تفسير سورة سورة الروم من كتاب تفسير القرآن العزيز
                             المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين
                        .
                            
                    لمؤلفه 
                                            ابن أبي زَمَنِين
                                                            .
                                             المتوفي سنة 399 هـ
                                    
                        
                                                                                         وهي مكية كلها. 
                                                                ﰡ
                                                                                        
                    
                                                                                    قَوْله: ﴿الم﴾ قد مضى القَوْل فِيهِ
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿غلبت الرّوم﴾ غلبتهم فَارس
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فِي أدنى الأَرْض﴾ أَرْضِ الرُّومِ بِأَذْرُعَاتٍ مِنَ الشَّامِ؛ بِهَا كَانَتِ الْوَقْعَةُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ مُشْرِكِي الْعَرَبِ شَمِتُوا، وَكَانَ يُعْجِبُهُمْ أَنْ يَظْهَرَ الْمَجُوسُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُعْجِبُهُمْ أَنْ يَظْهَرَ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ؛ لِأَن الرّوم أهل كتاب، قَالَ اللَّهُ: ﴿وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غلبهم سيغلبون﴾ فَارس
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ من قبل وَمن بعد﴾ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُهْزَمَ الرُّومُ، وَمِنْ بَعْدِ مَا هُزِمَتْ 
﴿وَيَوْمَئِذٍ﴾ يَوْمَ يَغْلِبُ الرُّومُ فَارِسَ 
﴿يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: 
﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِلْمُشْرِكِينَ: لِمَ تَشْمَتُونَ؟ فَوَاللَّهِ لَتَظْهَرَنَّ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ إِلَى ثَلَاثِ سِنِينَ. وَقَالَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ: أَنَا أُبَايِعُكَ أَلَّا تَظْهَرَ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ إِلَى ثَلَاثِ سِنِينَ. فَتَبَايَعَا عَلَى خَطَرٍ بِسَبْعٍ مِنَ الْإِبِلِ. ثُمَّ رَجَعَ أَبُو بُكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَام: اذْهَبْ فَبَايِعْهُ
                                                                            
354
                                                                     
                                                                                                                إِلَى سَبْعِ سِنِينَ، مِدَّ فِي الْأَجَلِ وَزِدْ فِي الْخَطَرِ [وَلَمْ يَكُنْ حَرَامٌ ذَلِكَ يَوْمَئِذٍ، وِإِنَّمَا حُرِّمَ الْقُمَارُ وَهُوَ الْمَيْسِرُ بَعْدَ] غَزْوَةِ الْأَحْزَابِ، فَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ إِلَيْهِم (ل ٢٦٢) قَالَ: اجْعَلُوا (الْوَعْدَ) إِلَى سَبْعِ سِنِينَ وَأَزِيدَكُمْ فِي الْخَطَرِ. فَفَعَلُوا فَزَادُوا فِيهِ ثَلَاثًا فَصَارَتْ عَشْرًا مِنَ الْإِبِلِ، وَصَارَتِ السُّنُونَ سَبْعًا؛ فَلَمَّا جَاءَتَ سَبْعُ سِنِينَ ظَهَرَتِ الرُّومُ عَلَى فَارِسٍ، وَكَانَ اللَّهُ وَعَدَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا غَلَبَتِ الرُّومُ فَارِسَ أَظْهَرَهُمْ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، فَظَهَرَتِ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ، وَالْمُؤْمِنُونَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يَوْمَ بَدْرٍ، وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ، وَبِأَنَّ اللَّهَ صَدَقَ قَوْلَهُ وَصَدَقَ رَسُولَهُ.
قَالَ مُحَمَّد: (وعد الله) مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ؛ الْمَعْنَى: وَعَدَ اللَّهُ وَعْدًا. 
﴿وَلَكِنَّ أَكثر النَّاس﴾ يَعْنِي: الْمُشْركين
                                                                            
