تفسير سورة سورة الأنفال من كتاب الهداية الى بلوغ النهاية
المعروف بـالهداية الى بلوغ النهاية
.
لمؤلفه
مكي بن أبي طالب
.
المتوفي سنة 437 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الأنفال، مدنية١١ قال في الكشف ١/٤٨٩، "سورة الأنفال مدنية، وهي سبعون آية وست في المدني، وخمس في الكوفي". في المحرر الوجيز ٢/٤٩٦: "هي مدنية كلها. كذا قال أكثر الناس،.... ، ولا خلاف في هذه السورة أنها نزلت في يوم بدر وأمر غنائمه". انظر: تفسير القرطبي ٧/٢٢٩، والبرهان ١/١٩٤، ومصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور ٢/١٤٤، والإتقان ١/٢٥..
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الأنفال مدنيةقوله: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنفال﴾ إلى قوله: ﴿مُّؤْمِنِينَ﴾.
قال أبو حاتم: الوقف على ﴿ذَاتَ﴾ بـ: " الهاء "، وكل العلماء قال: بـ: " التاء "؛ لأَنَّها مُضَافَةٌ، ولا يحسن الوقف عليها البتة إلا عن ضرورة.
وقرأ سعد بن أبي وقاص: " يسئلونك الأنفال "، بغير ﴿عَنِ﴾.
2707
والمعنى: يسألك أصحابك، يا محمد، عن الغنائم التي غنمتها يوم بدر، لمن هي؟ فقيل للنبي، ﷺ: قل يا محمد: هي لله والرسول.
و ﴿الأنفال﴾: الغنائم. بذلك قال عكرمة، ومجاهد، وابن عباس، وقتادة، وابن زيد، وعطاء.
فأكثر العلماء الذين جعلوها: الغنائم، على أنها منسوخة بقوله: ﴿واعلموا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١]، الآية.
و ﴿الأنفال﴾: الغنائم. بذلك قال عكرمة، ومجاهد، وابن عباس، وقتادة، وابن زيد، وعطاء.
فأكثر العلماء الذين جعلوها: الغنائم، على أنها منسوخة بقوله: ﴿واعلموا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١]، الآية.
2708
وقيل: ﴿الأنفال﴾ هي زِيَادَاتٌ تزيدها الأئمة لمن شاء، إذا كان في ذلك صلاح للمسلمين، فهي مُحْكَمَةٌ. وروي ذلك عن ابن عمر، وعن ابن عباس.
وقيل: ﴿الأنفال﴾: ما شذَّ من العدو، من عبد أو دابة، للإمام أن يُنْفِلَ ذلك من شاء إذا كان ذلك صلاحاً. قاله الحسن.
﴿الأنفال﴾: جمع " نَفَلٍ "، و " النَّفَلُ ": الغنيمة، سميت بذلك، لأنها تَفَضُّلٌ من الله، تعالى، على هذه الأمة، لم تحل لأحد قبلها.
وقيل: ﴿الأنفال﴾: ما شذَّ من العدو، من عبد أو دابة، للإمام أن يُنْفِلَ ذلك من شاء إذا كان ذلك صلاحاً. قاله الحسن.
﴿الأنفال﴾: جمع " نَفَلٍ "، و " النَّفَلُ ": الغنيمة، سميت بذلك، لأنها تَفَضُّلٌ من الله، تعالى، على هذه الأمة، لم تحل لأحد قبلها.
2709
وقوله: ﴿قُلِ الأنفال للَّهِ والرسول﴾، يَدُلُّ على أنهم سألوا لمن هي.
وقوله: ﴿فاتقوا الله وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ﴾، يَدُلُّ على أن سؤالهم كان بعد تَنَازُعٍ فيها.
وقيل: ﴿الأنفال﴾: السَّرايا. قاله علي بن صالح.
وقال مجاهد ﴿الأنفال﴾: الخُمُسُ.
وهذه الآية نزلت في غنائم بدر، وذلك أن النبي ﷺ، زَادَ قَوْماً لِبَلاَءٍ أَبْلَوْا، فاختلفوا فيها، بعد تَقَضِّي الحرب، فنزلت الآية تعلمهم أنَّ ما فعل النبي ﷺ، ماضٍ جائز.
وروى ابن عباس (Bهما)، أن النبي، ﷺ، قال: " من أتى مكان كذا، وفعل كذا، فله كذا "، فتسارع الشبان، وبقي الشيوخ، فلما فتح الله عليهم، طلب الشبان ما
وقوله: ﴿فاتقوا الله وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ﴾، يَدُلُّ على أن سؤالهم كان بعد تَنَازُعٍ فيها.
وقيل: ﴿الأنفال﴾: السَّرايا. قاله علي بن صالح.
وقال مجاهد ﴿الأنفال﴾: الخُمُسُ.
وهذه الآية نزلت في غنائم بدر، وذلك أن النبي ﷺ، زَادَ قَوْماً لِبَلاَءٍ أَبْلَوْا، فاختلفوا فيها، بعد تَقَضِّي الحرب، فنزلت الآية تعلمهم أنَّ ما فعل النبي ﷺ، ماضٍ جائز.
وروى ابن عباس (Bهما)، أن النبي، ﷺ، قال: " من أتى مكان كذا، وفعل كذا، فله كذا "، فتسارع الشبان، وبقي الشيوخ، فلما فتح الله عليهم، طلب الشبان ما
2710
جعل لهم النبي ﷺ، فقال الأشياخ: لا يذهبوا بذلك دوننا! فأنزل الله، تعالى: ﴿ فاتقوا الله وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ﴾ الآية.
وقيل: إن النبي ﷺ، سُئِلَ شيئاً من الغنائم قبل أن تقسم فامتنع من ذلك فنزلت: ﴿قُلِ الأنفال للَّهِ والرسول﴾، فرخّص الله، تعالى، له أن يعطي مَنْ أَرَادَ.
و [قيل]: إنهم سألوه الغنيمة يوم بدر، فَأُعْلِمُوا أن ذلك لله والرسول.
و ﴿عَنِ﴾ في موضع: " مِنْ ".
وقرأ ابن مسعود على هذا التأويل: " يسئلونك الانفال ".
وقيل: إن النبي ﷺ، سُئِلَ شيئاً من الغنائم قبل أن تقسم فامتنع من ذلك فنزلت: ﴿قُلِ الأنفال للَّهِ والرسول﴾، فرخّص الله، تعالى، له أن يعطي مَنْ أَرَادَ.
و [قيل]: إنهم سألوه الغنيمة يوم بدر، فَأُعْلِمُوا أن ذلك لله والرسول.
و ﴿عَنِ﴾ في موضع: " مِنْ ".
وقرأ ابن مسعود على هذا التأويل: " يسئلونك الانفال ".
2711
وذكر ابن وهب: " أنها نزلت في رجلين أصابا سيفاً من النَّفْلِ، فاختصما فيه إلى رسول الله ﷺ، فقال النبي ﷺ: " هُوَ لي وَلَيْسَ لَكُمَا "، فنزل: ﴿قُلِ الأنفال للَّهِ والرسول﴾، وأمر الرجلين أن يصلحا ذات بينهما، وأن يطيعا الله ورسوله في ما أمرهما به النبي ﷺ "
، / من دفع السيف إليه، ثم نُسِخَ ذلك بقوله: ﴿واعلموا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ﴾ الآية.
وَرُوِيَ أن الرجلين اللذين اختصما في السيف إلى النبي ﷺ،: سعد بن مالك بن وُهَيْب الزُّهري، ورجل من الأنصار، فَأُمِرا في الآية أن يسلماه إلى النبي، ﷺ، وأن يصلحا ذات بينهما، وأن يعطيا الله ورسوله فيما يأمرانهما من تسليم السيف إلى النبي ﷺ، وغير ذلك.
وقيل: إن أَهْلَ القُوَّة يوم بدر غنموا أكثر مم اغنم أهْلُ الضُّعْفِ، فذكروا ذلك لرسول الله، ﷺ، فَنَزَلَتْ: ﴿فاتقوا الله وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ﴾.
، / من دفع السيف إليه، ثم نُسِخَ ذلك بقوله: ﴿واعلموا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ﴾ الآية.
وَرُوِيَ أن الرجلين اللذين اختصما في السيف إلى النبي ﷺ،: سعد بن مالك بن وُهَيْب الزُّهري، ورجل من الأنصار، فَأُمِرا في الآية أن يسلماه إلى النبي، ﷺ، وأن يصلحا ذات بينهما، وأن يعطيا الله ورسوله فيما يأمرانهما من تسليم السيف إلى النبي ﷺ، وغير ذلك.
وقيل: إن أَهْلَ القُوَّة يوم بدر غنموا أكثر مم اغنم أهْلُ الضُّعْفِ، فذكروا ذلك لرسول الله، ﷺ، فَنَزَلَتْ: ﴿فاتقوا الله وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ﴾.
2712
وقيل: إنهم اختلفوا في الغنائم، فَنَزَلَتْ: ﴿فاتقوا الله وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ﴾.
" والبَيْنُ " هنا: " الوَصْلُ ".
أُمِروا بصلاح وصلهم، وألا يتقاطعوا في الاختلاف على الغنائم، كأنه قال: كونوا مُجْتَمِعي القُلُوب.
وأُنِثَتْ ﴿ذَاتَ﴾؛ لأنه يراد بها الحال التي هم عليها.
وذكر إسماعيل القاضي: أنهم اختلفوا ثلاث فرق، فقالت فرقة اتبعت العدو: نحن أولى بالغنائم، وقالت فرقة حَفَّت بالنبي ﷺ، نحن أولى، وقالت فرقة أحاطت بالغنائم، نحن أولى، فأنزل الله، تعالى، الآيات في ذلك.
قوله: ﴿إِنَّمَا المؤمنون الذين إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾، الآية.
" والبَيْنُ " هنا: " الوَصْلُ ".
أُمِروا بصلاح وصلهم، وألا يتقاطعوا في الاختلاف على الغنائم، كأنه قال: كونوا مُجْتَمِعي القُلُوب.
وأُنِثَتْ ﴿ذَاتَ﴾؛ لأنه يراد بها الحال التي هم عليها.
وذكر إسماعيل القاضي: أنهم اختلفوا ثلاث فرق، فقالت فرقة اتبعت العدو: نحن أولى بالغنائم، وقالت فرقة حَفَّت بالنبي ﷺ، نحن أولى، وقالت فرقة أحاطت بالغنائم، نحن أولى، فأنزل الله، تعالى، الآيات في ذلك.
قوله: ﴿إِنَّمَا المؤمنون الذين إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾، الآية.
2713
فهذه الصفة صفة الكمال والتمام في الإيمان.
والمعنى: ليس المؤمن من الذي يخالف الله ورسوله، ويترك أمرهما، وإنما المؤمن الذي إذا سمع ذكر الله، تعالى، وَجِلَ قَلْبُهُ، وَخَضَعَ، وانْقَادَ لأمْرِهِ، تبارك وتعالى، وإذا قرئت عليه آيات كتاب الله، سبحانه، صدق بها وأيقن أنها من عند الله، جلت عظمته، فازداد إيماناً إلى إيمانه.
