تفسير سورة نوح

تفسير ابن أبي زمنين
تفسير سورة سورة نوح من كتاب تفسير القرآن العزيز المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين .
لمؤلفه ابن أبي زَمَنِين . المتوفي سنة 399 هـ
تفسير سورة ﴿ إنا أرسلنا نوحا ﴾ وهي مكية كلها.

قَوْلُهُ: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قومه﴾ إِلَى قَوْله: ﴿عَذَاب أَلِيم﴾ أَي: موجع
﴿يغْفر لكم من ذنوبكم﴾ أَيْ: يَغْفِرُ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ كُلَّهَا و (من) صلةٌ ﴿وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ إِلَى مُدَّتِكُمْ، فَيَكُونُ مَوْتُكُمْ بِغَيْرِ عَذَاب ﴿إِن أجل الله﴾ يَعْنِي: الْقِيَامَةَ؛ فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ ﴿لَو كُنْتُم تعلمُونَ﴾ لعلمتم أَن الْقِيَامَة؛ جائية
﴿وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ﴾ أَيْ: كُلَمَّا دَعَوْتُهُمْ أَنْ يَتُوبُوا مِنَ الشِّرْكِ وَيُؤْمِنُوا فَتَغْفِرَ لَهُمْ، أبَوا ﴿جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ﴾ يتولَّون وَيَكْرَهُونَ ذَلِكَ. ﴿وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ﴾ غَطَّوْا رُءُوسَهُمْ؛ لِكَيْ لَا يَسْمَعُوا دُعَائِي
39
إيَّاهُم إِلَى الْإِيمَان ﴿وأصروا﴾ أَقَامُوا على الْكفْر ﴿واستكبروا﴾ عَن عبَادَة الله
40
﴿ثمَّ إِنِّي دعوتهم جهارا﴾ مجاهرة
﴿ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُم إسرارا﴾ أَيْ: خَلَطْتُ دُعَاءَهُمْ فِي الْعَلانِيَةِ بِدُعَاء السِّر
﴿يُرْسل السَّمَاء عَلَيْكُم مدرارا﴾ أَي: تدرُّ عَلَيْكُم بالمطر
﴿وَيَجْعَلْ لَكُمْ جنَّات وَيجْعَل لكم أَنهَارًا﴾.
قَالَ مُحَمَّد: ٌ ﴿جنَّات﴾ بساتين، وَقيل: إِنَّهُم كَانُوا قدأجدبوا فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ إِيَمَانَهِمْ بِاللَّهِ يَجْمَعُ لَهُمْ مَعَ الْحَظِّ الْوَافِرِ فِي الْآخِرَةِ الْخِصْبُ وَالْغِنَى فِي الدُّنْيَا. تَفْسِير سُورَة نوح من آيَة (١٣ - ٢٢)
قَوْلُهُ: ﴿مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لله وقارا﴾ أَيْ: لَا تَخَافُونَ لِلَّهِ عَظَمَةً
﴿وَقد خَلقكُم أطوارا﴾ تَفْسِيرُ قَتَادَةَ: يَعْنِي: نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ عَظْمًا ثُمَّ لَحْمًا.
قَالَ محمدٌ: (أَطْوَارًا) أَيْ: طَوْرًا بَعْدَ طَوْرٍ، نَقَلَكُمْ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ قَتَادَةَ. وَقَوْلُهُ: ﴿تَرْجُونَ﴾ تَخَافُونَ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
(مَحِلَّتُهُمْ ذَاتُ الْإِلَهِ وَدِينُهُمْ قويمٌ فَمَا يَرْجُونَ غَيْرَ الْعَوَاقِبِ)
أَيْ: مَا يخَافُونَ إِلَّا خَوَاتِم الْأَعْمَال.
قَوْله: ﴿سبع سماوات طباقا﴾ يَعْنِي: بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ.
40
قَالَ محمدٌ: (طباقًا) من نعت (سبع)؛ أَيْ: خَلَقَ سَبْعًا ذَاتَ أَطْبَاقٍ.