355
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ بنصر الله ينصر من يشاء. . .  ﴾ إلى قوله :﴿ لا يعلمون( ٦ ) ﴾ فقال أبو بكر للمشركين : لم تشمتون ؟ فوالله لتظهرن الروم على فارس إلى ثلاث سنين.  وقال أبيّ بن خلف : أنا أبايعك ألا تظهر الروم على فارس إلى ثلاث سنين فتبايعا على خطر بسبع من الإبل.  ثم رجع أبو بكر إلى رسول الله فأخبره،  فقال رسول الله عليه السلام : اذهب فبايعه إلى سبع سنين،  مدّ في الأجل وزد في الخطر [ ولم يكن حرام ذلك يومئذ،  وإنما حرم القمار -وهو الميسر- بعد ] غزوة الأحزاب،  فرجع أبو بكر إليهم قال : اجعلوا ( الوعد ) إلى سبع سنين وأزيدكم في الخطر.  ففعلوا فزادوا فيه ثلاثا فصارت عشرا من الإبل،  وصارت السنون سبعا ؛ فلما جاءت سبع سنين ظهرت الروم على فارس،  وكان الله وعد المؤمنين إذا غلبت الروم فارس أظهرهم على المشركين،  فظهرت الروم على فارس،  والمؤمنون على المشركين في يوم واحد يوم بدر،  وفرح المسلمون بذلك ؛ وبأن الله صدق قوله وصدق رسوله. 
قال محمد :( وعد الله ) منصوب على أنه مصدر مؤكد ؛ المعنى : وعد الله وعدا. 
﴿ ولكن أكثر الناس ﴾ يعني : المشركين ﴿ لا يعلمون ﴾. 
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿لَا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ قَالَ الْحَسَنُ: يَقُولُ: يَعْلَمُونَ حِينَ زَرْعِهِمْ، وَحِينَ حَصَادِهِمْ، وَحِينَ نِتَاجِهِمْ ﴿وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾ لَا يقرونَ بهَا.
سُورَة الرّوم من (آيَة ٨ آيَة ١٠).
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أَو لم يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ الله السَّمَاوَات وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ﴾ أَيْ: لَوْ تَفَكَّرُوا فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَعَلِمُوا أَنَّ الَّذِي خَلَقَهُمَا يَبْعَثُ الْخَلْقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿وَإِن كثيرا من النَّاس﴾ يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ ﴿بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ﴾.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَكَانُوا أَشد مِنْهُم قُوَّة﴾ أَي: بطشا ﴿وأثاروا الأَرْض﴾ أَيْ: حَرَثُوهَا ﴿وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عمروها﴾ أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرَ هَؤُلَاءِ ﴿فَمَا كَانَ الله ليظلمهم﴾ يَعْنِي: كُفَّارَ الْأَمَمِ الْخَالِيَةِ فَيُعَذِّبَهُمْ عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ ﴿وَلَكِنْ كَانُوا أنفسهم يظْلمُونَ﴾ بِكُفْرِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ؛ أَيْ: قَدْ [سَارُوا] فِي الْأَرْضِ وَرَأَوا آثَارَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُخَوِّفُهُمْ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ مَا نَزَلَ بِهِمْ إِنْ لم يُؤمنُوا.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا﴾ أشركوا 
﴿السوأى﴾ يَعْنِي: جَهَنَّمَ 
﴿أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ الله﴾ يَعْنِي: بِأَنْ كَذَّبُوا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: من قَرَأَ: (عَاقِبَة) بِالرَّفْع جعل (السوأى) خَبَرًا لِكَانَ، وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ الْفُعْلَى مِنَ السُّوْءِ قَالَ الشَّاعِرُ:
                                                                            
356
                                                                     
                                                                                                                (... أَمْ كَيْفَ يَجْزُونَنِي السُّوأَى مِنَ الْحسن)
سُورَة الرّوم من (آيَة ١١ آيَة ١٥).
                                                                            
