ﰡ
قوله: ﴿ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾ استئناف مسوق لبيان صفات المؤمنين، فهو كالدليل لما قبله. قوله: (الكاملون الإيمان) بالنصب على نزع الخافض، أي فيه، وفي بعض النسخ بحذف النون، فيكون مضافاً للإيمان. قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ ﴾ وصل ﴿ ٱلَّذِينَ ﴾ بثلاث صلات كلها متعلقة بالقلب. قوله: ﴿ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ أي فزعت لاستيلاء هيبته على قلوبهم. قوله: (تصديقاً) أشار بذلك إلى أن التصديق يقبل الزيادة، إذ لا يصح أن يكون إيمان الأنبياء كإيمان الفساق، وما قبل الزيادة قبل النقص، وبذلك أخذ مالك والشافعي وجمهور أهل السنة. قوله: (به يتقون) أشار بذلك إلى أن ﴿ وَعَلَىٰ ﴾ بمعنى الباء، و ﴿ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ بمعنى يتقون، وقوله: (لا بغيره) حصر أخذ من تقديم المعمول، والمعنى أن ثقتهم بالله لا. بغيره، فلا يعتمدون على عمل ولا على مال، ولا يخافون من غيره. قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ ﴾ أي يلازمونها في أوقاتها، مستوفية الشروط والأركان والآداب. قوله: ﴿ يُنفِقُونَ ﴾ أي النفقة الواجبة كالزكاة، أو المندوبة كالصدقة. قوله: ﴿ حَقّاً ﴾ صفة لمصدر محذوف، أي إيماناً حقاً. قوله: (بلا شك) أي لظهور علامة الإيمان الكامل فيهم. قوله: ﴿ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾ العندية عندية مكانة لا مكان. قوله: ﴿ وَمَغْفِرَةٌ ﴾ أي غفران لذنوبهم. قوله: ﴿ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ أي دائم مستمر لا نكد فيه ولا تعب، مقرون بالتعظيم والتكريم.
قوله: ﴿ لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ ﴾ ليس مكرراً مع ما قبله، لأن المراد بالأول، تثبيت ما وعد به في هذه الواقعة من النصرة والظفر بالأعداء، والمراد بالثاني، تقوية الدين وإظهار الشريعة مدى الأيام. قوله: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ ﴾ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ } إما خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فقط، فيكون الجمع للتعظيم، أو خطاب للنبي وأصحابه، روي عن ابن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب قال،" لما كان يوم بدر، نظر صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، فاستقبل نبي الله القبلة، ثم مد يديه، فجعل يهتف بربه يقول: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض، فما زال يهتف بربه ماداً يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه، فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك "، فنزلت هذه الآية. قوله: (تطلبون منه الغوث) أشار بذلك إلى أن السين والتاء للطلب. قوله: ﴿ مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ ﴾ ورد أن جبريل نزل بخمسمائة وقاتل بها في يسار الجيش وفيه علي، ولم يثبت أن الملائكة قاتلت في وقعة إلا في بدر، وأما في غيرها فكانت تنزل الملائكة لتكثير عدد المسلمين ولا تقاتل. قوله: (يردف بعضهم بعضاً) أي يعقبه في المجيء. قوله: (وعدهم بها أولاً) أشار بذلك إلى الجمع بين ما هنا وبين ما في آل عمران. وقوله: (قرىء) أي شذوذاً. قوله: (كأفلس) أي فأبدلت الهمزة الثانية ألفاً. قوله: ﴿ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ﴾ أي فلا يتوقف على تهيؤ بعدد ولا عدد.
