تفسير سورة المنافقون

تفسير ابن أبي زمنين
تفسير سورة سورة المنافقون من كتاب تفسير القرآن العزيز المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين .
لمؤلفه ابن أبي زَمَنِين . المتوفي سنة 399 هـ
تفسير سورة المنافقين وهي مدنية كلها.

قَوْله: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ﴾ إِلَى قَوْله: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ أَي: إِنَّمَا يَقُولُونَهُ بأفواههم، وَقُلُوبهمْ لَيست على الْإِيمَان.
﴿اتَّخذُوا أَيْمَانهم جنَّة﴾ اجتنُّوا بهَا، أَي: استتروا، حَتَّى لَا يقتلُوا وَلَا تُسْبَى ذَرَارِيهمْ ﴿فصدوا عَن سَبِيل الله﴾ يَعْنِي: بقلوبهم ﴿سَاءَ﴾ يَعْنِي: بئس ﴿مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾
﴿ذَلِك بِأَنَّهُم آمنُوا﴾ يَعْنِي: أقرُّوا بألْسنتهم فِي الْعَلَانِيَة ﴿ثمَّ كفرُوا﴾ أَي: بقلوبهم ﴿فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ ختم عَلَيْهَا أَلا يُؤمنُوا.
﴿وَإِذا رَأَيْتهمْ تعجبك أجسامهم﴾ يَعْنِي: فِي المنظر والهَيْئة ﴿وَإِنْ يَقُولُوا تسمع لقَولهم﴾ من قَوْلهم لما أعْطوا من الْإِيمَان فِي الظَّاهِر (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ
394
مُّسَنَّدَةٌ} يَعْنِي: أَنهم أجسادٌ لَيست لَهُم قُلُوب آمنُوا بهَا ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ﴾ وَصفهم بالجُبْن عَن الْقِتَال، وَانْقطع الْكَلَام، ثمَّ قَالَ: ﴿هُمُ الْعَدُوُّ﴾ فِيمَا أسَرُّوا ﴿فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّه﴾ ﴿لعنهم الله﴾ (أَنَّى يُؤْفَكُونَ} كَيفَ يصدون عَن الْإِيمَان.
395
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا﴾ أَي: أخلِصُوا الْإِيمَان ﴿يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ﴾ أَي: أَعرضُوا ﴿وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ﴾ عَن دين اللَّه ﴿وَهُم مُسْتَكْبِرُونَ﴾ {مكذبون
٢ - ! (سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ} الْآيَة. أخبر أَنهم يموتون على النِّفَاق، فَلم يستحلّ رسُولُ اللَّه أَن يسْتَغْفر لَهُم بعد ذَلِك.
تَفْسِير سُورَة المُنَافِقُونَ من الْآيَة ٧ إِلَى آيَة ٨.
﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا﴾ تَفْسِير الْكَلْبِيّ: أَنَّهَا نزلت فِي عبد الله بن أبي بن سلول رَأس الْمُنَافِقين أَنه قَالَ لقوم كَانُوا يُنْفقُونَ على بعض من كَانَ مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تنفقوا عَلَيْهِم؛ حَتَّى يَنْفضوا عَنهُ. قَوْله: ﴿وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ يَعْنِي: علم خَزَائِن السَّمَاوَات وَالْأَرْض.
﴿يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلّ﴾ هَذَا قوْلُ عبد الله بْن أبيَ بْن سلول؛ وَذَلِكَ أَنه قَالَ لأَصْحَابه وهُمْ فِي غَزْوَة تَبُوك: عمدنا إِلَى رجل من قُرَيْش فجعلناه على رقابنا، أَخْرجُوهُ فألحقوه بقَوْمه وَليكن علينا
395
رجلٌ من أَنْفُسنَا. قَالَ اللَّه: ﴿وَللَّه الْعِزَّة وَلِرَسُولِهِ﴾ الْآيَة يخبر تبَارك وَتَعَالَى أنّه مُعِزُّ رَسُوله وَمن مَعَه من الْمُؤمنِينَ.
تَفْسِير سُورَة المُنَافِقُونَ من الْآيَة ٩ إِلَى آيَة ١١.
396
﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا﴾ يَعْنِي: أقرُّوا بِاللِّسَانِ نزلتْ فِي الْمُنَافِقين ﴿لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلَادكُم عَن ذكر الله﴾ عَن الْإِيمَان بِاللَّه
﴿وَأَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم﴾ يَعْنِي: الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رب لَوْلَا﴾ هلَّا ﴿أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصدق﴾ أَي: فأزكي ﴿وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ فأحج، وَمثلهَا فِي سُورَة الْمُؤمنِينَ ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْت قَالَ رب ارْجِعُونِ﴾ أَي: إِلَى الدُّنْيَا ﴿لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالحا فِيمَا تركت﴾.
قَالَ مُحَمَّد: ﴿فَأَصدق﴾ جَوَاب " لَوْلَا " فَمن قَرَأَ (وأكُنْ) بِالْجَزْمِ فَهُوَ على مَوضِع (فَأَصدق)؛ لأنّ الْمَعْنى: إِن أخّرتني أصدّقْ وأكنْ من الصَّالِحين، وَمن قَرَأَهَا (وأكون) فَهُوَ على لفظ (فَأَصدق) وأكون.
﴿وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.
396
تَفْسِير سُورَة التغابن وَهِي مَدَنِيَّة كلهَا

بِسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

تَفْسِير سُورَة التغابن من الْآيَة ١ إِلَى آيَة ٤.
397
Icon