357
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    قَوْله: ﴿وَالله يبدؤ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ﴾ يَعْنِي: الْبَعْثَ ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ يَوْم الْقِيَامَة
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ﴾ أَيْ: يَيْأَسُ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْجَنَّةِ
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ﴾ يَعْنِي: أوثانهم ﴿شُفَعَاء﴾
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ﴾: فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ، وَفَرِيقٌ فِي السعير.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فهم فِي رَوْضَة يحبرون﴾ يكرمون.
سُورَة الرّوم من (آيَة ١٦ آيَة ١٩).
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فسبحان الله حِين تمسون﴾ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كُلُّهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ؛ فِي تَفْسِيرِ الْحَسَنِ.
                                                                            
357
                                                                     
                                                                                                                ﴿فسبحان الله حِين تمسون﴾ الْمغرب وَالْعشَاء 
﴿وَحين تُصبحُونَ﴾ صَلَاة الْفجْر 
﴿وعشيا﴾ صَلَاة الْعَصْر
                                                                            
358
                                                                     
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَحين تظْهرُونَ﴾ صَلَاةَ الظُّهْرِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: تَقُولُ: أَظْهَرْنَا؛ أَيْ: دَخَلْنَا فِي الظَّهِيرَةِ؛ وَهُوَ وَقْتُ الزَّوَالِ.
قَالَ يَحْيَى: " نزلت هَذِه الْآيَة بعد مَا أسرِي بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام وَفُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَكُلُّ صَلَاةٍ ذُكِرَتْ فِي الْمَكِّيِّ مِنَ الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تُفْتَرَضَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فَهِي رَكْعَتَانِ غُدْوَةً، وَرَكْعَتَانِ عَشِيَّة ".
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّت من الْحَيّ﴾ تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: يُخْرِجُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ، وَيُخْرِجُ الْكَافِرَ مِنَ الْمُؤْمِنِ ﴿ويحيي الأَرْض بعد مَوتهَا﴾ يُحْيِيهَا بِالنَّبَاتِ بَعْدَ إِذْ كَانَتْ يَابِسَةً. ﴿وَكَذَلِكَ تخرجُونَ﴾ يَعْنِي: الْبَعْثَ؛ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا مَنِيًا كَمَنِيِّ الرِّجَالِ، فَتَنْبُتُ بِهِ جُسْمَانُهُمْ وَلُحْمَانُهُمْ؛ كَمَا تَنْبُتُ الْأَرْضُ الثرى.
سُورَة الرّوم من (آيَة ٢٠ آيَة ٢٤).
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمن آيَاته﴾ تَفْسِيرُ السُّدِّيُّ: يَعْنِي: وَمِنْ عَلَامَاتِ الرَّبِّ أَنَّهُ وَاحِدٌ ﴿أَنْ خَلَقَكُمْ من تُرَاب﴾ يَعْنِي: الْخَلْقَ الْأَوَّلَ: خَلْقَ آدَمَ ﴿ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ﴾ تنبسطون
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ من أَنفسكُم أَزْوَاجًا﴾ يَعْنِي: الْمَرْأَةَ هِيَ مِنَ الرَّجُلِ ﴿لتسكنوا إِلَيْهَا﴾ أَيْ: تَسْتَأْنِسُوا بِهَا ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّة﴾ محبَّة ﴿وَرَحْمَة﴾ يَعْنِي: الْوَلَد.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَاخْتِلَاف أَلْسِنَتكُم وألوانكم﴾ تَفْسِيرُ الْكَلْبِيِّ: اخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ لِلْعَرَبِ كَلَامٌ، وَلِفَارِسَ كَلَامٌ، وَلِلرُّومِ كَلَامٌ (سَائِرهمْ من النَّاس) كَلَام ﴿وألوانكم﴾ أَبيض وأحمر وأسود.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وابتغاؤكم من فَضله﴾ (٢٦٣) كَقَوْلِهِ: ﴿وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا من فَضله﴾ مِنْ رِزْقِهِ بِالنَّهَارِ ﴿إِنَّ فِي ذَلِك لآيَات لقوم يسمعُونَ﴾ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ سَمِعُوا عَنِ اللَّهِ مَا أنزل عَلَيْهِم
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿يريكم الْبَرْق خوفًا وَطَمَعًا﴾ خَوْفًا لِلْمُسَافِرِ يَخَافُ أَذَاهُ وَمَعَرَّتَهُ، وَطَمَعًا لِلْمُقِيمِ فِي الْمَطَرِ ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ عَقِلُوا عَنِ اللَّهِ مَا أنزل عَلَيْهِم.
سُورَة الرّوم من (آيَة ٢٥ آيَة ٢٧).
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْض بأَمْره﴾ كَقَوْلِه: ﴿إِن الله يمسك السَّمَاوَات وَالْأَرْض أَن تَزُولَا﴾. ﴿ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْض إِذا أَنْتُم تخرجُونَ﴾ يَعْنِي: النَّفْخَةَ الْآخِرَةَ، وَفِيهَا تَقْدِيمٌ: إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً إِذَا أَنْتُمْ من الأَرْض تخرجُونَ
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿كل لَهُ قانتون﴾ تَفْسِيرُ الْكَلْبِيِّ: كُلٌّ لَهُ مُطِيعُونَ فِي الْآخِرَةِ؛ فَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ من الْكفَّار.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَهُوَ الَّذِي يبدؤ الْخلق ثمَّ يُعِيدهُ﴾ بعد الْمَوْت؛ يَعْنِي: الْبَعْث. 
﴿وَهُوَ أَهْون عَلَيْهِ﴾ أَيْ: وَهُوَ أَسْرَعُ عَلَيْهِ بَدْءُ الْخَلْقِ خَلْقًا بَعْدَ خَلْقٍ، ثُمَّ يَبْعَثُهُمْ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْمَعْنَى: وَهُوَ هَيِّنٌ عَلَيْهِ؛ كَمَا قَالُوا: اللَّهُ أَكْبَرُ بِمَعْنَى الْكَبِيرِ، وَكَمَا قَالُوا: أَجْهَلُ؛ بِمَعْنَى: جَاهِلٍ، وَأَنْشَدَ:
| (وَقَدْ أَعْتِبُ ابْنَ الْعَمِّ إِنْ كَانَ ظَالِمًا | وَأَغْفِرُ عَنْهُ الْجَهْلَ إِنْ كَانَ أجهلا) | 
سُورَة الرّوم من (آيَة ٢٨ آيَة ٢٩).
                                                                            