قال ابن عباس: المنافق لا يدخل قَلْبَهُ شَيْءٌ من ذلك، ولا يؤمن بشيء من كتاب الله، أي: من آيات الله سبحانه، ولا يتوكل على الله، تعالى، ولا يصلي إ ذا غاب عن عيون الناس، ولا يؤتي الزكاة فليس هذا بمؤمن، وإنما المؤمن من الذي وصفه الله تعالى، بالخشية وازدياد الإيمان عند سماع آيات الله، تعالى، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة.
قال مجاهد ﴿وَجِلَتْ﴾: فَرِقت.
وقال السدي: هو الرجل يريد أن يظلم أو يهم بمعصية، فيذكر الله، تعالى، فَيْنَزعُ عنها خَوْفاً من الله، سبحانه.
والمعنى: ليس المؤمن من الذي يخالف الله ورسوله، ويترك أمرهما، وإنما المؤمن الذي إذا سمع ذكر الله، تعالى، وَجِلَ قَلْبُهُ، وَخَضَعَ، وانْقَادَ لأمْرِهِ، تبارك وتعالى، وإذا قرئت عليه آيات كتاب الله، سبحانه، صدق بها وأيقن أنها من عند الله، جلت عظمته، فازداد إيماناً إلى إيمانه.
قال ابن عباس: المنافق لا يدخل قَلْبَهُ شَيْءٌ من ذلك، ولا يؤمن بشيء من كتاب الله، أي: من آيات الله سبحانه، ولا يتوكل على الله، تعالى، ولا يصلي إ ذا غاب عن عيون الناس، ولا يؤتي الزكاة فليس هذا بمؤمن، وإنما المؤمن من الذي وصفه الله تعالى، بالخشية وازدياد الإيمان عند سماع آيات الله، تعالى، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة.
قال مجاهد ﴿وَجِلَتْ﴾: فَرِقت.
وقال السدي: هو الرجل يريد أن يظلم أو يهم بمعصية، فيذكر الله، تعالى، فَيْنَزعُ عنها خَوْفاً من الله، سبحانه.
2714
﴿الذين يُقِيمُونَ الصلاة﴾، أي يقيمونها في أوقاتها، وقيل: يقيمونها بحدودها.
﴿أولائك هُمُ المؤمنون حَقّاً﴾ الآية، المعنى: أولئك الذين هذه صفتهم هم المؤمنون حقاً.
قال ابن عباس: ﴿المؤمنون حَقّاً﴾، أي: بَرِئُوْا من الكفر.
وَهَذَا بَابٌ تُذْكَرُ فَيهَ حَقِيقَةُ الإِيمَانِ وَتَفْسِيرُهُ، وَمَا رُوِيَ فِيهِ، إِنْ شَاءَ اللهُ، تعالى.
وحقيقة الإيمان عند أَهْلِ السُّنَّة: أنه المعرفة بالقلب، والإقرار باللسان، والعمل بالجوارح، وكذلك رواه علي بن أبي طالب عن النبي ﷺ.
وقالت المُرجئة الإيمان: قول ومعرفة بالقلب بلا عمل.
﴿أولائك هُمُ المؤمنون حَقّاً﴾ الآية، المعنى: أولئك الذين هذه صفتهم هم المؤمنون حقاً.
قال ابن عباس: ﴿المؤمنون حَقّاً﴾، أي: بَرِئُوْا من الكفر.
وَهَذَا بَابٌ تُذْكَرُ فَيهَ حَقِيقَةُ الإِيمَانِ وَتَفْسِيرُهُ، وَمَا رُوِيَ فِيهِ، إِنْ شَاءَ اللهُ، تعالى.
وحقيقة الإيمان عند أَهْلِ السُّنَّة: أنه المعرفة بالقلب، والإقرار باللسان، والعمل بالجوارح، وكذلك رواه علي بن أبي طالب عن النبي ﷺ.
وقالت المُرجئة الإيمان: قول ومعرفة بالقلب بلا عمل.
2715
وقال الجهمية الإيمان: المعرفة بلا قول ولا عمل.
وأهل السنة والطريقة القويمة على أنه: المَعْرِفَةُ وَالقَوْلُ وَالعَمَلُ، كما رواه علي عن النبي ﷺ، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ إِجْمَاعِ الأُمَّةِ.
قد أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ على أنه من قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ثم أخبر أن قلبه غَيْرُ مُصَدِّقٍ بشيء من ذلك، أنَّهُ كَافِرٌ، فدل على أَنَّ الاعتقاد لا بد منه.
ثم أَجْمَعُوا على أَنَّ الكافل إذا قال: قد اعتقدت/ في قلبي الإيمان ولم يقله ويسمع منه، [أن حكمه الكافر] حتى يقوله ويسمع منه، فَإنَّ دمه لو قتل لا تلزم منه دية، فدل على أن القول مع الاعتقاد لا بد منه.
ثم أَجْمَعُوا على أن شهد الشهادتين، وقال: اعتقادي مثل قولي، ولكني لا أصوم ولا أصلي ولا أعمل شيئاً من الفروض أنه يستتاب، فإن تاب وعمل وإلا قتل كما يقتل
وأهل السنة والطريقة القويمة على أنه: المَعْرِفَةُ وَالقَوْلُ وَالعَمَلُ، كما رواه علي عن النبي ﷺ، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ إِجْمَاعِ الأُمَّةِ.
قد أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ على أنه من قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ثم أخبر أن قلبه غَيْرُ مُصَدِّقٍ بشيء من ذلك، أنَّهُ كَافِرٌ، فدل على أَنَّ الاعتقاد لا بد منه.
ثم أَجْمَعُوا على أَنَّ الكافل إذا قال: قد اعتقدت/ في قلبي الإيمان ولم يقله ويسمع منه، [أن حكمه الكافر] حتى يقوله ويسمع منه، فَإنَّ دمه لو قتل لا تلزم منه دية، فدل على أن القول مع الاعتقاد لا بد منه.
ثم أَجْمَعُوا على أن شهد الشهادتين، وقال: اعتقادي مثل قولي، ولكني لا أصوم ولا أصلي ولا أعمل شيئاً من الفروض أنه يستتاب، فإن تاب وعمل وإلا قتل كما يقتل
2716
الكافر، فدل على وجوب العمل.
فصح من هذا الإجماع، أن الإيمان هو الاعتقاد والقول والعمل، وتمامه: موافقة السنة، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَآ أمروا إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ الله﴾، ثم قال: ﴿وَيُقِيمُواْ الصلاة وَيُؤْتُواْ الزكاة وَذَلِكَ دِينُ القيمة﴾ [البينة: ٥]، أي: دين الملة القيمة. ومن لم يقل: إن الله تعالى، أراد الإقرار والعمل من العباد فهو كافر. فإن قيل: لو أن رجلاً أسلم فأقر بجميع ما جاء به محمد ﷺ، أيكون مؤمناً بهذا الإقرار أم لا؟ قيل: له لا يطلق عليه اسم مؤمن إلا ونيته أنه لم يطلق عليه اسم مؤمن، ولو أنه أقرّ في الوقت وقال: لا أعمل إذا جاء وقت العمل، لم يطلق عليه اسم مؤمن.
والأعمال لا يقبل منها إلا ما أريد به وجه الله، (سبحانه)، فأما من أراد بعمله مَحْمَدَةَ الناس وَرَايَا به فليس مما يقبله الله، تعالى، وصاحبه في مشيئة الله سبحانه.
روى أبو هريرة أن النبي ي ﷺ قال: " أَوَّلُ مَا يُقْضَى فيه يوم القيامة ثلاثة: رجل
فصح من هذا الإجماع، أن الإيمان هو الاعتقاد والقول والعمل، وتمامه: موافقة السنة، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَآ أمروا إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ الله﴾، ثم قال: ﴿وَيُقِيمُواْ الصلاة وَيُؤْتُواْ الزكاة وَذَلِكَ دِينُ القيمة﴾ [البينة: ٥]، أي: دين الملة القيمة. ومن لم يقل: إن الله تعالى، أراد الإقرار والعمل من العباد فهو كافر. فإن قيل: لو أن رجلاً أسلم فأقر بجميع ما جاء به محمد ﷺ، أيكون مؤمناً بهذا الإقرار أم لا؟ قيل: له لا يطلق عليه اسم مؤمن إلا ونيته أنه لم يطلق عليه اسم مؤمن، ولو أنه أقرّ في الوقت وقال: لا أعمل إذا جاء وقت العمل، لم يطلق عليه اسم مؤمن.
والأعمال لا يقبل منها إلا ما أريد به وجه الله، (سبحانه)، فأما من أراد بعمله مَحْمَدَةَ الناس وَرَايَا به فليس مما يقبله الله، تعالى، وصاحبه في مشيئة الله سبحانه.
روى أبو هريرة أن النبي ي ﷺ قال: " أَوَّلُ مَا يُقْضَى فيه يوم القيامة ثلاثة: رجل
2717
استشهد فأمر به، فَعَرَّفَهُ نِعمهُ فَعَرَفَهَا؛ قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كَذبْتَ ولكن قاتلت ليقال: جَريءٌ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وحهه حتى ألقي في النار. ورحل تَعَلَّمَ العلم وعَلَّمَهُ، وقرأ القرآن، فأُتِيَ به، فعرَّفه نعمه، فعرفها، فقال: فما عملت فيها؟ فقال: تعملت فيك العلم وعلَّمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كَذَبْتَ، ولكنَّك تعلمت العلم ليقال: إنك عالم، فقد قيل، وقرأت القرآن ليقال: إنك قارئ، فقد قيل، ثم أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ على وجهه حتى ألقي في النار. ورَجل وسَّع الله عليه، وأعطاهُ أنواع المال كله، فَعَرَّفه نِعمه فَعَرَفَها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت في سبيل الله شيئاً تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: جَوَادٌ، فقد قيل، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ".
وروى أبو هريرة أيضاً، أن النبي ﷺ، ق ل: " قال الله جلّ ذكره من قائل،: أَنَا خَيْرُ الشُّرَكَاءِ، فمن عَمِلَ عَمَلاً أشرك فيه غيري، فهو للذي أشركه، وَأَنَا بَرِيءٌ منه ".
وروى أبو هريرة أيضاً، أن النبي ﷺ، ق ل: " قال الله جلّ ذكره من قائل،: أَنَا خَيْرُ الشُّرَكَاءِ، فمن عَمِلَ عَمَلاً أشرك فيه غيري، فهو للذي أشركه، وَأَنَا بَرِيءٌ منه ".
2718
وفي خبر آخر: " أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ ".
وروى ابن عمر أن النبي ﷺ، قال: " أَشَدُّ النَّاسِ يوم القيامة عَذَاباً، من يرى النَّاس أَنَّ فِيهِ خَيْراً وَلاَ خَيْرَ فِيهِ ".
وعنه، ﷺ،: " مَنْ رَاءَا بأمر يريد به سُمْعَةً فإنه في مَقْتٍ من اللهِ تعالى، حتى يجلس ".
