تفسير سورة سورة النبأ من كتاب المختصر في تفسير القرآن الكريم
المعروف بـاللغة العربية - المختصر في تفسير القرآن الكريم
.
لمؤلفه
مركز تفسير للدراسات القرآنية
.
ﰡ
عن أي شيء يتساءل هؤلاء المشركون بعدما بعث الله إليهم رسوله صلّى الله عليه وسلّم؟!
يسأل بعضهم بعضًا عن الخبر العظيم، وهو هذا القرآن المنزل على رسولهم المتضمن لخبر البعث.
هذا القرآن الذي اختلفوا فيما يصفونه به؛ من كونه سحرًا أو شعرًا أو كهانة أو أساطير الأولين.
ليس الأمر كما زعموا، سيعلم هؤلاء المكذبون بالقرآن عاقبة تكذيبهم السيئة.
ألم نُصَيِّر الأرض مُمَهَّدة لهم صالحة لاستقرارهم عليها؟!
وجعلنا الجبال عليها بمنزلة أوتاد تمنعها من الاضطراب.
وخلقناكم - أيها الناس - أصنافًا: منكم الذُّكران والإناث.
وجعلنا نومكم انقطاعًا عن النشاط لتستريحوا.
وجعلنا الليل ساترًا لكم بظلمته مثل اللباس الذي تسترون به عوراتكم.
وجعلنا النهار ميدانًا للكسب والبحث عن الرزق.
وبنينا فوقكم سبع سماوات متينة البناء محكمة الصنع.
وصيَّرنا الشمس مصباحًا شديد الاتقاد والإنارة.
وأنزلنا من السحب التي حان لها أن تمطر ماءً كثير الانصباب.
لنخرج به أصناف الحَب، وأصناف النبات.
ونخرج به بساتين مُلْتَفَّة من كثرة تداخل أغصان أشجارها.
إن يوم الفصل بين الخلائق كان موعدًا محددًا بوقتٍ لا يتخلّف.
يوم ينفخ الملك في القرن النفخة الثانية، فتأتون - أيها الناس - جماعات جماعات.
وفُتِحت السماء فصار لها فروج مثل الأبواب المفتحة.
وجُعِلت الجبال تسير حتى تتحول هباءً منثورًا، فتصير مثل السراب.
إن جهنم كانت راصدة مُرْتَقِبة.
للظالمين مرجعًا يرجعون إليه.
ماكثين فيها أزمنة ودهورًا لا نهاية لها.
لا يذوقون فيها هواءً باردًا يبرد حر السعير عنهم، ولا يذوقون فيها شرابًا يُتَلذَّذ به.
لا يذوقون إلا ماءً شديد الحرارة، وما يسيل من صديد أهل النار.
جزاءً موافقًا لما كانوا عليه من الكفر والضلال.
إنهم كانوا في الدنيا لا يخافون محاسبة الله إياهم في الآخرة؛ لأنهم لا يؤمنون بالبعث، فلو كانوا يخافون البعث لآمنوا بالله، وعملوا صالحًا.
وكذبوا بآياتنا المنزلة على رسولنا تكذيبًا.
وكل شيء من أعمالهم ضبطناه وعددناه، وهو مكتوب في صحائف أعمالهم.
فذوقوا - أيها الطغاة - هذا العذاب الدائم، فلن نزيدكم إلا عذابًا على عذابكم.
إن للمتقين ربهم بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، مكانَ فوزٍ يفوزون فيه بمطلوبهم وهو الجنة.
لا يسمعون في الجنة كلامًا باطلًا، ولا يسمعون كذبًا، ولا يكذب بعضهم بعضًا.
كل ذلك مما منحهم الله مِنَّة وعطاء منه كافيًا.
رب السماوات والأرض ورب ما بينهما، رحـمٰن الدنيا والآخرة، لا يملك جميع من في الأرض أو السماء أن يسألوه إلا إذا أذن لهم.
يوم يقوم جبريل والملائكة مُصْطفِّين، لا يتكلمون بشفاعة لأحد إلا من أذن له الرحـمٰن أن يشفع، وقال سدادًا ككلمة التوحيد.
ذلك الموصوف لكم هو اليوم الذي لا ريب أنه واقع، فمن شاء النجاة فيه من عذاب الله فليتخذ سبيلًا إلى ذلك من الأعمال الصالحة التي ترضي ربه.
إنا حذّرناكم - أيها الناس - عذابًا قريبًا يحصل، يوم ينظر المرء ما قدم من عمله في الدنيا، ويقول الكافر متمنيًا الخلاص من العذاب: يا ليتني صرت ترابًا مثل الحيوانات عندما يقال لها يوم القيامة: كوني ترابًا.