360
                                                                     
                                                                                                                قَوْلُهُ: 
﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ أَيْ: لَيْسَ لَهُ نِدٌّ وَلَا شبه
                                                                            
361
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلا مِنْ أَنْفُسِكُمْ﴾ ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ الْمَثَلَ فَقَالَ: ﴿هَل لكم﴾ يَعْنِي: ألكم؟ ﴿مِمَّا ملكت أَيْمَانكُم﴾ يَعْنِي: عبيدكم ﴿من شُرَكَاء فِيمَا رزقناكم فَأنْتم فِيهِ سَوَاء﴾ أَيْ: هَلْ يُشَارِكُ أَحَدُكُمْ مَمْلُوكَهُ فِي زَوجته وَمَاله؟ ﴿تخافونهم﴾ تخافون لائمتهم ﴿كخيفتكم أَنفسكُم﴾ يَعْنِي: كَخِيفَةِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا؛ أَيْ: أَنه لَيْسَ أحد مِنْكُم هَذَا؛ فَأَنَا أَحَقُّ أَلَّا يُشْرَكَ بِعِبَادَتِي غَيْرِي ﴿كَذَلِك نفصل الْآيَات﴾ نبينها
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْر علم﴾ أَتَاهُمْ مِنَ اللَّهِ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ ﴿فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ﴾ أَي: لَا أحد يهديه.
سُورَة الرّوم من (آيَة ٣٠ آيَة ٣٢).
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فأقم وَجهك﴾ اي: وجهتك 
﴿للدّين حَنِيفا﴾ أَي: مخلصا. 
﴿فطرت الله الَّتِي فطر﴾ خلق 
﴿النَّاس عَلَيْهَا﴾.
قَالَ مُحَمَّد: (فطرت الله) نَصْبٌ بِمَعْنَى: اتَّبِعْ فِطْرَةَ اللَّهِ.
                                                                            
361
                                                                     
                                                                                                                قَالَ يَحْيَى: وَهْوَ قَوْلُهُ: 
﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ من ظُهُورهمْ ذرياتهم﴾ الْآيَةُ. إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ؛ فَقَالَ: اكْتُبْ. قَالَ: رَبِّ مَا أَكْتُبُ! قَالَ: مَا هُوَ كَائِنٌ. قَالَ: فَجَرَى الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ فَأَعْمَالُ الْعِبَادِ تُعْرَضُ كُلَّ يَوْم اثْنَيْنِ وَخمسين عَرْضَةً (فَيَجِدُونَهَا) عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ. ثُمَّ مَسَحَ بَعَدَ ذَلِكَ عَلَى ظَهْرِ آدَمَ فَأَخْرَجَ (مِنْهَا) كُلَّ نَسْمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا، فَأَخْرَجَهُمْ مِثْلَ الذَّرِّ. فَقَالَ: 
﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بلَى شَهِدنَا﴾ ثُمَّ أَعَادَهُمْ فِي صُلْبِ آدَمَ، ثُمَّ يَكْتُبُ الْعَبْدَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ: شَقِيًّا أَوْ سَعِيدًا، عَلَى الْكِتَابِ الْأَوَّلِ، فَمَنْ كَانَ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ شَقِيًّا عُمِّرَ حَتَّى يَجْرِيَ عَلَيْهُ الْقَلَمُ فَيَنْقُضُ الْمِيثَاقَ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِ فِي صُلْبِ آدَمَ بِالشِّرْكِ، وَمَنْ كَانَ فِي الْكتاب الأول سعيدا غمر حَتَّى يَجْرِيَ عَلَيْهِ الْقَلَمُ [فَيُؤْمِنَ] فَيَصِيرُ سَعِيدًا، وَمَنْ مَاتَ صَغِيرًا مِنْ أَوْلَادِ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَ أَنْ يجْرِي عَلَيْهِ الْقَلَم؛ فيكونون من آبَائِهِمْ فِي [الْجَنَّةِ مِنْ مُلُوكِ] أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ الْقَلَمُ، فَلَيْسَ يَكُونُونُ مَعَ آبَائِهِمْ فِي النَّارِ؛ لِأَنَّهُمْ مَاتُوا عَلَى الْمِيثَاقِ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِمْ فِي صُلْبِ آدَمَ، وَلَمْ يَنْقُضُوا الْمِيَثَاقَ.
قَالَ يَحْيَى: وَقَدْ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ صُبَيْحٍ، عَنْ يَزِيدَ
                                                                            
362
                                                                    الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: " سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ: لَمْ تَكُنْ لَهُمْ حَسَنَاتٌ؛ فَيُجْزَوا بِهَا فَيَكُونُوا مِنْ مُلُوكِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ سَيِّئَاتٌ؛ فَيُعَاقَبُوا بِهَا فَيَكُونُوا مِنْ أَهْلِ النَّارِ؛ فَهُمْ خَدَمٌ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ ".
                                                                            
363
                                                                    يَحْيَى: (عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ) عَنِ الزُّهْرِيِّ [عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْركين، فَقَالَ: الله أعلم (ل ٢٦٤) بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ ".
قَالَ يَحْيَى: يَعْنِي: لَوْ بُلِّغُوا.
قَوْلُهُ: 
﴿لَا تَبْدِيل لخلق الله﴾ يَعْنِي: لِدِينِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ 
﴿مَنْ يهد الله فَهُوَ الْمُهْتَدي﴾ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُضِلَّهُ 
﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ وهم الْمُشْركُونَ.
                                                                            
364
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿منيبين إِلَيْهِ﴾: أَيْ مُقْبِلِينَ بِالْإِخْلَاصِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: قَالَ الزّجاج: (منيبين إِلَيْهِ) نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ بِفِعْلِ (فَأَقِمْ وَجهك) قَالَ: وَزَعَمْ جَمِيعُ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ مَعْنَى هَذَا: فَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ؛ لِأَنَّ
                                                                            