وقال النبي ﷺ: " لا تخادعوا الله فإنه من خادع الله بخدعة فنفسه يخدع لو يشعر ". قالوا: يا رسول الله، وكيف يُخادع الله، قال: " تعمل ما أمرك به تطلب غيره، فاتقوا الرياء، فإنه الشرك، فإن المرائي يدعى يوم القيامة على/ رؤوس الأشهاد بأربعة أسماء، ينسب إليها: يا كافر، يا خاسر، يا فاجر، يا غادر، ضل أجرك، وبطل عملك، فلا خلاق لك اليوم، فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له يا خادع ".
وعنه، ﷺ: " إن أدنى الرِّياء شِرْكٌ ".
وروى ابن عمر أن النبي ﷺ، قال: " أَشَدُّ النَّاسِ يوم القيامة عَذَاباً، من يرى النَّاس أَنَّ فِيهِ خَيْراً وَلاَ خَيْرَ فِيهِ ".
وعنه، ﷺ،: " مَنْ رَاءَا بأمر يريد به سُمْعَةً فإنه في مَقْتٍ من اللهِ تعالى، حتى يجلس ".
وقال النبي ﷺ: " لا تخادعوا الله فإنه من خادع الله بخدعة فنفسه يخدع لو يشعر ". قالوا: يا رسول الله، وكيف يُخادع الله، قال: " تعمل ما أمرك به تطلب غيره، فاتقوا الرياء، فإنه الشرك، فإن المرائي يدعى يوم القيامة على/ رؤوس الأشهاد بأربعة أسماء، ينسب إليها: يا كافر، يا خاسر، يا فاجر، يا غادر، ضل أجرك، وبطل عملك، فلا خلاق لك اليوم، فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له يا خادع ".
وعنه، ﷺ: " إن أدنى الرِّياء شِرْكٌ ".
2719
فيجب على المؤمين الراجي ثواب الله عز وجل، الخائف من عقابه، سبحانه، أن يخلص العمل لله سبحانه، ويريد به وجهه، تبارك وتعالى. وألاَّ يتباهى بعمله عند أحد فيشركه في علمه.
فإنَّ عَمِلَ عاملٌ عَمَلاً مُخْلِصاً لله ﷺ، في السر، فَسُرّ به، وأُعْجِبَ به إذ وفقه الله تعالى، لذلك فهو حسن، وليس ذلك برياء، وهو ممدوح إنْ سلم من الإعجاب بنفسه؛ فَإنَّ الإعجاب ضَرْبٌ من التكبر، والتكبر يُحْبِطُ الأَعْمَالَ.
فإن ظَهَرَ عَمَلُهُ الذي أَسَرَّه للناس من غير أن يُشْهِّره هو على طريق الافتخار به، فأثنوا عليه بفعله فَسَرَّه ذلك فليس برياء، بل له أجر على ذلك؛ لأن الأصل كان لله تعالى، والناس يَتَأَسَّونَ به في فعله.
وقد روى أبو هريرة:
" أن رجلاً قال لرسول الله ﷺ: يا رسول الله، دخل علي رجل وأنا أصل فأعجبني الحال التي رآني عليها، فقال له النبي ﷺ: " فلك أجران: أَجْرُ السَّرِ، وأَجْرُ العَلاَنِيَّة ".
وروى حبيب بن ثابت عن أبي صالح قال: " أتى النبي ﷺ، [ رجل]، فسأله
فإنَّ عَمِلَ عاملٌ عَمَلاً مُخْلِصاً لله ﷺ، في السر، فَسُرّ به، وأُعْجِبَ به إذ وفقه الله تعالى، لذلك فهو حسن، وليس ذلك برياء، وهو ممدوح إنْ سلم من الإعجاب بنفسه؛ فَإنَّ الإعجاب ضَرْبٌ من التكبر، والتكبر يُحْبِطُ الأَعْمَالَ.
فإن ظَهَرَ عَمَلُهُ الذي أَسَرَّه للناس من غير أن يُشْهِّره هو على طريق الافتخار به، فأثنوا عليه بفعله فَسَرَّه ذلك فليس برياء، بل له أجر على ذلك؛ لأن الأصل كان لله تعالى، والناس يَتَأَسَّونَ به في فعله.
وقد روى أبو هريرة:
" أن رجلاً قال لرسول الله ﷺ: يا رسول الله، دخل علي رجل وأنا أصل فأعجبني الحال التي رآني عليها، فقال له النبي ﷺ: " فلك أجران: أَجْرُ السَّرِ، وأَجْرُ العَلاَنِيَّة ".
وروى حبيب بن ثابت عن أبي صالح قال: " أتى النبي ﷺ، [ رجل]، فسأله
2720
عن رجل يعمل العمل من الخير يُسِرُّه، فإذا ظهر أعجبه ذلك، فقال له النبي ﷺ: " له أجران: أجرُ السّرِّ وأجرُ العلانيَّة ".
وروى حبيب: " أن ناساً من أصحاب النبي ﷺ، قالوا: يا رسول الله، إنَّا نعمل أعمالاً في السر، فنسمع الناس يذكرونها فيعجبنا أن تُذْكَرِ بِخَيْرٍ، فقال: " لكم أجر السر وأجر العلانية ".
وقد روىأنس " أن النبي ﷺ، وجد ذات ليلة شيئاً، فلما أصبح قيل: يا رسول الله إن أثر الوجع عليك لبيّن، فقال: " أما إني على ما ترون بحمد الله، قد قرأت البارحة السبع الطُّوَلُ ".
وهذا من رسول الله ﷺ، استدعاءٌ بأن يعمل الناس على مثل عمله، ويرغبوا في الخير، ويجتهدوا، ولو وقع مثل هذا لمن صح قصده ونيته، وأراد به مثل ما أراد النبي ﷺ، ولم يرد المَحْمَدَةَ والافتخار، لكان حسناً، وصاحِبُهُ مَأْجُورٌ؛ لأَنَّهُ يَفْعَلُهُ لِيَقْتَدَى بِهِ، وَيَعْمَلَ مِثْلُ عَمَلِهِ، وهذا طريق من الدعاء إلى الخير، إذا صحت النية، فهو طريق شريف غير مستنكر.
وروى حبيب: " أن ناساً من أصحاب النبي ﷺ، قالوا: يا رسول الله، إنَّا نعمل أعمالاً في السر، فنسمع الناس يذكرونها فيعجبنا أن تُذْكَرِ بِخَيْرٍ، فقال: " لكم أجر السر وأجر العلانية ".
وقد روىأنس " أن النبي ﷺ، وجد ذات ليلة شيئاً، فلما أصبح قيل: يا رسول الله إن أثر الوجع عليك لبيّن، فقال: " أما إني على ما ترون بحمد الله، قد قرأت البارحة السبع الطُّوَلُ ".
وهذا من رسول الله ﷺ، استدعاءٌ بأن يعمل الناس على مثل عمله، ويرغبوا في الخير، ويجتهدوا، ولو وقع مثل هذا لمن صح قصده ونيته، وأراد به مثل ما أراد النبي ﷺ، ولم يرد المَحْمَدَةَ والافتخار، لكان حسناً، وصاحِبُهُ مَأْجُورٌ؛ لأَنَّهُ يَفْعَلُهُ لِيَقْتَدَى بِهِ، وَيَعْمَلَ مِثْلُ عَمَلِهِ، وهذا طريق من الدعاء إلى الخير، إذا صحت النية، فهو طريق شريف غير مستنكر.
2721
فحق العامل المجتهد أن يُجْهِدَ نسه في تكذيب وساوس الشيطان، ولا يلتفت ما يوسوس إليه، وليقبل على عمله بنية خالصة لله، ويجهد نفسه في طاعة الله، تعالى، والعمل لله، سبحانه، فلا شيء أبغض إلى الشيطان من طاعة العبد لربه، ( تعالى)، ولا شيء أسر إليه من عصيان العبد لربه، سبحانه، نعوذ بالله منه.
فحسب أَهْلِ الخَيْرِ أن لا تأتي عليهم حال إلا وهم للشيطان مرغمون، ولطمعه في أنفسهم حاسمون. فإن عجزوا عن ذلك في كل الأوقات فيلفعوه في حال اشتغالهم بأعمال الطاعة حتى تخلص أعمالهم لله تعالى، وتسلم من الشيطان من أولها إلى آخرها فإن عجزوا عن ذلك فلا يعجزوا عن أن يكون ذلك منهم في أول أعمالهم، وفي آخرها، فإن عجزوا عن/ ذلك، فلا بد من إخلاصها في أولها ليكون الابتداء بالنية لله تعالى، والإخلاص له، سبحانه؛ فإنه إذا كان [ذلك] كذلك، ثم عرض في أضعاف العمل عوارض الشيطان وساوسه، رجي له ألا يضره ذلك، فإن عجز عن ذلك وغلبه الشيطان حتى ابتدأ بغير إخلاص. ثم حدث له في بعض العمل إخلاص وإنابة عما فعل رجي له، لقوله: ﴿إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً﴾ [الكهف: ٣٠].
فحسب أَهْلِ الخَيْرِ أن لا تأتي عليهم حال إلا وهم للشيطان مرغمون، ولطمعه في أنفسهم حاسمون. فإن عجزوا عن ذلك في كل الأوقات فيلفعوه في حال اشتغالهم بأعمال الطاعة حتى تخلص أعمالهم لله تعالى، وتسلم من الشيطان من أولها إلى آخرها فإن عجزوا عن ذلك فلا يعجزوا عن أن يكون ذلك منهم في أول أعمالهم، وفي آخرها، فإن عجزوا عن/ ذلك، فلا بد من إخلاصها في أولها ليكون الابتداء بالنية لله تعالى، والإخلاص له، سبحانه؛ فإنه إذا كان [ذلك] كذلك، ثم عرض في أضعاف العمل عوارض الشيطان وساوسه، رجي له ألا يضره ذلك، فإن عجز عن ذلك وغلبه الشيطان حتى ابتدأ بغير إخلاص. ثم حدث له في بعض العمل إخلاص وإنابة عما فعل رجي له، لقوله: ﴿إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً﴾ [الكهف: ٣٠].
2722
فإن ابتدأ بغير إِخْلاَصٍ وتمادى حتى فرع عن ذلك، كان ثمرة عمله سخط ربه.
والله تعالى، حسن العفو كريم. روينا في بعض الأخبار عن النبي ﷺ: " أَنَّ الرجل إذا ابتدأ العمل بنية لله، تعالى، ثم عرض له الشيطان في آخر عمله فَغَيّر نيته، أن الله سبحانه، يعفو له عما عرض له، ويكتب له عمله على ما ابتدأه به، وأَنَّ الرجل ليبتدئ بالعمل بغير نية، فتحدث له نية لله تعالى، في آخره أن الله، يعفو له عن أوله، ويكتب له عمله على ما حدث له في آخره " هذا معنى الحديث الذي رؤينا، وهو حديث مشهور بنحو هذا اللفظ وبمثله في المعنى.
فقال ابن حازم: انظر إلى العمل الي تُحِبُّ أن يأتيك الموت وأنت عليه، فخذه الساعة، وإذا قال لك الشيطان: أنت مُراءٍ فلست مرائياً، وإذا خرجت من بيتك، وأنت صادق النية، فلا يضرك ما جاء به الشيطان.