قوله: (عطاء) أي فالمراد من الإبلاء الإعطاء، فهو إبلاء بخير لا بشر، فإن البلاء يقع على النعمة وعلى المحنة لأن أصله الاختيار، وذلك كما يكون بالمحنة لإظهار الصبر، يكون بالنعمة لإظهار الشكر. قوله: ﴿ ذٰلِكُمْ ﴾ مبتدأ خبره محذوف، قدره المفسر بقوله: (حق)، وقوله: ﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ ﴾ يجوز أن يكون معطوفاً على ﴿ ذٰلِكُمْ ﴾ فيكون في محل رفع بالابتداء، وخبره محذوف أيضاً، والمعنى ذلكم الإبلاء للمؤمنين حق، وتوهين كيد الكافرين حق و ﴿ مُوهِنُ ﴾ بفتح الواو وتشديد الهاء والتنوين، فكيد منصوب على المفعولية به، ويقرأ بسكون الواو، وتخفيف الهاء من أوهن، كأكرم، منوناً أو مضافاً، إلى كيد، فالقراءات ثلاث، وكلها سبعية. قوله: (أيها الكفار) أي فهو خطاب لأهل مكة على سبيل التهكم، لأنهم الذين وقع بهم الهلاك، والفتح وقع لغيرهم. قوله: (أي القضاء) أي الحكم بينكم وبين محمد، بنصر المحق وخذلان المبطل. قوله: (حيث قال أبو جهل) أي وغيره من قريش، حين أرادوا الخروج إلى بدر، وتعلقوا بأستار الكعبة، ودعوا بما ذكره المفسر. قوله: (أينا) أي الفريقين، يعني نفسه ومن معه، ومحمداً ومن معه، وهو يزعم أن محمداً هو القاطع للرحم، حيث خرج من بلده وترك أقاربه. قوله: (فأحنه الغداة) الحين، بالفتح الهلاك، حان الرجل: هلك، وأحانه الله، أهلكه، والغداة ظرف للحين أي أهلكه فيما يستقبل. قوله: (وفتحها على تقدير اللام) أي فهما قراءتان سبعيتان، أي واللام المقدرة للتعليل.
قوله: (ونزل في أبي لبابة) اسمه مروان كما في بعض النسخ، وقيل رفاعة. قوله: (وقد بعثه) إلخ حاصل قصته:" أن رسول الله حاصر قريظة خمساً وعشرين ليلة، وقيل خمسة عشر، وقيل بضعة عشر يوماً، فلما اشتد عليهم الأمر، قام عليهم رئيسهم كعب بن أسد، وعرض عليهم الإيمان، فقال: يا معشر اليهود، قد نزل بكم من الأمر ما ترون، وإني أعرض عليكم خصالاً ثلاثاً، فخذوا أيها شئتم، قالوا: وما هي؟ قال: نتابع هذا الرجل ونصدقه، فوالله لقد تبين أنه نبي مرسل، وأنه الذي تجدونه في كتابكم، فتأمنون على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم، فأبوا، فقال: هلم نقتل أبناءنا ونسائنا، ثم نخرج إلى محمد وأصحابه، رجالاً مجردين السيوف من أغمادها، ولم نترك وراءنا ثقلاً، حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، فقالوا: أي عيش لنا بعد أبنائنا ونسائنا؟ فقال: إن هذه الليلة ليلة السبت، وعسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنونا فيها، فانزلوا لعلنا نصيب منهم غزوة، فقالوا: نفسد سبتنا، وقد علمت مسخ من خالف السبت، فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ابعث لنا أبا لبابة نستثيره في أمرنا فأرسله إليهم، فلما رأوه قام إليه الرجال، وفزع النساء والصبيان يبكون في وجهه، فرق لهم، وقالوا: يا أبا لبابة، أترى أن ننزل على حكم محمد؟ قال نعم، وأشار بيده إلى حلقه إنه الذبح، فقال أبو لبابة: فوالله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أني خنت الله ورسوله، ثم انطلق وسلك طريقاً أخرى، فلم يأتِ رسول الله حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده وقال: لا أبرح من مكاني هذا حتى يتوب الله علي مما صنعت، فلما بلغ خبره رسول الله وقد استبطأه قال: أما جاءني لاستغفرت له، وأما إذا فعل ما فعل، فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه، فأقام أبو لبابة مرتبطاً بالجذع ست ليال، وقيل بضعة عشر ليلة، حتى ذهب سمعه وكاد يذهب بصره، وكانت امرأته تأتيه في وقت كل صلاة، فتحله للصلاة ثم تربطه، ثم نزلت توبته في بيت أم سلمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم سحراً، فقام يضحك، فقالت أم سلمة: مم تضحك أضحك الله سنك؟ قال: تِيب على أبي لبابة، قالت: أفلا أبشره، يا رسول الله؟ قال: بلى إن شئت، فقامت على باب حجرتها، وذلك قبل أن تنزل آية الحجاب، فقالت: يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك، فتسارع إليه الناس ليطلقوه، فقال لا والله حتى يكون رسول الله هو الذي يطلقني بيده، فلما أصبح الصبح أطلقه فلما اشتد الحصار على بني قريظة، أطاعوا وانقادوا أن ينزلوا على حكم رسول الله، فحكم فيهم سعد بن معاذ وكان في خيمة في المسجد الشريف لآمرأة من أسلم يقال لها رفيدة، وكانت تداوي الجرحى حسبة، فأتي به، فلما حضر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا لسيدكم، فقاموا إليه، فقالوا: إن رسول الله ولاك أمر مواليك لتحكم فيهم، فقال سعد: إني أحكم فيهم أن تقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتسبي الذراري والنساء، فقال عليه الصلاة والسلام: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة "، والرقيع السماء، ففعل بهم كما قال سعد.
