ﰡ
إن كَانَ عندكم حيلة، فاحتالوا لأنفسكم.
وقوله تبارك وتعالى: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ (٤٨).
يَقُولُ: إِذَا أُمروا بالصلاة لم يصلوا.
ومن سورة عم يتساءلون
قوله عزَّ وجلَّ: عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عَنِ النَّبَإِ العظيم (٢) يُقال: عنْ أي شيء يتساءلون؟ يعني: قريشًا، ثُمَّ قَالَ لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يتساءلون عَنِ النبأ العظيم، يعني: القرآن. ويقال: عم يتحدث «١» بِهِ قريش فِي القرآن. ثُمَّ أجابَ، فصارت: عم يتساءلون، كأنها [فِي معنى] «٢» : لأي شيء يتساءلون عَنِ القرآن، ثُمَّ إنه أخبر فقال: «الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ» (٣) بين مصدّق ومكذّب، فذلك «٣» اختلافهم. واجتمعت القراء على الياء فى قوله:
«كَلَّا سَيَعْلَمُونَ» (٤). وقرأ الْحَسَن وحده: «كلا ستعلمون» وهو صواب. وهو مثل قوله- وإن لم يكن قبله قول-: «قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ «٤» » وسيغلبون «٥».
وقوله: ثَجَّاجاً كالعَزَاليِ «٦» :
وقوله عزَّ وجلَّ: وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (١٩).
مثل: «إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ «٧» » «وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ «٨» » معناه واحد، والله أعلم. بذلك جاء التفسير.
(٢) زيادة من ش.
(٣) فى ش: فكذلك، تحريف.
(٤) سورة آل عمران الآية ١٢.
(٥) فى ش: سيغلبون وستغلبون.
(٦) العزالي، جمع عزلاء، وهى: مصب الماء من الراوية.
(٧) الانشقاق الآية: ١.
(٨) المرسلات الآية: ٩.
[١٢٣/ ا]
وقوله عز وجل: لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (٢٣).حدّثت عَنِ الْأَعْمَش أَنَّهُ قَالَ: بلغنا عنْ علقمة أَنَّهُ قَرَأَ «لَبِثين «١» » وهي قراءة «٢» أصحاب عَبْد الله. والناس بعد يقرءون: (لابثين)، وهو أجود الوجهين لأن (لابثين) إِذَا كانت فِي موضع تقع فتنصب كانت بالألف، مثل: الطامع، والباخل عنْ قليل. واللّبِثُ: البطيء، وهو جائز، كما يُقال: رَجُل طمِعٌ وطامع. ولو قلت: هَذَا طِمعٌ فيما قبلك كَانَ جائزًا، وقَالَ لبيد:
أوْ مِسْحَلٌ عَملٌ عضادةَ سَمْحَجٍ | بسَرَاتِها نَدَبٌ لَهُ وكُلومُ «٣» |
ضرّابٌ، وضروبٌ فلا توقعنهما عَلَى شيء لأنهما مدح، فإذا احتاج الشَّاعِر إلى إيقاعهما فَعَل، أنشدني بعضهم:
وبالفأسِ ضَرّابٌ رءوس الكرانفِ واحدها: كِرنافة، وهي أصول السقف. ويقال: الْحُقْبُ ثمانون سنة، والسنة ثلاثمائة وستون يومًا، اليوم منها ألف سنة من عدد أهل الدنيا «٤».
وقوله عزَّ وجلَّ: لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢٤).
[حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ «٥» ] : حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: حَدَّثَنِي حِبَّانُ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لا يذقون فِيهَا بَرْدَ الشَّرَابِ وَلا الشَّرَابَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا يذقون فِيهَا بَرْدًا، يُرِيدُ: نَوْمًا، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَإِنَّ النَّوْمَ لَيُبْرِدُ صَاحِبَهُ. وَإِنَّ الْعَطْشَانَ لَيَنَامَ فَيُبْرِدُ بالنوم.
(٢) فى ش: وهى فى قراءة
(٣) المسحل: الفحل من الحمر، وسحيله: صوته، عضادة: جانب. السمجح: الأتان الطويلة الظهر، سراتها: أعلى ظهرها. ندب: خدوش وآثار. وكلوم: جراحات من عضه إياها. والبيت فى ديوان لبيد: ١٢٥
وقبله:
حرف أضربها السفار كأنها | بعد الكلال مسدم محجوم |
والبيت من شواهد سيبويه: ١ ٥٧ وفيه شنج مكان شنق، ومعناه: ملازم. والسمحج: الطويلة على وجه الأرض
(٤) أورد اللسان؟ كلام الفراء هنا، وزاد بعد قوله: من عدد أهل الدنيا ما يأتى: قول الفراء. وليس هذا مما يدل على غاية كما يظن بعض الناس وإنما يدل على الغاية التوقيت، خمسة أحقاب أو عشرة أحقاب، والمعنى: أنهم يلبثون فيها أحقابا، كلما مضى حقب تبعه حقب آخر.
(٥) زيادة من ش. [.....]
وفقًا لأعمالهم] «١».
وقوله عزَّ وجلَّ: وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (٢٨).
خففها عليّ بْن أَبِي طَالِب رحمه اللَّه: «كِذَّاباً»، وثقلها عاصم والْأَعْمَش وأهل المدينة والحسن الْبَصْرِيّ.
وهي لغة يمانية فصيحة يقولون: كذبت به كذّابا، وخرّقت القميص خرّاقا، وكل فعّلت فمصدره فِعّال فِي لغتهم مشدد، قَالَ لى أعرابى منهم [١٢٣/ ب] : عَلَى المروة: آلحلقُ أحب إليك أم القِصَّار؟ يستفتيني «٢».
وأنشدني بعض بني كلاب:
لقدْ طالَ ما ثَبَّطْتَنيِ عنْ صَحابتيِ | وعن حِوَجٍ قِضَّاؤها من شِفائيا «٣» |
وقوله عز وجل: رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (٣٧).
يخفض فِي لفظ الإعراب، ويرفع، وكذلك: «الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً» (٣٧) يرفع «الرَّحْمَنُ» ويخفض فِي الإعراب. والرفع فِيهِ أكثر. قال والفراء يخفض: (ربّ)، ويرفع «الرحمن» «٥».
(٢) فى اللسان: قال الفراء: قلت لأعرابى يمنى: آلتصار أحب إليك أم الحلق؟
يريد: التقصير أحب إليك أم حلق الرأس؟ اهـ وعبارة قال لى هنا تدل على أن السائل ليس الفراء.
(٣) الرواية فى البحر المحيط ٨/ ٤١٤: حاجة مكان: حوج.
(٤) فى ش: المصدر، تحريف.
(٥) قرأ عبد الله وابن أبى إسحق والأعمش وابن محيصن وابن عامر وعاصم: رب، والرحمن بالجر، والأعرج، وأبو جعفر، وشيبة، وأبو عمرو، والحرميان برفعهما.. وقرأ: ربّ بالجر، والرحمن بالرفع الحسن وابن وثاب والأعمش وابن محيصن بخلاف عنهما فى الجر على البدل من ربك، والرحمن صفة أو بدل من رب أو عطف بيان (البحر المحيط ٨/ ٤١٥) وانظر إعراب القرآن للعكبرى ٢/ ١٤٩.