وكان رجل حَسَنُ الصَّوْتِ بالقرآن يأتي الحسن، فربما قال له الحسن: اقرأ، فقال: يا أبا سعيد، إني أقوم من الليل فيأتيني الشيطان إن رفعت صوتي، فيقول: إنما تريد الناس، فقال له الحسن: لك نيتك إذا قمت من فراشك.
فالشيطان، عليه لعنة الله، عدو الله، سبحانه، لطيف المدخل لابن آدم، كثير
والله تعالى، حسن العفو كريم. روينا في بعض الأخبار عن النبي ﷺ: " أَنَّ الرجل إذا ابتدأ العمل بنية لله، تعالى، ثم عرض له الشيطان في آخر عمله فَغَيّر نيته، أن الله سبحانه، يعفو له عما عرض له، ويكتب له عمله على ما ابتدأه به، وأَنَّ الرجل ليبتدئ بالعمل بغير نية، فتحدث له نية لله تعالى، في آخره أن الله، يعفو له عن أوله، ويكتب له عمله على ما حدث له في آخره " هذا معنى الحديث الذي رؤينا، وهو حديث مشهور بنحو هذا اللفظ وبمثله في المعنى.
فقال ابن حازم: انظر إلى العمل الي تُحِبُّ أن يأتيك الموت وأنت عليه، فخذه الساعة، وإذا قال لك الشيطان: أنت مُراءٍ فلست مرائياً، وإذا خرجت من بيتك، وأنت صادق النية، فلا يضرك ما جاء به الشيطان.
وكان رجل حَسَنُ الصَّوْتِ بالقرآن يأتي الحسن، فربما قال له الحسن: اقرأ، فقال: يا أبا سعيد، إني أقوم من الليل فيأتيني الشيطان إن رفعت صوتي، فيقول: إنما تريد الناس، فقال له الحسن: لك نيتك إذا قمت من فراشك.
فالشيطان، عليه لعنة الله، عدو الله، سبحانه، لطيف المدخل لابن آدم، كثير
2723
الرصد له بما يُوبِقُهُ. قد أَوْبَقَ كثيراً من القرون السالفة، فَنَفَذَت فيهم سهامة، وصدق عليهم ظنه، فاللَّجَأُ منه إلى الله، تعالى، والمستغاث على دفع شره الله، تبارك الله وتعالى.
وروى معقل بن يسار عن أبي بكر الصديق، (Bهـ)، أَنَّ النبي ﷺ، قال: " الشِّرْكُ فِيكُمْ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ ". قال أبو بكر: يا رسول الله، وهل الشرك إلا أن يُدعى مع الله إله آخر، فقال: " الشِّرْكُ أَخْفَى فِيكُمْ مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ " ثم قال: " يا أبا بكر، ألا أدلك على ما يذهب صغير ذلك وكبيره؟ قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِي أَعُوذَ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ أَأَنَا أَعْلَمُ وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ".
قوله: ﴿وعلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [الأنفال: ٢].
أي: يَكِلُونَ أمرهم إلى الله (سبحانه).
وروى معقل بن يسار عن أبي بكر الصديق، (Bهـ)، أَنَّ النبي ﷺ، قال: " الشِّرْكُ فِيكُمْ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ ". قال أبو بكر: يا رسول الله، وهل الشرك إلا أن يُدعى مع الله إله آخر، فقال: " الشِّرْكُ أَخْفَى فِيكُمْ مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ " ثم قال: " يا أبا بكر، ألا أدلك على ما يذهب صغير ذلك وكبيره؟ قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِي أَعُوذَ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ أَأَنَا أَعْلَمُ وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ ".
قوله: ﴿وعلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [الأنفال: ٢].
أي: يَكِلُونَ أمرهم إلى الله (سبحانه).
2724
وَِِِهَذَا بَابٌ يُذْكَرُ فِيهِ بَعْضُ مَا رُوِيَ في التَّوكُّلِ وَصِفَتِهِ وَفَصْلِهِ.
روى ابن عباس، أن النبي ﷺ قال: " مَنْ سَرَّهُ أن يكون أكرم الناس فليتق الله، ومن سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، ومن سره أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يديه ".
روى عمر رضي الله عنهـ، أنّ النبي ﷺ قال:
" لو أنك تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ، تَغْدُو خِمَاصاً، وتَرُوحُ بِطَاناً ".
وعن عمران بن حصين قال: قال رسول الله ﷺ: " من انقطع إلى الله كفاه كُلَّ مُونَتِهِ ورزقه/ من حيث لا يحتسب، ومن انقطع إلى الدنيا وَكَلَهُ الله إليهاً ".
وروى أبو سعيد الخدري أنَّ النبي ﷺ قال: " لَوْ فَرَّ أَحَدَكُمْ مِنْ رِزْقِهِ لأَدْرَكَهُ كَمَا
روى ابن عباس، أن النبي ﷺ قال: " مَنْ سَرَّهُ أن يكون أكرم الناس فليتق الله، ومن سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، ومن سره أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يديه ".
روى عمر رضي الله عنهـ، أنّ النبي ﷺ قال:
" لو أنك تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ، تَغْدُو خِمَاصاً، وتَرُوحُ بِطَاناً ".
وعن عمران بن حصين قال: قال رسول الله ﷺ: " من انقطع إلى الله كفاه كُلَّ مُونَتِهِ ورزقه/ من حيث لا يحتسب، ومن انقطع إلى الدنيا وَكَلَهُ الله إليهاً ".
وروى أبو سعيد الخدري أنَّ النبي ﷺ قال: " لَوْ فَرَّ أَحَدَكُمْ مِنْ رِزْقِهِ لأَدْرَكَهُ كَمَا
2725
يُدْرِكُهُ المَوْتُ ".
وعن أبي ذر مثله.
وقد قال الله: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ الله بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ [الطلاق: ٣]. وقال: ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ الله لَنَا﴾ [التوبة: ٥١].
وروى أبو هريرة أن النبي ﷺ: " يقول الله، جلّ ذكره: يَابْنَ آدم تَفَرَّغْ لِعَبَادَتِي أَمْلأُ صدرك غِنىً، وأَسُدَّ فقرك، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ مَلأَتْ صَدْرَكَ شُغْلاً وَلَمْ أَسُدَّ فُُقْرَكَ ".
وعن أبي [بن] كعب قال: قال رسول الله ﷺ: " مَنْ كَانَتْ نِيّتَهُ الآخِرَةَ جعل الله غناه في قلبه، وَكفَّ عنه ضَيْعَتَهُ، وأَتَتْهُ الدُّنْيا [وهي] رَاغِمَةٌ، ومن كانت نيته الدنيا شتت الله، تعالى، عليه ضَيْعَتَه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتِبَ له ".
وعن أبي ذر مثله.
وقد قال الله: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ الله بَالِغُ أَمْرِهِ﴾ [الطلاق: ٣]. وقال: ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ الله لَنَا﴾ [التوبة: ٥١].
وروى أبو هريرة أن النبي ﷺ: " يقول الله، جلّ ذكره: يَابْنَ آدم تَفَرَّغْ لِعَبَادَتِي أَمْلأُ صدرك غِنىً، وأَسُدَّ فقرك، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ مَلأَتْ صَدْرَكَ شُغْلاً وَلَمْ أَسُدَّ فُُقْرَكَ ".
وعن أبي [بن] كعب قال: قال رسول الله ﷺ: " مَنْ كَانَتْ نِيّتَهُ الآخِرَةَ جعل الله غناه في قلبه، وَكفَّ عنه ضَيْعَتَهُ، وأَتَتْهُ الدُّنْيا [وهي] رَاغِمَةٌ، ومن كانت نيته الدنيا شتت الله، تعالى، عليه ضَيْعَتَه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتِبَ له ".
2726
وعن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله ﷺ: يقول: " مَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا نِيَّتَهُ فَرْقَ اللهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وجعل فقره بين عينيه، ومن كانت نيته الآخرة جمع الله [له] أمره وجعل غناه في قلبه وأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ ".
وفي هذه الآية دلالة على زيادة الإيمان ونقصه؛ لأن قوله: ﴿زَادَتْهُمْ إيمانا﴾ [الأنفال: ٢]، يَدُلُّ على نقصٍ كان قبل الزيادة.
وعن أبي الدرداء، قال رسول الله ﷺ: " تَفَرَّغُوا مِنْ هُمُومِ الدُّنْيا ما استطعتم، فإنه من كانت الدنيا أكْبَر همَّهِ، أقضى الله عليه ضَيْعَةَ، وجعل فقره بين عَيْنَيْه، ومن كانت الآخرة أكبر همه جمع الله أمره وجعل غناه في قلبه، وما أَقْبَلَ عَبْدٌ بِقَلْبِهِ إِلَى الله تعالى إلا جعل الله قلوب المؤمنين تفد إليه بالود والرحمة، وكان الله إليه بكل
وفي هذه الآية دلالة على زيادة الإيمان ونقصه؛ لأن قوله: ﴿زَادَتْهُمْ إيمانا﴾ [الأنفال: ٢]، يَدُلُّ على نقصٍ كان قبل الزيادة.
وعن أبي الدرداء، قال رسول الله ﷺ: " تَفَرَّغُوا مِنْ هُمُومِ الدُّنْيا ما استطعتم، فإنه من كانت الدنيا أكْبَر همَّهِ، أقضى الله عليه ضَيْعَةَ، وجعل فقره بين عَيْنَيْه، ومن كانت الآخرة أكبر همه جمع الله أمره وجعل غناه في قلبه، وما أَقْبَلَ عَبْدٌ بِقَلْبِهِ إِلَى الله تعالى إلا جعل الله قلوب المؤمنين تفد إليه بالود والرحمة، وكان الله إليه بكل
2727
خَيْرٍ أَسْرَعَ ".
والتوكل على الله، تعالى عند أهل النظر والمعرفة بالأصول، هو: الثقة بالله، سبحانه، في جميع الأمور، والاستسلام له، ( تعالى)، والمعرفة بأَنَّ قضاءه ماضٍ، واتباع أمره، وليس هو أن يطرح العبد بنفسه فلا يخاف شيئاً ولا يحذر أمراً، ويلقى بنفسه في التهلكة؛ لأن الله، سبحانه، يقول لأصحاب نبيه، عليه السلام: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزاد التقوى﴾ [البقرة: ١٩٧]، فأمرهم أن يتزودوا في أسفارهم: لأنهم كانوا ربما خرجوا بلا زاد، فلي يجوز لأحدٍ أن يلقى عَدُوَّه بغير سلاح ولا عُدَّةٍ ويجعل هذا تَوَكُلاً. فقد لَبِسَ النبي ﷺ، السلاح، وقال الله، تعالى،: ﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا استطعتم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخيل﴾ [الأنفال: ٦٠]. وقد دخل النبي ﷺ، وأبو بكر الغار.