قوله: (صادة) أي مانعة. قوله: (فلا تفوتوه بمراعاة الأموال) إلخ. أي لأنها أمور زائلة فانية، وسعادة الآخرة لا نهاية لها فهي أولى بتقديمها على ما يفنى. قوله: ﴿ فُرْقَاناً ﴾ أي نجاة مما تخافون، وقد أشار لهذا المفسر بقوله: (فتنجون) وقيل: المراد بالفرقان النور الكائن في القلب الذي يفرق به بين الحق والباطل، وهو أولى. قوله: ﴿ وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾ أي يمحها، فقوله: ﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ عطف مرادف عليه.
والمكر الاحتيال على إيصال الضر للغير. وحاصل ذلك: أن قريشاً عرفوا لما أسلم الأنصار، أن أمر رسول الله يتفاخم ويظهر، فاجتمع نفر من كبار قريش في دار الندوة ليتشاوروا في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رؤساؤهم: عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبو جهل، وأبو سفيان، وطعمة بن عدي، والنضر بن الحرث، وأبو البحتري بن هشام، وزمعة بن الأسود، فجاءهم إبليس في صورة شيخ نجدي، فلما رأوه قالوا له: من أنت؟ قال: أنا شيخ من نجد، سمعت باجتماعكم فأردت أن أحضركم، ولن تعدموا مني رأياً ونصحاً، فقالوا له: ادخل فدخل، فقال أبو البحتري: أما أنا فأرى أن تأخذوا محمداً وتحبسوه في بيت مقيداً، وتسدوا باب البيت غير كوة تلقون منها طعامه وشرابه حتى يهلك، فصرخ ذلك الشيخ النجدي وقال: بئس الرأي، إن أصحابه يقاتلونكم ويخرجونه قهراً عليكم، فقالوا: صدق الشيخ النجدي فقال هشام بن عمرو: إني أرى أن تحملوه على بعير فتخرجوه من بين أظهركم، فلا يضركم ما صنع، فقال الشيخ النجدي: ما هذا برأي، تعمدون إلى رجل قد اتبعه سفهاؤكم، فتخرجوه إلى غيركم فيفسدهم، ألم تروا إلى حلاوة منطقه وطلاقة لسانه، لئن فعلتم ذلك، يذهب ويستميل قلوب آخرين، فيسير بهم إليكم فيخرجكم من بلادكم، فقال أبو جهل: إني أرى أن تأخذوا من كل بطن من قريش شاباً نسيباً، ويعطى كل شاب سيفاً صارماً، ثم يضربونه به ضربة واحدة، فإذا قتل تفرق دمه في القبائل، ولا أظن أن هذا الحي من بني هاشم، يقوون على حرب قريش كلها، غايته يطلبون ديته وهو أمر سهل، فقال إبليس: إنه أجودكم رأياً فتفرقوا على ذلك، فأتى جبريل وأخبر رسول الله بذلك، وبأن الله أذن له في الخروج إلى المدينة، فلما كان الليل، اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام، فأمر رسول الله علياً أن يبيت بمضجعه، وقال له: تسج ببردتي، فإنه لن يخلص إليك منهم أمر تكرهه، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم، وقد أخذ أبصارهم، فلم يره منهم أحد، ونثر على رؤوسهم التراب وهو يتلو قول تعالى﴿ يسۤ ﴾[ يس: ١] إلى قوله:﴿ فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ﴾[يس: ٩] ثم أتاهم آت فقال لهم: إن محمداً خرج عليكم ووضع التراب على رؤوسكم، فما من رجل منهم أصابه ذلك التراب، إلا قتل يوم بدر كافراً. قوله: (بدار الندوة) أي بالدار التي يقع فيها الحديث والاجتماع، وهي أول دار بنيت بمكة، فلما حج معاوية، اشتراها من الزبير العبدري بمائة الف درهم، ثم صارت كلها بالمسجد الحرام، وهي في جانبه الشمالي. قوله: ﴿ لِيُثْبِتُوكَ ﴾ هذا إشارة لرأي أبي البحتري. قوله: ﴿ أَوْ يَقْتُلُوكَ ﴾ أي شبان القبائل كلهم قتلة رجل واحد، وهو إشارة لرأي أبي جهل. قوله: ﴿ أَوْ يُخْرِجُوكَ ﴾ هو إشارة لرأي هشام بن عمرو. قوله: ﴿ وَيَمْكُرُونَ ﴾ (بك) أي يحتالون ويتدبرون في أمرك. قوله: (بتدبير أمرك) جواب عما يقال: إن حقيقة المكر محالة على الله تعالى، لأنه الاحتيال على الشيء من أجل حصول العجز عنه، وأجيب أيضاً: بأن المراد يمكر الله، معاملته لهم معاملة الماكر، حيث خيب سعيهم وضيع أملهم، أو المراد جازاهم على مكرهم، فسمى الجزاء مكراً لأنه في مقابلته. قوله: (أعلمهم به) دفع بذلك ما يقال: إن المكر لا خير فيه، وأجيب أيضاً: بأن اسم التفضيل ليس على بابه. قوله: ﴿ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ﴾ هذا من جملة قبائح أهل مكة. قوله: ﴿ مِثْلَ هَـٰذَا ﴾ تنازعه كل من سمعنا وقلنا. قوله: (الحيرة) بلدة بقرب الكوفة. قوله: (اخبار الأعاجم) أي كالفرس والروم قوله: ﴿ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ﴾ جمع اسطورة، كأكاذيب جمع أكذوبة وزنا ومعنى، وقد رد الله عليهم تلك المقالة بقوله تعالى:﴿ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ ﴾[هود: ١٣]، وقال أيضاً﴿ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ ﴾[يونس: ٣٨]، فعجزوا عن ذلك وقال البوصيري: سور منه أشبهت صورا منا ومثل النظائر النظراءقوله: ﴿ وَإِذْ قَالُواْ ﴾ هذا من جملة قبائحهم الشنيعة. قوله: ﴿ هُوَ ٱلْحَقَّ ﴾ القراء السبعة على نصب الحق خبراً لكان، وهو ضمير فصل لا محل له من الإعراب، وقرىء شذوذاً برفعه على أنه خبر للضمير، والجملة خبر لكان. قوله: ﴿ مِنْ عِندِكَ ﴾ حال من الحق. قوله: ﴿ حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ ﴾ أي من سجيل مسومة كما أرسلتها على اصحاب الفيل. قوله: ﴿ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ أي كالصيحة والخسف. قوله: (قاله النضر) أي ابن الحرث، وقوله: (وغيره) أي وهو أبو الجهل، ولا مانع من أن كلا قال ذلك. قوله: (استهزاء) أي سخرية به صلى الله عليه وسلم. قوله: (وإيهاماً أنه على بصيرة) أي لأن اصعب الأيمان الدعاء على النفس.
