تفسير سورة النبأ

تفسير ابن أبي زمنين
تفسير سورة سورة النبأ من كتاب تفسير القرآن العزيز المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين .
لمؤلفه ابن أبي زَمَنِين . المتوفي سنة 399 هـ
تفسير سورة عم يتساءلون وهي مكية كلها.

قَوْله: ﴿عَم يتساءلون﴾ يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ؛ أَيْ: مَا الَّذِي يتساءلون عَنهُ.
ثُمَّ قَالَ: ﴿عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هم فِيهِ مُخْتَلفُونَ﴾ يَعْنِي: الْبَعْثَ، اخْتَلَفَ فِيهِ الْمُشْرِكُونَ وَالْمُؤْمِنُونَ؛ فَآمَنَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ، وَكَفَرَ بِهِ الْمُشْركُونَ
﴿ الذي هم فيه مختلفون( ٣ ) ﴾ يعني : البعث، أختلف فيه المشركون والمؤمنون ؛ فآمن به المؤمنون ؛ وكفر به المشركون.
﴿كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ﴾ وَعِيد بعد وَعِيد
﴿ ثم كلا سيعلمون( ٥ ) ﴾ وعيد بعد وعيد.
﴿ألم نجْعَل الأَرْض مهادا﴾ بساطًا
﴿وَالْجِبَال أوتادا﴾ للْأَرْض
﴿وخلقناكم أَزْوَاجًا﴾ ذكرا وَأُنْثَى
﴿وَجَعَلنَا نومكم سباتا﴾ يَعْنِي: نُعَاسًا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: أصلُ السَّبتِ: انْقِطَاعُ الْحَرَكَةِ؛ يُقَالُ: رجلٌ سبُوتٌ وَقد سُبت.
﴿وَجَعَلنَا اللَّيْل لباسا﴾ سِتْرًا يُغَطِّي الْخَلْقَ فَيَسْكُنُونَ فِيهِ
(وَجَعَلنَا النَّهَار
82
معاشًا} يجلبون فِيهِ مَعَايشهمْ
83
﴿وبنينا فَوْقكُم سبعا شدادًا﴾ {السَّمَاوَات
٢ - ! (وَجَعَلنَا سِرَاجًا وهاجًا) ﴿ل ٣٨٤﴾ فِي تَفْسِيرِ الْكَلْبِيِّ؛ يَعْنِي: الشَّمْسَ
﴿وأنزلنا من المعصرات﴾ الرِّيَاحِ فِي تَفْسِيرِ مُجَاهِدٍ، وَبَعْضُهُمْ يَقُول: السَّحَاب ﴿مَاء ثجاجًا﴾ منصَبٌّ ابعضه على بعض
﴿لنخرج بِهِ حبًّا﴾ البُرَّ وَالشعِير. ﴿ونباتًا﴾ من كل شَيْء
﴿وجنات ألفافًا﴾.
قَالَ مُحَمَّدٌ: يَعْنِي: بَسَاتِينَ مُلْتَفَّةٌ، وَمِنْ كَلامِهِمْ: امرأةٌ لَفَّاءُ إِذَا كَانَت عَظِيمَة الفخذين.
تَفْسِير سُورَة النبأ من آيَة (١٧ - ٣٠)
﴿إِن يَوْم الْفَصْل﴾ الْقَضَاء ﴿كَانَ ميقاتًا﴾ يوافونه كلهم
﴿يَوْم ينْفخ فِي الصُّور﴾.
قَالَ مُحَمَّد: (يَوْم ينْفخ) بدلٌ من (يَوْم الْفَصْل).
﴿فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا﴾ أمة أمة
﴿وسيرت الْجبَال فَكَانَت سَرَابًا﴾ مِثْلُ هَذَا السَّرَابِ تَرَاهُ، لَيْسَ بِشَيْء
﴿إِن جَهَنَّم كَانَت مرصادًا﴾ أَيْ: تَرْصُدُ مَنْ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ، وَالصِّرَاطُ عَلَيْهَا، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا هَوَى فِيهَا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ
83
مِنْ أَهْلِهَا حَادَ عَنْهَا إِلَى الْجنَّة
84
﴿للطاغين﴾ الْمُشْركين ﴿مآبا﴾ مرجعًا.
﴿لابثين فِيهَا أحقابا﴾ أَيْ: تَأْتِي عَلَيْهِمُ الأحقابُ لَا تَنْقَطِعُ أَبَدًا والحُقْبُ: ثَمَانُونَ عَامًا، والسَّنة: ثَلَاثمِائَة وَسِتُّونَ يَوْمًا، كُلُّ يَوْمٍ أَلْفُ يَوْم من أَيَّام الدُّنْيَا
﴿لَا يذوقون فِيهَا بردا﴾ هِيَ مِثْلُ قَوْلِهِ: ﴿لَا بَارِدٍ وَلَا كريم﴾ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْبَرْدُ النَّوْمُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَبْرُدُ فِيهِ عَطَشُ الْإِنْسَانِ.
﴿وَلا شَرَابًا﴾
﴿إِلَّا حميما وغساقا﴾ الْحَمِيمُ: الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ مِنْ حَرِّهِ، والغسَّاق: القيحُ الْغَلِيظُ المنتنُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: الْغَسَّاقُ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ مِنْ شِدَّةِ بَرْدِهِ، وَهُو الزَّمْهَرِير.