ودخل مكة وعلى رأسه المِغْفَرُ، وخرج يوم أُحد وعليه درعان. وفرّ
والتوكل على الله، تعالى عند أهل النظر والمعرفة بالأصول، هو: الثقة بالله، سبحانه، في جميع الأمور، والاستسلام له، ( تعالى)، والمعرفة بأَنَّ قضاءه ماضٍ، واتباع أمره، وليس هو أن يطرح العبد بنفسه فلا يخاف شيئاً ولا يحذر أمراً، ويلقى بنفسه في التهلكة؛ لأن الله، سبحانه، يقول لأصحاب نبيه، عليه السلام: ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزاد التقوى﴾ [البقرة: ١٩٧]، فأمرهم أن يتزودوا في أسفارهم: لأنهم كانوا ربما خرجوا بلا زاد، فلي يجوز لأحدٍ أن يلقى عَدُوَّه بغير سلاح ولا عُدَّةٍ ويجعل هذا تَوَكُلاً. فقد لَبِسَ النبي ﷺ، السلاح، وقال الله، تعالى،: ﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا استطعتم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخيل﴾ [الأنفال: ٦٠]. وقد دخل النبي ﷺ، وأبو بكر الغار.
ودخل مكة وعلى رأسه المِغْفَرُ، وخرج يوم أُحد وعليه درعان. وفرّ
2728
أصحاب النبي ﷺ، إلى أرض الحبشة، وإلى المدينة بعد ذلك خوفاً على أنفسهم، فلو كان من التوكل إلقاء العبد نفسه في التهلكة، وترك الاحتراز من المَخُوفِ، ولَقْيُ العدو بغير سلاح، ومباشرةُ السباع، لكان رسول الله ﷺ، وأصحابه أولى بذلك بل خافوا وفرُّوا، وسلحوا واحترزوا.
وقد حكى الله تعالى، عن موسى، عليه السلام، الخَوْفَ فقال: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ﴾ [القصص: ٢١]، وقال: ﴿فَأَصْبَحَ فِي المدينة خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ﴾ [القصص: ١٨]، وقال: ﴿فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً موسى * قُلْنَا لاَ تَخَفْ﴾ [طه: ٦٧ - ٦٨].
فالملقي بيده إلى التهلكة من عدو أو سبع، ولا علم عنده أن الله تعالى، لا يسلطه عليه آثم في نفسه، مُعِينٌ على قتل نفسه، مُجَرِّبٌ لقدرة ربه، جلت عظمته، مُعْجَبٌ بنفسه، دَالٌ على ربه، سبحانه، / وليس هذا من صفات الصالحين، بل أنفسهم عندهم أَنْقَصُ وَأَذَلُّ، هم وَجِلُون ألا تقبل منهم أعمالهم! فكيف يدلون بأعمالهم! قال الله تعالى: ﴿ والذين يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ المؤمنون: ٦١]، أي: يعلمون ما عملوا من الخير وهم خائفون
وقد حكى الله تعالى، عن موسى، عليه السلام، الخَوْفَ فقال: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ﴾ [القصص: ٢١]، وقال: ﴿فَأَصْبَحَ فِي المدينة خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ﴾ [القصص: ١٨]، وقال: ﴿فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً موسى * قُلْنَا لاَ تَخَفْ﴾ [طه: ٦٧ - ٦٨].
فالملقي بيده إلى التهلكة من عدو أو سبع، ولا علم عنده أن الله تعالى، لا يسلطه عليه آثم في نفسه، مُعِينٌ على قتل نفسه، مُجَرِّبٌ لقدرة ربه، جلت عظمته، مُعْجَبٌ بنفسه، دَالٌ على ربه، سبحانه، / وليس هذا من صفات الصالحين، بل أنفسهم عندهم أَنْقَصُ وَأَذَلُّ، هم وَجِلُون ألا تقبل منهم أعمالهم! فكيف يدلون بأعمالهم! قال الله تعالى: ﴿ والذين يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ المؤمنون: ٦١]، أي: يعلمون ما عملوا من الخير وهم خائفون
2729
ألاَّ يقبل منهم [عملهم]، فهذه صفات الصا لحين. ليس صفاتهم الإعجاب بأعمالهم والدلة على مالله تعالى، بأفعالهم، وقد قال عمر: رأيت رسول الله ﷺ يَظَلُّ اليوم يلتوى، ما يجد ما يملأ به بطنه. وقد روي عَمَّنْ مضى، وعن النبي ﷺ، وأصحابه من الجوع والشدة ما لا يُحْصَى.
فهذا يدفع قول من يدعي في توكله نزول الطعام الكَوْنِي، ووجود الرُّجَب في غير وقته، وشبه ذلك من المعجزات التي لا تكون إلاَّ للنبي، تدل على صدقه في ما أتى به.
فأما كرامات الله، سبحانه لأوليائه وإجابة دعائهم، فليس ينكر ذلك أحدٌ مِنْ أهْلِ السُّنَّة، وإنما ينكرون على ما أجاز حدوث المعجزات على يدي غير الأنبياء؛
فهذا يدفع قول من يدعي في توكله نزول الطعام الكَوْنِي، ووجود الرُّجَب في غير وقته، وشبه ذلك من المعجزات التي لا تكون إلاَّ للنبي، تدل على صدقه في ما أتى به.
فأما كرامات الله، سبحانه لأوليائه وإجابة دعائهم، فليس ينكر ذلك أحدٌ مِنْ أهْلِ السُّنَّة، وإنما ينكرون على ما أجاز حدوث المعجزات على يدي غير الأنبياء؛
2730
لأن في ذلك إبطال النبوة وهدم الشريعة.
وقوله: ﴿لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾.
الدَّرجات: منازل ومراتب رفيعة في الجنة بقدر أعمالهم.
قال مجاهد [الدَّرَجَات]: أعمال رفيعة.
وقال ابن مُحَيْرِيز الدَّرَجَاتُ: سبعون درجة، كل درجة خطو الفرس الجواد المُضَمَّر ستين سنة.
وقوله: ﴿لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾.
الدَّرجات: منازل ومراتب رفيعة في الجنة بقدر أعمالهم.
قال مجاهد [الدَّرَجَات]: أعمال رفيعة.
وقال ابن مُحَيْرِيز الدَّرَجَاتُ: سبعون درجة، كل درجة خطو الفرس الجواد المُضَمَّر ستين سنة.
2731
﴿وَمَغْفِرَةٌ﴾: أي: مغفرة لذنوبهم، ﴿وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾: الجنة.
قال الضحاك: أهل الجنة بعضهم فوق بعض، فيرى الذي فوق، فضله على الذي أسفل منه، ولا يرى الأسفل أنه فضل عليه أحد.
قوله: ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق﴾، الآية.
قال الكسائي: " الكاف ": نعت لمصدر: ﴿يُجَادِلُونَكَ﴾، والتقدير: يجادلونك في الحق مُجَادَلَةً ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ﴾.
وقال الأخفش: " الكاف " نعت ل: " حق "، والتقدير: هم المؤمنون حقاً
قال الضحاك: أهل الجنة بعضهم فوق بعض، فيرى الذي فوق، فضله على الذي أسفل منه، ولا يرى الأسفل أنه فضل عليه أحد.
قوله: ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق﴾، الآية.
قال الكسائي: " الكاف ": نعت لمصدر: ﴿يُجَادِلُونَكَ﴾، والتقدير: يجادلونك في الحق مُجَادَلَةً ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ﴾.
وقال الأخفش: " الكاف " نعت ل: " حق "، والتقدير: هم المؤمنون حقاً
2732
﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ﴾.
وقيل: " الكاف " في موضع رفع، والتقدير: ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق﴾ ﴿فاتقوا الله﴾، كأنه ابتداء وخبر.
وقال أبو عبيدة: هو قَسَمٌ، أي: لهم درجات ومغفرة ورزق كريم، والذي أخرجك من بيتك بالحق، ف: " الكاف " بمعنى: " الواو ".
وقال الزجاج: " الكاف " في موضع نصب، والتقدير: الأنفال ثابتة لك ثباتاً ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ﴾، والمعنى: ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق﴾ وهم كارهون، كذلك
وقيل: " الكاف " في موضع رفع، والتقدير: ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق﴾ ﴿فاتقوا الله﴾، كأنه ابتداء وخبر.
وقال أبو عبيدة: هو قَسَمٌ، أي: لهم درجات ومغفرة ورزق كريم، والذي أخرجك من بيتك بالحق، ف: " الكاف " بمعنى: " الواو ".
وقال الزجاج: " الكاف " في موضع نصب، والتقدير: الأنفال ثابتة لك ثباتاً ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ﴾، والمعنى: ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق﴾ وهم كارهون، كذلك
2733
تَنْفُلُ من رأيت.
وقال الفراء التقدير: أمض لأمرك في الغنائم، ونَفِّلْ من شئت وإن كرهوا ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق﴾.
وقيل: " الكاف " في موضع رفع، والتقدير:
﴿إِنَّمَا المؤمنون الذين إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾، إلى: ﴿لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾، هذا وعد وحق ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق﴾.
وقيل: المعنى: ﴿وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ﴾ ذلك خير لكم ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ﴾، ف: " الكاف ": نعت لخبر ابتداء محذوف هو الابتداء.
وقيل التقدير: ﴿قُلِ الأنفال للَّهِ والرسول﴾ ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ﴾.
وقال الفراء التقدير: أمض لأمرك في الغنائم، ونَفِّلْ من شئت وإن كرهوا ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق﴾.
وقيل: " الكاف " في موضع رفع، والتقدير:
﴿إِنَّمَا المؤمنون الذين إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾، إلى: ﴿لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾، هذا وعد وحق ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق﴾.
وقيل: المعنى: ﴿وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ﴾ ذلك خير لكم ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ﴾، ف: " الكاف ": نعت لخبر ابتداء محذوف هو الابتداء.
وقيل التقدير: ﴿قُلِ الأنفال للَّهِ والرسول﴾ ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ﴾.
2734
قال عكرمة في الآية: ﴿وَأَطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ ﴿كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق﴾، أي: الطاعة خَيْرٌ لَكُمْ، كما إخراجك من بيتك بالحق خيراً لك.
وقوله: ﴿وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ المؤمنين لَكَارِهُونَ﴾.
قال ابن عباس: " لما سمع رسول الله ﷺ، بأبي سفيان أنه مقبل من الشام، ندب إليه من المسلمين، وقال: هذه عِيرُ قريش فيها/ أموالهم، فاخرجوا إليها، لَعَلَّ الله أن يُنْفِلَكُمُوهَا! فانتدب الناس، فَخَفّ بعضهم وَثَقُلَ بَعضهم، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله ﷺ يلقى حرباً. فَنَزَلَتْ: ﴿وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ المؤمنين لَكَارِهُونَ﴾ ".
قال السدي ﴿لَكَارِهُونَ﴾: لطلب المشركين.
﴿للَّهِ والرسول﴾، وقف.
و ﴿مُّؤْمِنِينَ﴾، وقف.
وقوله: ﴿وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ المؤمنين لَكَارِهُونَ﴾.