قوله: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ نزلت في كفار مكة، ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإن المشاهد في الكفار ذلك إلى يوم القيامة. قوله: ﴿ فَسَيُنفِقُونَهَا ﴾ أي يعلمون عاقبة إنفاقها. قوله: ﴿ ثُمَّ تَكُونُ ﴾ (في عاقبة الأمر) أي وهي عدم وصولهم لمقصودهم. قوله: ﴿ ثُمَّ يُغْلَبُونَ ﴾ التعبير بثم إشارة إلى أنهم يمهلون استدراجاً لهم، وزيادة حسرة لهم في العاقبة. قوله: (بالتخفيف والتشديد) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ جَمِيعاً ﴾ إما حال من الهاء في ﴿ فَيَرْكُمَهُ ﴾ أو توكيدها لها. قوله: (يجمعه متراكماً بعضه على بعض) ظاهر الآية أن هذا الجمع قبل دخولهم النار، وحينئذ فيكون بياناً لحالهم في الموقف كما تقدم أنه يكون سبعون الف قدم على قدم. قوله: ﴿ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ ﴾ أي الخائبون في الدنيا وفي الآخرة. قوله: ﴿ قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ ﴾ أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبلغ الكفار ما ذكر. قوله: (كأبي سفيان وأصحابه) إنما خصهم لأنهم هم الباقون من كفار مكة، لأن الآية نزلت بعد بدر، وفيها قتل من قتل من صناديدهم، وبقي من بقي، فالخطاب لمن بقي. قوله: ﴿ إِن يَنتَهُواْ ﴾ (عن الكفر) أي بأن ينطقوا بالشهادتين صادقين مصدقين، فكلمة التوحيد سبب للانتقال من ديوان الأشقياء لديوان السعداء إذا علمت أن هذا الفضل لمن سبق له الكفر، فما بلك بمن لم يسبق له الكفر وعاش مؤمناً ومات كذلك، قال السنوسي: فعلى العاقل أن يكثر من ذكرها مستحضراً لما احتوت عليه المعاني، حتى تمتزج مع معناها بلحمه ودمه، فإنه يرى لها من الأسرار والعجائب ما لا يدخل تحت حصر. قوله: (من أعمالهم) أي السيئة وأعظمها الكفر. قوله: ﴿ وَإِنْ يَعُودُواْ ﴾ وأصل العود الرجوع عن الشيء بعد التلبس به، وحينئذ فيكون المعنى وإن يرتدوا عن الإسلام بعد تلبسهم به، ويصح أن يفسر العود بالاستمرار على الكفر. قوله: ﴿ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ ﴾ أي كعاد وثمود وقوم لوط وغيرهم ممن هلك، إن قلت: إن هؤلاء قد أصابهم الهلاك العام، وأما أمة محمد صلى الله عليه وسلم فمحفوظة منه. وأجيب: بأن التشبيه في مطلق هلاك، وإن كان ما سبق عاماً وهذا خاص، والأقرب أن يراد بالأولين من سبق قبلهم من أولاد عمهم وأقاربهم ممن قتل ببدر، وجملة ﴿ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ ﴾ تعليل لمحذوف ولا يصلح للجواب، وتقدير الجواب: إن يعودوا نهلكهم كما أهلكنا الأولين.
قوله: (وهذا) أي تقليلكم في أعينهم. قوله: (أراهم) أي الكفار، (إياهم) أي المسلمين (مثليهم) أي مثلي الكفار وكانوا ألفاً، فرأوا المسلمين قدر ألفين، لتضعف قلوبهم، ويتمكن المسلمون منهم، فلا تنافي بين ما هنا، وبين ما تقدم. قوله: ﴿ لِيَقْضِيَ ٱللَّهُ أَمْراً ﴾ علة لمحذوف تقديره فعل ذلك ليقضي إلخ. قوله: ﴿ تُرْجَعُ ﴾ بالبناء للفاعل أو للمفعول، قراءتان سبعيتان، و ﴿ ٱلأُمُورُ ﴾ فاعل على الأول، ونائب على الثاني. قوله: (تصير) هذا على قراءة البناء للفاعل، وأما على قراءة البناء للمفعول، فمعناه ترد. قوله: ﴿ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً ﴾ أي حاربتم جماعة، والفئة اسم جمع لا واحد له من لفظه. قوله: ﴿ فَٱثْبُتُواْ ﴾ أمر للمؤمنين في أي زمان. قوله: (ادعوه بالنصر) أي فالمراد بالذكر ما يشمل الدعاء، ويصح أن يبقى الذكر على إطلاقه، فيشمل ملاحظته تعالى بالقلوب، وأنه معهم بالعون والنصر. قوله: ﴿ لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ ﴾ الترجي بمنزلة التحقق لأنه وعد ووعد الله لا يخلف.