41
﴿وَجعل الْقَمَر فِيهِنَّ نورٌ ا﴾ أَيْ: مَعَهِنَّ ضِيَاءٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ؛ فِي تَفْسِير الْكَلْبِيّ.
41
﴿ وجعل القمر فيهن نورا ﴾ أي : معهن ضياء لأهل الأرض ؛ في تفسير الكلبي.
﴿وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا﴾ خَلَقَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ خَلْقًا؛ يَعْنِي: خَلَقَ آدَمَ.
قَالَ محمدٌ: (نَبَاتًا) مَحْمُولٌ فِي الْمَصْدَرِ عَلَى الْمَعْنَى؛ لِأَن معنى (أنبتكم): جعلكُمْ تنبتون نباتًا.
﴿وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا﴾ مِنْهَا يَوْم الْقِيَامَة
﴿لتسلكوا مِنْهَا سبلا فجاجا﴾ تَفْسِيرُ قَتَادَةَ: يَعْنِي: طُرُقًا بَيِّنَةً.
﴿وَاتبعُوا﴾ اتَّبَعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى التَّكْذِيبِ ﴿مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خسارا﴾ عِنْد الله باتبَاعهمْ إِيَّاه
﴿ومكروا مكرا كبارًا﴾ عَظِيمًا وَهُوَ الشِّرْكُ.
قَالَ محمدٌ: يُقَالُ: مكرٌ كبيرٌ وكُبّارٌ فِي معنى وَاحِد. تَفْسِير سُورَة نوح من آيَة (٢٣ - ٢٧)
41
تَفْسِير سُورَة نوح من آيَة (٢٧ - ٢٨)
42
﴿وَقَالُوا لَا تذرن آلِهَتكُم﴾ إِلَى قَوْله: ﴿ونسرا﴾ وَهِيَ أَسْمَاءُ آلِهَتِهِمْ؛ أَيْ: لَا تدَعُوا عبادتها.
﴿وَقد أَضَلُّوا كثيرا﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: يَعْنِي: الْأَصْنَامَ؛ أَيْ: ضَلَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بِعِبَادَتِهِمْ إِيَّاهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ الْأَصْنَامُ دَعَتْ إِلَى عِبَادَتِهَا ﴿وَلا تزد الظَّالِمين﴾ الْمُشْركين ﴿إِلَّا ضلالا﴾ هَذَا دُعَاءُ نُوحٍ عَلَى قَوْمِهِ حِينَ أَذِنَ اللَّهُ لَهُ بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِم
﴿مِمَّا خطيئاتهم﴾ أَيْ: بِخَطَايَاهُمْ ﴿أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾ أَيْ: وَجَبَتْ لَهُمُ النَّارُ.
قَالَ محمدٌ: (مِمَّا خطيئاتهم) قِيلَ: إِنَّ الْمَعْنَى: مِنْ خَطِيئَاتِهِمْ، و (مَا) زَائِدَة.
﴿لَا تذرعلى الأَرْض من الْكَافرين ديارًا﴾ أَيْ: أَحَدًا وَهَذَا حَيْثُ أَذِنَ الله لَهُ بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِم
﴿وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ أَيْ: أَنَّهُمْ إِنْ وَلَدُوا وَلِيدًا فأدْرك كفَرَ وَهُوَ شَيْءٌ عَلِمَهُ نُوحٌ مِنْ قِبَل اللَّهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا من قد آمن﴾
قَالَ نُوحٌ: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي ولوالدي﴾ قَالَ الْحَسَنُ: كَانَا مُؤْمِنَيْنِ ﴿وَلِمَنْ دخل بَيْتِي مُؤمنا﴾ تَفْسِيرُ بَعْضِهِمْ: يَعْنِي: دَخَلَ
قَالَ محمدٌ: إِسْكَانُ الْيَاءِ مِنْ (بَيْتِي) وَفَتْحِهَا جَائِزٌ.
﴿وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تزد الظَّالِمين إِلَّا تبارا﴾
42
تَفْسِيرُ سُورَةِ الْجَنِّ وَهِيَ [مَكِّيَّةٌ]
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تَفْسِير سُورَة الْجِنّ من آيَة (١ - ٧)
43
Icon