قال ابن عباس: " لما سمع رسول الله ﷺ، بأبي سفيان أنه مقبل من الشام، ندب إليه من المسلمين، وقال: هذه عِيرُ قريش فيها/ أموالهم، فاخرجوا إليها، لَعَلَّ الله أن يُنْفِلَكُمُوهَا! فانتدب الناس، فَخَفّ بعضهم وَثَقُلَ بَعضهم، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله ﷺ يلقى حرباً. فَنَزَلَتْ: ﴿وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ المؤمنين لَكَارِهُونَ﴾ ".
قال السدي ﴿لَكَارِهُونَ﴾: لطلب المشركين.
﴿للَّهِ والرسول﴾، وقف.
و ﴿مُّؤْمِنِينَ﴾، وقف.
2735
ويكون تقدير الآية وتفسيرها: " أنّ النبي ﷺ، لما نظر إلى قلة المسلمين يوم بدر وإلى كثرة المشركين قال: " مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ كَذَا وَكَذَا، وإِنْ أَسِرَ أَسِيراً فَلَهُ كَذَا وَكَذَا "، ليرغبهم في القتال، فلما هزمهم الله، تعالى، وأَظْفَرَه بهم، قال إليه سعد بن عبادة، فقال له: يا رسول الله؛ إن أعطيت هؤلاء ما وعدتهم بقي خلق من المسلمين بغير شيء، فأنزل الله: ﴿قُلِ الأنفال للَّهِ والرسول﴾ "، أي: يصنع فيها ما يشاء. فأمسكوا لما سمعوا ذلك على كراهية منهم له، فَأَنْزَلَ الله، تعالى،: ﴿ كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق﴾، أي: أمض لأمر الله في الغنائم، وهم كارهون لذلك، أي: بعضهم، كما مضيت لأمر الله تعالى، في خروجك، وهم له كارهون، أي: بعضهم.
فإن جعلت التقدير: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنفال﴾ كما جادلوك يوم بدر، فقالوا: لم تخرجنا للقتال فنستعد له، إنما أخرجتنا للغنيمة، فلا يحسن الوقف على ما قبل " الكاف " على هذا.
فإن جعلت التقدير: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنفال﴾ كما جادلوك يوم بدر، فقالوا: لم تخرجنا للقتال فنستعد له، إنما أخرجتنا للغنيمة، فلا يحسن الوقف على ما قبل " الكاف " على هذا.
2736
وعلى قول أبي عبيدة أن " الكاف " في موضع:: واو القسم، يحسن الوقف على ما قبل " الكاف " كأنه قال: والذي أخرجك من بيتك بالحق، كما قال: ﴿وَمَا خَلَقَ الذكر والأنثى﴾ [الليل: ٣]، أي: والذي خلق الذكر.
وقوله: ﴿يُجَادِلُونَكَ فِي الحق﴾، الآية.
قال ابن عباس: لما شاور النبي ﷺ، في لقاء القوم، قال له سعد بن عبادة ما قال، وذلك يوم بدر، أمر الناس فتعبّوا للقتال، وأمرهم بالشوكة، فكره ذلك أهل الإيمان، فأَنْزَلَ الله، تعالى، ﴿ كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق﴾، إلى ﴿وَهُمْ يَنظُرُونَ﴾.
قال ابن إسحاق: خرجوا مع النبي ﷺ، يريدون العِيَر طمعاً بالغنيمة، فلما عرفوا أن قريشاً قد سارت إليهم، كرهوا ذلك، وكأنهم يساقون إلى الموت؛ لأنهم لم يخرجوا للقتال. فالذي عُني بهذا هم المؤمنون، فَأَنْزَلَ الله تعالى، ﴿ كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق﴾، إلى: ﴿وَهُمْ يَنظُرُونَ﴾.
وقوله: ﴿يُجَادِلُونَكَ فِي الحق﴾، الآية.
قال ابن عباس: لما شاور النبي ﷺ، في لقاء القوم، قال له سعد بن عبادة ما قال، وذلك يوم بدر، أمر الناس فتعبّوا للقتال، وأمرهم بالشوكة، فكره ذلك أهل الإيمان، فأَنْزَلَ الله، تعالى، ﴿ كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق﴾، إلى ﴿وَهُمْ يَنظُرُونَ﴾.
قال ابن إسحاق: خرجوا مع النبي ﷺ، يريدون العِيَر طمعاً بالغنيمة، فلما عرفوا أن قريشاً قد سارت إليهم، كرهوا ذلك، وكأنهم يساقون إلى الموت؛ لأنهم لم يخرجوا للقتال. فالذي عُني بهذا هم المؤمنون، فَأَنْزَلَ الله تعالى، ﴿ كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بالحق﴾، إلى: ﴿وَهُمْ يَنظُرُونَ﴾.
2737
وقال ابن زيد: عني بذلك المشركون، قال: هم المشركون جادلوا في الحق، ﴿كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الموت﴾ حين يدعون إلى الإسلام، ﴿وَهُمْ يَنظُرُونَ﴾.
قال الطبري: المراد بذلك المؤمنون. ودَلَّ عليه قوله: ﴿وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ المؤمنين لَكَارِهُونَ﴾، لما كرهوا القتال جادلوا فقالوا: لم تعلمنا أنَّا نلقى العدو فنستعد لقتالهم، إِنَّمَا خرجنا لِلْعِير. وَيَدُلُّ على ذلك قوله: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ الله إِحْدَى الطائفتين أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشوكة تَكُونُ لَكُمْ﴾، ففي هذا دليل أنّ القوم كانوا للشوكة كارهين، وأن جدالهم في القتال، [كما] قال مجاهد، كراهية منهم له.
وروي عن ابن عباس: ﴿يُجَادِلُونَكَ فِي الحق﴾، أي: في القتال، ﴿بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ﴾، أي: بعد ما أمرت به.
قال الطبري: المراد بذلك المؤمنون. ودَلَّ عليه قوله: ﴿وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ المؤمنين لَكَارِهُونَ﴾، لما كرهوا القتال جادلوا فقالوا: لم تعلمنا أنَّا نلقى العدو فنستعد لقتالهم، إِنَّمَا خرجنا لِلْعِير. وَيَدُلُّ على ذلك قوله: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ الله إِحْدَى الطائفتين أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشوكة تَكُونُ لَكُمْ﴾، ففي هذا دليل أنّ القوم كانوا للشوكة كارهين، وأن جدالهم في القتال، [كما] قال مجاهد، كراهية منهم له.
وروي عن ابن عباس: ﴿يُجَادِلُونَكَ فِي الحق﴾، أي: في القتال، ﴿بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ﴾، أي: بعد ما أمرت به.
2738
قوله: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ الله إِحْدَى الطائفتين﴾، إلى قوله: ﴿لِيُحِقَّ الحق وَيُبْطِلَ الباطل وَلَوْ كَرِهَ المجرمون﴾؟
والمعنى: واذكروا، أيها المؤمنون ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ الله إِحْدَى الطائفتين أَنَّهَا لَكُمْ﴾، والطائفتان: إحداهما فرقة أبي سفيان والعير، والطائفة الأخرى: فرقة المشركين الذين خرجوا من مكة لمنع العير.
وقوله: ﴿أَنَّهَا لَكُمْ﴾.
أي: أن ما معهم غنيمة لكم.
وقوله: ﴿وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشوكة تَكُونُ لَكُمْ﴾.
أي: تحبون أن تكون لكم العير التي لا قتال فيها ولا سلاح دون/ فرقة المشركين المقاتلة المسلحين.
وكان أصحاب النبي ﷺ، أحبوا أن يَظْفَروا بالعير، فأراد الله تعالى، غير ذلك، أراد أن يَظْفَروا بالمقاتلة، فيكون ذلك أذل لهم وأخزى وهيب في قلوب المشركين؛ لأن المسلمين لو ظَفِروا بالعير ولا مقاتلة معها ما كان في ذلك هيبة ولا ردعة عند المشركين، وإذا ظَفِروا بالمقاتبلة وأهل الحرب والبأس كان ذلك أهيب وأروع لمن بقي منهم.
والمعنى: واذكروا، أيها المؤمنون ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ الله إِحْدَى الطائفتين أَنَّهَا لَكُمْ﴾، والطائفتان: إحداهما فرقة أبي سفيان والعير، والطائفة الأخرى: فرقة المشركين الذين خرجوا من مكة لمنع العير.
وقوله: ﴿أَنَّهَا لَكُمْ﴾.
أي: أن ما معهم غنيمة لكم.
وقوله: ﴿وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشوكة تَكُونُ لَكُمْ﴾.
أي: تحبون أن تكون لكم العير التي لا قتال فيها ولا سلاح دون/ فرقة المشركين المقاتلة المسلحين.
وكان أصحاب النبي ﷺ، أحبوا أن يَظْفَروا بالعير، فأراد الله تعالى، غير ذلك، أراد أن يَظْفَروا بالمقاتلة، فيكون ذلك أذل لهم وأخزى وهيب في قلوب المشركين؛ لأن المسلمين لو ظَفِروا بالعير ولا مقاتلة معها ما كان في ذلك هيبة ولا ردعة عند المشركين، وإذا ظَفِروا بالمقاتبلة وأهل الحرب والبأس كان ذلك أهيب وأروع لمن بقي منهم.
2739
و ﴿الشوكة﴾: السلاح.
وقال أبو عبيدة: غير ذات الحد.
يقال: فلان شَائِكٌ في السلاح وشَاكٌ، من الشِّكَةِ.
وقال ابن عباس: " لما خُبِّر رسول الله ﷺ، بأبي سفيان مُقْبلاً من الشَّأْم، ندب المسلمين إليهم، فقال: هذه غير قريش، فيها أموالٌ، أخرجوا إليها لعلّ الله أن يملككموها! فانتدب الناس، فخف بعضهم، وثقل بعضهم؛ لأنهم لم يظنوا أن رسول الله ﷺ، يلقى حرباً، وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتحسس الأخبار، ويسأل من لقي من الركبان، تخوفاً على أموال النس، حتى أصاب خبراً من بعض
وقال أبو عبيدة: غير ذات الحد.
يقال: فلان شَائِكٌ في السلاح وشَاكٌ، من الشِّكَةِ.