قوله: ﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ ﴾ معطوف على ﴿ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾، والمعنى ذلك بسبب ما قدمت أيديكم، وبسبب ﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾ ونفي الظلم عن الله كناية عن العدل، فكأنه قال ذلك بسبب الذي قدمته أيديكم، وبسبب عدل الله فيكم. قوله: (أي بذي ظلم) دفع بذلك ما يتوهم من ظاهر الآية، أن أصل الظلم ثابت لله، والمنفي كثرته، فأجاب المفسر بأن هذه الصيغة ليست للمبالغة بل للنسب، قال ابن مالك: ومع فعل وفعال فعل في نسب أغنى عن اليا فقبلوحينئذ فقد انتفى أصل الظلم، بل لا يريده أصلاً، قال تعالى:﴿ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ ﴾[آل عمران: ١٠٨] لأن الإرادة لا تتعلق إلا بالجائز، والظلم من الله مستحيل عقلاً، لأن حقيقة التصرف في ملك الغير من غير إذنه، ولا يتصور العقل ملكاً لغير الله. قوله: ﴿ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ ﴾ الكاف متعلقة بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، قدره المفسر بقوله: (دأب هؤلاء) وهذا تسلية له صلى الله عليه وسلم. قوله: ﴿ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ ﴾ تفصيل للدأب وتفسير له، كما قال المفسر. قوله: ﴿ فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ ﴾ أي أهلكهم، لكن هلاك غير هذه الأمة بالرجفة والزلزلة والكسف والمسح من كل عذاب عام، وهلاك كفار هذه الأمة بالسيف، فالمماثلة في مطلق الهلاك. قوله: ﴿ بِذُنُوبِهِمْ ﴾ الباء سببية. قوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ ﴾ كالدليل لما قبله. قوله: (أي تعذيب الكفرة) أي بسبب ما قدمت أيديهم. قوله: ﴿ بِأَنَّ ٱللَّهَ ﴾ الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر عن اسم الإشارة، والجملة تعليل لمجموع المعلول وعلته السابقين. قوله: ﴿ لَمْ يَكُ ﴾ مجزوم بسكون النون المحذوفة تخفيفاً، قال ابن مالك: ومن مضارع لكان منجزم تحذف نون وهو حذف ما التزموأصله يكون دخل الجازم فسكنت النون فالتقى ساكنان، حذفت الواو لالتقائهما، ثم حذفت النون تخفيفاً. قوله: (يبدلوا نعمتهم كفراً) أي يتركوا ما يجب للنعم من شكرها والقيام بحقها، ويرتكبوا عدم الشكر، وعدم القيام بحقها، والمعنى يبدولون ما بهم من الحال إلى حال أسوأ منه، فتغيرت نعمة إمهالهم بمعاجلة العذاب لهم. قوله: ﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ ﴾ أي لأقوالكم عليم باحوالكم.
قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ ﴾ بدل من الموصول قبله، أو نعت أو عطف بيان. قوله: (لا يعينوا المشركين) أي كفار مكة، فنقضوا أولاً وثانياً. قوله: ﴿ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ ﴾ أي تظفرن بهم. قوله: ﴿ فَشَرِّدْ بِهِم ﴾ الباء سببية، والكلام على حذف مضاف، أي سبب عقوبتهم وتنكيلهم. قوله: ﴿ مَّنْ خَلْفَهُمْ ﴾ مفعول لشرد، والمراد بمن خلفهم كفار مكة، والمعنى إذا ظفرت بقريظة فعاقبهم، ليتفرق كفار مكة وغيرهم بمن نقض عهدك ويتعظوا بهم، فصيرهم عبرة لغيرهم، حتى لا يكون لهم قوة على محاربتك. قوله: ﴿ وَإِمَّا تَخَافَنَّ ﴾ خطاب عام للمسلمين وولاة الأمور، وإن كان أصل نزولها في قريظة قوله: ﴿ فَٱنْبِذْ إِلَيْهِمْ ﴾ أي أعلمهم بأن لا عهد لهم بعد اليوم فشبه العهد بالشيء الذي يرمى، وطوى ذكر المشبه به، ورمز له بشيء من لوازمه وهو النبذ، فإثباته تخييل. قوله: (بأن تعلمهم به) أي لم يكن عذرهم ظاهراً طهوراً بينا، وإلا فلا يحتاج للإعلان. والحاصل: أنه إذا ظهرت أمارات نقض العهد، وجب على الإمام أن ينبذ عهدهم، ويعلمهم بالحرب قبل الركوب عليهم، بحيث لا يعد الإمام غادراً لهم، وإن ظهرت الخيانة ظهوراً مقطوعاً به فلا حاجة إلى نبذ العهد ولا الإعلام، بل يبادرهم بالقتال. قوله: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلخَائِنِينَ ﴾ تعليل للأمر بنبذ العهد. قوله: (ونزل فيمن أفلت) أي في الكفار الذين خلصوا وهربوا، وهذا تسلية لرسول الله وأصحابه، حيث حزنوا على نجاة من نجا من الكفار، وكان غرضهم استئصالهم بالقتل والأسر.
قوله: (وفي قراءة بفتح أن) أي مع الياء التحتية لا غير، فالقراءات ثلاث، خلافاً لما يوهمه المفسر من أنها أربع: وحاصلها أن التاء فيها وجهان، فتح إن وكسرها، والياء فيها وجه واحد، وهو فتح أن لا غير. قوله: (تقدير اللام) أي التي للتعليل. قوله: ﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُمْ ﴾ أي للكفار مطلقاً، أو لناقضي العهد. قوله: ﴿ مِّن قُوَّةٍ ﴾ بيان لما. قوله: (هي الرمي) هذا الحديث رواه عقبة بن عامر قال:" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: " ﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ ﴾ ألا إن القوة الرمي " ثلاثاً "، أخرجه مسلم وقيل: المراد بالقوة جميع ما يتقوى به في الحرب على العدو، من سلاح ورمي وخيل ورجال ودروع وغير ذلك، ولا منافاة بين هذا وبين قوله عليه الصلاة والسلام:" ألا أن القوة الرمي "، لأن المراد القوة الرمي على حد الحج عرفة، والندم توبة، وهذا هو الأحسن. قوله: (مصدر) أي سماعي، وإلا فالقياسي لما يقتضي الاشتراك، كقاتل وخاصم وضارب. قوله: ﴿ تُرْهِبُونَ بِهِ ﴾ أي بالرباط الذي هو بمعنى الربط. قوله: (أي كفار مكة) هذا باعتبار سبب نزول الآية، وإلا فالعبرة بعموم اللفظ، فالمراد جميع الكفارة في أي زمان. قوله: (وهم المنافقون) أورد عليه أن المنافقين لا يقاتلون. أجيب بأن المراد بإرهابهم، ادخال الرعب والحزن في قلوبهم، لأنهم إذا شاهدوا قوة المسلمين وشهامتهم، كان ذلك مرهباً ومخوفاً لهم. قوله: (أو اليهود) أو مانعة خلو، فتجوز الجمع. قوله: ﴿ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ ﴾ أي لا تعلمون بواطنهم وما انطووا عليه. قوله: ﴿ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ﴾ أي في جهاد الكفار. قوله: ﴿ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ ﴾ (جزاؤه) أي فالحسنة بسبعمائة، قال تعالى:﴿ مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ ﴾الآية. قوله: (تفقصون منه شيئاً) أي وسماه ظلماً لأن وعده بالخير لا يتخلف فكأنه واجب، وضده مستحيل، وليس المراد الظلم الحقيقي، لأنه التصرف في ملك الغير، ولا ملك لأحد معه،
قوله: (في النصرة والإرث) أي فكان الأنصار ينصرون المهاجرين وبالعكس، وكان المهاجري يرث الأنصاري الذي آخاه معه رسول الله وبالعكس. قوله: ﴿ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ ﴾ أي بأن أقاموا بمكة. قوله: (بكسر الواو وفتحها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله: ﴿ مِّن شَيْءٍ ﴾ (من) زائدة، و ﴿ شَيْءٍ ﴾ مبتدأ خبره الجار والمجرور قبله. قوله: (فلا إرث بينكم وبينهم) أي لا إرث بين المهاجرين والأنصار، وبين الذين لم يهاجروا. قوله: (ولا نصيب لهم في الغنيمة) اعترض بأن الغنيمة لا يأخذها إلى من قاتل، وهؤلاء لم يقاتلوا، فالأولى حذف هذه العبارة. قوله: (وهذا منسوخ) اسم الإشارة على ما تقدم، من أن الإرث بين المهاجرين والأنصار ثابت بالإيمان والهجرة، ومنفي بين من لم يهاجر وبين الأنصار والمهاجرين. قوله: (بآخر السورة) أي وهو قوله: ﴿ وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ ﴾قوله: ﴿ وَإِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ ﴾ أي طلبوا منكم النصرة لأجل إعزاز الدين، والضمير عائد على ﴿ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ ﴾.