364
                                                                     
                                                                                                                مُخَاطبَة النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام تَدْخُلُ فِيهَا الْأُمَّةُ. {وَلا تَكُونُوا من الْمُشْركين
                                                                            
365
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شيعًا فِرَقًا؛ يَعْنِي: أَهْلَ الْكِتَابِ ﴿كُلُّ حزب﴾ كل قوم ﴿بِمَا لديهم﴾ أَيْ: بِمَا هُمْ عَلَيْهِ ﴿فَرِحُونَ﴾ أَي: راضون.
سُورَة الرّوم من (آيَة ٣٣ آيَة ٣٨).
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبهم منيبين إِلَيْهِ﴾ أَيْ: مُخْلِصِينَ فِي الدُّعَاءِ ﴿ثُمَّ إِذا أذاقهم مِنْهُ رَحْمَة﴾ يَعْنِي: كَشَفَ عَنْهُمْ ذَلِكَ ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُم﴾ أَيْ: يَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ مِنَ النعم حَيْثُ أشركوا ﴿فتمتعوا﴾ إِلَى موتكم ﴿فَسَوف تعلمُونَ﴾ وَهَذَا وَعِيد
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ ليكفروا بما آتيناهم ﴾ أي : يكفروا بما آتيناهم من النعم حيث أشركوا ﴿ فتمتعوا ﴾ إلى موتكم ﴿ فسوف تعلمون( ٣٤ ) ﴾ وهذا وعيد. 
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿أم أنزلنَا عَلَيْهِم سُلْطَانا﴾ أَي: حجَّة ﴿فَهُوَ يتَكَلَّم﴾ أَيْ: فَذَلِكَ السُّلْطَانُ يَتَكَلَّمُ ﴿بِمَا كَانُوا بِهِ يشركُونَ﴾ أَيْ: لَمْ تَنْزِلْ عَلَيْهِمْ حُجَّةٌ بذلك تَأْمُرهُمْ أَن يشركوا
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَإِذا أذقنا النَّاس رَحْمَة﴾ يَعْنِي: عَافِيَةً وَسَعَةً 
﴿فَرِحُوا بِهَا وَإِن تصبهم سَيِّئَة﴾ يَعْنِي: شدَّة عُقُوبَة 
﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يقنطون﴾ يَيْأَسُونَ مِنْ أَنْ يُصِيبَهُمْ رَخَاءٌ بَعْدَ
                                                                            
365
                                                                     
                                                                                                                تِلْكَ الشِّدَّةِ؛ يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ 
﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيل﴾.
قَالَ الْحَسَنُ: بَعْضُ هَذِهِ الْآيَةِ تَطَوُّعٌ، وَبَعْضُهَا مَفْرِوضٌ؛ فَأَمَّا قَوْلُهُ:
                                                                            
366
                                                                     
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فَآت ذَا الْقُرْبَى حَقه﴾ فَهْوَ تَطَوُّعٌ، وَهُوَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ صِلَةِ الْقَرَابَةِ، وَأَمَا قَوْلُهُ: ﴿وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ﴾ فَيَعْنِي: الزَّكَاةَ.
قَالَ يَحْيَى: حَدَّثُونَا أَنَّ الزَّكَاةَ فُرِضَتْ بِمَكَّةَ، وَلَكِنْ لم تكن شَيْئا مَعْلُوما.
سُورَة الرّوم من (آيَة ٣٩ آيَة ٤٠).
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِتُرْبُوَا فِي أَمْوَال النَّاس فَلَا يربوا عِنْدَ اللَّهِ﴾ تَفْسِيرُ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ: قَالَ: تِلْكَ الْهَدِيَّةُ تُهْدِيهَا لَيُهَدَى إِلَيْكَ خَيْرٌ مِنْهَا لَيْسَ لَكَ فِيهَا أَجْرٌ، وَلَيْسَ عَلَيْكَ فِيمَا وزر، وَبَعْضهمْ يقْرؤهَا: 
﴿ليربوا﴾ أَيْ: لِيَرْبُوَ ذَلِكَ الرِّبَا 
﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ الله﴾ يَعْنِي: تُرِيدُونَ بِهِ اللَّهَ 
﴿فَأُولَئِكَ هم المضعفون﴾ يَعْنِي: الَّذِينَ يُضَاعِفُ اللَّهُ لَهُمُ الْحَسَنَاتِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: يُقَالُ: رَجُلٌ مُضْعِفٌ؛ أَيْ: ذُو أَضْعَافٍ مِنَ الْحَسَنَاتِ؛ كَمَا يُقَالُ: رَجُلٌ مُوسِرٌ؛ أَي: ذُو يسَار.
                                                                            