وقال ابن عباس: " لما خُبِّر رسول الله ﷺ، بأبي سفيان مُقْبلاً من الشَّأْم، ندب المسلمين إليهم، فقال: هذه غير قريش، فيها أموالٌ، أخرجوا إليها لعلّ الله أن يملككموها! فانتدب الناس، فخف بعضهم، وثقل بعضهم؛ لأنهم لم يظنوا أن رسول الله ﷺ، يلقى حرباً، وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتحسس الأخبار، ويسأل من لقي من الركبان، تخوفاً على أموال النس، حتى أصاب خبراً من بعض
2740
الركان: " إن محمداً قد استنفر [أصحابه] لك ولِعِيرك " فَحَذِرَ عند ذلك، فاستأجر ضَمْضَم بن عمرو الغفاري، فبعثه إلى مكة وأمره أن يأتي قريشاً فيستنفرهم إلى أموالهم ويخبرهم أن محمداً قد عرض لها في أصحابه، فمضى ضَمْضَم. وخرج النبي ﷺ، في أصحابه، وأتاه الخبر عن قريش بخروجهم ليمنعوا عيرهم، فاستشار النبي ﷺ الناس، وأخبرهم عن قريش. فقام أبو بكر، فقال فأحسن. وقام عمر، فقال فأحسن. ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله، امض لما أمرك الله، فنحن معك، والله لا نقول كما قال بنو إسرائيل لموسى: ﴿فاذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فقاتلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾، ولكن اذهب (أنت) وربك فقاتلا، إِنَّا معكم مقاتلون! والذي بعثك بالحق، لو سرت بنا إلى بَرْك الغِماد، يعنى: مدينة الحبشة، لجالدنا معك مَنْ دونه! ثم قالت
2741
الأنصار بعد أن استشارها: امض يا رسول الله، لما أمرت، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخصناه معك. فمضى رسول الله ﷺ، حتى التقى بالمشركين ببدر، فسبقوا الماء، والتقوا، ونصر الله تعالى، النبي ﷺ، وأصحابه، فَقُتِلَ من المشركين سبعون، وَأُسِرَ منهم سبعون، وغنم المسلمون ما كان معهم، وسلمت العير مع أبي سفيان، وكان قد أخذ بها الساحل، أسفل من موضع القتال، وهو قوله تعالى: ﴿والركب أَسْفَلَ مِنكُمْ﴾ ".
وروى عكرمة عن أبن عباس قال: " قيل للنبي ﷺ، حين فرغ من بدر، عليك العير ليس دونها شيء، قال: فناداه العباس: لا يصلح، فقال له النبي ﷺ: " لِمَ "؟
وروى عكرمة عن أبن عباس قال: " قيل للنبي ﷺ، حين فرغ من بدر، عليك العير ليس دونها شيء، قال: فناداه العباس: لا يصلح، فقال له النبي ﷺ: " لِمَ "؟
2742
قال: لأن الله تعالى، وعد إحدى الطائفتين، وقد أعطاك ما وعدك. قال: " صَدَقْتَ ".
قوله: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فاستجاب لَكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.
قرأ عيسى بن عمر: " إنِّي مُمِدُّكُم "، أي: قال: إني ممدكم.
ومن قرأ: ﴿مُمِدُّكُمْ﴾، بفتح الدال، يجوز أن يكون نصباً على الحال من الضمير في: ﴿مُرْدِفِينَ﴾.
وقيل: هو في موضع خفض نعت ل: " ألف ".
قوله: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فاستجاب لَكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.
قرأ عيسى بن عمر: " إنِّي مُمِدُّكُم "، أي: قال: إني ممدكم.
ومن قرأ: ﴿مُمِدُّكُمْ﴾، بفتح الدال، يجوز أن يكون نصباً على الحال من الضمير في: ﴿مُرْدِفِينَ﴾.
وقيل: هو في موضع خفض نعت ل: " ألف ".
2743
ومن كسر الدال فمعناه: يُرْدِف بعضهم بعضاً، أي: يتبع بعضهم بعضاً. يقال: رَدِفْتُهُ وأَرْدَفْتُهُ: إذا تَبِعْته.
وأنكر أبو عبيد أن يكون/ المعنى: يُرْدِف بعضهم بعضاً، أي: يحمله خَلْفَهُ، ودفع قراءة الكسر على هذا التأويل.
وأنكر أبو عبيد أن يكون/ المعنى: يُرْدِف بعضهم بعضاً، أي: يحمله خَلْفَهُ، ودفع قراءة الكسر على هذا التأويل.
2744
والوجه أنهم يتبعون بعضهم بعضاً في الإتيان لا في الركوب، وقد رُوي عن ابن عباس أنه قال: وَرَاءَ كُلِّ مَلِكٍ مَلَكٌ.
فمعنى الكسر: أَنَّ الملائكة يُرْدِفُ بعضها بعضاً، أي: يتبع.
ومعنى الفتح: أن الله أَرْدَفَ بهم المؤمنون.
حكى سيبويه " مُرَدِّفينَ ": بفتح الراء، وتشديد الدال وكسرها.
وأصله: " مُرْتدِفِينَ "، ثم أدَغم " التاء " في " الدال " بعد أن ألقى حركتها
فمعنى الكسر: أَنَّ الملائكة يُرْدِفُ بعضها بعضاً، أي: يتبع.
ومعنى الفتح: أن الله أَرْدَفَ بهم المؤمنون.
حكى سيبويه " مُرَدِّفينَ ": بفتح الراء، وتشديد الدال وكسرها.
وأصله: " مُرْتدِفِينَ "، ثم أدَغم " التاء " في " الدال " بعد أن ألقى حركتها
2745
على " الراء ".
وحكى أيضاً: " مُرِدِفِّينَ " بكسر الراء، على أنه " مُرْتَدِفِينَ " أيضاً، لكن أدغم وكسر الراء لالتقاء الساكنين، ولم يلق عليها حركة " التاء ".
ومعنى الآية: ﴿لِيُحِقَّ الحق وَيُبْطِلَ الباطل﴾ [الأنفال: ٨]، ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ﴾، أي: حين ذلك، أي تستجيرون به من عدوكم، ﴿فاستجاب﴾ ربكم ﴿لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ﴾، أي: بأني ﴿مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ الملائكة﴾ يردف بعضهم بعضاً، أي: يتلوا. وَرُوِيَ عن
وحكى أيضاً: " مُرِدِفِّينَ " بكسر الراء، على أنه " مُرْتَدِفِينَ " أيضاً، لكن أدغم وكسر الراء لالتقاء الساكنين، ولم يلق عليها حركة " التاء ".
ومعنى الآية: ﴿لِيُحِقَّ الحق وَيُبْطِلَ الباطل﴾ [الأنفال: ٨]، ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ﴾، أي: حين ذلك، أي تستجيرون به من عدوكم، ﴿فاستجاب﴾ ربكم ﴿لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ﴾، أي: بأني ﴿مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ الملائكة﴾ يردف بعضهم بعضاً، أي: يتلوا. وَرُوِيَ عن
2746
عاصم: " آلفٌ "، على وزن " أَفْعُلٍ ".
قال ابن عباس: لمَّا اصطفَّ القوم، قال أبو جهل: اللهم أولانا بالحق فانصره! ورفع النبي ﷺ، يده وقال: يا رب، إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبداً.
قال السدي: فاستجاب الله، تعالى، له ونصره بالملائكة، وذلك يوم بدر.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنهـ، لما نظر النبي ﷺ، إلى المشركين وَهم ألفٌ، وأصحابه ثلاث مائة وبضعة عشر، استقبل القبلة، ثم مدَّ يدَهُ، وجعل يهتف بربه: " اللهم أنجز ما وعدتني "، فما زال يهتف حتى سقط رداؤه ﷺ، عن منكبيه، فرده أبو بكر على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، فقال: يا نبي الله كَذَلك مناشدتك
قال ابن عباس: لمَّا اصطفَّ القوم، قال أبو جهل: اللهم أولانا بالحق فانصره! ورفع النبي ﷺ، يده وقال: يا رب، إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبداً.
قال السدي: فاستجاب الله، تعالى، له ونصره بالملائكة، وذلك يوم بدر.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنهـ، لما نظر النبي ﷺ، إلى المشركين وَهم ألفٌ، وأصحابه ثلاث مائة وبضعة عشر، استقبل القبلة، ثم مدَّ يدَهُ، وجعل يهتف بربه: " اللهم أنجز ما وعدتني "، فما زال يهتف حتى سقط رداؤه ﷺ، عن منكبيه، فرده أبو بكر على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، فقال: يا نبي الله كَذَلك مناشدتك
2747
رب، فَإِنَّه سينجز لك ما وعدك!.
وقوله: ﴿وَمَا جَعَلَهُ الله﴾.
" الهاء " تعود على " الإمْدَادِ ".
وقيل: على " الإِرْدَافِ ".
وقيل: على " الأَلْفِ ".
وقيل: على قبول الدعاء.
وقوله: ﴿وَمَا جَعَلَهُ الله﴾.
" الهاء " تعود على " الإمْدَادِ ".
وقيل: على " الإِرْدَافِ ".
وقيل: على " الأَلْفِ ".
وقيل: على قبول الدعاء.
2748
والمعنى: ﴿وَمَا جَعَلَهُ الله﴾: إرداف الملائكة بعضها بعضاً. ﴿إِلاَّ بشرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ﴾، أي: ولكي تسكن إلى ذلك قلوبكم، وتوقن بنصر الله تعالى، فليس النصر إلا من عند الله، سبحانه ﴿إِنَّ الله عَزِيزٌ﴾، أي: لا يقهره شيء، ﴿حَكِيمٌ﴾ في تدبيره.
و" الهاء "، في ﴿بِهِ﴾ تحتمل ما جاز في " الهاء " في: ﴿جَعَلَهُ﴾.
ويجوز رجوعها على " البشرى "؛ لأنها تعني الاستبشار.
قوله: ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النعاس﴾، الآية.
من قرا: ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ﴾، احتج بإجماعهم على: ﴿يغشى طَآئِفَةً مِّنْكُمْ﴾ [آل عمران: ١٥٤].
و" الهاء "، في ﴿بِهِ﴾ تحتمل ما جاز في " الهاء " في: ﴿جَعَلَهُ﴾.
ويجوز رجوعها على " البشرى "؛ لأنها تعني الاستبشار.
قوله: ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النعاس﴾، الآية.
من قرا: ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ﴾، احتج بإجماعهم على: ﴿يغشى طَآئِفَةً مِّنْكُمْ﴾ [آل عمران: ١٥٤].
2749
ومن قرأ: ﴿يُغَشِّيكُمُ﴾، مشدداً فرد الفعل إلى الله، تعالى، احتج بقوله: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم﴾، وهو الله بلا اختلاف. فكون الكلام على نظام واحد أحسن.
وقوله: ﴿أَمَنَةً﴾: مفعول من أجله.
وقوله: ﴿أَمَنَةً﴾: مفعول من أجله.
2750
وقيل: هو مصدر.
وقوله ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ﴾: العامل في ﴿إِذْ﴾ قوله: ﴿إِلاَّ بشرى﴾ [الأنفال: ١٠]، ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ﴾، أي: حين يغشيكم.
ومعنى ﴿يُغَشِّيكُمُ﴾: يلقى عليكم، و ﴿أَمَنَةً﴾: أماناً من الله لكم من عدوكم أن يغلبكم، وذلك يوم أحد أنزل الله، تعالى، عليكم النعاس أمنة من الخوف الذي أصابهم يوم أُحد.
وقوله: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السمآء مَآءً﴾.
كان هذا يوم بدر، أصبح المسلمون مُجْنِبِين على غير مَاءٍ، فأنزل الله تعالى،
وقوله ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ﴾: العامل في ﴿إِذْ﴾ قوله: ﴿إِلاَّ بشرى﴾ [الأنفال: ١٠]، ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ﴾، أي: حين يغشيكم.
ومعنى ﴿يُغَشِّيكُمُ﴾: يلقى عليكم، و ﴿أَمَنَةً﴾: أماناً من الله لكم من عدوكم أن يغلبكم، وذلك يوم أحد أنزل الله، تعالى، عليكم النعاس أمنة من الخوف الذي أصابهم يوم أُحد.