قوله: ﴿ إِلاَّ عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ ﴾ أي من الكفار، وهم أهل مكة. قوله: (وتنقضوا عهدهم) أي الصلح الكائن بالحديبية سنة ست على ترك القتال عشر سنين. قوله: (في النصرة والإرث) أي فهما ثابتان بين الكفار بعضهم لبعض. قوله: (فلا إرث بينكم وبينهم) أي ولا نصرة. قوله: ﴿ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ ﴾ إن شرطية مدغمة في لا النافية، و ﴿ تَفْعَلُوهُ ﴾ فعل الشرط، و ﴿ تَكُنْ ﴾ جواب الشرط. والمعنى: إن لم تفعلوا ما ذكر من تولي المؤمنين وقطع الكفار، بل توليتم الكفار، وقطعتم المؤمنين، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، لأنه يترتب على ذلك، قوة الكفار، وضعف المسلمين، وهذا ما حل به المفسر، ويحتمل أن لا زائدة والمعنى: إن تفعلوا ما نهيتم عنه من موالاة الكفار وقطع المؤمنين. قوله: ﴿ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ ﴾ إلخ ليس مكرراً مع ما تقدم، لأن ما هنا بيان لفضلهم، وما تقدم بيان لكونهم أولياء بعض، وأيضاً ما تقدم في الهجرة قبل عام الحديبية، وما هنا في الهجرة قبل الفتح، وكان قبل الحديبية أو بعدها. قوله: ﴿ أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً ﴾ أي الكاملون في الإيمان بلا شك. قوله: (لهم مغفرة) أي لذنوبهم. قوله: ﴿ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ أي لا تعب فيه ولا مشقة، ويؤخذ من هذه الآية أن جميع المهاجرين والأنصار مبشرون بالجنة من غير سابقة عذاب، وأما ما ورد من أن المبشرين عشرة، فلأنهم جمعوا في حديث واحد. قوله: ﴿ مِن بَعْدُ ﴾ أي بعد الحديبية قبل الفتح، ولأنه بعد الفتح لا هجرة. قوله: ﴿ فَأُوْلَـٰئِكَ مِنكُمْ ﴾ أي محسوبون منكم، وفي الآية دليل على أن المهاجرين الأولين أعلى وأجل من المتأخرين بالهجرة، لأن الله ألحقهم بهم، ومن المعلوم أن المفضول يلحق بالفاضل. قوله: ﴿ وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ ﴾ هذه الآية نزلت بعد الفتح، وهي ناسخة للآية المتقدمة، وهي ميراث المهاجرين للأنصار. قوله: (من التوارث) متعلق بأولى. قوله: (أي اللوح المحفوظ) وقيل المراد بها القرآن، لأن قسمة المواريث مذكورة في سورة النساء من كتاب الله وهو القرآن. قوله: (ومنه حكمة الميراث) أي التوارث بمقتضى الإيمان والهجرة بدون قرابة ونسخة والتوارث بالقرابة.