366
                                                                     
                                                                                                                سُورَة الرّوم من (آيَة ٤١ آيَة ٤٢).
                                                                            
367
                                                                     
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ تَفْسِيرُ بَعْضِهِمْ: الْفَسَادُ: الْهَلَاكُ، يَعْنِي: مِنْ أُهْلِكَ مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ بِتَكْذِيبِهِمْ رُسُلَهُمْ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ فِي بَرِّ الْأَرْضِ وَبَحْرِهَا ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ لَعَلَّ مَنْ بَعْدَهُمْ أَنْ يَرْجِعَوا عَنْ شِرْكِهِمْ إِلَى الْإِيمَانِ وَيَتَّعِظُوا بهم
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فَانْظُر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قبل﴾ كَانَ عاقبتهم أَن دمر الله عَلَيْهِم ثمَّ صيرهم إِلَى النَّار.
سُورَة الرّوم من (آيَة ٤٣ آيَة ٤٧).
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فأقم وَجهك﴾ أَي: وجهتك ﴿للدّين الْقيم﴾ الْإِسْلَامِ ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ الله﴾ يَعْنِي: يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴿يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ﴾ يَتَصَدَّعُونَ؛ أَيْ: يَتَفَرَّقُونَ: فَرِيقٌ فِي الْجنَّة وفريق فِي السعير
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿من كفر فَعَلَيهِ كفره﴾ يُثَابُ عَلَيْهِ النَّارَ ﴿وَمَنْ عَمِلَ صَالحا فلأنفسهم يمهدون﴾ يَعْنِي: يُوَطِّئُونَ فِي الدُّنْيَا الْقَرَارَ فِي الْآخِرَة
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ من فَضله﴾ أَي:
                                                                            
367
                                                                     
                                                                                                                بفضله يدخلهم الْجنَّة.
                                                                            
368
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَات﴾ بالمطر ﴿وليذيقكم من رَحمته﴾ يَعْنِي: الْمَطَر ﴿ولتجري الْفلك﴾ يَعْنِي: السُّفُنَ ﴿بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضله﴾ يَعْنِي: طَلَبَ التِّجَارَةِ فِي الْبَحْرِ.
سُورَة الرّوم من (آيَة ٤٨ آيَة ٥٠).
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿ويجعله كسفا﴾ أَي: قطعا ﴿فترى الودق﴾ الْمَطَر ﴿يخرج من خلاله﴾ من خلال السَّحَاب.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ ينزل عَلَيْهِم﴾ الْمَطَر ﴿من قبله لمبلسين﴾ أَيْ: يَائِسِينَ عَاجِزِينَ.
قَوْلُهُ: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قبله﴾ (ل ٢٦٥) هُوَ كَلَامٌ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ مَثْنَى مِثْلَ قَوْلِهِ: ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾.
قَالَ مُحَمَّدٌ: تَكْرِيرُ (قبل) على جِهَة التوكيد.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾ يَعْنِي: الْمَطَرَ (كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بعد
                                                                            
368
                                                                     
                                                                                                                مَوتهَا} يَعْنِي: النَّبَاتَ؛ أَيْ: فَالَّذِي أَنْبَتَ هَذَا النَّبَاتَ بِذَلِكَ الْمَطَرِ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ الْخَلْقَ (يَوْمَ) الْقِيَامَة.
سُورَة الرّوم من (آيَة ٥١ آيَة ٥٧).
                                                                            