﴿جَزَاء وفَاقا﴾ أَيْ: وَافَقَ أَعْمَالَهُمُ الْخَبِيثَةَ.
قَالَ مُحَمَّد: (وفَاقا) من: وَافقه مُوَافقَة.
﴿إِنَّهُم كَانُوا لَا يرجون﴾ لَا يخَافُونَ ﴿حسابا﴾ لَا يقرونَ بِالْبَعْثِ
﴿وكذبوا بِآيَاتِنَا كذابا﴾ تَكْذِيبًا
﴿وكل شَيْء أحصييناه كتابا﴾ أحصتِ الْمَلائِكَةُ عَلَى الْعِبَادِ أَعْمَالَهُمْ، وَهِيَ عِنْدَ اللَّهِ مُحْصَاةٌ فِي أُمِّ الْكِتَابِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: (كُلَّ) مَنْصُوبٌ بِمَعْنَى: وَأَحْصَيْنَا كُلَّ شَيْءٍ أحصيناه، و (كتابا) تَوْكِيدًا لِأَحْصَيْنَاهُ، الْمَعْنَى: كَتَبْنَاهُ كِتَابًا.
قَوْلُهُ: ﴿فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلا عذَابا﴾ قَالَ عبد الله بْن عَمرو: ((مَا نَزَلَ
84
عَلَى أَهْلِ النَّارِ آيَةٌ هِيَ أشدُّ مِنْهَا، فَهُمْ فِي زِيَادَةٍ من الْعَذَاب أبدا)) تَفْسِير سُورَة النبأ من آيَة (٣١ - ٤٠)
85
﴿إِن لِلْمُتقين مفازا﴾ نجاة مِمَّا أعدّ للْكَافِرِينَ
﴿حدائق﴾ جنَّات ﴿وأعنابا﴾ أَي: فِيهَا أعنابٌ
﴿وكواعب أَتْرَابًا﴾ عَلَى سنٍّ وَاحِدَة بَنَات ثَلَاث وَثَلَاثِينَ سنة
﴿وكأسا دهاقا﴾ أَي: ممتلئة
﴿لَا يسمعُونَ فِيهَا لَغوا﴾ اللَّغْو: الْبَاطِل ﴿وَلَا كذابا﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ يَقُولُ: لَا يَكْذِبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: مَنْ قَرَأَ (كذَّابًا) مثقَّلة، فَمِنْ قَوْلِهِمْ: كَذَّابٌ كَذَّبَ بِمَعْنى وَاحِد.
﴿جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا﴾ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ: يَعْنِي: عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ الْمَنَازِلَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، ثُمَّ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ
85
قَالَ مُحَمَّد: (جزاءٌ) مَنْصُوب بِمَعْنى: جزاهم جزاءًا.
86
﴿رب السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ ﴿ربُّ﴾ بِالرَّفْعِ كَلامٌ مُسْتَقْبَلٌ فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَهَا بِالرَّفْعِ ﴿وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: لَا يَسْتَطِيعُونَ مُخَاطَبَتَهُ، كَقَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نفسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ قَوْله:
﴿يَوْم يقوم الرّوح﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: يَقُومُ رُوحُ كُلِّ شَيْءٍ فِي جَسَدِهِ ﴿وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ﴾ لَا يَشْفَعُونَ ﴿إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَن وَقَالَ صَوَابا﴾ فِي الدُّنْيَا لَا إِلَهَ إِلَّا الله.
﴿فَمَنْ شَاءَ اتخذ إِلَى ربه مآبا﴾ مَرْجِعًا بِعَمَلٍ صَالِحٍ، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَن يَشَاء الله﴾.
قَوْلُهُ: ﴿إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا﴾.
يَحْيَى: عَنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُ السَّاعَةِ كَهَاتَيْنِ، فَمَا فَضَّلَ إِحْدَاهُمْا عَلَى الأُخْرَى. وَجَمَعَ بَيْنَ أَصْبَعَيْهِ الْوُسْطَى وَالَّذِي يَقُولُ النَّاسُ السَّبَّابَةُ)).
﴿يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قدمت يَدَاهُ﴾ الْآيَةُ
يَحْيَى: عَنِ الصَّلْتِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
86
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أول مَنْ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى الْحِسَابِ الْبَهَائِمُ، فتُجْعَل الْقَرْنَاءُ جَمَّاءَ، وَالْجَمَّاءُ قَرْنَاءَ، فَيَقْتَصُّ لِبَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ؛ حَتَّى تَقْتَصَّ الْجَمَّاءُ مِنَ الْقَرْنَاءِ، ثُمَّ يُقَالُ لَهَا: كُونِي تُرَابًا. فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ: ﴿يَا لَيْتَني كنت تُرَابا﴾))
87
تَفْسِيرُ سُورَةِ النَّازِعَاتِ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ كلهَا
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَفْسِير سُورَة النازعات من آيَة (١ - ١٤)
88
قَوْله: ﴿والنازعات غرقا﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: هِيَ النُّجُومُ تُنْزَعُ مِنَ الْمَشْرِقِ، وَتَغْرِقُ فِي الْمَغْرِبِ
88
Icon