تفسير سورة نوح

الوجيز للواحدي
تفسير سورة سورة نوح من كتاب الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المعروف بـالوجيز للواحدي .
لمؤلفه الواحدي . المتوفي سنة 468 هـ
مكية وهي عشرون وثماني آيات

﴿إنا أرسلنا نوحاً إلى قومه أن أنذر قومك﴾ أَيْ: بأن خوِّفهم عذاب الله ﴿من قبل أن يأتيهم عذابٌ أليم﴾
﴿قال يا قوم إني لكم نذير مبين﴾ ﴿أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون﴾
﴿أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون﴾
﴿يغفر لكم من ذنوبكم﴾ ﴿مِنْ﴾ صلة ﴿ويؤخركم﴾ عن العذاب ﴿إلى أجل مسمىً﴾ وهو أجل الموت فتموتوا غيرَ ميتة مَنْ يهلك بالعذاب ﴿إنَّ أجل الله إذا جاء لا يؤخر﴾ إذا جاء الأجل في الموت لا يُؤخَّر ﴿لو كنتم تعلمون﴾ ذلك وقوله:
﴿قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا﴾
﴿إلاَّ فراراً﴾ أَيْ: نفاراً عن طاعتك وإدباراً عني
﴿وإني كلما دعوتهم﴾ إلى الإِيمان بك ﴿لتغفر لهم﴾ ما قد سلف من ذنوبهم ﴿جعلوا أصابعهم في آذانهم﴾ لئلا يسمعوا صوتي ﴿واستغشوا ثيابهم﴾ غطُّوا بها وجوههم مبالغةً في الإِعراض عني كيلا يروني ﴿وأصروا﴾ أَقاموا على كفرهم ﴿واستكبروا﴾ عن اتِّباعي ﴿استكباراً﴾ لأنَّهم قالوا: ﴿أَنؤمنُ لك واتَّبعكَ الأَرْذَلون﴾
﴿ثم إني دعوتهم جهاراً﴾ أظهرتُ لهم الدَّعوة
﴿ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسراراً﴾ أَيْ: خلطتُ دعاءَهم العلانيَة بدعاءِ السِّرِّ
﴿فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً﴾ ﴿يرسل السماء عليكم مدرارا﴾
﴿يرسل السماء عليكم مدراراً﴾
﴿ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً﴾ وذلك أنَّهم لما كذَّبوه حبس الله عنهم المطر وأعقم نساءَهم فهلكت أموالهم ومواشيهم فوعدهم نوحٌ إنْ آمنوا أَنْ يردَّ الله عليهم ذلك فقال: ﴿يرسل السماء عليكم مدراراً﴾ كثيرة الدر أي: كثرة المطر ﴿ويمددكم بأموالٍ وبنين﴾ : يعطكم زينة الدُّنيا وهي المال والبنون
﴿ما لكم لا تَرْجُون لله وقاراً﴾ لا تخافون لله عظمةً
﴿وقد خلقكم أطواراً﴾ حالاً بعد حالٍ نطفةً ثمَّ علقةً ثمَّ مضغةً إلى تمام الخلق
﴿ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا﴾ بعضها فوق بعض
﴿وجعل القمر فيهن نوراً﴾ أي: في إحدهن ﴿وجعل الشمس سراجاً﴾ تُضِيءُ لأهل الأرض
﴿والله أنبتكم من الأرض نباتاً﴾ جعلكم تنبتون من الأرض نباتاً وذلك أنَّه خلق آدم من الأرض وأولاده أحياءً منه
﴿ثم يعيدكم فيها﴾ أمواتاً ﴿ويخرجكم﴾ منها إخراجاً وقوله:
﴿والله جعل لكم الأرض بساطا﴾
﴿سبلاً فجاجاً﴾ أَيْ: طرقاً بيِّنةً وقوله:
﴿واتبعوا مَنْ لم يزده ماله وولده إلاَّ خساراً﴾ أَيْ: اتَّبعوا أشرافهم الذين لا يزيدون بإنعام الله تعالى عليهم بالمال والولد إلاَّ طغياناً وكفراً
﴿ومكروا مكراً كباراً﴾ أفسدوا في الأرض فساداً عظيماً بالكفر وتكذيب الرسل
﴿وقالوا﴾ لسفلتهم: ﴿لا تذرنَّ آلهتكم ولا تَذَرُنَّ ودَّاً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسرا﴾ وهي أسماء أوثانهم
﴿وقد أضلوا كثيراً﴾ أَيْ: ضلَّ كثيرٌ من النَّاس بسببها كقوله: ﴿إنهنَّ أضللْنَ كثيراً من النَّاس﴾ ﴿ولا تزد الظالمين إلاَّ ضلالاً﴾ دعاءٌ من نوحٍ عليهم بأن يزيدهم الله ضلالاً وذلك أن الله تعالى أخبره لن يؤمن من قومه إلاَّ من قد آمن فلما أيس نوح من إيمانهم دعا عليهم بالضَّلال والهلاك قال الله تعالى
﴿ممَّا خطيئاتهم﴾ ﴿ما﴾ صلة أَيْ: مِن خطيئاتهم التي ارتكبوها ﴿أغرقوا﴾ بالطُّوفان ﴿فأدخلوا ناراً﴾ بعد الغرق أَيْ: أُدخلوا جهنَّم ﴿فلم يجدوا لهم من دون الله أنصاراً﴾ لم يجدوا مَنْ يمنعهم من عذاب الله
﴿وقال نوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ ديَّاراً﴾ أَيْ: نازل دار أَيْ: أحداً
﴿إنك إن تذرهم﴾ فلا تهلكهم ﴿يضلوا عبادك﴾ بدعوتهم إلى الضَّلال ﴿ولا يلدوا إلاَّ فاجراً كفاراً﴾ إلاَّ مَنْ يفجر ويكفر وذلك أنَّ الله أخبره أنَّهم لا يلدون مؤمناً
﴿ربِّ اغفر لي ولوالدي﴾ وكانا مؤمنين ﴿ولمن دخل بيتي﴾ مسجدي ﴿مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات﴾ إلى يوم القيامة ﴿ولا تزد الظالمين إلاَّ تباراً﴾ هلاكاً ودماراً
Icon