369
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلَئِن أرسلنَا ريحًا﴾ فَأَهْلَكْنَا بِهِ ذَلِكَ الزَّرْعَ ﴿فَرَأَوْهُ﴾ يَعْنِي: الزَّرْعَ ﴿مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بعده﴾ [لَصَارُوا] مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ الْمَطَرِ ﴿يَكْفُرُونَ﴾ {
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    } (فَإنَّك لَا تسمع الْمَوْتَى} يَعْنِي: الْكُفَّارَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ عَلَى كُفْرِهِمْ ﴿وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذا ولوا مُدبرين﴾ [يَقُولُ: إِنَّ الصُّمَّ لَا يَسْمَعُونَ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ] وَهَذَا مَثَلُ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ إِذَا تَوَلَّوْا عَنِ الْهُدَى لَمْ يَسْمَعُوهُ سَمَعَ قبُول.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    قَالَ 
﴿وَمَا أَنْت بهاد الْعمي﴾ يَعْنِي: الْكُفَّارَ هُمْ عُمْيٌ عَنِ الْهدى (إِن
                                                                            
369
                                                                    تسمع} إِنْ: يَقْبَلُ مِنْكَ 
﴿إِلا مَنْ يُؤمن بِآيَاتِنَا﴾.
قَالَ مُحَمَّد: (إِن تسمع) أَي: مَا تسمع.
                                                                            
370
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ﴾ يَعْنِي: نُطْفَةَ الرَّجُلِ ﴿ثُمَّ جَعَلَ من بعد ضعف قُوَّة﴾ يَعْنِي: الشبيبة.
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ يحلف الْمُشْركُونَ ﴿مَا لَبِثُوا﴾ فِي الدُّنْيَا فِي قُبُورهم ﴿غيرساعة كَذَلِك كَانُوا يؤفكون﴾ يَصُدُّونَ فِي الدُّنْيَا عَنِ الْإِيمَانِ بِالْبَعْثِ
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لقد لبثم فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْث﴾ وَهَذَا مِنْ مَقَادِيمِ الْكَلَامِ. يَقُولُ: وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ والْإِيمَانِ: لَقَدْ لَبِثْتُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ يَعْنِي: لُبْثَهُمُ الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا وَفِي قُبُورِهِمْ إِلَى أَنْ بُعِثُوا ﴿فَهَذَا يَوْم الْبَعْث وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُم﴾ ﴿فِي الدُّنْيَا﴾ (لَا تعلمُونَ} أَن الْبَعْث حق
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ ﴿أَشْرَكُوا﴾ (مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} لَا يُرَدُّونَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُعْتَبُونَ؛ أَي: يُؤمنُونَ.
سُورَة الرّوم من (آيَة ٥٨ آيَة ٦٠).
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآن من كل مثل﴾ أَيْ: لِيَذَّكَّرُوا (وَلَئِنْ
                                                                            
370
                                                                     
                                                                                                                جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن أَنْتُم إِلَّا مبطلون} وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ أَن يَأْتِيهم بِآيَة
                                                                            
371
                                                                     
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذين لَا يعلمُونَ﴾ يَعْنِي: الَّذِينَ يَلْقَوْنَ اللَّهَ بِشِرْكِهِمْ
                                                                    
                                                                         
                                                                                                                                        
                    
                                                                                    ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾ الَّذِي وَعَدَكَ أَنَّهُ سَيَنْصُرُكَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ. 
﴿وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يوقنون﴾ أَيْ: لَا تُتَابِعِ الْمُشْرِكِينَ إِلَى مَا يَدْعُونَكَ إِلَيْهِ مِنْ تَرْكِ دِينِكَ.
                                                                            
371
                                                                     
                                                                                                                تَفْسِيرُ سُورَةِ لُقْمَانَ وَهِيَ مَكِيَّةٌ كلهَا
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَة لُقْمَان من (آيَة ١ آيَة ٧).
                                                                            
372