مجازه المحكم «٢» المبيّن الموضّح، والعرب قد نضع فعيل فى معنى مفعل، وفى آية أخرى: «هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ» (٥٠/ ٢٣)، مجازه: معد، «٣» وقال أبو ذوءيب:
(١) لم أجده فيما رجعت إليه من المظان، وفى وزنه خلل وفى معناه غموض.
(٢) «والحكيم... والمحكم» : راجع ما رواه القرطبي (٨/ ٣٠٥) عن أبى عبيدة.
(٣) « «المعد» » هكذا ورد فى الأصول وهو بمعنى العتيد (حسبما ورد فى اللسان) ولكن مقتضى السياق هو المعتد.
.. إنى... غداة إذ ولم أشعر خليف «١»
أي ولم أشعر أنى محلف، من قولهم: أخلفت الموعد. ومجاز «آيات» مجاز أعلام «٢» الكتاب وعجائبه، وآياته أيضا: فواصله، والعرب يخاطبون بلفظ الغائب وهم يعنون الشاهد، وفى آية أخرى: «الم ذلِكَ الْكِتابُ» (٢/ ١) مجازه: هذا القرآن، قال عنترة:
شطّت مزار العاشقين فأصبحت... عسرا علىّ طلابك ابنة مخرم (١٧)
«قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ» (٢) مجازه: سابقة صدق عند ربهم، ويقال:
له قدم فى الإسلام وفى الجاهلية.
«ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ» (٣) مجازه: ظهر على العرش وعلا عليه، ويقال: استويت على ظهر الفرس، وعلى ظهر البيت.
«إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا» (٤) وعد الله: منصوب لأنه مصدر فى موضع «وَعْدَ اللَّهِ»، وإذا كان المصدر فى موضع فعل، نصبوه كقول كعب:
تسعى الوشاة جنابيها وقيلهم... إنّك يا ابن أبى سلمى لمقتول (١٤٧)
(١) : ديوان الهذليين ١/ ٩٩ واللسان (خلف) على اختلاف فى روايتهما
(٢) «أعلام» : وفى البخاري: يقال: تلك آيات، يعنى هذه أعلام القرآن، ومثله: «حتى إذا كنتم فى الفلك وجرين بهم» المعنى: بكم، قال ابن حجر:
وقع لغير أبى ذر وسيأنى للجميع فى التوحيد وقائل ذلك هو أبو عبيدة ابن المثنى (فتح الباري ٨/ ٢٦١). [.....]
يقولون حكاية عن أبى عمرو: وقيلهم منصوب لأنه فى موضع «ويقولون» «وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ» (٤) أي بالعدل.
«لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ» (٤) كل حار فهو حميم، قال المرقّش الأصغر من بنى سعد بن مالك:
وكل يوم لها مقطرة... فيها كباء معدّ وحميم «١»
أي ماء حار يستحمّ به، كباء مما تكبيت به أي تبخّرت وتجمّرت سواء، وكبى منقوص: هى الكنّاسة والسّباطة والكساحة.
«جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً» (٥) وصفها بالمصدر، والعرب قد تصف المؤنثة بالمصدر وتسقط الهاء، كقولهم: إنما خلقت فلانة لك عذابا وسجنا ونحو ذلك بغير الهاء.
(١) المرقش الأصغر: اسمه عمرو بن حرملة بن سعد بن مالك، وقيل اسمه حرملة بن سعد، وقيل غير ذلك. شاعر جاهلى وهو عم طرفة ترجم له المرزباني فى المعجم ٢٠١ وأخباره فى الأغانى ١٩٣. - والبيت فى الطبري ١١/ ٥٥ واللسان (قطر، صمم) على خلاف فى الرواية
قال:
«الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا» (٧) مجازه: لا يخافون ولا يخشون، وقال:
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها وحالفها فى بيت نوب عوامل «١»
«دَعْواهُمْ فِيها» (١٠) أي دعاؤهم «٢» أي قولهم وكلامهم. «وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» (١٠).
«لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ» (١١) مجازه: لفرغ ولقطع ونبذ إليهم، وقال أبو ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما داود أو صنع السوابغ تبّع (٦٢)
«دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً» (١٢) مجازه: دعانا على إحدى هذه الحالات، ومجاز «دعانا لجنبه» مجاز المختصر الذي فيه ضمير كقولك: دعانا وهو مضطجع لجنبه.
«مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا» (١٢) أي استمر فمضى.
«مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي» (١٥) أي من عند نفسى.
(١) والبيت لأبى ذؤيب فى ديوان الهذليين ١/ ١٤٣- وجمهرة الأشعار ٩ والطبري ١١/ ٥٦ والقرطبي ٨/ ٣١١.
(٢) «دعواهم. دعاؤهم» : رواه البخاري، قال ابن حجر فى فتح الباري ٨/ ٢٦١ هو قول أبى عبدة.
«وَلا أَدْراكُمْ بِهِ» (١٦) مجازه: ولا أفعلكم به من دريت أنا به.
«عُمُراً» (١٦) أي حينا طويلا، مجازه من قولهم: مضى علينا حين من الدهر، والعمر والعمر والعمر ثلاث لغات.
«وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ» (١٨) مجاز ما هاهنا مجاز الدين، ووقع معناها على الحجارة، وخرج كنايتها على لفظ كناية لآدميين، فقال: هؤلاء شفعاؤنا، ومثله فى آية أخرى: «لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ» (٢١/ ٦٥)، وفى آية أخرى: «إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ» (١٢/ ٤) والمستعمل فى الكلام: ما تنطق هذه، ورأيتهن لى ساجدات، وقال:
تمزّزتها والدّيك يدعو صباحه إذا ما بنو نعش دنوا فتصوّبوا «١»
وفى آية أخرى «يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ» (٢٧/ ١٨) والمستعمل: أدخلن مساكنكن لا يحطمنكن سليمان.
«مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا» (٢١) مجاز المكر هاهنا مجاز الجحود بها والرد لها.
«قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً» (٢١) أي أخذا وعقوبة واستدراجا لهم.
(١) : البيت للنابغة الجعدي وهو فى الكتاب ١/ ٢٠٥ والطبري ١٩/ ٣٥ والشنتمرى ١/ ٢٤٠ والصحاح واللسان والتاج (نعش) وابن يعيش ١/ ٧٠٠ وشواهد المغني ٢١٥ والخزانة ٣/ ٢١.
«أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ» (٢٢) مجازه: دنوا للهلاك، ويقال: إنه محاط بك، «١» والإدراك أي إنك مدرك فمهلك.
«فَجَعَلْناها حَصِيداً» (٢٤) اى مستاصلين، والحصيد من الزرع والنبات المجذوذ من أصله وهو يقع أيضاً لفظه على لفظ الجميع من الزرع والنبات فجاء فى هذه الآية على معنى الجميع، وقد يقال: حصائد الزرع، اللواتى تحصد.
«وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ» (٢٦) يرهق: أي يغشى، والقتر جميع قترة، وفى القرآن: «تَرْهَقُها قَتَرَةٌ» (٨٠/ ٤١)، وهو الغبار [قال الأخطل:
يعلو القناطر يبنيها ويهدمها مسوّما فوقه الرايات والقتر] «٢»
وقال [الفرزدق] :
متوّج برداء الملك يتبعه موج ترى فوقه الرايات والفترا «٣»
(١) «أحيط بهم... محاط بك» : رواه ابن حجر عن أبى عبيدة فى فتح الباري ٨/ ٣٦١.
(٢) : ديوانه ١٠٣.
(٣) : ديوانه ٢٩٠- والطبري ١١/ ٦٩ رواه القرطبي ٨/ ٣٣١ وصاحب اللسان (قتر) على أنه من إنشاد أبى عبيدة.
ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ ﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣ ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ ﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗ ﰙﰚﰛﰜﰝﰞﰟﰠﰡﰢﰣﰤ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ ﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑ
«قِطَعاً «١» مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً» (٢٧) إذا أسكنت الطاء فمعناه بعضا من الليل، والجميع: أقطاع من الليل، أي ساعات من الليل، يقال: أتيته بقطع من الليل وهو فى آية أخرى: بقطع من اللّيل (١١/ ٨١). ومن فتح الطاء فإنه يجعلها جميع قطعة والمعنيان واحد. ويجعل «مظلما» من صفة الليل وينصبها على الحال وعلى أنها نكرة وصفت به معرفة.
«هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ» (٣٠) أي تخبر وتجد. و «تتلو» «٢» تتبع.
«لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ» (٣٧، ٣٨) مجاز «أم» هاهنا مجاز الواو ويقولون.
«افْتَراهُ» (٣٨) أي اختلقه وابتشكه.
«إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً» (٥٠) أي بيتكم ليلا وأنتم بائتون.
«إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ» (٦١) أي تكثرون وتلغطون وتخلطون.
«وَما يَعْزُبُ «٣» عَنْ رَبِّكَ» (٦١) أي ما يغيب عنه، ويقال: أين عزب عقلك عنك.
«مِثْقالِ ذَرَّةٍ» (٦١) أي زنة نملة صغيرة، ويقال خذ هذا فإنه أخف مثقالا، أي وزنا.
(١) «قطعا» : قرأ ابن كثير والكسائي بإسكان الطاء والباقون بفتحها (الداني ١٢١).
(٢) «وما يعزب» : وقرأ الكسائي يعزب بكسر الزاى وضم الباقون وهما لغتان فصيحتان (القرطبي ٨/ ٣٥٦).
(٣) «تبلو، تتلو» : قراءتان، انظر القرطبي ٨/ ٣٣٤.
«وَالنَّهارَ مُبْصِراً» (٦٧) له مجازان أحدهما: أن العرب وضعوا أشياء من كلامهم فى موضع الفاعل، والمعنى: أنه مفعول، لأنه ظرف يفعل فيه غيره لأن النهار لا يبصر ولكنه يبصر فيه الذي ينظر، وفى القرآن: «فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ» (٦١/ ٢١) وإنما يرضى بها الذي يعيش فيها، قال جرير:
لقد لمتنا يا أمّ غيلان فى السّرى ونمت وما ليل المطيّ بنائم «١»
والليل لا ينام وإنما ينام فيه، وقال [رؤية] :
فنام ليلى وتجلّى همّى «٢»
«إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا» (٦٨) مجازه: ما عندكم سلطان بهذا، و «من» من حروف الزوائد، ومجاز سلطان هاهنا: حجّة وحق وبرهان.
«ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً» (٧١) مجازها: ظلمة وضيق «٣» وهمّ، قال العجّاج:
بل لو شهدت الناس إذ تكموا بغمّة لو لم تفرّج غمّوا «٤»
(١) : ديوانه (نشر الصاوى) ٥٤٤- والكتاب ١/ ٦٩ والطبري ١١/ ٨٩ والشنتمرى ١/ ٨٠ والخزانة ١/ ٢٢٣.
(٢) : ديوانه ١٤٢.
(٣) «مجازها... وضيق» : نقل القرطبي (٨/ ٣٦٤) هذا الكلام عنه.
(٤) : ديوانه ٦٣- والطبري ١١/ ٩١ والقرطبي ٨/ ٣٦٤ واللسان (كمم). [.....]
تكمّوا: تغمّدوا، يقال تكمّيت فلانا أي تغمّدته، وقد كميت شهادتك إذا كتمتها، وفارس كمىّ وهو الذي لا يظهر شجاعته إلا عند الحاجة إلى ذلك.
«ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ» (٧١) مجازه كمجاز الآية الأخرى:
«وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ» (١٧/ ٤) أي أمرناهم.
«إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ» (٧٥) أي أشراف قومه.
«أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا» (٧٨) أي لتصرفنا عنه وتميلنا وتلوينا عنه، ويقال: لفت عنقه. كقول رؤبة:
[يدقّ صلّبات العظام لفتى] لفتا وتهزيعا سواء اللّفت «١»
التهزيع: الدّق واللّفت: اللّىّ.
«قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ» «٢» (٨١) مجاز «ما» هاهنا: «الذي» ويزيد فيه قوم ألف الاستفهام، كقولك: آلسّحر؟.
(١) : ديوانه ٢٤- والطبري ١١/ ٩٣.
(٢) «السحر» : اختلفت القراء فى قراءة الآية فقرأتها عامة قراء أهل الحجاز والعراق «ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ» على وجه الخبر من موسى عن الذي جاءت به سحرة فرعون أنه سحر. وقرأها مجاهد وبعض المدنيين والبصريين «ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ» بهمزة ممدودة على وجه الاستفهام من موسى للسحرة (الطبري ١١/ ٩٤).
«اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ» (٨٨) أي أذهب أموالهم، ويقال: طمست عينه وذهبت، وطمست الريح على الديار.
«وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ» (٨٨) مجازه هاهنا كمجاز «اشدد الباب»، ألا نرى بعده:
«فَلا يُؤْمِنُوا» (٨٨) جزم، لأنه دعاء عليهم، أي فلا يؤمننّ.
«فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ» (٩٠) مجازه: تبعهم، هما سواء.
«بَغْياً وَعَدْواً» (٩٠) «١» مجازه: عدوانا.
«فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ» (٩٢) مجازه: نلقيك «٢» على نجوة، أي ارتفاع ليصر علما أنه قد غرق.
«لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً» (٩٢) أي علامة، ومجاز خلفك: بعدك.
«إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ
(١) «وعدوا» : فى البخاري: عدوا من العدوان، قال ابن حجر: هو قول أبى عبيدة أيضا، وهو وما قبله نعتان منصوبان على أنهما مصدران أو على الحال (فتح الباري ٨/ ٢٦٢).
(٢) «نلقيك... » : أخذ القرطبي (٨/ ٣٨٠) هذا الكلام، وهو فى فتح الباري ٨/ ٢٦٢، وقال ابن حجر: والنجوة هى الربوة المرتفعة وجمعها نجا بكسر النون والقصر، وليس قوله ننحيك من النجاة بمعنى السلامة، وقد قيل هو بمعناها والمراد مما وقع فيه قومك من قعر البحر إلخ.
حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ» (٩٦، ٩٧) مجازه: المؤلم وهو الموجع، والعرب تضع فعيل فى موضع مفعل، وقال فى آية أخرى: «سَمِيعٌ بَصِيرٌ» (٢٢/ ٦١) أي مبصر وقال عمرو بن معد يكرب.
أمن ريحانة الداعي السميع «١»
يريد المسمع. ريحانة: أخت عمرو بن معديكرب كان الصّمّة أغار عليها وذهب بها، وقال أبو عبيدة: كانت ريحانة أخت عمرو فسباها الصّمّة وهى أم دريد وخالد.
«إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ» (٩٨) مجاز «إلّا» هاهنا مجاز الواو، كقولك: وقوم يونس لم يؤمنوا حتى رأوا العذاب الأليم فآمنوا ف «كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ» «٢»
(١) : هو مطلع قصيده له وعجزه: يؤرقنى وأصحابى هجوع وهى فى الأصمعيات ٤٣ والأغانى ١٤/ ٣٣ والمعاهد ١/ ٢٢٠ والخزانة ٣/ ٤٦٢ والبيت أيضا فى الكامل ١١٤ والسمط ٤٠ والشنتمرى ١/ ٥٩ واللسان (سمع) وشواهد الكشاف ١٦٥: أما ريحانة فقد روى فى الأغانى والبغدادي فى الخزانة أنها أخت عمرو بن معد يكرب، ورويا مرة أخرى أنها مطلقة عمرو وصوب هذه الرواية البغدادي، لأنه قد اعترض على كون ريحانة أخت عمرو بأن عمرا قد أسلم فى خلافة عمر وقتل فى سنة ٢١ من الهجرة ودريد قد قتل يوم هوازن وهو ينيف على المائة راجع اختلاف الروايات فى الخزانة.
(٢) «فآمنوا... الخزي» : نص الآية: «لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ» (٩٨).
282
وقال فى ذلك [عنز بن دجاجة المازنىّ] :
من كان أسرع فى تفرّق فالج فلبونه جربت معا وأغدّت (٧٧)
إلّا كنا شرة الذي ضيّعتم كالغصن فى غلوائه المتنبّت
وقال [الأعشى] :
من مبلغ كسرى إذا ما جئته عنّى قواف غارمات شرّدا «١»
إلّا كخارجة المكلّف نفسه وابني قبيصة أن أغيب ويشهدا «٢»
(١) هـ: ديوانه ٧- والسمط ٨٢٠ واللسان (طوى).
(٢) : البيتان فى ديوان الأعشى ١٥٣، الأول هو ٢٤ من القصيدة والثاني فهو ٢٧ منها. أما الأبيات التي تركناها فى الحاشية وهى رواية نسخة فتخالف رواية الديوان والفرق بين الروايتين ليس بيسير.
283
أي وكخارجة وابني قبيصة ثم جاء معنى هذا «فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها» (٩٨) مجازه: فهلّا كانت قرية إذا رأت بأسنا آمنت فكانت مثل قوم يونس. ولها مجاز آخر قالوا فيه: «إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ» (٩٦، ٩٧) ثم استثنى منهم فقال: إلّا أن قوم يونس لمّا رأوا العذاب آمنوا فنفعهم إيمانهم فكشفنا عنهم عذاب الخزي.
ويقال: يونس ويؤنس كأنه يفعل من: آنسته.
«فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها» (١٠٨) مجازه: يضل لها أي لنفسه، وهداه لنفسه.
Icon