وقوله: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السمآء مَآءً﴾.
كان هذا يوم بدر، أصبح المسلمون مُجْنِبِين على غير مَاءٍ، فأنزل الله تعالى،
2751
(عليهم) مطراً فاغتسلوا، وكان الشيطان قد وسوس إليهم بما حَزَنَهم به من إصباحهم مُجنبين على غير ماء؛ لأنَّ المشركين سبقوا المسلمين ببدر، إلى الماء فأصبح المسلمون عِطَاشاً مُجْنبين ومُحدثين، فوسوس إليهم الشيطان، وقال: عدوكم على الماء، وأنتم تزعمون/ أنكم مسملون، فأزال الله الأحداث والعطش والوسوسة بالمطر الذي أنزل عليهم، وسكن به الغبار، وتمهدت الأرض للوطء عليها.
قيل: كانت سَبْخَةً لا تثبت عليها الأقدام.
قيل: كانت سَبْخَةً لا تثبت عليها الأقدام.
2752
وقيل: كانت رَمْلاً.
وكانت آية عظيمة في ثبات أقدامهم في المطر على سَبِخَةٍ.
وقول من قال: كانت الأرض رَمِلَةً أَوْلَى، لقوله: ﴿وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقدام﴾.
قال قتادة: ذكر لنا أنهم مُطِروا يومئذ حتى سال الوادي ماءً، وكانوا قد التقوا على كثيب أعفر فَلَبَّده الله تعالى بالماء، وشرب المسلمون واستقوا، [و] أذهب الله تعالى، عنهم وساوس الشيطان وأحزانه.
وكان المشركون سبقوا إلى الماء وإلى الأرض الشديدة، ونزل المسلمون على غير ماء وعلى رمل، فأراهم الله، تعالى، بنزول المطر قدرته، وأثبت في قلوبهم أمارة النصر والغلبة فتقَّوت نفوسهم وتشجعوا، وذهب عنهم وسوسة الشيطان.
وقوله: ﴿وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقدام﴾.
أي: بالمطر، وذلك أنهم التقوا مع عدوهم على رَمْلة فَلَبَّدَهَا المطر حتى تثبت الأقدام عليها، وكان هذا كله ليلة اليوم الذي ألتقوا فيه في بدر.
وكانت آية عظيمة في ثبات أقدامهم في المطر على سَبِخَةٍ.
وقول من قال: كانت الأرض رَمِلَةً أَوْلَى، لقوله: ﴿وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقدام﴾.
قال قتادة: ذكر لنا أنهم مُطِروا يومئذ حتى سال الوادي ماءً، وكانوا قد التقوا على كثيب أعفر فَلَبَّده الله تعالى بالماء، وشرب المسلمون واستقوا، [و] أذهب الله تعالى، عنهم وساوس الشيطان وأحزانه.
وكان المشركون سبقوا إلى الماء وإلى الأرض الشديدة، ونزل المسلمون على غير ماء وعلى رمل، فأراهم الله، تعالى، بنزول المطر قدرته، وأثبت في قلوبهم أمارة النصر والغلبة فتقَّوت نفوسهم وتشجعوا، وذهب عنهم وسوسة الشيطان.
وقوله: ﴿وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقدام﴾.
أي: بالمطر، وذلك أنهم التقوا مع عدوهم على رَمْلة فَلَبَّدَهَا المطر حتى تثبت الأقدام عليها، وكان هذا كله ليلة اليوم الذي ألتقوا فيه في بدر.
2753
وقوله: ﴿وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشيطان﴾.
أي: وساوسه.
وقال القُتَيْبِي: كيده.
والعامل في ﴿إِذْ يُوحِي﴾، ﴿وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقدام﴾.
وقيل المعنى: واذكر ﴿إِذْ يُوحِي﴾.
وقيل: أوحى الله، تعالى، ﴿ إِلَى الملائكة أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الذين آمَنُواْ﴾، فكان المَلَكُ يظهر للرجل من أصحاب النبي ﷺ في صورة رجلفيقول: سمعت أبا سفيان وأصحابه يقولون: لئن حَمَلَ علينا هؤلاء لَنُهْزَمَنَّ! فتقوى بذلك قلوب المؤمنين.
وقوله: ﴿فاضربوا فَوْقَ الأعناق﴾.
أي: وساوسه.
وقال القُتَيْبِي: كيده.
والعامل في ﴿إِذْ يُوحِي﴾، ﴿وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقدام﴾.
وقيل المعنى: واذكر ﴿إِذْ يُوحِي﴾.
وقيل: أوحى الله، تعالى، ﴿ إِلَى الملائكة أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الذين آمَنُواْ﴾، فكان المَلَكُ يظهر للرجل من أصحاب النبي ﷺ في صورة رجلفيقول: سمعت أبا سفيان وأصحابه يقولون: لئن حَمَلَ علينا هؤلاء لَنُهْزَمَنَّ! فتقوى بذلك قلوب المؤمنين.
وقوله: ﴿فاضربوا فَوْقَ الأعناق﴾.
2754
أي: اضربوا الأعناق.
وقال الأخفِ: ﴿فَوْقَ﴾ زائدة.
وقيل المعنى: اضربوا الرؤوس؛ لأنها فوق الأعناق.
وقال أبو عبيدة: ﴿فَوْقَ﴾ بمعنى: " على "، والمعنى " فاضربوا على الأعناق.
وقال الأخفِ: ﴿فَوْقَ﴾ زائدة.
وقيل المعنى: اضربوا الرؤوس؛ لأنها فوق الأعناق.
وقال أبو عبيدة: ﴿فَوْقَ﴾ بمعنى: " على "، والمعنى " فاضربوا على الأعناق.
2755
يقال: ضَرَبْتُهُ على رَأْسِهِ فَوْقَ رَأْسِهِ بِمعنى.
وقوله: ﴿واضربوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾.
أي: اضربوا الأطراف من الأيدي والأرجل.
و" البَنَانُ ": [أطراف] أصابع اليدين والرجلين.
وقال عطية، والضحاك: " البَنَانُ ": كل مَفْصلٍ.
وقوله: ﴿واضربوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾.
أي: اضربوا الأطراف من الأيدي والأرجل.
و" البَنَانُ ": [أطراف] أصابع اليدين والرجلين.
وقال عطية، والضحاك: " البَنَانُ ": كل مَفْصلٍ.
2756
وواحد " البَنَانِ " " بَنَانَةٌ "، وهي: الأصابع وغيرها من الأعضاء، وهذا قول الزجاج.
وقوله: ﴿فَثَبِّتُواْ الذين آمَنُواْ﴾.
هذا أمر من الله، تعالى للملائكة.
وقيل: إِنَّ الملَكَ كان يأتي أصحاب النبي ﷺ، فيقول: سمعت هؤلاء القوم يعني المشركين، يقولون: والله لئن حملوا علينا لننكشفن! فيتحدث بذلك المسلمون، وتقوى نفوسهم.
وقيل معنى ثَبِتُّوهم أي: بالمدد.
قوله: ﴿ذلك بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ الله وَرَسُولَهُ﴾، إلى قوله: ﴿سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.
والمعنى: هذا الفعل الذي فُعل بهم من ضرب الأعناق وغير ذلك، ﴿ذلك بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ الله وَرَسُولَهُ﴾، أي: خالفوه، كأنهم صاروا فِي شِقٍّ آخر بمخالفتهم له.
وقوله: ﴿فَثَبِّتُواْ الذين آمَنُواْ﴾.
هذا أمر من الله، تعالى للملائكة.
وقيل: إِنَّ الملَكَ كان يأتي أصحاب النبي ﷺ، فيقول: سمعت هؤلاء القوم يعني المشركين، يقولون: والله لئن حملوا علينا لننكشفن! فيتحدث بذلك المسلمون، وتقوى نفوسهم.
وقيل معنى ثَبِتُّوهم أي: بالمدد.
قوله: ﴿ذلك بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ الله وَرَسُولَهُ﴾، إلى قوله: ﴿سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.
والمعنى: هذا الفعل الذي فُعل بهم من ضرب الأعناق وغير ذلك، ﴿ذلك بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ الله وَرَسُولَهُ﴾، أي: خالفوه، كأنهم صاروا فِي شِقٍّ آخر بمخالفتهم له.
2757
﴿وَمَن يُشَاقِقِ الله وَرَسُولَهُ﴾.
أي: يخالفه.
أَجْمَعَ القراء على الإظهار، إذ هو في الخَطِّ بقافين.
والإظهَارُ لغة أهل الحجاز، وغيرهم يُدْغِمُ، وعليه أُجْمِعَ في: " الحشر ".
ويحسن " الرَّوْمُ "، في الوقف في: " الحشر " /؛ لأن الساكن الذي حرك من أجله الثاني لازم في الوقت، وهو " القاف " الأولى المُدْغَمة في الثانية، ولا يحسن " الرّوْمُ " في الوقوف [في الأفعال؛ لأن الساكن الذي حرك من أجله " القاف " الثانية غير لازم
أي: يخالفه.
أَجْمَعَ القراء على الإظهار، إذ هو في الخَطِّ بقافين.
والإظهَارُ لغة أهل الحجاز، وغيرهم يُدْغِمُ، وعليه أُجْمِعَ في: " الحشر ".
ويحسن " الرَّوْمُ "، في الوقف في: " الحشر " /؛ لأن الساكن الذي حرك من أجله الثاني لازم في الوقت، وهو " القاف " الأولى المُدْغَمة في الثانية، ولا يحسن " الرّوْمُ " في الوقوف [في الأفعال؛ لأن الساكن الذي حرك من أجله " القاف " الثانية غير لازم
2758
في الوقت] وهو " اللام " في اسم الله، جل ذكره، فقس عليه ما كان مثله.
وقوله: ﴿ذلكم فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ﴾.
﴿وَأَنَّ﴾: في موضع رفع عطف على: ﴿ذلك﴾.
وقيل المعنى: وذلك وأن للكافرين، و ﴿ذلكم﴾: في موضع رفع على معنى: الأمر ذلكم، أو: ذلك الأمر.
وقيل: ﴿وَأَنَّ﴾ في موضع نصب على معنى: واعلموا أن للكافرين، كما قال.
وقوله: ﴿ذلكم فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ﴾.
﴿وَأَنَّ﴾: في موضع رفع عطف على: ﴿ذلك﴾.
وقيل المعنى: وذلك وأن للكافرين، و ﴿ذلكم﴾: في موضع رفع على معنى: الأمر ذلكم، أو: ذلك الأمر.
وقيل: ﴿وَأَنَّ﴾ في موضع نصب على معنى: واعلموا أن للكافرين، كما قال.
يَالَيْتَ زَوْجَكَ قَدْ غَدَا | مُتَقَلِّداً سَيْفاً وَرُمْحاً |
بِأَيْدِي رِجَالٍ لَمْ يَشْيمُوا سُُيُوفَهُمْ | وَلَمْ تَكْثُرِ الْقَتْلَى بِهَا حِينَ سُلَّتِ |